Skip to main content

Full text of "وحي القلم - مصطفى صادق الرافعي"

See other formats










04 
تاليات 


مصَعَلفْْصَادٍ ةَالراضفِي 


راجعه واغتدنى بدو 


د. دَرويْش جو يريا 


الجشزة الأوّْلت 








نفديم 


بعد الصلاة والسلام على أشرف خلق الله تعالى ‏ محمد النبيّ الأمىّ وعلى 
التراث الإسلامى والعربي من إصدرات المكتبة العصرية للطباعة والنشر والتوزيع » 
وها هي الدار اليوم تقدّم للقارىء العربي «وحي القلم» لأحد رجال الفكر الإسلامي 
العربي الأديب مصطفى صادق الرافعي ‏ رحمه الله بحلّة جديدة» آملة أن ترضي 
القارىء الكريم ؛ علّه أن يجد ضالته فيما تركه الأديب من مادةء نحن بأمسّ الحاجة 
إليها في زمننا هذا. 

والأديب ينسج خطوط قصصه بريشة شاعر فئان» يحلّق في عالم الشعرء 
وروعتهاء وأبطالها يمثلون الفضيلة بجلالها وأصالتها الإسلامية» والحبّ السامي 
بخيوطه المحبوكة من قلوب أبطاله الملائكيين في ميولهم وطهارتهم وسموٌ نفوسهم. 

وبما أن مصطفى صادق الرافعي شاعر مثقف ثقافة شعرية» يمتاز بحسّ 
مرهفء. كان لا بذ له من ممارسة عملية النقد الفني الرفيع بتجرّد يمزجه بحماس 
وإعجاب وحبٌ لمعاصريه من لدن البارودي» مروراً بأحمد شوقي وحافظ إبراهيم . 

وبالاختصار يمكن اعتبار الرافعي في هذا المجال مؤرخاً للأدب المصري في 
عن الحركة الأدبية في الشعر والنثر في عصره. 

هو مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي : 
عالم بالأدب» شاعرء من كبار الكتاب. 

أصله من طرابلس الشامء ومولده في بهتيم (بمنزل والد أمه) ووفاته في طنطا 
(بمصر) أصيب بصمم فكان يُكتب له ما يراد مخاطبته به. 


شعره نقيّ الديباجة» على جفاف في أكثره. ونثره من الطراز الأول. 
مؤلّفات الرافعي 
ديوان شعرء ثلاثة أجزاء . 
- تاريخ آداب العرب» جزآن ‏ 
إعجاز القرآن والبلاغة النبوية . 
تحت راية القرآن . 
رسائل الأحزان. 
دعن القردء-وذ نه علن عنانى مهو العقاد: 
ديوان النظرات . 
السحاب الأحمر فى فلسفة الحبّ والجمال. 
حديث القمر. ١‏ 
- المعركة؛ ردّ فيه على الدكتور طه حسين في كتابه «الشعر الجاهلي؟ . 
المساكين . 
أوراق الورد. 
- وحي القلمء ثلاثة أجزاء . 
دراسات حول المؤلف وترائه 
حياة الرافعي : محمد سعيد العريان. 
- رسائل الرافعي: محمود أبو ريّة. 
وانظر ترجمته في 
- المنتخب من أدب العرب :١‏ 68. 
- تراجم علماء طرابلس »5١١‏ في آخر ترجمة عمه عبد الحميد بن سعيد الرافعي . 
معجم المطبوعات .١5‏ 
الأعلام: /1: 71786 
المقتعطف ”7/ا: ولا 
مجلة الرابطة العربية» ١8‏ ربيع الأول سنة 01 17ه. 


نص كناب الأستاذ الإمام 





ولدنا الأديب الفاضل مصطفى أفتدي 
صادق الرافعى: زاده الله أدباً. لله ما أنْمَرَ 
أدَبّكء ولله ما ضَمِنَ لي قلبّك» لا أقارضك ثناءً 
بثناء» فليس ذلك شأنٌ الآباء مع الأبناءء ولكنى 
أَعْدُك من حلص الأوليا وأقدُمُ صمّك على 
ضِنِف الأقرباء ‏ واسآل الله أن يجعل للحق من 
لسانك سيفاً يمحقٌ الباطل» وأن يُقيمك فى 
الأواخر مَقَامَ حَسّان في الأوائل. والسلام . 


© شوال سنة ١91١‏ 
محمل عيدذهة 


صدر الكنات 


البيان 


لا وجُودَ للمقالة البيانية إلا في المعاني التي أشتملتْ عليها يُقِيمُها الكاتبُ 
على حُدودٍ ويديرُها على طريقة» مُصيباً بألفاظه مَواقعَ الشعورء مُثيراً بهامَكامنَ 
الخيال» آجذاً بِوَرْنِ تاركاً بوزنٍ لتأخد النفسٌ كما يشاءٌ وتترك. 

ونقلٌ حقائق الدنيا نقلآً صحيحاً إلى الكتابة أو الشعرء هو انتزاعُها من الحياةٍ 
في أسلوب وإظهارها للحياة في أسلوب آخرٌ يكوثُ أوفى رَأدق وأجمل» لوضعه كلّ 
شىء فى خاصٌ معناه وكَشْفِه حقائقٌ الدنيا كُشْمْةَ تحت ظاهرها الملتبس. وتلك هى 
الهتافة الفنيةٌ الكاملة ؛ تَسْتَدْرِكُ القق كلم رضارن الس تلنة» رتلمي المقند 
فَتُطْلِقُه؛ وتأخذٌ المطلّقّ فتحُدُه: وتكشف الجمال فتُظهرُه؛ وترفعٌ الحياةً درجة في 
المعنى وتجعلٌ الكلامَ كأنّه وجدّ لنفسه عقلاً يعيش به. 

فالكاتبٌ الحىٌّ لا يكتبٌ ليكتب؛ ولكنّه أدادٌ فى يدٍ القوةٍ المصوّرة لهذا 
الوجودء تُصوّر به شيئاً من أعمالها فنا منَ التصوير. الحكمة الغامضة تريده على 
التفسيرء تفسير الحقيقة؛ والخطأ الظاهِرٌ يريده على التبيين» تبيِينٍ الصواب؛ 
والفُوضى المائجةٌ تسأله الإقرار. إقرار التناسب؛ وما وراءً الحياة» يتخذُ من فكره 
عا العا راردا كديا سيار ويعد دجاه لدي للعلاو 1و سزلم ومن ذلك لا 

يُخَلقُ المُلْهُمُ أبداً إلا وفيه أعصابّه الكهربائية» وله في قلبه الرقيق مواضمٌ مُهِيّأةٌ 
للاحتراق تنفد إليها الأشعةٌ الروحانيةٌ وتتساقط منها بالمعاني. 

وإذا أختير الكاتبُ لرسالةٍ ماء شعرٌ بقوةٍ تفرض نفسّها عليه؛ منها سِنَادُ رأيه» 
رمتو إقامة برعائة» وها عمال عا يات ب ةنيكون إنتباناً لأحماله,وأعمالها يتميعاً» 
له بنفسه وجودٌ ولد بها وجودٌ آخر؛ ومن نّم يُصبحٌ عالماً بعناصره للخيرٍ أو الشرٌ 
كما يُوجّه؛ ويُلقّى فيه مثل السرٌ الذي يُلْقَى في الشجرة ة لإخراج ثمرها بعمل طبيعي 
يُرَى سهلاً كلّ السهلٍ حين يتم ولكنه صعبٌ أي صعب حينٌ يُبدأ. 

0 


هذه القوةٌ التى تجعلٌ اللفظة المُفْرَدَةَ فى ذهبه معنّى تامّاء وتحوّل الجملة 
الفبخيرة إلى قمة ونه بالسةة العريمة إلى كشن تعن حققة «روهي تعر من 
حكم أشياة ليحكُمَ عليهاء وتُدخله في حكم أشياة غيرها لتحكمٌ عليه؛ 5-7 
التي تميّرُ طريقتّه وأسلوبّه؛ وكما خَلِقَ الكونٌ منَ الإشعاع تضم الإشعاعً في 
بياه 0ك 

ولا بد منّ البيانِ في الطبائع الملْهّمةٍ لينّسِمَ به التصرّفء إِذ الحقائقٌ أسمى 
وأدقُ من أن تُعرفٌ بيقين الحاسة أو تنحصرٌ في إدراكها. فلو حُدِّتٍ الحقيقةٌ لما 
يقبت حقيقة ولو تلبس الملاقكة بهذا العم والدم أبطل أن وكوتوا ملافكة ١‏ .رمن 
نَعْ فكثرةٌ الصوَّرٍ البيانية الجميلة» للحقيقةٍ الجميلة» هي كل ما يمكنُ أو يَتْسَنى من 

يقَةٍ تعريفها للونسانية . 

وأيّ بيانٍ في خخضرةٍ الربيع عند الحيوانٍ من آكِلٍ العُنْبٍء إلا بيانُ الصورةٍ 
الواحدةٍ في ممدته؟ غيرَ أن صُوّرٌ الربيع في البيانٍ الإنسانيٌ على اختلافٍ الأرض 
والأمم, تكادٌ تكونٌ بعددٍ أزهاره» ويكادٌ الندى يَضُرُها خُسْداً كما ينضره. 

ولهذا ستبقى كل حقيقةٍ منَ الحقائقٍ الكبرى ‏ كالإيمانٍ والجمالٍء والحبء 
والخيرٍ والح - ستبقى محتاجة في كلّ عصر إلى كتابة جديدةٍ من أذهانٍ جديدة. 

دع نوين 

وفِي ألكنّاب الفضلاء باحثون مفكرون تأني ألفاظهم ومعانيهم فنا عقليًا غايئُه 
صحةٌ الأداءء وسلامةٌ النْسَقِءِ فيكونٌ ألبيانُ في كلامهم على نَدْرَةٍ كوّخْرٍ الحُضرةٍ في 
ا ولكن ا اد ا ا 
معّ الصحةء وسموؤٌ آلتعبير ممّ آلدقة» وإبداعٌ الصورة زائداً جمال الصورة. أولتك 
في الكتابة كالطير له جناحٌ يجري به ويَدِفُ ولا يطيرء ا 
جناخ يطير به ويجري. ولو نكت الفريقا داق معن واخل اراز يْتَ المنطقّ في أحد 
الأسلوبينٍ وكأنه يقول: أنا هنا في معانٍ وألفاظ ؛ وترى الإلهامٌ في الأسلوب الآخرٍ 
يُطالِعُك أنه هنا في جلالٍ وجمالٍ وفي صُوَّرٍ وألوان. 

ودَوْرَةٌ العبارة الفنيّةِ في نفس الكاتب البيانيّ دورةٌ خَلْقِ وتركيب» تخرجٌ بها 
الألفاظٌ أكبرٌ مما هي» كأنها شَبِّتْ في نفسه شباباً؛ وأقوى مما هيء كأنما كَسَبَتْ 


)١(‏ ثبت علمياً أن الإشعاع هو المادة التي منها صنع هذا الكون. 


١ 


من روحه قوة؛ وأدلٌ مما هيء كأنما زاد فيها بصناعيّه زيادة. فالكاتبٌ العلميُ تمر 
اللغةٌ منه في ذاكرةٍ وتخرجٌ كما دخلث عليها طابمٌ واضعيها؛ ولكنّها منّ الكاتب 
البيانيَ تمر في مصنع وتخرجٌ عليها طابعُه هو . أولئك أزاحوا اللغة عن مرت 
سامية» وهؤلاء عَلَوَا بها إلى أسمى مراتبها؛ وأنت مع الأولينَ بالفكرء ولا شيء إلا 
الفكرٌ والنظرٌ والحكم؛ غير أنّك مع ذي الحاسّة البيانية لا تكونٌُ إلا بمجموع ما 
فيك من قوةٍ الفكرٍ والخيالٍ والإحساس والعاطفة والرأي. 

وللكتابةٌ التامةٌ المفيدةٌ مثلُ الوجهين في لق الناس: ففي كل الوجوه تركيبٌ 
تام تقوم به منفعةٌ الحياة» ولكن الوجة المتفردٌ ب يجممٌ إلى نعم الخلق يشال الخلنهء 
ويزيد على منفعة الحياة لَذَةّ الحياة» 00 وبذلك» يُرى ويؤثر ويعشّق. 

وربمًا عابوا السموٌ الأدبيّ بأئّه قليل» ولكنٌّ الخيرٌ كذلك؛ وبأنه مخالف» 
ولكنّ الحنّ كذلك؛ ويأنه مُحيّر؛ ولكنّ الحسنّ كذلك ؛ ويأنّه كثين التكاليف» ولكنّ 
الحريةً كذلك . 

إن لم يكن البحرٌ فلا تنتظر أللؤلؤ» وإن لم يكن ألنجمٌ فلا تنتظر الشعاعء 
وإِنْ لم تكنْ شجرةٌ الوردٍ فلا تنتظر ألوردء وإن لم يكن ألكاتبٌ آلبيانيُ فلا تنتظر 
الأدب . 

مصطفى صادق الرافعي 


1١١ 


البمامئان 


جاء في تاريخ ألواقدي «أن (المُقَوْقِسَ) عظيم القِبْطٍ في مِصرء زوَّج بننّه 
(أرمانوسة) من (قسطنطين بن هِرَفْل) وجهّزها بأموالها حَسَماً لتسيرٌَ إليه. حتى 
يَننيَ2'7 عليها في مدينة قيْسَارِيّة!"2؛ فخرجت إلى بُلْبَيِسَ”" وأقامث 28 وغناء 
عَمْرو بن العاص إلى بلبيسٌ فحاصرها جِصّاراً شديداً» وقاتل مَنْ بهاء وقتل منهم 
زُهاء ألفٍ فارس. وأنهزم مَن بقي إلى المقوقس» وعدت أرمانوسةٌ وجميعٌ مالِهّاء 
وأَحَدّ كل ماكان للقيط في بُليَنْسَ . فأحبٌ عمرو ملاطفةٌ المقوقس» ات 
مكرمةٌ في جميع مالِهّاء (مع قيس بن أبي العاص ألسَّهُمي)؛ فِسُرٌ بقدومها.. 


هذا ما أثبته الواقديُ في روايتِه» ولم يكن مَعْيئًا إلا بأخبارٍ المَغَازْي والفتُوح. 
فكانَ يقتصرٌ عليها في ألرواية؛ أما ما أغفلّه فهو ما نَمّصّه نحن: 

كانت لأرمانوسة وصيفةٌ مُوَلّدة نُسَمّى (ماريّة)» ذاتٌ جمال يوناني أتمنّهُ مصرُ 
ومَسَحَنْهِ بسحرهاء فزاد جمالها على أنْ يكونّ مصريّاء تفص الجمال أليونانيٍ أنْ 
يكُونّه؛ فهو أجملُ منهماء ولمصرٌ طبيعةٌ خاصةٌ في ألحسن؛ فهيّ قد تُهْمِلُ شيئاً في 
جدال سانيا أ تشيكة يقد ويد لاخرقية هد محانديا الرائية #جرلكن بسن أنه] 
فيها جمالٌ ينزِعٌ إلى أصلٍ أجنبيٌ أفرعَث فيه سحرها إفراغاء وأبث ألا أن تكونّ 
. آلغالبة عليه؛ وجعلئْه آيتّها في المقابلةٍ بيته في طابَعِه المصريٌ». وبين أصله في 
طبيعةٍ أرضه كائنة ما كانت؛ تغارٌ على سحرها أنْ يكونٌ إلا الأعلى. 


5 


وكانّثْ ماريةٌ هذه مسيحية قويةً آلدين والعقل» أتَخْذِّها !! لمقوقسٌُ كنيسة حية 


لابنيه؛ وهو كان والياً وبَطرِيّركاً على مصرٌ من 5 قِبَلِ هِرَفْل؛ وكان من عجائب صُنْع الله 


)١(‏ يني بها: يتزوج منها. 
)١(‏ قيسارية: من مدن فلسطين. 
(؟) يلبيس: إحدى مدن محافظته الشرقية بمصر. 


أنّ الفتيح الإسلاميّ جاءً في عهده فجعلَ أَللهُ قلبَ هذا الرجل مفتاخ أَلمُفْلٍ القبطيّ» 
فلم تكن أبوابُهم تُدافِعُ إلا بمقدارٍ ما تُدفّع» تُقاتل شيئا من القتالٍ غير كبير» أمَا الأبوابٌ 
ألرومية فبقيث مستَغْلِقَةٌ حصينةً لا تُذْعِنُ إلا للتحطيم» ووراءها نحرٌ مائة ألف روميٌ 
يُقاتلونَ آلمعجزة الإسلاميّة ألتي جاءنهم من بلادٍ ألعرب أرَّلَ ما جاءث في أربعة آلافٍ 
رجلء ثم لم يزيدوا آخْرَ ما زادوا على أثني عَشَرَ ألفا. كانَ ألرومٌُ مائة ألفٍ مُقاتل 
بأسلحيهم ‏ ولم تكن ألمدافعُ معروفة ‏ ولكنّ رُوحَ الإسلام جعلَتٍ الجيش العربي كأنه 
اثنا عشّر ألف مِذفع بقنابلهاء لا يقاتّلون بِقَوَةٍ الإنسان» بل بقَوَةٍ الروح الدينية التي 
جعلها الإسلامٌ مادةً متفجرةٌ تشْبِهُ الدُينامِيتَ قبل أن يُعْرَفَ الديناميت! 

ولمّا نزلٌ عمرٌو بجيشِه على بُلْبَيِسَء جَزْعث”'' ماريةٌ جرّعاً شديداً؛ إِذْ كانَ 
الرؤة قد أركتا أنتحولاء العرنة قوة يا تنش العنن على البلاة تنضس 
ألرمالٍ على الأعين في الريح العاصف؛ وأنهم جَرادٌ إنساني لا يغزو إلا لِبَطِيْه؛ٍ 
وأنهم غِلاظ الأكباد'" كالإبل آلتي يمتطوثها؛ وأن النساء عندّهم كألدَوابٍ يُرْتَبَطَنَ 
على خَسّْف”"؛ وأنهم لا عهدّ لهم ولا وفاءء تَقُلَتْ مطامعُهم وحقت أمانتهم ؛ وأنَّ 
قائدّهم عَمْرَّو بْنَ العاص كان جرَّاراً في الجاهلّية» فما تَدَعْهُ روحُ الجرّار ولا 
طبيعيُه ؛ وقد جاء بأربعة آلافٍ سالخ من أخلاطٍ الناس وَشُذَاذْهِمء لا أربعة آلافٍ 
مقائل من جيش له نظام الجيش! 

وتوهّمث ماريةٌ أوهامّهاء وكانث شاعرةً قد درَسَتْ هيّ وأرمانوسةٌ أدب يونانَ 
وفلسفتّهم» وكان لها خيال مشبوبٌ متوقّد يُشْعِرُها كل عاطفة أكبرَ مما هي, 
ويُضاعف الأشياء في نفسهاء وينزعٌ إلى طبيعته المؤنّئة» فيبالغُ في تهريلٍ الحزنٍ 
خاصّة» ويجعل من بعض الألفاظٍ وَقُوداً على الدم. . . 

ومن ذلك أَسْيُطيرَ”*“ قلبٌ مارية وأفزعتّها الوساسٌء. فجعلّث تَنْدُبُ نفسّهاء 
وصنعَثُ في ذلك شعراً هذه ترجمثه : 

جاءَكِ أربعة آلافٍ جرَار أيَتها ألشاةٌ الميكينة! 

ستذوقٌ كلّ شعرة منكِ ألم ألذبح قبل أن تُدبحي! 

عاك أزيعة الات حاطلي أثها المذراء السك ة! 


)١(‏ جرعت: خافت. (© الخسف: الذل والهوان. 
(؟) غلاظ الأكباد: جفاة؛ قساة. (54) استطير قلب مارية: جزعت. 


رذ 


ستموتين أربعة آلاف مِيتةٍ قبل الموت! 
وني يا إلهي؛ لأغيدَ في صدري سكيناً يردُ عني الجزّارين! 
يا إلهي» قر هذه العذارة» لتتزوّجَ الموت قبل أنْ يتزوجها العربي. 
نا 
وذهبّتْ تتلو شِعرّها على أرمانوسة في صوتٍ حزين يتوجّع؛ فضحكث هذه 

وقالّث: أنت واهمةٌ يا مارية؛ أنسيت أنَّ أبي قد أهدّى إلى نبّيهم بنت (أنصنا)”"', 

فكانّث عنده في مملكة بعضّها السماءٌ وبعضّها القلب؟ لقد أخبّرني أبي أنه بَعَتَ بها 

لتكشف له عن حقيقة هذا الدين وحقيقةٍ هذا النبيّ ؛ وأنّها أنفدَت إليه دَسِيِس90") 

يَعْلِمه أن هؤلاء المسلمينَ همْ العقل الجديدُ الذي سيضعٌ في العالم تمييرّه بِينَ 

الحقٌّ والباطل. ٠‏ وأن نبيّهم أطهرٌ منّ السحابة في سمائهاء وأنهم جميعاً ينبحثون من 
حُدودٍ دينِهم وفضائله, لا من حدودٍ أنفسهم وشهواتها؛ وكا كرا العوت سنن 
بقانون» وإذا أَعَمدُوه أغمدّره بقانون. وقالت عن النساء : “لأن تخاف العراة على 
عفْتها من أبيها أقربُ من أن تخاف عليها من أصحاب هذا النبيّ؛ فإنهم جميعاً في 
واجباتٍ ألقلب وواجباتٍ ألعقل؛ ويكادُ ألضميرٌ الإسلاميُ في الرجل منهم ‏ يكونُ 
حاملاً سلاحاً يَضْرِبُ صاحبّه إذا همّ بمخالفته . 
وقال أبي: إنهم لا يُغِيرُون على الأمم, ولا يحاربونها حرب ألْمُلْك؛ وإئّما 

تلك طبيعة الحركة للشريعةٍ الجديدة؛ تتقدّم في لد حاملة السلاحَ والأخلاق» 

قويةَ في ظاهرها وباطِنهاء فمن وراء أسلحتهم أخلاقهم؛ وبذلك تكونُ أسلحتهُم 

نفسها ذات أخلاق! 

وقال أبي: إِنْ هذا ألدينَ سيندفعٌ بأخلاقه في العالم أتدفاعَ ألعُصارةٍ ألحيةٍ في 
الشجرة ألجرداء؛ طبيعة تعمل في طببعة؛ فليسٌ يَمضي غير بعيدٍ حتى تَحْضَرٌ ألدنيا 
وترمئ ظِلالَّها؛ وهو بذلك فوق السياسات ألتي تُشْبهُ في عملها الظاهر المُلَمْقٍ ما 
يُعَذُ كطلاء الشجرة الميتة الجرداء بلونٍ أخضر. . . شَنَّانَ بين عمل وعمل» وإن كان 

لون يشبهُ لونا. . 

)١(‏ بقصد بذلك أم المؤمنين «مارية القبطية» التي أهداها المقوقس إلى النبي يتوه وهي أم إبراهيم 
آخر أبناء النبي يق وقد مات صغيراً فحزن عليه سائر المسلمين؛ وقد صادف موته كسوف 
العتمسن:: 

(7) دسيساً: تحيواساً: 


1١ 


فآسترُوَحَت”'' ماريةٌ واطمأنَّتْ بأطمئنانٍ أرمانوسة» وقالت: فلا ضَيْرَا"' علينا 
إذا فتحوا البلدء ولا يكونٌ ما نَسْتَضِرُ به؟ 

قالّثْ أرمانوسة: لا ضير يا مارية» ولا يكونٌُ إلا ما تُحِبٌ لأتفسنا؛ 
فالمسلمون ن ليسوا كهؤلاء أَلعُلوجٍ مِنَ آلروم. يفهمون متاع ألدنيا بفكرة ةِ الجرص 
عليه» والحاجة إلى حلاله وحرامه» فهمُ الفّساءٌ لغْلاظ المُستكلبون كالبهائم؛ 
ولكنهم يفهمون متاع الدنيا بفكرةٍ الاستخناء عنه والتمييز بِينَ حلاله» فهم الإنسانيُون 
المُحماءٌ المتعففون. 

قَالَتْ مارية: وأبيك يا أرمانوسةء إِنَّ هذا لعجيب! فقد مات سقراطً 
وأفلاطونُ وأرِسْطو وغيرهُّم منّ الفلاسفة وألحكماءء وما استطاعوا أن يؤدبوا 
بحكميهم وفلسفتهم إِلَا الكتبٌ التي كتبوها. ..! فلم يُخرجوا للدنيا جماعةٌ تامة 
الإنسانية» فضلاً عن أمةٍ كما وصفْتٍ أنتٍ من أمر المسلمين؛ فكيف أستطاعٌ نبِيّهم 
أن يُخْرجَ هذه الأمة وهم يقولون إنه كان أميًا؟ أفتسْخَرُ الحقيقة من كبارٍ الفلاسفة 
والحكماء وأهلٍ السياسة والتدبير؛ فتدغهم يعملون عَبَثا أو كالعبث» ثم تستسلم 
للرجل الأمّيّ الذي لم يكيب ولم يقرأ ولم يدرس ولم يتعلم؟ 

ا ا 0 ل ليسوا 
هم الذي يَ؛ يَشْقُون الفجرّ ويُطلعون الشمس؛ وأنا أرى أنّْهُ لا بدّ من أمة طبيعية 
بفطرتها يكونُ عملّها في الحياةٍ إيجادٌ الأفكارٍ العلميّة الصحيحة التي يسيرٌ بها 
العالم؛ وقد درسْتٌ المسيح وعمله وزمئه؛ فكان طِيلةَ عمره يحاولٌ أن يُوجِدَ هذه 
اتيك اا هدم مُصكّْرةٌ في نفِسِهٍ وحواريّيهء وكان عملّه كالبدء في تحقيق 
الشيءٍ العسير؛ حَسْبّهُ أن يُتبتَ معنى الإمكانٍ فيه. ١‏ . 

وظهورٌ الحقيقة من هذا الرجل الأمّيٌ هو تنبيهٌ الحقيقة إلى نفسِها؛ وبرهانها 
القاطعٌ أنّها بذلك في مظهرها الإلهّ. ولعي نا شارية أن هذا النبيّ قد حَذْلَهُ 
قومّهُ وناكروه وأجمعوا على خْلافِه» فكانَ في ذلك كالمسيح. غير أنَّ المسيحٌ انتهى 
عند ذلك؛ أما هذا فقد ثُبَّتَ ثباتٌ الواقع حينَ يقع؛ لا يرتذ ولا يتغيّر؛ وهاجّر من 
بلدِه» فكانٌ ذلك أول حخطى الحقَّيقةٍ التي أعلئثْ أنها ستكمشي في الدنياء وقد 


)20 استروحت: ردت إليها الروح والاطمئنان. 
(؟) لا ضيرَ: لا بأسّ. لا مضرة. 


1١ه‎ 


أَحْذْثْ من يومئِذٍ تمشي'؟ ولو كانّث حقيقةٌ المسيح قد جاءث للدتنا كتين ليا 
جَرَتْ به كذلك» فهذا فرق آخْرٌ بينهما. والفرقٌ الثالتُ أنَّ المسيحٌ لم يأتٍ إلا 
بعبادة واحدة هى عبادةٌ ألقلبء أمَا هذا الدينُ فعلِمُْتٌ من أبى أنه ثلاث عبادات 
كد بعفيا بحم إجداما تلأفهناء: رالعاتة يلعل واقالي لسن 4 تناد 
الأعضاء طهارئّها وأعتيادُها الضبط ؛ وعبادةٌ القلب طهارتّه وحبّه الخير؛ وعبادةٌ 
النفس طهارثها وبذلّها في سبيلٍ الإنسانية . وعند أبي العم بهذم الأخيرة كرد 
الدنيا؛ فلن تُقهرَ أمدٌ عقيدثها أنَّ ألموت أوسمٌ الجانبين وأسعذهما. 

الث مارية: إِنّْ هذا واللَّهِ لسِرٌ إلِهئْ يدل على نفسه؛ فمن طبيعة الإنسانٍ أل 
تمع لسن غير مالظ الحياء والمرت لاني :احوال ملق تعوة ليد الإقنان 
فيها عمياء كالغضب الأعمق» والحبٌ الأعمى» والتكبّر الأعمى ؛ فإذا كائّث هذه 
الأمّهُ الإسلاميةٌ كما قلت منبعثة هذا الانبعاث» ليس فيها إلا الشعورٌ بذاتيتها العالية 
فما بعد ذلك دليل على أنَّ هذا الدينَ هو شعورٌ الإنسان بسمو ذاتيته» وهذه هي 
نهايةٌ النهاياتٍ في الفلسفة والحكمة. 

قالَْتْ أرمانوسة: وما بعدٌ ذلك دليلٌ على أنَكِ تتهيئينَ أنّْ تكونى مسلمة يا 
نارية! ١‏ 

فِاسْتَضْحكنًا معاً وقالّثُ مارية: إنّما ألقيتٍ كلاماً جاريْتكِ فيه بحَسّبه» فأنا 
وأنتِ فكرتان لا مسلمتان. ْ ْ 


قال الراوي: وانهزم الرومٌ عن بُلْبَيْسَء وأَرتدُوا إلى المقوقس في (مَنف)» 
وكان وحيّ أرمانوسة في مارية مدةً الحصار ‏ وهي نحو الشهر ‏ كأنه فكرٌ سكن 
نكر وتمذد يزور ققد مز ذلك الخلوة بها فى عملها من فاك التظرفي الآدتب 
00 ا 0 لباوت يار 

د ليده الكلام إذا نكن ل أنْ 9000 الحقائق الصغير ة التي 
تُلقَى للحفظ ؛ فكان كلام أرمانوسة في عقلٍ مارية هكذا: السب يذه اليه 
تكجئلة: ما من ذلك بذ. لا تكونٌ خدمةٌ الإنسانية إِلّا بذاتِ عالية لا ثُبالي غير 


000 توجد في بدء الجزء الثاني مقاللات تتعلق بسيرة النبى يكير يمكن استقراءُها فى الكتاب . 


1 


سموها . الأمةٌ التي تبذل كلّ شيءٍ وتستمسكٌ بالحياةٍ جُبْناً وجرّصاً لا تأحذ شيئاً: 
والتي تبذل أرواحها فقط تأحذٌ كلّ شيء». 

وجعلث هذه الحقائقٌ الإسلاميةٌ وأمثالها تُعرَبٌ هذا العقل اليوناني؛ فلمًا أرادّ 
عمرو بْنُ العاص توجية أرمانوسة إلى أبيهاء وأنتهى ذلك إلى مارية قالْث لها: لا 
يَجْمُلُ بِمَنْ كانت مثلّكِ في شرفها وعقلها أنْ تكون كالأخيذة. تَمَوَجّهُ حيث يُسارْ 
بها؛ وآلرأيُ أن تبدئي هذا القائدَ قبل أنْ يبدأكِ؛ فأرسلي إليهِ فأعلميهٍ أنّك راجعة 
إلى أبيك» وأسأليه أن يُصْحِبَكِ بعض رجاله؛ فتكوني الآمرةً حتى في الأسْرء 
وتصنعي صَنْمَ بناتٍ الملوك! 

قالَّثْ أرمانوسة: فلا أجدٌ لذلك خيراً منكِ فى لسانِكِ ودّهائِك؛ فاذهبى إليه 
من قِبَلي؛. وسيّصحيّك الراهبٌ (شطا)» وحُذي معك كوكبة من فرسائنا. ْ 

عد ف 

قالَث ماريةٌ وهي تقصٌ على سيّدتِها: لقد أذيثُ إليه رسالَتَكِ فقال: كيف 
ها بنا؟ قلت: ظئها بفعلٍ رجل كريم يأمرْه آثتان: كرمّهء وديثه . فقال: 00 
نبيّنا كَلِيهَ قال : «أَسْتَرْصُوا بألقبطٍ خيراً فإن لهم فيكم صِفْراً ودّمة) . وأعلميها أننا 
لسْنًا على غارة تُغيِرُهاء بل على نفوس تُغْيَرُها. 

قالت: فقُصفيهِ لي يا مارية. 

قالت: كان آنيأ في جماعة من فرسانه على خيولِهمٌ آلعِراب"'', كأنها شياطينٌ 
تحمل شياطينَ من جنس آخر؛ فلمًا صار بحيتٌ أتبيّئه أؤمأ إلِيهِ التَرْجُْمَانُ ‏ وهو 
(وَرْدانُ) مولاه ‏ فنظرث» فإذ هو على فرّس كُمَيِتٍ"" أ مم سانا 
للأحمرء طويل العنقٍ مُشْرِفٍ له ذُوَابةٌ أعلى ناصيتِهِ كطُرَةٍ المرأة» ذيّالٍ يتبخترُ 
كارن وتسدم كانه بريد أن يتكلم مُطهّم . 

لت ل ل 

قَالَتُ مارية: أما سلاحٌه.. 

قالت: ولا سِلاحخه؛ صفيه كيف رأيته (هو)! 

قالّت: رأيُه قصيرٌ القامة علامة قوةٍ وصلابة» وافرَ ألهامة علامةً عقل وإرادة» 
أدعج العينين. . 


)١(‏ الخيول العراب: الخيل الآصيلة. (؟) كميت: أحمر اللون قان. 


1 


فضحكّت أرمانوسةٌ وقالت: علامةٌ ماذا؟ . 
ألقوّةٌ حتى لتكادٌ عيناءٌ تأمرانٍ بنظرهما أمراً. . . داهيةً كُتِبَ دهاؤه على جبهته 
الريفة يدل فيا عق ياحد من يراه وكلما حاولتٌ أنْ أتفرّسٌ في وجهه رأَئْتٌ 
وجهّه لا يُفِسَرْهٌ إلا تكررٌ النظر إليه . . 

وتضوّجث وجننتاها”" . فكان ذلك حديثاً بيتها وبينَ عيئئ أرمانوسة . 
وقَالَتْ هذه: كذلك كل لذةٍ لا يفسّرها للنفس إلا تكرادها. 

ففشيت مائية م طنوي1"" رقاتت هو واللسها شورق عا ناك 
عيلى منهء وقد كدت أنكرٌ أنه إنسانُ لما اعترانى من هيبته . 

قالَّثْ أرمانوسة : من هَيبتِه أم عَينيه الدعجاوّيْن. . . ؟ 

تيح ين 

ورجِعَث بنتُ آلمقوقس إلى أبيها في صحبة (فّيس). فلما كانوا ذ في ألطريق 
وَجَبَتٍ الظيكوة فتزل قيس يُصَّلىٌ بمَنْ معه والفتاتانٍ تنظران؛ مسا «الله 
أكبر. . .!) أرتعشٌ قلبٌ مارية» وسألتٍ الراهبّ (شطا): ماذا يقولون؟ قال 

خا كلد يدود بها. مناتي كاتا لاط بها انر ل ا 
ليس منه ولا من دنياهم؛ وكأنهم يُعلنونَ أنّهُم بين يديْ من هو أكبرٌ منّ ألوجود؛ 
فإذا أعلنوا آنصرافّهم عن ألوقتٍ ونزاع ألوقتٍ وشَّهُواتٍ ألوقت» فذلك هو دخولهم 
في الصلاة؛ كأنّهم يَمْحُون ألدنيا من ألنفس ساعةً أو بعضٌ ساعة؛ ومَّحْوُها من 
امهم هر ارتعاقيم بأنفسِهم عليها؛ انظريء» ألا تَرَيْنَ هذه الكلمة قد سَحَرتَهم 
سحرا فهم لا يلتفتون في صلاتهم إلى شيء؛ وقد شملْتهمٌ آلسكينة» ورجَعوا غير 
من كانوا» وخشّعواخشوعَ أعظم الفلاسفة في تأمُلِهم؟ 

قالَْتْ مارية: ما أجملّ هذه الفطرةً الفلسفية! لقد تَعِبَتِ ألكتبٌ لتجعلّ أهلّ 
الدنيا يستقرّون ساعة في سكينة اللَّهِ عليهم فما أفلحتثْ» وجاءت ألكنيسةٌ و فُهِولَتْ 
0 004 لس 0 0 لثوجي إلى 0 0 


)١(‏ كميت أحةّ: هو الأحمر الضارب للسواد. 
(؟) الطرْف: النظر. 
14 


من جوّهم إلى جوها؛ فكانّث كساقي ألخمر؛ إِنْ لم يُعَطِكٌ الخمرّ عَجِرّ عن 
إعطائك النّشْوة”'2 ومن ذا الذي يستطيعٌ أَنْ يحملَ معه كنيسةً على جوادٍ أو حمار؟ 

قالَتْ أرمانوسة: نعم إن الكنيسّة كالحديقة؛ هي حديقةٌ في مكانهاء وقلما 
تُوحي شيئاً إلا في موضعها؛ فالكنيسةٌ هي الجدرانٌ الأربعة؛ أما هؤلاء فمعبدهم 
بين جهاتٍ الأرض الأربع . 

قال الراهب شطا: ولكن هؤلاء المسلمينَ متى فُتِحَتْ عليهمٌ الدنيا وأفتتنوا 
بها وأنغمسوا فيها ‏ قستكونُ هذه الصلاءٌ بعينها ليس فيها صلاةٌ يومئل. 

قالَثْ مارية: وهل تُفْمَحُ عليهمٌُ آلدنياء وهل لهم قُوَاد كثيرون كعَمْرو. .؟ 

قال: كيف لا تُفتح الدنيا على - قوم لا يُحاربون ألأممّ بل يحاربون ما فيها 
منَ ألظلم وآلكفر واألرذيلة» وهم خارجون منّ ألصحراء بطبيعةٍ قويةٍ كطبية المؤج 
في المدٌ المرتفع ؛ ليس في دَاخِلها إلا أنفُسٌ مندفعةٌ إلى الخارج عنها؛ ثم يقاتلون 
بهذه الطبيعة أمماً ليس في الداخل منها إلا النفوسٌ المستعدَةٌ أن تهرب إلى 
الداخل. . ْ 

الث مارية: واللَّه لكأننا ثلانتّنا على دين عَمرو. . . 

2 6 

وَأَنفتلَ”"' قيسٌ مِنْ الصلاة» وأقبل يترحُل» فلما حادّى ماريةً كان عندها كأنّما 
سافر ورجع؛ ؛ وكانت ما تزال ني أحلام قليها؛ وكائث مِنّ الُلم في عالم أحَذ 
يتلاشى إلا من عَمرِو وما يتّصِلُ بعمرو. وفي هذه الحياةٍ أحوالٌ «ثلاتٌ» يعيب فيها 
آلكونٌ بحقائقه: فيغيبُ عن السكران» والمخبولء والنائم؛ وفيها حالةٌ رابعةٌ 
يتلاشى فيها آلكونٌ إِلّا مِنْ حقيقَةِ واحدةٍ تتمثّلُ في إنسانٍ محبوب. 

وقالّتْ ماريةٌ للراهب شظا: سلة: ما أَرَبُهه””" من هذه الحرب» وهل فى 
ادي ا عر للا لدي ب بلا جاعم تساي ا 0 

قال قيس: حَسْبّكِ أن تعلمي أن ألرجلٌ 2 55 [ 
تحقيق كلمة الله آنا حظ نقْيِهِ فهو في غير هذه الدنيا. 


(؟) انفتل من الصلاة: انتهى منها. 
(*) الأرب: الغاية والهدف. 


15 


وترجّمَ الراهبٌ كلامّه هكذا: أما ألفاتح فهو في الأكثر آلحاكمٌ المقيم» وأمًا 
الحربُ فهي عندنا الفكرةٌ وأما المُضْلِحَهُ فتُرِيدٌ أنْ تَضربّ في الأرض وتعمل» 
ريس نظ النفين فقا يكوه مق الدتياة”وبهنا كر الدفدل اك من غراف هاه 
وتنقلبٌ معها الدنيا برُعونتها وحماقاتها وشَهُواتَها كألطفل بين يدي رجل» فيهما قرةٌ 
ضبطه وتصريفه. ولو كان في عقيدينا أن ثوابَ أعمالنا في الدتياء لانعكس الأمر. 

قالَّثْ مارية: فسَلْهُ: كيف يصنمٌ (عمرّو) بهذه القِلَّةِ التي معهُ والرومُ لا 
يُحصّى عَدَدُهم؛ فإذا أخفقَ (عمرو) فمّن عسى أن يستبدلوه منه؟ وهل هو أكبر 
فُوَادِهمء أو فيهم أكبرٌ منه؟ 

قال الراوي: ولكن فَرَسَ قيس تمّطّر('' وأسرعَ في لِحَاقٍ الخيل على المقدّمة 
كأنه يقول: لَسْنا في هذا. 

ونْتحث مصرٌ صُلحاً بين عمرو والقبط» وولى الرومٌُ مُضْعِدِينَ إلى الإسكندرية» 
وكانّث ماري في ذلك تستقرىء أخبار الفاتح تطوفٌ منها على أطلالٍ من شخص بعيد؛ 
وكان عمرٌو من نفيها كالمملكةٍ الحصينةٍ من فاتح لا يملك إلا حُبّهُ أن يأحذّها؛ 
وجِعلَّتُ تذوي وشَحَبَ لوثها وبدأث تنظرٌ النظرةً التائهة: وبان عليها أثر الرُوح 
الظَمْأى؛ وحاطها اليأسٌ بجرّهٍ الذي يُحرقُ آلدم؛ وَبَدَثْ مجروحة آلمعاني؛ إذ كان 
يتقاتلُ في نفيها الشعوران العَدُرّان: شعورٌ أنها عاشقة» وشعورٌ أنها يائسة! 

ورقت”'' لها أرمانوسة» وكانت هي أيضاً تتعلّق فتّى رومانيّاً؛ فسَهرنًا ليلةً 
تُديران الرأيّ في رسالةٍ تحملّها ماريةٌ من قبلها إلى عمرو كي تَصِلَ إليهء فإذا 
وصِلَتْ بلّغت بعينيها رسالة نفسها. 

وأستقرّ الأمرٌ أنْ تكونٌ المسألهُ عن ماريةً القبطيةٍ وخبرها ونسلها وما يتعلّقُ 
بها مما يطول الإخبارٌ به إذا كانَ ألسؤالٌ من أمرأة عن أمرأة. فلمًا أَصبَحتَاوقَع إليها 
أن عمراً قد سارَ إلى الإسكندرية لِقتالٍ الروم» وشاع الخبرٌ أنّه لما أمرّ بمُسْطاطِه”" 
أن يُقَوَض”*' أصابوا يمامة قد باضت في أعلاه» فأخبروه فقال: «قد تَحَرْمَتْ في 
جوارناء أقَرُوا الفسطاطً حتى تطيرَ فِرَاحها». فأكَرُوه! 


ع 
(1) رقت لها: أشفقت عليها. (5) قؤض الفسطاط : فك أربطته عن أوتدته. 


لو 


ولم يمض غيرُ طويلٍ حتى قضّث ماريةٌ نحبّهاء وحَفِظَتْ عنها أرمانوسةٌ هذا 
الشعر الذي أسمته : نشيد اليمامة: 

على قُسطاطٍ الأميرٍ يمامةٌ جائمةٌ تَخْضّنُ بَنِضَها. 

تركها الأميرُ نَصنعٌ الحياة» وذهب هو يصنمٌ الموت! 

هى كأسعد أمرأة؛ تَرَى وتلمسٌ أحلامها. 

إن سعادة الغرأة أولها واحذعا بعفن حفائق صفيرة كيدا البيضن: 
ند دن 

على فسطاطٍ الأمير يمامةٌ جائمةٌ تحضنٌ بيضّها. 

لو سْيِلَك عن هذا البيضن لقالك: هذا كثري. 

هن كاعنا امراك “ملكت ملعها سن العناة ولم ضفي 

هل أكلف ألوجوة شيئاً إذا كلّفتُهُ رجُلاً واحداً أحبه! 


على فسطاطٍ الأميرٍ يمامةٌ جائمةٌ تحضن بِيضّها. 

الشمل والقمة والجوية ييا البيمن» 
هي كأرق أمرأة؛ عرقْتٍ الرَفَةَ مرتين: في الحبّء والولادة. 
هل أَكَلَت الوجوة فنيعا ككيراً إذا آروث أن أكوة كهذه البعامة! 


على فسطاطٍ الأمير يمامةٌ جائمةٌ تحضّنٌ بيضّها. 
تقول آليمامة: إِنَّ الوجود يحبٌ أن يُرى بلونين في عين الأنثى؛ 
مرةً حبيباً كبيرأ في رَجُلهاء ومرةٌ حبيباً صغيراً في أولادها. 
كل شيءٍ خاضمٌ لقانونه» والأنثى لا تريّد أن تخضم إلا لقانويها. 
فده تا ين 
أينُها اليمامة» لم تعرفي الأميرٌ وتركٌ لكِ فسطاطه! 
هكذا ألحظّ : عدلٌ مضاعفٌ في ناحية» وظلمّ مضاعفٌ في ناحية أخرى . 
احمدي ألله أينّها اليمامةء أنْ ليس عندكم لغاتٌ وأديان» 
عندّكم فقط: الحبٌ والطبيعة والحياة. 
1 د 


"١ 


على فسطاط الأمير يمامةٌ جائمةٌ تحضنٌ بيضَّهاء 

يعافة سعيدة ) ستكونُ في التاريخ كَهُدْمُد سليمان» 

ِب الهدهدٌ إلى سليمان» وسئنسب اليمامةٌ إلى عمرو. 
واهاً لك يا عَمروا ما ضَرّ لو عرفْتَ (اليمامة الأخرى) . . . ! 


يف 


اجئلاء العيد 


جاء يوم آلعيدء يوم الخروج منّ الزمنٍ إلى زمن وحدَّهُ لا يستمرٌ أكثرٌ من يوم . 

تن نسي تروت شاحك: عنرية الاديان على العاش+ التكرت لهمنية 
ألحين وآلحين يومٌ طبيعيُ في هذه الحياةٍ التي أنتقلت عن طبيعتها . 

يومُ السلام» والبشرء والضّحك. والوفاء؛ والإخاءء وقولٍ الإنسانٍ للإنسان: 
وأنتم بخير. 

يومٌ الثياب الجديدةٍ على الكل إشعاراً لهم بأنّ الوجة الإنسانيٌ جديدٌ في هذا اليوم . 

يوم الزينةٍ آلتي لا يُرادُ منها إلا إظهارٌ أنّرِها على النفس ليكونٌ آلناسٌ جميعاً 
فيايوع بحب 

يا 

يوم العيد؛ يوم تقديم آلحلوى إلى كل فم إتحلوّ آلكلماث فيه. : 

يوم تعُمْ فيه الناسٌ ألفاظ الدعاء والتهنئة مرتفعةٌ بقوةٍ إلهية فوقٌّ منارّعاتٍ الحياة. 

ذلك آليومٌ الذي ينظر فيه الإنانُ إلى نفسه نظرةٌ تلمح السعادة» وإلى أهِلِهِ نظرةٌ 
تُبصرٌ الإعزاز» وإلى داره نظرةً تُدركُ الجمال. وإلى الناس نظرة ترى الصداقة . 

ومن كلّ هذه النظراتٍ تستوي له النظرةٌ الجميلةٌ إلى الحياةٍ والعالّم ؛ فتبتهجٌ 
نفسّه بالعالم والحياة. 

وما أسناعا تر يفقت للإتسان أن الكل جمالة فى :الكل ؟ 

عا كلا علا َ 

وحخرجتٌ أجتلي ألعيدٌ في مظهره الحقيقيَ على هؤلاء الأطفَالٍ السعداء . 

على هذه الوجوءهٍ النضرة التي كبرت فيها ابتساماتُ الرّضاع فصارّث ضَجكات. 

وهذه العيونٍ الحالمة الحالمة التي إذا بكَث بِكَث بدموع لا بْقَْ لها. 

وهذه الأفواء آلصخيرة آلتي تنطِقُ بأصواتٍ لا تزالُ فيها نبراثُ الحَنانٍ من تقليدٍ 
لغة الأم. 

ارفا 


وهذه الأجسام العْضَّةٍ القرية العهدٍ بالضَّماتٍ واللّكماتِ0 فلا يزالٌ حوّلها جوٌ 
العدية: 
ع يد كن 
على هؤلاء الأطفالٍ السعداء الذين لا يعرفونٌ قياساً للزمن إِلّا بالسرور. 
وكلّ منهم مَلِكُ في مملكةء وطظَرفُهِم هو أمرُهم الملوكي. 
هؤلاء المجتمعين في ثيابهمٌ ألجديدة المصَبّعْةَ اجتماعً فوس قُرّحَ في ألوانه. 
ثْيابٌ عَمِلتْ فيها المصانمٌ والقلوب؛ فلا يتم جمالّها إِلّا بأنْ يراها ألأبُ والأمْ 
على أطفالهما. 
تياب جديدةٌ يلبسوئها فيكونونَ هم أنفسّهم ثوباً جديداً على الدنيا. 
نا يد يننا 
هؤلاء السَّحَرةٌ الصغارٌ الذين يُخْرِجِون لأتفسهم معنى الكنز الثمين من 
ويسْحَرونَ العيد فإذا هو يوم صغيرٌ مثلُهم جاء يدعوهم إلى اللّعِب. .. 
ويتتبهونَ في هذا اليوم م الفجرء فيبقى الفجرٌ على قلوبهم إلى عُروبٍ الشمس . 
ويُلْقُون أنفْسَهم على العالم المنظورء فيبنونَ كلّ شيءٍ على أحدٍ المعنيينٍ 
الثابتين في نفس الطفل : الحبٌ الخالص» واللهو الخالص. 
ويبتعدونٌ بطبيعتهم عن أكاذيب الحياة» فيكونٌ هذا بعينه هو قُرْبَهُمِ من 
حقيقتها السعيدة. 
.2 
هؤلاءٍ الأطفال الذين هم السهولةٌ قبل أنْ تتعقّد. 
والذين يرون العالّم في أولٍ ما ينمو الخيال ويتجاورٌ ويمتد. 
يَُتَشُونَ الأقدار من ظاهرها؛ ولا يَسْتَبْطِنُون كيلا يتأنّموا بلا طائل . 
ويأخذونَ من الأشياء لأنفيهم فيفرحون بهاء ولا يأخذونَ من أنفسهم للآشياء 
كيلا يُوجدوا لها الهّمَّ. 
قانعونَ يكتفونّ بالتّمرة» ولا يحاولونَ اقتلاعَ الشجرة التي تحملّها. 


. اللشماث: القبلات‎ )١( 


د32 


ويعرفونٌ كُنْه7'' الحقيقة. وهي أنَّ العبرَةَ بروح التعمة لا بمقدارها. . 
فيجدونٌ منّ الفرح في تغييرٍ ثوب للجسمء أكثرَ مما يجِدَهُ القائدُ الفاتحُ في 
ايا ين 
هؤلاء الحكماءً الذينَ يُعْبه كل منهم آدمَ أولٌ مجيئه إلى الدنياء 
حينَ لم تَكُنْ بينَ الأرض والسماءٍ خليقةٌ ثالث معقّدةٌ من صُنع الإنسانٍ المتحضر . 
الا سك ا فكرأٍ وأظهارء في 7 
وإظهارها عاشقةً للفرح . 
يد فنا 
هؤلاء الفلاسفةٌ الذِينَ تقوم فلسفتُهم على قاعدةٍ عملية» وهيّ أنّ الأشياء 
الكثيرة لا تكثرُ فى النفس المطمئئّة . 
وبذلك تعيش النفسٌ هادئة مستريحة كأنْ ليس في الدنيا إلا أشياؤُها المُيسّرة. 
أما النفوسٌُ المضطرية بأطماعها وشهواتها ذ ع سب اا 
ومثلّها ني الهمْ مَتَل طَمَئِلِي "© مغفلٍ د يَحَرنُ لأنّه لا يأكلُ في بطنين. . 


دا فنا 

وإذا لم تكثّر الأشياءً الكثيرة في النفس. كَثْرتٍ السعادةٌ ولو من قِلَة 

فالطفلٌ يقلْبُ عينيه في نساءٍ كثيرات» ولكنّ أمّهُ هي أجملّهن وإن كانت شَؤْهاء. 

فأمّه وحدها هي هي أمّ قلبه. ثم لا معنى للكثرة في هذا القلب. 

هذا هو السرٌ؛ خذوه أيها الحكماءً عن الطفل الصغير! 

تاملك الأطفال» وأكة الغيل عل شريو التى ويك من البقافة فرق ملنها؟ 

فإذا لسانُ حالهم يقولٌ للكبار: أيثّها البهائم» اخلعي أرسائكِ”” ولو يوماً. 

أيها الناسٌ» انطلقوا في الدنيا انطلاقٌ الأطفالٍ يُوجدون حقيقتهمُ البريئة 
الضاحكة» لا كما تصنعون إِذْ تنطلقونَ أنطلاقٌ الوحت بن يُوجد حقيقته المفترسة . 
)١(‏ الكنه: السرّء أصل التكوين. 


زفق الطفيلي : هو هن يأكل من تعب غيره. 
(*) الأرسان: واحده رسنء وهو مقود الدابة 


أحرارٌ حرّيّةَ نشاطٍ الكون ينبعت كالفَوْضَىء ولكن في أدق النوامير7© 

يُثيرونٌ السخط بالضجيج وألحركة» فيَكونونٌ ممٌ الناس على جِلّاف» لأنهم 
على وفاق:مع الطبيعة. 

وتّحتدمٌ بينهمُ المعارك» ولكن لا تتحطّمُ فيها إِلَّا اللَعب. . 

أما الكبارٌ فيصنعونَ المِدَقَعَ الضخم مِنَ الحديد» للجسم الليّن منّ العَظم . 

كه البها: الخلعن أرسائك ولويوها .: 1 


ينا نا 
لا يفرح أطفالٌ الدارٍ كفرجهم بطفل يُولد؛ فهم يستقبلونّه كأنه محتاجُ إلى 


عقولِهمُ الصغيرة. 
ويملأهُم الشعورٌ بالفرح الحقيقيّ الكامن في سر الْخَلْقِ لقُرْبهم من هذا السرّ. 
وكذلك تيل الدنة :تلك للاطفاك يوخ ألعيد؛ فيستقبلونّه كأنّه محتاجٌ إلى 
لهِرهِمٌ الطبيعيّ. ويملأهُم الشعورٌ بالفرح الحقيقي الكامن في سرٌ العالم لقربهم من 
هذا السرٌ. 
نا نا تن 
فيا أَسَمَا علينا نحن الكبار! ما أَبْعَدَنا عن سر آلحَلْقِ بآثام العمرا 
وما أبعدّنا عن سرٌ العانّمء بهذِه الشهواتٍ الكافرةٍ التي لا تؤمنُ إلا بالمادة! 
يا أَسًَا علينا نحن الكبارً! ما أبعدّنا عن حقيقةٍ الفرح! 
تكادُ آثامنا والله تجعلٌ لَنَا في كل فَرْحَةٍ حَجْلّة. . 
ا نف 
أبنّها الرياض المنوَرَةٌ بأزهارهاء 
أتُها الطيورٌ المغرّدةٌ بألحائهاء 
أينُها الأشجارٌ المصمْقةٌ بأغصانئهاء 
أينُها النجومٌ المتلألئةٌ بالنور ألدائمء 
أنتِ شم شَنَى ؛ ولكنّكِ جميعاً في هؤلاءٍ الأطفالٍ يوم العيد! 
خخ 2 


)22 التواميس : واحذه ناموس »> وهر القانون . 


"5 


المعنى السياسي في ألعيد 


ما أشدَ حاجتّنا نحن المسلمينَ إلى أن نفهمَ أعيادنا فهماً جديداًء نتلقّاها به 
ونأخدّها من ناحيتِه» فتجىئ أياماً سعيدةً عاملةً» تنبَهُ فينا أوصافها القوية» وتجذدُ 
نفوسَّنا بمعانيهاء لا كما تجىء الآن كالحةً عاطلة ممسوحة منّ المعنىء أكيردُ عملها 
تجديدٌ الثيابء وتحديدُ الفراغ» وزيادةٌ أبتسامة على النفاق. . 

فألعيدُ إنما هو المعنى الذي يكونُ في أليوم لا آليومَ نفسّهء وكما يفهمُ الناسٌ 
هذا المعنى يتَلقَرْنَ هذا اليوم؛ وكانّ ألعيدُ في الإسلام هو عيدَ الفكرة العابدة؛ 
فأصبمّ عبد الفكرة العابئة؛؟ وكانَّث عبادةٌ الفكرةٍ جِمْعَها الأمة في إرادةٍ واحدةٍ على 
حقيقةٍ عملية» فأصبح عَبَتْ الفكرةٍ جمعّها الأمة على تقليدٍ بغيرٍ حقيقة؛ له مظهرٌ 
المتفعة وليسّ له معناها. 

كانَ العيدٌ إثباتَ الأمة وجودّها الروحاني ذ في أجملٍ معانيف نحي إثْباتت 
الأمةٍ وجودّها الحيوانيّ في أكثر معانيه؛ وكان يوم أسترواح من جِذهاء فعا يوم 
أستراحة الضعفٍ من ذُلّه؛ وكان يومَ آلمبدأ» فرجمٌ يوم ألمادة! 

نا ند ف 

ليس العيدُ إلا إشعارَ هذه الأمةٍ بأنَّ فيها قوةً تخيير الأيام» لا إشعارها بأنَّ 
الأيامٌ تتغيرُ؛ وليس ألعيدٌ للأمة إِلّا يوماً تَعرضٌ فيه جمالَ نظايها الإجتماعي» 
فيكون يومٌ الشعورٍ الواحدٍ في نقوس الجميع» والكلمةٍ الواحدةٍ في ألسنةٍ الجميع؛ 
يوم الشعور بالعدرة على تنيين الاياةء لا القدرةٍ على تغيير الثياب. . . كأنما العيدٌ 
هو أسترحة الأسلحةٍ يومأً في شَعْيِها الحربيّ. 

وليس العيدٌ د الجوارٍ وتمتذ؛ حتى يرجم البلدٌ 
العظيمٌ وكأنَهُ لأهلهِ دارٌ واحدةٌ يِتَحقَقُ فيها الإخاءً بمعناه العَملىَ» وتظهرُ فضيلةٌ 
الاخلاص مُسْتَعْلِنةً للجميع» ويْهِدِي ألناسٌ بعضّهُم إلى بعضٍ هدايا ألقلوب 
ألمخلصة المحبة؛ وكأنّما العيدٌ هو إطلاقٌ دوحج الأسرَةٍ الواحدة في الأمةٍ كلها . 


يفا 


ولكة الوذ لأ رليات الذاهه النصي قلعت سوبو كن كاك السام و 
ذاتيةٌ للأمم الع ولا نشاطً للأمم المستعبّدة. فالعيدُ صوتٌ الغو بيعت 
بالأمة: أخرجي يومّ أفراجك. أخرجي يوماً كأيام النصر! 

لبس العيد إلا ]با الكجلة الاجضاعية للامة عتميزة بطابعها الشّعبيء: مفصولة 
ين الكجانية لكنة من عمل أيديهاء معلنةً بعيدِها السفلالين 9 وجودها 
وصناعيهاء ظاهرةٌ بقوتينٍ في إيمانها وطبيعتهاء مبتهجة بفرحَين في دُورها 
وأسواقها؛ فكأنّ العيدَ يوم يفرحٌ الشعبٌُ كله بخصائصه. 

وليسٌ العيدُ إلا التقاءة آلكبارٍ ولصغارٍ في معنى ألفرح بآلحياةٍ آلناجحة المتقدمة 
في طريقهاء وتركٌ ألصغار يُلقونَ دَرسَهِمْ ألطبيعيٌ في حماسة الفرح والبهجة؛ ويُعلْمونَ 
كبارهم كيف تُوضَعُ المعاني في بعض الألفاظٍ التي فَرَغْتْ عندّهم من معانيهاء 
ويُبَصْرُوئُهم كيف ينبغي أنْ تعمل الصفاثُ الإنسانيةٌ في الجموع عمل الحَلِيفٍ لحليفه» 
لا عملّ المُناِزِ'' لمُنابذِه؛ فالعيدُ يومٌ تسلْطٍ العنصر الح على نفسية الشعب. 

وليسٌ العيدُ إِلّا تعليمٌ الأمة كيف تَوجهُ بقوتها حركة الزمن إلى معئى واحدٍ كلمًا 
شاءت ؛ فقد وضع لها الدِينُ هذو القاعدةً لتَُخْرْجّ عليها الأمثلة؛ فتجعلٌ للوطن عيداً 
مالي أقتصادياً تبتسمٌ فيه الدارهمٌ بعضّها إلى بعضء وتخترعٌ للصناعةٍ عيدّهاء وتُوجِدٌ 
للعلم عيدّه» وتبتدعٌ للفنْ مَجَالِيَ زينته» وبالجملة تُنِشَىءٌ لنفيها أياماً تعمل عمل القُوَّادٍ 
العسكريينَ في قيادةٍ الشعبء يقودُه كل يوم منها إلى معنّى من معاني النصر 


هذه المعاني السياسية لقوية حي الاين أجلها رض العيدٌ ميراثاً دهريا في 
يُدعُه نشاطٌ الأمق ويحققه حلي وتقتضيه ه مصالحُها. 


وما أحسبٌ الجمعة قد فُرِضَتْ على المسلمينَ عيداً أسبوعيّاً يُشترطٌ فيه 
الخطيبُ والمنبرُ والمسجدٌ الجامع ‏ إلا تهيئةً لذلك المعنى وإعداداً له؛ ففي كل 
سبعة أيام مسلمة يوم يجىء فيُشْعِرُ الناسّ معنى القائدٍ الحربي للشعب كله . 

ألا ليت المنابرَ الإسلاميةَ لا يخطبُ عليها إِلّا رجالٌ فيهم أرواحٌ المدافع: لا 
(0) المنايد: المنافر لغيره والمشاكس . 


>34 


لربع 


خرجتٌ أشهَّدُ الطبيعة كيف تُصبحُ كالمعشوقي الجميل» لا يُقدَمُ لعاشقه إلا 
أسباب حيّه ! 

وكيف تكونٌ كالحبيب» يزيدُ في الجسم حاسّة لمس ألمعاني الجميلة! 

وكنتُ كالقلب المهجور الحزين» وجدّ السماءً والأرض» ولم يجذ فيهما 
سماءه وأرضّه. 

ألا كم آلا السنينَ وآلافِها قد مضت مندُ أُخْرجَ آدمُ مِنّ الجنة! 

ومع ذلك فالتاريحٌ يُعيدُ نفسّه في القلب؛ لا يَحرْنُ هذا القلبُ إلا شعرٌ كأنّه 
١‏ ميد 

يقفُ الشاعرٌ بإزاء جمالٍ الطبيعة» فلا يملك إِلّا أنْ يتدّقَ ويهترٌ وتطرب . 

لأن السو الذي اليتق هنا'في الآرضن + يريد أن يُتبثقَ .هناك في النفس:. 

والشاعرٌ نبي هذه الديانةٍ الرقيقة التي من شريعتها إصلاحٌ الناس بالجمالٍ 
والخير . 

وكل خسن يَلتمسسُ النظرةً الحيةً التي تراهُ جميلاً لتُعْطِيّه معناه . 

ويهذا تقفُ الطبيعةٌ مُحْكقِلَةٌ أمام الشاعرء كوقوفٍ المرأةٍ الحسناء أمامّ المصور . 

د كك 

لاخث لِيَ الأزهارٌ كأئها ألفاظ حب رقيقة مَُشَاةٌ باستعاراتِ ومجازات . 

والنسيمٌ حولّها كنوب الحسناء على الحسناء» فيه تعبيرٌ مِنْ لابِسَيّه . 

وكل زهرةٍ كأبتسامة. تحتّها أسرارٌ من معاني القلب المعقّدة. 

أهي لغةٌ الضوءٍ الملوّنٍ مِنَ الشمس ذاتٍ الألوانٍ السبعة؟ 

أَمْ لغةٌ الضوء الملّونٍِ مِنَ الخد؛ وَالشّقَة؛ والصدر؛ والنحر؛ والدّيباج؛ والجلى؟ 

ليه فين 


اخ 


وماذا يَفْهمُ العشاقٌ من رموز الطبيعة في هذه الأزاهر الجميلة؟ 

أنُشير لهم بالزّهر إلى أنَّ عُمرَ اللذةٍ قصيرء كأنها تقول: على مقدارٍ هذا؟ 

أتُعْلمِهُمْ أنَّ الفرقٌ بين جميل وجميل» كالفرقٍ بينَ اللونٍ واللون» وبين 
الرائحة والرائحة؟ 

أنُناجيهم أن أيامَ الحبٌ صوَرٌ أيام لا حقائقٌ أيام؟ 

أمُ تقول الطبيعة: إِنّ كل هذا لأنْكِ أيثها الحشراتٌ لا تنخدعِينّ إِلَا بكلّ 
هذا" . . .؟ 

ع كك 

في الربيع تظهرُ ألوان الأرض على الأرضء وتظهرٌ ألوانُ النفس على النفس . 

ويصنعٌ الماءً صُنْعَه في الطبيعة فَتُخْرِجٌ ناويل النبات» ويصنعٌ الدمُ صِنعَة 

ويكونُ الهواءً كأنّه من شفاهٍ متحابةٍ يتنفْسٌ بعضّها على بعض»ء 

و 5 5 0 5 0 دع أ 1 3 .1 2 

ويعوّد كل شيء يلتمع لأنَّ الحياءً كلها يَنْبِض فيها عِرْقَ النور»ء ويرجع كل 

حي يُكْني لأنّ الحبٌّ يُريّد أَنْ يرفم صوئّه . 
د ع 

وفي الربيع لا يضىء النورٌ في الأعين وحدّهاء ولكنْ في القلوب أيضاً. 

ولا ينفذُ الهواءٌ إلى الصدورٍ فقطء ولكنْ إلى عواطِفها كذلك. 

ويكونُ للشمس حرارتانٍ إحداهما في الدم . 

ويطعّى فَيَضَانُ الجمالٍ كأنّما يُرادُ مِنَ الربيع تَجْرِبَةُ مَنْظَر من مناظر الجنة في 
الأرض . ْ 

والحيوانُ الأعجمٌ نفسّه تكونُ له لقَنَات عقليةٌ فيها إدراك فلسفةٍ السرور والمرّح. 

وكانّتِ الشمسٌ في الشتاءٍ كأنّها صورةٌ معلْقةٌ في السحاب. 

وكانّ النهار كأنّه يُضىء بالقمر لا بالشّمس. 

وكانٌ الهواءً مع المطر كأنه مطرٌ غيرُ سائل . 

وكانّتٍ ألحياةٌ تضمٌ في أشياءَ كثيرة معنى عُبوس الجوّ. 


)١(‏ ظاهرة اللون والرائحة لجذب الحشرات لتعمل على نقل اللقاح من زهرة إلى أخرى. 


اللو 


فلمًا جاءً الربيعٌ كان فرح جميع الأحياء بالشمس كفرح الأطفال. رجعث 
مهم مِنَ السمّر. 
كلد ند نا 
وينظرُ الشبابٌ فتظهرٌ له الأرض شابّة . 
ويشعرٌ أنه موجودٌ في معاني الذاتٍ أكثر مّما هو موجودٌ في معاني العالم . 
وتمتلىءٌ له الدنيا بالأزهارء ومعانى الأزهارء ووخى الأزهار. 
وتُخْرِحٌ له أشعةٌ الشمس ربيعاً وأشعةٌ قلبه ربيعاً آخر. 
ولا تنسى الحياةٌ عجائرّهاء فربيعُهم ضوءٌ الشمس. . . 
دن نا 
ما أعنجب سد الحياة! كل شجرةٍ في الرييع جمال هندسيٌ مستغقل . 
ومهما قطعْتٌ منها وغيْرتَ من شكلها أبرزتها الحياةً في جمالٍ هندسيّ جديدٍ 
كأنك أصلحتها . 
ولو لم يبي منها إِلّا جذرٌ حي أسرعَتٍ الحياةٌ فجعلّثْ له شكلاً من غُصُونٍ 
وأوراق. 
الحياة الحياة. إذا أنت لم تُفسذها جاءَئك دائماً هداياها. 
وإذا آمئتَ لم تَعْدْ بمقدارٍ نفيكء» ولكنْ بمقدارٍ القوةٍ التي أنت بها مؤمن. 
لد د ين 
ل م م ل سه سه سي (1) 
#فأنظر إل ءَاثرٍ يَمَتِ لَه كيف بح الارض بعد مويبا © 
وانظز كيف يِخْلّقٌ في الطبيعة هذه المعانيّ التي تُبِهجٌ كل حئ. بالطريقة التي 
وانظز كيف يجعلٌ في الأرض معنى السرورء وفي الجو معنى السعادة . 
وانظرْ إلى الحشَّرةٍ الصغيرة كيف تُوْمنُ بالحياةٍ التي تملؤها وتطمئن؟ 
انظرْ انظر! أليسّ كل ذلك رد على اليأس'" بكلمة: لا ..؟ 


.5٠ سورة: الروم» الآية:‎ )١( 
(؟) اليأس : القنوط والاستسلام للهزيمة.‎ 


١ 


1 م () 
عرش الورد 


كانت جَلوَةُ العروس كأنّها تصنيفٌ من حُلم» تواقث”" عليه أخيلةٌ السعادة 
فأبدعَث إبداعَها فيه؛ حتى إذا انَّسقّ وتمّء نقَلتَهُ السعادةٌ إلى الحياةٍ في يوم من 
أيايها الفَرْدَةِ التي لا ينَفِقُ منها في العمر الطويل إِلّا العددُ القليلء لِتُحَفْقٌ للحي 
رخرة حبائهستحرها وجمالهاه وَيُعَطية م ينتتى ما لا تبسن 

خرج الحُلّم السعيدُ من تحتٍ النوم الل لتقف دويز ين التقال لين اعونت 
وتممَلَ قصيدة بارعةً جعلّثْ كُلَّ ما في المكانٍ يحيا حياةً الشعر؛ فالأنوارٌ نساءء 
والنساءً أنوارء والأزهارٌ أنوارٌ ونساء؛ والموسيقى بينَ ذلك تتمَمُ عن كل شيء 
معناه. والمكانٌ وما فيه» ورْنْ في وزنء ونَمَمُ في نغم؛ وسحرٌ في سحر. 


ورأيتٌ كأنّما سحِرَتْ قطعةٌ من سماءٍ الليل؛ فيها دَارةٌ القمرء وفيها َثْرَةٌ من 
ألنجوم الزَهْر فَنزْلتْ فحَلَّتْ في آلدار» يتوضَّحْنَ ويِأْتَلِفْنَ مِنَ ألجمالٍ والشّعاع 
وفي حسن كلّ منهنٌ مادةٌ فجر طالعء » فَكَنّ نساء الجلوةٍ وعروسّها. 


ورأيْتُ كأئما سِحْرٌ الربيع» فأجتمعٌ في عرش أخضرء قد رُصَعٌ بُالوردٍ الأحمرء 
وأقيم في صدر الَو ليكو مِئْضْةٌ للعروس» وقد نُسِقَّتِ الأزهار في سمائهِ وحواشيه 
على نظمين: منهما مُفَصَّلْ ترى فيه بِينَ الزّهرتينٍ مِنّ اللونٍ الواحدٍ زهرةٌ تُخالف 


لونّهما ؛ ومنهما مُكَدُسٌ بعضْهُ فوقٌ بعض؛ من لونٍ متشابه أو متقارب» فبّدا كأنّهُ عْشُ 
طائر مَلَكيَ من طيور الجنةٍ أبدعٌ في نجه وَترصيعِه بأشجار سقى الكوَْرُ أغصائها. 

وقامّثْ في أرض العرش تحت أقدام العروسين؛ رَبْوَتَانٍ من أفانينٍ الزهرٍ 
المختلفة ألوائه يحملهما خْمْلُ من ناعم النسيج الأخضر على عُصويِهِ اللّدْنِ 
تَتهافَتٌ من رقتها وتُعوميها. 


)١(‏ يتعلّى النصٌ بزفاف كبرى بناته «وهيبة» على ابن عمّهاء وهي أول فرحة بولده. 
(؟) توافت: توافدت وأقبلت تترى. 


فض 


وعُقِدَ فو هذا العرش تاج كبيرٌ مِنَ الوردٍ آلنادرء كأنّما نْزِعَ عن مَمْرِقٍ مَلِكِ 
الزمن الربيعيّ؛ وتنظرُ إليه يسطعٌ في النورٍ بجماله الساحرء سُطوعاً يُخْيَلُ إليك أن 
أشعة مِنّ الشمس التي رَبّْتْ هذا الور لا تزالٌ عالِقةٌ بو» وتراه يزْدَهِي جَلالاَ» كأئّما 
أدركٌ أنه في موضعِهِ رمرٌ مملكةٍ إنسانية جديدة؛ تألقُْتْ من عَروسين كريمين. ولاح 
لي مراراً أن التاجّ يَضحكٌ ويستحي ويتدلل» كأئّما عرف أنه وحذه بينَ هذه الوجوه 
الحسان يمثل وجة الوَرد. 

ونْصٌ على العرش كرسيانٍ يتومّجٌ لون الذهب فوقّهماء ويكسومُما طِرادٌ 
أخضرٌ تلمعُ نَقَارثُهُ بشرأ. حتى لتحسبٌُ أنه هو أيضاأ قد نَالَثْهُ من هذه القلوب 
الفرحة لمسةٌ من فرّجها الحيّ. 

وتدَلّت على العرش قلائدُ المصابيح» كأنّها لؤلؤٌ تخلّق في السماء لا في 
البحنء فجاء من التور :لا من الثرة:وجاء ورا :من خاضيه أنه متى ,استضاء فى جو 
العروس أضاءً الجوّ والقلوب جميعاً. : 

وأتى العروسانٍ إلى عرش الوردء فجلسا جِلْسَةَ كوكبين حدودُهما النورٌ 
والصفاء؛ وأقبلتٍ العَذَارى يتخطُرْنَ في الحرير الأبييض كأنّه 2 نُورٍ الصبح» ثم 
وقَمْنَ حافاتِ حول العزش» حاملاتٍ في أيديهن طاقاتٍ مِنَّ الزَّنبِقّء تراها عَطِرةً 
بيضاء ناضرةً حَيّة» كأنّها عَذَارى مع عَذارى» وكأنّما يحملْنَ في أيديهنَ من هذا 
الزنبق الغض معاني قلوبِهنَ الطاهرة؛ هذه القلوب التي كانّثْ ممّ المصابيح مصابيح 
أخرى فيها نورُها الضاجك . ْ 

وَأفتعدّثُ دَرْجّ العرش تحت رَبْوَتي الزّهرٍ ودون أقدام العروسين - طفلة 
صغيرةٌ كالزهرة البيضاءِ تحمل طفولئهاء فكانّث مِنَ العرش كلَهِ كالماسة المدلاة من 
واسطةٍ العقدء وجَعلَتْ بوجهها للزهر كلَهِ تماماً وجمالأء حتى ليظهرٌ من دونها كآنه 
عَصبان مرو لأ يريد أنايزى ٠‏ 2 

وكانَ ينِعِتُ من عينيها فيما حوّلها تيارٌ من أحلام الطفولة جعل المكان بِمَنْ 
فيه كأنَّ له روح طفل بَعَنْتَهُ مَسرَةٌ جديدة . 

وكانئّث جالسةٌ جِلْسَةَ شِغر تمثْل الحياةً الهنيئةَ المبتكرة لساعتّها ليس لها ماض 
في دنيانا . 1 ١‏ 

ولو أن مُبدِعاً افتّنّ في صُنْع تمثالٍ للنيةٍ الطاهرة. وجيء به في مكانهاء 
وأَحِذتْ هي في مكانه لتشابّها وتشاكّلٌ الأمر. 

وق 


وكانَ وُجِودُها على العرش دعوةً للملائكة أن تَحْضَرَّ الزّفاف وتباركه. 

وكائّث بِصِعَّرِها الظريف الجميل تُعطي لكل شيء تماماء فَيْرَى أكبرٌ مِمّا هو 
وأكثّر مِمّا هو في حقيقته. كائتٍ النقطة التي أستعلّنث في مركز الدائرة» ظهورّها 
على صِفّرِها هو ظهورٌ الإحكام والوزنٍ والإنسجام في المحيطٍ كله . 

لا يكونُ السرورٌ دائماً إِلّا جديداً على النفس» ولا سرورٌ للنفس إِلّا من جديدٍ 
على حالة من أحوالها؛ فلو لم يكن في كل دينارٍ قوةٌ جديدةٌ غير التي في مثلهٍ لما 
سْرَ بالمالٍ أحدء ولا كان له الخُطَر الذي هُوَ له؛ ولو لم يكن لكل طعام جوع 
يُوردُهُ جديداً على المعدةٍ لما مَنَاَ ولا مَرَأْ؛ ولو لم يكن الليلُ بعد نهار, والنهارٌ بعد 
ليل» والفصولٌ كُلها نقيضاً على نقيضِهء وشيئاً مختلفاً على شِيءٍ مختلف - لَمَا كان 
في السماءٍ والأرض جمال» ولا منظرُ جمال؛ ولا إحساسٌ بهما؛ والطبيعةٌ التي لا 
تدلخ شن جغلك بها طتلا تعر جديذا عاج تمتك لو شنلك في ستطالة سير ورا 
بها لتكونَ هي جديدةً عليك. 

وعرش الوردٍ كان جديداً عند نفسي على نفسي» وفي عاطفتي على عاطفتي» 
ومن أيَامي على أيَامي؟ نزل صباحُ يومِهِ في قلبي بروح الشمسء وجاة مساء ليله 
لقلبي برُوح القمر؛ وكنتُ عندهُ كالسماء أتلالاً بأفكاري كما تتلالاً بنجويها؛ وقد 
جعلتني أمتدٌ بسروري في هذه الطبيعةٍ كلّهاء إِذْ قَدَرْتُ على أنْ أعيش يوماً في 
نفسي ؛ ورأَيْتُ وأنا في نفسي أنَّ الفرح هو سر الطبيعة كلّهاء وأنَّ كل ما حَلَقَ اللَّهُ 
جمالٌ في جمالء فإنّه تعالى نورُ السمواتٍ والأرضء وما يجيء الظلامٌ مع نوروء 
ولا يجي؛ الشرٌ مع أفراح الطبيعة إِلّا من محاولة الفكرٍ الإنسائيّ خَلْقَ أوهابه في 
الحياةء وإخراجه التفسّ من طبائعهاء حتى أصبح الإنسانُ كأنّما يعيث بنفس يُحاول 
أنْ يصنعها صناعة؛ فلا يصنمٌ إِلَا أنْ يزيم بالنفس التي فطرها الله . 

يا عجباً! ينفرُ الإنسانُ من كلمات الاستعبادٍء والضَّعَدَء والذّلةٍ» والبُْؤسء والهمٌء 
وأمثالهاء ويُكُرها ويَردُهاء وهو مع ذلك لا يبحت لنفسِه في الحياة إلا عن معانيها. 


03 
3 


إِنّ يوماً كيوم عرش الورد لا يكونٌُ من أربع وعشرينَ ساعة» بل من أربعة 
وعشرينَ فرحاً؛ لأنّهُ مِنَ الأيام التي تجعلّ الوقتَ يتقدمٌ في القلب لا في الزمن. 
5 


ويكونُ بالعواطب لا بالساعات» ويتواترُ على النفس بجديدها لا بقديمها. 

كانَ الشبابٌ في موكب نصرءوء وكانَتٍ الحياةٌ في صَلْح مَمّ القلوب؛ حتى 
اللغةُ نفسّها لم تَكُنْ ثُلقي كلماتها إِلّا ممتلئةً بالطرب والضحك والسعادة» آتيةٌ من 
هذه المعاني دون غيرهاء مُصَوَرَةٌ على الوجوه إحساسّها وتوازعَهاء ركلٌ ذلك سِخْرٌ 
عرش الوردء تلك الحديقة الساحرة المسحورةء التي كانتٍ النُسماتٌ تأتي مِنَ الجؤٌ 
ترفرفٌ حولها متحيّرةً كانّما تتساءل: أهذه حديقةٌ خَلِقَتْ بطيور إنسانية ؛ أم هي 
تتجرة وَرو من الجدة يمن يتفتان ظلهاو شن كنذاها من الخور؟ أم ذاك منبع 
ررديٌ عِطريٌ ثوارنيٌ الحياةٍ هذه الملكةٍ الجالسة على العرش ِ 

يا نّسَماتٍ الليلٍ الصافية صفاة الخير» أسأل الْلّهَ أنْ تنبعَ هذه الحياةٌ المقبلةٌ 
في جمالها وأثّرها وبركتّها من مثلٍ الوردٍ الْمُبْهِج اعرد المنعش» والضوءٍ 
الْمْحي؛ فإِنّ هذه العروسٌ المعتلية عَرْش الورد: 


بها البحر! 

إذا اخْمَّدَمَ الصيف”'". جِعَلْتَ أنت أيّها البحرٌ للزمن فصلاً جديداً يُمَّى 
«الربِيع المائي» . 

وتنتقِلُ إلى أياميك أرواحٌ الحدائق» فتَنِبُْتُ في الزمن بعض الساعاتٍ الشهيّة 
كأنّها الثمرُ الحُلوٌ الناضجٌ على شجره. 

ويُوحي لوثْكَ الأزرق إلى النفوس ما كان يُوحيهِ لون الربيع الأخضرء إلا أنه 
أرق وألطف. 

ويرى الشعراءً في ساحلِك مثلّ ما يرْوْنَ في أرض ى الربيع» أنوثةً ظاهرة» غيرَ 
أنّها تلِدُ المعانيَ لا النبات. 


ويّحِسُ العشاقٌ عندك ما يُحسُونّهُ في الربيع: أنَّ الهواء يتأوّه. . 


الربيع ؛ يتخرك في الدم البشريّ سرٌ هذه الأرض؛ وعندَ «الربيع المائي» 

ا السُحُب . 

توعان بن الخمر في هواء الربيع وهواء البحرء يكونُ منهما سكرٌ واحدٌ مِنَ الطَرّب . 

وبالربِيعَيْن ني الأخضر والأزرقٍ ينفتحٌ بابانٍ للعالم السحري العجيب: عالم 
الجمالٍ الأرضئّ 586 تدخَلَهُ الروحٌ الإنسانيةٌ كما يدخلٌ القلبُ المحبُ في شعاع 
ابتسامة اا 

ان 

في «الربيع المائي»: يجلسٌُ المرءء وكأنّه جالسٌ في سحابة لا في الأرض 

ويشعرٌ كأنَهُ لابسسٌ ثياباً مِنَ الظل لا مِنَ القُماش؛ ويجدٌ الهواء قد تنرّهَ عن أن 
يكونّ هواءً التراب. 
)١(‏ احتدم الصيف: اشتدت حرارته. 


انا 


وح مار فا الاحدان” كأنّ بعض المعاني الأرضية أنتْزِعث مِنّ المادة. 

وهنا يُدركُ الحقيقة: أنَّ السرورٌ إِنْ هو إِلَا تنبُهُ معاني الطبيعة في آلقلب. 
ين نا 

وللشمس هنا معتى جديدٌ ليس لها هناك في «دنيا الرزق؟. 

عرق اشم شناعان اسم أما هناك فكأئّما تطلُعُ وتَغْرْبُ على الأعمالٍ 
التي يعمل الجمْ فيها. 

تطلعٌ هناك على ديوانٍ الموظفب لا الموظفء وعلى حانوتٍ التاجر لا 
التاجر؛ وعلى مصنّع العاملٍ؛ ومدرسة التلميدٍء ودار المرأة. 

تطلُعُ الشمسٌ هناك بالتور: ولكنّ الناسّ ‏ وا أسفاه ‏ يكونونَ في ساعاتِهمُ 
المظلمة . 

الششمسٌ هنا جديدة» تُتْبتُ أن الجديد في الطبيعة هو الجديدٌ ذ في كيفية شعورٍ 
التفسن جه 

والقيه ]00 رفَافٌ مِنَ الحُسْن؛ كأنَّهُ اغتسلَ وخرجٌ مِنَّ البحر. 

5 بل هو فجرٌ طلّعّ في أوائل الليل ؛ فحصرَنْهُ السماءُ في 

لسعم الليل:: 

فجرٌ لا يُوقِظُ العيونَ من أحلايها؛ ولكنّه يُوتِظُ الأرواح لأحلامها. 

ويُلقي من سحرو على النجوم فلا تظهرٌ حول إلا مُسْتَنِهمَة كأنها أحلامٌ معلّقة 

للقمرٍ هنا طريقةٌ في إبهاج النفس الشاعرة» كطريقة الوجه المعشوقٍ حينّ 
تَقبُلُهُ أول مرة. 

واللربيع المائي" طيورة ١‏ ال 

أما الطيورٌ فنساءً يَتَضَاحَكْنَ » وأما الفُراشٌ فأطفال يتواثبون 

نساءً إذا أَنَعْمَسْنَ في البحرء خبِْلَ إلي ' أن الأمواج تتشاة؛ " وَتتخاصمُ على 
)١(‏ زاءِ: فرح مفتخر بحسنه وجماله. 
(5) جداعن : قخاضم 


يض 


رأيتُ منهُنَّ زهراء فاتنة قد جلسَثْ على الرمل جِلْسَةً حوَاء قبل أختراع 
الثياب»؛ فقالَ البحر: يا إلهي! قدٍ أنتقل معنى الغَرّق إلى الشاطىء. . . 
إن الغريق مَنْ غَرِقَ في مَوْجِةٍ الرملٍ هذه. . 
ف تيت 
والأطفالٌ يلعبونَ ويصرحُونَ ويضِجُونَ كأئّما أتسعّث لَهُمْ الحياةٌ والدنيا. 
وخْبَلَ إليهم أنّهم أقلقوا البحرّ كما يُقلقونَ الدّارء فصاح بهم: وَيْحَكُم يا 
أسماك التراب. .. .! ورأيثُ طفلاً منهم قد جاء فَوَكَرَ البحرّ بِرِجْلِه! فضحِكٌ البحرٌ 
وقال: أنظروا يا بني آدم!! 
على الله أن يَعْبَاًأا» بالمغرورٍ منكم إذا كَثّرَ به؟ أعَلَيَ أن أعباً بهذا الطفلٍ 
كيلا يقول إِنّهِ ركني برجله. ..؟ 
١‏ 000 
يها البحرء قد ملأثك قوةٌ الله لسبِتَ فراع الأرض لأهلٍ الأرض . 
لد قاف شالك :وله عدوي انحن هيك ملطان نهدا الاتسان المتوور: 
وتجيش بالناس وبالسفْنٍ العظيمة» كأنّكٌ تحمل من هؤلاء وهؤلاء قشا ترّمي به. 
«الاشبرام الإ شارة هما قدلا نكي الإتياة لش من إبمانة: 
وأنت تملا ثلاثة أرباع الأرض بالعظمَةٍ والهَْلء ردًا على عَظمةٍ الإنسانٍ 
وهوله في الربع الباقي ؛ ما أعظمٌ الإنسان وأَصغْرَه! 
يدك 
ينزلُ في الناس ماؤك فيتساوّؤن حتى لا يختلف ظاهرٌ عن ظاهر. 
ويركبونَ ظهرّك في السمُنٍ فيحنُ بعضّهم إلى بعض حتى لا يختلف باطنٌ عن باطن . 
تُشعرّهم جميعاً أَنْهم خرجوا مِنَ الكْرَةِ الأرضية ومِنْ أحكامها الباطلة . 
وتُفقرُهم إلى الحبٌ والصداقة فقراأً يُرِيِهِمُ النجومٌ نفسَّها كأئّها أصدقاء, إِذْ 
عرفوها في الأرض . 
يا سحرٌ الخوف» أنت أنت في اللَّجَةِ كما أنت أنت في جَهئّم . 


)١(‏ يعبأ: يهتم. 


لا 


وإذا ركبّك المُلْحِدُ"'' أيّها البحر ٠‏ فرَجَفْتَ من تحيهء وَعَدَرْتَ عليه وثَّرْتَ 
به وأريتَهُ رأ العين كأَنَّهُ بين سماءين ستنطبقٌ إحداهُّما على الأخرى فَتُفْمَلانِ عليه 
- تركته بتطأطأ0؟) ويتواضع» كأئّكَ تهرهُ وتهرُ أفكازه معآء وتُدَحْرِجُهُ وتُدحرّجها. 

ا 2 بر 

وكشفْتَ له عن الحقيقة : نتننياة الله لبق عمل العقن ع ولكتة عم العفلة 
والأمن وطولٍ السلامة . 


ألا ما أشبّهَ الإنسانَ في الحياةٍ بالسفينةٍ في أمواج هذا البحر! 

إن أرتفعَتِ السفينةُ» أو أنخفضث. أو مادّث0” » فليسٌ ذلك منها وحدّهاء 
بل مِمَا حولها. 

ولن تستطيعٌ هذه السفيئةٌ أَنْ تملِكَ من قانونٍ ما حولّها شيئاء ولكنّ قانوئها 
هوّ الثباتٌ؛ والتوازنُ» والاهتداءً إلى قصدهاء ونجائها في قانونها. 

فلا يَعْتِيَنّ الإنسانُ على الدنيا وأحكامهاء ولكن فَلْيَجِتَهِد أنْ يحكمَّ نفسَّه. 


)١(‏ الملحد: الكافر. 
(؟) يتطأطأ: يخفض رأسه إذعاناً وخضوعاً. 
(") مادث: انزلقت» تحركت متزحلقة إلى الأمام . 


4 


في الربيع الأزرق 


خواطر مرسلة 
ما أجمل الأرض على حاشية الأزرقَيْن البحر والسماء؛ يكادٌ الجالسٌ هنا يظَنٌ 
نفسّه مرسوماً في صورة إلهية . ْ 
ددنت 
نظرْثُ إلى هذا البحرٍ العظيم بعيئي طفل يتخيّل أن البحرّ ة قد مُلِىءَ بالأمس» 
وَأ السناء حاتت إناء له اني0ة الإناء فآندفَقَ البحر» وتَسرَّحْتُ مع هذا الخيالٍ 
الطفليٌ الصغير فكأنّما تالني رَشاش مِنّ الإناء. . 
إِنّنا لن تُدرك رَوعةَ الجمالٍ في الطبيعة إِلّا إذا كانتِ أَلنفْسٌ قريبة من طفولَتِهاء 
ومرّج الطفولة» ولّعبهاء وَهَذَيانِها. 
ع نا 
تبدو لك السماءً على البحرٍ أعظمٌ مِما هي كما لو كنت تنظر إليها مِنْ سماءٍ 
أخرى لا مِنَ الأرض . 
إذا أنا سافزْتُ فجئتٌ إلى البحرء أو نزلتٌ بالصحراءء أو حَدَّلْتُ بالجبل» 
كوت أرل وخلة" من ادمع الدرون ينا حك البعة كيه لو أن العمل او 
الصّحراءً أو البحرّ قد سائرَثْ هي وجاءث إليّ. 
في جمالٍ النفس يكونٌ كلّ شيءٍ جميلاً يلآء إِذ ثُلقي النفسٌ عليه من ألوائهاء 
فتنقلِبٌ الدارٌ الصغيرة هُ قصراً لأنّها في سَعَةِ النفس لا في مساحتها هي» ترف لنورٍ 
النهار عُذُوبَةٌ كعذوبةٍ الماء على ألظماء وَيعلية اللي اله تعر جراهة أن للحور 


2. 2 
2 


2 
0 


. انكنأ: اتكمش على ذاه‎ )١( 
أول وهلة: بدء المفاجأة.‎ 2 


1 


العهين في السماوات» ويبدو الفجرٌ بألوانه وأنوارِهٍ ونسماته كأنَّهٌ جنةٌ سابحةٌ في 
الهواء., 

في جمالٍ النفس ترى الجمال ضرورةً من ضروراتٍ الخليقة؛ وَيْ كأنّ الله 
أمرَّ العا لم الك كن اللدلتة مسي 


أيامُ المصيفي هي الأيامٌ التي ينطلقٌ فيها الإنسانُ الطبيعيُ المحبوسُ في: 
الإنسان؛ فيرتدُ إلى دهرهٍ الأول» دهر الغاباتِ والبحار والجبال. 


ِنْ لم تكن أيامُ المصيفب بمثل هذا المعنى» لم يكن فيها معنّى . 


العاادم 0 ولكنّها في التعب والكذح"" والمشقةٍ 


لا تتم فائدةٌ الانتقالٍ من بلدٍ إلى بِلدٍ إلا إذا أنتقّلتٍ النفسٌُ من شعورٍ إلى 


د نت 
الحياةٌ في المصيفب ثُْبثٌ للإنسان أنّها إِنْما تكن حيتٌ لا يُحْفَلٌ بها كثيراً. 
د كز زه 


يشعرٌ ألمرءٌ في المُدَنٍ أَنَّهُ بِينَ آثارٍ الإنسانٍ وأعماله. فهو في رُوح العناءٍ 
والكَدْح والنزاع؛ أمّا في الطبيعة فيّحِسسٌ أُنّهُ بِينَ الجمالٍ والعجائب الإلهية» فهو هنا 
في رُوح اللذةٍ والسرورٍ والجلال. 


إذا كنْتَ في أيام الطبيعة فَأَجِعل فِكرَّك خالياً وفَرَغْهُ للنّئْتِ والشجرء والحجَرٍ 
والمَدر» والطير والحيوان» والزهر والعٌُشْب»ء والماء والسّماءء ونور النهار. وظلام 
الليلء حيئئذٍ يَفتح العالَمٌ بابَهُ ويقول: ادخل . . 


3 


لْطفُ الجمالٍ صورةٌ أخرى من عَطَمةٍ الجمال؛ عرفْتٌ ذلك حيئما أَبصَرْتٌ قطرةً 


2 
3 


)١(‏ الكدح: التعب والجدّ. 


1:١ 


من الماء تلمع في غصن. فَحُيْلَ إِليّ أن لها عَظمَةَ البحرٍ لو صَعْرَ فعلَقَ على ورقة. 
8 اه 
في لحظة مِنَ لحظاتٍ الجسدٍ الروحانية حينَ يفورُ شِعرٌ الجمالٍ في الدمء 
أطلْتٌ النظرٌ إلى وردةٍ فى عُصيها زاهية عَطِرة» متأنقة» متأئتة؛ فكذتٌ أقولٌ لها: 
انك أكيَا المراة: انتديا فلانة + 
يح يت ين 
أليسّ عجيباً أن كلّ إنسانٍ يرى في الأرض بعضٌ الأمكنة كأنّها أمكنةٌ للروح 
خاصّة؛ فهل يدل هذا على شيء إِلَّا أنّ خيالَ الجنةٍ منذُ آدمّ وحرّاء» لا يزالٌ يعمل 
فى النفس الإنسانية؟ 
١‏ ْ ند تح يت 
الحياةً في المدينةٍ كشرب الماء في كوب مِنّ الحَرّف ؛ والحياةٌ في الطبيعة كَشْرْبِ 
الماء في كُوب مِنّ البَلُورٍ الساطع ؛ ذاك يحتوي الماء وهذا يحتويه ويُبدي جماله للعين. 
كه 
وا أسفقاف هذه هي الحقيقة : إن دِمَة الفهم لِلْحياةٍ تُمَسدُها على صاحبها كدقةٍ 
الفهم للخب» وإِنَّ العقل القن فى وده للحت بوالضاة هو العقل الكامل في 
ألتذاذِه بهما. وا أسفاه. هذه هي الحقيقة! 
د نا 
في هذه الأيام الطبيعية التي يجعلّها المصيفٌ أيامٌ سرورٍ ونسيان» يشعرٌ كل 
إنسانٍ أنّه يستطيمٌ أن يقولّ للدنيا كلمة هَزْلٍ ودُعابة . 
عد د د 
مَنْ لم يُرزْقٍ الفكرّ العاشقّ لم يرّ أشياة الطبيعة إلا في أسمائها وثِيّاتهاء دون 
حقائقها ومعانيهاء كالرجل إذا لم يعشق رأى النساء كلْهنَ سواء. فإذا عَشِنَ رأى 
فيهن نساء غير مَنْ عرّف» وأصبِحْنَ عندّه أدِلّهَ على صفاتٍ الجمالٍ الذي في قلبه. 
2 عه 
تقوم دنيا الرزق بما تحتاجهُ الحياة» أما دنيا المصيفف فقائمةٌ بما تلَذّهُ الحياة» 
وهذا هو الذي يغيّرُ الطبيعة ويجعلٌ الجر نفسَهُ هناك جو مائدة ظرفاء 
وظريفات . 


ع 2 2 


؟: 


تعمل أيامُ المصيفٍ بعد انقضائها عملاً كبيراًء هو إدخال بعض الشعرٍ في 
حقائق الحياة . 


هذه السماءٌ فوقّنا فى كلّ مكانء غير أنَّ العجيبّ أن أكثرَ الناس يرحلونَ إلى 
الما انرا عاد متها الما ١‏ 
ا ا 
إذا استقبِلْت العالّمَ بالنفس الواسعة رأَيْتَ حقائقّ السرور تزيدٌ وتنّسعء 
وحقائقٌ الهموم تصِعُرُ وتتضيق, وأدركتّ أنَّ دنياك إِنْ ضاقث فأنت الضيّىُ لا هي. 
كك 
في الساعة التاسعة أذهبُ إلى عملي» وفي العاشرة أعملٌ كَيْتء وفي الحادية 
عشرةٌ اخ كَِيتَ وكيت؛ وهنا في المصيف تَفْقِدُ التاسعة وأخوائها معانيها الزمينة 
التي كانت تضعُها الأيامُ فيهاء وتَستبدِلٌ منها المعانيّ التي تضعُها فيها النفسٌ الحرّة. 
كلعي الظرية التي لط جو العا احانا» روعي طريف لخرفد د تلكا 
أحد في الدنيا كصغار الأطفال. 


إذا تلاقى الناسٌُ في مكانٍ على حالةٍ متشابهة منَ السرور وَتَرَهْمِهِ والفكرة 
فيهء وكانَ هذا المكانُ مُعَدَّا بطبيعته الجميلة لنسيانٍ الحياةٍ ومَكارجها ‏ فتلك هي 
الروايةٌ وممثلوها ومَسرَّحُهاء أما الموضوعٌ فالسخرية من إنسانٍ المدنيّة ومدنية 
الإنسان. 


ما أصدّقّ ما قالوه: إن المرئيّ في الرائي. مرضَتٌ مده في المصيف». 


فائقلبتِ الطبيعةٌ العَروسُ التي كانت تتزينُ كلّ يوم إلى طبيعة عجوز تذهبُ كلّ يوم 
القن الس ١‏ 1 


1 


و 
حديث فطين 


جاء في امتحانٍ شهادةٍ إتمام الدراسةٍ الابتدائيةٍ لهذا العام (1974) في 
موضوع الإنشاء ما يأتي : 

اتعايل قطان احذهما شد فندن حل اناذ التمف والاكة سيف يدل 
نظ على سُوءٍ خاله 4 فناذا يقولان إذا حَدّتٌ كل منهما صاحته عن معيفت؟4. 

وقد حار التلاميدُ الصغارٌ فيما يضَعونَ على لسانٍ القطين» ولم يعرفوا كيف 
يوججهون الكلامٌ بيتهماء وإلى أي غاية ينصرفٌ القولٌ في مُحاوريّهما؛ وضاقوا 
جميعاً وهم أطفال ‏ أنْ تكونٌ في رؤوسهم عقولٌ السّنائير”'©؛ وأعياهه”" أنْ تنزل 
غرائزُهمٌُ الطيبةٌ في هذه المنزلة منّ البهيميّة ومن عيشِها خاصّةء فيكتَّيهوا تدبير هذه 
الْقِطَاطٍ لحياتهاء وينمُدُوا إلى طبائعهاء ويندّمجوا في جُلودِهاء ويأكلوا بأنيابها. 
ويمرقوا بمَخَالِبها. 

قال بعضهّم: وسَخِطنا على أساتذتّنا أشدّ السخط» وعبناهم بأقبح العيب؛ 
كيف لم يعلّمونا من قبل - أنْ نكونَ حَميرأء وخيلاء وبغالاء وثيراناً» وَقِرَّدَةٌ 
وخنازيرَء وفثراناً» وقِطْطَةًء وما هب ودبّء وما طارَّ ودَرّجّء وما مَشَى والْسَاحَ؛ 
وكيف - ويحهم - لم يلقّنونا مم العربية والإنجليزيةٍ لغاتٍ النهِيقٍ» والصَّهِيلٍء 
والشّحيجء والْحُوارِء وفك 0 وقبَعَ الختزين» بوكيفت تفن ولموعء و تلخل 
لَمْطَ الطّير» وَنْفُحَ فَحِيحَ الأفعىء ولكش كَشِيشَ الدبّابات”"» إلى ما يتم به هذا 
8 اللغويٌ الجليل؛ الذي تقوم به بلاغةٌ البهائم والطير والحشرات والهمج 


وقال تلميذ خبيتثٌ لأستاذه: أما أنا فأوزتثٌ وأعجرّت . قال أستاذه: أجدتٌ 


)١(‏ السنائير: واحده سنورء وهو القطّ. 
(؟) أعيا: أتعب. 
(”) تلك هى أسماء أصوات هذه الحيوانات المذكورة فى اللغة. 


3 





وأحسئْت» وللَّه أنت! وتاللّه لقد أصبْت! فماذا كتَنْتَ؟ قال: كتَبْتٌ هكذا: 

يقل الشمد لعاف ناوي افغول النسيموة تو جار لون قير عله 
السمين: نَْء ناؤ» ناؤ. فيغضبُ النحيف. ويكْشِرُ عن أسنانهء ويحرك ذيلّه 
ويصيح: نو نَوْء نو .. فيلطمُّة السمينُ فَيَخْدِشُْه ويصرخ: ناؤ. . . فيثبٌ عليه 
النحيفٌ ويضطرعان» وتختلط «النَؤْئّرَة» لا يمتازٌ صوتٌ من صوت» ولا يْبِينُ معَنّى 
من معئّى» ولا يمكنٌ الفهمٌ عنهما في هذه الحالة إلا بتعب شديد» بعد مراجعة 
قاموس القطاط . 

قال الأستاذ: يا بنىّ؛ بارك اللَّهُ عليك! لقد أبدغت الفنّ إبداعاً» فصنغتَ ما 
يعم أكبن النوابع»نظهة فله بإظهان الظبيعة واإحفاء تقييهة .وما ينطق الفط يلكا إلا 
مُعجِزةٌ لنبئ» ولا نبيّ بعد محمد كَلِ؛ فلا سبيلٌ إلا ما حكَيْتَ ووصمّتَء وهو 
ملعت الؤاقع» والوافة هو الجديدٌ في الأدب؛ ولقد أرادوكَ تلميذاً هِرّاء فكئْتَ في 
إجابتك هِرًا أستاذاً» ووافقْتَ السَّئانِيرَ وخالفْتَ الناس» وحقَّقتَ للممتجنين أرقى 
نظرياتٍ الفن العالي. فإِنَّ هذا الفنَ إِنْما هو في طريقة الموضوع الفنيّة» لا في تلفي 
الموادٍ لهذا الموضوع من هنا وهناك؛ ولو حففظوا حرمة الأدب ورَعَوا عهدّ الفنٌ 
لأدركوا أنَّ في أسطرك القليلةٍ كلاماً طويلاً بارعاً في النادرة والتهكم» وغرابة 
العبقرية» وجمالها وصدقهاء وحسن تتَاولِهاء وإحكام تأديتها لما تؤدّي”''؛ ولكن 
ما الفرقٌ يا بنئّ بين «ناؤٌ؛ بالمدء و انَوْ) بغير مد..؟ قال التلميذ: هذا عند 
النخاتير كالإشارات: الالفرافية : شاطة وتقطة ومكذا : 

قال: يا بنىّء ولكنّ وَرَارة المعارفٍ لا تَقِرُ هذا ولا تعرفّهء وإنّما يكون 
التستعخ أستاذاً لا جوا... . والامحان كاي الا صنوي. 1 

قال الخبيث: وأنا لم أكن هِرًا بل كنت إنساناء ولكنّ الموضوعٌ حديتُ 
ِطين» والحكمّ في مثل هذا لأهله القائمين بهء لا المتكلّفينَ له المتطفّلينَ عليه؛ 
فِإنْ هم خالفوني قلْتُ لهم: : اسألوا القطاط؛ أؤْ لا فليأتوا بالقِطين: السمين 
والنحيفي» فليجمعُوا بينهماء وليُحَرَشوهما”"». ثم ليُخضروا الرُقباة هذا الإمتحان» 
وليكتبوا عنهما ما يسمعوئه» ولْيصفوا منهما ما يرون فوالذي حَلَقَ السنانير 
(1) تلك عبارة تنم عن سخرية وتهكم. 
(1) وليحرشوهما: وليثيروهما لكي تشاحنا ويتشاجرا فينطق كل منهما بمثالب خصمه. 

1. 


والتلاميذٌ والممتحنينَ والمصحَحينَ جميعاً ما يزيدُ الهّان على ١نَوْء‏ وناؤ؛. ولا 
يكونٌ القولُ بينهما إِلّا من هذاء ولا يقمٌ إِلّا ما وصفْتُء وما بد منّ المهارّشّة 
والموائبة”'' بما في طبيعة القويّ والضعيف, ثم فرارٍ الضعيفٍ مهزوماً. وينتهي 
الإمتحان! 
1 1 

إِنْ مثل هذا الموضوع يشبة تكليف الطالب الصغيرٍ خلق عرّتين لا الحديت 
عنهما؛ فإِنّ إجادة الإنشاءٍ في مثل هذا الباب ألوهيةٌ عقليةٌ تخلقُ خلقّها السَوِيَ 
الجميلَ نابضاً حيّاء كأنما وَضعَتْ في الكلام قلبّ هرّء أو جاءث بالهرٍ له قلبٌ منّ 
الكلام وأين هذا منَّ الأطفالٍ في الحادية عشرةً والثانية عشرةً وما حولّهما؛ وكيف 
لهم في هذه السنّ أنْ يمتزجوا بدقائقي الوجودء ويُداخلوا أسرارَ الخليقة» ويُصبحوا 
مع كل شيء رَهْناً بعلل وعندَ كلّ حقيقةٍ موقوفينَ على أسبابها؟ وقد قِيل لهم من 
قبل في السنوات الخالية: اكُنْ زهرةً وصِفْ. وأجعل نفسّك حبةً قمح وثُل». وإنّما 
هذا ونحوّه غايةٌ من أبعدٍ غاياتٍ النبوَّةٍ أو الحكمة؛ إذ النبئْ : تعبيرٌ إلهئُ تتخْذَةُ 
الحقيقةٌ الكاملةً لتنطقّ كينها ا لبتي العنريءة « والحكم وج اسمن 
التعبير» تتخذَّه تلك الحقيقةٌ لثُلقِيَ منه الكلمة التي تسمّى الفن. 

وتناكان :ني القدي امتكان مدل عذال يميق نيه إل واحذ بق عن 1ن 
كثيرة؛ وكان المحتن هز الله جل جلالة؛ والموضوع حديثٌ النملة مع النمل؛ 
والناجحٌ سلِيمانٌ ‏ عليه السلام -. 


عع مخ ري 6س ما سير مص زر 0 2 عور ار بدرزررو دمو بي معو ع هه 


#قالت تملة يكأيها التَّمل أدخلواً ّ م لا لسك سَليمانٌ وجودة وهر لا يترون منسَمَ 
صَاحكا ين قَولِهَا» . 

ِنْ الكونّ كلَّهُ مستقرّ بمعانيه الرمزية في النفس الكاملة؛ إِذْ كانّتِ الروحٌ في 
ذاتها نورأء وكان سر كل شيء هو مِنَ النورء والشعاعٌ يجري في الشعاع كما يجري 
الماءُ في الماء» وفي امتزاج الأشعة مِنَ النفس والمادة تجاوْبٌ روحانيَ هو بذاته 
تعية فن الضيرة وإذراك فى التهنه وهر آسابة القن على النلاقك انواعه + فى 
لكلو اليد والمثالٍ والنعُمة؛ أي الكتابة والشعر والتصوير واليعفر 
والموسيقى . 


)١(‏ المهارشة والموائة» بنفس المعنى. 
كك 


ومن ذلك لا يكونٌ البيانُ العالي أتمٌّ إشراقا إلا بتمام النفس البليغة في فضيلتها 
أو رذيلتها على السواء؛ فإِنّ من عجائب السخرية بهذا الإنسانٍ أنْ يكون تمامٌ الرذيلة 
في أثره على على العمل الفنيَ» هو الوجة الآخرٌ لتمام الفضيلةٍ في أثره على هذا العمل؛ 
والنقطةً التي ينتهي فيها العلرٌ من مُحيطٍ الدائرة هي بعيتها التي يبدأ منها الانحدارٌ إلى 
السُمْل؛ ومن ثم كانتِ الفنونُ لا تُعحبرٌ بالأخلاق» حتى قال علماوؤنا: إِنَّ الدينَ عن 
الععر يتتزل.-فالاصل هناك سه التعييز وجمالة» وبلاغةٌ الأداء ورُوْعَتهُ “ولا يكرن 
السؤالٌ الفنئْ ما هى قيمةٌ هذه النفسء ولكنْ ما طريقتُّها الفئية؟ وأَىُ عجيب في 
ذلك؟ أليس لجهنمَ حق في كبارٍ أهل الفنَّء كما للجنةٍ حقٌ في نوابغه؟ وإذا قالتِ 
الجنة : هذه فضائلي البليغة. أفلا تقول الجحيمٌ: وهذه بلاغةٌ رذائلي؟ وكيف لعمري 
يستطيعُ إبليسٌ أنْ يؤديّ عملّه الفنيّ. ١‏ ويصورَ بلاغتّه العاليةَ إلا في ساقطينَ من 
أهل الفكر الجميل؛ وساقطاتٍ من أهل الجسم الجميل. .؟ 

دن ين 

لقد بعذنا عن القطين» وأنا أريدٌ أن أكتبّ من حديثهما وخبرّهما. 

كانَ القط الهزيلٌ مرابطاً في رُقاق» وقد طارة فأرةٌ فَالْجَحَرَثْ0'' في شِقّء 
فوقفٌ المسكينٍ يتربّصٌ”" بها أنْ تخرجء ويؤابر ناته كيت يعالاجها فتترهاء ونا 
فر اران 1 اسن جزدة تتلا من عدر . وكانّ القط السمينٌ لسمينُ قد <رجَ من 
دار أصحابه يريدُ أن يفرَجٍ”” ' عن نضبه بأنْ يكونٌ ساعة أو بعض ساعةٍ كالقططة 
بعضها معّ بعض. لا كأطفالٍ الناس مع أهليهم وذّوي عنايتهم » وأبصر الهزيل من 
بعيلٍ فأقبل يمشي نحوّهء كرا اليوية ل وجعل يتأمله وهو يتخْلّمْ تخلّعَ الأسدٍ في 
مشيتِهء وقد ملأ جلدثّه من كل أقطارها ونواحيهاء وَبَسَطَْنْه النعمةٌ منْ أطرافه. 
وأنقلبَث في لحمه غلظاء وف طيوهدة. وفي شعره ه بَريقاء وهو يمو في بدن 
من قوة وعافيةء ويكادٌ إهابُه ينشقُ قْ سمّناً وكدّنة. فانكسورّث نف الهزيل» 
وَدَخَلَئُه الحسرة» وتَضَعْضَعَ!'' لمرأى هذه النعمة مَرِحَة مختالة . وأقبلٌ السمينٌ 
حتى وقف عليه وأدركته الرحمةٌ له ِذْ رآه نحيفاً متقتضاًء طاويّ البطل 80 بارر 


(1) يترص : يتحيّن الفرص . 


(*) يفرّج عن نفسه: يروّح عن نفسه. (5) تضعضع قلبه: انخلع قلبه لما رأى. 
(8) إهابه: جلده. (5) طاوي البطن: فارغ البطن من شذة الجوع . 


7ع 





الأضلاع. كأنّما همّتْ عظامُهُ أنْ ترك مسكنها من جلدِهٍ لِتجدّ لها مأوّى آخر. 

فقال له : ماذا بكء ومالي أراك مُتَيَبَساً كالميتٍ في قبره غير أنْك لم تمت» 
ومالك أُعتلدُت الحياةً غيرَ أنك لم تحيء أو ليس ألهرٌ مِنَا صورةً مخترّلةَ من الأسدء 
فمالّكٌ ‏ ويحَك ‏ رجَعْتَ صورة مختزلة مِنَ الهر؛ أفلا يسقُوتّك اللبن» ويُطعمونك 
الشّحمةَ واللحمة» ويأتونك بالسمّك» ويقطعونَ لك منّ الجبن أبيض وأصفرء 
ويَمُنُون لكَ الخبرٌ في المُرقء ويُؤئركُ الطفلٌ ببعضٍ طعايهء وتدثّلك الفتاة على 
صدرهاء وَتَمسَحُكٌ المرأةٌ بيديهاء ويتناولك الرجلٌ كما يتناول ابنّه....؟ وما 
لجليك هذا مُعْبَوًا كأنَكَ لا تَلْطْعْه بلُعابك”'2؛ ولا تتعهّدُه بتنظيف». وكأئكَ لم ترقطً 
فنّى أو فتاةً يجري الدّهانٌ بَريقاً في شعره أو شعرهاء فتحاول أن تصنع بلعابك 
لشعرك صنيعّهما؛ وأراك متزايلٌ الأعضاء نتفككا حق سكنت وجهذت» كان ل 
يركبّك من حُبٌ النوم على قَدْرٍ من كسلِك وراحتّك» ولا يركبّكَ من حبٌ الكسلٍ 
على قدرٍ من نعييك وَرَفَاهِتِكء ركأن جنبيكَ لم يعرفا طِنْقِسَةٌ ولا حَشِيَة ولا وسادة 
ولا بساطاً ولا طِرازاً. وما أشبهّك بأسدٍ أهلكة ألا يجذ إلا العُشْبَ الأخضرّ 
والهديع: البابيو لها اله اين مح ان عير ولا كول عر قو زا مقط اليه 
جسم الأسدء وسكتث فيه روح الحمار! 

قال الهزيل: وإِنَّ لك لحمةً وشّحمةٌ؛ ولبناً وسمكاًء وجبناً وتاتاً. وإنّك لتقضي 
يومّك تَلْطعٌ جلدّك مابِحاً وغاسلاًء أو تَعَطْوَحَ”"2 على الوسائد والطنافس نائماً 
ومتمدّداً؟ أمَا واللّه لقد جاءَئْكٌ النعمةٌ والبلادةٌ معاً»ء وصلحَث لك الحياةٌ وفدَتُ متك 
الغريزة» وأحكمتٌ طبعاً ونَقَضْتَ طباعاً: ورَبِحْتَ شِبَعاً وخَسِرْتَ لذة» عطفوا عليك 
وأفقدوك أنْ تعطف على نفسِك» وحملوك وأعجزوك أنْ تستقل» وقد صِرْتَ معهم 
كالدّجاجة تُسمَنُ لتُذبح» غير أنهم يذبحوئك ذلالا ومَلالا. 

إِنْكَ لتأكل من جِوان"" أصحابك. وتنظرٌ إليهم يأكلون؛ وتطمعٌ في 
مؤاكلتهم؛ فتَشبعٌ بالعين والبطن والرغبة ثم لا شيء غبِرْ هذاء وكأئّك مُرتَبَط بحبالٍ 
مِنَ اللحم تأكل منها وتحتَبسٌ فيها. 

إن كان ارك كا فن الاة تاكن داف اها في لمعا ]نا ناكل نوها دلت 
)١(‏ اللعاب: الريق. 
(؟) تتطرّح على الوسائد: تتخذها مئاماً لك وتتوسّدها. 
(*) الخوان: المائدة. 


18 





شىءٌ كاستواء الحال» ولا يُحيِيكَ شىء كتَفَاوتِها؛ٍ والبطنٌ لا يتجاورُ البطنّ ولذنّه 
لذئه وحدّهاء ولكن أين أنت عن إِرئُكُ من أسلافك. وعن العِلّل الباطنة التى 
تحرَّكُنا إلى لذاتٍ أعضائناء ومتاع أرواجناء وتَّهَبّنا من كلّ ذلك وجودنا الأكبرء 
وتجعلّنا نعيشٌُ من قِبَل الجسم كله لا من قبل المعدةٍ وحدّها؟ 

قال السميوة تالله لقد اسيك القع حكمة وجراف وآرااتي بإزائك مدوم 
بِرَوالِ أسلافي منيء وأراك بإزائي موجوداً بوجودٍ أسلافك منك . ناشدثتُكٌ الله إلا 
ما وصفْتَ لي هذه اللذاتٍ التي تعلو بالحياة عن مرتبةٍ الوجودٍ الأصغر منّ الشبع» 
وتستطيلٌ بها إلى مرتبة الوجود الأكبر م مِنَ الرضى؟ 

فقال الهزيل: إنك ضحم ولكنّك أبله؛ أما علمْتَ ‏ ويِحَكٌ ‏ أنَّ المخنة في 
رت ادك والقد خا د عنقي واد 0 اتيت 0 

لتي تضعٌ في الكُسْب لذةٌ الكسب» وسْعَارَ الجوع هو الذي يجعل في الطعام مِنَ 
ا مِنّ الروح»ء وأن ما عُدِل به عنك من الدنيا لا تعرّضك منه 
الشّحمةٌ واللحمة» ٠‏ فإِنَّ رغباتّئا لا بد لها أنْ تجوعَ وتغتذيّ كما لا بدَّ من مثل ذلك 
لبطونناء لِيُوحِدَ كل منهما حياته فى الحياة؛ والأمورٌ المطمئنة كهذه التى أنت فيها 
هي للحياةٍ أمراض مطمئنة» فإِنْ لم تَنَقّصُ من لذتها فهي لن تزيدٌ في لذتهاء ولكن 
مكابدةً الحياةٍ زيادةٌ في الحياةٍ نفسِها. 

وسر السعادة أنْ تكونَ فيك المُوَى الداخلية التي تجعلٌ الأحسنٌ أحسن مما 
يكون» وتمنمٌ الأسواً أنْ يكونَ أسوأ مما هوء وكيف لك بهذه القوةٍ وأنت وادعٌ قارٌ 
محصورٌ مِنَ الدنيا بِينَ الأيدي والأرجل؟ إِنْك كالأسدٍ في الققّصء صَعْرَتْ أَجَمَنهُ 
ولم تزل تصعُر حتى رجِعَث فَُمّصاً يحذه ويحبسّه. فصثْرٌ هو ولم يزل يصغر حتى 
اصبخ تحركة فى اجلد 101 اناافاسد علن مخابي زوراة أنيابي » وعَيِضتي أبداً تنّسمٌ 
ولا تزال تتسعٌ أبداً» وَإِنَّ الحرية لتجعلني أتشمَّمُ مِنَ الهواء لذةً مث لذةٍ الطعام» 
وأستّرُوحُ مِنَ التراب لِذةٌ كلذةٍ اللحم» وما الشقاء إلا خَلََّانِ"'' من خلال النفس: 
أمّا واحدةٌ فأنْ يكونَ فى شَرَهِكَ”' ما يجعلٌ الكثيرٌ قليلاً» وهذه ليسَتْ لمثلى ما 
دمْتٌ على حدٌ الكفَّافٍ مِنّ العيش”© ؛ وأما الثانية فأنْ يكونَ فى طمعِكٌ ما يجعلٌ 
)١(‏ خلتان: مزيتان. 


(؟) الشره: شذة الأكل. وكثرته. 
(*) الكفاف من العيش : القليل منه. 


1: 


القليل غيرَ قليل» وهذه ليس لها مثلي ما دمْتُ على ذلك الحذ مِنَ الكفاف. 
امياد والعية كالسي اباط كنينا موفتل الداك لمن قبل الأسنات 
والعتل فذق تحار اها سيان براه رسن مكد بعر داعا يا 1 

ولقد كنتُ الساعة أخْتِلُ فأرةً أنجخحرث في هذا الشقٌ» فطَعِمْتٌ منها لذهٌ وإِنْ 
لم أطعم لحماء وبالأمس رماني طفلٌ خبيتٌ بحجر يريد عَقْرِي فأحدَتٌ لي وجعاً؛ 
ولكنٌ الوجع أحدتٌ لي الاحتراس» وسأغشّى”'' الآنَ هذه الدارَ التي بإزائناء فأيةُ 
لدنافي العام خط والاتجراي رالاضهات يم الونب شذاً بعد ذلك؟ هل ذفت 
أنت بدذوجك لذةً الفُرصة والنهزة ا 00 
واستراقي الغفلة من فأرةٍ أو جُرَذء أو أدركت يوماً 6 النجاةٍ بعدَ الرّوَغانِ!*' من 
عابثٍ أو باغ أو ظالم؟ وهل نالئْك لذَهٌ الظمّر حين هَوَلَْكَ طفلٌ بالغمربء فهوَّلتَهُ 
أنت بالعض والعَقْرء ففرَ عنك منهزماً لا يلوي؟ 

قال السمين: وفي الدنيا هذه اللذاثُ كلّها وأنا لا أدري؟ هلم أتوحش معك»ء 
ليكونّ لي مثلّ كرك ودهائك وأحتيالك؛: فيكونَ لي مثلُ راحتك المكدودة؛ ولذتك 
العف وشمرك اللمشكرع عليه منك وحدك وساتضدى مكك للرزق أطارذة 
وأوائّبهء وأغاديه وأراوخه.. فقطعٌ عليه الهزيلٌُ وقال: 

يا صاحبي» ِنّ عليك من لحمك ونعمتك علامة أسرك» فلا يلقانا أول طفلٍ 
إِلّا أموى لك فأخذك أسيراء وأهوى عَليّ بالضرب انلق حش أء عابم على ينوكف 
بلاء. وأنت بنفسك بلاءً عَلَىْ . 

وكانتٍ الفأرةٌ التي أنجحرث قد رأَتْ ما وقعّ بيتهماء فسرّها أشتغال الشرّ 
بالشر. وطالَتُ مراتقبئُها لها حتى ظئّت الفرصة ممكنة. فوبَّتُ وثبة مَنْ ينجو 
بحياته ودخلّثْ في باب مفتوحء ولمحَها الهَزيل» كما تلمح العينُ برقاً أومض 
وَأنطفاً. فقال للسمين : اذهب راشداًء فحسيّك الآنَ مِنَ المعرفة بنفيك وموضعها 
منّ الحياة» أن الوقوفٌ معكٌ ساعةً هو ضياع رزق» وكذلك أمثانّك ذ في الدنيا» هم 


بألفاظهم في الأعلى وبمعانيهم في الأسفل. . 


(؟) النهزة: استغلال الفرصة وانتهازها. () الروغان: الخداع للتخلص من مأزق. 


)١(‏ سأغشى: سأدخل . () المخالسة: السرقة خلسة. والمباغتة. 


نين خزوثين 

«اجتممٌ ليلةَ الأضحى خروفانٍ من أضاجي العيد» فتكلّما؛ فماذا يقولان؟». 

هذا هو الموضوعٌ الذي استخرجَهُ أصغرٌ أولادي (الأستادٌ) عبدُ الرحمن» 
وسألني أنْ أكتب فيه للرسالة» وهو أَصِغْرٌ قرائها سئاء تَرْفُْ عليه النّمةٌ العالثة 
عشرةً من ريبع حياته بارك الله له فيها حاضرةٌ ومُقيلة . 

ولأبخا دن عا كلمة هس كناة: الكام رد فى القواف #يشفظيا حلط افد 
تعيل عن تددعمياء ولا شر هن تاف رهن هذه الكلمةٌ العربية : «كالفمّرس 
الكريم في مَيْعَةِ حضره؛ كلما ذهب منه شَوْطْ جاء شّوط». فهو يعلمُ من هذا أن 
كرمَ الأصل في كرم الفعل» ولا يعني شيء منهما عن شيء؛ وأنَّ الدمّ الحرّ الكريمَ 
يكونُ مُضاعَفَ القَّوةٍ بطبيعته؛ عظيمَ الأمل بهذه القوةٍ المضاعّفة» نرّاعاً إلى السب 
بمقدارٍ أُمَلهِ العظيمء مترفعاً عن الضعف والهُوينا بهذا النّزوع» متميزاً في نبوغ عمله 
وإبداعه باجتماع هذه الخصال فيه على أتمّها وأحسنها. فمن نَم لا يَرمي الحرٌ 
الكريمٌ إِلّا أنْ يبلَعَّ الأمَدَ الأبعدَ في كل ما يحاولهء فلا يألو أن يبذل جهده إلى غايةٍ 
الطاقة ومبلغ القدرة؛ مستمذاً قوةٌ بعد قوة» محقّقاً السحرّ القادرٌ الذي في نفسِهء 
متلقياً منه وسائلّ الإعجاز في أعمالهء مُرسِلاً في نبوغِه من تومّج دمه أضواءً 
كأضواء النجم» تُتَبتُ لكل ذي عينين أنه النجمُ لا شيء آخر. 

ولما قَدّم إليَ (الأستاد) موضوعّه في هذا الوزن المدرسيّ - وأظئُهُ قد نَرَعَنْه 
حاجةٌ مدرسيةٌ إليه ‏ قلتُ: بأ وكرامة. وهأنذا أكتبهُ منبعثاً فيه «كالفرس الكريم في 
معيةٍ خضره». ولعلّ الأستااً حينَ يقرؤه لا يوّرٌ فيه علاماتٍ كثيرةً بِقَلَمِهٍ 


4 


الاحمر...! 


اجتممٌ ليلة الأضحى خروفانٍ منّ الأضاجي في دارنا: أما أحدّهما فكبنش 

أَقْرَنُء يَحملٌ على رأْسِه من قرنيهِ العظيمين شجّرةٌ السنين» وقَدٍ أنتهى سِمَئْه حتى 

ضاق جِلْدُه بلحمه؛ وسّمّ بدنه بالشحم سحا فإذا تحرّك خِلْتهُ سحابة يضطربٌ 
اه 


بعضّها في بعضء» ويهترٌ شيءْ منها في شيء؛ وله وافِرة' ' يجرها سَبَعّ صُوئُه 
وأستككف وتراكمٌ عليهء فإذا مشى تَبَخْترَ فيه تَبِخْثُرَ الغانية في حُلتهاء كأنّما يشعرٌ 
مثل شعورها أنه يلبسسٌ مَسَرَاتِ جسهه لا ثوب جسيه؛ وهو من أجتماع قوَتّه 
وجبِرُوتِه أشبهُ بالقلعة» ويعلوها من هامته”'" كالبُرج الحربي فيه مدفعانٍ بارزان. 
وتراهٌ أبداً مُصَعْراً حذَاً كأنه أميدٌ منّ الأبطال» إذا جل حيث كان شعّر أنه جالنٌ 
في أمره ونهيهء لا يَخْرجٌ أحد من نهيه ولا أمره. 

وأما الآخرٌ فهو جَذَعَ في رأس الجَوْلٍ”" الأول من مَؤْلدِه لم يُدْرِكُ بعد 
أن يُضَحَىء ولكنْ جيء به للقَرّم إلى لحمه العَض؛ فالأول أضحيّةٌ وهذا أكُولَة؛ 
وذاك يُتَصَدَقُ بلحمه كله على الفقراءء وهذا يُتصدق بُِلُئِيهِ ويبقى العلتُ طعاماً 
لأهل الدار . 

وكانَ في لينه وتَرجِرّجِهِ وظرفٍ تكوينه ومرّح طبعه» كأنما يُصوّرء لك المرأة 
آنسةً رقيقة مُتودٌدة. أما ذاك الضخمُ العاتي المتجِبْرُ الشامحُ: فهو صورةٌ الرجل 
الوحشي أَحْرجنْهُ الغابةٌ التي تُخرجٌ الأسدّ والحيةً وجذوعٌ الدّوْحةٍ الضخمةء 

وكانٌ الجِذَعٌ يَفْمْ لا ينقطع تُغاؤه؛ فقد أَخِدٌ من قطيعه أنتزاعاً فأحس 
الوحشة, وتنبهّث فيه غزيرةٌ الخوفٍ منّ الذئب»ء فزَادَنّه إلى الو حشة فَلَقَاْ وأضطراباً؛ 
وكانَ لا يستطيعٌ أن يَنْفلِتَء فهو كأنّما يهربُ في الصوتٍ وبعدو فيه عدذوا. 

أما الكبشٌ فيّرى مثلّ هذا مَسَبّةَ لقرنيه العظيمين» وهو إذا كان في القطيع كان 
كبشّه وحاميّه والمُقدّمَ فيه» فيكونُ القطيعٌُ معه وفي كَنَفِه ولا يكونُ هو عند نفسه مم 
القطيع ؛ فإذا فقد جماعتّه لم يكن في منزلةٍ المنتظر أنْ يَلحقّ بغيرِه ليحتمي به فَيقَلقَ 
ويضطربء. ولكنه في منزلة المرتقب أن يَلحَقّ به غيره طلبا لحمايته وذماره» فهو 
ساكنٌ رابطٌ الجاش مغتبطٌ النفس» كأئما يتصدّقٌ بالانتظار. 

ترد يننا 


فلمًاأديّر النهارٌُ وَأقبلَ الليلٌء جِيء للخروفينٍ بالكلا“ من هذ 


)١(‏ الوافرة: الألية العظيمة» ويقال كبش أليان إذا كان عظيم الألية. 
(؟) هامته: رأسه . 
(*) الحؤل: السنة. (5) الكلا: العشب. 


ون 


البرسيم”''يَغتلفايه”"". فأحسسٌ الكبشٌ أن في الكلأ شيئاً لم يدرٍ ما هوء وأَنقبِضَتْ 
نفسُّه لِمَا كانت تنبسط إليه من قبل» وغَرّتهُ كابة”" من روجهء كأنّما أدركث هذه 
يُذْبح» وعَافٌ أن يَطْعَمِء ورجّع كأرّلٍ فِطامِه عن أمه لا يعرفٌ كيف يأكلء ولا 
عَتَاوَك من أكله إلا أدنى تناوؤل . 

وكأنّما جَتَم الظلامُ على شحيه ولحمه؛ فإنه متى تَقُلَ الهم على نفس من 
الأنفس. ثُقّلَ على ساعتها التي تكونُ فيهاء فتطول كآبنُها ويطول وقتُّها جميعاً. 
فأراد الكبشٌ أنْ يتفرّجَّ مما به؛ ويُّمّسَ عن صدرو شيئاًء وكان الصغيرُ قد أنسّ إلى 
ل اي ا كس ارش افاركا ب 
القدرّ طريقه علينا في هذه الليلة» فهو مُضْبِحُنا ما من ذلك بُذ. 

قال الصغير: أتعنى الذئب؟ 

قال: لينَهُ هوء فأنا لك به لو أنّهِ الذئب؛ إِنَّ صوفي هذا دِرْع منْ أظافره» 
وهو كالشبكة يَنْسَّبُ فيها الظفرٌ ولا يتخلّصء ومن قرنيّ هذين نُرْسٌ ورُمحء فأنا 
وائقٌ من إحراز نفسي في قتله» ومن أحررٌ نفسَّه من عذوهٍ فذاك قتلّ عدوه. إن لم 
يقتله فقد غَاظَه بالهزيمة» وذاك عند الأبطالٍ فنّ م مِنَ القتل. وهذا القَرِنُ الملتف 
الأعقدٌ المذّد كالشنان0* لا يكاد يراه لاعت ع حاطمة عظامه. 
فِحدُتُ له مِنَ الف ما تنح به قوَّنّهء فما يُوائبنى ني إلا مُتَخَاذلاء رلا يُقَدِمُ على إلا 
نَوَهُمَ التقئة للحروكة: فإِنَّ أساسٌ القوةٍ والضعفي كليهما في السّوس والطبيعة» 
ا عه . افما يُعَلّمُهُ ذلك إلا 

أو التطويحٌ به من فوقٍ هذا القرّنء أَقُذْفُه قذفةٌ عاليةٌ تُلقيه من خبالقي» نتدقٌ 

8 0 قوائمه! 

قال الصغير: فماذا تخشى بعد الذئب؟ إِنْ كانّتِ العصا فهى إنما تضربُ منك 
الصوف لا الظهر. 
)١(‏ البرسيم: ضرب من الأعشاب يستعمل علفاً للحيوانات العشبية. 
(؟) يعتلفانه : أي يتغذيان عليه . (*) عرته كآبة: أحن بالحزن. 
(5) يخضم الكلأً: يمضغه. 
(5) المذرّبٍ كالسنان: المشرّع والمهيأ للقتال. 


ون 


قال الكبش: ويحك! وأيْ خروفبٍ يخشى العصا؟ وهي إنما تكونُ عصا مَنْ 
يَعَلِفَهُ ويّرعاهء فهي تنزلٌ عليه كما تنزل على ابن آدمّ أقدارٌ ربو لا حطماً ولكنْ 
تأديباً أو إرشاداً أو تهويلا"''؛ ومن قيْلها النعمةً؛ وتكونُ معها النعمة» وتجيءٌ 
بعدّها النعمة؛ أفبلغ الكفْرُ ما يبلغٌ كمّر الإنسانٍ بنعمة ربّه: إذا انع عليه اعر: 
ونأى”"' بجانبه» وإذا مسّه الشرٌ انطلق ذا صُراخ عريض؟ 

وكيف ترانى (ويحَك) أخشى الذئبَ أو العصاء وأنا من سُلالة الكبش 
الأسديّ؟ ْ 

قال الصغير : وما الكبشٌ الأسدي» وكيف علفتٌ أنك من نَجْلِه. ولا علّْمَ لي 
أنا ِل هذا الكل والعلفٌ والماءً والمَرَاحُ”” وَالْمَغْدى؟ 

قال الكبش: لقد أدركتُ أمي وهي نعجةٌ قَحْمةٌ”'' كبيرة» وأدركتُ معها 
ججدتي وقد أفرط عليها الكبدُ حتى ذهب فمُهاء وأدركتٌُ معهما جدّي وهو كبشل 
هَرِمٌ مُتَقَدَدْ أعجف””' كأنّه عظامُ ؛ مُغْطاة» فعن هؤلاءٍ أَخذْتٌ وروّيتٌ وحفظت: 

حدتّني أمي؛ عن أبيهاء عن أبيه؛ قالت: إِنَّ فخرٌ جنسنا منّ الغنم يرجع إلى 
كبش الفداء الذي قَدَى الله بِهِ إسماعيلٌ بْنّ إبراهيعَ عليهما السلام وكان كبشاً أبيض 
أَقْرَنَ أغينَ» اسمه خرير 

(قال): وأعلم يا ابنَ أخي أنَّ مِمّا آنفردثُ أنا به منَ العلم فلم يُدركْهُ غيري» 
أن جدنا هذا كانَ مكسواً بالحرير لا بالصموف» فلذلك سُميَ حريراً. 

(قالّثْ أمي): والمحفوظ عند علماثنا أنَّ ذاك هو الكبش الذي قَرّبه هابيل 
حين قُتَلَ أخاه» لتتم البليةُ على هذه الأرض بدم الإنسانٍ والحيوانٍ معاً. ْ 

(قالوا): فََقْبَلَ منه وأَرسِلّ الكبشن إلى الجنةٍ فبقي يرعَى فيها حتى كان اليوم 
الذي همٌ فيه إبراهيمُ أن يذبّح ابه تحقيقاً لرؤيا النبوّة» وطاعة لما ابُلِيّ بو من ذلك 
الامتحان» وِليْبِتَ أن المؤمنّ بالله إذا قُويَ إيمائه لم يجزغ من أمر الله ولو جَرَ 
السكينَ على عُدُّق ابنِه. وهو إِنَّما يجرُها على ابنه وعلى قلبه! 

(قالت) فهذا هو فخر جسنا كله . 


)١(‏ تهريلاً: إخافة 
64 00 (4) نعجة قحمة: طاعنة بالسن» مسئة. 
زفرة المر اح : الحظيرة» حيث مبيت السائمة . )2 أعجف : هزيل . 


6 





أمّا فخرُ سُلالتي أناء فذاك ما حدئَّئْني به جََدَّتيء ترويه عن أبيهاء عن 
جَدّهاء وذاكَ حينَّ توسَّمَتْ في مَحْايلَ”'' البُطولة؛ وَرَجَتْ أنْ أحفظ التاريخ . 
قالت: إن أصلّنا من دِمّسْقء وإنه كانَ في هذه المدينة رجلّ سَبَّاعء قدٍ أتخذّ 
شِبْل أسدٍ فربّاه وراضه حتى كبرء وصار يطلب الخيل» وتأذَى به الناس» فقيل 
للأمير”'“2: هذا السبْع قد آذى الناس». والخيلٌ تنقّر منه وتجدٌ من ريحه ريح 
الدوزت: وهو فا يرال زائقا لل ونينات على هزه" بالقرن امن ؤارك: فاك" 
فجاءً به السبَاعٌ وأدخله إلى القصرء ثم أمَر بخروفي مِمًا الكذ كن ليقو التي 
وأدخلوه إلى قاعة؛ وجاءً السبَّاعٌ فأطلىَ الأسدّ عليه؛ واجتمعوا يرون كيف 
يَسطو به ويفترسُه . 

قالث جَدّتي: فحدّئّني أبي» قال: حذّتي جَذّكَ: أن السبّاع أطلقٌ الأسد من 
ساجُورو'* وأرسلهء فكانتٍ ألمعجزةٌ التي لم يَفْرْ بها خروفٌ ولم تؤثَّرْ قط إلا عن 
جَدّناء فإِنّه حَسِبَ الأسدّ خروفاً أجمَ لا قُرونَ لهء ورأى دقة خّصرهء وضَمورَ 
جنبيه» ورأى له ذيلاً كالألية المُفْرَّغة الميتة» ٠‏ فظنّهُ من مَهَازِيلٍ الغئم التي قتلّها 
الجَدبء وكان هو شَبْعان ريّان» فما كَذبَ أنْ حمل على الأسد ونطحهء فانهرّم 
السبّعٌ مّما أذهلَة”*' من هذه المفاجأةٍ وحسِب جدَّنا سَبُعاً قد رَادَهُ الله أسلحةً من 
قرنيهء فاعتراة الخوفٌ ا وطمع جَدنا فيه فاتبعه» وما زال يُطاردهة 
وينطحه والأسدُ يفرُ من وجهه ويدورُ حول البزكة. والقومٌ قد غلبهمٌ الضفحك. 
والأمي ما يملك نفسّه إعجاباً وفخراً بِجَدْنًا. فقال: العداضي لبمة خذوه 
فأخرجوه» ثم أذبحوه. ثم أسلّخوه . فأخذ الأسدُ وذبح» وَأَعيقٌ جَدّنا مِنَ الذبح» 
وكان لنا في تاريخ ا إنسانها وحيوانها أثران عظيمان؛ فَجَدِّنا الأول كان فداءً 
لابن نبيَ» وجََدُنا الثاني كان الأسدٌ فداءه! 

د د ين 


)١(‏ مخايل: دلاثئرء ظواهر. 

(؟) هذه القصة شهدها الأمير الأديب (أسامة بن منقد: المتوفى سنة 48885ه»ء وقصّها فى كتابه 
«الاعتبار»: والأمير المذكور في القصة هو (معين الدين) وزير شهاب الدين محمود. ْ 

(7) السُدّة: المرتفع من الأرض. 

(5) الساجور. سللة الأسد والكلب ونحوها. 

(5) أذهله: أدهشه. (1) لا يلوي: لا يلتفت. 


قال الكبش : هذه السنَّةٌ الجارية بعد جَدَنا الأعظم» وهي الباقية آخرٌ الدهر؛ 
فينبغي لكل مِنّا أن يكونٌ فداء لابن آدم! 

قال الصغير: ابنُ آدمّ هذا الذي يحَدُمُنا ويحتزٌ لنا الكلأء ويقدم لنا العلّف», 
ريمشى وراءنا فنسحبّه إلى هنا وههنا. . . . ؟ تالله ما أظنٌ الدنيا إلا قد انقلبّتء أؤ 
لاء قالع يز لكا د ا اقلا كدزك بحرت ْ 

قال الكبش: ويحكٌ يا أبله! متى تتحلُّلُ هذه العقدهٌ التي في عقَلِك؟ إنك لو 
علمت ما أعلّم لَمَا اطمأنْت بك الأرضء ولرَجَعْتَ مِنَ القّلقٍ والاضطراب كحبة 
القمح في غِربالٍ يهتزٌ وينتفيض! 

"قال الضعية” أتعني ذلك الغربال وذلك القمحَ وما كان في القرية» إِذْ تناولُتٌ 
به الدارٍ غرباها تنفُض به قمحّهاء فخافلتُها ونطخْتُ الغربال فانقلّب عن يدها وانتثرٌ 
الح» فأسرغْتٌ فيه ألتقاطاً حتى ملات فمي قبل أن تُزِيحَني المرأةٌ عنه؟ 

فهرّ الكبش رأسّه فِعْلٌ مَن يريدٌ الابتسامَ ولا يستطيعْهء وقال: أرأيْتَ حانوتت 
المَصابء ونحن نمرّ اليوم في السوق؟ 

قال: وما حانوتٌ القصَّاب؟ 

قال: أرأيت ذلك السَّلِيحَ مِنَ الغّنم البيض المُعلّقةِ في تلك المَعاليق: لا جِلْدَ 
عليها ولا صُوفء وليس لها أرؤسٌ ولا قوائم؟ 

كال الصغير: وما ذاك السّليخ؟ إنه إن صح ما حدَثتني به عن أمّك» فهذه غنم 
الجنة» تبي ترعى هناك ثم تجية إلى الأرض مم الصبح» وإني لمترقبٌ شمسٌ 
الغدء لأذهبّ فأراها وأملأ عينيّ منها. 

قال: اسمع أيها الأبله! إن شمس الغد ستشعّْر بها من تحتّك لا من فوقِك. . 
لقد رأيْتُ أخى مذ كنت جَذَّعا متلك؛ ورأيْتُ صاحبّنا الذي كان يعلِقّه وَيُسَمئُهِ قد 
أن واميحس: فجَئّم على صدره شرا مِنَ الذئب» وجاء بِشَفْرةَ بيضاءً لامعةء 
فجرّها على حلقهء فإذا دَمُّهِ يَشْحَبُ ويتفجّرء وجعل المسكينُ ينتفض ويَدْخص 
برجله. ثم سكن وَبَرد؛ فقامٌ الرجلّ فَفَصَلَ عنقّهء ثم نخس في جلده ونفحّه حتى 
تَطْبَلَ ورجعٌ كالقربةٍ التي رأيتها في القَّريةِ مملوءةً ماء فحسِبْتها أَمّك؛ ثم شق فيه 
شقَّاً طويلاً. ثم أدخل يده بِينَ الجلدٍ والصَفّاق”'2. ثم كشّطه”" وسَحَفَ”" الشّحم 


)١(‏ الصّفاق: الجانب. (1) كشط: أزال الجلد عن اللحم. (7) سحف: كشط. 


كم 


عن جِتّبِيه» فعاد المسكينٌ أبيض لا جلدَ له ولا صوف عليه» ثم بَقَر بطئه وأحرّج ما 
فيه» ثم حطم قوائمهء ثم شذه فعلقه فصارَ سَليِحا كغنم الجنة التي زعمْتٌ! وهذا - 
أيّها الأبله ‏ هو الذبحٌ والسلخ! 

قال الصغير: وما الذي أحدتٌ هذا كلّه؟ 

قال: الشَّفْرةٌ البيضاءً التي يسمونّها الشكين! 

قال الصغير: فقد كانّتٍ الشفرةٌ عند حلقِهِ حِيالَ فمه؛ فلماذا لم ينتزغها 
فيأكلها؟ 

قال الكبش: أيها الأبلهُ الذي لا يعلمُ شيئاً ولا يحفظ شيئأء لو كانت خضراء 
لأكلها! 

قال: وما خَطبُ أنْ تجية الشّفْرةٌ على العنق» أفلم يكن الحبلّ في عنقِكَ 
أنث عملت تجاذت نيه الرجا حكن اعييتة*'؟4دؤلولا أنن حفيث أناتك" للنا 
أَنْقَدْتَ له؟ ْ 

قال الكبش: ما أدري والله كيف أفهّمُك أن هذا كله سيجري عليك» فسكوىق 
أموراً تُنَكِرُهاء فتعرف ما الذبح والسلخ» ثم تصيرُ أشلاء”'' في القدور تُضْرَم عليها 
النارء فيأكلك ابن آدمَ كما تأكلّ أنْتَ هذا الكلا. . ! 

قال الصغير: وماذا علي أن يأكلني ابن آدم. ألا تراني آكلٌ العُشْبء فهل 
سمغت غُوداً منه يقول: الرجُلٌ والسكينء والذبح والسلخ. . .؟ 

قال الكبشٌ في نفيه: لَعَمري إن قوةٌ الشباب في الشباب أقوى من حكمة 
الشيوخ في الشيوخء وما نَفْعُ الحكمة إذا لم تكن إلا رأياً له ما يمضيهء كرأي 
الشيخ الفاني» يرى بعقله الصواب حينَ يكونُ جسُّمه هو الخطأ مركَّباً في ضعفه 
غَلطهٌ على غلطةٍ لا عُضواً على عضو. . .؟ وهل الرأيُ الصحيحٌ للعالم الذي نعيش 
فيه إلا بالجسم الذي نعيش به؛ وما جَدْوَى”" أنْ يعرف الكبيرٌُ حكمة الموت؛ وهو 
مِنَ الضعفٍ بحيث تنكسرٌ نفسُه للمرض الهيّنء فضلاً عن المرض المُعْضِل”': 
تفيل عه العرفن: القزن ١‏ ساد عرد العوت نقحي كرضا خطن أن يدكيز الشناث 
تلك الحكمة؛ وهو من قوةٍ التفس بحيث لا يُبالي الموتّ» فضلاً عن المرض؟ 


. أعيته: أتعيته , (*) جدوى: نفع.: حاجة‎ )١( 
. الأشلاء: القطع. (5) المرض المعضل : المرض القاتل الفتّاك‎ )0( 
لاه‎ 


ل أذ الشابٌ منّ الفتيانٍ بيوم أنقطاع أجل وعلم أنه مُضْبِحَُهُ أر ممسيهء 
ا الح الريلة» 0 
59 ولو دن لعي يرغ تشاع وأيقنٌ أنَّ له مُهْلةً | إلى اتعام الخؤل: : لطارَ به 
الذَعْرٌ واستفرَغه الوجَلٌ”'' من ساعته؛ ورأى يومّه البعيدَ أقربٌ إليه مِنَ الصبح» 
وأبتلئه طبيعةٌ جسيه المختلّ بالوساوس”" الكثيرة؛ تجتلبُها كما تجتلبُ الرياح 
صُدوعٌ المنزلي"" الْخَرب ب. فذاك بالشباب يقبض على الزمن؛ م 
القصير مثل العام رَحياً ممدوداً؛ فهو رابط جَلْد؛ وهذا بالكبّر يقبض الْرَمنٌ عليه 
فيعيشٌ في العام الطويلٍ مثل اليوم متلاجقاً آخرة بأَلِهء فهو قَلِقّ طائر. ولا طبيعة 
للزمن إلا طبيعة الشعور بهء ولا حقيقة للايام إلا ما تضعْهُ النفسٌُ في الأيام . 

تند تند ين 

ثم إن ا لكبشٌ نظْرَ فرأى الصغيرَ قد أَخلنهُ عيئه وَاستَتْقَلَ نومأء فقال: هنيئاً 
لمن كان فيه سر الأيام الممدودة. إِنْ هذا السرّ هو كسِرٌ النباتِ الأخضرهء لا يُقْطْمْ 
من ناحية | إلا ظهر من غيرها ساخراً هازئا» قائلاً على المصائب: هأنذا. 


فهذا الصغيرٌ ينامٌ مل عينيه والشفرةٌ محدودةٌ له والذبخ بعد ساعاتٍ قليلة؛ 
كأنما هو في زمنين؛ أحذهما من نفسه» فبه ينامٌّء وبه يلهو» وبه يسَحَرُ م مِنَ الزمن 
الآخر وما فيه وما يجلبُه. 

إن الألمَ هو فهمٌ الألم لا غير. فما أقبحٌ عِلمَ العقلٍ إذا لم يكن معه جهلٌ 
النفس به وإنكارها إيّاه! حَسْبُ العلم والعلماء في السخرية بهم وبهِ هذه 1 
النفس. أنا لو ناطختُ كبشاً من قروم الكباش”*2) ووقفْتُ أفكرٌ وأدبَرُ وأتأما 3 
وأعتبرُ شيئاً بشيء ‏ ذهب فكري بقوتي» واسترخى عَصَّبِيء نجل عهبي كله 
وكان العلمٌ وبالاً علىَ؛ فإِنَّ حاجتي حينئذٍ إلى الروح وقواها وأسبابها أضعافٌ 
حاجتي إلى آلعلم. والروحٌ لا تعرفٌ شيئاً اسمّه الموثٌّ؛ ولا شيثاً اسمّه الوججم؛ 
وإنما تعرفٌ حظها مِنّ اليقين». وهدوةها بهذا الحظء واستقرارّها مؤمنةً ما دام 


هادئةٌ مستقنة . 





)١(‏ استغرغه الرجل : ذهب بعقله الخوف. (*) صدوع المنزل: شقوقه. 
(؟) الوساوس: الهموم. (4) قروم الكباش: الفحول الممتلثئة شهوة وقوّة. 


ممه 


وقد والله صَدَقَ هذا الجِذَعٌ الصغير؛ فما على أحدنا أن يأكله الإنسان؟ وهل 
أكلنا تعن هذ النشت» راك الأتسان إثاناء وأعل العوت للؤسان هل كن ذلك 
إلا وضمٌ للخاتمة في شكل مِنْ أشكالها؟ 

يُشْبهُ والله إِنْ أنا احتتججتُ على الذبح واغتممتٌ له. أنْ أكونَ كخروفٍ أحمقّ 
ل ل ل ا 
خليه بتكا وغل أرجت تعني علق الإنسان إلا نحص ؟ وإذا اشير وله فلعسرى عا 
ينبغي لي أن أزعمّ أنه ظلمّني : ني اللحمَّ إلا إذا أقرّرْتُ على نفسي بَديَاً أني أنا ظلمته 
العَلّفَ وسرقته منه . 

كل حن فَإنّما هو شية للحياة أَعْطِيّها على شرطها» وشرطها أن تنتهي» 
فسعادته فى أنْ يعرف هذا ويمَرَرَ نفسّه عليه حتى يستيقئّه؛ كما يستيقنٌ أن المطنّ 
أولُ فصل الكلا الأخضر . فإذا فعل ذلك وأيقنَ وأطمأنْء جاءت النهايةٌ متَمّمَةً له لا 
ناقصة إيّاهء وجَرَث مع العمر مجَرّى واحداً وكانَ قد عرفّها وأَعَدَ لها. أما إذا 
حب الحيّ أنه شي في الحياة» وقد أعطيّها على شرطه هرء 0 
البقاء والنعيم؛ ٠‏ فكلٌ شقاء الحيّ في وهم ذاك؛, وفي عمَلِهٍ على هذا الوهم؛ | 
تكونُ النهايةٌ حينئذٍ في مجيئها إِلَّا كالعقوبة أَنَزِلَتْ بالعمر كله وتجيءٌ هُ هادمة 
منخّصة» ويبلغٌ من تنكيدها أن تسبقّها آلامُها؛ فتؤلِمَ قبل أنْ تجيءء شرًاً مما تُؤْلمْ 
حَينّ تجيء! 

لقد كان جَدَي ‏ واللَّهِ - حكيماً يوم قال لي: إِنَّ الذي يعيش مترقباً النهايةً 
يعيش مُعِدَا('' لها؛ فإن كان مُعِدَاً لها عاش راضياً بهاء فإن عاش راضياً بها كان 
عمرًه في حاضر مستمرء كأئه في ساعةٍ واحدة يشِهِدٌُ أولها ويُحَسُ آخرّهاء فلا 
يستطيعُ الزمنُ أن يننْصٌ عليه ما دام ينقادٌ معه وينسجمٌ فيه» غير محاول في الليلٍ 
أنْ يُبِعِدَ الصبح» ولا في الصبح أنْ يُبعد الليل. قال لي جََدَي: والإنسانٌ وحدّه هو 
النَّعَسُ الذي يحاول طرد نهايتّه» فيشقَّى شقاء الكبش الأخرق الذي يريد أن يطرة 
الليل: فيبيتُ ينطح الظلمة المُتدَجِيةَ على الأرض» وهر لحمقه يظنٌ أَنُّ ينطح الليل 
بقرنيه ويزحرخه. . .! 

وكم قال لي ذلك الجَدُ الحكيمٌ وهر يعِظني : إِنَّ الحيوانٌ مِنّا إذا جمعٌ على 


)١(‏ مُعِدًَا: مستعدًا. 


8ه 





نفيِه هما واحدأء صارَ بهذا الهم إنساناً تَعِساً شقيّاًء يُعطّى الحياةً فيقلْبُها بنفيه شيئاً 
كالموت؛ أو موتا بلا شيء. . .! 
ع 

وتحرّك الصغيرُ من نومه» فقال له الكبش: إنه ليقع في قلبي أنّكُ الساعة 
كنتَ في شأنٍ عظيمء » فما بالك منتفخاً وأنت ههنا في المنْحَرٍ لا في المرعى! 

قال الصغير: يا أخا جََدَي. . . لقد تحققّثُ أنَّكَ هَرِمْتَ وحَرفْت» وأصبختت 
تَمْحُ اللُعابٌ والرأي: . 1 

قال الكبش: فما ذاك ويلك؟ 

قال: إنك قَلْتَ: إِنَّ هذا الإنسان غادٍ علينا بِالشْفْرةٍ البيضاءء ووصفْت الذبح 
والسلحٌ والأكل؛ وأنا الساعة قد نمْثُ فرأيثُ فيما أرى» أنني نطخث ذاك الرجل 
الذي جاءً بنا إلى هناء وهِجْتٌ به حتى صرغتّه ثم إنْي أخذّث الشفرة بأسناني» 
فتلمْته في نحره حتى ذبختُه» ثم افتلّذث”") 
واللَّهِ - فيما عرئْتَ لَحَناً ولا عَفَنا في الكلأ هو أقبح مذاقاً منه! 

إِنَّ الإنسانَ يستطيبُ لحمَّناء ويتغْذّى بناء ويعيش علينا: فما أسعْدنا أنْ نكون 
لغيرنا فائدةً وحياة؛ وإذا كان المَناءُ سعادةً تُعطيها من أنفسناء فهذا الفناءٌ سعادةٌ 
نأذّها لأنفينا. وما هلاكٌ الحيّ لقاة منفعة له أو منفعةٍ منه إلا أنطلاق الحقيقة التي 
دبافة جاه ارك عدر ناعالفك عير انسل اععاني: ْ 

قال الكبِينَ: لقه سدافة < والله د ونصخ بيذا أعفل واعوث يو الإتشان؛ 
إنهُ يقضِي العمرّ آخذاً لنفسه» متكالباً”"' على حظهاء ولا يُعطِي منها إلا بالقَّهِرِ 
وَالغَلْبَةٍ والخوفي. تعال أيّها الذابح» تعال خذّ هذا اللحمَ وهذا العيثم + تمان أنها 
الإنسانٌُ لِتُعطِيّك ؛ تعال أيُّها الشحاذ. . 


منه مُضْعْةَ فَلْكُتُّها في فمي ؛ فما عرئْتُ ‏ 


)١(‏ افتلذ: قطع قطعة. 
(؟) متكالباً: يسعى حريصاً عليها بكلّ ما أوتي من قوّة. 


"9 


الطفولتان 

(عصمت) ابنُ فلان باشا طفلٌ مُتْرَفُ يكادُ ينعصرٌ لِيناء وتراهً يَرِفُ رَفيفاً مّما 
كر كأنَّ لروجه مِنَ الرّقةِ مثلَ ظلَّ الشجرة حول الشجرة. وهو بين 

3 منَ الصَّبِيانٍ كالشّوكة الخضراء فى أُمُلودِها(" الريّان0”'» لها منظرٌ الشوكة؛ 
ا م 

وأبوهُ «فلان» مديرٌ لمديرية كذاء إذا ستل عنه ابنّه قال: إنه مديرُ المديرية. لا 
يكادٌ يعدو هذا التركيب» كأنّه من عُرورٍ النعمة يأبى إِلّا أن يجعلّ أباه مديراً 
ونين :... ..,وكقيراً ما تون التععة :بذيثة وقاجا سيد الأدنياق لاد الأغنياءء 
وكثيراً ما يكون الفِنى في أهله غِنى مِنَ السيناتٍ لا غيرا 0 

وفي رأي (عصمت) أنَّ أباه من عُلُوَ المنزلة كأنهُ على جناح النّسرٍ الطائر في 
ا ا ار 
أجنحة الذباب والبتعوض! 

ولا يغدو ابن المدير إلى مدرسته ولا يَترَوْحُ منها إلا وراءه جُنْديٌ يمشي على 
أثره في العّذْوةٍ والرّؤحة إِذْ كانَ ابنَ المدير»ء أيْ ابن القوَّةٍ الحاكمة؛ فيكونٌ هذا 
الجندي ورا الطفل كالمَنْبَهِةٍ له عندَ الناس» ٠‏ نْفْصِحُ شارثُة العسكريةٌ بلغاتٍ 
السابلة”*' جَمِعَاءَ أن هذا هو ابنُ المدير. فإذا رآه العربي أو اليونانيٌ» أو الطليانن 
أو لمر أو الإنجليزيٌ أو كائنُ مَن كان من أهل الألسنة المتنافرة التي لا يَفْهُمْ 
ا 7 و 
منَ الجنديّ الذي يَنْبِعْهُ كالمادةٍ منّ القانونٍ وراءها الشرح . 

زنقل انيجت لابن المدير نذا الكترف الطنيامي» الودالة يوم ونا لم ولد 


. لداته: أترابه وأصدقاؤه ورفاقه‎ )١( 
(؟) أملودها: غصنهاء ذتنها.‎ 

() الرّيان: اللدن» الطريء. 

(4) السابلة : المازة. 


5١ 


ابنَ ساعته كأطفالٍ الناس» بل وُلِدَ ابنَ عشر سنينَ كاملة لتشهّد له الطبيعة أنه كبيرٌ 
“ابه مكسجرة! وإلا فكيف يمشي الجنديُ من جنودٍ الدولةٍ وراة طفل 
ويخدمُه ويَنصاعٌ لأمره”'“؛ وهذا الجنديٌ لو كان طَريدَ هَرِيمَةٍ قد فرٌ في معركة منّ 
معارك الوطن؛ وأريدَ تخليده في هزيمتِه وتخليذها عليه بالتصوير ‏ لما صُوّرَ إلا 
جنديّاً في شارنِهِ العسكرية منقاداً لمثلٍ هذا الطفلٍ الصغيرٍ كالخادم؛ في صورةٍ 
يُكتّب تحتها: 'ثُقَايَةَ عسكرية!2. 


قل أنصَدعث 


نيس لهذا الفنظر الكثير حدوئه في ضر إلا تاويل واعد: هو أن مكان 
الشخصياتٍِ فوق المعاني؛ وإ كنات الفروجات هذ رمن هك كلت الرجلٌ 
ذو المنصبء فيرف شخضه فوقٌ الفضائل كلّها؛ فيكْبّر عن أن يكذبٌ فيكونّ كَِبْه 
هو الصدقء فلا يُنكرٌ عليه كَزِبُه أيْ صِذْقُه. .. ! ويخرجٌ من ذلك أنْ يتقرّر في 
الأمةٍ أنْ كَذِبَ القوّةٍ صِذق بالقوّة! 

وعلى هذه القاعدةٍ يُقَاسُ غيرها من كل ما يُحْذَلَ فيه الحقّ. ومتى كانت 
الشخصياتٌ فوقَّ المعاني السامية طَفِقَتْ”" هِذِهٍ المعاني تموجُ مَوْجَها محاولة أن 
تعلوء مُكْرَهَةُ على أن تنزل؛ فلا تستقيمُ على جهةٍ ولا تنتظمْ على طريقة؛ وثُقْبا 
بالشيء :على موغيية ا 2 0 ادزعا دين ب إلى عر مرضي انيد عل لان 
الأمةٍ بكبرائهاء ولا تكونُ الأمهٌ على هذه الحالة في كل طبقاتها إِلّا صغاراً فوقّهم 
كبازّهم ؛ رتلك هي تهيئة الأمةٍ للاستعبادٍ متى أبتْلِيَتْ بالذي هو أكيرٌ من كبارها؛ 
ومن تلك تُنشأً في الأمة طبيعةٌ النفاقٍ يحتمي به الصَهَرُ من الكبر» وتنتظمُ به ألفةُ 
الحياة بين الذّلة والصّولة؟؟! 


فلم يجذهء فبدا له أن 000 في بعض طرقٍ المدينة لِينطلقٌ فيه ابن آدمّ لا ابنُ 
)١(‏ انصدغت به المعجزة: أتت به المعجزة إلى الوجود. 

(؟) ينصاع لأمره: يطيعه فيما يأمره به. 

(7) طفق: شرعء بدأ 

(:) الصولة: الغلبه والقهر 

(0) يتسكع : يتجؤل في الشوارع على غير هدى. 


57 


المديرء» وحنّ حنيته إلى المغامرةٍ في الطبيعة» ولبسَتٍ الطرقٌ في خيالِهِ الصغير 
زينتها الشعرية بأطفالٍ الأزقة يلعبونَ ويتهوّشون ويتعاتون ويتشاحنون”'': وهم ف 
وكأنهم أبناءً بيتِ واحدٍ ممت بكلّ مِنْ كل رَحِمّء إذ لا ينتسبونَ في اللهوٌ إلا إلى 
الطفولة وحذها. 

وانساقٌ (عصمت) وراءً خياله؛ وهرّبَ على وجههٍ من تلك الصورة التي 
يمشى فيها الجنديّ وراة ابن المديرء وتعلقر فق :روا 155" الا الى ما يعرلة ينها 
وما لا يعرثه» ِذْ كان يسيرُ قي طرق جديدةٍ على عينهِ كأنّما يَحلّمُ بها في مديئةٍ من 
مدن النوم . 

وأنتهى إلى كَبْكَبَة!" مِنَ الأطفالٍ قدٍ أستجمعوا لشأَنِهمٌ الصبيانيَ» فَالْتبر“ 
ناحيةً ووقفٌ يُصغي إليهم متهِيّباً أن يُقْدِم» فأتّصلٌ بسمعه ونظره كالجبان» وتسمّعَ 
فإذا خبيثٌ منهم يعلّمٌ الآخرٌ كيف يضربُ إذا اعتدّى أو اعنُدِيّ عليه» فيقول له: 
اضرب أَيْتَما ضرَبْت» من رأسِهء من وجههء منّ الْحُلقوم؛ من مَرَاقُ البطن؛ قال 
الآخر: وإذا ماث؟ فقال الخبيث: وإذا مات فلا تقُلْ إني أنا علّمِتُك . . . ! 

وسمع طفلاً يقول لصاحبه: أمَا قلت لك: إنه تعلّمَ السرقة من رؤيته 
اللصوصٌ فى السّيما؟ فأجابَهُ صاحبّه: وهل قال له أولئك اللصوص الذين فى 
انيما كن لضا واعل ملنا؟ ْ 

وقام منهم شيطان فقال: يا أولادَ البلدء أنا المدير! تعالّوًا وقولُوا لي: ”يا 
سعادةً الباشاء إِنَ أولادنا يُريدونَ الذهابٌ إلى المدارس» ولكنًا لا نستطيمٌ أنْ ندفع 
لهم المصروفات . .' فقالٌ الأولادُ فى صوتٍ واحد: «يا سعادة الباشاء إِنَّ أولادّنا 
يُرِيدونَ الذهابٌ إلى المدارس» ولكنًا لا نستطيمٌ أن ندقَمَ لهم المصروفات» فرد 
عليهم (سعادته): اشتروا لأولادكم أحذية وطرابيشٌ وثياباً نظيفة» وأنا أدفمٌ لهم 
المصروفات . 

فنظرَ إليه خبيثٌ منهم وقال: يا سعادةً المدير» وأنت فلماذا لم يشتر لك أبوك 


حذاء؟ 


- يتهوشون: يتشاحئون : يتشاجرون مع بعضهم‎ )١( 
. (؟) تغلغل فى الأزقة: توغل‎ 

(*) كبكبة: كركبة. جماعة . 

(4) انتبذ ناحية: أنزوى في ناحية . 


1 


قال بعلن قفي :آنا إكلةاياانتعادة لقيو نارسلكن إلك الحدرية ومف 
اللهر فقط: ...! 


وكان (عصمت) يسمعٌ ونفسٌه تعترٌ بإحساسهاء كالورقةٍ الخضراءٍ عليها طَلُ 
الندى» وأحدّ قلبُه يتفبّح في شعاع الكلام كالزهرة في الشمس؛ وسَّكِرَ بما يسكرٌ به 
الأطفالٌ حين ثُقَدَمُ لهم الطبيعةٌ مكانَ اللهو مُعَذّا مهبّأ. كالحانة ليس فيها إلا أسبابُ 
السَكرٍ والنشوة» وتمامٌ لذنّها أنَّ الزمنَ فيها منسي» وأنَّ العقلّ فيها مُهمَل. . . 

وأحسن ابن المدير أنَّ هذه الطبيعة حين ينطلقُ فيها جماعةٌ الأطفالٍ على 
تحب ااا ناس المدريا التي لا جُدرانَ لهاء وهي تربيةٌ الوجودٍ 
للطفل تربيةً تتَنارَلُهُ من أدق أعصابه فتُبَدْدُ قواهُ ثم تجمعُها له أقوى ما كانت» 
وتُّفْرِعُهُ منها ثم تملوٌهُ بما هو أتمْ وأزيدُ وبذلك تُكْسِبهُ نموَ نشاطه؛ وتُعلّمُهُ كيف 
ينبِعِثُ لتحقيق هذا النشاط» فتّهديه إلى أن يُبدعَ بنفسه ولا ينتظرَ مَنْ يُبدعٌ له 
ونجعلٌ خطاه دائماً وراة أشياءً جديدة» فتُسدَدُهُ من هذا كله إلى سرٌ الإبداع 
والابتكارء وتُلقيّه العلمَّ الأعظعّ في هذه الحياة» ملم نَضْرةٍ نَفِهٍ وسرورها 
ومرّجهاء وتطبعه على المراج المتطلق المتهذّلٍ المتفائل» وتَّتدَفقٌ به على دنياه 
كَالمْيَضَانٍ في النهر» تفورٌ الحياةٌ فيه وتفورٌ به لا كأطفالٍ المدارس الخامدينَ 
تعرفٌ للواحدٍ منهم شكلّ الطفلٍ ولي له وجِودُهُ ولا عالّمُه؛ فيكونُ المسكينُ في 
الحياةٍ ولا يجدّهاء ثم تراه طفلاً صغيراًء وقد جمعوا له همومً رجل كامل! 

ودبّت روح الأرض دبيبّها في (عصمت). وأوْحَتْ إلى قلبه بأسرارهاء فأدرك 
من شعوره أنَّ هؤلاء الأغمار” الأغبياء مِنْ أولادٍ الفقراء والمساكين, هم السعداء 
بطفولتهم» وأنّهِ هو وأمثاله هُمُ الفقراءً والمساكِينُ في الطفولة؛ وأنَّ ذلك الجندي 
الذي يمشي وراءه لتعظيمه إِنّما هو سجن؛ وأنَّ الألعات خيرٌ منّ العلوم» إِذْ كانت 
هي طِفْلِيْةَ الطفل في وقتهاء أما العلومٌ فرُجولةٌ مُلرَقَهَ به قبل وقتها تُوقره وتحوُلَهُ عن 
طباعِهء فتقتلٌ فيه الطفولة وتهدمٌ أساسٌ الرجولة» فينشاً بِينَ ذلك لا إلى هذه ولا 
إلى هذهء ويكونٌ في الأولٍ طفلاً رجلاء ثم يكونُ في الآخر رجلاً طفلاً. 


)١(‏ السجية: الطبيعة التي جيل عليها المرء. 
(؟) الأغمار: مفرده غمر» وهو الطفل الغرّ والجاهل . 


55 





الذي لا يتحرْجٌ أنْ يصرعغَ فيه صُراحّه الطبيعيّ. ويتحرّك حركتّه الطبيعيّة» ولا يكونَ 
فيه مدرسون ولا طَلَّبة» ولا حاملو العصِيّ منّ الضبّاط؛ بل حقٌ البيتِ الواسع أن 
تكونَ فيه الأبوَّةُ الواسعة» والأخوَةٌ التي تَنفسِحُ للمئات؛ فيمرُ الطفل المتعلمُ في 
نشأتِه من منزلٍ إلى منزلٍ إلى منزل. على تدريج في التوسّع شيئاً فشيئاًء منّ البيت» 
إلى المدرسةء إلى العالم . 

وكان (عصمت) يحلمٌ بهذه الأحلام الفلسفيّة» وطفولتُهُ نَشِبَ وتسترجل» 
ورت ولاس كانت وكات الأطفال كأنها تدوع من واحيد شهير 

منهم كالطفلٍ في السيما حينَ يشهدٌ المتلاكمين والمتصارعين» يُستطير» ٠‏ الفرٌ» 
ويتوئب فيه الطفل الطبيعيُ بمرَحِهٍ وعُنْفُوانِه. وتتقلّصُ عضّلائه. ويتكَشّفُ جلَدُه 
وتجتمعٌ قوتّه؛ حتى كأنه سِيُظاهرٌ أحدّ الخصمين ويَّلكمُ الآخرّ فِيُكَوَرُه ويصرعٌهء 
ويمْضٌ معركةً الضرب الحديديّ بضربته اللينة الحريرية. . ! 

فما لبت صاحيّنا الغريرُ الناعمُ أنْ تخشَّنء وما كذْبَ أن أقتحمء وكأنّما أقبل على 
روجه الشارعٌ والأطفالٌ ولهوهّم وعبتُهم» إقبالَ الجوّ على على الطيرٍ الحبيس المعلَقٍ في 
مسمار إذا انفرج عنه القفص ؛ وإقبال الجاة على لوحن القتتيص إذا وثبٌ وثبةً الحياةٍ 
فطارٌ بها؛ وإقبالَ الفلاةٍ على الطَّبِي الأسير إذا ناوَصٌّ”'' فَأفلَتَ مِنَ الجبلة . 

0 في الجماعةٍ وقال لهم: نان العدر» فنظروا إليه جميعاً. 
ثم نظرَ ب بعضهّم إلى بعضء وَسَفَرتُ ' أفكارهم الصغيرة ب بين أعينهم» وقال منهم 
فاكل* إن .حذاءه وثياته وطربوشه كلها تقوك إن آباٌ المدير. 

فقال آخر: ووجهّه يقول إِنَّ أمّهُ امرأةٌ المدير. . 

فقال الثالث: لِيسَتْ كأمّك يابغطيطي ولا كأم جُغْلْص”*»! 

قال الرابع: يا ويلك لو سمع جُعلص» فإن لَكَماتِه حينئذٍ لا تتركُ أمك تعرفٌ 
وجهّك مِنَّ القفا! 

قال الخامس: ومن جُعلصٌ هذا؟ فلياتٍ لأرِيّكم كيف أصارِعُهء فأجتذبه 


(؟) ادغم في الجماعة: أنضم إليهم. (5) للعامة أسماء ونسب غريبة كهذه. 


ه5 





فأعصِره بين يديّ» فأعتقل راخلة برجلى» فأدفعه, فيتخاذل» فأعركه فيخرٌ على 
وجهه ؛ فأسمّره في الأرض بمسار! 

فققال السادس : هاها! إِنَّك تصفٌ بأدقٌ الوصفي ما يفعلّه جُعلصٌ لو تناولّك 
فى يده. ..! 

فتطايّر الباقونَ يميناً وشمالاً كالوّرقٍ الجاف تحت الشجر صَرَبتْهُ الربخ العاصف . 
وقهقة الصبي من ورائهم» فثابوا إلى أنفيهم وتراجعوا . وقال المُسْتَطيل منهم : أما إني 

كنك أريذ آن يعد جعاصض ورات : فأستطردٌ إليه قليلاً أطمِعُه في نفسي» 8 
فآحذه كما فعل «ماشيست ا د المنظر الذي شاهذناء. 


جميلة ١‏ م تبكر لمعت ل سوس بطر 0 
أبن المدير فحست» ولكن من أجل أن ابنَ المدير تكونُ معه القروش. . . فلو 
وجدّتٍ القروش ممّ ابن زبّالٍ لما منعه نسبّه أن يكون أميرَ الساعة بينهم إلى أن تنقّدَ 
قروشّه فيعود ابن زبال. . 

وتنافسوا في (عصمت) وملاعبته والاختصاص به فلو جاءً المديرٌ نفسه 
يلعب مع آبائهم ويركبهم وي ركبونه » وهم بين نجارٍ وحداد» ويناء وحمّال؛ وحوذيٌ 
وطبّاخ؛ وأمثالهم من ذوي المهنةٍ المُكسِبَةِ الضئيلة ‏ لكانّثْ مطامع هؤّلاء الأطفالٍ 
في ابن المدير» أكبرَ من مطامع الآباء في المدير. 

ودرك المنافسة بيتهم مجراهاء فأنقلبت إلى مُلاحاة27» ورجَعتٌ هذه الملاحاةٌ 
إلى مشاحنة» وعاد ابن المدير هَدَفاً . للجميع يُداقعونَ عنه وكأنّما يعتدو ونْ عليه: إذ لا 
يقصدٌ أحدٌ منهم أحداً بالغيظٍ إلا تُعمّدٌ غيظّ حبيبه» ؛ ليكونَ أنكأ له وأشدٌ عليه! 

رتظاهروا ب يعضهم على , بعض » ونشأث بيك بينهم الطوائل » وأفسدهم هذا الغنيٌ 
المتمثلٌ بينهم. وياما أعجب إدراك الطفولة وإلهامها! فقدٍ أجتمعَتْ نفُوسهم على 
رأي واحدء فتحولوا جميعاً إلى سماهة واحدة أحاطتٌ يباين المدير» فخاطره 
أحذهم في اللعب فَقمرّه”". فأبى إلا أنْ يعلرٌ ظهرَه ويركيه؛ وأبى عليه ابن المدير 


)١(‏ الملاحأة : الجدال . 042 قمره: خسره فى المقامرة. 


5 


ودائّحهء يرى ذلك تَلْمأْ في شرفِه ونسبه وسَطوة أبيه؛ فلم يكذ يعتلٌ بهذه العلةٍ 
ويذكرُ أباه ليعرّفهم آباءهم . . . هاجت حتَّى كبرياؤهم» وثارّثْ دفائهم» ورقصّث 
شياطينٌ رؤوسهم؛ وبذلك وضع الغبيُ جِقدَ الفقر بإزاءِ سُخْرية الغنى؛ فألقى بينهم 
مسألة المسائل الكبرى في هذا العالم؛ وطرَّحَها للحلٌ....! 

وتَنفْسُواا'" للصّولة عليه؛ فسخْرَّ منه أحدّهمء ثم هزأ به الآخرء وأخرجَ 
الثالتُ لسائّه؛ وصدمه الرابعٌ بمتكبهء وأفحش عليه الخامس؛ ولكَرهُ السادس؛ 
وحثا السابعٌ في وجهه التراب! 

وجهدَ المسكينٌ أنْ يفرٌ من بينِهم فكأئّما أحاطوه بسبعة جُدرانٍ فبطلّ إقدامه 
وإحجامهء ووقفّ بيتهم ما كتبّ الله. . . ثم أَحَدْنُه أيديهم فانجدّل على الأرض» 
فتجاذبوه يُمرَغونّه في التراب! 

وهم كذلك إِذِ أثقلب كبيرُهم على وجههء وَنكفاً الذي يليه» وأزِيحَ الثالث. 
نِم الرابعٌ» فنظروا فصاحوا جميعاً: «جُعْنُْصء جعلص!؟ وتوائبوا يشتدُون هرباً. 
رقام (عصمت يَنْتَجْلٌ الترابُ من ثيابه وهو يبكي بدمعه» وثيابُه تبكي بترابها. . 
ووقفَ ينظرٌُ هذا الذي كشفّهم عنه وشرّدَنُْهِم صَوْليُه؛ فإذا جُعلصٌ وعليه رَجَفَانٌ مِنْ 
الغضب؛ وقد تَبِرْطمَتْ شفمُهء وتَقَبْض وجهّهء كما يكونُ «ماشيست» في مَعاركِهِ 
حين يدفمٌ عن الضعفاء . 

وهو طفل في العاشرة من لدات (عصمت).؛ غير أنه مُحْتَنكُ في سنْ رجلٍ 
صغير ؛ غليظ عَبْلّ شديدٌُ الجبْلة متراكبٌ بعضّه على بعض”', كأنّه جني مُتَقَاصِريَهُمُ أن 
يطول منه المارد؛ فَأَنِسّ به (عصمت)» واطمأنٌ إلى قَوّته» وأقبل يشكو له ويبكي! 

قال جعلص: ما اسمك؟ 

قال: أنا ابن المدير . . . ! 

قال ججلسن: ا نبْكِ يا أَبنَ المدير. تعلّم أن تكون جَلدا””: ٠‏ فإن اله 
لبس بِذْل ولا عارء ولكنٌ الدموعَ هي تجعله ذلا وعاراً؛ إِنَّ الدموعَ لَتجعلٌ الرجا 
أنئى . نحن يا ابن المدير نعيش طول حياتنا إِمّا في ضرب الفقر أو ضرب الا ؛ 
(1) تنافشوا للصولة: تهيأوا للمبارزة. 
(؟) أي شديد القرّة» مفترل العضلات؛ مكتنز اللحم. 
() المجلّد: القوي الصبور القادر على احتمال الأذى. 


ىه 


هذا من هذا؛ ولكئك غني يا ابنَ المدير؛ فأنتَ كالرغيف (الفينو) ضحم مُنتفخ. 
ولكنَّهُ ينكسرٌ بلمْسةء وَحَشْوْهُ مثل القطن! 

ماذا تتعلمُ في المدرسة يا ابن المدير إذا لم تعلمك المدرسة أن تكونٌ رجلا 
يأكلٌ مَنْ يريد أكلّه؛ وماذا تعرفٌ إذا لم تكنْ تعرفُ كيف تصبرٌ على الشرٌ يوم 
الشرّء وكيف تصبرٌ للخير يوم الخيرء فتكونّ دائمأ على الحالتين في خير؟ 

قال عصمت: آوٍ لو كان معي العسكري! 

قال: جعلص: ويحك؛ لو ضربوا عنزاً لما قالت: آه لو كان معي العسكري! 

قال عصمت : فمن أين لك هذه القوة؟ 

قال جعلص : من أني أَعتَمِلٌُ بيدي”' فأنا أشتذ وإذا جغْتُ أكلْتُ طعامي؛ أما 
أنت فتسْترخي» فإذا جِعْتَ أكلّك طعاّك؛ ثم من أني ليس لي عسكري. . ! 

قال عصمت: بل القوءٌ مَن أنك لست مثلّنا في المدرسة؟ 

قال جعلص: نعمء فأنت يا ابنَ المدرسة كأنّك طفل من وَرَقٍ وكراساتٍ لا 
من لحمء وكأنّ عظامّك من طباشير! أنت يا ابنَ المدرسةٍ هو أنتّ الذي سيكونُ 
بعد عشرينَ سنةًء ولا يعلمُ إِلَّا اللّهُ كيف يكون؛ وأما أنا أبن الحياة» فأنا من الآن» 
وعلى أن أكون «أناء من الآن! 

أنتٌ . . 

ان 

وهنا أدركهما العسكريٌ المسخُرُ لابن المدير»ء وكان كالمجئونٍ يطيرُ على 
وجهه في الطرقٍ يبحثُ عن (عصمت)» لا خبًا فيه» ولكنْ خوفاً من أبيه؛ فما كاد 
يرى هذا العَْرَ على أثوابه حتى رِنْت صفعئه على وجه المسكين جُعلص. 

فصعّر هذا حَدَهُ”"'. ورشىّ عصمت بنظرهء وأنطلق يعدو عَدْرَ الظليه”! 

يا للعدالة! كانت الصفعةٌ على وجه ابن الفقيرء وكان الباكى منها ابنَ الغنى . . ! 

وأنتم أيُها الفقراءء حسبُكمٌ البطولة؛ فليس غِنى بَطلٍ الحرب في المالٍ 
والنعيم» ولكنْ بالجراح والمشفَّاتِ في جسمه وتاريخه. 


. اعتمل بيدي: أخدم نفسي بنفسي‎ )١( 
. (؟) صغر خدّه: مال بخْدّه تكبرًا. (؟) الظليم: ذكر التعام‎ 


58 


على عتبَّة (البنكِ) نام الغلامُ وأخَنّهُ يفترشانٍ الرّخامَ الباردء ويلتحفانٍ جوًا 
رخاميًا في بردِهٍ وصلابته على جسميهما . 

الطفلٌ مُتَكَبْكبٌ في تُوبِهِ كأنه جسم قُطعَّ ورُكمث أعضادء”'' بعضها على 
بعض» وَسُجَيَتْ بثوب» ورّميَ الرأسٌ من فوقها فمال على خذه. 

والفتاةٌ كأنّها مِنَ الِهُزَالٍ رَسْمْ مُخَطْطْ لامرأة» بدأها المصورٌ ثم أغفلّها إذلم 
تُعجبه . كنب الفقرُ عليها للأعين ما يكتبٌ الذّبِولٌُ على الزهرة: أنها صارت قَشًا. . 

نائمةٌ في صورة ميّتة» أو كميْتَةٍ في صورة نائمة؛ وقدٍ أنسكبّ ضوءٌ القمر 
على وجههاء وبقي وجهُ أخيها في الظل؛ كأنّ في السماء ءِ ملكأ جه المصباح إليها 
وحذهاء إِذْ عرفٌ أن الطفلٌ ليس فِي رجهه علامةٌ همٌّ؛ وأنْ في وجهها هي كل 
همّها وهم أخيها. 

من أجل أنها أنثى قد حُلقّتْ لتَلِدَ خُلِقَ لها قلبٌ يحملُ الهمومٌ ويلدُها ويربّيها. 

من أجل أنّْها أعدَتُ للأمومة» تتألمُ دائما ني الحياةٍ آلاماً فيها معنى انفجارٍ الدم . 

من أجل أنها هي التي نَزِيدُ الوجودّء يزيدُ هذا الوجودٌ دائماً في أحزانها. 

وإذا كانت بطبيعتها تّقاسي الألّم لا يُطاقٌ حين تلد فُرَحَهاء فكيف بها في الحزن. . 

وكان رأسٌ الطفل إلى صدرٍ أختهء وقد نام مطمئناً إلى هذا الوجودٍ التسويّ» 
الذي لا بْدَ منه لكل طفل مثلهء ما دام الطفلُ إذا خرج من بطن أُمّهِ خرج إلى الدنيا 
وإلى صدرها معا. 

ونامَتْ هي ويدُها مُرْسَلَةَ على أخيها كيّدٍ الأمّ على طفلها. يا إلهي! نامَتْ 
ويذها مستيقظة! 


)١(‏ ركمت أعضاؤه: رُكْبٍ بعضها فرق بعض. 


59 


أهما طفلان؟ أم كلاهما تمثالٌ للإنسانية التي شَّقِيتْ بالسعداء فعوضها اللَّهُ من 
رحمته آلا تجدّ شقيًا مثلّها ألا تضاعفَتْ سعادئها به؟ 
تمثالانٍ يصورانٍ كيف يَسْري قلبٌ أحدٍ الحبيبين في الجسم الآخرء فيجعلٌ له 
وجوداً فوقّ الدنياء لا تصلّ الدنيا إليه بفقرها وغناهاء ولا سعاديّها وشقائِهاء لأنه 
وجودٌ الحبٌ لا وجودٌ العمر؛ وجودٌ سحريّ ليس فيه معتّى للكلمات» فلا فرقٌ بِينَ 
المالٍ والتراب» والأمير والصّعلوك؛ إِذِ أللغةُ هناك إحساسٌ ألدم» وإِذٍ المعنى ليس 
في أشياء المادة ولكن في أشياء الإرادة. 
وهل تحيا الألفاظٌ مع الموتء فيكونَ بعده للمالٍ معئى وللتراب معنّى. . 
مي كذلك قي الب الذي يفعل شيها بم فعلة الموث في تفل سي إلى مام 
آخرء بَيْدَ أنَّ أحد العالّمِينٍ وراءً الدنياء والآخْرَ وراء النفس. 
حاتف 
تحت يد الأختٍ الممدودة ينام الطفلٌ المسكين» ومن شعورو بهذه اليد 
خف ثقل الدنيا على قلبه. 
لم يبال أنْ نَبََّه العالّمُ كله ما دام يجدٌ في أحيه عالم قلبه الصغيرٍ وكأنهُ فرخٌ 
من فراخ الطيرٍ في عُشّهِ المعلّق» وقد جمَعَ لحمّه العْض الأحمرّ تحت جناح أمّه؛ 
فأحير ن أهنأ السعادة حينَ ضيِّقَ في نفِسه الكونَ العظيم» وتجعله وجودا من الريشن. 
وكذلك يَسعدُ كل مَنْ يملكُ قوةً تغيير الحقائقٍ وتبديلهاء وفي هذا تفعلٌ 
الطفولةٌ في نشأة عمرها ما لا تفعلٌُ بعضّه معجزاتُ الفلسفة العلا في جملةٍ أعمارٍ 
الفلاسفة .. ْ ْ ْ 
وما صنمْ الذين جُنُوا بالذهب» ولا الذين فتّنوا بالسُلطة» ولا الذين هَلّكوا 
بالحبٌء ولا الذين تحطّموا بالشهوات - إِلَّا أنهم حاولوا عبثاً أن يَرْشُوا رحمة الله 
لتُعطيعهم في الذهب والسلطة والحبٌ والشهوات ما نَاوَلّئْهِ هذا الطفلّ المسكينَ 
النائم في أشعة الكواكب تحت ذراع كوكب رُوجه الأرضي . 
ألا إِنْ أعظمٌ الملوك لن يستطيعَ بكلْ ملكه أنْ يشتري الطريقة الهنيئة التي 
يَنْنِض بها الساعة قلبُ هذا الطفل . 
ديم دن 
وققْتُ أشهدٌ الطفلينٍ وأنا مستيقنٌ أن حولهما ملائكةً تصعدٌ وملائكة تنزل؛ 
3 


وقلْتُ هذا موضمٌ من مواضع الرحمة» فَإنَّ الله مع المنكسرّة قلوبُهم. ولعلي أن 
أتعرض لتفْحةٍ من نفَّحاتِهاء ولعلّ مَلَكاً كريماً يقول: وهذا بائسٌ آخرء فَيُرفني 
بجتاجه رَفَةَ ما أحوّج نفسي إليهاء تجدُ بها في الأرض لمسة من ذلك النورٍ 
المتلألىء فوقٌ الشمس والقمر. 

وظهر لي بناء (البنك) في ظلمة الليلٍ من مرأى الغلامينٍ ‏ أسود كالحاء كأنهُ 

سجن أقفلّ على شيطانٍ يُمِسَكهُ إلى الصبح. ثم يُفْتَحُ له لينطلقّ مُعَمْرأَء أي 
500 .. أو هم جسم جبارٌ كمّر باللّهِ وبالإنسانية ولم يؤمن إلا بنسه وحظوظٍ 
ا وأحاطة من هذا الظلام الأسودٍ بمعاني آثامِه وكفره. . 

يا عجباً! بطنانٍ جائعانٍ في أطمار بالية يبيتانٍ على الطّوَى7" والهمء ثم لا 
يكونٌ وسادُهُما إِلّا عَتبةَ البنك! تُرَى من الذي لَعَن (البنك) بهذو اللعنةٍ الحية؟ ومن 
الذي وضع هذينِ القلبِينٍ الفارغينٍ موضعهما ذلك لِيْثِبتَ للناس أنْ ليس البنك 
خزائنَ حديديةً يملؤها الذهب» ولكنّه خزائنٌ قلبيةٌ يملؤها الحت. .؟ 

ع د ين 

وقَفْتُ أرى الطفلين رؤيةً فكرٍ ورؤيّة شِعْر معاء فإذا الفكرٌ والشعرٌ يمتَدَّانٍ 
بيني وبِينَ أحلامهماء ودخَلْتُ في نفسين مضَّهما الهم واشتدٌ عليهما الفقرء وما من 
شيءٍ في الحياة إِلّا كدّهُما(" وعَاسَرَهُما؛ٍ ونفتٌ نومتي الشعرية. 

قال الطفل لأخته : هلمّي فلنذهبٍ من هنا فنقفٌ على باب (السيما) نتفرجٌ 
مما بناء فترى أولادَ الأغنياء الذينَ لهم أب وأَمْ. 

انظري ها هم أولاء يُرَى عليهم أثرُ الغنى, وتُعرَفٌ فيهم رُوحٌ النعمة؛ وقد 
شبعوا. . . إنهم يلبسونَ لحمأ على عِظامهم؛ أما نحن فتلبسٌ على عظامنا جلداً 
كجلدٍ الحذاء؛ إنهم أولادُ أهليهم؛ أما نحن فأولادُ الأرض؛ هم أطفال؛ ونحن 
حَطبٌ إنساني يابس؛ يعيشون في الحياةٍ ثم يموتون؛ أما نحن فعيشّنا هو سكراتٌ 
الموت؛ إلى أنْ نموتٌ؛ لهم عيش وموتٌ» 0 

وَيْلي على ذلك الطفل الأبيض السمين» الحَسَّنٍ البَرّهَا”. الأنيقٍ الشاردة» 
الج ل اب م 


. الطوى: الجرع‎ )١( 
(؟) كدّهما: أتعيهما. 60 البرّة: الزيء اللباس.‎ 


اا 


هو الختى الذي جعلّه يبتلعٌ بهذِه الشراهة هة”'' : كأنّما يشرّبُ ما يأكلء أو له حلنٌ غير 
الخلوق؛ اونحن - إذا أكلنا - نَعْصُ بالخبز لا ذم معهء وإذا أرتفغنا عن هذه | الحالة 
لم نجذ إِلَّا البَشِيعٌ مِنَ الطعام: وأصبناه عَفِناً أو فاسداً لا يَسُوعُ في الحَلْقء فإذا 
انخمَّضْئا فليسّ إِلّا ما نَتَقَمُمُ من مُشُورٍ الأرض ومن ن حُمَاتٍ الخبز'' كالدوابٌ 
والكلاب؛ وإِنْ لم نجذ ومسّنا العُدْمُ وقفْئا نَتَحيّنُ طعامٌ قوم في دار أو نُزْلء فنراهم 
يأكلون فتأكلٌ معهم بأعيتناء ولا نطمعٌ أن نستطعمّهم وألّا أطعمونا ضَرْباً فنكونٌ قد 
جئناهم بألم واحدٍ فردُونا بألمين» ونفقدُ بالضرب ما كان يُمِسِكُ رَمََنا منَ الاحتمالٍ 
والصير ” 

هؤلاءٍ الأطفالٌ يتضوّرون شهوةً كلّما أكلواء ليعودوا فيأكلوا؛ ونحن نتضورٌ 
جوعاً ولا نأكل» نعود فنجوعَ ولا تأكل؛ وهم بين سمع أهليهم وبضّرهم؛ ما من 
أن إلا وقمّثْ في قلب. وما من كلمة إلا وجَدَتْ إجابة؛ ونحن بين سمع الشوارع 
وبصرهاء أنينٌ ضائمٌ؛ ودموعٌ غيرُ مرحومة! ّ ْ 

آه لو كَبِرْتُ فصِرْتُ رجلا عريضاً؟ أتدرين ماذا أصنع؟ 

- ماذا تصنمٌ يا أحمد؟ 

- إنني أخنقُ بيديٌ كل هؤلاءٍ الأطفال! 

- سَوْأة لك يا أحمدء كل طفل من هؤلاء له أمْ مثلُ أمّنا التي ماتت» وله 
أختٌ مثلي؛ فما عسى ينزلٌ بي لو تَكلتك”" إذا ختقّك رجل طويلٌ عريض؟ 

لاء لا أخنقّهم؛ اعاس ين ل ايا ا رس مزل 
(المدير) الذي رأيناة في سيارتِهٍ اليومّ على حالٍ مِنَ السطوة تُعلنُ أَنَّهُ المدير. . 
أندرينَ ماذا أصنع؟ 

- ماذا تصِنمٌُ يا أحمد؟ 

- أرأيتٍ عربة الإسعافٍ التي جاءت عند الظهر فآنقلبَث نعشا'“ للرجل الهرٍ 

المحطم الذي اعم صائية قن الطريق» سمغْتّهم يقولون: إِنَ 20010100 
باتخاذٍ هذه العربة» ولكنّه رجلّ عُفْلٌ لم يتعلم منّ الحياة مثلّناء ولم تُحَكمَهُ تجاربُ 
الدنيا؛ فالذي يموث بالقجَاءةً أو غيرها لا يُحَبِيه المديرُ ولا غيرُ المديرء والذي يقعٌ 


)١(‏ الشراهة: شذة الأكل والإكثار منه. (*) ثكلتك : فقدتك بموتك. 
(؟) نات الخبز: فتاته . (5) نعشاً: تابوتاً . 


يف 


في الطريقٍ يجدٌ منّ الناس من يبتدرونه لتجدتِه وإسعافه”' بقلوب إنسانية رحيمة» 
لابقب نوق غربة يفظ؛ العضيبة على أنها رق وعكشن 2" 

إنَّ عَرباتٍ الإسعافٍ هذه يجب أنْ يكونَ فيها أكل... ويجبٌُ أنْ تحمل 
أمثالّنا مِنَ الطرقي والشوارع إلى البيوت والمدارس؛ وإِنْ لم يكن للطفل أمْ تُطعمّه 
وثّؤيه فلتُطتع له أمْ. 70 

كل شىء أراه لا أراه إِلّا على الغلّطء كأنَّ الدنيا منقلبةٌ أو مديرَةٌ إدبارهاء وما 
ارايت الأموو فى بلادتا جازة على معاريهاة الور لد العكام لأ عن ان يكريدا 
إلا من أولادٍ صالحي الفقراء» ليحكمُوا بقانونٍ الفقر والرحمة» لا بقانونٍ الغِنى 
والقسوة» وليتقحَموا الأمورّ العظيمة المشتبهة بنفوس عظيمةٍ صريحة قد نبتث على 
صلابة وبأس» حلي ودين ورحمة؛ فإنه لا ينهزم في معركةٍ الحوادث إلا روح 
النعمةٍ في أهلٍ النعمة» وأخلاقٌ اللبنٍ في أهلٍ اللبن؛ وبهؤلاء لم يبرح الشرقٌ من 
هزيمة سياسيةٍ في كل حادثةٍ سياسية. 

إن للحكم لحماً ودماً هم لحم الحاكم ودَمُهُ فإِنْ كان صُلباً حْشِناً فيه رُوحُ 
الأرض ورُوحٌ السماءٍ فذاك؛ وإلا قُثَل اللينُ والتَرفٌ الحكمَ والحاكمَ جميعاً. 
وهؤلاءٍ الحكامُ من أولادٍ الأغنياء لا يكرنُ لهم هم إِلّا أن يرفعوا من شأنٍ أنفيهمء 
إذ السلطٌ درجةٌ فوقٌ الغنى» ومن نال هذه اسْتَرَفَ لتلك. فإذا جمعوهما كان منهما 
الْحُلْنُ الظالمُ الذي يصوّرٌ لهم الاعتداءة قوةٌ وسطوةٌ وعلوّاء من حيتٌ عَدِموا الخَلَّقٌ 
الرحيمَ الذي يصِرَّرٌ لهم هذه القوة ضعفاً وجُبناً ونذالة. إِنَّ أحدّهم إذا حكم وتسلّط 
أرادَ أنْ يضرب. ثم لم تكن ضربتُهُ الأولى إلا في المبدأ الاجتماعيّ للأمّة؛ أو في 
الأصلٍ الأدي للإنسانية + يحرصوة عاو مان كادي أي على السلطة» أي على 
الحكم ؛ ؛ فيحملهم ذلك على أنْ يتكلّفوا للحرص أخلاقه» وأن يجمعرا ذ لي أنفبهم 
أسبابّه ؛ مِنَ المداراة والمصائعة والعهارنة. نازلا فنازلاً إلى درك بعيدء فينشرونٌ 
أسوأ الأخلاقٍ بقوةٍ القانون ما داموا هُمْ القوة. 

- وماذا تريد أنْ يصئع أولادُ الأغنياء يا أحمد؟ 

أما أولادُ الأغنياء فيجبٌ أنْ يباشروا الصناعة والتجارةً» ليجدوا عملاً شريفاً 
يُصيبونَ منه رزقّهم بأيديهم لا بأيدي آبائهم» فإنَّهُ واللّهِ لولا العمى الاجتماعى لما 


. نجدته وإسعافه: المسارعة لإسعاقه‎ )١( 


رف 


كان فرقٌ بين ابنٍ أمير متبطل'' في أملاكِ أبيه مِنَ القصورٍ والضياعء وابن فقيرٍ 
متبطل في أملاكِ المجلس البلدي مِنّ الأزقةٍ والشوارع . 

وابنُ الأميرٍ إذا كان نجاراً أو حداداً أصلمَ السوقٌ والشارعَ بأخلاقِه الطيبة 
اللينة» وتعمّفِه وكرمه؛ فيتعلمُ سوادُ الناس منه الأمانةَ والصدق. إِذْ هو لا يكذبُ 
ولا يسرقٌ ما دامَ فوقٌ الاضطرارء ولا كذلك ابن الفقير الذي يَضْطَرهُ العيش أنْ 
يكونَ تاجراً أو صانعاًء فتكونَ حرفتّه التجارة وهي السرقة؛ أو الصناعةً وهي 
الغْش» ويكونُ في الناس أكثر عُمرِهٍ مادّة كَذِبٍ وإثم ولصوصية. 

للق عتزث مدي تدر عاذ اسح و 7 

ماذا تصنعُ يا أحمد؟ 

أعمدٌُ إلى الأغنياء فأردهم بالقوة !! لى الإنسانية؛ وأحملّهم عليها حملاً؛ 
أَصَلِحٌ فيهم صفاتها الي أفسدها الترّفُ واللينٌ والنعمة» ثم أصَلِحٌ ما أخلّ به الفقرُ 
من صفاتٍ الإنسانية بالفقراء» وأحملّهم على على ذلك حمْلاًء فيستوي هؤلاء 1 
ويتقاربونَ على أصل في الدم إِنْ لم يلذهُ آباؤهم ولدَهُ القانون. ألا إِنّ سقوط أمتّنا 
هذه لم يأتِ إلا من تعادي الصفاتٍ الأنسانية في أفرادهاء فتقَطُمَ ما بينهمء ٠‏ فهم 
أعداءً في وطيّهم» وإن كان اسمُهم أهلّ وطنهم. 

ومتى أَُحَْكْمّت الصفاتٌ الإنسانيةٌ في الأمةٍ كلها ودانى بعضاً ‏ صار قانوثٌ كل 
فردٍ كلمتينء لا كملةً واحدةً كما هو الآن. القانون الآن (حَقْي) ونحن تُريدٌ أنْ 
يكونَ (حَقَّى وواجبى) وما أهلّك الفقراءً بالأغنياءء ولا الأغنياءً بالفقراء ولا 
المجكريين بالسكام» إلا انون الكلمة الراعةة: ْ 

دن دنا 

أنا أحمد المدير.... لسْتُ المديرَ بما في نفس أحمدء ولا بمعديّه وبطيهء 
ولا بما يُرِيدُ أحمدٌ لنفسِه وأولاده... كلاء أنا عمل اجتماعيٌ منظّمٌ يحكمُ أعمال 
الناس بالعدلء أنا خُلقٌ ثابتٌ يوجّهُ أخلاقهم .بالقوة» أنا الحياةٌ الام مد الخياء 
الأطفالٍ الأخوةٍ في هذا البيتٍ الذي يُسمَّى الوطن» أنا الرحمة؛. عندي الجنةٌ ولكنْ 
عندي جهت أيضا ما دام في الناس: من يخضي» أنا بكل ذلك لسْتَ أحمدء لكئي 
الإصلاح . 
0 سل عاطريص العمل وأكرن من ذل قزره: 


3” 


هأنذا قد صِرْتُ مديراً أَعْسٌ في الطريق بالليل وأْتفقَدُ الناس ونوائيهم . 

من أرى؟ هذا طفلٌ وأختّه على عَتبة البنك فى حياةٍ كأهدامهما"'' المرمّعة» 
في ذُنيا تمرَّقْتْ عليهماء قم يا بنيَ» لا تْرَعْ إِنّما أنا كأبيك» تقول: اسمّك أحمدء 
واسمٌ اختك أمينة؟ 

تقول إِنْك ما نِمْتَ مِنَ الجوع» ولكن مَضْمَضْتَ عيئك بشُعاع النوم؟ 

يا ولديّ المسكينين. بأيّ ذنب من ذنوبكما دمّتكما الأيامُ دا وطحئتكما 
طحا وبأيّ فضيلة من الفضائل يكونٌ ابن فلان باشاء وبنتُ فلان باشا فى هذا 
العيش اللين يختارانٍ عنه ويتأئّقان9"© فيهء ما الذي نفع الوطنّ منهما فيعيشا؟ - 

إن كنك با يرة لآ تملك شينف الأتضات من هذه الظليية هنا املكها لله 
رزلا انه انطاوم إلى أذ خصو ترزتنا آنا الشيعيت إلى “أن اند لك لعن . 

إلى يا ابنَ فلان باشا وبنتَ فلان باشا. 

انغ دا غنيك" أخاك اسن ولك يوق "أبحونيا سل علتلك الك التتمنة 


أمينة . 

أتأبيان» أَنَفْرَةٌ مِنَ الإنسانية» وتمؤداً على الفضيلة» أَحَقًّا بلا واجبء دائماً 
قانونُ الكلمة الواحدة؟! اليا طب مر من اراز ضما قلي ليق زا 
اخبرقه الزلع !" وطافيه العو 7 5 0 

ورفع أحمدٌ كلة:..: 

وكان الشرطيٌ الذي يقومُ على هذا الشارع. وإليه حراسة البنك» قد 
تَوَسّتهما””' ودخلته الرّيبة» فانتهى إليهما في تلك اللحظة» وقبل أنْ تنزلَ يد سعادةٍ 
المدير بالصفعة على وجه ابن الباشا وبنك الباشا كات هذا الشرطىٌ قد ركَلّه برجله. 
تولك افاشاتو كدب الم و]نطلنا: عدو الخيل .هت الووت ارط 


وتمجّدَتٍ الفضيلةٌ كعادتها. .!. . أنَّ مسكيناً حلم بها. . 


)١(‏ الأهدام: الأثواب. 
(؟) يتأئّقان: يلبسان الأنيق من اللباس. (54) أحبوشة الزئج: شذة سواد اللرن والأدمة. 
(؟) حفياً: مرحباً . (5) توسنهما: أتاهما وهما نائمان. 


ها 


اام في لمر 

كان فلان بن الأمير قلان تيان في فت بيائة عقا معن رفخ اللقوالين لامتقز. 
يخضعٌ لهاء فكانَ نيّاها”'" صَلِفاً!" يشمَّحٌُ على قومه بِأنّهُ ابنُ أميره ويختالٌ في 
الناس بأنَّ له جَدَاً مِنَ الأمراءء ويرى من تَجَبْرِهِ أنَّ ثيابة على أعطافه”" كحدودٍ 
الملكة على المملكة لأنَّ له أصلاً في الملوك . 

وكانَ أبوه منّ الأمراء الذين وُلدوا وفي دمهم شعاعٌ السيف. وبريقٌ التاج. 
ونخوةٌ الظفرء وعِرٌ القَّهِرٍ والغلبّة ؛ ولكنّ زمنَ الحصار ضربٌ عليه؛ وأفضّتٍ الدولة 
إلى غيره» فتراجِعَت فيه ملكاثُ الحرب من فتح الأرض إلى شراءٍ الأرض» ومن 
تعفيير© الآمازات إلئ تشَنِيدٍ العمارات» .ومن إذارة معركة الأبطال إلئ إدارة 
معركة المال؛ وَغَبَرَ دهرَه””؟ يملكُ ويجممٌ حتى أصبحَث دفاترُ حسابه كأنّها 
(خريطة) مملكةٍ صغيرة. 

وبعض أولادٍ الأمراء يعرفونٌ أنّهم أولادُ أمراء. فيكونونَ م مِنَ التكبرٍ والغرور 
كأئّما رَضُوا منّ الله أن يُرسِلهم إلى هذه الدنيا ولكنْ بشروط . 

وَأَنتقلَ الأمير البخيل إلى رحمة الله وترك المال وأخذّ معهُ الأرقامَ وحدّها 
يُحاسَب عنهاء فورتّه ابه وَأْمَرَّ يَدهُ في ذلك المالٍ يبعفِرُه''“؛ وكات الأقدارٌ قد 
كتبث عليه هذه الكلمة: غيرٌ قابل للإحسان. فعا ما فرت اناد وكتبث في 
مكانها هذه الكلمة: جُيِعَ للشيطان. ١‏ 

أما الشيطانُ فكانَ له عمل خاصٌ في خدمة هذا الشاب» كعمل خازنٍ الثياب 
افيه عبر اندلا تاليش نايا بن أنكارا واراة واغيلةه وكاشيهية اديدجل الدنا 


. تتاهاً: متكبراً. (5) تمشيد الإمارات: يقصد افتتاح الإمارات‎ )١( 
(؟) صلفا: متعجرفاً. (0) غير دهره: عاش عمره.‎ 
أعطافه : أطرافه. (1) يعثره: ينققه بإسراف»ء يبذره.‎ )*( 


كلا 


كلّها إلى أعصابه ليخرجّ منها دنيا جديدةً مصنوعة لهذه الأعصاب خاصة. وهي 
أعصابٌ مريضةٌ ثائرةٌ متلهّبةُ لا يكفيها ما يكفي غيّرها فلا تَبِرحُ تسألّ الشيطان بينَ 
الحين والحين : ألَا تُوجدٌ لذهٌ جديدةٌ غيرُ معروفة؟ ألا يستطيعٌ إبليسٌ القرنٍ العشرين 
أنْ يخترعَ لذةً مبتكرة؟ ألا تكونٌُ الحياةٌ إلا على هذه الوتيرة من صُبْجها لصّبْجها؟ 

كانَ الشابُ كالذي يُرِيدُ من إبليسٌ أنْ يخترعَ كأساً تَسَعُ نهراً من الخمرء أو 
يجدّ له امرأةٌ واحدةً وفيها كل فنونٍ الساء وآختلافِهنّ . وكانّ يُرِيدُ منّ الشيطاتٍ أن 
يُعيته في اللّذَةٍ على الاستغراق الرُوحاني وَيَغْمُرَهِ بمثل التجليّاتٍ القّدسيةٍ التي تنتهي 
إليها الف مون جد و الطرب وجِدُةٍ العؤق 64 زذلك هوق طافة إبليش» :ومن تم كان 
مداتي جه عفاي سي بعر نه 5ك مرو قوم ديرق بد عه ريع تدحل إلى 
المسجدٍ فيصلَيَ مم بعض الأمراء الصالحين. 

وهؤلاءٍ الفُسَاقُ الكثيرو المالٍ إِنَّما يعيشونّ بالاستطراف من هذه الدنيا؛ 
فهمّهم دائماً الألَذْ والأجملٌ والأغلى؛ ومتى أَنتَهِتْ فيه أللدّة منتهاها ولم تجد 
عاطفئُهم منّ اللذاتٍ الجديدة ما يُسْعِدُهاء ضائّث بهم فظهرث مظهرّ الذي يُحارل 
أن ينتحرء وذلك هو الملل الذي يُبْتَلونَ به. والفاسقٌ الغنىُ حينَ يمل من لداته”) 
يُصبحٌ مع نفسه كالذي يكونُ في نقَقٍ تحت الأرض ويُريّد هناك سماءً وجو يطيرٌ 
فيهما بالطيارة. . 

ا ين 

قالوا: وَأعترض ابنَ الأمير ذاتَ يوم شحاد مريض قد أسنّ وعجرّ يتحامل 
بعضُّهُ على بعض» فسأله أن يُحِسِن إليه وذكرٌ عَوَرَهُ وأختلاله» وجَعَلَ يَبْتُه من 
دُموعه وألفاظه. وكانَ إبليسٌَ فى تلك الساعة قد صَرَف خَواطِرَ الشابٌ إلى إحدى 
الغانياتِ الممتنعات عليه» وقدٍ أبتاع لها حلية ثمينة اشتطً”" بائعها في الثمن حتى 
بلع به عشرة آلافٍ دينارء فهو يُريدٌ أَنْ يُهديّها إليها كأنّها قَدرٌ من قادر. . . ونَطمَ 
عليه الشحادٌ المسكينٌ أفكارَهُ المضيئةَ في الشخص المضىء. فكان إهانةً تخياله 
السامي. .. ووجد فى تفه قُضَاصة"" من رؤية وجهه: وأشمأزٌ في عُروقِه دم 
الإمارة» وتحركّت الوراثة الحربيةٌ في هذا الدم. . . 
)١(‏ لداته: أصدقائه ومعارفه. 
(1) اشتط: غالى في ثمتها. (؟) غضاضة: مذلة. 


بالا 


ثم ألقى الشيطانٌ إلقاءه عليه فإذا هو يرى صاحبّ الوجه القَذِر كأنما يتهكمُ 
به يقول له: أنت أميرٌ يبحتٌ الناسُ عن الأمير الذي فيه فلا يجدون إِلَّا الشيطانَ 
الذي فيه . وليس فيك مِنَ الإمارةٍ إلا مثلٌ ما يكون منّ التاريخ في الموضع الأثريّ 
الخَرِب . ولن تكونّ أميراً بشهادةٍ عشرةٍ آلافٍ ديتار عند مُومِسء ولكنْ بشهادةٍ هذا 
المالٍ عند عشرة آلاف فقير. أنت أمير»ء ة نفيث الحياء ألك مير أو هذا معثى ني 
كلمة منّ اللغة؟ إِنْ كانّتٍ الحياءٌ فأين أعمالّك. وإنّ اللغةَ فهذه لفظةً بائدةٌ ندل فى 
عصور الانحطاطٍ على قِسْطٍ حاملها مِنَ الاستبدادٍ والطغيانٍ والجَبّروت؛, كأنّ 
الاستبداد بالشعب غتيمةٌ يتناهَبُها عظماؤًه. فَقِسْمٌ منها في الحاكم وقسمٌ في شبه 
الحاكم يُتَرَجَمٌ عنه في اللغة بلقب أمير. 

لمن للماض انها الأثير إن لقبي هذا إِنَّما هو تعبيرٌ الزمن عمًا كان 
لأجدادي مِنَّ الحنٌ في قتل الناس وأمتهانهم . 

قن له 

وكانَ هذا كلاماً بينَ وجه الشحاذٍ وبِينَ نفس أبن الأمير في حالة بخصوصها 

من أحوالٍ النفس» “افك جرَم''" أن هن :الصحاذً وطرة ومفى يدعو بها يدض 

ونام أبن الأمير تلك الليلة فكانَّتْ خيالته9"© من دنيا ضميره وضمير الشحاذ: 
فرأى فيما يرى النائمُ أن ملكا م مِنَ الملائكة يهتف به: 

ويلك! لقد طَردت المسكينَ تخشى أن تنالّك منه جرائيمٌ تمرض بهاء وما 
علمت أن في كل سائلٍ فقير جرائيمٌَ أخرى تمرضٌ بها النعمة؛ فإ اكزعتة يعدت 
فيه» وإِنْ أَمَنتَهُ نَقَضَها عليك. لقد هلكتٍ اليومّ نعمئك أيّها الأمير؛ وأسترة العارية 
صاحبّهاء ا ا ا مِنَ الخبز 
فلا تتهياً لك إلا بجهدٍ وعملٍ ومشَقّة ؛ فآذهبٌ فاكدّخ لعيشك في هذه الدنياء فما 
لأبيك حنّ على اللَّهِ أنْ تكونٌ عند الله أميراً. 

قالوا: وينظٌ ابن الأمير فإذا كل ما كان لنفيه قد تركّه حينّ تركّه المال» وإذا 
الإمارةٌ كانّث وهماً فرضّهُ على الناس قانونٌ العادة» وإذا التعاظمٌ والكبرياة والتجبرٌ 
ونحوها إنّما كانّث مَكراً منَ المكر لإثباتٍ هذا الظاهر والتَعرُز به. وينظرٌ ابن 


)١(‏ لا جرم: لاشك. 
(؟) خيالته: ما يراه من أشباح في نومه. ارود ا 


م؟ 


مغتاظاً: كيف أهملثني الأقدارٌ وأنا ابن الأمير؟ 

قالوا: ويهتفٌُ به ذلك الملك: وبحك إِنَّ الأقدار لا تُدلّلُ أحداّء لا ملكا ولا 

أبن ملك» ولا سُوقيَاً ولا أبنَ سُوقيَء ومتى صِرثُمْ جميعاً إلى التراب فليسٌ في 
التراب عظمْ يقولٌ لعظيم آخر: أيها الأمير. . 
فلم يديت 

قالوا: وفكّر الشَابٌ المسكينٌ فى صواحبه منّ النساءء وعنَدمِنٌ شبابة 


وإسرافهء ونفْقَائُهٌ الواسعة» فقَالَ في نفسِه: أذهبُ لإحداهن؛ وأحدّ سَمْنَه”“إليهاء 


الأميرء فإذا هو بعد ذلك صُعلوكٌ أبتث”" مُعْدِمٌ رَثّ الهيئةِ كذلك الشحاذء فيِصيحٌ 


فما كادّثُ تعرفْهُ عيناها في أسماله وبذاذتِه وفقره حتى أمرّتْ به فَجُرٌ بيديه وَدُفِمَ في 
قَمّاهِ. ولكنّ دم الإمارة نزا فى وجهه غضبّأ. وتحركّث فيه الورائةٌ الحربية» فصاح 
وأجْلَت”" وأجتمعٌ الناسٌُ عليه وأضطربواء وماج بعضّهم في بعض . فبينا هو في 
شأنه حانّث منه التفاتةٌ فأبصرَّ غلاماً قد دخلّ في عُمارٍ الناس» نَدَّسنٌ يذَهُ في جيب 
أحدهم كد كين وعم ١‏ 

قالوا: وجرى في وهم ابن الأمير أن يلحقّ بالغلام كين كيه الشَُرْطيّ 
وينتزعَ منه الكيس وينتفع بما فيه» فتِسلْلَ من الزحام وتبعَ الصبيّ حتى أدركهٌ ثم 
كَبِسَهُ وأخذّ الكيسٌ منه وأخرج الكنرٌء فإذا ليس فيه إلا خاتمٌ وحجابٌ وبع 
خَرَّرَاتٍِ مما يتبركٌ العامة بحمله؛ ومفتاح صغير. .. 

فآمتلاً غيظاً وفارٌ دم الإمارةٍ وتحركّتٍ الورائةٌ الحربيةً التي فيه. وألمّ الصبيُ 
بما في نفسهء وَحَدَّسٌ على أُنَّهُ رجل أُنَاقٌ مُتَبِطَلء لا نَقَادَ له في صِناعةٍ يرتزقٌ 
منهاء فرنّى لفقرهِ وجهلِهٍ ودعاهُ إلى أنْ يعلّمَهُ السرقة وأنْ يأخذَهُ إلى مدرستها. 
وقال: إِنَّ لنا مدرسةء فإذا دخلْتَ القسمّ الإعداديٌ منها تعلمْتَ كيف تحمل 
المكتّل”* فتذهبُ كأنّك تجمعٌ فيه الخِرَّقٌ البالية منّ الدورٍ حتى إذا سَحَث لك 
عَفلة انسللتَ إلى دار منهاء فسرقْتَ ما تنالهُ يدك من ثوب أو متاع؛ ولا تزال في 
هذا الباب منّ الصنعةٍ حتى تُحْكِمّه؛ ومتى حذقُتهُ ومَهَرْتَ فيه أنتقلت إلى القسم 
الثانوي . 
)١(‏ أبتر: مقطوع من المال والولد. 


(؟) السمت: المخبر والشكر. (1) نشل: سرق بخفة . 
() أجلب: ضح بأصرات مرتفعة . (0) المكتل: وعاء كالقفة يصنع من الخوص . 


/1 


فصاح أبن الأمير : أَغْرْبْ عئي. عليك وعليك. أخزاك الله! ولعن الله 
الإعدادي والثانوي معا. 

ثم إنه رمى الكيسّ في وجه الخلام وأنطلق» فبينا هو يمشي وقد نَورْقْةُ الهمومٌ؛ 
أنشاً يفكرٌ فيما كان يراه مِنَ المُكَدَين!'2. وتلك العلل" التي ينتحلونها”" للكذية 
كالذي يتَعامى والذي يتعَارجُ والذي يُحِدِتثٌ في جسمه الآفة؛ ولكنّ دَمَ الإماةٍ أشمأرٌ في 
عروقِهِ وتحركث فيه الورائةٌ الحربية! وبَصُرٌ بشابٌ من أبناء الأغنياء تنطِقٌ عليه النعمة 
فتعرّضٌ لمعروفه. وأفضى إليه بهمّهء وشكا ما نزل به ثم قال: وإني قد أَمَلْنْكٌ وظنئى 
بكَ أن تصطفيني لمنادمتك أو تُلِحقّني بخدمتِكء وما أريدٌ إلّا الكفاف من العيش 29 
فإنْ لم تبلغ بي» فالقليلُ الذي يعيش به المُقِل. وصعّد فيه الشابٌ وصوَّبَ ثم قال له: 
أَتَحْسِنُ أن تلطف في حاجتي؟ قال: سأبلُ في حاجتِك ما تُحِبُ . قال الشاب: ألك 
سابقةٌ في هذا؟ أكنتٌ قوّاداً؟ أتعرفٌ كثيراتٍ منهن . 

فانتفض غَضباً وهم أنْ يبطش بآلفتى لولا حَوقُهُ عاقبة لخويية؛ الاي 
ومع لوي وكات تد لك توما فائل رحد عملا في : بعض الحوانيت» غير أن 
أصحابّها جعلوا يزجرونّه مرةً ويطردونّه مرة» [ذوتقف لله انكس وكادوا 
يُسلِمونه إلى الشرطِي فمضى هارباً؛ وقد أجممٌ أن ينتحرّ لِيقتلَ نفِسَهُ ودهرَةُ وإمارته 
وبِؤسَهُ جميعاً. 

قالوا: ومرٌ في طريقِهِ إلى مَضْرعِهِ بامرأةٍ تبيعٌ اليل والبصلّ والكراث» وهي 
بادنّةَ وَضيئةٌ ممتلئة الأعلى والأسفل» وعلى وجهها مَسْحةٌ إغراء» فذكر عَرَّلَهُ وفتنّة 
وأستغواءة للنساء. ونازعثه النفسٌء» وحسبٌ المرأةً تكونُ له معاشاً ولهواء وظئّها لا 
تُعجِرُهُ ولا تفوثهُ وهو في هذا الباب خرَّاحٌ ولاج منذ نشأ.. ‏ غيرَ أنّه ما كاد 
يُراودُها”'' حتى أبتدرثهُ بلبطةٍ أظلمَ لها الجر في عينهِ ثم هرّثْ07" في وجهه مريراً 
منكراً وأستَعْدَتْ عليه السابلة”*” فأطافوا به وأحذّهُ الصفعٌ بما قَدْمَ وما حدِّثء وما 
زالوا يتَعاوروئُه!”' حتى وقّع مغْشِياً عليه . 
)١(‏ المكدين : المتسولين. 
(؟) العلل: الأعذار. (7) يراودها: يستميلها. 


(") ينتحلونها: يتخذوتها أعذاراً لهم . (0) هرّت: أصدرت صوتاً مزعجاً. 
(5) الكفاف من العيش: القليل منه. (8) السابلة : المارة. أطافوا به: أحاطوا به. 
)0 استخذى: حجل. 4 يتعاورونه: يتبادلونه كل بدوره. 


وى الي متها راق امو تام اهنا الكري و كانه وخ وا خاي بالحتود 
ا إلى المارستان2)'7 وساحّ في مصائب العالم» وطافٌ على نكبات الأمراء 
والسُّوقةِ بما يعي وما لا يعي. ؤاى أن آفاف امن الما فإذا هو قدٍ أستيقظ من 
نومه على فراشه الوثير. 


ويا لِيْتَ مَنْ يدري بعد هذا! أغدا ابنُ الأمير على المسجد وأقبل على الفقراء 
يُحسِنٌ إليهم؛ أم غدا على صاحبته التي أمتئعث عليه فأبتاعَ لها الجِلَّيةَ بعشرةٍ آلافٍ 
ديئار؟ 


يا ليْتَ من يدري! فإنّ الكتابَ الذي نقلنا القصّدّ عنه لم يذكر من هذا شيثاً بل 


قطعٌ الخبرَ عندّما أنقطعٌ الصفع . 


000 المارستان: مستشهى المجاذيب والمجانين. 


ام 


نت ألباشا 


كائث هذه المرأةٌ وضّاحة الوجه”'"» زهراء اللونٍ كالقمر الطالع» تحسبّها 

لجمالها 0 الملائكةٌ بنورٍ النهارء . وروّتها من ضُوءٍ الكواكبّ. 
نَتْ بَضَة ا اي يلتفٌ جسمُها شيئاً على شيء التفافاً 

فك ساء ريط ع لمت يدر " الحسان؛ أَفْرعّ فيها الجمالٌ بقدرٍ ما يُمكنّ 
لق أجسام الدُمى العبقرية التي فرع فيها الجمالٌ والفنٌ بقدر ما يستحيل . 

وكانّتُ باسمة أبداً ما يتلالةٌ الفجر» حنَّى كأنَّ دّمها العزّليَ الشاعرٌ يصن 
لئغرها ابتسامتهاء كما يصنمٌ لخدَّيْها حمرتهما. 

ما لها لست الآنَ تحت الليل مُطْرِقة*' كاسَفة ذابلة» تأخذّها العينُ فما 
شك أن هذا الوجة قد كان فيه مَنْعْ ثور وغاض! وأنَّ هذا الجسم الظمآنَ المعروقٌ 
هو بُقْعَةٌ مِنّ الحياةٍ أقيمَ فيها مأتم! 

ما لهذه العين الكحيلة تُذرِي الدمع”*' وتستزسلٌ في البكاء ولج فيه؛ كأنَ 
الغادة المسكينة تُصرٌ بِينَ الدموع طريقاً فضي منه نفسُها إلى الحبيب الذي لم يَعْدْ 
في الدنيا؛ إلى وحيدها الذي أصبحْث تراه ولا تلمُسْهء وتكلَمُهُ ولا يَرْهُ عليها عليها؛ إلى 
طفلها الناعم الظريفٍ الذي أنتقلّ إلى القبرٍ ولن يرجعء وتتمثلةُ أبداً يُرِيدُ أنْ يجيءَ 
إليها ولا يستطيع» وتتخيلة أبدأً يَصيحٌ في القبر يناديها: «يا أمّيء يا أمّي. . 

قلبُها الحزينُ يُقَطْعْ فيها وَيمَْقٌ في كل لحظة؛ لأنّه في كل لحظة يُرِيدُ منها 
أن تضم الطفل إلى صدرهاء ليستشعرَهُ القلبُ فيفرح ويتهئأ إِذ يَمَسٌ الحياة الصغيرة 
الخارجةً منه ولكن أين الطفل؟ أين حياةٌ القلب الخارجةٌ منّ القلب؟ 

لا:طافة"'" للمسكةة أن نجي كلها إلن ما يظلت»: ول عطلاقة تقلنها أن بهذا 


)١(‏ وضّاحة الوجه: جميلة المحيّا. (8) مطرقة : مفكرة. 
(؟) بضّة: بيضاء محاممّة الجسد. (0) تذري الدمع: تبكي 
() الغيد: مفرده غيداء جميلة ممشوقة القوام. (5) لا طاقة: لا قدرة. 


,م 





عمًا يطلب؛ فهو منّ الغيظ والقَّهرٍ يحاولٌ أنْ يُمَجْرَ صدرّهاء ويُريدُ أنْ يَدُقَ 
ضلوعّهاء ليَخْرِجَ فيبحتٌ بنفيه عن حبيبه! 

مسكينة تَتْرَنْحُ ونتأرّى تحت ضَرباتٍ مُهْلَكْهِ من قلبهاء وضَرباتِ أخرى من 
خيالهاء وقد بانَّتْ من هذه وتلك تعيش في مث اللحظة التي تكونُ فيها الذّبيحة 
تحت السكين. ولكنها لحظةٌ أمتدّث إلى يوم» ويومٌ أمتدٌ إلى شهر . يا ويلّها من 
طول حياة ! لم تَعْدْ في آلامها وأوجاعها إِلّا طول مدّة الذّبح للمذبوح . 

ولو كان للموتٍ قطارٌ يقفُ على محطة في الدنياء ليحملّ الأحبابَ إلى 
الأحباب» ويسافرٌ من وُجودٍ إلى وجودء وكانث هذه الأمّ جالسة في تلك المحطة 
منتظرةً تترئص"2". وقد ذُمِلَثْ عن كل شيء» وتجردّث من كلّ معاني الحياة؛ 
وجمدّثْ جموة الانتقالٍ إلى الموت - لما كانّثْ إلا بهذه الهيئة في مجلسها الآنَّ في 
شُرفتِها من قصرهاء تُطلُ على الليل المظلم وعلى أحزانها. 

:ا عا هلا 

هي فلانةٌ بنتُ فلانٍ باشا وزوجةٌ فلان بك. نَرَادَمْتِ الَعمُ”'" على أبيها فيما 
يَطلبُ وما لا يطلّب» وكأئّما فرَعٌ من اقتراجه على الزمانٍ واكتفى مِنَ المالٍ والمجاه, 
فلم يُعجب الزمانَ ذلك. فأخذّ يقترحٌ له ويصنعٌ ما يقترح» ويزيدةُ على رَعْمه نِعَماً 
تتوالى ! 

وكان قد تقدّمٌ إلى حَطَبْةِ ابنته شابٌ مهذّبء يملكُ من نفْسِهٍ الشباب والهِمّةَ 
والعلّم» ومن أسلافهٍ العُنصرٌَ الكريمَ والشرفّ الموروث؛ ومن أخلاقِه وشمائِلِه ما 

ئرُ به الرجالَ ويُفاخر. بَيْدَ أنّهُ لا يملك من عيشه إلا الكفاف والقِلّة. وأمّلاً بعيداً 

كالفجرٍ وراءً ليلٍ لا بد من مُصَابِرتِه إلى حين يَنْبتِقُ النور. 

وتقدّمٌ صاحبّنا إلى الباشا فجاءهُ كالنّجم عاريا؛ أي في أزهى ثورائئته وأضوّتها. 
وكان قل عَلِىّ الفتاة وغلفئة» فظة عند نفسه أن الحث هو مال الحّت» وأن. الرجولة 
هي مال الأنوثة» وأنَّ القلوب تتعاملُ بالمسَرّاتٍ لا بالأموال؛ ونُسيّ أنه يتقدّم إلى 
رجل مالي جعلئة حَقَارةُ الاجتماع رُتبة» أو إلى رتبةٍ ماليَةٍ جعلئها حقارةٌ الاجتماع 
رجلاً. وأنّ كلمة (باشا» وأمثالها نما تخلّفتْ عن ذلك المذهب ب القديم: مذهب 
الألوهيةَ الكاذبة التي أنتحلّها فَرْعونٌ وأمثالة» ليتَعْبَدُوا الناسّ منها بألفاظٍ لوي 





)١(‏ تترئص : تترقبء تنظر. (5) ترادفت التعم : توالت تترى. 


م 


المؤمنة؛ فإذا قيل: «إلهه كان جوابٌُ القلب: «عرّ وجل)ء «سُبْحانه». . 
ولمًا أرتقى الناسٌ عن عبادةٍ الناس» تَلطَفّتْ تلك الألوهيةٌ ونزلَت إلى درجَاتٍ 
إنسانية» لتتعبّدَ الناس بألفاظٍ عقَولهمْ السادّجة؛ فإن قيل «باشا» كان جوابٌُ العقل 
الصغير: «سعادتلو أفندم!)”'؟. 
نسي الشاتٌُ أنَّه «أفندي) سيتقدم إلى «باشا» وأعماهٌ الحبٌّ عن فَرْقٍ بينّهما؛ 
وكانَ ساميّ النفسء فلم يُدركُ أنَّ صغائرَ الأمم الصغيرة لا يد لها أنْ تنتحلّ السموٌ 
أنتحالاً» وأنَّ الشعبٌ الذي لا يجدٌ أعمالاً كبيرة يتمجّدُ بهاء هو الذي تُحْتَرَعٌ له 
الألفاظٌ الكبيرةٌ ليتلهّى بها؛ وأنه متى مِعُْفَ إدراك الأمّة» لم يكن التفاوثُ بينَ 
الرجالٍ بفضائلٍ الرجولة ومعانيهاء بل بموضع الرجولةٍ من تلك الألفاظ ؛ فإن قيل 
«باشا» فهذه الكلمةٌ هي الاختراعٌ الاجتماعيٌ العظيمٌ في أمم الألفاظء ومعناها 
العلميّ : قوةٌ ألفٍ فدانٍ أو أكثرٌ أو اقل ويقابلها مثلاً في أمم الأعمالٍ الكبيرة لفظ 
«الآلة البخارية» ومعتاها العلميُ قوةٌ كذا وكذا حصاناً أو أقلّ أو أكثر! 
سق هذا الشابٌُ أنَّ «أممّ الأكلٍ والشرب» في هذا المشرقٍ المسكين. لا تم 
عظمئُها إلا بأنْ ب نفع 3 الأحتحات المالٍ الكثير ألقاباً هي في الواقع أوصافٌ اجتماعيةٌ 
للمعدةّ ة التي تأكلٌ الأكغرٌ والأطيبت والألذء وتسّلك اسبات القدرة غلى الألد 
والأطيب والأكثر. 
وتقدّمَ (الأفندي) يتودّدُ إلى (الباشا) ما أستطاعء ويتواضمٌ وينكمش» 
يألوهُ تمجيداً وتعظيماً؛ ولكن أين هو منّ الحقيقة؟ أنه 0 
أحمق ؛ إذلم يعرف أنَّ تَقَدُمَهُ إلى ذلك 55 كان أول معانيه أن كلمة «أفندي) 
تطاولَث إلى كلمة «باشا؛ بالسَبٌ عَلَنا . 
ني كنا 
وانقبضوا عن (الأفندي) وأعرضوا عنه إعراضاً كانَ معناه الطرد؛ ثم جاء 
(البك) يخطبُ الفتاة . 
و ابك» مَنْبَهَةَ للاسم الخاطب» وشَّرفٌ وقَدْرٌ وثناءً اجتماعي» وذكْرٌ شهيرء 
وإرغامٌ على التعظيم بقوةٍ الكلمة. ودليل على الحُرْمَاتِ اللازمةٍ للاسم 0 البنواد 
للعين» ولو لم يكن تحت (بك) رجلٌء فإن تحتّها على كل حالٍ (بك) . . . ! وأنْعَمَ 


)١(‏ وضعت الدولة العثمانية هذه الألقاب تنعم بها على من يدفع ثمن تلك الألقاب. 


45م 


له الباشاء ووصل يَدَّه بيد ابنته فألبَّها وَأَلبَسَنْه زأعلمها اوها اك افد تعس عر 
البك فإذا هو (بك) قوةٍ مائتي فدان... أما الأفندي فظهرٌ منّ الفحص الهندسيّ 
الاجتماعي أنَهُ (أفندي) قوةُ خمسة عشرّ جنيهاً في الشهر. . . ! 

وحَئسَ0'' الأفندي وتراجَمَ مُنْخَزْلآ» وقد علم أن (الباشا) إِنّما زوّجَ لقبَهُ قبل 
أنْ يزوج أبنتهء أنّهُ هو لن يملِك مهرّ هذا اللقب إلا إذا مَلْك أن يُبِدَلَ أسباب 
التاريخ الاجتماعيٌ في الأمم الضعيفة» ٠‏ فينقل إلى العقلٍ أو النفس ما جِعلَُهُ «أمم 
الأكل والقرتة فناحق المعدة) فلا يكونَ (باشا) إلا مخترعٌ شرقيُ مُفْلِنَ أو أديبٌ 
عظيمٌ فقيرء أو من جرى هذا المجرّى في سمو المعنى لا في سموّ المال. 

وقدْمَتْ مائمًا الفدانٍ مهرّها «الطينيٌ؛ العظيمَ بما : تعبيرٌهُ في اللغة الطينية : ل 
عشرين ثوراً. ومثلها جاموساًء ومثلها بغالاً وأحمرة» وفوقها مائةٌ قنطار قطناء ومائة 
إردب قمحاً؛ ثم ذُرة» ثم شعيراً. والمجموعٌ الطيننٌ لذلك ألفٌ جنيه» وعرّى الباشا أنه 
مستطيمٌ أنْ يقول للناس: إنها خمسةٌ آلاف» احتزلتها الأزمة فَبَحَها الله . . 

ثم زُفْت «بنت الباشا» زفافاً طينياً بهذا المعنى أيضاً؛ كان تعبيرُة: أنه نين نمن 
ألفٍ قنطار بصلاء ومائةِ غَرارةٍ من السَّمادٍ الكيماوي» كأنما قُرِضٌ بها الطريق. . 

وَطفِقٌ الباشا يُفَاجِرُ ويتمدحُ» وَيتبلُح” "“ على الأقندي وأمثالٍ لي بالطين 
ومعاني الطين؛ فردّتٍ الأقدارٌ كلامّه؛ وجعلَتْ مَرْجِعَهُ في قلبه» وهيَّأت لبنتٍ الباشا 
معيشة «طِينية) بمعئّى غير ذلك المعنى. .. 

ْ ع د كن 

ومات الطفل؛ فردَّتْ هذه النكبةٌ بنت الباشا إلى معاني أنفرادها بنفسِها قبل 
الزواج» وزادنها على أتفرادها الحزنَ والألم؛ وألقَّتٍ الأقدارٌ بذلك في أيامها 
ولياليها الترابٌ والطين. 

ولج الحزنُ ببنتٍ الباشا فجعلّث لا ترى إلا القبرّء ولا تتمى إِلّا القبر» تلحقُ 
فيه بولدها؛ فوضّعت الأقدارٌ من ذلك في رُوجِها معنى الطين والتراب . 

وأسقمّ الهم بنتَ الباشا وأذايّها؛ فنقلتٍ الأقدارُ إلى لحيها عَمَلَ الطين» في 
تحليله الأجسامٌ وإذابَتها تحت الْبلى . 


)١(‏ خنس: تأخر. (9) يبذخ: يتكرّم. 





وكانَ وراة قصرها حوَاء”'' يأوي إليه قومٌ من 'طِينِ الناس» بنسائهم وعيالهم» 
وفيهم رجلٌ «رَبَالٌ؛ له ثلاثةٌ أولّادء يراهم أعظعَ مَفَاجِره وأجملٌ آثاره» ولا يزال يرفمٌ 
صوئّه متمَدّحاً بهم؛ ويخترعٌ لذلك أسباباً كثيرة لكي يَسمعّه جيرائه كل ليلةٍ مُفاخراً. مرةً 
بأحمد» ومرة بحسن. ومرة بعَلىَء وأعجَبٌ أمره أَنَّهُ يرى أولادَهُ هؤلاءٍ متمُمينَ فى 
الطبيعة لأولادٍ 3الباشوات». . . رعو لشت ع والشيران الجقدرس الميقازه؟ 5 
الأسدُ أشباله هم صنعةً قوّتهء فلا يزالُ يَحُوطهم _يُتَمّمُهم ويرعاهم» حتى إِنّه لَيُقَاتَلُ 
الوجود من أَجلِهم؛ إِذْ يشعرٌ بالفطرةٍ الصادقة أَنّهُ هو وجُودُهمء وأنّ الطبيعة وهَبَّتْ له 
منهم مَسَرّاتٍ قلبهء ذلك القلب الذي أنْحصّرث مسرّانُهُ في النسل وَحَدَّهء فصارٌ الشعور 
بالسل عَندَءُ هو الحتٌ إلى نهاية الحت: وكذلك الربال الأسل: 

ومن سخرية القدرٍ أنَّ الا هذا لم يُسكن ألحوة إِلّا في تلك الليلة التي 
جِلَسَتْ فيها بنتُ الباشا على ما وصفناء وفي ضلوعها قلبٌ يُفَنّتُ من كبدهاء 
ويُمِرّقُ من أحشائها. 

وبينا تُناجي لفسّها وتَّعْجَبُ من سخريةٍ الأقدارٍ بالباشا والبك» وتَسْتَحْمقُ أباها 
فيما أقدمٌ عليه من نبذٍ كُفْئِها لعجزهٍ عِن مهر باشاء وإيثارٍ هذا المهر الطيني» وتَبَاهِيه 
به أمامَ الناس» وانْدِرَائِهِ بالطعن على مَنْ لِيسٌ له لقبٌ من ألقاب الطين - بِيَنا هي 
كذلك إذا بالزبال؟ كانس التراب والطين يهتفُ في جوف الليل وايتعترع : 

يالِيلءيالِيلءباليل | مامتنجليياليل 
د 

التتفائني" " افجورا فم اخنة تند با رسن 

هِنَالهموءهْفاضي إفرحليياقلبي 


70 


ع د 


)١(‏ الجوّاء: بيوت فقراء أهل الصعيد في مصر. (1) مشبوباً: ملتهب العواطف. 


53 


إن 


قتلتأنَافَيْحخَان ا ا 11 


واككشنة ين اللمسعتمط إن:_. ضبان اتنا فشني 


ع تيا نه 


علد التسعتمورك يننا ناش راح يتككي 


ِ 


رب كيني بجر وأناعلى كعيفي.. 


د ا ا 


والنالفيِتي في مموم ‏ والخالي خالوالبال 
ولمعي با يدنم وتْدُومْهمومالم ال 


لد كن فنا 


امهو ]8ت ابا هن 'الستشسن يونا للْونم 
والخيزرء جميعالججخيم مس وعافقيههء ووم 
عا الجن لير ياليل | مايئجليياليل 


الباضاء: 


تنيت 
ولم تختر الأقدارٌ إلا زبالاً نُرْسِلُ في لسانه سخريّتها بذلك الباشا وبنتٍ ذلك 
1 


وكسرٌ قلب بكسر قلب وحَطمٌ نفس بحطم نفس 
يد فبزاراتت عييكب كشائية متشت الكش 


حم 


ورقة ورد 


«وضعنا كتاينا (أوراق الورد) في نوع من الترسل لم يكن منه 
شيء في الأدب العربي على الطريقة التي كتبناه بهاء في المعاني 
التي أفردناه لها؛ وهو رسائل غرامية تطارحها شاعر فيلسوف 
وشاعرة فيلسونة على ما بتناه في مقدمة الكتاب . وكانت قد 
يصف من أمره وأمر صاحبته» ويصور له فيها محر الحبّ كما 
لمسه وكما تركه. وقد عثرنا عليها بعد طبع الكتاب» فرأينا ألا 
نتفرد بهاء وهي هذه:؛ 
كانَتُ لها نفسٌ شاعرة» من هذه النفوس العجيبة العى تأخذ الضَدَّين 
بمعئى واحدٍ أحياناً؛ فِيَسُْرُها مرةً أنْ تُخزِئها وتستدعيَ غضبّهاء ويُحْرِنُها مرةً أن 
تَسُرّها وتبلعٌ رضاهاء كأنْ ليس في السرور ولا في الحزن مَعانٍ مِنَ الأشياء ولكنْ 
من نفسِها ومشيئتها . 
وكان اه متنبوباء يلقي في كل شيم لمَعَادَ الدون وانظفاء؛ فالدنيا فق 
خيالها كالسماء لعي ألبهًا الليل؛ م مُلِكَثْ بأشياثها مبعفّرةً مضيئةٌ خافتة كالدجوم . 
امار ا ا وا 5 
عقلها؛ ويجعلّها في بعض الأحيانٍ من دِقَةِ هذا الحسٌ وأهتياجه كأنّها بغير عقل. . 
وهي ترى أسمى الفكر في بعض أحوالها ألا يكونَ لها فكر؛ فتترك من 
أمورها أشياءً للمصادفةء كأنّها وائقةٌ أن الحظ بعض عُشَّاتِها. على أنَّ لها ثلاثةً 
أنواع من الذكاء. في عقلها وروحها وجسمها: فالذكاءٌ في عقلها نَهُمء وفي روحها 
فتنةء وفى جسمها. .. خلاعة. 
وكنتٌُ أراها مَرِحَةَ مستطارةً مِمًا َطْرَبُ وتتفاةل؛ حتى لأحسبّها تودُ أن يخرج 
الكونُ من قوانيئِه ويطيش . .؛ ثم أراها بعد مُتَضُوْرةَ"' مهمومة تخْرَّنُ وتتشاءمٌ 
حتّى لأظئها ستزيدٌ الكونّ هما ليس فيه! 


)١(‏ متضوّرة: متألمة. 


هه 


وكائّث على كلّ أحوالها المتنافرة ‏ جميلة ظريفة» قد تمّتْ لها ألصورةٌ التي 
تَخلقُ الحبٌ» والأسرارٌ التي تبعت الفتنة؛ والسحرٌ الذي يُميّرْ روحَها بشخصيتها 
الفاتنة كما تتميرٌ هي بوجهها الفاتن. 

ات 

وكانَ حبّي إِيّاها حريقاً من الحبّ. فمثُلٌ لعينيك جسماً تَنَارَلَ جِلْدَهُ مَسّ من 
نه حا بن العا كن وهناك من سَلْح النارء وظهرَ فيه مِن آثارٍ الحروق 
لَهَب ياب أحمرٌ كأنّه عُروقُ منّ الجمر أنتشرّث في هذا الجسم . إِنّك إِنْ تمئْلتَ 
هذا الوصف ثم نَقَلْتَه من الجلدٍ إلى الدم ‏ كان هو حريقٌ ذلك الحبٌ في دمي! 

لاسي اموي حلي ا ا ا ل 

شتي على قوةٍ فعل الحقيقة التي ذ في المعشوقء ليس حال منه في عذابهء إِلَّا 
ع ري 

ولقد أيقنتُ يقنتُ أنَّ الغرام إِنّما هو جنونُ شخصية المحبٌ بشخصية محبوبه. 
فيَسقْطْ العالّمُ وأحكامه ومذاهبّه مِمّا بينَ الشخصيتين؛ وينتفي الواقمٌ الذي يجري 
الناسٌ عليه» وتعودُ الحقائقٌ لا تأتي من شيءٍ في هذه الدنيا إلا بعدّ أنْ تمرّ على 
المحبوب لِتجىء منه» ويُصبحَ هذا الكونُ العظيمْ كأنّه إطارٌ في عين مجنونٍ لا 
يحملُ شيئاً إلا الصورة التي جُنَ بها! 

وتاللُهِ لكأن قانونَ الطبيعةٍ يقضي ألا تُحبٌ المرأةٌ رجلاً يسمّى رجلاء وألَا 
تكونَ جديرةً بمُحبّهاء إلا إذا جرّث بيئهما أهوال م مِنَ الغرام تتركها معه كأنّها 
مأخوذةٌ في الحرب. . ا ل 
على الأنثى» ثم تَرِقّ في الإنسانٍ المتحضر ر فيمثّلُها عملاً قلبياً بالحت. . 


أحَبْبثها جهْدَ الهوى حتى لا مَرِيدَ فيه ولا مطمعَ في مزيدء ولكنٌ أسرارٌ فتنتِها 
أستمرّث تتعدَّدُ فتدفعُنى أنْ يكون حبئ أشدَّ من هذا؛ ولا أعرف كية يُمكنْ فى 
الحبٌ أشدُ من هذا؟ 

ولقد كنْتُ في أستغائتي بها مِنَ الحبٌ كالذي رأى نفسّه في طريق السّيل ففرٌ 
إلق وَبوَدَ عالة فى رأبها عقل لهذا الشيل الأحمق أو كالذي خاجأة البركان بجتونه 


. تسلع هذا الجلد: تشقق وتسلخ‎ )١( 


414 


وغْلظِتِهِ فهربٌ في رقَةٍ الماء وحلمه؛ ولا سيل ولا بركانَ إلا خرقتي بالهوى 
راوتقافي 2 الج 1 

انا ونيزاك يني اقيق تجو لمكتو ونكزو بترو شيخ عع ليون 
العاشق . 

هي الطبيعةٌ» بجبروتّهاء وعشفها”'. وتعتيها. إذا استراحَ الناسٌُ جميعاً قالتْ 
للعاشق : إلا أنت. .! 

إذا عقِلَ الناسٌ جميعاً قالّثْ في العاشي: إِلّا هذا. . 

إذا بَرَآْثْ جراحٌ الحياةٍ كلّها قالّث: إلا جَرْحَ الحت. . . ! 

إذا تشابهتٍ الهمومُ كالدّمعة والدمعةء قالت: إلا هَمّ العشق. . .! 

إذا تغيّر الناسٌ في الحالة بعد الحالة» قالّثْ في الحبيب: إلا هو. . .! 

إذا الكعت ند كن شو قالت: الا السقوق » إلههة الستكت باشراز لقنت ب 

ْ ١ 0 1 

ولما رأَيْتُها أَوَلَ مرة» ولَمَسني الحبٌ لمسة ساحرء جلت إليها أتأمّلّها 
واختشي مرج جتمالها ذلك القياء النتكوء االقى تفزية اله الروح خَريدة كلها رقا 
ظاهر . . . فرأيئّي يومئدٍ في حالةٍ كَعَشْيَةٍ ألوخي: فوقّها الآدميةٌ ساكنة» وتحتها تيّاز 
الملائكة يَعْبُ ويجري . 

وكنْتُ أَلَفّى خواطر كثيرة: جَعَلَتْ كلَّ شيءٍ منها ومِمًا حوّلها يتكلم في 
نفسي» كأنّ الحياةً قد فاضئث وأَزدحمَتُْ في ذلك الموضع تجلسٌ فيهء فما شيءٌ 
يمر به إلا مسَّنْهُ فجعلَيْهُ حرا يرتعش: حتى الكلمات . 

وقعاث أزل عا فقث أن اليواء الذى تسم تامروف رِقْةَ نسيم السُحَرء 
كأنّما أنخدعً فيها فَحَسِبَ وجههًا نور الفجر! 

وأحسسْتُ في المكان قوةٌ عجيبةٌ في قدرتها على الجَذُبء جعلشي مُبَغتْراً 
حول هذه الفّانة» كأنّها محدودةٌ بي من كل جهة. 

وَْيِلَ إل أنَّ النواميسٌ”” الطبيعية قد أَختَلْتْ في جسمي إِما بزيادة وإما 
نتفي + :فأنا لذلك أغظ أماقهنا مرة > ونا متف مرة:: 


)١(‏ عسقها: ظلمها. () النواميس: مفرده نامرس وهو القانون. 


4 


وظئئتُ أنَّ هذه الجميلة إِنْ هي إلا صورةٌ مِنَ الوجودٍ النسائي الشادٌ» وفع 
فيها تنقيحٌ إلهيُ لنُظهِرَ للدنيا كيف كان جمال حوّاء في الجنة . 

ورأيْتُ هذا الحُسْنّ الفاتنّ يُشْعِرُنى بِأنَّهُ فوقٌ الحسن» لأنّهَ فيها هى ؛ وأنَّهُ فوقٌ 
الجمالٍ والنّضرةٍ والمَرّح» لأنَّ الله واف يا السرور الحيّ المكلرن أمرأة . 

وألتمسْتُ في محاسيها عيباًء فبعد الجهدٍ قلت ممّ الشاعر: 

عه إذا عِبْتّها شبَّهبّها البدرَ طالعا. ..! #2 
ع ا 

ورأآيْئُها تضحك الصَّحِكَ المُسْتَحِي : فيخرجٌ من فيها الجميل كأنَّما هو شاعرٌ 
أنه تجرّأ على قانون. . 

وتَنْسمُ ابتساماتٍ تقول كل منها للجالسين: انظروها! انظروها. . . ! 

ويغْمُرُها ضَحِكُ العين والوجه والفم وضجك الجسم أيضاً باهتزازِه وتَرَجْرْجِهِ 
في حركاتٍ كأئّما يسم بعضُها وَيْقَهْقِهُ بعضّها. . . 

وثُلقي نظراتٍ جَعلَ اللَّهُ معها ذلك الإغضاء وذلك الحياة ليضعَ شيئاً مِنّ 
الوقاية في هذه القوةٍ النْسْويّة: قوَةٍ تدمير القلب. 

وهي على ذلك متساميةٌ في جمالها حتى لا يتكلم جسمُّها في وساوس النفس 
كلام اللحم والدم. وكأنّه جِسْمٌ ملائكي ليس له إِلّا الجلال طَوْعاً أو كَرْهاً؛ 

جسم كالمغبّد» لا يَعرفٌ مَنْ جاءَه أنه جاءة إِلّا ليبتهلَ ويخشّع . 

ونُطالِعُكَ من حيتٌ تأملتَ فكرةٌ الحياةٍ المنسجمة على هذا الجسم» تطلبُ 
منك الفهمَ وهي لا ثُفْهَمُ أبدأً: أيْ تُريدٌ الفهمَ الذي لا ينتهي ؛ أيْ تطلبُ الحبٌ 
الذي لا ينقطع. 

وهي أبداً في زينةٍ حُسبها كأنها عروسٌ في معرض جَلُوتِها"''؛ غيرَ أن 
لمرو تسا فد راجا عل ل مدافةد ل 

د د 
أما ظَرفُها فيكادٌ يَصيحٌ تحت النظرات: أنا خائف» أنا خائف! 
ووجهُها تَتَغَالبُ عليه الوّزانة”" والجفّةء لتقرأ فيه العينُ عقلها وقلبّها. 


(؟) ججلوتها: زيتها ليلة زفافها. (5) الرزانة : التعقّل , 


١ 





وهي بِثلّ الشّعرء تُطْرِبُ القلبّ بالألم يُوجَدُ في بعض السرورء وبالسرور 
الذي يُحَسُ في بعض الألم . ْ 

وهي مِثْلُ الخمرء تَحسبُ الشيطان مُتَرَفْرِقاً فيها بكلّ إغرائه! 

وكلّما تناولث أمامي شيئاً أو صنعَث شيئاً خلقَتْ معه شيئاً؛ أشياؤُها لا تزيدٌ 
بها الطبيعة» ولكن تَرِيدُ بها النفس . 

فيا كبداً طارّث صُدُوعَاً”'' منّ الأسى . 1 

ورأينّي يومئذٍ في حالةٍ كمّشيّةٍ الوخيء فوقّها الآدميْةُ ساكنة» وتحمّها تبَّارْ 
الماك :يشب وجري 1 

يا سِحْرّ الحب! تركتّني أرى وجهّها من بَعدُ هو الوجهٌ الذي تضحك بهِ 
الدنيا» وتعبس ودين وتتحامق أيضاً. . 

وجعأْيّي أرى الابتسامة الجميلة هي أقوى حكومة في الأرض. . . ! 

وجغلتني» يا سحرٌ الحبّ؛ وجغلتني. يا سحرّ الحبّ مجنوناً. . . ! 


(6) قبط : درسي 


04 


2و سَمرٌ الح 


صاح الكادي ف عرسم الحج : «لا يُفتى الناس إلا عطاعمٌ بن أبي رباح» 
وكذلك كان يفعلٌ خلفاءً بني أمية ؛ يأمرون صائحهم ذ في الموسمء يدل النامن 
على مفتي مكةً وإمامها وعاليهاء لِيَلْقَوْه بمسائلهم في الدين» ثم ليْمْسِكُ غيرُه عن 
المُنْوَىء إِذْ هو الحجةٌ القاطعةٌ لا ينبغي أنْ يكونّ معّها غيرها مِمّا يختلفٌ عليها أو 
يُعارضُهاء وليسّ للحُجج إِلّا أنْ تُظاهرّها وتتَرَادفَ على معناها. 

وجلسل عطاءً يتحيِّنُ الصلاءً في المسجدٍ الحرام» فوقفَ عليه رجلٌ وقال: يا 
أبا محمد» أنت أُفْئَيْتَ كما قال الشاعر: 

سَلٍ الْمُفْتِي المكيّ: هل في تَزَاوُْرِ وَضَمَةٍمُشتاتٍ الفؤادٍ ججناخ''"؟ 
فقال: مَعَاد الله أن يُذْمِبَ التُقَى ‏ تَلَامٌىأكباوبِهِنْجِرَامٌ! 
فرفمَ الشيحٌ رأسَه وقال: واللَهِ ما قلْتُ شيئاً من هذاء ولكنّ الشاعرَ هو 
نحَلَّني هذا الرأيّ الذي نَفْنَه الشيطانُ على لسانهء وإني لأخافٌ أنْ تَشيمَّ القالّهُ في 
الناس» فإذا كان عد وجلسْتٌ في حلقتي فَاعْدُ علىّء فإني قائل شيئا. 

وذهبَ الخبرٌ يؤْج كما تؤجٌ النار' '“؛ وتعالمَ الناسٌ أن عطاءً سيتكلمٌ في 
الحب.» وتكعيوا كب دوق السك ان كي الاي لاق عت عشرية اد 
فراشهٌ المسجدء وقد سمع من عائشة أمْ المؤمنين» وأبي هُرَيرةَ صاحب رسول الله 
كك واء بن عباس بحر العِلْم ! 

وقالَ جماعةٌ منهم: هذا رجلٌ صامِتٌ أكثرَ وقتّهء وما تكلم إِلّا خَيْلَ إلى 
الناس أَنّهُ يُؤيّدُ بمثل الوحي. فكأنّما هو نجي ملائكةٍ يَسمعُْ ويقول» فلعل السماءً 
مُوحِيةٌ إلى الأرض بِلِسانِهِ وحياً في هذه الضلالةٍ التي عمّتٍ النام وَقْتََنَهُم بالنساء 
والغناء . 


)١(‏ جناح: إثم 
زف سج النار : تضطرم وتلتهب . 
0 


لما كان غدٌ جاء الناسٌ أرسالا”'' إلى المسجد. حتى أجتمعَ منهمٌُ الجمعٌ 
الكثير . قال عبد الرحمن بن عبدٍ اللّهِ أبي عمار: وكنتُ رجلا شابًا من فِتَيِانٍ 
المدينة؛ وفي نفسي ومن الدنيا ومن هَوى الشباب» فعدوْتٌ ممٌ الناس» وجنت وقد 
تكلْمَ أبو محمدٍ وأفاضء ولم أكُنْ رأيْنُه من قبل فَنظَرْتُ إليهِ فإذا هو في مجلسه 
كأنَّهُ غرابٌ أسود. إِذْ كان أَبْنَ أمَةٍ سوداء تُسمّى «بَرَكةً» ورأيثُهُ مع سواده أعورَ 
أفطس أشَلٌ أعرجَ مُفَلْقَلَ الشّعر ؛ لا يتأملٌ المرءٌ منه طائلاً: ولكنّك تسمعة تنه وكلم 
فتظنٌ منه ومن سواده ‏ والله ‏ أنَّ هذه قطعةٌ ليل تسْطْمٌ فيها النجوم؛ وتصعدٌ من 
حولها الملائكةٌ وتنزل. 

قال: وكان مجلسّه قي قصةٍ يوسف عليه السلام -؛ ووافقتُهُ وهو يتكلم في في 
تأويل قولِه تعالى : #وَرَووَتْهُ ألتى هْرَ ف يَنتَهَاعَن تنو وَعَلَقَدقِ الْأَبابٌ وَقَالَنْ هت لت مَالَ 
معا9 مه َي سح نوف نُكي الم لظيلمُونَّ وَلَعَدَ هَمِّتَ ب وعم با لول أن يا برهن رَيْدء 
حكَدِكَ صرت عَنْهُ ألو وَالَْحْنَاة» . 

قال عبد الرحمن: فسمِعْتُ كلاماً قُدْسِيًا تَضَعْ له الملائكة أجنحتّها من رضَّى 
وإعجاب بفقيه الحجاز. حَفْظْتٌ منه قوله: 

عَجَبا للحب! هذه ملِكَةٌ تعش تعشق فتاها الذي أَبتاعَهُ زوجها بشمن بَحْس'"؛ 
ولكن أين مُلْكُها وسطوةٌ ؛ مُلْكها في تصوير الآبة الكريمة؟ لم تَزدٍ الآبٌ ُ على أنْ 
قالت : [وراودَنهُ التي] و «الّتي» هذه كلمةٌ تدل على كل امرأةٍ كائنة مَنْ كانت؛ فلم 
يَبْقّ على الحبٌ مُلْكُ ولا مَنْزِلة؟ وزالَتِ المَلِكَةُ مِنَ الأنتى! 


وأَعْجَبُ من هذا كلمة «رَاوَدَنْهها"' وهي بصيغتها المفردة حكايةٌ طويلة تُشِيرُ 
إلى أن هذه المرأةً جعلث تعترض يوسف بألوانٍ من أنوثتها لَوْنِ بعد لَوْنْ؛ٍ ذاهبةٌ 
إلى فنّ» راجعةً من فنّ؛ لأنَّ الكلمةً مأخوذةٌ من رَوَدَانٍ الإبل فى مِشيتِها؛ تذهبٌ 
وتجيء في رفق. وهذا يُصَوٌّرُ حَيْرَةَ المرأة العاشقةء وأضطرابّها فى حبّها؛ 
ومحاولتها أن تَنَقُدَ إلى غايتها؛ كما يُصوّر كبرياء الأنثى إِذْ تختال وتترفقُ في عرض 
ضعفها الطبيعيٌ كأنّما الكبرياء شيءٌ آخْرُ غيرُ طبيعتّها؛ فمهما تتهالك على مَن تحب 
)١(‏ أرسالاً: جماعات جماعات. 
(5) ثمن بخى: ثمن منقوص لم يقدر بقيمته الحقيقية» زهيد. 
(*) راودته: عملت على إغرائه . 


5: 


وَجَبَ أنْ يكونّ لهذا «الشيء الآخر؛ مَظِهرُ أمتناع أو مظهرٌ تحير أو مظهرٌ أضطراب» 


وَإِنْ كانّتِ الطبيعة من وراء ذلك مندفِعةٌ ماضية مصمّمة. 


ثم قال جلاعن شين ليذل على للها لا لطب انيدم ولكن في طبيعته البشرية» 
فهي تَعرض ما تعرضٌ لهذه الطبيعةٍ وحدهاء وكأنَ الآيدةَ مصرّحةٌ في أدب سام كل 
السموٌ مدرّو”؟؟ غاية التتزيه بما معتاه: (إنّ العرآء يذَلَتْ كَل .ما تسعطيم .فى إغراتة 
وتَصّبنيه» مقبلةَ عليه ومتدلّلةً ومتبذِلة ومُنْصَبّةَ من كل جهة» بما في جسمها وجمالها 
على طبيعتِه البشرية» وعارضةً كل ذلك عَرْضٌَ أمرأة خلعَت - أوَلَ ما خلعث - أمامَ 
عينيه ثوب الملك». 

ثم قال: [وغلّقت الأبواتت] ولم يقل «أغلقَتْ» وهذا يُشعر أُنّها لما ينيت» 
ورأث منه محاولة الأنصراف» أسرّعت في تُورةٍ نفسِها مهتاجة تَتَخْيّلُ القّفْلَ الواحد 
أقفالاً عَدَةء وتجري من باب إلى باب» وتّضطربُ يدها في الإغلاق» كأنّما تُحاول 
سد الأبواب لا إعلاقها فقط . 

[وقالت هِيْتَ لك”''] ومعناها في هذا الموقن أن اليأس قد دفعٌ بهذِهٍ المرأةٍ 
إلى آخر حدوده» فآنتهّثْ إلى حالةٍ مِنَ الجنونٍ بفكرتها الشهوانية» ولم تعد لا مَلِكَةَ 
ولا أمرأة» بل أنوثةٌ حيوانيةً صِرْفَةٌ» يكن مصقعة! كما كرة اق البيران في 
أشدٌ أهتياجها وعَلَيانها. 


هذه ثلاثةٌ أطوار يترمّى بعضّها من بعض» وفيها طبيعةٌ الأنوثة نازلة من أعلاها 
إلى أسفلها . فإذا أنتهتٍ ألمرأهً إلى نهايتها ولم يَبْقَ وراة ذلك شيءٌ تستطيعُة أو 
تعرضّةُ بدأث من نَم عظمةٌ الرجولةٍ السامية المتمكنةٍ في معانيهاء فقال يوسفف: 
[مَعَادَ اللَّه] ثم قال: #إِنَّمر سن مثواقٌ74"" ثم قال: ل إِنَّمَُا ينح ألطلِمُون» . 
وهذه أَسْمَى طريقة ان يع سين المراة في ألمرأة» إِذْ كانَ أساسش ضميرها في كل 
عصر هو اليقينَ بالله ومعرفةً الجميل» ٠‏ وكراهة الظُلْم . ولكنّ هذا التنبية المترادف 
ثلاث مرّاتٍ لم يكسز من نَرْوَتَهاء ولم يَمْنَاْ تلك الجدّة» فإِنّ حبّها كانَ قد أنحصر 
في فكرةٍ واحدةٍ أجتمّعث بكل أسبابها في زمن» في مكانء في رَجْلء فهي فكرة 
)١(‏ منرّه: مترفع . 
(؟) هيت لك: تهيئت لك واستعديت لقضاء وطري منك. 
(*) مثواي: عقباي. 


ل 


ل كان الأ وات محلقة عاديا أشنا ولد فقت الث لكات قورة تشنيها ها 
يعودٌ الأدبُ الإلهيَ السامي إلى تعبيرِه المعجز فيقّول: لوَلْتَد مَنَّتَ و4 كأنمَا 
يُومَىِ بهذه العبارة إلى أنها تراث عليه» وتَعَلّقَتَ به» والتجاث إلى وَسيليِها 
الأخيرة» وهي لَمْسسُ الطبيعة بالطبيعة لإلقاء الجمرة في الهَشيم. 

جاةتٍ العاشقةٌ في قضيتِها ببرهانٍ الشيطان يَقْذِفُ به في آخرٍ محاولته. وهنا 
بق لبوست دعليه السام ديرهاك رئه كمااوقع نهنا عي برهان ديظاتها ‏ قلولا 
برهانٌ ربّه لكانَ رجلا من البَشَرِ في ضعفِه الطبيعي. 

قال أن محين وكين جيه السعصر #الكدرئ؟ لأن الآية لكريم نري اله 
تنفيَ عن يوسف ‏ عليه السلامٌ ‏ فحولةً الرجولة» حتى لا يُظَنَّ بو ثم هي تُريدُ من 
ذلك أن يَتَعلّمَ الرجال» وخاصةٌ الشبانَ منهم» كيف يَتَسامَوْنَ9'© بهذه الرجولة فوقٌ 
الشهوات» حتى فى الحالة الى هق انهابة قذرة الطميعةء حال علكة مظاعة فاتنة 
عافقة امدلة تكزعة متكشتة منهالكة: .هنا لا يبع انايادن الرجل» ماد الوسيلة 
التي تجعلَّهُ لا يرى شيئاً من هذا هي أنْ يرى برهانّ ربّه. 

وهذا البرهانٌ يُؤَوُلُها" كل إنسانٍ بما شاءء فهو كالمفتاح الذي يُوضمْ في 
الأقفالٍ كلّها فيمُضٌّها كلّها؛ فإذا مثلَّ الرجلٌ لنفسِه في تلك الساعة أنّه هو وهذه 
المرأةً منتَصِبانٍ أمامً الله يراهماء وأنَّ أمانيّ القلب التي : تهجسٌ'" فيه ويظئها خافية 
إنّما هي صوتٌ عالٍ يسمحْةُ اللَّهُ؛ وإذا تذكر أنه سيموث وِيقْيَره وفكُر فيما صم 
الشرى”؟ في جسيه هذاء أو فكرّ في موقفِه يومٌ تَشْهَدُ عليه أعضَاؤٌة بِمَا كان يعمل ؛ 
أو فكرَ في أنَّ هذا الإثمَ الذي يقعَرِقُهُ الآنَ سيكونٌ مَرْجِعُهُ عليه في أخته أو بنته إذا 
فكرٌ في هذا ونحوه رأى برهانَ ريه يُطالعُهُ فجأة» كما يكونٌ السائرُ ذ في الطريق غافلاً 
مُندفِعاً إلى هاوية» ثم ينظرُ فجأءً فيرى برهانٌ عَيْنْهِ؛ أترونّه يتردّى فى ا 
حينئذٍ» أم يقفٌ دونّها وينجو؟ ار ان ار 
وأكثرُ الموعِظة؛ وأكثرٌ التربية» والتي هي كالدزع في لمعركة بِينَ الرجلٍ والمرأةٍ 
والشيطان» كلمة «رأى برهانٌ رته». 


ع 
)١(‏ يتسامون: يترفعون. 
(5) يؤوله: يفسره. (4) الثرى: التراب . 
(9) تهجس فيه تثير فيه الخواطر. (6) يتردى في الهاوية : يقع فيها. 


45 


قال عبدُ الرحمن بْنْ عبدٍ الله وهو يتحدّثُ إلى صاحبه سُهَيْلٍ بْنِ عبدٍ 
الرحمن: ولزَمْتٌُ الإمامّ بعد ذلك. وأْجْمَعْتٌ أن أتشبّة بوه وأسلك في طريقِه منّ 
الزهدٍ والمعرفة؛ ثم رجِعْتُ إلى المدينة وقد حفظث الرجلّ في نفسي كما أحفظ 
الكلام؛ وجعلْتٌ شعاري في كل نَرْعَةٍ من نَرَّعاتِ النفس هذه الكلمة العظيمة: #ايًَا 
يهن ريه 04 فما ألممتُ بإثم”'' قطء ولا دائنِتُ معصيةء ولا رَهِقَيِي!" مَطْلَبٌ من 
مطالب النفس إلى يوم الناس هذاء وأرجو أنْ يَعْصِمَني”" اللّهُ فيما بقيء فإنَّ هذه 
الكلمةً لِيمَتْ كلمة» وإنّما هي كأمر منّ السماء تحملّهء تمُرُ به آمِناً على كلّ 
تقاض الآرعن ء اننا يكرك حي بسهاء. كان ناث غاف القلك موز يه 

قال سُهيل: فلهذا لقبَكَ أهلّ المدينة ابِالْمَسَ؛ لعبادتك وزهدك وعُرُوفِكَ عن 
الفساء7 “دوقيل لك والله نايا آنا عبد انه فلو كال ” عانهذا كز رن :هد ا 
مَلكُء لصدقوا. 

قالّث سَلَامَةٌ جاريةٌ سُْهيلٍ بن عبدٍ الرحمن المُغَتيةُ الحاذقةٌ الظريفةٌ الجميلةً 
الفاتنة. الشاعرةٌ القارئة» المؤرّحةٌ المتحدثّة» التي لم يجتمغ في أمرأةٍ مثلها حُسنٌ 
وجههاء وحُسنٌ غِنائهاء وحُسنٌ شِعرها ‏ قالّت: وآشتراني أميرٌ المؤمنينَ يزيد بْنْ 
عبدٍ الملك بعشرينَ ألفٌ دينار «عشرةٍ آلافٍ جنيه» وكان يقول: ما يِّقِرُ عيني ما 
أُوتَيْتُ مِنَّ الخلافة حتى أشتريّ سلامة ؛ ثم قال حينَ ملكني : ما شاء بعدُ من أمرٍ 
الدنيا فَلْيَمُنْي! قالَثْ: فلمًا عُرِضْتٌ عليه أمرّني أنْ أغتيّه»ء وكنتُ كالمخبولة من 
حج عب الرسبن القع مدنا أرام:فالماً وه ابلا على عضامين: فذهبّ عني - 
واللَهِ - كل ما أحفظَه مِنْ أصواتٍ الغناء» كما يُمِسَحْ اللوحٌ مما كُيِبَ فيه حضف 
الخليفة وأنا بِينَ يديه» ولم أرَ إلا عبد الرحمن ومجلسّهٌ متي يوم سألني أن أَغَنَيَهُ 
بشعره فِىّء وقٌؤلي له يومئذٍ: حُبّا وكرامة وعَرْاةٌ لوجهك الجميل . وتناولتُ العودٌ 
وجِسْئّهُ بقلبي قبل يدي وضربْتُ عليه كأني أضربٌ لعبدٍ الرحمن» بِيدٍ أرى فيها 
عقلاً حال حيلة أمراء عافتقة.. جم أندفقت عي بشع سين 

إن ألعي طرنتك”*" بين ركافك:. ٠.‏ تنشي يمزهرها لتر 


)١(‏ ألمم بالإثم: وقع فيه. (4) عزوقك عن النساء: امتناعك عنهن. 
(1) رهقني : أتعبني. (5) طرقتك : زارتك ليلا . 


باو 


لِتَصِيدَ قلبَكَء أو جزاء مود إنَالرفيقّلهع ليك فْمَامُ 
باقث تُعَلَلْنَا وتَخْسِبائنا فيذاكَأيقاظء ونحنٌنيامُ 
وَغنّيئَهٌ - واللّه غِناء والهةٍ ذاهبة العقلٍ كاسِمَّة سِقَّة البال” ا 
لعبدٍ الرحمن؛ وأنا إِذ ذاك بين يديه كالوردة أَوَلَ ما تتفنّح . وأنا أنظرٌ إليه وأتبينٌ 
لصوتي في مِسْمعيهِ صوتاً آخر. . . وقَطعْتُّهُ ذلك التقطيعً» سنالك السو 
وصِحْتٌ فيه صِيْحةٌ قلبي وجوارحي كلّها كما غتَيْتُ عبد الرحمن لكيما أؤدي إلى 
قلبه المعنى الذي في اللفظٍ والمعنى الذي في النفس جميعاًء 0 
الزاهدُ العابد ‏ سكرٌ الخمر بشيءٍ غير الور 
وما أَقَفْتُ من هذه إلا حينَ قطغتُ الصوتء فإذا الخليفةٌ كأنّما يسمعُ من 
قلبي لا من فمي وقد رَلَزَلَهُ آلطرب» وما حَفِيَ عَلَىَ أَنَهُ رجلّ قد ألم بشأنٍ أمرأةء 
وَخحْشِيْتٌ أنْ أكون قدٍ أَنْتَضَحْتٌ عنده؛ ولكن غلبئَهٌ شهونّة» وكان جَسَّداً بما فيه يُرِيدُ 
جسداً لِمَا فيه» فمِن ثَّمْ لم يلك ولم يتغيّر. 
وأشتراني وصِرْتٌ إليه» فلما خَلّوْنا سألني أن أغنيّ فلم أَشْعْرٌ إلا وأنا أَغَنّيهِ 
بشعرٍ عبدٍ الرحمن: 
آلا قْنْ لهذا القلب: هل أنت مُبْصرٌ ‏ وَهَلْ أنتٌ عن سلَامةً اليومٌ مُقْصِرٌ 
إذا أَحَدَّتْ في الصوت كاد جليسُها ا 0ه 
وأَدْيتهُ على ما كان يَستَحسئُهُ عبد الرحمن ويَطربٌ له اع بقانيا ين 
بُكائي» ولي اودر مره لين ال ع ل لي وهو يُصدٌ عنّى 
ويتحاماني” "“.<وناعتنت: فوهل أنت عن سلامة اليو مقْصِ») إلا فيصوت 
ا 
فال ! إلى يزه وقد فَضَحَْتُ نفسي عندّة فضيحةً مكشوفة: يا حبيبتي مَن قائلٌ 
هذا الشعر؟ 
قلت : أحَدَتُكٌ بالقصوٌ يا أميرٌ المؤمنين؟ 
قال: حدثيني. 
قلْتٌ: هو عبدُ الرحمن بن أبي عمّار الذي يلقبوتّه بالقَّنٌ لِعباديهِ ونُسكه, 


. كاسفة البال: خجل على شيء من الخيل‎ )١( 


(؟) يصن عتي ويتحاماني: يمتنع عني . 


م4 


وهو في المدينة يُشبهُ عطاءً بْنَ نَّ أبي رَبَاح وكان صديقاً لمولاي سُهَيْلء فُمرٌ بدارنا 
يوماًء وأنا أغني؛ فوقف يسمعء ٠‏ ودخل عليتا «الأخوّص؟. فقال: : ويُحَكم؟ لكأن 
الملائكة - واللهِ - تتلو مزاميرّها بِحَلْقٍ سلامة» فهذا عبدُ الرحمن القَّسُ قد شُغِلَ بمَا 
يسم منهاء وهو واقفٌ خارج الدار» فتَسَارِعَ مولاي فخرج إليهِ ودعاة إلى أن 
يدخلّ فيسممَ مئي» فأبى! فقال له: أما عَلمْتَ أن عبد اللَهِ بْنّ جعفرء وهو مَنْ هو 
اوراس السك احا د لو 
تُمَِيَ أحداً إِلّا في منزلها؛ فجاءها فسيعَ منهاء وقد هيّأث له مجلسّهاء 
على رؤوس جواريها شعوراً مُسْدَلة كالعناقيد» ا 
روضعَّتُ فوقٌ الشعور التيجان؛ وزيئْتهُنَ بأنواع الجلّىء وقامّثْ هي على رأسهء 
رقامٌ الجواري صَميْنٍ بين يديه» حتى أقسمّ عليها فجلسَث غير بعيد» وأمرتٍ 
الجواري فجلَّسْن» ومع كل جارية عوذها؛ ثم ضَربْنَ جميعاً وغلث عليهن» و 
الجواري على غنائهاء فقالَ عبد الله : ما ظئْنتُ أن مثل هذا يكون! 

وأنا أَنِْدُكَ في مكانٍ تسممٌ مِن سلامة ولا تراهاء إِنْ كُنْتَ عند نفك بالمنزلة 
التي لم يبلغْها عبد الله بْنُ جعفر! 

كال سلانة + وكانت هله د والله را اميز الموميق فيد عد 5-7 
فقالَ عبد الرحمن : أمَا هذا فَنِعْمَ . ودخل الدارٌ وجلسٌ حَيْتُ يسمعء ؟ ثم أمر 
راو ترح اشير قار د الي ل ملي 0 
حتى عَلِقْتُ بقلبه”"2. وسبّحَ طويلاً طويلاً؛ وأما أنا فما رأيئُهُ حتى رأئْتُ الجنة 
والملائكة» ومُّتٌ عن الدنيا وانتقلْتٌ إليه وحده. 

ْ 1 كك 

قالث سلامة: والتشخه هر التري. متخ يزيد .. فضحكتُ وقلت: يا 
نين التو سيو أحدتك أم حسيّك؟ قال: حذئيني ويْحَكِ! فواللّهِ لو كنْتِ في الجنة 
كما أنتٍ لأَعَدْتٍ قصة آدمّ مع واحدٍ واحدٍ من أهلها حتى يُطردوا جميعاً من حُسْيْها 
إلى حسيْك! فما فعل الس ويحك؟ 

قلْتُ: يا آميرٌ المؤمنين» إنه يُدْعَى القسّ قبل أنْ يهواني. 

فقال يزيد: وهل عَجَبٌ وقد فتنته أنْ يَطْردَهُ «البتطريق»؟ 


() علقت بقلبه: عشقني وتملك حبه لي قلبه. 


ل 


قلْتٌّ: بل العجبُ وقد فتنّه أن يصيرٌَ هو البطريق. . 

فضحك يزيد وقال: إيهء دا اعت اورم إل لق للرو انا راي 
تحني يقير ندث الخزر !إن بوالله ارق هذا الرجل اف زد وأمولك إلا كالقففل 

مِنَ الإبل» قد ثُرِكُ مِنَ الركوب والعمل» ونم وَسْمْن للفخلة كند يوماء فذعب 
عن رحيفا َأَفْحَمَ في مَمَارَ وكاو امات رقي" رقف واستاميرة ‏ بريكة 
عند اذ سشي اقان نان الجن عن قر شاط وباس حديوة تلكا طال انقراذة 
وتأبدُهُ عَرَضْتْ له في البرَ ناقةٌ كانث قد نَدَثْ' “يور قطنياء اركانت زمه عي 
قد أنتهث سِنناء وغطّاها الشحمٌ واللحمء ٠‏ فرآها البازلٌ الصعول 2 فهاجَ وصال 
وَهدرَء يخبط بِيلِهِ ورجُلف وَيُسْمَعٌ لِجَْفِهِ دَوِيٌ من الغليّان» وإذا هي قد ألقَتْ 
نفسّها بين يديه! 

كات وزاللة - لو جَعل الشيطانٌ في يمينه رجلاً فخلا قويًا جميلاًء وفي شِمالِهِ 


م-0| 


مرأةٌ جميلةً عاشقة تهواه؟ ثم تمطى متدافعاً ومَدَ ذراعيه فأبتعدا؛ ثم تراجَعَ متدا خلا 
اي م َّ القَسَ! 

قلت: لا - واللَّهِ يا أميرَ المؤمنين؛ ما كان صاحبي في الرجال خلا ولا 
خمراًء وما كان الفحلّ إِلّا الناقةُ. .! وما أحسبُ الشيطانَ يعرفٌ هذا الرجل» وهل 
كان للشيطانٍ عمل مع رجل يقول: ني أعرفٌ دائماً فكرتي وهي دائماً فكرتي لا 
تعد كك 35 وجل أساكة كمايدول؟ «يقن زبوه ولقد سككت دعر ةيا مه 
المؤمنين» شك و ١‏ وحَدنْتٌ نفسي منه بكثير» وَقُلْتٌ إِنَّهُ 
رجل قد عْبِرَ شبابَهُ في وجودٍ فارغ مِنَ المرأة» ثم وجدّ !! لمرأة ف وحدي. وعَنيِتُه 
يا أميرٌ المؤمنينَ غناة جوارحي كلّهاء وكنتُ له كأنْي حَريرٌ ناعم يَتَرَجْرَج ويُنْشَرْ 
أمامَهُ ويُطوَّى. . . . وجِلَسْتُ كالنائمة في فراشها وقد خلا المجلس» ا 
ذلك بِينَ يديه كالفاكهة الناضجة الحُلوة تقول لِمَنْ يراها: اك 


)١(‏ الداهية: المصية. 

(؟) المفازة: الطريق الضيقة بحيث يصعب المرور فيها 
() المرتع: المرعى . 

(؛:) فتوحش واستأسد: أي أصبح أمدا متوحشاً. 

(45) نذت : أفلتت. 

(6) البازل الْصَؤول: الفحل الشديد القوة من الجمال. 
(0) تبّجت : تزينت وتجملت. 


قال يزيدك: ويحك ويحك! وبعد هذا؟ 


قُلْتٌ: : بعد هذا يا أميرَ المؤمنينء وهو يهواني الهوى البَرْحَ قد 


العِشْقّ المُضني - لم يرَ في جمالي وفتنتي وأستسلامي إلا أن الشيطانَ قد جاء 
يَْشوه بالذهب. . . الذي يتعامل به! 

نشوك يزيد وقال: .لك واللةت:' لقن خرس العيطان مك ذهته ولولد: 
وجواهرَه كلّهاء فكيف لَمَمري لم يُفْلح؛ وهو لو رشاني من هذا كله بدرهم لوجدّ 
أمر المؤمنينَ شاه زور. . .! ١‏ 

قلت: ولكئي لم أيآمل يا أميرَ المؤمنين» وقد أرذث أنْ أظهرَ آمرأةٌ فلم أفلخ» 
وعبلتٌ أنْ أظهّرَ شيطانة فآنخذلت” , وَجهَدْتُ أَنْ يرى طبيعتي فلم يرني إلا بغي 
طبيعة. وكلّما حاولْتُ أن أَنزِلَ به عن سَكِينتهِ ووقَارِهِ رأَيْتُ في عينيهٍ ما لا يتغيرٌ 
كنور النجم» وكانث بعض نظراتِهٍ - واللّهِ - كأنّها عصا المؤذب» وكأنة يرى في 
جمالي حقيقةً مِنَ العبادة» ويرى في جسمي خرافة الصّتَمء فهو مُقْبلُ عَلََ جميلة 
ولكنّه مُنْصرفٌ عن آمرأة. 

لم أيأسل على كل ذلك يا أميرَ المؤمنين؛ فإِنَّ أول الحبٌ يطلبُ آخْرَه أبداً إلى 
أَنْ يموت. وكانَ يُكثِرٌ من زيارتي» بل كانّث إليَ العَّدْرَهُ والرّوحة» من حُبّهِ إيايَ 
وتعلّقِهِ بي؛ فواعذثه يوماً أنْ يجىة مئي وأرى الليلّ أهلّهُ لأغتيّه: «ألا قل لهذا 
القلب... رركت لخ ولو لسرتيقه يعد . ولبنتُ نهاري كله أستزوخ”" في 
لهواء رائحة هذ الرجل مِمّا أتلهّف عليه وأتمثل ظلامَ الليلٍ كالطريقٍ الممتدٌ إلى 
شيءٍ مخبوء أَعَلَُلُ النفسّ به . وبلفْتُ ما أقدرٌ عليه في زينةٍ نفسي وإصلاح شأني» 
وتشكلت تيع رق يل الؤطرء وقلْتُ لأجملهِنَ وهي الوردةٌ التي وضعْمُّها بِينَ 
تَهْدَيّ: يا أختي. الجذبي عيئهُ إليك. حتى إذا وَفَ نظرْهُ عليكِ فانزلي به قليلاً أو 
أصعدي به قليلا . 

قال يزيدُ» وهو كالمحموم: ثُمْ ثم ثم؟ 

قلْتُ: يا أميرَ المؤمنين» ثم جاءً ممّ الليل» وإِنّ المجلسٌ لَخالٍ ما فيه غيري 


)١(‏ الهوى البرح: الحبّ الشديد بحيث يجرفه في كل اتجاه شتت عقله وروحه. 
)١(‏ انخذلت: انهزمت. 
(*) استروح: اشم رائحة. 


وغيوه» »با أكابد .وها ثمان مت افدكئتة ]عه عناء وأشجاء”2. وَكَاك العاشق قد 
يَطَرَبُ لِصوتي» ثم يَطْرَبُ الزاهدٌ فيه مِنْ أنه أستطاعَ أَنْ يطرب» كما يَطيشٌ الطفلٌ 
ساعةً ينطلقُ من حبس المؤدّب . 

وما كانَ يسوءني إِلَا أنْهُ يُمارِسُ فى الزهدّ ممّارّسةء كأنّما أنا صُعوبةٌ إنسانية 
فهو يُرِيدُ أنْ يغلبّهاء وهو يُجرّبُ قُوى نفسه وطبيعته عليها؛ أو كأنَّهُ يراني خيالَ 
أمرأة في مرآة» لا أمرأةً مائلة له بهواها وشبابها وحسيْها وفتئتهاء أو اناي 
كالحورية من حُورٍ الجنة في خيالٍ مَنْ هي تابه تكونٌ معهء وإِنّ بيئها وبيئه منّ 
البغد مابين الدنا والآحزة؟ فاسيفت أن طم المراة لبراق بي أنا نفسي لا خيالي» 
زاستنجث؟" كل فنص أن تجعلة بنذ إلن كلما حاون أذ يذه مي 

فلمًا ظننتّني ملأت عينيهِ وأذنيه ونفسّةُ وأَنصبْبتٌ إليه من كلّ جوارجه: 
وهِجْتُ التبّارَ الذي في دمِهٍ ودفعْمَهُ دفعاً ‏ قلتُ له: «أنت يا خليلي”" شيء لا 
يعرف "أت شي ُتلقف بإنسان» ومَنِ التي تعشق ثوب رجل ليس فيه لابشه؟؛ 

ززاك <و الت طرف عن ذلك بعري كما أطُوّفٌ أنا بفكري حول المعنى 
الذي أردْتّه . ممِلْتُ إليه وقَلْتُ: «أنا ‏ واللّه ‏ أحبّك!١.‏ 

فقال: «وأنا ‏ واللّهِ ‏ الذي لا إله إلا هو. . 

قلْتُّ: «وأشتهي أن أعاتقك وأقبلّك!» 

قال: «وأنا ‏ والله -! 

قلْتُ: «فما يمنعٌك؟ ‏ فواللَهِ ‏ إن الموضمٌ لَحَالٍ!) 

قال: «يمنعُني قول اللَهِ عرّ وجل: « لاجلا يَوْمِذْ بَعَسْهُرْ لِبَعْضٍ عَدُوٌ 
لْمتّتِت4”* فأكرَهُ أنْ تَحُولَ مودّتي”*2 لكِ عداوةً يوم القيامة». 

35 أرى [برهان ربي] يا حبيبتي» وهو يمنعني أن أكون من سيئاتّكِ وأن 
تكوني من سيئاتي» ولو أحبَّنْتُ الأنثى لوجذئكِ في كل أنثى. ولكئي أحبٌ ما فيك 
)١(‏ أحرّ غناء وأشجاه: أجمل الغناء المصحوب ببحة حزن. 

(7) استدجدت: طلبت المعونة. 
(*) الخليل: الصديق الودود. 


م سورة: الزخرف الآية: 7 
(5) المودة: الصداقة. 


٠١ 


أنتِ بخاصّتِك» وهو الذي لا أعرفه ولا أنتِ تعرفينه» هو معناك يا سلامةٌ لا 
0 للى3) 

ثم قامّ» وهو يبكيء» فما عاد بعد ذلك يا أميرٌ المؤمنينَ ما عاد بعد ذلك» 
وتركُ لي تدامتي وكلامَ دموعه؟ ولّيتني لم أفعل. ليتّني لم أفعل» فقد رأى أنَّ 
المرأة ‏ في بعض حالاتها ‏ تكشِف وجهّها للرجل» وكأنّها لم تلق حجابّها بل 
ألقَتٌ ثيابها . 


)١(‏ ورد نص هذا الحوار في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني حتى قوله لها: «يوم القيامة». 


اويل 


فصهُ زواج 
ونا المفر 

قال رول عية المللكة: بعك (ا أباامتفوينة لكان دمب الله ددم 
عَدوّك؛ فهو يفورٌ بك لتَلِجّ في العِنادٍ فتْفْتَلَء وكأئي بك - واللَهِ ‏ بِينَ سَبْعَيْنِ قد 
فَغْرَا عليك؛ هذا عن يمينِك وهذا عن يسارك ما تفرُ من حَنْفِ7'' إلا إلى حثف». 
وغ حتلتةالاحات الا بمكاتها. 

شهنا هِشَامُ بِنُ إسماعيلَ عامل أمير المؤمنين» إِنْ دَخْلَتْهُ الرحمةٌ لك أستوثق 
منك فى الحديد. وَرَّمّى بك إلى دمشق» وهناك أميدُ المؤمنين» وماهو- والله _- 
إلا أن يُطعمَ لحمّك السيف يَعضُ بك عض الحياة في أنيابها السُِّمَ؛ وكأئي بهذا 
الجئب مصروعاً لمضجعه. وبهذا الوجه مضرّجاً بدمائف وبهذه اللحية مُعَفَّرَةٌ 
بترابهاء وبهذا الرأس مُحْمَرًا في يد (أبٍ بي الرُعَيِْعَة) جِلَادٍ مير المؤمنين» يُلقيهِ من 
يقه ركن القضن بالشيرةاقد تعلك خليه . 

وأنت (يا سعيد) فقيةٌ أهلٍ المدينةٍ وعالمُها وزاهدّهاء وقد عَلِمَ أميرُ المؤمنين 
ا هي الورأي عقا ربوك ال 8 لسر ان 
جميع الأمصارٍ إلى المَوالِي؟ ففقيهٌ مكة عطاءء وفقية اليمن طاووس» وفقية اليمامة 
يحيى بن أبي كثيرء وفقية البصرة الحسن» وفقيه الكوفة إبرا هيم النخعيّ» ٠‏ وفقيه 
الشام مكحول» وفقيه خراسانٌ عطاءٌ الخراسانى . وإِنّما يتحّث الناس أن المدينة 
من دونٍ الأمصارٍ قد حرسّها اللَّهُ بفقيهها القرشي العربي (أبي محمد بن المُسيّب) 
كرامةً لرسول الله ين وقد عَلِمَ أهل الأرض أنّك حَجَجْتَ نف وثلاثينَ حَجّةء وما 
فاتك التكبيرةٌ هُ الأولى في المسجدٍ من أربعينَ سنة» وما قُمْتٌ إلا في موضعك مِنَّ 
الصف الأول» ٠‏ فلم تنظز قط إلى قفا رجل في الصلاة؛ ولا وجدَّ الشيطانٌ ما يعرض 


)١(‏ حتف: موت. 


ال 


لك من قِبِلِهِ في صلاتِكٌ ولا قََا رجُل؛ فاللّة اللّهَ يا أبا محمدء إني - واللَّهِ ‏ ما 
أغشّك في النصيحة؛ ولا أخدعُكَ عن الرأي» ولا أنظرُ لك إِلَا خيرّ ما أنظرُ 
لنفسي ؟ وإِنَّ عبد الملكِ بن مَرُوانَ مَنْ عَلِمتَ؛ رجل قد عمّ الناسٌ ترغيبه وترهيبّه» 
فهو آخذّك على ما تكرّهُ إن لم تأخذَهُ أنت على ما يُحبَ؛ وَإنَّهُ - واللّه - يا أبا 
محمدة ما طَلَبَ إليك أميرُ المومنين إلا وأنث عندةُ الأعلى] ولا بَعثني إليك إِلَّا 
ركألة يسعى بين يديك» رعاية لمتزلئك عنده : -وإكبازاً لحقكٌ علية؛ .وما أرسلبي 
أخطّبُ إليك ابنتّك لِوَليّ عهده إِلَّا وهو يبتذلُ نفسّه أبتذالاً لِيَصِلَ بك رَحِمَهُ ويُوَدْقٌ 
آصِرتّه0 ؛ وَإِنْ يكن الله اك أن تنتقِعٌ به وبِمُلْكهِ رَرَعاً ورَّامّدة» فما أحوجَ 
أهل مدينة رسول اللدكلة أن يفهوا بك عسده» :أن يكونوا أضهاز (الوليد) 
فيَسْتَدْفِعُوا شَرًا ما به عنهم غِنَىء ويجتلبوا خيراً ما بهم غنّى عنه؛ ولسْتَ تدري ما 
يكونُ من مَصَادرٍ الأمورٍ ومواردها. نك واللّه ‏ إِنْ لَجَجَتَ!" في عِنادِكَ 
وأضْرَرْتَ أنْ تردّني إليه خائباًء لَنهِجَنّ قَرَمِ0" 5 الشام إلى هذه اللحوم 
ولَسْمكَ يومئذٍ من أطيبهاء ا وأنا إليك رسول 
الأرلى» فلا تجعلني رسول الثانية . 


وكانَ أبو محمدٍ يسمعٌ هذا الكلامٌ وكأنّ الكلام لا يَخْلْصُ إلى نفه إِلّا بعد 
أن تتساقط معانيه في الأرضء هَيبِةَ منه وقَرّقاً0 من إقدايها عليه؛ وقد لَانّ رسولُ 
جد اك ماس ل يداتعفرا” ه سَاغَ””' مِنَ الرجل مَسَاعَ الماء العذب 

في الْحَلْقٍ الظامىء. وأشتدُ في وَعيدِءِ حتى ما يَشكُ أنه قد سقاهُ ماءة حميماً فقطمَ 
ادا والرجلُ في كل ذلك من فوقِهِ كَالسماء فوقٌ الأرض» لو تحوّل الناسٌ 
جميعاً كنّاسين يُثيررن من غبار هذه على تلك لَمَا كان مرجعٌ الغبارٍ إلا عليهم. 
وبقيّتِ ألسماءً ضاحكةً صافية تتلالاً . 

وقلْبَ الرسول نظْرَهُ في وجه الشيخ» فإذا هو هو ليس فيه معنى رغْبةٍ ولا 
رهبة؛ كأنْ لم يَجِعلْ له الأرض ذهباً تحت قدميه في حالة» ولم يملا الجوّ سيوفاً 
على رأسِه في الحالة الأخرى؛ وأيقنَ أَنّهُ من الشيخ العظيم كألصبي الغِر”'2 قد رأى 


)١(‏ الآصر: القربى. (4) فرقاً: خوقاً. 
(؟) لججت: ألححت. (5) ساغ: سهل. 
إفية َرَم: شهوة اللحم . () الصبي الغر: من لا خبرة له في الحياة. 


٠م‎ 


الطائرٌ في أعلى الشجرة فطمِمٌ فيهء فجاء من تحتها يُناديه: أن أَنْزِلَ إليَ حتى آحدّك 
وألعب بك. . 

وبعد: قليل تكلّمَ أبو محمدٍ فقال: 

باح اغا انا يفن مييقت وان العانفي راك نقد روي أذ ع ادن له 
تَعدِلٌ”" عند اللَِّ جَناحَ بعوضة. فانظ: ما جئْتّي أنت به؛ وقِسْهُ إلى هذه الدنيا 
كلهاء ٠‏ فكمْ ‏ رحمّكَ الله - تكونُ قد قَسَمْتَ لي من جناح البعوضة. .؟ ولقد دُعَيْتُ 
من قبل إلى نيِفٍ وثلائينَ ألفأ لآخحُذّهاء فقلتٌ: لا حاجة لي فيها ولا في بني 
مزوان» حتى ألقى اللّهَ فِيَحكُمَ بيني وبيئهم «وهاأنذا البو ادع إلن افهافها وال 
المزيد مّعها؛ أفأقبضٌ يدي عن جَمْرةٍ ثُمْ أمذها لأملأها جمراً؟ لا - والله - ما رَغْبَ 
عبد الملك لابه في أبنتي » ولكنّه رجلّ من سياسيه إلصاقٌ الحاجةٍ بالناس ليجعلها 
مَقَادةَ لهم فَيُصَرَفَهُمْ بها؛ وقد أَعجَرهٌ أن أبايعَه أن رسول الله يله نهى عن 
تيعتين » ل ل لي ولا ابنُ الزيير إلا باطل كعد 


ومو و م ا 5 
لكريمتِك خيراً من هذا الذي ساقَهُ اللهُ إليك؟ إِنّكَ لراع وَإنّها لرعيةٌ وسَنُسأَلُ عنهاء 
وما كانَ الظنّ بك أن نُسىء رغيتها("' وتبخسن”" حقّهاء وأن تَعْضِلّها وقد خطبَهًا 
اا ل اعفار الك كا 1 
حميعا ار رده 

قال الشيخ : ا 0 1 لأني 
وأبنَ 0 المؤمنين وألفاقهس(4 لا 00 فيه ٌ وراء عبيدِها وأوباشِها عاونا 
وافخا 9 يخرجون من حساب الفّجَرَةِ إلى حساب القَثَلَة ومن حساب هؤلاء 
إلى الجا اي لاه والخضي» إلى جساب أهل البَغْيء إلى جساب التفريط 
في حقوي المسلمين. ويخف يومئذٍ عبيدها وأوباشها ودعارها وفجارها في زحام 


)١(‏ لا تعدل: لا تساوي. (4) رغب عن الشيء: كرهه. 


(؟) رعيتها: العناية بها. (5) الألفاف: الحاشية وذوي القربى 
(5) بخس حقه: ظلمه حقه وأنقصه. (1) يعود الغمير هنا إلى الدنيا . 


ل 


الحشرء ويمشي أميرُ المؤمنينَ وابنُ أمير المؤمنينٍ ومَنٍ أَتّصلَ بهماء وعليهم أمثال 
الجيالٍ من أثقالٍ الذنوب وحقوق العباد. 

فهذا ما نظرْتُ في حسن الرعاية لأبنتي» لو لم أه د 
المؤمنينَ وأبن أمير المؤمنينَ لأَوْبَقْتٌ0"© 11 واللفدعا نتن ويكع مكل زا 
فرعت مما على الأرضن فلا يمو اليف متي في الحم حرة: 

تن ف 

ولمّا كان غداةٌ غدٍ جل الشبحُ في حَلْقبِِ في مسجدٍ رسول الل يه للحديثٍ 
والتأويل» ٠‏ فسألٌ رجل من عُرْضٍ المجلس» فقال: ياأبامحمدء إِنَّ رجلاً 
يُلاجيني” في صَداقٍ بنته ويُكلفي مالا أطيق . فما أكثرٌ ما بلع إليهِ صداقٌ أزواج 
رسول الله ين وصداقٌ بناته؟ 

قال الشيخ: رَوَيْنا أنَّ عمرّ (رضي اللَّهُ عنه) كان ينهى عن ألمغالاة في 
الصداق ويقول: اما تزوّجَ رسول الله د ولا رَرْجِ بناتِه بأكثرٌ من أربعمائة درهمء 
ولو كانّتِ المغالاةٌ بمهورٍ النساءٍ مَكْرْمةً لَسبِقَ إليها رسول الله كلق 

ورَوَيْنا عنه كل أنه قال: «خيرٌ النساء أحسئُّهنَ وجوهاً وأرخْصٌّنّ مهورا». 

فصاحّ السائل: يرحمك اللَّهُ يا أبا محمد كيف يأتي أنْ تكونَ المرأةٌ الحناءً 
رخيصة المهرء وحُسئها هو يُعْلِيها على الناس؛ تَكَثْر رغبتُهُم فيها فيتنافسون عليها؟ 

قال الشيخ: انظز كيف قَلْتَ. أهم يُساومون”*' في بهيمةٍ لا تَعقِلء وليسٌ لها 
من أمرها شية إِلَّا أنّها بضاعةً من مطامع صاحبها يُغْلِيها على مطامع الناس؟ إِنّما 
أراد رَسولَ الله يكن أن خيرَ النساء مَنْ كانّثْ على جمالٍ وجههاء في أخلاقٍ كجمالٍ 
وجههاء وكان عقَلّها جمالاً ثالثاً؛ فهذه إن أصابَتِ الرجلٌ الكبني بقرت علييه كه 
يسّرت» ثم يسّرت؛ إِذْ تَعتبرُ نفسّها إنساناً يُرِيدٌ إنساناً. لا مَتاعاً يطلبٌُ شاريأء وهذه 
لا يكونُ رُخْصٌ القيمةٍ في مَهرهاء إلا دليلاآً على أرتفاع القيمةٍ في عقلها ودِينها؛ أما 
الحمقاءً فجمالّها يأبى إِلّا مضاعفة الكمن لِحسنهاء أي لِحُمْقها؟ وهي بهذا المعنى 
من شرار النساء؛ وليسَتْ من خيارهِنّ . 


ولقد تزوجَ رسول الله ييه بعض نسائه على عشرةٍ دراهمَ وأثاثِ بيت» وكان 


)١(‏ لم أَضنّ: لم أبخل. (*) يلاحيني : يجادلني» يناقشني. 
فق لأوبقت: لعدت. زفق يساومون: يناقشون في الأسعار في سبيل الاتفاقٌق على الثمن. 


١6ا/‎ 


الأثاث: رحى يدٍء وجَررَّةَ ماء» ووسادة 520000 وأَوْلَّمّ على بعض 
0 وعلى أخرى بمدَّينٍ من تمر ومذَّينِ من سَّوِيق7© وما كان 
1 يه القعر» ولكئة تشع ضيه لتم النا من عنمل أن اللمرأة للزجل تقس 
فس ٠‏ لا متاعٌ لشاريه؛ والمّتاعٌ يُقَوّمُ بمَا بَّذِلَ فيه إِنْ غالياً وإِنْ رخيصاًء ولكنّ 
ل وَمُ عند المرأةٍ بما يكونُ منه؛ فمَهِرُها الصحيحٌ ليس هذا الذي تأحَذَهُ قبل 
أن نُخْمَّلَ إلى داره» ولكنّهُ الذي تَجِدَهُ منه بعد أن تُحَْمَلَ إلى داره؛ مهِرْها 
موعاكلتياء #اخل مه يوما فيوما» قل وال يذتك غروسا على تفن ركتليا عا دامث 
في معاشريّه . آنا انك السداف عن الذعب :والنعة + فهر مدان العروس الداغلة 

على الجسم لا على التْس؛ أفلا تراه كالجسم يهلكُ ويبلى» أفلا ترى هذه الغالية - 
إِنْ لم تجدٍ النفْسَ في رجُلِها - قد تكونُ عروسٌ اليوم ومطلقة الغد؟! 

وما الصداقٌ في قليلِه وكثيروء إِلّا كآلإيماء إلى الرجولةٍ وقُدْرتِهاء فهو إيماءء 
ولكنّ الرجل قبل قبْل. إِنّ كل أمرىء يستطيعٌ أن يحملّ سيفاًء والسيفٌ إيماء إلى 
القوة» فيو أنه لي نكل :دوي السرف سواء وقد يحملٌ الجبانُ في كل يدٍ سيفاًء 
ويملك في دار مائّة سيف؛ فهو إيماءء ولكنٌ البطلّ قَبْلُء ولكنٌ البطلّ قَبْل. 

مائةٌ سيف يِمْهَرُ بها الجبانٌ قوّنَهُ الخائبة» لا تُمْني قوّتّه شيئأء ولكنّها 
كالتدلنين؟" على من اث جيانا مدل ويرك ان يكزة اموز القالي» كالعد لين 
على الناس وعَلَى المرأة» كي لا تعلمَ ولا يعلّم الناسٌ أنه شمن حَيبتِها؛ فلو عقآتٍ 
المرأةٌ لبامَتٍ النساء بِيْسْر مهرهاء فإنّها بذلك تكونٌُ قد تركتُ عقلّها يعمل عملّه 
رَعفك جمافقها ان ليد عليه 7 22 

فصاحٌ رجل في المجلس أب يها الشيخ » أفي هذا من دليل أو أثر؟ 

قَالَ الشيخ: نعم؛ أمَا من كتاب الله فقد قال اللَّهُ تعالى : «حَلَفَرُ ين نين ود 
وََلَقَ يما زوجي 74" فهي رَوْجُهُ حين تجذه هو لا حينَ تجدٌ ماله ؛ وهي زوجهُ حينّ 
تَنْمُهُ لا حينَ تُنقصٌه. وحينَ ثُلائمُهُ لا حينَ تَختلفٌ عليه؛ فمصلحةٌ المرأةٍ زوجةً ما 
يجعلّها من زوجهاء فيكونانٍ معأ كالئّمُس الواحدة» على ما ترى للعضو من جسِمه؛ 
يُرِيدٌ من جسهمه الحياةً لا غيرّها. 


)١(‏ سويق: دقيق القمح أو الشعير. 
(5) التدليس: التمويه الكاذب . (*) سورة: الأعراف الآية: 18486. 


١١4 


وأمَا من كلام رسولٍ الله كل فقد رُوينا: «إذا أتاكُم مَنْ تَرْضَرّن دِيئَهُ وأمائته 
فزقجوه؛ ا ا 
شترط الذّينَء على أن يكون مَرْضِيًا لا أيْ الدينٍ كان؛ ثم أشتر طََ 
الأمانةء ل وأيسرها أنْ يكونَ الرجلٌ 0 
أميناً. وعلى حقوقِّها أميناًء وني نناماجها نينا قلدا يسحني !وله لقي بر 
يُسيء إليها؛ لأن كلّ ذلك تَلْجْ”” في أمانته؛ فإِنْ رَدْتِ المرأهُ مَنْ هذه حاله 00 
من أجل المهر ‏ تقدّمَ إليها بالمهرٍ مَنْ لِيسَتْ هذه حالَهُ وصفتّه. فوقّعتٍ ألفتنة» 
وفسدّتٍ ألمرأةٌ بالرجل» وفسد هُوَ بهاء وفسدّ النسلٌ بهما جميعاًء وأهْمِلَ مَنْ لا 
يملك؛ وتعئّّث من لا تجدء ويرجمٌ المهرٌ الذي هو سببٌ الزواج سببأ في منعه» 
ويتقاربٌ النساءً والرجالٌ على رغم المهر والدين والأمانة؛ فيقمٌ معنى الزواج» 
ويبقى المعطلُ منه هو اللفظّ والشرع . 
هل علمّتٍ المرأةٌ أنُها لا تدخّل بِيتَ رجلها إلا لِتُجاهدَ فيه جهادّهاء وتبلوَ فيه 
بلآها؟ وهل يقومُ مال الدنيا بحقّها فيما تعمل وما تُجاهدء وهي أم الحياةٍ ومُنْشِتَئُها 
: ٍ 0 0 
وحافظتها؟ فأينَ يكون موضع المالٍ ومكان التفرقة في كثيره وقليله. والمال كله 
دونَ حقّها؟ 
ولنْ يتفاوت”*' الناسٌ بالمالٍ تختلفٌ درجائّهم به وتكون مراتبُهم على مِقُداره 
تكثُرُ به مرةٌ وتَّقِلٌ مرة إلا إذا فُسَد الزمان» وبطلَث قضيةٌ العقل» وتعطلَ مُوجِبُ الشرع , 
وأصبحَت السّجايا”'' تتحوّل» ؛ يملكها مَنْ يَملكُ المال» ويَخْسرُها من يَخسر؛ فيكون 
الدين على النفوسٍ كالدّخيلٍ المزاحم لموضعهء والمتَدّلىي في غيرٍ حقّه؛ وبهذا يرجم 
باطلٌ الغْنيَ دبناً يتعاملٌ الناسٌ عليه» ودينٌ الفقير بَهْرّج]90© لاد رو “طن علد ولس 
هذا من دييناء دين النفس والحُلُقَء وإنَّ ألفٌ بعير يفنوها”” الرجلُ خالصةً عليه» ثابتةٌ له 
لا تزيدٌ في منزلة دِيِهِ قذرّ نَملةٍ ولا ما دوّنها. والحجَران: الذهبٌ والفِضّة ‏ قد يكونُ 
شُعاعُهما في هذه الدنيا أضواً من شمسها وقمرهاء ولكنّهما في نورٍ النفس المؤمنة 
كحصَانِينٍ يأخذهما من تحتٍ قدميه؛ ويذهبٌ يزعمٌ لك أنهما في قدرٍ الشمس والقمر. 


)١(‏ يبخسها حقها: ينقص منه. (6) المجايا: الأخلاق. 
(؟) يعنتها: يتعبها بظلمه. (1) بهرجاً: تزيئاً كاذياً. 
(6) ثلم: جرحء تنقص. لا يروج : لا يلقى قبولاً 
() يتفاوت: يختلف. (4) يقنوها: يمتلكها. 


ل 


وهلاكُ الناس إِنّما يُقْضَى بمحاولتهم أنْ يكونوا أناساً بعُيوبهم ودُنوبهم؛ فهذا 
هو الإنسانُ المذْبرُ عن الله وعن نفْسِه وعن جنسه؛ لا يكونُ أبوه أباً في عطفه؛ ولا 
أَمّهُ أمّا في مخياء ولا ابئُه ابناً في برّهء ولا زوجنُه زوجة في وفائها؛ وإنّما 
يكرتون له عيالكه كه زويناعن وسول الل عله «#يأتي على الناس زمانٌ يكونٌ 
هلاكُ الرجلٍ عَلَى يدٍ زوجته وأبويه وولَّدِه؛ يعيّروته بآلفقرء ويِكلَقُونَّهُ ما لا يُطيق؛ 
فيدخلٌ المَداخلَ التي يذهبٌ فيها دين فيَهلِك». 

وصاح المؤذن. فقطعٌَ الشيحُ مجلسّهُ وقامَ إلى الصلاة» ثم خرّجّ إلى دارهء 
فتلقَئْهُ أبنتهُ وعلى وجهها مثلٌ نُورِهء قَالّثْ: يا أبتِ تٍ كنث أتلو الساعة قوله تعالى : 
نَيّكآ ءَاإكا ادها حكئةٌ وَفى الْآْرَةَ حصَةٌ 274 فما حَسَئَهُ الدنيا قال: يا بُتَيّفَ 
هي التي تَضْْحُ أن تُذْكَرَ مع حسنةٍ الآخرة؛ وما أراها للرجل إلا الزوجةً الصالحةً» 
ولا للمرأة. . 

وطرِقٌ الباب» فذهبَ الشيحُ ع » فإذا الطارقٌ (عبد الله بن أبي وَدَاعة)؛ 
وكان يعات ويَاخذ عنة ويلرة حلقتّه؛ ولكنّه فقدَهُ أياماً؛ فدخلّ فجلسٌ. قال 
الشيخ : «أين كنت؟» 

قال: «تُوفْيثْ أهلي فأشتغلتُ بها». 

قال الشيخ : : اهلا أَحْبَرْتنا فشهذناها» . ثم أخدّ يفيض في الكلام عن الدنيا 
والآخرة؛ وشعر ابن أبي وداعة أن القبرَ ما يزالٌ في قلبه حتى في مجلس الشيخ» 
فأرادَ أَنْ يقومء فقال (سعيد): 

«هل أستحدنْت”"' امرأةً غيرّها؟». 

قال: «يرحمك الله أين نحن منّ الدنيا اليوم؛ ومَنْ يُرَرَجُني وما أملك إِلَّا 
درهمين أو ثلاثة؟) 


أناء أناء أنا. . . دوَّى الجرٌ بهذه الكلمةٍ في أَدُّنْ طالب العلم الفقيرء فحسِب 
كَأنَّ الملائكة نشد لشيداً في تسبيح الله يَطِنَ لحثه : «أناء أناء أنا." 


7١١ السورة: البقرة الآية‎ )١١( 


(؟) استحدثت امرأة: أتيت بامرأة بديلة . 


وخْرجَتٍ الكلمةًٌ من فم الشيخ ومِنَ السماء لهذا المسكين في وقتٍ واحدء 
وكأنُها كلمةٌ زَوَْجَتْهُ إحدى الحور العين. 

فلمًا أفاقٌ من عَسْيَةِ أَذْنِهِ . . قال: «وَتَفْعَل؟» 

قال (سعيد): «نعم» وفسّرَ (نعم) بأحسن تفسيرها وأبلغه؛ فقال: قم فأدعٌ لي 
نفراً مِنَ الأنصار فلمًا جاءُوا حمدّ الله وصلى عَلَى النبي يلوه وزوجَهُ عَلَى ثلاثة 
دراهمَ (خمسة عشر قرشاً). 

ثلاثةٌ دراهمَ مهرُ الزوجة التي أرسلّ يخطبُها الخليفةٌ العظيمٌ لولي عهده بثقلها 
ذهباً لو شاءت . 

وغشّى”'' الفرحٌ هذه المرةً عيني الرجل وأذنيه؛ فإذا هو يسمعٌ نشيدَ الملائكة 
يطنٌ لحئه : «أناء أناء أنا. . .) 

ولم يشْعْر أَنَّهُ على الأرض»ء فقامم يظير» وليس يدري من فرجه ما يصنعء 
وكأنّه فى يوم جاءه من غير هذه الدنيا يتعرّفٌ إليها بهذا الصوت الذي لا يزالَ يطنُ 
فى أذليه «أناء أناء أنا. .» 

وصارَ إلى منزله وجعل يفكر : مِمَنْ يأخذ» ممَّنْ يستدين؟ فظهّرث له الأرض 
خَلاءً مِنَ الإنانء وليسٌ فيها إِلّا الرجلٌ الواحدٌُ الذي يضطربٌ صوتُهُ في أذنيه : 
«أناء أناء أنا. .4 

وصلَّى المغربٌ وكانّ صائماًء ثم قامَ فأسرج”"» فإذا سِراجَهُ الخافتٌ الضئيلٌ 
يسطعٌ لعينيه سُطوع القمرء وكأن فى نوره وجة عروس تقول له: (أناء أناء أنا. . .» 

وقَّدَمَ عَساءَهُ ليُفطرء وكان خبزاً وزيتاء فإذا البابُ يُقرعٌ؛ قال: مَنْ هذا؟ قال 
الطارق: سعيك . ٠.‏ 6.. 

سعيد؟ سعد! من سعيد؟ أهو ابو مان أو على؟ أب الحسن؟ فكن الرحل 
في كل من آسمُهُ سعيدٌ إِلّا سعيدّ بْنَ المسيّب؛ إلا الذي قال له: «أنا. . .) 

لم يخالججة”” أنْ يكونَ هو الطارق. فإنَ هذا الإمامَ لم يَطْرقٌ باب أحدٍ قَطْء 
ولم يْرَ منذ أربعينَ سنة إلا بِينَ دارو والمسجد. 
)١(‏ غشى: غطى. 
(؟) أسرج: ملا السراج زيتاً ثم أشعله. (؟) لم يخالجه: لم يداخله شك . 


١1١ 


ثم خرج إليه؛ فإذا به سعيدٌ بْنُ المسيّب» فلم تأخذهٌ عيئهُ حتى رَجِعَّ القبرْ 
فَهَبَطَّ فجأةٌ بظلامِهِ وأمواته في قلب المسكين» وظن أنَّ قد بدا له. فنيم» فجاءه 
للطلاقٍ قبلَ أنْ يشيمَ الخبرء ويتعدَّرَ إصلاحٌُ الغلطة! فقال: «يا أبا محمدء لو. 
لوك لو - لو أرسْلتٌ إليّ لأتيتك !» 

قال الشيخ : «لأنت أحقٌ أنْ تُؤْنَى». 

فما صكتٍ الكلمة”" سمعٌ المسكين حتى أَبْلّسّ0' الوجودٌ في نظره. 
يي" الدنيا صمت كصمت الموت: وأحس كأن القبرَ يتمدّدُ في قلبهِ بعُروقٍ 
الأرض كلّها! ثم فاء إنفسهء وقدّر أن ليس محل شيخْه إلا أن يأمرء وليسّ محله 
هو إِلَّا أن يطب وأنّ مِنَ الرجولة ألا يكونّ مَعرّةٌ على الرجولة» ثم تكس وَتَتَكْسَ 
وقال بِذِّلةِ ومسكنة: «ما تأمُرني؟» 

تفتحّتٍ السماء مرَّةٌ ثالثة» وقال الشيخ : «إِنْك كنت رجلاً عزباء فتزوجَتٌ» 
فكرهْتٌ أنْ تبيتَ الليلةَ وحدّك؛ وهذه أمرأثك!» 

وانحرفٌ شيئاً» فإذا العروسٌُ قائمةٌ حلفَهُ مستترةٌ بهء ودفعّها إلى الباب وسلَّمَ 
وَأتصرف. 

وأنبعتٌ الوجودٌ فجأة» وطن لَحْنُ الملائكة في أذنٍ ابن أبي وداعة : (أناء أناء أنا . 


عد 


من بابو» ثم خَطا إلى القصعة التي فيها الخبرُ والزيت؛ فوضعها في ظلّ السراج كي 
لا تراها؛ وأغمض السراجُ عيته ونشرّ الظل. . 1 

ثم صعد إلى السطح ورمى الجيران بِخْصَّيَّاتِ؛ ليعلموا أن 1 له شأناً أعتراف 
وأنْ قد وَجَبَ حقٌ الجار على الجار «(وكانتث هذه الخخصيَّاتٌ يومئذ كأجراس التلفونن 
اليوم) فجاءوه على سُطوجِهم وقالوا: «ما شأئك؟» 

«وَيْحَكَمْ! زَُوْجَنِي سعيد بْنُ السميّب ابنتّه اليوم؛ وقد جاء بها الليلة 

على غفلة». 

قالوا: «وسعيدٌ رَوَّجَكٌ! أهو سعيذ الذي رَرَجَكُ! أرَرَّجَك سعيد؟» 
)١(‏ صكت الكلمة: قرعت سمعه. 
(؟) ألمس: اختقى . (9) غشي: غطى. 

01 


قال: اتعم؟. 

قالوا: «وهي في الدار؟ أتقول إِنّها في الدار؟؛ 

قال: (نعم! . 1 

قانثالَ النساءً عليه من هنا وههنا حتى أمتلآث بهن الدار. وغشَّيتٍ الرجل 
غشيةٌ أخرى » فحسبّ دَارَّهُ تتيهُ على قصر عبدٍ الملكِ بْنِ مروان» وكأئما يسمعيا 
تقول: «أناء أناء أنا. . .» 

م كن 

قال عبدٌ اللَّهِ بْنُ أبي وداعة: «ثم دخلْتٌ بهاء فإذا هي من أجمل الناس 
وَأَحْفَظِهِمْ لكتاب اللَهِ تعالى» وَأَعْلَمِهِمْ بسْئَّهَ رسولٍ الله َك وأَعْرَفِهِمْ بحىٌ الزوج. 
لقد كانت المسألةٌ المعضلةٌ تُعيى الفقهاء فأسألّها عنها فأجدُ عندها منها عِلّْما». 

قال : ومكَئْتٌُ شهراً لا يأتينى سعيدٌ ولا آتيه» فَلَمّا كانَ بعد الشهر أنينُهُ وهو 
في حلقتِه فسلَمْتُ» فردّ علي السلام» ولم يكلمني حتى تفرّقٌ الناسٌ مِنّ المجلس 
وخلا وجههء فنظرَ إليَّ وقال: 

«ما حال ذلك الإنسان. . .؟»2. 


أما ذلك (الإنسان) فلم يعرف مِنَ القَرقٍ بينَ قصر ولي العهدٍ أبن أميرٍ 
المؤمنين» وبين حخجرة ابن أبى وداعة التى تُسَمَّى داراً. . . ! إلا أنَّ هناك مضاعفةً 
الهمّ. وهنا مضاعفة الحُب . 

وما بِينَ (هناك) إلى القبر مدةً الحياة ‏ سَتَحْفِتُ الروحٌ من نور بعد نورء إلى 
أنْ تنطفىة في السماء من فضائلها. 

وما بينَ (هنا) إلى القبر مدةً الحياةٍ ‏ تسطعٌ الروحُ بنور على نورء إلى أنْ 
تشتعل في السماء بفضائلها . 

دن 

ولم يزل عبدُ الملك يحتال (لسعيد) وَيَرْصدُ غُوَائِلَهُ!!؟ حتى وقَّعَتْ به 

المحنةُء فضربَهُ عاملّهُ على المدينة خمسينَ سوطاً في يوم بارد»ء وصبّ عليه جرَةٌ 


)١(‏ يرصد غوائله: يتبع سقطاته ليأخذه بها. 


1١1 





ماء؛ وعرّضّهُ على السيف». وطاف به الأسواقٌ عارياً في ثُبّانِ!'2 منّ الشعرء ومنمَ 
الناسّ أنْ يُجالِسوه أو يُخاطبوه. وبهذه الوقاحة» وبهذه الرذيلة» وبهذه الْمَخُرَاةَ 
قال عبد الملكِ بْنُّ مروان: «أنا. . .؟» 


١1 


ذيل القصٍ 
وفلسفة المال 


ذهب الناسسٌ يمينا وثبمالاً فيما كثباهُ من خبرٍ الإمام سعيدٍ بْنِ المسيْبٍ 
وتزويجه أبنتَهُ من طالب عِلْمٍ فقير» بعد إِذْ ضَنَ بها أنْ تكونَ زوجاً لولي عهدٍ أميرٍ 
المؤمنينَ عبدٍ الملكِ بْنِ مروان؛ وقد جِعلَتْ قلوبُ بعض النساءِ العصرياتٍ 
المتعلّماتٍ تصيح وتُوَلُولُ ذخ 6 و جتنا اح ظريف أن العامة فا عن 
عنوانٍ عبدٍ الملكِ بْنِ مروانٍ يي 

أثُراها ستكتبٌ إليه أنّها تقبل الزواج من ولي عهده؟ 

على أن للقصة ذيلاً؛ فإنّ الطبيعةً الآدمية لا عصرٌ لهاء بل هي طبيعة كل 
عصر ؛ ؛ والفضيلة الإنسانية يبدأ تاريحُها ين الجنة» فهي هي لا تتجددُ ولا تزال تلوح 
وتختفي ؛ أما الرذيلةٌ فأولٌ تاريخها من الطبيعة نفسِهاء ٠‏ فهي هي لا تتغيرٌ ولا تزال 


لما زَوَجَ الإمام أبنمّه من أبن أبي وَدَاعةً» أخدَّها بنفسه إليه فى يوم زَوّجَها 
منهة) ومشى بها في طريق خصاه عندّه أفضل مِنَ الذُرء وترايه أَكَرمُ من نَ الذهب - 
طارتٍ الحادثةٌ في الناس» واستّفاضٌ لهم قول كثير؛؟ تَمَا نسح -َامَمُوا َآدمْهُمَ يمنا 
0 وقد قال جماعةٌ متهم تاللَِ لتن أنقطعَ الوخي» إِنْ ا 
عي ما تزالٌ تنزل على , بعض القلوب التي تُشْبهُ في عَظْمتِها قلوب الأنبياء؛ وما هذه 
الحادئة على الدنيا إِلَّا 58 معنى سُورَةٍ من السُورٍ قدٍ انشقَّتٌ لها السماء» ونزل بها 
جبريلٌ يَحْمْقُ على أفئدةٍ المؤمنينَ خفقةً إيمان. 

#وأمًا اليرت فى فُلُويهم مَرَسٌ فَرَاهَنْهُمْ ِجْسًا إِلَ رِجْسِهِرٌ 4”" . وقال أناسٌ منهم : 
)١(‏ سورة: التوبة الآية: .١714‏ (5) سورة: التوبة الآية: 6 


1١١ه‎ 


الل مهالو توك لأعدكا ان كرون لما نتن اعد الو سين .أ ان امير 
المؤمنين» لوكت راشة في ذلك نا ترك عن السسرقة حي 2 مكيف نمق نينا له 
َلَصْهْرُ والْحَسَّبء وجاءة الغْئّى يَطَرُقَ يابه - ما بالَهُ يردٌ كلّ ذلك ويُخْرِي ابه برجلٍ 
فقيرٍ تعيشٌ في داره بأسوإ حال؛ وكيف تَنْقُلُ حِمِنّهُ ونَبِطؤْ وتموتُ» إذا كانَ الدرٌ 
والجوهر والذهبٌ والخلافة؛ ل نعف ويمفي لا فلقا" '" عزمّه؛ إذا كانَ العِلَمُ 
والفقرُ والدين والتقوى؟ 

وأنتهى كلام الناس إلى الإمام العظيم» فلم يَجِنْهُ إِلّا مِن لظن حَفِياً حَفِيَا 
كأئما هي أقوال حَسِيّها تُقال عنه بعد خمسينَ وثلثمائة وألف سنة (في زمننا هذا) 
حينَ يكونٌ هو في معاني السماءء ويكونُ القائلونَ في معاني التراب النْجس الذي 
نَقَضَئْهُ على الشرق نِعالٌ الأوروبيين. . 

قال الراوي: ولم يستطغ أحد مِنّ الناس أنْ يواجة الإمامٌ بِشَمَةِ أو بنتِ شفة» 
لا مُضَيَْاً عليه من قلبهِ ولا مُوَسَّعآَء حتى كان يوم من أيام الجمعة؛ وقد مال الناسٌُ 
بعد الصلاة ة إلى حَلْقةِ الشيخ. وتَقَضّفُوا بعضهم على بعض» فخصٌ بهم المسجد؛ 


00 7 


ولنصيرنٌ عل 


ا 


ركات إنامنا رفك فونه تعالن + «1109] أل ترحكل عل أن وو هركا خفذا 
مآ ءا دمسمُونا وَل أللَّه ميكل ترون ج20 

قال الراوي: فكان فيما قالّه الشيخ: 

إذا هُديّ المرءٌ سبِيلَّهَ كانّتِ السُبْلُ الأخرى في الحياةٍ إما عِداءَ لهء وإما 
معارّضّةً» وإما رَدَآَّ فهو منها في الأذّىء أو في معنى الأذىء أو عُرْضَةٌ للأذى. 
لقد وَجَدَ الطريق ولكئه أصاب العقّباتٍ أيضآء وهذه حالة لا يَمضي فيها المَوَقُقُ إلى 
غايته» إلا إذا أعانّهُ اللّهُ بطبيعتين : أولاهما العزمٌ الثابت» وهذا هو التوكل على 
الله ؛ والأخرى اليقِينٌ المستبصرء. وهذا هو الصبرُ على الأذى. 

ومتى عزمٌ الإنسان ذلك العزمً» وأيقنَ ذلك اليقين ‏ تحَوَّلْتٍ العقباتُ التي 
تصذهُ عن غايته فآلَ معناها أنْ تكونَ زيادةً في عزمه ويقينه» بعد أنْ وُضِعْنَ ليَكنّ 
فا يفا ؛ فترجعّ العقباث بعد ذلك وإنها وسائل تُعِينُ على الغاية 0 
المؤمنُ رُوحَه على الطريق» فما بذ أن يغلت على الطريت وما فيها. ينظرُ إلى الدنيا 
بنور أللّهِ فلا يجدُ الدنيا شيئاً - على سَعيّها وتَناقُضِها د إِلَآ سَبِيلَهُ وَناحَوُلَ سيل 


.15 يتلكأ: يتأخر. (؟) سورة: إبراهيم الآية:‎ )١( 


١15 


فهو ماض قُدُماً لا يرادٌ ولا د 9 1 وهذه حقيقةٌ العزم وحقيقةٌ الصبر 

ومن ثم لا تكونُ الحياً لهذا المؤمن مهما تَقّلبَتْ وآختلفّث - إِلَا نَقَاآً من 
طريق واحدةٍ دون النَّحيْطٍ في الطرقٍ الأخرى» ثم لا يكونٌ العمرُ مهما طال إلا مدَّةٌ 
صبر في رأى المؤمن . 

وعزيمةٌ النفاذٍ وعزيمةٌ الصبرء هما الضوءٌ الروحانيٌ القويٌ؛ الذي يكتسخ”" 
ظَلّماتِ النفس» مِمّا يسميه الناسٌ خمولاً ودَعَة وتهاوناً وغفلةً وضجراً ونحوّها. 

قال: ولكنْ كيف يُعانُ المؤمنٌ على هذه المعجزة النفسية؟ هنا يَتَبّينُ إعجارٌ 
الآية الكريمة؛ فقد ذُكِرَ فيها التوكلُ ثلاتٌ مراتء وَأفيمَحَتْ به وحُتَمَثْ؛ والتوكل 

هو العزمٌ الثابث كما أوضحنا. وذُكرث في الآية بِينَ ذلك هدايةٌ المرء سبيلّه ؛ وهذه 
الاضافةٌ (سُبلنا) تُعينٌ أنها هدايةٌ الإنسانٍ إلى سبل نفسو؛ أي سبيلهِ الباطنئ الذي 
هو مناط! عاد في الشعور بالسعادة . ثم ذُكر الصبرٌُ على أذى الناس ) والأذى 

لا يقمٌ إِلّا في حيوانية الإنسان» ولا يوثَرُ إِلّا فيها . فكأن الآية مُصرّحةٌ أن نجاح 
المؤمن ونَّفادّه فى الحياةٍ لا يكونانٍ أول الأشياء وَالخوها ال بثلاث : : العزم الثايبت» 
ثم العزم الثابت» ثم العزم الثانت:. وأن الصبو ليس شيعا يذكرء. أواميناً يجَري20, 
إِنْ لم يكن صبراً على أذى الحيوانية في أفظع وحشيتها؛ فالروحٌ لا ثُوذِي الروح» 
ولكنْ الحيوانَ يُؤذي الحيوان. وأنَّ ما يقَعْ من هذه الحيوانيةٍ فيُسمُى اعتداءً من 
غيركء ويُسمّى أذىّ لك» هو شيء ينبغي أنْ يجِعلَهُ العزمٌ فخراً لِقَوّةٍ الاحتمالٍ 
فيك» كما جِعلَّهُ البطش فخراً للقدرةٍ عند المعتدي . 

وبهذا يكونُ العزمٌ قد فَصَلَّ بِينَ نفسِك الروحيةٍ وبينَ شخصك الحيواني» 
وهبّك حقيقةَ الشعورء رصحّمَ بمعاني رُوحيتك معانيّ حيوانيتك» وحينئظٍ تّرى 
السعادةً حقّ السعادة ما كان هِداية لنفسك أو هداية بهاء ولو أتقلبَ في الشخص 
الحيوانيٌ نيك أذيوالما :: قللكة عي أولي العزم مِنّ الرسل*؟ 

عله عد عد 


)١(‏ يفتر: يضعفء تتلاشى قواه شيئاً فشيئاً. )١(‏ يكتسح: يتغلب» يغزو. 


(*) مناط: رباط» تعلق . (4) يجدي: ينفع . 
(5) أولو العزم من الرسل: هم: نوح» إبراهيم» هموسى » عيسى؛ محمد صلوات الله وسلامه عليهم 


١1١ا/‎ 


قال الراوي : اوعند ذلك صاحَ رجل كان في المجلس د دسَّهُ9'؟ عائْلُ الخليقة» 
لِيسألَ الشيحٌ سؤالاً على ملا الناس» يكونٌ كالتشنيع عليه والتشهيرٍ به؛ وقد مَكَرَ 
العاملٌ فأختارَهُ شيخاً كبيراً أغقّفت0". لِيرحم الناسٌ رِقَةَ عظمه وكُبْرَ سنِهِ فلا 
يَعرضونَّ له بأدى» ثم ليكونَ صوئهُ كأنّهُ صوتٌ الدهر من بعيد. قال الصائح: ذلك 
أيُها الشيحٌ صبرٌ أولى العزم مِنَ الرسل» أو صبرٌ ابنتِك على مَكاره العيش مَمّ أبن 
أبي وداعة» لا يجذ إلا رُمْقَةَ يْمْسِكُ بها الرّمَقَ عليهاء وقذ كائتٍ النعمةٌ لها 
تفرضة + اقدنضنها له < رطنت الثيك نه متكسها الحيراى : أو كلك على الله 
وأَلمَيْتَ أبتتك في اليّمَ . 

فتريّد وجة”" الشيخ وأطرق هُيّاتِء ثم رفع رأسَهُ وقال: أينَ المتكلمٌ آنفا؟ كارتفغ 
الصوت: هأنذا. قال: ادن مني . فتقاغسّ”'' الرجلّ كأنّما تهيّتَ ما فَرَط منه . فَأَسْتَدَناة 
الثانية ؛ فقامً يتخطى الناس حتى وقف بإزائه ثم جلس ؛ فقرأ الشيح قولّهُ تعالى : لوَبَررُوأ 


1 704 0 


فَهَل نسم مُمْيُوْنَ عَنَا مْنْ عَدَابب لله من 


م6 يل سه سرالرة 


نه جِيمًا فَقَالَ لصوا بدن أستكبرواأ إن حكن لك يها 
سَيْءِ قَالْوالَو هدس أسَهُ لدبت سوآء لازنا ام مانا اين تي 4 

ثم قال: أيها الرجلء لا تُسمغني بأذُنِك وحدها. أرأيتك”"' لو سَمِعْتٌَ خبراً 
ليس في نفسِك أصل من معنا أو وَرَدَ عليك الخبّرُ ونفسشك عنه في شُعْلٍ قد 
أَمَمّها؛ أفكئت تَنْشْطٌ له نشاطك للخبرٍ أحتفلّث له نفِسُكَ أو أصابٌ هرّى منك أو 
رأيتَهُ موضعٌ اعتبار؟ 

قال: لا. 

قال الشيخ : فإذا سمغت بأذنك وحذها فإنّما سمغت كلاماً يمرُ بأذيك مرّأء 
وإذا أرذتَ الكلام لنفسِك بأذنِك ونفسِك معا؟ 

قال: نعم . 

قال الشيخ: فكلّ ما لا تنفردُ به حاسةٌ واحدة» بل تشاركُ فيه الحواسٌ كلها 
أو أكثرها ‏ لا يكونُ إلا موضمٌ أهتمام للنفس؟ 

قال : نعم . 1 


. دسّه: دفع به ليتجسس على الحضور. دق تقاعس : تكاسل‎ )١( 


(9) أعقف: منحني الظهر. (6) سورة: إبراهيم الآية: ١‏ 
() تربد وجه: تغبير وجهه لانزعاجه. (5) أرأيتك: أعلمني . 


١1 


قال الشيخ : فمِنْ هنا يك”رٌُ الفرحٌ والحزنُ كلاهما إذا شارككث فيهما الحواس 
فيأتي كل منهما كثيراً مهما قل وتزيدُ كل حاسَّةٍ في اللذةٍ لذةٌ وفي الألم ألمأء 
فتعملٌ النفسُ في ذلك أعمالاً تَسْحَرُ بهاء فيكونُ الشيء لصاحبه غير ما هو للناس» 
كالصوت الباكى أو الضاحك فى لسانٍ طفلك» تسمعُهُ أنت منه بكلّ حواسّك» فإذا 
أنت سمِعْت ألصوت عيئه من لسانٍ رجل في الناس رأْتهُ غير ذاك أكذلك هو؟ 

قال: نعم. 

قال الشيخ: أفيكونٌ السرورٌ بالغاً عجيباً أكثر ما هو بالغ» حينَ يجدٌ المال 
والعنى في الإنسان. أم حين يجد القوةٌ النفسية وطبيعة المرّح والرضى؟ 

قال: بل حينَ يَجِدُ في النفس. . ْ 

قال الشيخ : أرأيْتَ الإنسانَ يكونٌ سعيداً يما يتوهّمٌ الناسٌ أنّه به غنيّ سعيدء 
أم بشعورهٍ هوء وإِنْ كان بعد فيما لا يتوهمٌ الناسٌ فيه الغِنَى والسعادة؟ 

قال: بل بشعوره. 

قال الشيخ: أفلا توجدٌ في الدنيا أشياءً مِنَ النفس تكونٌ فوقٌ الدنيا وفوقٌ 
الشهواتٍ والمطامع؛ كالطفل عند أمّهه كل ما تعلَّ به من شيء وُرْنَّ به هو لا 
بغيرء» وكانَ الاعتبارٌ عليه لا على سواهء أتعرِف أمَاً ترضى أن يُذْبَحَ أبنُها في 
حجرها لِقاء أن يُمْلاً ججرها ذهباً وإِنْ كانّتْ فقيرة مُعْدِمة؟ 

قال: لا 

قال الشيخ: فإذا كانّتٍِ النفسٌ تشعرٌ أكثر مما ترى؟؛ أفيذهبٌ ما تراهُ فيما تشعرُ 
به؛ ويكونُ شُعورُها هو وحدَهُ ألذي يَلْبَنُ ما حولّها ويصوَّرُهُ ويُصرّفه؟ 

قال : نعم. 

قال الشيخ: أفتعرِفٌ أن لكل نفس قويةٍ من هذا العالم الذي نعيش فيه عالّماً 
آخْرَ هو عالَمُ أفكارهاء وإحساسهاء وفيه وحدَهُ لذاثُ إحساسها وأفكارها؟ 

قال: نعم. 

قال الشبخ : أفرأَيْتَ المرأةً إذا صح حبّها أو فرخها أو عزمُهاء أرأيْتَها تكونُ 
إلا في عالّم أفكارها؟ أرأَيْتَ كل ما بنَصِلُ برغبتها حيتئذٍ يكونٌ إِلَا من أشياء قلبها لا 
من أشياءٍ الدنيا؟ أرأيْتَها لا تعيش في هذه الحالة إلا بالمعاملةٍ ممّ قلبها الذي لا 
يأكل ولا يشربُ ولا يلب ولا يجمعٌ المالَ ولا يُرِيدُ إلا الشعورٌ فقط؟ 


11 


قال: نعم هو ذاك. 

قال الشيخ : أرأَيْتَ إذا كانَ الإيمانُ قد وُلِد ونشأ وترَغْرَعَ في قلب ألمرأة ألا 
يكونٌ هو طفل طليها؟ 

قال: نعم . 

قال الشيخ : أرأَيْتَ إذا كانت الخمرٌ عندٌ مُدْمِنها شيئاً عظيماً وكانّث ضرورةٌ 
من ضروراتٍ وجودهٍ افيف المختل» فلا يستقيمٌ وجوده ولا سَفَهُ وجودهٍ إلا 
بها؛ أفيلزمٌ من ذلك أنْ تكونَ الخمرُ من ضَروراتٍ صاحب الوجودٍ القويّ المنتظم؟ 

قال: لا. 

قال الشيخ: أَفَمُويِنٌ أنت لا بد من آجْرٍ لأيام الإنسانٍ ولياليه في هذه الدنيا 


فينقطعٌ به العيش؟ 


قال: نعم . 
قال الشيخ: أَفَبْوْرُعٌ الإنسانُ يومئذٍ بتاريخ معدته وما حولهاء أم بتاريخ نفيبه 
اي 


قال بل بتاريخ تعبيه+ 

قال الشيخ: فإذا كنتَ صاحبّ حَرْبٍء وكئت بطلاً مِنَ الأبطال» وَمِسْعراً مِنّ 
المُسآعير”'"» وأيقَئْتَ الموتٌ في المعركة؛ أيكونُ الحقيقىُ عندّك في هذه الساعةٍ 
هو الموثُ أم الحياة؟ 

قال: بل الحياةً عندئذٍ وهم وباطل . 

قال الشيخ : فتَفِرُ في تلك الساعة إلى الحياةٍ ولذَاتِها في خيالِك» أم تفرْ منها 
ومن لذاتها؟ 

قال : بل الفراٌ منهاء فإن خيالها يكونُ خَبَالا. 

قال الشيخ: ة ففي تلك الساعةٍ التي هي عُمْرُ نفيك؛ وحمل نضيك» ورجاءٌ 
فيك و" قط الله حي :حرياتا بطلة: أم نُْحسٌ الكرْت”"*. وَأَلْمَفْتَ من ذلك؟ 

قال: بل أستشعرٌ اللذة. 
)١(‏ مسعراً من المساعير : مشعلاً لنار الحرب وبطلاً من أبطالها. 
(؟) الكرب: الشعور بالمصائب والأحزان. 


1 


قال الشيخ: إذن فهي كبرياءً الروح العظيمةٍ على مادةٍ التراب والطين في أ 
أشكالها ولو في الذهب. 

قال: هي تلك . 

قال الشيخ: إذن فبعضٌ أشياءٍ النفس تمحو في بعض الأحوالٍ كلّ أشياء 
الدنياء أو الأشياء الكثيرة مِنّ الدنيا. 

قال: نعم. 

قال الإمام: يرحمك الله؛ كذلك مُحِىَ عنذنا أميرٌ المؤمنينَّ وابنُ أميرٍ 
المؤمنين؛ ومّحيّ المال والغِنى» ؛ ولم يكن ذلك عندنا إلا سعادة؛ ومن رحمة الله 
أن كل من هُدِيَ سبيلّه بالدينٍ أو الجكمة» أستطاع أنْ يصع بنفسه لنفسه سعادتها 
في الدنياء ولو لم يكن له إلا لقيمات؛ إن السّعَةَ سَعَةُ الحُلْقِ لا المال» وإِنَّ الفقرّ 

فقرٌ الخلّق لا العيش . 

ْ د ين ينا 

قال الراوي : ثم إِنَّ الإمامٌ العظيمَ أَلتَقْتَ إلى الناس وقال: أما إِنّي ‏ عَلِمَ الله 
ما زوّجْتُ ابنتي رجلاً أعرفُهُ فقيراً أو غنياًء بل رجلا أعرقٌه بطلاً من أبطالٍ الحياة» 
يملكُ أقوى أسلحته منّ الدين والفضيلة. وقد أيقئتُ حينَ زوَّجْمُها منه أنّها ستعرفٌ 
بنْفيلة ننبها فضيلة تقببدء. فيننانة 17© الطغ والطبع؛؟ ولا مَهناً لرجلٍ وأمرأةٍ إلا 
أن يُجَانِسٌَ طبِعْهُ طبعّها. وقد علمْتُ وعلمَ الناس أنْ ليس في مال الدنيا ما يشتّري 
هذه المجانسة؛ وأنها لا تكون إلا هدية قلب لقلب يِأئَلِمَانٍ ويتَحَابان. 

ثم قال الإمام: وأنا فقد دخلتٌ على أزواج رسول الله يلْةٍ ورأَيتهُنَ في 
دُورِهنَ يُقاسِينَ الحياة؛ ويُعانِينَ مِنَ الرزقٍ ما شَح دَرْه فلا يجيء إِلّا كالقطرة بعد 
القطرة» وهنّ على ذلكء ما واحدةٌ منهنَ إلا هي ملكةٌ من ملكات الآدميّةِ كلّهاء 
وما فَقْرْهْنّ إلا كبرياءً الجنةٌ نظرث إلى الأرض فقالْث : لا. 

يجاهدنَ مجَاهَدَةً كل شريف عظيم النفس» همُهُ أنْ يكونَ الشرفٌ أو لا يكونَ 
شيء؛ ويرى الغافلٌ أن مِعْلَّهُنّ هالكاتٌ في تعب الجهادء ويعلَمْنَ من أنفسهنٌ غير 
ما يرى ذلك المسكين - يعَلمْنَ أنّ ذلك التعب هو لذةٌ النصر بعييها . 

كانت أ: نوئتّهُنٌ أبدا صاعدةً مُتَسَامِيةَ فوقٌ موضعها بهذه القناعة وبهذه التقرى». 


)١(‏ يتجانس : يتواقق ويتفاعل من خلال الانصهار المتيادل. 


١ 


ولا تزالٌ متساميةٌ صاعدةً» على حين تنزلٌ المطامعٌ بأنوثة المرأة دونَ موضيهاء ولا 
تزالُ أنوثئها تنحدرٌ ما بقيّتِ ألمرأةٌ تطمع؛ ورْبْ ملكةٍ جعلئها مطاممٌ الحياة في 
الدّركِ الأسفل» وهي باسمها في الوهم الأعلى. .! 

وقد رُوينا عن آلنبي كل أنه قال: «اطْلَّعْتُ في الجنة فإذا أَقَلْ أهلها النساء: 
فقلْتُ أين النساء؟ قال: شَعّْلَهُنَ الأحمران: الذهب والزعفران» أي الطمعٌ في الغِنى 
والعملُ لهء والميلٌ إلى التبوُج”'2 والحرص عليه. 

ونفسٌ الأنثى ليسَث أنئى» ولكن شَعْلَها بذلك التبرج وذلك الحِرْصٌ وذلك 
الطمعٌ ‏ هو يُخْصّمصّها بخصائص الجسدء ويُعطيها من حُكيهء ويُنزلُها على إرادته ؛ 
رهذه هي المرَّلّة؛ فتهبطٌ المرأةٌ أكثرٌ مِمّا تعلوء وتضعفٌ أكثْرٌ مِمّا تقوّى» وتَفسُدُ 
أكثرٌ مِمًا تَصلحٌ. إن نفس الأنثى لرجلٍ واحدء لزوجها وحذده. 

رأيتُ أزواج النبي و فقيراتٍ مَقمُور”'' عليهنٌ الرَزق» غيرّ أنَّ كلا منْهُنٌ 
تعيش بمعاني قلبها المؤمن القوي؛ في دار صغيرة فَرَشَنْها الأرض ولكنّها من عباتي 
ذلك القلب كأئها سماءً صغيرةٌ بين أربعة جدران . إِنْهُنّ لم يبتغدنَ عن الغِنى إِلَا 
عدن عن حماقةٍ الدنيا التي لا تكون إَِا في الفنى . 

أفٌ ف أف! أثريدونَ أن أزوْج أبنتي من أبن أ مير المؤمنين فيّحْزِيّها اللَّهُ على 
يدي وأدفعغها إلى القصر وهو ذلك المكانُ الذي جمعٌ كل أقذارٍ النفس ودَنْس 
الأيام والليالي ؛ روه مسا انعرف ني لشيلة قينا سقط تفده فتكونَ زَوجَة 
جسمه ومطلّقة رُوجِهِ في وقت معاً؟ 

ألا كم من قَضْرِ هو في معناُ مَقبرةٌء ليس فيها من هؤلاءٍ الأغنياءء رجالهم 
ونسائهم إلا جيّفٌ يُبلي بعضّها بعضاً! 

6 ع 

قال الراوي: وضجّ الناسُ لحمامة صغيرة قد جَنْحَتْ مِنَ الهواء» فوقعث في 
حجر الشيخ لائذةٌ بو من مَخافة» وجعلّتث تُدفٌ بجِتَاحيْها”" وتضطربٌُ مِنَ الفرّع» 
ومرّ الصقرٌ على أثرها وقد أهوى لهاء غيرَ أنْهُ تمطر” © ومَرَقَ في الهواءٍ إذ رأى 
الاين .. 


)١(‏ البرج: التزين. إفيف تدف يجناحيها : تجمعهما. 
)١(‏ مقتوراً: تليلاً جداً بحيث لا يكفي الرمق. (4) تمطر: عمل على الهبوط . 


1١؟؟‎ 


وتناولها الإمامُ في يده وهي في رَجْفَتها من زلزلة الهواء؛ وكائتُ كالعروس 
مُسَرْوَلةَ قد غابَتُ ساقاها في الريش» وعلى جسهيها مِنَ الألوانٍ نَمْممةٌ وتحبير» ولها 
رُوِحُ العروس الشابّةِ يُهِدُونْها إلى مَن تكرهُ ويرَفُوئها على قاتِلها الذي يُسمّى 
زوجها. 

وأدناها الشيخ من قلبه» ومسَصَ عليها بيده: ونظرٌ في الهواء نظرة. . . وهو 
يقول: نُجوْتٍ نَجِوْتٍ يا مسكينة! 


ارذانا 


زوجة إمام 


جلسٌ جماعةُ أصحاب الحديثٍ في مسجدٍ الكوفة» يَتَنَظَرونَ قُدوم شيخهم 
الإمام «أبي محمدٍ سليمانَ الأعمش» ليسمعوا منه الحديث» فأبطأ عليهم؛ فقال 
منهم قائل: هلمُوا نتحدّثْ عن الشيخ فنكونٌَ معه وليسّ معناء فقال أبو معاوية 
القرين: إلن أن يكون فغنا ولشنا مجه ! فخطرَتٍ أبتسامةٌ ضعيفةٌ تهترُ على أفوام 
الجماعة» لم تبلغ الضحك,. ومَّرتْ لم تُسمَّع' وكأنّها لم ثرَء وَأَنطلقَتْ مِنّ المُباح 
المَغْفُرٌ عنه. ولكن أكبرّها أبو عَنَّابِ منصورٌ بْنُ المُعْتَمر . فقال: ويلك يا أبا 
معاوية! أَتَتَندّد بالشيخ وهو منذ الستينَ سنة لم نَمُْهُ التكبيرة الأولى في هذا 
المسجدء وعلى أَنَهُ مُحدَثُ الكوفة وعالمُّهَاء وأقرأ الناس لكتاب الله وأعلمُهم 
بالفرائض ء وما عَرفتٍ الكوفةٌ أعبدٌ منه ولا أفقة في العبادة؟ 

فقال محمد بنْ جحادة: أنْتَ يا أبا عئّابء رجلُ وحدّك, تُواصِلٌ الصومٌ مندٌ 
أربعينَ سنة؛ فقد يَبِنْتَ على الدهرء وأصبحٌ الدهرٌ جائعاً منك» وما بِرَّحْتٌ تبكي من 
حي 1 كالما الالنت على قرا امهم ورارك اناتن كنرك نيها وي لوت 
ال ا ل 
الإنسان فيها وهي مل؛ ؛ السماوات» فما يكونٌ إِلّا كالذَّبابةٍ أوقدُوا لها جبلاً ممتذاً مِنّ 
النار» ينْطاد” "© بين الأرفل والتماءة وَقَدَاملا ما نئهما جمرا وقغلاً ودكاناء حفن 
لتَتهاربٌُ السُدُبُ في أعلى السماءِ من حَرّوء وهو على هَوْلِهِ وجسّامته لِحرْقٍ ذبابةٍ لا 
غيرهاء بَيْدَ أنها ذبابةٌ تحْرَقُ أبداً ولا تموثُ أبدأء فلا تَزالُ ولا يزالُ الجبل ! 

فصاحَ أبو معاوية الصّرير: ويِحَكٌ يا محمد! دع الرجلّ وشأئّه ؛ إِنَّ لِلّهِ عباداً 
متائغهم مِمّا لا نعرف» كأنّهم يأكلونَ ويشربونَ في النوم» فحياثهم من وراء حياتناء 
وأبو عنَّاب في دنيانا هذه ليس هو الرجلّ الذي اسمهُ «منصوره؛ ولكنّهُ العمل الذي 
يعملَهُ امتصورة: هل أتاكم حْبَرُ قارىء المدينة «أبي جعفر الزاهد:؟ 


)١(‏ ينطاد بين السماء والأرض: يطير بينهما. 


>15 





قال الجماعة: ما حَبِرُهُ يا أبا معاوية؟ قال: لقد تُوُفْي من قريبء» فرّئي بعد 
موته على ظهر الكعبة؛ وستّرون أبا عنَّاب ‏ إذا مات على منارةٍ هذا المسجد! 

فصاح أبو عنَّاب : تَخَلل نيا آنا محازية؛ أمَا حفظتَ حبرٌ أبن مسعود: كنا عند 
النبيّ كله فقام رجل»ء فوقّع فيه رجلٌ من بعده؛ فال النبي ظَله: «تخْلّن» قال: «مم 
أتخلّلُ؟ ما أكلْتُ لحماً؟؛ قال: «إنك أكلْتَ لحمّ أخيك!». 

فُتقلقلَ الضريرٌُ في مجلسهء وتَنخنسَء وَهَمْهّم أصواتاً بيته وبِينَ نفسه؛ وأحسن 
الجماعةٌ شأنّه؛ وقد عرفوا أن له شرًاً مُبْصراء كالذي كان فيه منَ المرح والدُعابة: 
وكا أعمن عله بواة ةع فاشك ان لخسازة الحديق متا كيم رقال يا أنا 
مُعاوية» أنت شيحُنا وبركتٌّنا وحافظناء وأقربّنا إلى الإمام؛ وأمسّنا به؛ فحذثنا 
حديتٌ الشيخ كيف صنمٌ في رَدّه على هشام بن عبد الملكء» وما كان بيئك وبين 
الشيخ في ذلك فإن هذا يما ألفردت أنت به دون الناس جميعاً» إذ لم يسمَغْهُ غير 
أذنيك؛ فلم يحفظَهٌ غيرُك وغيرُ الملائكة. 

فأسْفر وجة أبي مُعاوية» وَسُرَيَّ عنهء ولآهترٌ عِطْفَادٌ وأقبل عليهم بعفّْرِ 
القادر. . . وأنشأ يحدّثهم . قال: 

إنَّ جمشاماً - قاتله الله - بعت إلى الشيخ: أن أكتبُ لي مناقبَ عثمانَ ومساوىء 
عليّ. فلمًا قرأ كتابَهُ كانّث داجِتَةٌ إلى جانبهء فأخدّ القِرطاسٌ وألْقِمَهُ الشاة؛ فلاكَنْهُ 
حتى ذهب في جوفهاء ثم قال لرسولٍ الخليفة: قلْ له: هذا جوابّك! فخشي 
الرسولٌ أنْ يرجم خائباً فيقتلَهُ هشامء فما زالَ يتحمّل بنّاء فقلّنا: يا أبا محمدء نَجْهِ 
مِنَ القتل. فلمًا ألحخنا عليه كتب: «بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد يا أميرٌ 
المؤمنين» فلو كانّث لِعثمانَ ‏ رضي الله عنه ‏ مناقبٌ أهل الأرض ما نفعَنّك» ولو 
كانت لِعليّ ‏ رضي الله عنه ‏ مساوىة أهل الأرض ما ضرَّنُك فعليك بِحُوَيصّةٍ 
ا والنثلام». 

فلمًا فُصَلَ الرسولٌ قال لي ألشيخ: إنّه كان في خُرَاسَانَ مُحَدَّثٌ اسمه 
«الضحًاكُ بن مُرْاجِم الهلالي» وكان فقية مكتب عظيم فيه ثلائهٌ آلافٍ صبيّ 
يتعلّمون؛ فكان هذا الرجلُ إذا تَعِبَ ركب جماراً ودارٌ بِهِ في المكتب عليهمء 


)١(‏ استلب الحديث: باديا لحديث: أردف قائلا. 
(؟) خويصة نفسك: ذاتك. 


1١6 


فكون إقال التعمان علق الصية مهتا وادناكة عن مور عيما أرق الشيطان إلا فل 
حتاف فكت ونيا درك أن السوتكيي ب لجو هايا جد اننا تنانا 
حفظنا من مساوىءٍ علىَ؟ 

قَلْتُ: فلماذا ألقمْتَ كتابَهُ الشاةً؟ ولو غسلْته أو أحرقّته كانَ أفهم لَّهُ وكانَ هذا 
أشبة بك. فقال: ويحك يا أبلُ! لقد شابتٍ آلبلاهةً في عارضيّك؛ إِنَّ هشاماً 


سيتَقَطعُ منها عَيْظاً» ٠‏ فما يفي عنه رسوله أنّي أطعمْتُ كتابَهُ الشاة» وما يُخفي عنه 
دَهَاوُه أن الشاءً ستَبْعَرهُ من يَعْدٌ. . ٠‏ 

قلت : أفلا تخشى أميرَ المؤمنين؟ 

قال وَيَحِك! هذا الأحول عََدَكا آمِر المؤمكين؟ أبما ولدنة أعه من عبد 
المللاك؟ فونه ولَدبَة نو محانك أو حتكام! إن إارة الموضين نيا أباامعاوية عن 
أرتفاعٌ نفس من النفوس العظيمة إلى أثر الْنبوَة؛ كأن القرآنٌ عَرَضٌ المؤمئينَ جميعاً 
ثم رضي منهم رجلاً للزمن الذي هو فيه؛ ومتى أصيبَ هذا الرجل القُرآنيُ» فذاك 
وراثٌ النبيّ في أَمتِهِ وخليفتُهُ عليهاء وهو يومَئذٍ أميرُ المؤمنين» لا من إمارة المُلكِ 
والتزق :بل من .إمارة الشرع والتدبير يوالعمل والمتياسة. 

هدا الأحولٌ الذي التف كدودة الحرير في الحرير» وأقبل على الخيل لا 
لِلْجِهادٍ والحرب» ولكن لِلْهِرٍ والحليَة» حتى أجتمعٌ ل له مِنْ جيادٍ الخيلٍ أربعةٌ آلافٍ 
فرس لم يجتمغ مثلّها لأحدٍ في جاهليةٍ ولا إسلام؛ وَعَمِلَ الخرٌ وقُطفَ الخرّء 
واستكاه" الفرسن: والكسوةة وبال في اللايو افق نيه الحيمات الواسعةء وأفسد 
الرجولة بالنعيم والترفٍ» حتى سَلَّكَ الناسٌ في ذلك سُنتَهء فأقبلوا بأنفسهم على 
لهو أنفيهم. وصنعوا الخيرٌ صنعةً جديدةً بصرفه إلى حظوظهم»؛ وتركوا الشرّ على 
ما هو في الناس» فزادوا الشرّ وأفسدوا الخيرء ولم يَعْدِ الفقراء والمساكينٌ عندهم 
هم والفقراء والمساكينّ مِنَ الناس» بل بطونهم وشهواتِهم. . . ! ولقد كان الرجل 
بن اعجار المسلين يعدمة في حل كيه اح بع وقانة رجاتم ن أو أكثرَ من 
ا ل تي مور كم يتّسيع ؛ ٠‏ حتى لا يكفيد أنْ يأكلّ 
رزقّة ماتة أو ماتتين أو أكثر! 

إن هذا الإسلامٌ يجعلٌ أحسنَّ المسرّاتٍ أحستها في بذلها للمحتاجين: لا في 
أخذها والاستئثارٍ بهاء فهي لا تضيمٌ على صاحبها إِلَّا لتكونَ له عند الله وكأنَ 

هنل 


الفقرّ والحاجةً والمسكنة والإنفاق في سبيلٍ الله كأنَّ هذه أَرَضُون يُعْرَسُ فيها 
الذعبُ والفضة غَرْسآً لا يُؤتي ثمر إلا في اليوم الذي يَنقلبُ فيه أغنى الأغنياء على 
الأرض» وإنه نهُ لأفقرٌ الناس إلى درهم من رحمة أللَّهِ وإلى ما دون الدرهم؛ يقال له 
حينئدٍ: خُذٌ من مار عملك» وحُذُ مِلءَ يديك! 

والسلطانُ في الإسلام هو الشرعٌ مَرْئيَاً يُتَابعهُ» متكلّماً يفهمُهُ الناسٌ» آمرا ناهياً 
يُطيعْهٌُ الناس . ولقد رأى المسلمون هذا الأحول» وتابعوه ا 
فمنعوا ما في أيديهمء فأنقطعٌ أَلرَفْدا '". وقلّ الخير» و شكّت( ' الأنفس» وأصبح 
خيرُهم لِبطنه وشهواتِه؛ وصار الزمانُ أشبة بناسهء والناسٌ أشبة بمَلِكهمء وملِكهم 
في شهواته «فقيرُ المؤمنينَ» لا أميرٌ المؤمنين! 

إن هذه الإمارة يا أبا مُعارية: إِنْما تكونُ في قرب الشبه ب بين النبيّ ومَنْ يختارة 
المؤمنونٌ للبَيْعة . وللنبيَّ جهتان: إحداهما إلى ربّهء ولبادالة يطيخ أذ أذ ييلع 
ميلعٌة ؛ والأخرى إلى الناس» وهذه هي التي يُقَاسٌ عليها «وهي كلها رفْق ورحمة 
وعملء وتدبيرٌ وحِيّاطة وقوة» إلى عونا وكا تميقا الناس؛ وهي حقوقٌ 
وتَبِعَاتٌ ثقيلةٌ تنصرفٌ بصاحبها عن حظ نفسهء وبهذا الانصرافٍ تُجذَّبُ الناسٌُ إلى 
صاحبها. فإمارةٌ المؤمنينَ هي بقاءً ماذة النور النيويّ في المصباح الذي يّضيءٌ 
للإسلامء بإمداده بالقذر بعد القذْرٍ من هذه النفوس المضيئة . فإِنْ صَلَُحَ الترابُ أو 
الماء مكانَ الزيتٍ في الاستضاءة؛ صَنُحَ هشامٌ وأمثالة لإمارة المؤمنين! 

ويل للمسلمينَ حينٌ ينظرونَ فيجدونَ السلطانَ عليهم بيه وبِينَ النبي مثلّ ما 
بِينَ دينين مختلفين. ويل يومئذٍ للمسلمين! ويل يومئذٍ [ ين! 

يدا نا 

فلمًا أتع الضريرٌ حديئّه قال ابن جُحادة: إِنَّ شحنا على هذا الجدٌ ليَمزح» 
على حقَيقتِهِ السماوية فقَالَت له: اضحك متى ومن أهلى. ولكنّ وقارّه وديئهُ ارتفعا 
بهِ أن يضحك بفمه ضَحِكٌ الجهلاءٍ والفارغينَ: فضَّحِك بالكلمةٍ بعد الكلمةٍ من 
نوادر:. 

لقد كنتُ عندَهُ في مَرْضَتِه فعادَهُ «أبو حنيفة» صاحبٌ الرأيء وهو جبَلُ عِلْم 


)١(‏ الرفد: الصلة. (؟) شححّت: بخلت. 


1١7/ 





شامخء فطوّل مِمًا يُحبّهُ ويأنسٌ بهء إذا كانتٍ الأرواحٌ لا تَعرفٌ مع أحبابها زمناً 
يطول أو يقصّرُ. فلمًا أرادَ القيامً قال له: ما كأنّي إلا تَقُلْتُ عليك. فقال الشيخ : 
ِنَكَ لَثقيلٌ عَلىَ وأنتَ في بيتِك. . .! وضحكٌ أبو حنيفة كأنّه طِفْلُ يُلَاغِيه”'' أبوه 
بكلمةٍ ليس فيها معناهاء أو أبٌ دَاعَبَهُ طِفلَهُ بكلمةٍ فيها غيرٌ معناها. 

وجَاءَهُ في العَّداةٍ قومٌ يعودونه”"“» فلمًا أطالوا الجلوسٌ عندَهٌ أخذّ الشيخ 
وِسادتّهُ وقام منصرفاء وقال لهم: قد شَفَى اللَّهُ مريضكم . 

فقال الضرير : تلك رَوْحَةٌ من هواء دُنْباوَنْدا "'؛ فإِنَ أبا الشيخ كان من تلك 
الجبال» وقدِمٌ إلى الكوفة وأمّه حاملٌ؛ فَوّلِدَ هنا؛ فكأن في دمه ذلك النسيمَ تهبٌ 
منه النفحةٌ بعد النفحة في مثل هذه الكلمات المْنَسْمة؛ ثم هي رُوحُهُ الظريفةٌ الطيْبة 
تَلْمِسُ بعض كلامهٍ أحياناً. كما تلمسُ روح الشاعر بعضٌ كلام الشاعر؛ وما رأَنِتٌ 
أدقّ النوادرٍ الساخرة وأبلعها وأعجبّها يجي إِلّا من ذوي الأرواح الشاعرة الكبيرة 
البعيدة الغَوْرء كأنّما النادرةٌ من رؤية النفس حقيقتانٍ في الشيءٍ الواجد. والإمامٌ في 
ذلك لا يخَرُ من أحدء إِلَا إذا كانتِ الأرض حينّ تُخْرجُ الشمرةً الحلوةً تَسْحْرُ بها 
مِنَ الثمرة المرة. 

والعجيبٌ أنَّ النادرةً البارعة التي لا تتفقُ ع إلا لأقوى الأرواح» يفن معلّها 
لأضعف الأرواح ؛ كأنها تسْخَرُ مِنَ الناس كما يسخَرِونٌ بها فهذا اأبو حَسَن» مُعلّمُ 
الككام جاةة غلامان عق حك فد تعلن أحدّهما بالآخر؛ فقال: يا مُعلُّمء هذا 
عض أذني . فقال الآخر: ما عضَضّئهاء اننا عض أذن الجاع . فقال المعلم: 
وتمكرُ بي يا أبنَ الخبيثة؟ أهو جملٌ طويلٌ العُنقِ حتى ينال أذنَ نفسِه فيعضّها. 

ان نه 

وطلعٌ الشيخٌ عليهم وكأنّما قرأ نفس أبي مُعاويةً في وجهه المتفتّح. وم 
مجاب الجكدة أذ الي ل في عني المبصر من خوج تفيهء يلخ على وج 

لضرير مُكَبّراً مجسّما. وكانّ الشيخح لا يأَنَسٌ بأحد أَنْسَهُ بأبي مُعاوية» لذكائه وحفظِه 
0 ولِمْشَاكلَةِ الطَّرفٍ الروحيٌ بينهما؛ فقال له: 


- ١فيم‏ كان أبو معاوية؟4). 
)١(‏ يلاغيه: يدربه على النطى . 


زفق يعوذوثه : يزرروله أثناء مرضه. 
() هي ناحية من رستاق الري في الجبال المثلجة في بلاد العجم. 


١6 


«كانَ أبو مُعاويةَ في الذي كانَ فيه!». 

«وما الذى كان فيه؟؛. 

0000000 عنه!). 

«فأجيّنى عمًا أسألٌ عنه» . 

(قد أجبئّك !». 

ابماذا أَجِيْتَ؟»2. 

ابما سمغت!24. 

فقبّضّ وجهُ الشيخ وقال: «أههنا وهناك معاً؟ لو أنَّ هذا مِنَ أمرأة غضَبَى على 
زوجها لَكانَ لَهُ معنى» بل لا معنى له ولا مِنَ أمرأةٍ غضبي على زوجها. أخْسّبٌُ 
لولا أنَّ فى منزلي مَنْ هو أبغضٌ إليّ منكم ما خرجتُ؟؟؛ فقال الضرير «يا أبا 
محمدء كأنّنا زوجاثُ العِلم؛ فأيثّنا التي حَظِيَتْ وبظيْتْ . ..». 

فغطى الجماعةٌ أفوامٌَهم يضحكون. وتبسّم الشيخ» ثم شرعً يحدّثُ 
فأفضى”'' من حَبرٍ إلى خبرء وتَسرّحَ في الرواية حتى مر به هذا الحديث: 

عن رسول الله ييِدٍ قال: (إِنَّ هلاك الرجالٍ طاعتُهم لنساتهم». 

قال الشيخ: كان الحديث بهذا اللفظ» ولم يقل النبيُ كه : اهلا الرجل 
طاعتُّهُ لإمرأته»؛ فَإِنَّ هذا لا يستقيمُ؛ إِذْ يكون بعضٌ النساء أحياناً أكملّ من بعض 
الرجال؛ وأوفرَ عقلاً وأسدٌ رأياً؛ وقد تكد المرأةٌ هي الرجلّ في الحقيقة 0 
وتدضيرا كوا تفن :.وكاكة الرخ ا مهها كان امراف وكش نمق الشحاء كن نساة 
بِالجِلْيةٍ والشكلٍ دونَ ما وراءمُنّ كأنّما هْيِئْنَ رجالا في الأصل ثُم خُلِقْنَ نساءً بعد 
لإحداث ما يُرِيدُ اللّهُ أنْ يُحْدِتَ بهن مِمًا يكونُ في مثل هذه العجيبة عملاً ذا 
حقيقتينٍ في الخيرٍ أ الشر. 

وإِنّما عَم الحديثٌ ليدل على أنَّ الأصلّ في هذه الدنيا أن تستقِيمَ أمورُ التدبير 
بالرجال؛ فإِنَ البأسّ والعقلٌ يكونانٍ فيهم خلِقة وطبيعة أكثر مِمّا يكونانٍ في النساء: 
كما أنَّ الرقةَ والرحمة في جِلّْقَةٍ النساء وطبيعتِهنْ أكثرٌُ مِمّا هما في الرجال» فإذا 
غلَّبتْ طاعةٌ النساءِ في أمةٍ مِنَ الأممء فتلك حياةٌ معناها هلاكُ الرجال؛: وليسّ 
المرادُ هلاك أنفسهم. بل هلاكَ ما هم رجالٌ بهء والحديدٌُ حديدٌ بقوتِه وصلابته» 


. فأقضى: فانتقل‎ )١( 


اخحيل 


والحجرٌ حجرٌ بِشْدَيَهِ وأجتماعه؛ فإِنْ ذَاتَ الأول أن تفكل 7+ وتدائر الاحر أى 
تفتّت» فذاك هلاكُهما في الحقيقة. وههما بعد لا يزالانٍ مِنَ الحجر والحديد. 

والمرأةٌ ضعيقةٌ بقِطرتها وتركيبهاء وهي على ذلك تأبى أنْ تكونَ ضعيفة أو 
ُقَرَ بالضعف» إِلّا إذا وجدّث رجلّها الكامل؛ رجُلّها الذي يكونٌ معها بِقَوّتِهِ وعقلِه 
وفِتْنتِهِ لها وحبّها إياه» كما يكونٌ مِثال مع مثال. ضَعْ مائة دينار بجانب عشرة 
دنانير» ثم أتركُ للعشرة أن تتكلّم وتَدَعِيَ وتستطيل؛ قد تقول: إنها أكثرٌ إشراقاء أو 
أظطرفٌ شكلاً» أو أحسنُ وضعاً وتصفيفاً؛ ولكنّ الكلمة المحرّمةً هنا أنْ تزعَم أنها 
أكبرٌ قيمةَ في السوق. . 

قال الشيخ: ومَنْ مِنَ النساء نُصيبٌ رجلها الكاملّ أو القريبَ من كماله 
عتدهاء أي طبيعتّه بالقياس إلى طبيعتهاء » كمال جسم مُفْضصلٍ إِجسمء معدل لنوت 
الذي يَلبِسّهُ ويستال فيه؟ أمَا إِنَّ هذا من عمل الله وحدّه؛ كما يَبسطٌ الرزقٌ لِمَنْ يشاءٌ 
من عِبادِهِ ويَقُدِر» يبسُط مثل ذلك للنساء في رجالهِنٌ ويقدِر. 

فإذا لم تُصِب المرأةُ رجلّها القويّ ‏ وهو الأعمٌ الأغلب ‏ لم تستطغ أنْ تكونَ 
معَهُ في حقيقةٍ ضعفها الجميلء وعَمِلَثْ على أنْ يكونّ الرجل هو الضعيف. لتكونَ 
مِعَهُ في تزوير القَوَّةٍ عليهِ وعلى حياتهء وبهذا تحرج من حير ها(" ؛ وما أول خروج 
النساء إلى الطرقاتٍ إِلّا هذا المعنى؛ فإِنْ كَثْر خروجُهنَ في الطريقء وتَسَكَعْنَ© 
مهنا وشهناء فَإِنَّما تلك صورةٌ من فسادٍ الطبيعة فيِهنّ ومن إملاقها”*؟ أيضاً 

قال الشيخ: وكأنَ في الحديث الشريفب إيماءً إلى أنَّ بعض الحقٌّ على النساء 
أن ينزْلْنَ عن بعض الحقٌ الذي لَهِنّ إبقاة على نظام الأمّةء وتيسيراً للحياةَ في 
مُجراها؛ كما ينزل الرجلٌ عن حقّه في حياته كلها إذا حارب في سبيل أُمّتِهه إبقاءً 
عليها وتيسيراً حياتها في مَجراها. فصبرُ المرأة على مثل هذه الحالة هو نفِسُهُ 
جهادُها وحربُها في سبيل الأمّة» ولها عليه مِن واب اللَّهِ مثل ما لا للرجل يعمل أو 
يُجِرحٌ في جهادو. 

ألا وإنَ حياةً بعض النساء معْ بعض الرجالٍ تكونُ أحيانا مثلّ القتل» » أو مثل 
الجرْحء وقد تكونٌ مثلّ الموتٌ صيراً على العذاب! ولهذا قال رول الله عق 


حرف حر ها ؛؟ حدود مكاتها. (؟) إملاقها: قعمرها 


1 





لِمُرَرَجَةِ يألّها عن حالها وطاعتّها وصبرها مع رجلها: «فأين أنتٍ منه؟؟ قالَّتْ ما 
آلُوه إلا ما عَجَرْتٌ عنه! قال: «فكيف أنتٍ له؟ فإنَّه جَنَنْكِ وناك؛ . 

6! آه! حتى زواج المرأةٍ بالرجل هو في معناء مُرورٌ المرأة المسكينةٍ في دنيا 
أخرى إلى موت آخرء ستُّحَاسَبٌُ عنْدَهُ بالجنة والنارء فجسايها عند اللَّهِ نوعان: 
ماذا صنعْتٍ بدنياكِ ونعيمها وبؤسها عليكِ؛ ثم ماذا صنعْتٍ بزوجكِ ونعيمه وبؤسِه 
فيك؟ 

وقد رُوينا أن أمرأةٌ جاءَتٍ النبئ كللوء فقالَت: يا رسول الله إِنّى وافدةٌ النساء 
إليك ؛ دو دقرف ا اللرضال في الجماددة الاسر بو الفضنة» ثم قالّث : فما لنا من 
ذلك؟ 

فقال كَكِ: «أبلغي مَنْ لقيتٍ منّ النساء أن طاعةً للزوجء واعترافاً بحقّه - 
يعدل ذلك؟ وقليلٌ منكنّ من يفعلّه!». 

وقال الشيخ: تأمَّلوا اعجبوا من حكمة التُبِرَةٍ ودقّيها وبلاغتها؛ أَيُقالٌ في 
المرأة المُحِبّةِ إزرجها المفتتنة به المُعجِبَّةِ بكماله: إنّها أطاعيْهُ وأعترفّثُ بحقه؟ أوَ 
ليس ذلك طبيعة الحبٌّ إذا كان حبّاً؟ فلم يبق إذن إلا المعنى الآخرء حين لا تُصيبٌ 
المرأةٌ رجُلّها المفصّلّ لهاء بل رجلاً يُسمّى زوجاً؛ وهنا يظهرٌ كرمٌ المرأةٍ الكريمة» 
مهنا جهادٌ المرأة وصبرُهاء وههنا بَذْنُها لا أَخَذُها؛ ومن كل ذلك مهنا عملّها 
لِجنيها أو نارها. 

فإذا لم يكن الرجلٌ كاملاً بما فيه للمرأة» فَلتُيْقهِ هي رجلاً بتزولها عن بعض 
حقّها لهء وتركها |الحياة نجري في مجراهاء وإيثارها”'' الآخرة على الدنياء وقيايها 
بفريضة كمالها ورحمتهاء فيبقى الرجلُ رجلاً في عمله لِلدُّنياء ولا يُنْسَح طبِعُْهُ ولا 
ينتكسٌ بها ولا يَذِلَء فإن هي بَدَأْثْ وتسلطث وغلبّث وصرّفْتٍ الرجل في يدهاء 
فأكثرُ ما يظهِرُ حينئذٍ في أعمالٍ الرجالٍ من طاعتّهم لنساثهم ‏ إِنّما هو طيش ذلك 
العمل الصغير وَجُرْأتّه وأحيانا وقاحته ؛ وفي كل ذلك هلاك معاني الرجولة» رفي 
هلاكِ معاني الرجولة هلاك الأمّة؟! 

قال الشيخ: والقلوبُ في الرجال ليِسَتْ حَمَيقَةَ أبدأء بطبيعة أعمالهم في 
الحياةٍ وأمكنتهم منهاء ولكنّ القلبٌ الحقيقيَّ هو في المرأةء ولذا ينبغي أنْ يكونَ 


)١(‏ إيثارها: تفضيلها. 
امل 





فيه السُمرٌ فوقٌ كلّ شيء إلا واجبٌ الرحمة؛ ذلك الواجبٌ الذي ينَّجهُ إلى القويٌ 
فيكونُ حبّأء وينّحَهُ إلى الضعيفٍ فيكونُ حناناً ورة» ذلك |/ لواشة هر للقي 
ذلك اللْطْفُ هو الذي يُبِتُ يُنبِتُ أنّها أمرأة . 
ْ يت ا 

قال أبو مُعاوية: وأنفضٌ المجلسء ومنعني الشيحٌ أنْ أقومٌَ مع الناس. 
وصَرّفَ قائدي؛ فلمًا خلا وجهّةه قال يا أبا مُعاوية» قم معي إلى الدار: قلَتُ: ما 
شأنّ في الدار يا أبا محمد؟ قال : إن (تلك) غاضبةٌ علي ؛ وقد ضاقِتٍ الحال بيني 
وبيتها. وأخشى أنْ تتباعدٌ. نأريِدٌ أن مُضَلِح بتكا صلحا: 

قلْتُ: فممَ غضبّها؟ قال : لا ئسألَ المرأةٌ يم تغضبء فكثيراً ما يكونُ هذا 
الغضبُ حركة في طِباعِهاء كما تكونُ جالسة وتُريدٌ أنْ تقوم فتقوم» وتريدٌ أنْ تمشيّ 
فتمشي ! 

قَلْتُ: يا أبا محمدء هذا آخْرُ أربع مراتٍ تغضبُ عليك عُضَبَ الطّلاق» فما 
يَحيِسّك عليها والنساءً غيرها كثير. 

قال: وبيحكٌ يا رجل! أبائعُ نساءٍ أناء أما عَلِمْتَ أن الذي يُطَُلْنُ أمرأةً لغيرٍ 
ضرورة مُلجِئوٍء هو كالذي يبِيمُها لِمَنْ لا يدري كيف يكونُ مّعها وكيف تكونٌُ معه؟ 
إِنَ عمْرٌ الزوجة لو كان رقبةٌ وضُرِبَتْ بسي قاطع لكانَ هذا السيفٌ هو الطلاق! 

وهل تعيش المطلْقةٌ إِلْا في أيام ميتة؟ وهل قاتِلُ أيابها إِلّا مطَلّقُها؟ 

قال أبو مُعاوية: وقُمْنا إلى الدارء وأستأذنتُ ودخلتٌُ على (تلك) . 


ضن 


قال أبو مُعاوية الضرير: وكنلتٌ في الطريق إلى دارٍ الشيخ» رفي 
الأند اراتك متاهك الرأى كرزافلتها على وجرفيا وأنظرٌُ كيف أحتال في 
#الإنهاءها تائر عن الشرخ رز وتعقدة 'فإن الذي سُا" بين رجل وأمرآته نما يمشي 
بفكرو بِينَ قلبين» فهو مُطْفَىء تائزة؟ '" أق مشعره” إذ لا يضعٌ بِينَ القلبين إِلّا 
ويه ار كام كك روفي ترات كالير ة رفى اتر أ اناد طات عقن ييا 
بالضحجك؛ وعلى قلبها بِالحَجَلء وعلى نفسها بالرّة» وكانَ حكيماً في كل ذلك؛ 
فإِنّ عل المرأة مع الرجلٍ عقلٌ بعيدٌء يجيءٌْ من وراء نفسِهاء من وراء قلبها. 

وجعلْتُ أنظرٌ ما الذي يُفْسِدُ محل الشيخ من زوجتهء ومثَلْتُ بيئه وبيتهاء فما 
أخرج لي التفكيرُء كي ل ل ل 
أحياناً ؛ إن الشيخٌ كما وَرَدَ في وصفب المؤمن: 'هَيْنّ لين كالجملٍ الانف0 
قيدَ اتقادّء وإن أنيحٌ على صخر أستتاخ»”", ل ا 
الرجلٍ أشياء: منها أنْ تُحبّهُ بأسباب كثيرة من أسباب الحبّ؛ ومنها أنْ تخاقّه 
بأسباب يسيرة من أسباب الخؤف . فإذا هي أحبَْهُ الحبّ كله ولم تخّف منه شيثاء 
0 سُكوئُهُ وسكوثهاء نفرّث طبيعتُها نفرة كأنها تُنَحَيه وتُذَّمرُهء ليكرنَ معها رجلا 

فيُحْيمُها الخوْفٌ الذي تستكمل به لَذَةَ حُبّهاء إِذْ كانَ ضعفها يحب فيما يُحِبّهُ مِنَ 

لحن أنْ يِقْسْوٌ عليه الرجل في الوقت بعد الوقت» لا ليؤُؤِيَهُ ولكن لِيُخْضِعَه؛ٍ 
والآمئ الذي للا اتيهاف [ذا حفن :أيزة: هق الذي لا يا ب إذا أطيعٌ أمزه . 


)١(‏ أروىء في الأمر: أدرمه من سائر جوانيه جد اراق لماعي 
(5) يسفر: ينكشف. (”) النائرة: الغضب 
(1) الجمل الأنف: هو الذلول من الجمال وقد تقب أنفه ليقاد منه ‏ 
(0) استناخ : ربض على سطح الأرض . 


يفيل 





وكأن المرأة تحتاجُ طبِيعنُها أحياناً إلى مصائبّ حفيفةٍء توَذِي برقّةٍ أو تمر بالأذى 
من غير أنْ تلمسّها بهء لتتحرَّكُ في طبيعتها معاني دموعها من غير دموعِها؛ فإِن طال 
ركودٌ هذه الطبيعة» أوجدّت هي لنفيها مصائيّها الخفيفةً» فكانَ الزوجُ إحداها. . 

وهذا كلَّهُ غيرٌ السْرْأةٍ أو البَذَاءِ فيمَنْ يُبعْضْنَ أزواجهنء فإنَّ آلمرأةً إذا فرَكَتَ 
زوجها لمنافرةٍ الطبيعة بيتها وبيئّه » مات ضعفها الأثثويُ الذي يتِمٌ به جمالها وأستمتاعها 
والاستمتاعٌ بهاء وتعفّدَ بذلكٌ لِيئها أو تَصلْبَ أو أستخججرء فتكونٌ ممّ الرجل بخلافٍ 
طبيعتهاء فينقلبُ سُكُوُها النسائئُ بأنوثتها الجميلة عربدةً وخلافاً وشراً وصَحباً» ويخرجٌ 
كلامُها للرجل» وهو منّ البغضء كأنّه في صوتين لا في صرْتٍ واحد. ولعلٌ هذا هو 
الذي أحسَّهُ الشاعرٌ العربيُ بفطرتِه ‏ من تلك المرأةٍ الصخابةٍ الشديدةٍ الصوت البادية 
الغيظ» فضاعف لها في تركيب اللفظٍ حينَ وصفَّها بقوله: 

قال أبو مُعاوية: وأستأذنتٌُ على (تلك)» ودحلْتٌ بعد أن أستوثقتٌ””" أن 
عندها بعضّ محارمها؛ فَقُلْت: أنعمَ اللَّهُ مساءكِ يا أمّ محمد. قالّث: وأنت فأنعم 
اللّهٌ مساءَك . 

فأصحْيْتُ للصؤتء فإذا هو كالنائم قدٍ أنتبة يَتَمَطَى في أسترخاءء وكأئها 
تقبلني به وتردُني معاء لا هو خالصٌ لِلْغضَبٍ ولا هو خالصٌ للرضى. 

فقلْتٌُ: يا أمّ محمدء إِنّْي جائمٌ لم أَلِمّ اليومٌ بمنزلي . فقامَتْ فقرَّبَتُ ما حضّرٌ 
وقالَتْ: مَعْذْرَةٌ يا أبا معاوية» فإِنّما هو جَهَِدٌ المُّقِلء وليس يعدو إمساك الرّمَق'" 
فقلْتُ: إِنَّ الجَوْعانَ غيرُ الشّهوان؛ والمؤمن يأكلٌ في مِعَى واحدٍ ولم يخلق اللَّهُ 
قمحا للملوك وقمحاً غيرَدُ للفقراء . 

ثم سمَّيْتُ ومدذثٌ يدي أتحسّسٌُ ما على الطبقٌء فإذا كِسَرٌ مِنَ الخبزء معها 
شِىءٌ منّ الجرّر المسلوق» فيه قليلٌ منَ الخلّ والزيت؛ فقلْتُ فى نفسى : هذا بعض 
أساف الشْرّ؛ وما كان بن الجرغ ولا سَدُم غين ال ا أزات أن اعرف محاضة الرزق 
في دار الشيخ» فإنَّ مثلّ هذه القِلّةِ في طعام الرجل هي عند المرأة قِلَةَ مِنّ الرجل 
نفسه؛ وكل ما تَمْقِدُهُ من حاجاتها وشهرّاتٍ نفسِهاء فهو عندّها قَمَرٌ بمعنيين: 


)١(‏ صهصليقها: شديدة الصياح يعلو صوتها على صوت زوجها متكبة. 
(6) استوثق : تأكد. (*) إمساك الرمق: ما يكفي الشبع. 


15 


أحدُهما مِنّ الأشياء؛ والآخرٌ مِنَ الرجل : كلَّما أكثرَ الرجلّ من إتحافِها”" كثر 
عندّهاء وإِنْ أقلّ قلّ. وإنّما خَلِقَتِ المرأةٌ بطنا يلدُ» فبطْئها هو أكيرٌ حقيقتهاء وهذه 
غايئُها وغايةٌ الجكمة فيها؛ لا جَرَءَ!'' كان لها في عقلها مَعِدَهٌ معنوية؛ وليسّ حبُّها 
للجليّ والثياب والزينةٍ والمالء وطماحٌها إليهاء وأستهلاكها في الجحرّص 
والاستشرافي لها ل ا ل ا 
الرجل لم تجذهُ عندَهٌ إلا من أسباب القوةٍ والسُلطةء وكانَ فقدُهُ من ذرائع" 
الضعني والقِلّة؛ فإذا حَمَقْتَهُ في المرأة ألقَِتَهُ عندّها من معاني الشِبّع والتطر 20 
وكانَّ فقَدُهٌ عنذها كأنّهُ فنّ منَ الجوعء وكانّث شهوئها له كالقَرّم إلى اللحم عند مَنْ 
حرم اللحم؛ وهذا بعض , القَرْقٍ بين الرجالٍ والنساء؛ ؛ فلنْ يكونّ عمل المر رأَةِ كعقلٍ 
الرجل لمكانٍ الزيادةٍ في معانيها «البطنيّة» فَحُسِبَتْ لها الزيادةٌ ههنا بالنتقص هناك ؛ 
ف نافمكات عق ودين كنا وزاك كن السوديك : أما انمض العقل فيلاة علنة انا 
لدي قي لك لاني على ليها كم لب على عقله؛ فين تفل الدين 

في المرأةٍ نقصاً في اليقينٍ أو الإيمان» فإِنّها في عذين أقوى مِنّ الرجل ؛ وَإِنَّما ذاك 

هو النقصٌ في المعاني الشديدةٍ : التي لا يكمل الدينٌ إلا بها؛ معاني الجوع من نعيم 
الدنيا وزينتهاء وأمتدادٍ العينٍ إليهاء وأستشرافٍ النفس”*2 لها ء فإنّ المرأة في هذا 
أقلُ مِنَ الرجل ؛ وهل لهذه العِلَّةِ ما بِرِحَتْ ؤي دائماً جمال الظاهر وزينتهُ في 
الرجالٍ والأشياء» دون النظر إلى ما وراء ذلك من حقيقة المنفعة. 


قال أبو مُعاوية: وأريْتُّها أنّي جائعء فَتَهَشْتُ" نهش الأعرابي» كَيْلا تفطنّ 
إلى ما أرذتُ من زَعْم الجوع؟ ؛ ثم أحبِْيتٌ أنْ أسْتَدْعِي كلامّها وأَسْتَمِيلّها لأنَّ 
تضحكٌ ونُسرّء فأغيّرَ بذلك ما في نفسهاء فيجدّ كلامي إلى نفسها مذهباً؛ ؛ فمَلتٌ: 
يا أمّ محمد» قد تحرّمْتُ بطعامك» ووَجَبَ حمّي عليك» فأشيري علي برأيكِ فيما 
أستضلحٌ به زوجتي» فإنّها غاضبةٌ علي وهي تقول لي : واللَّهِ ما يُقيمٌ الفأرٌ في 
بيتك إلا ِحبٌ الوطن. . . وإلا فهو يُسترزق من بيوتٍ الجيران. 


)١(‏ إتحافها: زيادتها مما تحتاج. (0) لا جرمَ: لا شكُ. 
0 2 0 
(؟) ذرائع: مفردة ذريعة أي الحجة. (5) البطر : التبذير في حال الشبع الزائد عن الحاجة. 


(5) استشراف التفس : ميلها لما تحب وترضى. (5) تؤثر: تفضل . 
(0) نهشت: أكل بشراهة وبسرعة. 


16 


قالت: وقد أَعْدَمَتْ حتى من كِسَرٍ الخبز والجرّر المسلوق؟ اللّهَ منك! لقدٍ 
أستأصَلْتها من جذورها؛ إِنَّ فى أمراض النساءٍ الحُمّى التى أسمّها الحمّى» والحمّى 
التي اسمُها الرّوج. . 

لو ع اموس واه لك ع م 
أنفيهم 0200 دف اس خا بيات 
المؤمنين» أدج زيكوك ان 6ق ريشاء مجان تقيوان الله ليق ا ساعد امراة 
مسلمةٍ لا تكونٌ بأدبها وخُلّقِها الإسلاميّ كأنّها بنتُ إحدى أمهاتٍ المؤمنين؟ 

ل فما أمٌ معاوية وما 
جذُررها؟ أهي خيرٌ من أسماء بنتٍ أبي بكر صاحب رسول الله د وقد قالتْ عن 
زوجها البطلٍ العظيم: توْجَني وما لَّهُ في الأرض من مالٍ ولا مملوك» ولا شيءَ 
غيرٌ فرّسِه وناي 0 فكُئْتُ أغلفُ فرسه ترأكفية مؤنتّه وَأْسُوسّه وأدقٌ النُوى 
لناضحه وأعلّمه وَأستقي الماءَ وأخردُ غْرجه0» وأعجنء وكنْتٌ أنقل النوى على 

هكذا ينبغي لنساء المسلمينَ في الصبر والإباء والقوة» والكبرياء بالنفس على 
الحياةٍ كائنة ما كانّتْء والرضا والقناعةٍ ومؤازرةٍ الزوج وطاعتهء وأعتبارٍ ما لَّهنَّ عند 
الله لا مالّهنٌ عند الرجل :: وبذلك يرتفسن :على نساء الملوكِ في أنفيِهنٌ » وتكون 
المرأةٌ منهن وما في دارها شيء» وعندّها أنَّ في دارها الجِنَّة وهل الإسلدم ِلّا هذه 
الروح امارد .التي لا تهزئها رفن أبداء ولا تُذْلْها أبداء ما 0 100 


. أيسرت: أغتنيت. (7) استأصلت : اجتثها من أصلها‎ )١( 
النواضح: واحدها ناضح وهي من الايل يتسقى عليها.‎ )*( 

(5) القرب: الدلو العظيم يتخذ من جلرد الثيرات. 

(5) يأسها: قطعها الأمل. 


1 





هل الرجلٌ المسلمٌ الصحيحٌ الإسلام» إلا مثل الحزب يثورُ حولها غبارهاء 
وتككرة عنها الشظت”" والنات والقرة والاسعمال والصسيرة إِذْ كانَ مفروضاً على 
المسلم أنْ يكونّ القوة الإنسانية لا الضغف,. وأنْ يكونٌ اليقينَ الإبسائك للك ؟ 
وأنْ يكونّ الحىٌّ فى هذه الحياة لا الباطل؟ 

وهل أمرأةٌ المسلم إلا تلك المفروض عليها أن تُِدٌ هذه الحرب بأبطالهاء 
وعَمَادٍ أبطالهاء وأخلاتي أبطالها؛ ثم ألا تكرنَ دائماً إِلّا من وراء أبطالها؟ وكيف تَلِدُ 
البطلّ إذا كانَ في أخلاتِها الضعةٌ والمطاممٌ الذليلةٌ والضّجِرُ والكسل والبلادة؟ ألا 
إن المرأة كالدارٍ المبنيّة لا يَسْهُلُ تغييرُ حدودها إلا إذا كائث حراباً. 

فاعترّضفْهُ أمرأةُ الشيخ وقالَتْ: وهل بأسٌ بالدارٍ إذا وُسَعَتْ حدودُها من 
ضيق؟ أتكونُ الدارٌُ في هذا إلى نقصِها أو تمامها؟ 

قال أبو مُعاويةَ: فكذْتُ أنقطمٌ في يدهاء وأحببِتٌُ أن أَسْضِيّ في استمالتهاء 
فتركثها هُئئِهَةَ ظافرةً بي» وأريْئّها أنّها شدَّئني وثاقاء وأطرفتٌ كالمفكر؛ ثم قلْتُ 
لها: إِنّما أحدّثْكِ عن أمّ معاوية لأبي معاوية؛ وتلك دارٌ لا تملك غيرَ أحجارها 
وأرضها فبأيَ شيء تنْسِع؟ 

زعموا أنه كان رجلٌ عامل دُرَيرَةَ قد ألتصقث بها مساكنٌ جيرانه؛ وكائّث له 
زوجةًٌ حمقاءً» ما تزال ضيّقة النفس بالدارٍ وصِكَّرهاء كأنّ في البناء بناءة حول قلبها: 
وكانا فقيرين» كأمّ معاوية وأ ى معازية ا"ققالت له يوفاً :ايها الرجل 11 لاوش 
دارّك هذهء بيعلمٌ الناسُ أنك أْنِسَرْتَ وذهبّ عنكٌ الضّرُ والفقر؟ قال: فبماذا 
افيا وما أملكُ شيئاًء اأسباك بيعيتي خائطا وبشمالي حائطاً فأمدّهما أباعِدٌ 
بيئهما. . . ؟ وهبيني ملكتٌ النَّوسِعةَ ونفقتهاء فكيف لي بدور الجيرانٍ وهي ملاصِقةٌ 
لنا بَنْتَ بِيَت؟ 

قالَّتِ الحمقاء: فإنَّنا لا نُريدُ إلا أن يتَعَالَمَ الناسسُ أنّنا أيسرنا؛ فاهدِمْ أنت 
الدار» فإنّهم سيقولون: لولا أنّهم وجدوا وأنُسعوا وأصبمَ المال في يدهم لَمَا 
هدموا...! 

قال أبو مُعاوية : وغاظئني زوجةٌ الشيخ فلم أسمغ لها هَمْسةٌ منّ الضحكٍِ 
لِمَئَلِ الحمقاء» وما أخترعْتُه إلا من أجلها تُرِيدُ أَنْ يَذهبَ عملي باطلاً؛ فقلتٌ: 


. شظف العيش : ضيقه وشدته‎ )١( 


1 


وهل تَنّسِعْ أمْ مُعاويةَ من فقرها إلا كما نسم ذلك الأعرابيُ في صلاجه؟ 

قالت: وما خَبرُ الأعرابي؟ 

قلْتُ: دخلّ علينا المسجدّ يوماً أعرابىٌ نّ جاءَ مِنّ البادية» وقام يُصلي , فأطال 

القيامٌ والناسٌ يرمقونه» ثم جعلوا يتعجّبون منهء ثم رفعوا أصوائهم يمدحونّه 
ويصفوتّه بالصلاح؛ فقطمَ الأعرابي صلاتَهُ وقال لهم: مع هذا إِنّي صائم. . 

قال أبو مُعاوية: فما تمالكث أنْ ضحِكَتْ» وسمغتٌ صوتٌ نفسهاء وميّرْتٌُ 
ب يا ثم قلت 

وإذا ضاقت الدارٌ فَلِمَ لا تتسمٌ النفسٌُ التي فيها؟ المرأةٌ وحدّها هي الجر 
الإنسانىٌ لِدَارٍ زوجهاء فواحدةٌ تدخلٌ الدَّارَ فتجعلٌ فيها الروضةً ناضرةً مُتَرَوَّحَةٌ 
نامف إن كاتف الذاز قحلل منكر لبد مراع قو وا الافسكن انار 
فتجعلٌ مثلّ الصحراءٍ برمالها وقيّظها""© وعواصفهاء وإِنْ كانت الدَّارُ في رياشِها 
ومَتَاعِها كالجنة السُندسِيّة ؛ وواحدةٌ تجعلٌ الدارٌ هي القبر. والمرأةٌ حقٌ المرأة هي 
التي ترك قلبّها في جميع أحواله على طبيعتِه الإنسانية» فلا تجعلٌ هذا القلبّ 
زوجها من جنس ما هي فيه من عيشةٍ: مرءً ذهباًء ومرةً فضة»ء ومرةً تُحاساً أو 
حجنا أو غرإيا» هاثما تكرن الحراة مع رجلهااءن أخله وس أجل الأقه معاء فعليها 
حقانٍ لاحن واحدّء أصغْرُها كبير. ومن ثم فقد وجبّ عليها إذا ترَوّجَتُ أنْ تستشعرَ 
الذات الكبيرةً مع ذاتهاء فإِنْ أغضبّها الرجلّ بهفرة' منهء تجاقّث”*' له عنهاء 
وصَفحَثْ0*) من أجل نظام الجفاعة 3 الكبرى؛ وعليها أنْ تحكمٌ حينئلٍ بطبيعة الام 
لا بطبيعة نفيهاء وهي طبيعةٌ تأبى التفرّقَ والانفراد» وتقومٌ على الواجب» 
وتُضاعفٌ هذا الواجبّ على المرأةٍ بخاصة . 

والإسلامٌ يضم الأمَّهَ ممثلة في النسلٍ بِينَ كل رج وأمرأته: وَيُوجِبُ هذا 
المعنى إيجاباء ليكونَ في الرجل وأمرأيه شي غيرٌ الذكورة والأنوثة: ويجِمَعْهما 
ويقَتِدَ أحدّهما بالآخرء ويضع في بهيميّتهما التي من ظببعتها أن تُتَفْقّ وتختلف» 
إنسانية من طبيعتها أنْ تثَّفِقَ ولا تختلف. 
)١(‏ قحطة مسحوتة: خالية فارغة. 
)١(‏ قيظها: شذة حرها. (5) تجافت: ابتعدت. 
(*) الهفوة: الخطأ. (0) صفحت: غفرت. 


18 


ومتى كان الدينُ بِينَ كل زوج وزوجتهء فمهما أختلفا وَتَدَابَرِا20 وتعقَّدَتُ 
نفساهماء فإِنْ كل عقدةٍ لا تجيء إِلّا ومعها طريقةٌ حلّهاء نعل" عه 
إلا غَلَبَهء وهو اليْسْرُ والمُسامَلهُ والرحمةٌ والمغفرةٌ» ولينُ القلب وَحَشْيةُ الله؛ وهو 
العهدٌ والوفاءء والكرمٌ والمؤاطاء والإنسانية؛ وهو أَنُساعٌ الذات" وأرتفاعُها فوىٌ كل 
ما تكونُ به منحطة أو ضيّقة 

قال أبو معاوية: فحقُ الرجل المسلم على أمرأتِه المسلمةء هو حقٌ مِنّ الله» 
ثم مِنَّ الأمّة» ثم مِنّ الرجل نفسهء ثم من لَطَفٍ المرأةٍ وكرمهاء ثم مِمّا بيتهما معاً. 
وليسّ عجيباً بعد هذا ما رُوينا عن النبئ يتِ: «لو كنْتٌ آمراً أحداً أن يسجدَ لأحدء 
لأروكةالساة أن يمسن لارواحية > لبا جحل الله لي غلبيل مك السو 

وهذه عائشةٌ أمّ المؤمنينَ قالَتُ: يا معشرّ التساء. لو تَعلمْنَ بحقٌ أزواجِكُنٌ 
عليكنء لَجِعَلَتٍ المرأةُ منكن تمسح العُبارَ عن قَدَّمي زوجها بِحُرٌ وجهها. 


0 


2 


قال أبو معاوية: وكان الشيحٌ قدٍ أستبطأني وقد تركتُهُ في فِناءٍ الدار» وكنْتٌُ 
زَوْرْتُ في نفسي كلاماً طويلاً عن فَرويّه الحقيرةٍ التي يلبسُهاء فيكونُ فيها من 
بَذاذة"" الهيئةٍ كالأجير الذي لم يجدُ مَنْ يستأجرٌهء فظهرّ الجوعٌ حتى على 
ثيابه. . . وقد مر بالشيخ رجل مِنَ المُسَوْدة*' وكانَ الشيخُ في فروته هذه جالساً في 
موضع فيه خليجٌ مِنَ المطرء ل ل يي 
وجِدَّبَهُ بده فأقامَهُ وركبّهُ والشيخ يضحك 

نت ٠‏ افوراك. مجع فس قن اقم لكر اي 
السماء» وإنّ فروة الشيخ تعرفٌ الشيخّ أكثرٌ من زوجتّهء وإِنَّ المؤمنَ في لذاتٍ 
الدنياء كالرجل الذي يضم قدميه في الطين ليمشيّ» أكبث همه ألا يجاورٌ الطينٌ 


قدمه. 
ولكنّ صوت الشيخ أرتفع : هل عليكم إذن؟ 
قال أبو معاون موث وقلتٌ: يعم الله أدحل؛ كأثي أنا الزوجة. 
وسمغث همساً مِنَ الضحك؛ ودحّل أبو محمدٍ إلى جانبي؛ وغمزني في ظهري 


. تدابرا: تباعدا. (7) بفاذة الهيئة: بشاعتها التفرة‎ )١( 
يشاذ: من التشدّد في أمور الدين والدنيا. (5) المودة: هم شيعة العباسيين للباسهم السواد.‎ )١( 


19 


غعمزة؛ فقلتٌ: يا أمّ محمد إِنَّ شيحَك في ورَعِهِ وزهده لَيُشْبعْهُ ما يُشْبِعٌ الهُدهّدء 


ويّرويه ما يروي العُصفورء ولثن كان متهذماً فإِنّهُ جَبَل عِلْمء «ولا تنظري إلى عَمَشِ 
عينيه» وحُموشة ساقيه. فإِنّهُ إمامٌ ولَّهُ قَذَرُع7'© 

فصا الشيخ: قمْ أخزاك الله. ما أرذت إِلّا أنْ تعرّفّها عُيوبي! 

قال أبو معاوية : ولكنّى لم أقم» بل امت 2 الشيخ فتلت يذه. 3 


()ها ورد بين القوسين هو ما نقله المؤرخون يصدد هذه القصة. 


١ك‎ 


نبع جمبل 


دخل أحمدٌ بن أيمنَ (كاتبُ أَبْن طولون) البصرة» فصنم له مسلمُ بْنُ عِمرانَ 
التاجرُ المتأدبُ صنيعاً”'' دعا إليه جماعة من وجوو التجار وأعيانٍ الأدباء» نجاء ابنا 
صاحب الدعوة»ء وهما غلامان» فوقفا بين يدي أبيهماء وجعل بن أيمنّ يُطيلُ النظرَّ 
إلنيها: ؛ وَيُعْجَبُ من حسيماء وبَزّتهما ورُوائهما'"'»؛ حتى كأئّما أنْرغا فى الجمال 
وزينته إفراغاًء أو كأنّما جاءا من شمس وقمر لا من أبوينٍ مِنّ الناس» ارهياتها 
في مثل تهاويل الزهرٍ من زينته لني تبدِعُها الشمس» ويَضْقِلُها الفجرء ويتندٌّى بها 
روح م الماء العَذْب؛ وكانَ لا يصرفٌ نظرّه عنهما إلا رجع بهِ النظرء كأنَّ جمالّهما لا 
ينتهي فما ينتهي اآلإعجابٌُ به. 

وجعلَ أبوهما يُسارِقُهُ النظر””© مُسارّقة؛ ويبدو كالمتشاغل عنهء لِيَدَعَ له أن 
ِتَوسّمْ ويتأملٌ ما شاءء وأنْ يملا عينيه مِمّا أعجبَهُ من لؤْلوْتَيْهِ ومَخَايلهما؛ بَنِدَ أن 
الحُسِنَ الفاتنَ يأبى دائماً إلا أن يسمعَ من ناظرِه كلمة الإعجاب بهء حتى لَينطق 
المرءُ بهذه الكلمة أحياناء وكأنّها مأخوذةٌ من لسانه أخذاء وحتى لَيْحِسُ أن غريزة 
في داخله كلّمَهًا الحُسنُ من كلايه فردّث عليه من كلايها. 

قال أَبِنُ أيمن» سبحانً الله؛ ما رأيْتُ كاليوم قط ذُمْيََيْنِ لا تقْتَحُ الأعينُ على 
أجملّ منهما؛ ولو نزلا منَ السماء وألبسئْهما الملائكة ثياباً مِنَ الجنة» ما حسبْتُ أنْ 
عع ايح ارد روا رم اليد 

فالتفت إليه مسلم وقال: أععك أنْ تعرّدّهما"؟) فمدً! لرجل يذَهُ ومَسَحَ 
عليهماء وعوّذهما بالحديث المأثور» ودعا لهماء 5 ثم قال : ما أراك إلا اسْتَجَدْتَ 
الأمّ فْحَسّنَ نسْلّك؛ وجاء كاللؤلؤ يُشْبهُ بعضه 055 صِعَارُهُ من كبارو؛ وما عليك 
)١(‏ صنيعاً: مأدبة. (؟) روائهما: مطهرهما. 
(*) يسارقه النظر: ينظر إليه خلسة . 
(4) تعؤذهما: تقرأ لهما شيئاً من القرآن لابعاد شر الشيطان غنهما. 


١5١ 


الاكزون موعت أبنة قهز كأولدتها عدينه وأحْرّجَنُْهِما هي لك في صيغتها 
الملوكية0) مِنّ الحسنٍ والأدب والرّوتق» وما أرى مثلّهما يكونانٍ في موضع إِلا 
1 المُْلكِ ووقارُهء مِمّا يكونُ حولّهما من نورٍ تلك الأمْ. 

فقال مسلم : وآنْتَ على ذلك غيرٌ مصذْقٍ إذا قلْثُ لك إني أحبٌ المرأة الجميلة 
التي تصفء وليس بي هوّى إلا في أمرأةٍ دميمةٍ هي بدمامتها'' أ حب النساءٍ إلىّ» 
وأحفْهنَ على قلبي» وأصلحُهنٌ لي» ما أعدِلٌ بها ابنةَ قيصرٌ ولا ابنةَ كسرّى. 

فبقى أَبْنُ أيمنَ كالمشدوو”" من غرابةٍ ما يسمعء ثم ذكرّ أنَّ من الناس مَن يأكلٌ 
الطينَ ويستطيبّةُ ِفسادٍ في طبعهء فلا يحلو السُكْرُ في فَمِهٍ وإنْ كانَ مكرّراً خالصّ 
الحلاوة؟ وَرَئَى أشد الرثاءِ لِأمّ الغلامين أن يكونٌ هذا الرجلٌ الجلّفٌ قد ضَارّها" بتلك 
الدميمة أو تَسدّى بها عليها؛ فقال وما يملكُ نفسّه: أمَا واللّهِ لقد كثَّرْتٌ النعمة 
وعَدرْت وجحذت”” وبالعْت في الضّرء إن أمّ هذين الغلامين لأمرأةٌ فوقّ النساء» إذ 
لم يَتَبيّنْ في ولديها أثرٌ من تغيّر طبعها وكدُورٍ نفسِهاء وقد كان يَسعْها العُذْر لو جعلئهما 
سَحْنَةَ عين لك وأخرجّنْهما للناس في مُساوثئك لا في محاسنك» وما أدري كيف لا تَيدُ 
عليك؛ ولا كيف صَلْحَتْ بمقدارٍ ما فسدْتَ أنت» وأستقامّتْ بمقدارٍ ما العَوَّيْتَء 
وعجيبٌ - واللَّه - شأنُكما! إِنّها لتغلو في كرم الأصل والعقل والمروءة والخُلْقَء كما 
تغلو أنت في البهيمية وَالتوّق والغدر وسوء المكافأة» 70 

قال مسلم: فهو واللَّهِ ما قلْتٌ لك.» وما أحبٌ إلا امرأةً دميمةً قد ذهِبَثْ 
بي كل مذهبء وأنستني كل جميلةٍ في النساء» ولَئِنْ أخذْتُ أصمها لك لَمَا جاءتِ 
الألفاظ إِلّا منّ القبح راقن هو الفا غيرَ أنّها مع ذلك لا نجي إِلَّا دالّةَ على 
أجمل معاني المرأةٍ عند رجُلِها في الحُظوةٍ والرضى وجمالٍ الطبع ؛ وانظرْ كيف 
يكونُ اللفظّ الشائه؛ وما فيه ينفسي إِلَّا المعتى الجميلء وإِلّا الحِسُ الصادقٌ بهذا 

1 إلا الأمتزارٌ والطرت لهذا البح ع‎ ٠ 

قال أَبْنُ أيمن: والله إِنْ أراك إِلّا شيطاناً مِن الشياطين» وقد عَجلَ اللّهُ لك من 
هذه الدميمة زوجِتّك التي كانت لك في الجحيم» لتجتمعا معا على تعذيب تلك 


. صيغتها الملوكية: على هيئة الملوك‎ )١( 

(؟) دمامتها: بشاعة هيتها. 

(5) المشدوه: المستغرب» المتحيّر مما يرى ويسمع. 

(4) ضارها: اتخذ لها ضرّة. (5) مجدت : كفرتء» أنكرت. 


١> 


الحوراء””" الملاتكية أمّ هذين الصغيرين» وما أدري كيف يتَّصلٌ ما بيتكما بعد هذا 
الذي أدخلْت مِنَ القبح والدّمامةٍ في معاشرتها ومُعَايشْتِهاء وبعد أن جعلتّها لا تنظرٌ 
إليك إِلّا بنظرتها إلى تلك. أُقْبَهِيمَةً هي لا تعقل. أم أنت رجلّ ساحرء أم فيك ما 
ليسّ في الناس» أم أنا لا أفقهُ شيئاً؟ 
فضحكٌ ملم وقال: إِنَّ لي خبراً عجيباً: كنْتُ أنزلُ «الأبْلَة» وأنا مُتعيئل0) 
فحملْتُ متها تجارةً إلى البصرة فربخت. ولم أزلْ أحملٌ من هذه إلى هذه فأربح 
ولا أخسرء. حتى كثُر مالي؛ ثم بدا ني أنْ أَنّسِمَ في الآفاقٍ البعيدةٍ ةِ لأجمع التجارةً 
من أطرافهاء وأبسط يدي لِلمالٍ حيث يكثرُ وحيث يقل» وكئْتثُ في مَيْعَةَ الشباب 
وَعُلَّوَائِها”. وأولٍ هَجْمَةٍ الفترَّةٍ على الدنياء وقلْتُ: إِنَّ في ذلك خلالا؛ فأرى 
الأممّ في بلادها ومَعَايشْهاء وأتقلّبُ في التجارة» رعق الحال والفظر انقن رانيد 
عِظَةَ وعبرة» وأعلمُ عِلماً جديداً. ولغلي أصيبٌ الزوجة التي أشتهيها وأصوٌّرُ لها 
عار فإنّ أمري من أوله كانَ إلى عُلُرٌ فلا أُرِيدُ إِلّا الغاية» ولا أرمي 
إلا للشبّقء ولا أرضى أنْ أتخلّفَ في جماعةٍ الناس. وكأني لم أر في الأبلة؛ ولا 
في البصرة أمرأةً بتلك التصاوير التي في نفسي» نتأخذها عيني » فتُعجبّني» متصلحَ 
ل فأتزوجَ بهاء وطمعْتٌ أنْ أستنزل نجماً من تلك الآفاق 0-6 في دار فما 
ِلْتُ أرمي في بلدٍ إلى بلدٍ حتى دخلت "بلخ»0"/ من أجل مدن حُراسان و؛_سعها 
ْلَّة؛ ُخْمَلُ عَلْتُها إلى جميع خراسان وإلى حُوارزم؛ وفيها يَومئذْ ‏ كان عالمّها 
وإمامُها «أبو عبدٍ الله البَلّخي» وكنًا نعرفٌ أَسمَهُ في البصرة؛ اكاك ته لماجي 
رحلته وأكثرَ الكتابةً بها عن الرُواةٍ والعلماء؛ فَاسْتَخَمَئْيِى إليه نَرِيّة0'' من شوقى إلى 
الوطن» كاذ فيه يلد "رامن فَدَهِيْتُ إلى حلقتى وسمشته يف قولٌ النيت 86 
اشوواة وار ة يرث فاه لا تلد». فما كان الشيخ إلا في سحابة» وما كان 
كلامه إِلّا وحياً يُوحى إليه. سمغت - واللَّهِ - كلاماً لا عهدَ لي بمثلهء وأنا من أولٍ 
نشأتي 00 إلى العلماء والأدباء» وأَداخلّهم في فُنونٍ منّ المذاكرة: قما سمعُتٌ 


)00 الخوراة: من كان في عينها حور يزيدها جمالاً. 
(0) متعيّش : متكسباء أي طالياً للرزق. 

زفرف عي شّدته : 

(4) بلخ مدينة من مدت آفغنستان. 

(5) فاستخفسي إليه نزي : حملتني إليه ذكرى الوطن. 


١7 


ولا قرأثُ مثلّ كلام البلخي» ولقد حفظْتُهُ حتى ما تفوئني لفظةٌ منهء ويقي هذا 
الكلامُ يعمل في نفسي عملّه؛ ويدفعُني إلى معانيه دفعاء حتى أتى علي ما 
سأحدئك به. إِنَّ الكلمة في الذهن لتوجدٌ الحادثّة في الدنيا. 

قال أَبْنُ أيمن: اطو خبّرك إِنْ شئْتَء ولكن أَذكُرْ لي كلام البلّخي» فقد 
تعلّقتْ نفسي به. 

قال: سمغت أبا عبدٍ الله يقولٌ في تأويل ذلك الحديث: أمّا في لفظٍ الحديثٍ 
فهو من معجزاتٍ بلاغة نبيّنا كو وهو من أعييب الأدب وأبرعه؛ ما علنْتٌ أحداً 
تبه إليه ؛ فإنه يكِ لا يُرِيدُ السوداة بخصوصهاء ولكنّه كَنى بها عمًا تحت السوادء 
وما فوقٌ السواد» وما هو إلى السوادء مِنَ الصفات التي يِتَقَبّحُها الرجال في جَلْقةٍ 
النساء وصُوَرِمِنَّ» فألْطف التعبيرٌ ورَقَ به؛ رفعاً لِشأنٍ النساء أذ تفط اعرا: متهن 
0 وتنزيهاً لهذا الجنس الكريم» وتنزيهاً للِسانِه النبويّ؛ كأنّه كَل 

: إِنَّ ذِكْرَ ف اتح الدراة قن وي تقس 812 في الأدت فزن الأبرا؟ ام أن ترر سكل 
0 والجنةٌ تحت أقدام الأمهات؛ فكيف تكونٌ الجنةٌ التي هي أحسنٌ ما 
يُتَخْيلُ في الحسن تحت قدمي أمرأة» ثم يجورٌُ أدبا أو عقلاً أنْ تُوصف هذه المرأهٌ 
بالقبح . 

أمَا إِنّ الحديتٌ كالئّصٌ على أن من كمالٍ أدب الرجل إذا كانَ رجلاً ألا يصف 
امرأةً يقبح الصورة ألبنَّة» وألا يجري في لسانه لفظه القبح وما في معناة» موصوفاً 
به هذا الحشق الذي منه أشه: أَيَوَدُ أحذكم أنْ يمزّقٌ وجة أمه بهذه الكلمةٍ الجارحة؟ 

وقد كان العربٌ يُمَصَلونَ لمعاني الدمامةٍ في النساء ألفاظأ كثيرة؛ إذ كانوا لا 
يرفعون المرأة عن السائمة”' والماشية؛ أما أكملّ الخَلْقٍ كي فما زال يُوصّي 
الحم وير فأفين ستل كان121 كا ريسن به قلات كلماحهة كانَ يتكلم بهن إلى 
أن تَلْجِلْجِ”" لاثه وحَفِيَ كلامُه؛ جعل يقول: «الصلاة.. . الصلاة. وما ملكت 
أَيْمَانُكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون؛ الله الله في النساء؟. 

قال الشيخ: كأنَّ المرأةَ من حيث هي إنما هي صلاةٌ تَتعبّد بها الفضائل؛ 


)١(‏ الدمامة: القبح والبشاعة في الهيئة. 
(1) السائمة: ما يرعى من النعم كالأغنام والجمال والبقر و. 
() تل تلجلج لمانه : تلعثم في كلامه . 


1١544 


فوجبّتْ رعايتُها وتَلقيّها بحقّها؛ وقد ذَكَرَها بعدَ الرقيق”"2» لأنَّ الزواج بطبيعته نوعٌ 
رِقْ؛ ولكنه حَنَمَ بها وقد بدأ بالصلاة» لأنّ الزواجَ في حقيقيه نوعٌ 00 

قال الشيخ: ولو أن أمّا كانت دميمة شَّوهاءَ في أعين الناس» ٠‏ لكائث مع ذلك 
في عين أطفالها أجمل تو شلك عاد ع عا فق الذنا من يفني الجبال صادقاً 
في حسّه ولفظهء لم يكذب في أحدهما؛ فقد أنتفى القبحُ إذن» وصار وصفها به 
في رأي العين تكذيباً لوصفها في رأي النفسء. ولا أقل من أنْ يكونَ الوصفانٍ قد 
تعارمّا افلا جمال: ول دمائة. 

قال الشيخ: وأما في معنى الحديث, هو كك يقرّر للناس أن كرمٌ المرأةٍ 
بأمومّتهاء فإذا قيل: إِنَّ في صورتها قبحاً. فالحسناءٌ التي لا تلدُ أقبحُ منها في 
المعنى . وَأَنظرْ أنت كيف يكونٌ القبحٌ الذي يُقالٌ إِنَّ الحسنّ أقبخ منه. . ! 

فمن أين تناولْتَ الحديتٌ رأئثهُ دائرأ على تقديرٍ أن لا قبح في صورة المرأق 
وأنّها منرّهةٌ في لسانٍ المؤمن أنْ تُوصف بهذا الوصف»ء فإِنَّ كلماتٍ القُبح والحشن 
لغةٌ بهيميةٌ تجعلُ حبٌ المرأةٍ حبّا على طريقةٍ البهائم» من حيتٌ تَنْضْلها طريقةٌ 
البهائم بأنَّ الحيوانَ على أحتباسِهٍ في غرائزء وشهواتِه؛ لا يتَكَذّبُ في الغريزة ولا 
في الشهوة بتلوينهما ألواناً من حْيَّالِه» ووضعهما مِرَةٌ فوقٌ الحدّ. ومرّة دون الحذ. 

فأكنة الشأن هو للمرأة :التن تجعل الإسنان كتير ا "قن إسائعة لآ الى عله 
كدر في صير انه تلن كانت هده الثاني هي الدن شط ل "© الناش على «واضسفنهيا 
بالجمالٍ فهي القبيحةٌ لا الجميلة» إِذْ يجبُ على المؤمن الصحيح الإيمانٍ أنْ يعيش 
فيما يصِلّحُ بِهِ الناس» لا فيما يصطلحٌ عليه الناس؛ فإِن الخروج من الحدودٍ الضيقةٍ 
للألفاظ, إلى الحقائق الشاملة. هوّ الاستقامة بالحياة على طريقها المؤدي إلى نعيم 
الآخرةٍ وثوابها. 

وهنّاك ذاتانٍ لكل مؤمن : إحداهما غائبةٌ عنهء والأخرى حاضرةٌ فيهء وهو 
إنْما يصل من هذه إلى تلك» فلا ينبغي أنْ يَحْصّرٌَ السماوية الواسعة في هذه الترابيّة 
الضيّقة ؛ والقبخ إِنّما هو لفظّ تُرابي يَ يُشَارَ به إلى صورةٍ وقعٌ فيها منَ التشويه مثل 
معاني التراب» والصورةٌ فانيةٌ زائلة» ولكنّ عملّها باق؛ فالنظرٌ يجب أنْ يكونّ إلى 


)٠١(‏ الرقيق: الإماء. 
00 يصطلح الناس : يتعارفون» يتوافقون. 


العمل؛ فالعملُ هو لا غيرُءُ الذي تَتَعَارَرُه”' ألفاظ الحُشن والقُبْح . 

وبهذا الكمال في النفس» وهذا الأدب» قد ينظرٌ الرجلّ الفاضلٌ من وجِهِ 
زوجته الشؤهاء الفاضلة» لا إلى الشؤهاءء ولكنْ إلى الحُورٍ العين. إِنّهما في رأي 
العين رجلٌ وآمرأةٌ في صورتين متتافِرتين”'" جمالاً وقُبْحاً؛ نا في الحقيقة والعمل 
وكمال الإيمان ن الروحيّ» يا تان متحدتانٍ تجذتٌ إحداهما الأخرى جاذبية 
عِشْقَء وتلتقياتٍ معاً في النفسين الواسعتين» المرادٌ بهما الفضيلةٌ وثوابُ الله 
والإنسائية ؛ ولذلك أختاء رَ الإمامٌ أحمدٌ بْنُ حنبل عوارء على أحيّهاء وكائث أختها 
جميلةء فسأل: مَنْ أعقلّهما؟ فقيل: العوراء: زجوني إيّاها. فكائتٍ العوراءً في 
رأي انام وإراديّه هي ذاتَ العينينِ الكحيلتين» لوفور عقله وكمال إيمان. 

قال أب لخر" انح لحر ب ربعن لازو ا بول على 
أن الحبٌ متى كان إنسانيًا جارياً على قواعدٍ الإنسانية العامّة» مُنّسعاً لها غيم 
باحسو فى دمر فق معوااح كان بدلاك اجا بدن إمراعن اللعتانا قن النفين» 
راستطاع الإتسان أذيجعن عه يقتاول الأكياة المستعلفة» ويرك على نقنه من 
لذاتهاء فإن لم يُسعدْهٌ شية بخصوصهء وجدّ أشياءً كثيرةً تُسْعِدَهُ بِينَ السماء 
والأرضء وإِنْ وقعَ في صورة أمرأتِه ما لا يُعَذَّ جمالآء رأى الجمالَ في أشياة منها 
غير الصورة» وتَعَرّفَ إلى ما لا يَخْفَىء فظهرٌ له ما يَحْفَى. 

ولئْمَتٍ آلعينُ وحدّها هي التي تُوَامَر في أي الشيئين أجمل» بل هناك العقلٌ 
والقلب» فجوابٌ العين وحذها إِنْما هو ثلتُ الحىٌ. ومتى قيل: «ثلتُ الحقٌ» 
فضياعٌ الُلئِين يجعلّهُ : في الأقلّ حقًا غير كامل . 

فما نكرهة من وجهء قد يكونُ هو الذي تُحبّهُ من وجِهِ آخرء إذا تحن تركنًا 
الإرادة السليمةً تعمل عملّها الإنسانيّ بالعقل والقلب» وبأوسع ببالنظرين دون أنْ 
أشكييا انتوق تكرخرا كنار قكل امد جه 2ن مكو 4 

فوتّبَ أَبْنُ أيمن» وأقبلَ يدُورُ في المجلس مِمًا دخَّلهُ في طُرَبٍ الحديثٍ 
ويقول: ما هذا إِلّا كلام الملائكة سمغناءُ منك يا أَبْنَ عمران. قال مسلم: فكيف 


)١(‏ تتعاوره. تتناوله بالقول. 
(1) متتنافرتين: متناقضحين . (*) هو الإمام أحمد بن حتبل . 


1.5 


بك لو سمعْمَّهُ من أبي عبد الله؛ إِنَّه دنؤالله اد ين لسوداء والقبيحة 
والدميمة» ونظرْتٌ بنفسي بخير النظرين» وقلْتٌ : إن تَرْوّخِتٌ يونا نما الى جمالاً 
وله فنا إكنا أزيذ إنسانة نيّةٌ كاملةً مِنّْ ومنها ومن أولادناء والمرأةٌ في كلّ أمرأق 
ولكنْ ليس العقل في كل أمرأة. 

قال: ثم إِنّي رجِعْتٌ إلى البصرق وآثَرْثُ' السُكنى بهاء وتَعَالَهَ”" الناس 
إقبالي» وعلمْتُ أَنّهُ لا يَحْسْنُ بي المُقامُ بغيرٍ زوجة» ولم يكن بها أجل قدرأ من 
خد هذين الثلامين» وكاتت :له نث قد غضلها”" وَتَعَوض :يذلل لعداوة خطابها ؛ 
َقلْتٌ : ما لهذه البنت بذ من شأن» ولو لم تكن أكمل النساء رأجملّهن: ما ضَنَّ بها 
أبوها رَجِاوَةٌ أنْ يأتيَهُ مَنْ هو أعلى. فحدثثني نفسي بلقَائِهِ فيهاء فجئْتهُ على 
خلرة. 

فقطمَ عليه أَبْنْ أيمنَ» وقال؛ قد علْمّنا خبرّها من منظر هذين الغلامينء وإِنَّما 
نُرِيدٌ من خبر تلك الدميمة التي تَعَشْقْتَها. 

تال: مهلاً فستنتهي القصةٌ إليها. ثم إِنّي قُلْتُ: يا عمْء أنا فلانُ بْنُ فلانٍ 
التاجر. قال ما حَفِيَ عنّى محلّك ومحلّ أبيك. فقَلْتُ: جثْتّك خاطباً لابنتك . قال: 
- واللِ ‏ ما بي عتك رغبة» ولقد خطبها إل جماعةٌ من وجوء البصرة وما أجبئهم: 
وني كار إخراجها عن حِضْني إلى من يُقَوْمُها تقوم العبيد. فَقّْلتُ . قد رفعها الله 
عن هذا الوضعء وأنا أسالّكَ أنْ تُدجِلّي في عَدَدِكَء وتَخْلِطَي بِعَمْلِك. 

فقال: ولا بدَ من هذا؟ قُلْتُ: لا بدّ. قال: أَغْدُ عَلَىّ برجالِك . 

فآنصرفْتُ عنه إلى ملا منّ التجارٍ ذوي أخطارء فسألهِمُْ الحضورٌ في غدٍء 
فقالوا: هذا رجلٌ قد رد من هو أثرى”*؟' منك» وإنّك لَتُحَرَكُنا إلى سَعْي ضائع . 

قلْتُ: لا بد من ركويكم معي . فركبوا على ثقَةِ من أَنّهُ سيردهم . 

فصاحح أبْنُ أيمنّ» وقد كادث روحُه تخرج: فذَهِيْتَء فَرَّوَّجَكَ بالجميلة 
الرائعة أمّ هذين؛ فما خبرُ تلك الدميمة؟ 

قال مسلم : يا سيدي قد صَبْرتٌ إلى الآنء أفلا تصبرُ على كلمات تُتَبتْكُ من 
أين يبدأ خبرُ الدميمة» فإني ما عرفتُها إلا في العْرْسِ . 


)١(‏ آثرت: فضلت. (؟) عضلها : حبسها عن الروج. 
(1) تعالم التاس: أخبر بعضهم بعضاً. (5) أثرى: أغنى. 


1١4 / 


قال: وعَدَوْنَا عليه فأحْسّنَ الإجابةً وزوّجنيء. وأطعمَ القومَ ونحرٌ لهم'"؟. ثم 
قال: إن شعْت أنْ تبيت بأهلِكَ فأفعل» فليسٌ لها ما يُحْتَاجُ إلى الْتَّلوُم عليه 
وأنتظاره . 1 

فقلت: هذايا سيدي ما أحبّهُ . فلم يزل يُحَدُئني بكلّ حَسَن حتى كانَتٍ 
المغرب» فصلاها بي »2 لم سبح سبحت ودعا ودعوتٌ, وبقي مُقبلاآً على دعائه 
وتسبيجه ما يلتفتُ لغير ذلك. فأمضّني”" ‏ علِمَ الله - كأنّهُ يرى أنَّ ابنتهُ مُقْبِلهٌ مني 
على مصيبة» فهو يتضرّعٌ ويدعو...! 

ثم كانّتِ العَتَمَهُ فصلاها بي» وأحذّ بيدي فأدخلني إلى دارٍ قد قُرِشَتْ بأحسن 
فُرْش» وبها حدم وجوارٍ في نهابةٍ من النظافة؛ فما أستقرٌ بي الجلوسٌ حتى نهضر 
وقال: أَسْتَوْدعْك الله» وقدّمٌ اللَهُ لكما الخيرَ وأَخْرَّرٌ التوفيق. 

واكنتاقنئ عجائز من اتعلهه لين فيهن شاية لمن كاتث فى السين : 
فنظرْتٌ فإذا وجرٌ كوجوه الموتى» وإذا أجسامٌ باليةٌ يَنَضَامٌ بعضُها إلى بعض”', 
كأئها أطلال زمن قد انقضٌ بينَ يدي . 

فصاح أَبْنُ أيمن: وإِنَّ دَمِيمّتك لُعجورٌ أيضاً. . .؟ ما أراك يا أَبْنَ عِمرانَ إِلَا 
قتلْتَ أمّ الغلامين. . . ! 

قال مسلم: ثم جَلَوْنَ أبنته عَلَيَ وقد ملأنَ عينيئ هرماً وموتاً وأخْيلَةَ شياطينَ 
وظلال قرود؛ فما كذتٌ أستفيقٌ لأرى زوجتي» حتى أسرعَنَّ فَأَرِخَيْنَ الستورّ علينا؛ 
فحمدتُ اللَّهَ لذهابهنّ» ونظزت. . 

وصاح أَبْنُ أيمنَ وقد أكلة الغيظ: لقد أطلْتَ عليناء فُسَتَحْكي لنا قصنّكٌ إلى 
الصباح؛ قد علمُناها ويَلّك. فما خبرُ الدميمة الشوهاء؟ 

قال مسلم: لم تكن الدميمةٌ الشوهاء إلا العروس . . 

فراعت أعلِن الجماعة» 'وأظرق أبن أبحن إطراقة كن ور عليه بها بحتوة 4 ولكن 

ولما نظرَتُها لم أرَ إلا ما كنتُ حفظْتُهُ عن أبي عبدٍ اللَّهِ البلخي» وقلْتُ: هي 
)١(‏ نحر لهم : قدم لهم الذبائح. 


(1) فأمضني : فآلمني طول الانتظار. 
(9©) يتضام بعضها إلى بعض : يجتمع بعضها إلى بعض . 


1١8 





نفسي جات بي إليهاء وكأن كلام الشيخ إِنّما كانَ عملاً يعمل فيّ ويُديرني 
ويُصَرْفني؛ وما أسرعَ ما قامَتِ المسكينة فأكبّث''' على يدي وقالَتُ : 

«يا سيدي» إني سر من أسرارٍ والديء كتمّهُ عن الناس وأفضى به إليك» إِذْ 
رآك أهلاً لِستره عد فلا تَخْفِرْ"" ظَنَّهُ فيك» لكان الذي لمق الزوجة 
حنٌ صوريها دونَ حُسْن تدبيرها وعَفافِها لَعظْمَتْ محنتي» وأرجو أنْ يكونَ معي 
منهما أكثّرُ مِمّا قضّرّ بي في حُسْن الصورة؛ وسأبلمُ محبئّك في كل ما تأمرُني؛ ولو 
أنّك أذيئنى لَعَدَدْتُ الأذى منك نعمةً» فكيف إِنْ رَسِعَنى كرمّك وسَّئْنك؟ إن لا 
خافن الله بابل من أذ تكرة ابباء في ببدادة زائة صلى + لهند رض ا سيدق 
على أنْ تكونٌ هذا السببَ الشريف. 00 ْ 

ثم إِنها وثبث فجاءث بمالٍ في كيس » وقالت: يا سيدي» قد أحل اللَّهُ لك معي 
ثلاتٌ حرائر» وما آنرْتَهُ مِنَ الإماء؛ وقد سَوَّغْتُك”" تزويج الثلاث وأبتياعَ الجواري من 
مال هذا الكيس» فقد وَقْفْتْهُ على شهواتكء ولسْتٌ أطلبٌ منك إلا ستري فقط! 

ين يت 

قال أحمدٌ بْنُ أيمنَ: فحلّفَ لي التاجر: أنّها ملكَث قلبي مِلكاً لا تصلْ إليه 
حسناءً بحسّنيها؛ فقلْتٌ لها : إِنّ جزاء ما قدَّمْتٍ ما تسمعيئة مني: « واللّه - 
لأجعلئكِ حظّي من دنياي فيما يُوْئِرُهُ الرجلٌ منّ المرأق رَلأُضْرِبَنُ على نفسي 
الحجابٌ» ما تنظرُ نفسي إلى أنثى غيرك أبداً؛. ثم أتممتُ سرورهاء فحدلتها بما 
حفظَتُهُ عن أبي عبدٍ الله البلخيّ. نأيقئث ‏ واللّهِ يا أحمد ‏ أنها نزأثْ مئْي في أرفع 
منازلها وجعلّث نَحْسُّن وتحسّنء كالغصن الذي كان مجروداًء ثم وَحَرْنْهُ الحُضرَهٌ 
من هنا ومن هنا. 

وعاشَّرْتهاء فإذا هي أضبطٌ النساء» وأحسنهن تدبيراً وأَشفمٌّهُنَْ علىّء 
وأحبّهِنَ لي؛ وإذا راحتي وطاعتي أَرَلْ أمرها و4 وزذا عقلها وكا زها تله ال 
لي من جمالٍ معانيها ما لا يزالٌ يكثرُ ويكثرء فجعلٌ القبحٌ يقل ويقلّ» وزالَ القبح 
بأعتيادي رؤيتّه» وبقيتٍ المعاني على جمالها؛ وصارّث لي هذه الزوجةً هي آلمرأةً 
وفوقٌ المرأة. 


)١(‏ فأكبت: انحنت. 
)١(‏ فلا تخفر ظنَّه فيك: لا تختب ظنَّه فيك . (5) سوّغتك : سمحت لك. 


اال 


ولَّمًا ولدّث ليء جاء بها رائعٌ الصورة؛ فحدّئثني ني أنّها كائث لا تزال تتمنّى 
على كرم الله وقدرته أن تتزوّجَ وتلدّ أجملّ الأولاة؛, ولم تدغ ذلك من فكرها قط 
وألْفَ لها عقلّها صورة غلام تتمثله هُ وما برحَث تتمثله ؛ فإذا هي أيضاً كان لها شأنُ 
كساي؛ وكان فَكرُها عملاً يعمل في نقسِهاء ونُديرُها ويصرَّقُها. 
ورزقني اللَّهُ منها هذين الابْئَيْنِ الرائعين لكء فانظرْ؛ أي معجزتين من 
معجزات الإيمان. . 
وان ين 


١6 


الطائشة 


قال صاحبّها وهو يُحدّئني من حديثها : 

كانت فتاةً متعلّمة» حُلوة المنظرء حُلرةَ الكلام» رقيقة العاطفةء مُرْهَفهَ0') 
الجسٌ» في لسانها بيانٌ ولوجهها بِيان غيرُ الذي في لِسانِهاء لفرت لاحل الذي 
لا تتكلم به. 

ولها طبع شديدٌ الطَرّبٍ للحيا ياة» مُسْتَرِسِلٌ في مَرْحِهء خفيفٌ طَيَّاشء لو أَْقلَتَهُ 
بحبْلٍ لَخفٌ بالحبل؛ تحسبّها دائماً سَكْرَى تَتَمايل من طربهاء كأنّ أفكارها المرِحَة 
هي في رأسها أفكارٌ وفي دَمها حَمرٌ. 

وكانَ هذا الطبعٌ السكرانٌ بالشباب والجمالٍ والطرب ‏ يعمل عملين 
متناقضين؛ فهو دلالّ مُتراجمٌ منهزم» وهو أيضاً جُرْأةٌ مُتدفعة متهجّمة . 

وهزيمةٌ الدلالٍ في المرأةٍ إن هي إلا عَمَلُ حَرْبِيْ مُضْمَرَةٌ فيه الكَرْ 
والهجوم؛ و اننا النظرةٌ اث الفط نظرةٌ واحدةٌ؛ بها تُوْنْبِك المرأةٌ 
على كر اناك كيك ويه أيها تلق جك اتن لنت ممه اجا حا أن 

يرن نا 

قَلْتُ: ويحكٌ يا هذا! أتعرفٌ ما تقول؟ 

قال: فمَنْ يعرفٌ ما يقولٌ إذا أنا لم أعرف؟ لقد أحبْبتُ حَمْسٌ عشرءً فتاة؛ بل 
هُنَّ أحببئني وفَرَعْنْ 5 قلوبَهنٌ لي» ذا أعيين؟"؟ علي مهن واحذة: وقد هبن بي 
مذهباً» ولكئي ذهبْتٌ بهن خسمة عَشَرً! 


قلْتُ: فلا ريب أنّك تحمل الوسامٌ الإبليسي الأَوَّل من رتبةٍ الجَمْرة. 


(؟) اعترّت: تكئرت. 


١هأ‎ 


نكيف أَسْتَهاء”'2 بك خمس عشرة فتاة؛ أجاهلاتٌ هِنّء أَعَمْياواتٌ هن. 

قال : بل متعلّماتٌ مُبِصِراتٌ يُرَيْنَ ويُدْرِكنَ» ولا مُخْطىءٌ واحدةٌ منهنَّ في فهم 
أن جل واشراة فعدة اكد رفاسي عقر هناةة وما عشرون وتلذتون عرد 
نَتَبَاتِ هذا الزمن الحائر البائر'". الذي كَسَدَ" فيه الزواج» ورَقٌ فيه الدين» 
وسقطً الحياء» وَآلتهبتٍ العاطفة» وأنتشرٌ اللهوء وكتْرَثْ فنونٌ الإغراء؛ وَأصطلحٌ 
فيه إبليسٌ والعِلْمُ يعملانٍ معاً. . . ؛ وأطلقتٍ الحرّيةٌ للمرأة» وتوسّعَتٍ المدارسش 
ا ل ل نّْ أمراً مُفْرطاً”؟ حتى أَحذنَ منها رُبِعَ 
العِلّم . 

تلتٌ: وثلاثةٌ أرباع العلَم الباقية؟ 

قال: يأْحذْنّها مِنَ الروايات والسيما. 

عَلْمُ المدارسء ما علْمُ المدارس؟ إِنّهِنّ لا يصنغْنَ بهِ شيئاً إلا شهاداتِ هي 
مكافأةٌ الحِفْظٍ وإجازةٌ النسيانٍ من بد؛ أمّا عِلْمُ السيما والرواياتٍ فيصنغْنٌ به 
تارِيحهَنٌ . .. . ورْبٌ منظرٍ يشهدٌهٌ في السيما ألفْ فتاة بمرَّة واحدةء فإذا أستقر في 
رَغْيهِنّ » وطافَث به الخواطرٌ والأحلام سلبهنٌ القرارٌَ والوقارَ فَمَثَّلْتَهُ ألف مك ة بألفٍ 
طريقة في ألف حادثة! 

يظنونّ أنّنا في زمن إزاحة العقبّاتٍ النسائية واحدةً بعد واحدة؛ من حرية 
المراة وَعِلِْهَاء أما أنا قارى حريةٌ المرأة وَعِلّمّها لا يُوَجِدانٍ إِلّا العقتاتٍ النسائية 
عَقَبَةَ بعد عقبة. وكذاكان عبنت الجاهلة المقصيورة في ذارها أ الرجل يتقان 
عليهاء فصارٌ عيبُ المتعلّمةٍ المفتوح لها البابُ أنّها هي تحتال على الرجل ؛ ف 
بإبداع الحيلةٍ عليه اومرةٌ بتلقينِه الحيلة عليها : والعريت فق ي أمرٍ هذا العم أَنَّهُ هو 
الاي جيل النباة بدا الطرين المجهرك يجقل : ! 

قلْتٌّ: وما الطريقٌ المجهول؟ 

قال: الطريقٌ المجهولٌ هو الرجل» وإطلاقٌ الحرية لِلفتاةٍ أطلقٌ ثلاتٌ 
راك حريةٌ الفتاة» وحريةً الحُبٌ؛ والأخرى حريّةٌ الزواج؛ ولَمًا أنطلقٌ ثلائتُهُن؛ 
معاً تَمْيّرَ ثلائنّهنّ جميعاً إلى فسادٍ وآختلال. 


)١(‏ استهام: أحت. () كد: بطل رواجه. 
)١(‏ البائر: الفاسد. (4) مفرطاً: زائداً. 


16 


أمّا الفتاةٌ فكانّثْ في الأكثر للزواج» فعادّث للزواج في الأقلُ وفي الأكثر لِلّهرِ 
والغَّرّل؛ وكانَ لها في النفوس وَقَارُ الأمّ وحخرمة الزوجةء فأجترأ عليها السْبَّانُ 
أجتراةهم على الخليعةٍ والساقطة؛ وكائث مصقورة لا ثُنالٌ بعيب ولا يتَوَجّهُ عليها 
ذمّء فمشّث إلى عُيوبها بقَدمَيْهاء ومشَّث إليها العيوبٌ بأقدام كثيرة. .. وكانّتٌ 
بجملتها أمرأةٌ واحدةً» فعادّث مِمّا تَرى وتَعرفٌ وتُكابدُ كأنَ جسمّها أمرأة» وقلبّها 
امرأةٌ أخرى» وأعصابها أمرأةٌ ثالثة. . 

وأمّا الحْبُء فكانَ حبًا تتعرّفٌ به الرجولةٌ إلى الأنوثة في قُيودٍ وشروطء فلمًا 
صارَ حرًا بِينَ الرجولة والأنوئة» أتقلبَ حيلة تَغْترُ بها إحداهما اللأخرى؛ ومتى صارَ 
الأمرُ إلى قانونٍ الحيلة» فقد خرجٌ من قانونٍ الشرف» ويرجمٌ هذا الشرفٌ نفسُةُ كما 
نراه» ليس إلا كلمة يُحتال بها. 

وأما الزواجٌ» فَلَمًا صارّ حرًا جاء الفتاً بشِبْهِ الزوج لا بالزوج. وَضعْفَث 
منزلبُه» وقلّ أتفاقه» وطالَ أرتقابٌ الفتياتٍ لهء فضعُف أثْرْهُ فى النفس المونّثة ؛ 
وكانت من قبل لَفُْظْتَا (الشابٌء والزوج) شيئاً واحداً عند الفتاةٍ وبمعئى واحدء 
نأصبّحَتا كلمتين متميزنّينِ : في إحداهما القوةٌ والكثرةٌ والسهولة؛: رفي الأخرى 
القتمف والقلة والعمدو؟ فالكلّ سُبّانُ وقليل منهمٌ الأزواج ؛ ونا مس ا 
الشابٌ على الفتاةٍ أقوى من تأثيرٍ الشرف» وعادً يُقْئِعُها منه أَحَسٌ بُرهاناته» لا بأنَهُ 
هو مُقُلع ) ولكن بأنّها هي مهِيّأةٌ للاقتناع. . 

وفي تلك الأحوالٍ لا يكونُ الرجل إِلَّا مغفّلاً في رأي آلمرأة ‏ إذا هو أحبّها 
ولم يكن محتالاً حيلة مثلِهِ على مثلهاء ويظل في رأيها مغمَّلاً حتى يخدعّها 
ويستَرْلّها؛ فإذا فعلَ كان عندها نَذْلاً لأنهُ فعل. . . وهذه حريةٌ رابعةٌ فى لغْة المرأةٍ 
ألحُرَةٍ والزواج آلحُرٌ وألحُبٌ الحرً! ْ 

وَأَنَظرْ - بعيشكٌ ‏ ما فعَلتٍِ ألحريةٌ بكلمة (التقاليد)» وكيف أصبحث هذه 
الكلمةٌ الساميةٌ من مَبْذُوءٍ الكلام ومكروهه حتى صارّث غير طبيعيّة في هذه 
الحضارة؛ ثم كيف أحالَتُها فجعلَتْها في هذا العصر أشهرّ كلمة في الألسنة» يُتَهَكَمُ 
بها على الدين والشرفٍ وقانون العُرْفٍ الاجتماعيّ في خف المعَرَّةٍ والدناءة 
وَالتَّصَاوْنٍ م مِنَ الرذائل والمُبالاةٍ بالفضائل ؛ فكل ذلك (تقاليد) . 

وقد أخذت الفتيّاتُ المتعلّماتٌ هذه الكلمة بمعانيها تلك» وأجِرَيْتها في 


15 


أعتبار هن مكروهة وحُشيًة» وَأَضَمْنٌ إليها مِنّ المعاني خحواشىّ بن أخرى» حتى لَيكادُ 
الأبُ والأمٌ يكونانٍ عند أكثر المتعلماتٍ منّ «التقاليد؛. أهي كلمة أبدعَنْها 
الحريةٌ أم أبدَعَها جهلُ العصر وحماقتّه؛ وفجورُءُ وإلحاده؟ أهي كلمةٌ تَعَلّمَها 
المَتياتُ المتعلماثُ لأنّها لغدّ مِنَ اللغة» أم لأنّها من لغة ما يُخيبته. . .؟ 

«تقاليد»...؟ فما هي المرأةٌ بدونٍ التقاليد. . .؟ إِنّها البلادُ الجميلة بغيرٍ 
جَيشء إِنّها الكنرُ الميخبوء مُعَرضاً لأعين اللصوص. تَحوطهُ الغفلةٌ لا المراقبة. 

هب”'" الناسّ جميعاً شُرفاء مُتَعفّفِينَ مُتصاونين؛ إن معنى كلمة «كنز» متى تُرِكَتْ له 
السريا راطف من بعاد التغرامة: اوكلاث حر كه عله وفنها عمق كلد الغ اد 
ا 

قال صاحبّنا: أما الفتاةٌ المحرّرَةٌ مِنَ (التقاليد). . . كما عَرَفْنُها فهى هذه التى 
أقصُ عليك قِصتّهاء وهى التى جعلئّى أعتقدٌ أنَّ لكل فتاةٍ رُشْدَّين : يك حلفا 
بالسّنء ويكَبْتُ الآحْر بالروات» ولو أن عَائِساً”"2 ماتث في سن الخمسينَ أو الستينَ 
لوحب أنْ يُقال: إِنْها ماتت نصفٌ قاصر! ولعل هذا من حِكمةٍ الشريعة في أعتبارٍ 
ألمرأةٍ نصف الرجلء إِذْ تمامُ شرفها الاجتماعي أنْ يكونَ الرجلٌ مضموماً إليها في 
نظام الاجتماع وقوانيتِه ؛ فالزوحُ على هذا هو تمامٌ رُشْدٍ الفتاةٍ بالغة ما بلعث . 

اتات ماني الطونة اناق رميرة الاصمرت ا وكين بش كانة هق النمتة 

الذي تُصنْعٌّ فيه الحياة» وكائّث دائماً ناقصةً لا تتم إلا بالآخر الذي أساسّهُ في 
الطبيعة شأنُ عقله وكأنٌ قُوته . 

وأعتبرُ ذلك بالمرأة تَدْرْسُ وتتعلّمٌ وَتنْبُغ» فلو أَنّكَ ذَهِبْتَ تمدخها بِوُفُورٍ 
عمَلِها وذكائهاء وتُفَرَظْها'” بنبوغها وعبقريتهاء ثم رأَنكَ لم تُلقِ كلمة ولا إشارةٌ 
ولا نظرةً على جسيها ومحاسنها ‏ لِتحوَّلٌ عندها كلّ مدجك ذنّاء وكلٌ ثنائك 
سخرية؛ فإنَ النبوعٌ ها هنا في أعصاب أمرأة تُريدُ أ تعرف مم أسرارٍ الكرن أسرارَ 
كونِها هي » هذا الكوت البدني الفاتن» أو الذي تزعمة اناده أو الذى لا ترضاهة 
ولا ترضى أنْ تكونٌ صاحبئة إلا إذا وجدّث مَنْ يزعم لها آنه كونٌ فاتنٌ بديمٌ ؛ رين 
بشمسه وقمرهٍ وطبيعته المتتضّرةٍ التي تجعلّ مَسَهُ مَنٌ ورَقٍ الزّهر 


() العانس من النساء: من لم تتزوج متهن وبقيبت على عذريتها. 
(9) تفرظها: تمد 


16 





مِْلُ هذه إِنّما يكونُ الثناءً عندّها حينما يكونُ أقلَّهُ باللسانٍ العِلّمي ولغته؛ 
وأكثره بالنظر الفْتَىَ ولغته. وهذا على أنّها عالمةٌ الجنس ونابغْتُه» ودليلٌ شذوذه 
العقلىّ» والواحدةٌ التي تجيء كالفَلْتةٍ المفْرّدةٍ بِينَ الملايين منّ النساء؛ فكيف بِمَنْ 
دونّهاء وكيف بالنساء فيما هُنّ نساءً به؟ 

دع جماعةً مِنَ العلماء بمتجنونَ هذا الذي بِيّنتٌُ لك» فيأتونَ بأمرأةٍ جميلةٍ 
نابغة» فيضعونّها بين رجالٍ لا تسممٌ من جميعهم إلا: ما أعقلّهاء ما أعقلهاء ما 
أعقلّها! ولا ترى في عينئ كلّ منهم من أنواع النظر وفنونِه إِلّا نظرٌ التلميذٍ لمعلمةٍ 
في سنّ جََذّته. ٠‏ فهذه لن تكونّ بعد قريب إِلّا في حالةٍ مِنَ أثنتين: إما أن يخرج 
عقلُها من رأسِهاء أو.. أو تخرجٌ في وجهها لخية. 

(نا أعفليا؟) كلم حنة عند الساء لأيايتها ولا يتفكهاء غية أن الكلمة 
البليغةً العبقرية الساحرةء هى عندهُّنَّ كلمةٌ أخرىء: هى: (ما أجملّها!)؛ إِنَّ تلك 
تُشْبهُ الخبرٌ القَفارَ لا شي عه علي الكران 0 ما هده فهي المائدة مرك كاملة 
بطعامها وشرابها رأزهارها وفكاهتها وضحكها أيضاً. 

وَكَأن العقل الأننائكة فد عضت لتهائة كلميه وما غنةغا به التساءة قأراة أن 
يكبت أَنّهٌ عقلٌ» فآستطاعَ بحيلتِه العجيبة أنْ يجعلَ لكلمة: (ما أعقلّها) كلّ الشأنٍ 
والخطرء وكلٌ البلاغة والسحرء عندً. . . عند الطفلة. تفرحٌ الطفلةٌ أشدّ الفرح» 
إذا قبل : ما أعقلها. . ! 

فقلْتُ لمحدّثي: كأنّك صادق يا فتى! لقد جلسمتُ أنا ذات يوم إلى أمرأة أدييةٍ 
لها ظَرفٌ وجمالء وجاءث كبريائي فجلسَت معنا. . . وكانَّتِ (التقاليدٌ) 
كالحاشية”'' لى؛ فعلفتٌ بعذ أنّها الث لصاحبة لها: لا أدري كيف أستطاعً أنْ 
ينس سمي وأنا إلى جانبه» 0 أني إلى جانبه! لَكأنّما كانت لِقلبه أبوابٌ يفتحُ 
ما شاء منها ويغلق»1. 

قال ل محذثي : : فهذا هذا؟ إِنَ إحساسٌ المرأةٍ ة بالعالم وما فيه من حقائق الجمالٍ 
والسرور» إِنْما هو في إحساسها بالرجل الذي أختارَئْهُ لقلبهاء أو تَهُمْ أن تختارّف 
أو تود د أنْ تختارّه؟ ثم أحساسها بعد ذلك بالصّوَرٍ 0 في أولادها. 


 ماعطلا الخوان: المائدة وقد مذ عليها مالذ وطاب من‎ )١( 
الحاشية : ما يمكن زيادته على الأصل وليس بذات أهمية.‎ )25( 





166 


وحياةٌ آلمرأةٍ لا أسرار فيها ألبئَّة» حتى إذا دخلّها الرجلٌ عرفّث بذلك أنَّ فيها 
أسرارء وتبَيّث أنَّ هذا الجسم الآحرٌَ هو فلسفةٌ لجسيها وعقلها. 

قال: وقد جلسْتُ مرةً مع صاحبة القصة» وأنا مُعْضَبٌ أو كالمُغضب. . ثم 
تَلَاحَيْنال'؟ وطال بيننا التّلاحي؛ فقالّث لي: أنت بجانبي وأنا أسأل: أين أنت؟ فَإنَّكَ 
لقت كلك الذي بحاي ! 

ا رمدم ا الكبرياء. كما قلْتَ أنتَء غير أنّها الكبرياءٌ التي 
تُدركُ المرأءٌ م: منها أنّي قويّ لا أنّي متكبّر؛ كبرياءً الرجل إِمّا مَهِيبٌ مَرِحٌ يملكُ أفراح 
قلبهاء وإمّا حزينٌ مَهِيبٌ يملكُ أحزانَ هذا القلب. 

ِنّ المرأة لا تُجبُ إِلّا رجلاً يكون أولٌ الحسنٍ فيه حُسْنَ فهمها له. وأوَلٌ 
القرَةٍ فيه قرّةٌ إعجابها به» وأوَّلٌَ الكبرياء فيه كبرياءها هي بحبّْهِ وكبرياءها بأنّهٌ رجل . 
هذا هو الذي يندم أفين للمرأة أننان» إنسائها الطاريف» .ووحؤها الطريت! 


نا كن 


قلْتٌّ: لقد بعُدْنا عن القصة فما كانَ حَبّدُْ صاحبتِكٌ تلك؟ 

قال: كانت ماح اتنف سدق أي متزوّج» ولكن إحدى صديقاتِها أنبأئها 
بكبريائي في الحُبَء ووصفئني لها صفة الإحساسٍ لا وصفّ الكلام؛ ين 
فيها طبيعةٌ زَّهْوٍ الفتاةٍ بأنّها فتاة» وغريزةٌ أفتتانٍ الأنثى بأنْ تكون فاتنة؛ فرأث في 
إخضاعي لجمالها عملا تعمل بيجمالها : ْ 

ومتى كانت الفتاةٌ مستَحْفَّةٌ «بالتقاليده كهذه الأديبة المتعلّمة ‏ رأث كلمة 
(الزوج) لفظاً على رجُلٍ كلفظٍ الحُبٌ عليه؛ فهما سواء عندها في المعنى . ولا 
يختلفانٍ إلا في (التقاليد). . 

رفه الل مودو المصارعٌ للمصارع؛ إِذْ كانت مِنَ الفتياتٍ 
المغرورات» اللواتي يحسبْنَ أنّ في قوْتهنّ العِلْميّةِ تيّاراً زاخراً لنهرنا الاجتماعيّ 
الراكد؛ فتاة تخرّجَتْ في مدرسة أو كلَيّة» أو جاءَث من أوربا بالعالميّة.. . أفتدري 
أيه معجزة مصرية في هذا ثُباهي بها مصر؟ 

إن المعجرّةً أنَّ هذه الفتاءً صارّث مدرّسة»ء أو مفئّشة» أو ناظرةً في وزارةٍ 


. تلاحينا: تجادلنا وتناقشتا‎ )١( 
(؟) عرضت لي: تصذت لي-.‎ 


1١هك‎ 





المعارف؛؟ أو مَوْلَمَةَ كنب وروايات» أو محرّرةً في صحيفة من الصحف. ولا 
يَضْعُرَنَّ عندك عن هده المعهدة فهي - واللَهِ - معجزةٌ ما دامَ يتَحقَّقُ بها خروجُ 
الفتاةِ من حكم الطبيعةٍ عليهاء وبقاؤُها في الاجتماع المصريٌ أمرأةً بلا تأنيث» أو 
أنقلابُها فيه رجلاً بلا تذكير! 

وكيف لا يكونٌ مِنَ المعجزاتٍ أنَّ تأليفٌ رواية قد أغنى عن تأليفٍ أَسْرَة؛ 
وأنَّ فتاء تعيش وتموتٌ وما ولدَثْ لِلامَّةِ إلا مقالات. . .؟ 

فقلْتٌ: يا صاحبيء دع هؤلاءٍ وخذٍ الآنَ في حديث الطائشةٍ الخارجةٍ على 
التقاليد» وقد قلْتّ إِنْها عرَضَتْ لك كما يعرض المصارعٌ للمصارع . 

قال: عَرَضَتْ لى تُرِيدُ أن تُصَرَفَنى كيف شاءتء قَتَبَوْتُ20 فى يدها؛ فزادث 
إلى :رغبتها إصرارها على هذه الرغبة» فالتويث عليهاء :فزاقث إليهما خشية اليا 
والخيبةء فتعشزتث بمعها» فزادت إلى .هذ كلها ثور كبريائها» اقلم اتسهل ؟ ‏ قأنتهت 
من كل ذلك بعد الرغبةٍ الخيالية التي هي أولٌ العبّثِ والدلال» إلى الرغبة الحقيقةٍ 
التي هي أول الحُبٌ والهوى : رغبة تعذيبي بها لأنّها مُتعدّبةٌ بي . 

ثم ردّتها الطبيعةٌ صاغرةً”" إلى حقائقها السَّليبُةَء فإذا الكبرياءً فيها إِنّما كانت 
خضوعاً يتراءى بالعِصِيانِ وإذا الرغبةٌ في تعذيب الرجل إِنّما كانتٍ ألتماسأً لأن تَنْعَم 
بهء وإذا الإصرارٌ على إخضاع الرجل وإذلاله إِنْما كانَ إصراراً على تجرئتهِ ودفعِه 
أنْ يستبدٌ ويملك؛ ورَدَنْها الطبيعةُ إلى هذه الحقيقة النّسوية الصريحة» التي بْنِيتٍِ 
الثرأة علنياعاءك ام ابقه تومي أن ثمازق رصي على عا تانق | ْ 

أما أنا فأحبِبْتُها حبًا عقليّاء وكانَ هذا يسْندٌ عليهاء لأنَّهُ إشفاقٌ لا حُبٌّ؛ 
وكائث إذا سألثني عن أمر ترتابٌ فيهء قَالّتْ: أجبْني بلِسان الصدقٍ لا بلِسانٍ 
الكتققةا. .و تاقث مول ذفن عسها بكاءا لا تمطح أن مديلة مم الدهم 2 وسيظليا 
هذا البكاءً الذي لا يُبكىء وقدٍ أتخذّث لها في دارها خَلوةٌ سَمّنْها: (محرابَ 
الدّمع!)؛ قالَثْ: لأنّها تبكي فيها بكاء صلاةٍ وحُبٌء لا بكاء حُبٌ فقط! 

ثم طاشت الطيْشة الكبرى. . .! 


() نبوت : نفرت. 
(؟) صاغرة : منهزمة. 


قَلَْتٌّ: وما الطيشةٌ الكبرى؟ 

قال: إنها كتبث إلى هذه الرسالة: 

«عزيزي رَعْمَ أنفي. . 

القد آذللتي يتين > اجذعنما آثكء لم :تل فى 4 وجعلتي على تعلبهئ ب 
أشدّ جهلاً مِنَ الجاهلة؛ وقد نسِيْتَ أنَّ المرأةً المتعلّمةَ تعرفٌ ثم تعرفٌ مرتين : 
تعرفٌ كيف تُخطىء إذا وَجَبَ أنّْ تُخطىء» وهذه هى المعرفةٌ الأولى؛ أمّا المعرفةٌ 
الثانية فَتَوهّمُها أنتَ» فكأئي قَلُْها لك . ش 

«إعلمْ ‏ يا عزيزي رغم أنفي - أن إذا لم أكن عزيزتَكَ رغم أنفك, فسآني ما 
يجعلّك سَلَفَاً ومَتَلاء وستكتبُ الصحفٌ عنك أوَّلَ حادث يقعٌ في مصرّ عن أوَلٍ 
رجل اختطفثة قتاة. .! 

«وبعدُ» فقد أرسلْتُ روحي تُعانق روححك؛ فهل تشعرٌ بها؟' 

قال: فوجَمْتُ'' ساعة ونث لي حِمْتْهاء وظهرٌ لي سَفَامُها وطيشْهاء 
فأسرغثُ إليها فجنتها فأجدها كالقاضي في محكميّه؛ ٠‏ لا عقل لَه إلا عقل الحكم 
القانونيّ الذي لا يتغيّرء ولا إنسان فيه إِلّا الإنسانُ المقيِّدُ بمادةٍ كذا إذا حَدَتَ كذاء 
والمادةٍ كذا حب يكون وصفُ المجرم كذا. .. ! 

فقلْتٌ لها: أهذا هو الء م الذي تَعلّْيِِ؟ ألا يكو علمٌ المرأةٍ ليق أ أن يجعلّ 
صاحبة ذاتٌ عقَلَينٍ إذا كانت الجاهلهٌ بعقل واحد؟ 

الت : العِلم؟ ْ 

قلث: نعمء العِلّم. 

قالَتْ: يا حبيبي» إن هذا العلمّ هو الذي وضع المسدّسٌ في يد المرأة 
الأوربيّة عاشقهاء أو معشوقها! ثم أطرفَّث قليلاً وتنهدّت وقالّت: والعِلْمُ هو 
الذي جعل الفتاةً هناك تتزوجٌ بإرشادٍ الرواية التي تقرؤها ولو أتقلبٌ الزواجٌ 
رواية.. والعِلْمْ هو الذي كشفٌ حِجاب الفتاة عن وجههاء ثم عاد فكشّفٌ 
حياءة وجههاء وأوجب عليها أنْ ثواجة حقائقّ الجنس الآخر وتعرفها معرفة 
عِلْميَّة. وال عولد در خط لجرا السعيرن نل | درا الام 


سبيل مواجهة الحقائق لا في سبيل الهّرَبٍ منها. . وَالعِلْمُ هو الذي جعل 
المرأةً مُاوية يلرجلء وأكَّدَ لها أنَّ واحداً وواحداً هما واحدٌ وكلاهما أوّل. 
والعلمُ هو الذي عَرَى”!؛ أجسامٌ الرجالٍ والنساء ببرهانٍ أشعة الشمس . 
والعِلْمُ ‏ يا عزيزي ‏ هو العلمٌ الذي محَا مِنَ العالّم لفظة (أمس) لا يعرفْها وإِنْ 
كانت فيها الأديانُ والتقاليد . 
كلد عه 

قال صاحبّها: فقلْتٌ لها: كأنَ العِلْمَ إفسادٌ للمرأة! وكأنّهُ تعليمُ مَعَرّاتها 
ونقائصهاء لا تعليمٌ فضائلها ومحاسنها. 

قَالَتْ: لاء ولكنّ عقلّ المرأة هو عقلٌ أنثى دائماًء ودائماً عقلٌ أنثى؛ وفى 
زأبييا ةنما سر كلبياء وجز قلنها داه فى راسهاة ناذا لم تكن سدريكوا تلن 
لدارها وما في دارهاء تمّمّتْ فيها الشارعّ وما في الشارع . 

العلمُ للمرأة؛ ولكنْ بشرطٍ أنْ يكونّ الأبُ وَمَيبةٌ الأب أمرأ مقرّرأ في العِلّم. 
والأخّ وطاعة الأخ حقيقة من حقائتي الهلم؛ والزوجٌ وسيادةٌ الزوج : كينا تابعاً في 
العِلْمء والاجتماعٌ وزواجرُة الدينية والاجتماعيةٌ قضايا لا يَنْسَحُهال" العِلّم . بهذا 
وحَدَهُ يكونٌ النساءً في كل أمةٍ مَصائمَ ع عليه تتمشيلة والكندال والإاضافة رينداً 
تاريخ الطفلٍ بأسباب الرجولةٍ التامّة» لأنَهُ يبدأ مِنَ المرأةٍ التامّة. 

ما بغير هذا الشرطء فالمرأةٌ الفلاحةٌ فى حجرها طَفْلٌ قَذِرء هى خيرٌ نلأمة 
من أكبر أديبة تُخرجُ ذُريةَ مِنَ الكتُب . ان ْ 

أنظز يا عزيزي برغم أنفي» هذه رسالة جاءَئني اليومَ من صديقتي فلانة الأديبة 
ال. فأسمغ قولها: 

«... وأنا أعيش اليو في الجمالء لأني أعيش في بعض خفايا 
الحبيب. .» 

«وفي الحياة موت خلوٌ لذيذ؛ عرفت ذلك حينما نسيْتٌُ نفسي على صدره 
القويّء وحيئما نسيْتٌ على صدرو القوي صدري. .» 

أسمغت يا عزيزي؟ إِنْ كنت لَما تَعْلَمْ أن هذا هو عِلْمُ أكثر الفتيات 


)غ2( عرّى: كشف. 
زفق لاي يلسخها: لا يمحوها. 


المتعلماتٍ حينَ يكسَّدُ الزواج”'' ‏ فَأَعَلَمْهُ. ومتى عَمِيَ الشعبٌ والحكومة هذا 
العمى» فَإنَّ حرية المرأةٍ لا تكونٌ أبداً إلا حريةً الفكرةَ المحوّمة! 
عاد 6 
قلت لصاحبنا: ثم ماذا؟ 
قال ثم شناء و59 
أسماها: (الطائشة) . 


' بِدَهُ في جيبه فأخرجٌ أوراقاً كَتَبَ فيها رواية صغيرةً 


دلق يكسد الزواج : بطل رواجه. 
زفق دس : أدخل . 


15 


الطائشة 


وهذا مُحَصَّلُ رواية «الطاء: ئشة)2 نقلناه من خط الكتاب على مَّسَاقٍ” ما دوك 
في أوراقه» وعلى سَرْدِهِ الذي قَصٌ به الخبّر؛ وقد أعطانا م مِنَ البرهانٍ ما نطمئنُ إليه 
أنَّ هذه «الطائشة» هي من تأليف الحياةٍ لا من تأليفه» وأنَّهُ لم يخترغٌ منها حادئةٌ» 
ولم يأتفك حديثاء ولم يَزِدها بفضيلة؛ ولم يَتَنقُضْها بمعَرّة؛ ثم أشهّدٌ على قولِه 
مرحي الأذي المستها التي ل ثالي ينا الت رلا ما قبل تهاة وله كدي 
رسائل: منها فيها الموجر ومنها المستفيض» رهن اسجباتها ول من الرواية منزلة الروج 
الْمُفْئَنةَ ا مي يعض بطضا فك 
ذلك بعضَه شاهدٌ على بعض 

قال كاتب (الطائشة): 

كنْتُ رجلاً غِلاً ولم أكنْ فاسقا””"» ولت كهؤلاء الشبّانٍ أصيبوا في إيمانهم 

باللّه فاصوا هن إتحانهم ركل تفعيلة: وذهبوا يُحقّقون المدنيّة فحققوا كل شيء إِلَآ 
المدنية . 

ترى أحذهم شريفاً بأنفٌ أَنْ يكونّ لِضًا وأنْ يُسمَّى لِضَّاء ثم لا يعمل إلا 
عمل اللصّ في أستلاب العفافٍ وسرقة القَّنَياتِ من تاريخِهنٌ الاجتماعِيّ؛ وتراهُ 
نَجْداً يَسِتَفٌ”” أن يكونَ في أوصافبٍ قاطع الطريق» ثم يأبى إلا أنْ يقطمٌ الطريق 
في حياةٍ العٌذارى وشرف النساء. 

أكثرٌ أولئك الشبانٍ المتعلمينَ يعرضون للفتيَاتِ المتعلماتٍ بوجوهٍ مصقولة 
تحمل شين :الدق والسقم :- ولكن اكلن هؤلاء المعلجات يفدن القيلا فى 


)١(‏ مساقٍ: نمطء» خط 
(؟) فامقاً: خارجاً عن الليقات. (0) يستكف: يأنف. 


1١5١ 


وي كالما قن عل قري "ااي فيه فحادت بقايا ا تكسف 

بِصٌرَهُنّ بأشياءً تزيدُ قوةً الحياةٍ فيهِنْ خطراء وتُوجي إليهنَ وخيّها من حيتٌ يَسْعْرْنَ 
9 يشغرن؛ وصور في أوعامِهنَ صُوّراً مَّحَتِ الصُوَّرَ التي كانّتْ في عَمَائِدِمِنٌ ؛ 
وأخرجَهُنَ مِنَ السَلْبٍ الطبيعي الذي حماهن اللَهُ به» فلهُنَ الهِفّةُ والحياء؛ ولكنْ 
تيك لم :للك العمل الغريرئ الذي يق عن لخاد والجمة انار عتيراة ا عدون 
يَخْشَيْنَ العارَ وسِمَتَهُ الاجتماعية ولكنّ حَّشية فَقّهَاءِ ء الْجيّلٍ الشرعية»؛ قد أَرْصَّدُو(١)‏ 
لِك وجه مِنَّ التحريم ورهيا ع التحلين: ٠‏ فأصبحٌ أمتناعٌ الإثم هو ألا تكونّ إليهِ 
سجاحة . . 

0 الذي بهِ النفكيرٌ يكونٌُ أحياناً غير العقل الذي به العمل؟ ففي بعض 
الجاهلاتٍ يكونُ عقلُ الحياءٍ والِقّةِ والشرفٍ والذين - غريزة تكغرائز الوخش؛ هي 

وهي العمل جميعاً؛ وهي أبداً الفكرةٌ والعملٌ جميعاً لا تتغيرُ ولا تتبدّل» 
دم تر مام 0م وما غريزةٌ الوحش إلا إيمائه بِمَنْ 
خَلقهُ وخشاً؛ وكذلك غريزةٌ الشر في الأنثى هي عندي حقيقةً إيمانها بِمَنْ خلقّها 
أنثى . 

وشرفٌ المرأةٍ راس ماك ا ومن ذلك كان له في أوهام العِلْمٍ أشتر 
ِحَسَبِهِ تنظرٌ فيه نظرّها وريغ" '" زيغَها وتّقضِي حُكُمَها؛ ا 
المتعلمين والمتعلمات قَدٍ أنتهرًا بطبيعتِهمٌ العلمية إلى الرضى بهذه الاشتراكية» 
إلى التسامح في كثيرء وإلى وضع الاعتذارٍ فيما لا يُقبل عُذراًء ومن شهنا كانَ 
بعضُ الجاهلاتٍ كالجضن المُغْلْقَ في قَنةِ الجبّل الوَعْرء وكانَ بعضٌ المتعلماتٍ 
دونَ الحضن» ودونٌ الف : وكوت الس ختى. تنزل إلى السهل فتراهن ثمّة 

لقد غَفَلَتِ الحكوماث عن معنى الدين وحقيقيه» فلو عرفْث لعرفث أن 
الإنسانية لا تقومُ إِلّا بالدينٍ والعِلّم كليهما؛ فإِنَّ في الرجل إنساناً عامًا ونوعاً خاصًا 
مذكّراء وفي المرأةٍ إنسانّ عامّ كذلك؛ ونوعٌ خاص مؤنث. والدينُ وحذه هو الذي 
يُصْلِحٌ النوعٌ بتحقيقٍ الفضيلةٍ وتقرير الغاية الأخلاقية» وهو الذي يُحاجرٌ بِينَ 
الغريزتين» وهو الذي يضعٌ القوةً الروحية في طبيعة المتعلّم؛ فإنْ كائّث طبيعةٌ 
التعليم قويةٌ كانْتِ الروحيةٌ زيادةً في القوة؛ وإِنْ كانّث ضعيفةً كما هي الحال في 


. أرصدو!: وضعوا فى مقايله خفيراً. (؟) تزيغ  تنحورف عن جاذة الصواب‎ )١( 


15 


هذه المدنية» لم تجمع الروحيةٌ على المتعلّم ضَعْفَينَء يبتَلي كلاهما الآخْرٌ ويزيده. 
ين كن 

فلانٌ وفلانٌ تعلقًا فتائّين جاهلةٌ ومتعلمة؛ وكلتاهما قد صدَّثْ”'2 صاحبّها 
وأمتنعث منه؛ فأما الجاهلةٌ فيقول (فلاثها) إِنّها كالوخش: وإنَّ صدِودَها ليس 
عدوا عق ابل هو نو ون لحليها راسانياةة كما المي السريي عافد 

وأمّا المتعلمةٌ فيقولٌ (فلائها) إنها ككل أمرأة» وإِنَّ صدودها ثورة؛ ولكن من 
دلالها تُرضي به أولَ ما تُرضي وآخرّ ما تُرضِي - كبرياة الجمالٍ فيها لا الإيمانَ ولا 
الفضيلة . فكأَنّها إيحاءً للطامع أَنْ يزيد طمعاً أو يزيد أحتيالاً. . . 

وفلانٌ هذا يقول لين إن ضَعَمَاءَ الإيمانٍ منّ الشبانٍ المتعلمين ‏ وأكثرُهم 
ضعفاءً الإيمان - لو حَقَّقْتَ أمرّهم وبَلَوْتَ” سرائرهم. ليت أنّهم جميعاً لا يرون 
قلبٌ الفتاةٍ المتعلمة إِلّا كالدارٍ الخالية كُتب عليها: (للإيجار). . . ! 

ا 24 

يقول كاتب «الطائشة»: 

أنّا أنا فقد صم عندي أنَّ سياسة أكثر المتعلماتِ هي سياسةٌ فتح العين حَذَّراً 
مِنّ الشبانٍ جميعاً؛ وإغماضٌ العين لواحدٍ فقط... 

وهذا الواحدُ هو البلاء كلّهُ على الفتاة» فإِنّها بطبيعيها نتقيّدُ ولا تنفصل إلا 
مُكرّقَة وهو بطبيعيِه فيد لذنّه» فينّصلٌ وينفصلٌ؛ غير أنّها لا بد لها من هذا 
الواحدء ففكرهًا المتعلمٌ يُوجِي إليها بالحياةٍ لا يجعل في ذلك مَوْضعاً للتُكيرٍ 
عنذهاء والحياةٌ نصفٌ معانيها النفسية في الصديق؛ فالأنوثةٌ بغيره مُظْلمةٌ في 
حياتهاء راكدة في طباعهاء ثقيلةٌ على نفيهاء ما دام «الشعاغ» لا يلمشها. 

والدينُ يأبى أنْ يكونَ ذلك الصديئٌ إلا الزوجٌ في شروطِهِ وَعُهودِوء كيلا تتقيد 
المرأةٌ إلا بمَنْ يتقَيَْدُ بها؛ والعِلْمُ لا يأبى أن يكونَ الصديقٌ هو الحبّ؛ والمنْ 
توافت أن يكون عرالقيت ود واليض تفن الك شتروط ولأ عيرة إلا وسائل تُحتلن 
لوفتهاء وأكثِرها مِنَ الكذب والنفاق واللخديعة ؛ ولفظ ال يك لِصُ لُعْرِيٌ 


() بيلوت : اختبرت؛ امتحنت . 


يلجل 


خبيتٌ» يَسْرِقُ المعانيَ التي لِيسَتْ له ويُْفِق مِمًا يُسرق. وليسٌ من أمرأةٍ يخدَعُها 
عَاهِق إلا نكيت لها سه عنا :كتف اللمل حين 00 

يقول كاتب (الطائشة؛ . 

تلك فلسفةٌ لا بد منها في التوطئة للكتابة عن (عزيزتي رغم أنفي). ومَنْ 
كانّث مثلّها في أفكارها وأستذلالها وُخججها وطريقتها ‏ كان خليقاً بِمَنْ يكتبٌ 
قصتّها أن يجعلّ القصةً من أولها مُسلّحة. 

لقد تَكَارَهْتٌ على بعض ما أرادّث مني ما دام الْحُبُّ (رغمَ أنفي)؛ وما دامَتِ 
السياسة أنْ أدارِيّها وأَنّبعَ محبتّها؛ غير أنّي صارخْئُها بكلمةٍ شمسية تلمع تحت 
الشمسء أنَّها الصداقةٌ لا الحُبُّء وأنّما هو اللهرٌ البرىء لا غيرُهء وأنَّ ذلك جهدٌ 
ما أنا قويّ عليه وفي به . 

قال 3ك وك سداق 'أعلن كليلد من الصدافة- ٠‏ لكين عد القت 
المتكبر الذي لا يَصدُقٌ كيلا يكذب. . . إِنَّ هذا النوعَ مِنَ الحبٌ يطيش”'' بعقل 
المرأة» ولكنَّهُ هو أولٌ ما يَستَّهِيمُه'"' ويُعْجِبُّها ويُورئها الْتِياع الحنين والشؤق . ّ 


كتبّث لي : «أنا لا أتألمُ في هواكٌ بالألمء ولكنْ بأشياة منكَ أقلّها الألم؛ ولا 
أحرَّنُ بالحزن» ولكن بهموم بعضها الحزن. 

(إنْك صِنعْتٌ لي بكاءً ودموعاً وتنهدات» وجعلْتَ لي ظلاماً منك ونوراً منك 
يا نهاري وليلي . تُرى ما أسمٌ هذا النوع مِنّ الصداقة؟ 


3 


«اسمه الحبُ؟ لا. 

«اسمه الكبرياء؟ لا 

«اسمه الحتان؟ لا. 

«اسمُّه حُبّك أنتء أنتَ أيُها الغامضُ المتقلّب. ألا ترى ألفاظي تبكيء ألا 
تسمعٌ قلبي يصرُحٌ أي عَدَلِك وباي عدل الناس: ترد أن احياءفي عال عيمثة 
باردة. . . هذا قَنْلء هذا قتل6. 

فكتبت إليها: «إِنْ لم يكن هذا جنوناً فَإِنّهُ لُقريبٌ منه؛ . 
)١(‏ بطيش : يميل . 
(؟) يستهيمها: يجعلها هائمة ضائعة. 


حل 


فردَّتْ على هذه الرسالة : 

«أتكاتبني بأسلوب التلغراف . . .؟ لو أهديْتَ إليّ عِقداً منّ الزمردٍ حبَاتهُ بعددٍ 
هذه الكلماتٍ لكنت بخيلاً. فكيف وهي ألفاظ؟ إني لأبكي في عَمْضَةَ واحدةٍ 
بدموع أكثرٌَ عدداً من كلماتك. وهي دموعٌ من آلامي وأحزاني؛ وتلك ألفاظ من 
هوك وعَبَئِك! 

«ما كان ضرّكُ لو كَبْتَ لي بضعة أسطر تنسَحُها من تلغرافاتٍ رُوتر. . ٠‏ ما 
ذُمْتَ تَسْحْر مئي؟ أأنت الشبابٌ وأنا الكُهولة» فليس لك بالطبيعة إلا الانصراقٌ 
عنّى. وليسّ لي بالطبيعة إِلّا الحنينُ إليك؟» 

ْ ىه كاد ا 

لا أدري كيف أحببئهاء ولا كيف دَعَنْني إليها نفسي؛ ولكنّ الذي أعلمُّهُ أنّي 
تَخَادَعْتُ لها وقلْتُ : إن الح حي اعا واي عات 
أزثي لهاء وأَحْتّفُ عنهاء وأقبلثْ هي تُضاعِفٌ لي مكرّها وخديعتّها وكان الأمرُ بيئنا 
كما قالت: «فِي الحُبٌ والحرب لا يكونٌ الهجومٌ هجوماً وفيه رِفْقٌ أو تَراجع». 

إن المرأة وحدّها هي التي تعرفّ كيف ثُعاتِلُ بالصبرٍ والأناة؛ ولا يُشْبِهُها في 


ذلك لا دهاةٌ المستبدين . 


1 
يندت 

سألتني أنْ أهديّ إليها رسمي؛ فَاغْتَللُتُ عليها بأنْ قلْتُ لها: إِنَّ هذا الرسم 

سيكونٌ تحتٌ عينيكِ أنت رسمم حبيب » ولكنّهُ تحت الأعينٍ لاخر نشيكول رسم 
وظنئشّي أَبْلَعْتُ في الحُجّة وَقَطْعْتُها عنى؛ٍ فجاءئني من الغدٍ بالردٌ المُفجه”"', 

جاءثني بإحدى صديقاتها لِتَظهرَ في الرسم إلى جانبي كأنّني من ذوي قرابتها. . 

فيكونُ الرسمٌ رسمَ صديقتهاء ويكونٌ مُهدَى منها لا مني» وكأنّي فيه حاشية جاءث 
وأ”ًررْتٌ على الإباء» ونافَرَنْئي القول في ذلكء» تَرْدُ عَلَىَ وأردٌ عليهاء 

وتَعَاضْبَنا وَآنكسرّث حزناً وذهَبث باكية؛ ثم تَسَبْيتْ إلى رضايّ فرضيْت . 

حدثتنى أنَّ صديقتها فلانّة الأديبة أستطاعث أنْ تمعز "؟ضناحري فلاناً فى 


)١(‏ الردَ المقحم: الردّ المقنع . (؟) تستزير: طلبت منه أن يزورها. 


ها 


مخدعهاء في دارهاء بين أهلهاء مُنْتَصَفَ الليل. قلْتٌ: وكيف كان ذَلك؟ 

قالث: إِنّها تحمل شهادة.. . وهي تلتمسٌ عملاً وقد طال عليها؛ فَزَِعَمَتْ 
لذِويها أنها عثرث في كتاب كذا على رُفْيةٍ من رُقَى الشحرء فتُريدُ أن تَتَعاطى 
تجرتها بعد نضب اللذزن ]فا بق القفرى وانها هين اكور ردس قحك عبات 
إلى افر لكوم بالأسحاء والكلمات . 

ثم إِنّها َنَعَدَثْا'' وصاحبّها ليوم» وأجاقث باب دارها ولم تُخلِقه. وأطلقَتِ 

لبور في مر كبير أثاز عاصفة مِنَّ الدخانٍ المعطّرٍء وجعل مخدّعَها كمخدع 
عروس من ل وبقى صاحبًّها تحت الضبابة يُهَمْهمٌ 
وتُهمهم. . . ثم خرجَ في أغْبّاش السَجَرا") 

هكذا قَالَتْ؛ وما أدري أهو حَبرٌ عن تلك الصديقة وفلانهاء أم هو أقتراحٌ 
علي أنا من «فلانتي» لأكونَ لها عفريت الضبابة . .؟ 

تن فت 

لم خف عليها أن لَذْعَةَ حبّها وقعّث في قلبيء وأنْ صبرّها قد غَلْبَ 
كبريائي» وأنَّ كثرةً التلاقي بِينَ رجل وَآمرأةٍ يُطمعُ أحدّهما في الآخر ‏ لا بد أن 
ينقلّ روايتهما إلى فصلها الثاني؛ ويجعلّ في التأليف ثيئاً منتظراً بطبيعة السّياق. 
وإلحاحُ أمرأةٍ على رجل قد خَلَبّها وجَمًا عن صِلْتِهاء نما هو تَعرْضُها للتعقيدٍ الذي 
في طبِيعتِه الإنسانية؛ فإِنْ هي صَابَرَنْهُ وأَمَعَتَتْ» فقلما يَدَعُْها هذا التعقيدُ من حَلّ 
لمعضلتها. وبمثل هذه العجيبة كان تعقيداً وكانَ غير مفهوم ولا واضح؛ وقد ينقلبُ 
فيه أشدٌ البغض إلى أشدّ الحُبٌء وقد تعمل فيه حالةٌ من حالات التفس ما لا يعمل 
السحر؛ وكذلك يق للرجل إذا أحبٌ المرأةً فَنَبَتْ عن موديِهِ فُعرض للتعقيدٍ الذي 
في طبيعتها وأمعَنَ وُبْتَ وصَابّر. 

رأتِ الجمرةً الأولى في قلبي فأضرمث فيه الثانية» حين جاءثني اليو بكتاب 
زَعَْمَتْ أن فلاناً أَرسلَهُ إليها يُطارِحُها الهوى”" ويِبتّها وَلَهَ الحنين والتياعَ الحبّ. 

ويقول لها في هذا الكتاب : : «أنا لم أشربٍ خمراً قطّء ولكئي لا أراني أنظر 
إلى مَفَاتَنِكَ رمحَاسِيِكِ إلا وفي عينيّ الخمرء وفي عقلي السّكَرُ يقن فلن 


)١(‏ اتعدت: وعدت. 


(1) أغباش السحر: فلق الصبح الأول. (*) يطارحها الهوى: يبادلها . 


جل 


العَرْبدَة. جَعَلْتِ لي ويحكِ نظرَةٌ سكير فيها نِسيانُ الدنيا وما في الدنيا ما عدا 
الإجاجة. ١‏ : ْ 

ويختمه بهذه العبارة : 

«آه لو أستطعْتٌ أنْ أجعلّ كلامي في نفسِك ناعماء ساحراء مُسكراً. مثل 

١‏ عند هذا وقمٌّ الشيء المنتظرٌُ في الفصل الثاني مِنّ الرواية» وحُْتِمَ هذا الفصل 
بأولٍ قبلة على شفتَى (الممثلة) . 
ْ د ع عد 

وجاءئني اليومٌ بآبدّة من أوابدهاء قالت: 

أنت رَجْعي محافظٌ على التقاليد. قَلْتُ: لأنّي أرى هذه التقاليدَ كالصباح 
الذي يتكرّرُ في كل يوم وهو في كل يوم ضياءً ونور. 

قالت: أو كالمساء الذي يتكرر وهو في كل يوم ظلامٌ وسّواد! 

قلْتُ: ليس هذا إليْ ولا إليك؛ بل الحكمٌ فيه للتفع أو الضرر . 

تالقه بل هو إلى النكياة».والصياة البوع عِلمِية أوربيةة والوية كيك في 
تقدّمِه؛ وأصحابُ «التقاليدِ؛ جامدونٌ في موضعهم قد فاتهمُ الزمّنء ولذلك 
يسموتهم (متأخرين). أما علمْتَ أنَّ الفضيلة قد أصبِحَتْ في أوربا زِيّا قديماً: فأحد 
المِقْصٌ يعمل في تهذيبهاء يقطمٌ من هنا ويَشْقُ من هنا. . 

إسمغ أيُها «المتأخر؟ء وتأمل هذا البرهانَ الأوروبيٌ العصريّ : 

أخبرتني صديقتي فلانةٌ حاملة شهادة.. أنّها كانت في القطار بين 
الإسكندرية والقاهرة» وكانّتْ معها فتاةٌ من جيريّها تحمل الشهادةً الابتدائية؛ 
فجمعُهما السمَّرُ بشاب وَسيم"'' ظريفٍ يُشارِكُ في الأدب» غير أنه رَجْعيّ (متأخر)» 
وضديقش تعرف من كل شىء شين .وتاحذ من كل فن:بطرف؟ فجرئ الحايث 
منيما تحرات اوتر فك الفدينا تنا [دزاعيوك والطافف على دنتبييها الظريية 
ووضعَتُ فَنَّ لسانها في الكلام فجعلّث فيه رُوْحَ التقبيل. . 

ولم تبلغ إلى القاهرة حتى كانت قد سحَرث ذلك (المتأخر) ووقعث من 


 ليسج وسيم:‎ )١( 


ذلا 


نفسهء ودفعثه إلى الزمن الذي هو فيه. فلمًا همَّثْ بوداعه سألهما: أين تذهبان؟ 

فأغضَث صاحبةٌ الشهادة الابتدائية» وأطرقّث حياكءء 0 فى السؤال ثهمة 
وريبة» فأنَبئْها الصديقة وأيقظَنئْها من حياتِهاء وقالت لها: لا تزالينَ شرقيةً متأخرة؟ 
إن لم يُسْعِدْنا لحظّ ا ل 
أفلا يسمُنا أن تكون لنا هذه الحرية ولو في أنفينا؟ 

ثم ردّث على الشابٌ فأنبأتةُ بمكاتِها وعُنوائْهاء فأطمعَهُ ردُهاء فسألها أنْ تتنرّة 
معه في بعض الحدائقء فأبَتْ صاحبةٌ الابتدائية ولبّث عَمايئها الشرقيةٌ المتأخرة» 
ورأث في ذلك مَسْقْطةٌ لهاء فَلوّتْ إلى دارها”' وتركّئْهما إنساناً وإنسان لا فتى 
وفتاة؛ وتنرّها مع وعرفٌ الشاتٌ الرجعيُ الحبّء والخمرّ التي هي تحيةٌ الحبَ! 

ولم تستطع الفتاةُ الماكرةٌ أن ترجمٌ إلى دارها وهي سَكْرى كما زَعَمَتْ للشاتٍ 
- فَأَوَثْ إلى مُندق» وَحُيِمَتْ روايثُهما بإعراض منّ الشابٌ أجابّث هي عليه بقولها: 
ألا زلت (متأخراً). 1 

قَالَّتِ «الطائشة»: 

نعم يا عزيزي (المتأخر)؛ إِنَّ مذهبّ المرأةٍ الحرّة. ٠‏ في الفرقي بِينَ الزوج 
وغيرٍ الزوج» أن الأول رجلٌ ثابتّ» والآخرّ رجلٌ طارىء. والثابت ثابتٌ معها 
بحقّه هو؛ والطارىء طارىء عليها بحمّها هي . . . فإنْ كائّث حر فَلها حقها. 

قال كاتب الطائشة: وهناء هناء هناء كاد الشيطانُ يرفعٌ الستار عن فصل 
ثالث فى هذه الرواية» رواية «الطائشة». 

2 3 1 

نقول نحن: وإلى هنا ينتهي نصفٌ الرواية؛ أمّا النصفٌ الآخْرُ فيكادٌ يكونٌ 
قصةً أخرى اممّها: (الطائش والطائشة) . 


. لوت إلى دارها : رجعت‎ )١( 


1١78 


1 


ورسائلٌ هذه الطائشة إلى صاحيهاء ٠‏ َقْرَأُ في ظاهرها على أَنّها رسائل حب 
قد كُيِيْثْ في الفنونٍ التي يَترَسّلَ بها العُشاق؛ ولك روواة كلايي كلانا اخ تدا بد 
على أَنّها تاريخ نفس مُلْتاعةٍ لا تزال شعلةٌ النارٍ فيها تَتتمَى وترتفع ؛ ؛ وقد قَدَحَمْه(1) 
بظلْمِها الحياه إذ حَصَرَنْها في فنْ واحدٍ لا يتغيّر وأوقعئها تحت شرطٍ واحدٍ لا 
يتحقّق» وَصَرّقَنْها بفكرة واحدة لا تزالٌ تخيب. 

وأهذ شكون الحباة نكرة غابة بسكن الحن يهاه لااهر مسظة ان يدعها؛ 
ولا هو قادرٌ أنْ يُحَقَها؛ فهذا يمد شقاؤُهُ ما يمتدّ ولا يزالٌ كأنّهُ على أوَلِهِ لا يتقدمْ 
إلى نهاية؛ ويتألّمُ ما يتألّمُ ولا تزال ثُدْ تُشْعِرُهُ الحياةً أنّ كل ما فات من العذاب إِنّما هو 
ِدمُ العذاب . 

والسعادةُ في جملتها وتفصيلها أن يكونَ لك فكرٌ غير مقيّدِ بمعنّى تتألم منه» 
ولا بمعئّى تخاف منهء ولا بمعى تَحْذَرُ منه؛ والشقاءٌ في تفصيلِه وجمليّه أنحباسُ 
الفكر في معاني الألم والخوفٍ والاضطراب. 

وقد آحَتَرنا فن رسائل (الطائغة) هله الرسالة المصوّرة التي يدق شحاغهاً 
وتكاد تقوم بإزاء نفسها كالمرأة بإزاء الوجه؛ وهي فيها عَذْبهُ الكلام من أنّها مُرْهْ 
الشعورء منُّسقَةٌ الفكر من أنّها مخْتلَّةٌ القلب» مُسددةٌ المنطق من أنّها طائشةٌ النفس؛ 
تلك وى حجاتي لدت كلك كان قرا كفي انف كد نهد اذاف وتفئْتتْ 
وألتَفَّتْ؛ وعلى قِلَّةَ آلمُئعة من لَذَاتِهِ تزيدُ فيه المتعةٌ من أوصافه؛ وَلّكأن هذا الحُبٌّ 
طبيعةٌ غريبةٌ تُرِوّى بالنار فتُخْصِبُ عليها وتَتَقَتّقُ بمعانيهاء كما تُرْرَى الأرض بالماء 
تُخْصِبُ وتتغطى بنباتها؛ فإِنْ رَوِيَ الحُبُ من لذَّاتِهِ وبَرَدَ عليهاء لم يُنْبِثْ مِنَّ 


)١(‏ فدحتها: نزلت بساحتها مصيبة. 
(9) قفرأ ممحلاً: لا نبات فيه. 


لعجل 


البلاغة إلا أخمّها وزناً وأقلّها معاني» كأوَلٍ ما يبدو النباثُ حينَ يَتَفْطُ الغرى7) 


عه كراةفتحبيه على آلا وض كتفع لون عضر لواقم "نقيت زلا العليل الفلين 
كالتّعَاشِيبٍ”") في الأرض السّبِحَة . 

إن قصةً الحُبٌ كالرواية التمثيلية» أبلمُ ما فيها وأحسَئّه وأعجبّه ما كان قبل 
«العُقدة4» فإذا أنحلث هذه العقدةٌ فأنت فى بقايا مُفْسَّرَةِ مشروحة تُرِيدُ أَنْ تنتهى» 
ولاسكين مذ القق الأذلك العليل الدى جنا ونين القهلية 

ْ د ع د 

وهذه هي رسالةٌ الطائشةٍ إلى صاجبها : 

0 

«ماذا أكتبٌ لك غيرَ ألفاظٍ حقيقتي وحقيقتّك؟ 
شِجَارٍ ونزاع! 

«أيّ عَذْلٍ أَنْ تلمسَكَ حياتي 00 اإزقرة الناعمة بأطرافبٍ البّنان» وتَقُذْفَنى 
أنت قَذْفَ الحجَّر بملء اليد الصلْبةِ مُتَمَطيةَ فيها قوةٌ الجسم؟ ْ 

ا تُدارٌ فتدور» ثم عَبَنْتَ بها فصارثُ متمرّدة 
نُوَفْتُ ولا تقف؛ والنهايةٌ - لا ريب فيها ‏ أختلال أو تحطيم! 

«وجعلتَ لي عالماً؛ أما لَيْلُهُ فأنت والظلامُ والبكاء. وأما نهارْهُ فآنتَ والضيّاء 
والأملُ الخائب. هذا هو عالّمي: أنتَ أنت. .! 

«سمائي كأنّها رُقْعة أبعت عليها كل غيوم السماء؛ وأرضي كأنها بقعة 
أجتمعث فيها كلّ زَلازْلِ الأرض! لأنّك عَيْمَةٌ في حياتي. ورَّلزْلةٌ في أيامي . 

«يا يُعدَ ما بِينَ الدنيا التي حولي وبين الدنيا التي في قلبي! 

الاح وا حر ار لاا الوك اي بات دعن حبي 
أَجَبْكَ عن نكبتي”": وسَلْنِي عن نكبتي أُجَبْكَ عن حب ! 

«كانَ ينبغي أنْ تكونٌ لي الكبرياء في الحُبّ» ولكن ماذا أصنمُ وأنت منصَرفٌ 
)١(‏ يتفطر الثرى عنه: يتكشف وينبت في الثرى . 
(5) التعاشيب: هي أعشاب قليلة متفرقة في كل مكان. 
(") نكبتي 1 مصيبتي . 


و1 


عنّي؟ وَيِلاهُ من هذا الانصرافٍ الذي يجعلٌ كبريائي رِضّى مني بِأَنْ تتسى! فتنسى 

«ليس لي من وسيلة تَحِْفُكَ لا هذا الحبُّ الشديدُ الذي هو يَصُدّك2"0. فكأنَ 
الأسباب مقلوبة معي منذ انقلَنتَ ت أنت. 

«ويخْيّل إلىّ مو قن الاي اللي د فعندي أنا تمامُ خُرْته! 

«ويُخيل إليّ أني أفصَح من نطق بآه! 

«عذابى عذابٌُ الصادق الذي لا يَعرفٌ الكَذِبّ أبداً أبداء بالكاذب الذي لا 
تغراقف القدد أبداً أبداً! ١‏ ّ ش 

«كم يقولُ ا! لرجالٌ في النساءء ركع بجكر نون بالكيد الخد والمكر فهل 
يك اند نشت اجيس كلا دز إن وجري 

«ما لكلامي يَتَقَطَمْ كأنّما هو أيضاً مُحْتَقَ؟ 

«الَشْد ما أتمئْى أنْ أشتري انتصاري» ولكنّ انتصاري عليك هو عندي أن 
تقض أن : 

«إِنَّ المرأة تطلبٌ الحرّيةٌ وثَلِجُ”"' في طلبهاء ولكنّ الحياة تنتهي بها إلى يقين 
ررك 0 

«حتى في خيالي ا التي لو حت نتف عدا 
ولكن لا يُعْجِبّي منك إِلّا هذا. 

«فالمرأء لا نُحبٌ الرجلّ الذي يعمل على أنْ يَلفتّها دائماً لِيرفعَ من شأنِهِ عندّها . 

«إنَّ الطييعةً قد جعّلت الا: نوئةٌ (في الإتسان) عي العى تلفث إلى تفيها 
بالتصنّع والتْرَيدِ وَعَرْضٍ ما فيها وتكلّفٍِ ما ليس فيها؛ إن يَضْبَع الرجل صنيعّها 
فما هو في شيء إِلَا تزيينَ أحتقاره! . 

«التَّرَيُدٌ في الأنوثة زيادة في الأنئى عند الرجل»: ولكنٌ التَّرَيّدَ في الرجولة 
سحن الرجل عنة لاعن | 

يد نت 


. يصنك: يمنعك  (9) تلج : تلخ‎ )١١ 


١/1 


«ارْفعْ صوتّك بكلماتي تَسمع فيها اثتين: صوتّك وقلبي. 

«لَيسَثْ هى كلماتى لَدَيك أكثرَ مِمّا هى أعمالك لَدَيّ . 

«وليس هو حُبّي لك أكبرّ مِمَا هو ظلمّكَ لي! 

«ما أشدٌّ تَمْسي إذا كثتُ أحاطِبُ منك نائماً يسمعُ أحلامّهُ ولا يسمعْني! 

«ما أتعسٌ مَّنْ تُبكيه الحياةٌ بكاءها المفاجىء على ميّتِ لا يرجم أو بكاءها 
المألوف على بيب لا ثنال! 

«ولكن فَلأْصِبرْ وَلأصبرْ على الأيام التي لا طعمّ لهاء لأنَّ فيها الحبيب الذي 
لا وفاءًَ له! 

«إنَّ المْصِاب بالعمّى اللْوْنيَ يرى الأحمرٌ أخضرء والمصاب بِعَمَى الحُبٌ 

«اعَمّى مَرَكُبٌ أن تكونّ أزهاراً مِنَ الأوهام ولها مع ذلك زائحة: تَقبق : 

«وعَمَى في الزمن أيضاً أنْ ينظرٌ إلى الساعة الأولى من ساعاتٍ الحُبٌء فيرى 
الأيام كلها في حكم هذه الساعة. 

«وعَمّى في الدم. أنْ يَشْعْرَ بالحبيب يوماً فلا يزالٌ من بعدها يُحيي خْيالَّه 


د 


ويغذيه أكثرٌ مِمّا يحي جسم صاحبه . 

«وعَمّى في العقلء أنْ يَجِعلٌ وجة إنسانٍ واحدٍ كوجه النهارٍ على الدنياء 
فلمل الأكباة في لوقه :روسن لونه صطفى 4 الأسياء. 

«وعَمّى في قلبي أناء هذا الحُبُ الذي في قلبي! 

دح يد فك 

«ليسٌ الظلامُ إِلّا نِقدانَ النورء وليسّ الظلمُ في الناس إِلّا فقدانَ المساواة. 

«وظلْمُ الرجال للنساء عمل فُقدانٍ المُساواةٍ لا عمل الرجال. 

«كيف تَسخَرا'' الدنيا من متعلّمَةٍ مثلي» فتضعُها موضعاً مِنَ الهَوانِ”) 
والعطب مفيك لو اتلك أن جعت (وظرنتها» علق بطافةة الها كنت دف ايها 
إلا هذه الكلمة : (عاشقة فلان). . .؟ ْ 


)١(‏ تسخر: تهزأ. (؟) الهوان: الذلّ. 


ف 





«وحتى في ضعَفٍ المرأةٍ لا مساواةً بِينَ النساء في الاجتماع» فكلّ متَرّوجِةٍ 
وظيفتُها الاجتماعيةٌ أنّها زوجة؛ ولكن ليس لِعاشقةٍ أنْ تقول إِنَّ عِشقَّها وظيفئها. . 

«رحتى في الكلام عنٍ الحبٌ لا مساواق» فهذه فتاةً تُحِبُ فتتكلمٌ عن حُبّها 
فيال : فاجرةٌ وطائشة :لكوت الواضية انها كلك وأخرى تُحبُ وتكتمء 
فيُقال: طاهرةٌ عفيفة. ولا فضيلة فيه إلا أنّها سكتّث . 

«أولُ المساواةٍ بِينَ الرجالٍ والنساء أنْ يتَساوّى الكل في حزيةٍ الكلمة 
الميوءة: 

«لالاء قد رجَعْتُ عن هذا الرأى. . 

0 

ِنَّ القَلّقَ إذا أستمرٌ على النفس أنتهى بها آخرّ الأمر إلى الأحذٍ بالشَّادَ من 
قوانين الحياة . 1 ْ 

«والنساءً يُقْلِقْنَ الكونّ الآنَ مِمّا أستقرّ في نفوسهنٌ مِنَ آلاضطراب» وسيِخَرَبْتَه 
أشنعٌ تخريب . 

«ويلٌ للاجتماع مِنَ المرأةٍ العصريةٍ التي أنشأها ضعفٌ الرجل! إِنَّ الشيطانَ لو 
ا ا ل 
ا 

«ويل للاجتماع من عذراء 75:1" خبالتةء ريد أن عن تلن انها “عقر | "نقد 
أمتلأتٍ الأرض من هذه القنابل. .. ولكنْ ما مِن أمرإة تُفرّط في فضيلتها إِلّا وهي 
ذنبُ رجل قد أهمل في واجبه. 

هل تَملِكُ الفتاةٌ عِرْضَها أو لا تملك؟ هذه هي المسألة. . 

«إن كائنث تملِكء. فَلَهًَا أنْ تتصرّف وتُعطي؛ أؤ لاء فلماذا لا يتقدَمُ 
المالك. ..؟ 

«هذه المدنيةٌ ستنقلِبُ إلى الحيوانية بعينها؛ فالحيوانُ الذي لا يعرف الَسَبَ 
لا تعرفٌ أنتاهُ العرْض . . 


() بائرة: فاسدة. 


قفن 


«وهل كان عَبَثاً أن يفْرِض الدينُ في الزواج شروطاً وحقوقاً للرجل والمرأةٍ 
والتشل؟ 

(ولكن أين الدينٌ؟ وا أسفاه! لقد مَدَّنوه هو أيضاً. . . ! 

د اننا 

اطالَت رسالتى إليك يا غرزيرى » بل طاشث410 َإِنّى حَينٌ أجِدك أَفْمَدُ اللغة. 
وحين أنقدك أجدها. 

«رلقد تكَليْتٌ عن الدّين لأنى أراك أنتَ بنصب دين. .! 

اافلو كُنتَ ذا دين كامل لتزوَّجَت أثتين. . .! 

دلا لا قد رجَعْتُ عن الرأي. . .» 

(طبق الأصل) 


)١(‏ ضائشت: انحرفت عن جادتها. 


1/5 


1 
فلسفة الطائشة 


وهذا مجلسٌ من مجالس (الطائشة) مع صاجبهاء مِمّا تَسَقْطَه'"' من 
حديئها؛ فقد كان يكتبُ عنها ما تُصيبُ فيه وما تُخطىء» كما يكتبُ أهلّ السياسة 
بعضّهم عن بعض إذا فاوض الحليفٌ حليقّه: أو ناكد"©) الخصمٌ خصمّه؛ فإِنَ كلام 
الحبيب والمقاسج الداهية ليس كلاع المتكلم وحدف بل فيه نطق الدولة. . 
الرمق نقبل أو يدير : 
وصاحبٌ الطائشة كانَ يراها أمرأة سياسية كهذه الدُوّلٍ التي تُرْغِمْ صديقاً على 
الصداقة» لأنْهُ في طريقها أو طريق حوادئها؛ وكان يُسميها #جيشٌ أحتلال» إِذ 
حطَّث في أيامهٍ وَأَحَتَّلئْها فتَبرَتَ منها ما شاءث على رغجوء وأستباءً حث”" ما أرادث 
مما كان يُحميه أو يمنعه. وقد كان في مُدافَعِتِهِ حبّها وأستمساكه بصداقتها كالذي 
رأى ظلّ شِيءٍ على الأرض فَيُحاولٌ غسلَهُ أو كنسّهُ أو تغطيئّه. . فهذا ليسر. مِمًا 
يُفْسَلُ بالماء» ولا يُكتّسٌ بالمِكْنْسةٍء ولا يُعْطّى بالأغطية؛ إِنّما إزالتهُ في إزالة الشّبح 
الذي هو يلقيه» أو إطفاء النورٍ الذي هو يِعْبنّه . 1 
في كل شيءٍ على هذه الأرض سُخرية» والسخرية مِنّ الْحْسْنِ الفاتن الذي 
تقدَسُّهء تأتي م بد كديا يف3 الست تداك إشعاطه متوطا مقدسا :. |1 :فاك 
تعد إلى أن بقل اوبهر عمل سنيية بادا من النجلة في نقالةة. لاب من 
تل بع لماز وكرة احدهنا #الييكرية ذل الاجر لزنا لجل لامرأةٍ قد فَتسَنْهُ أو 
وَفَعَتْ من نفسه: «أحبّك». أو قالّئها ألمرأةٌ رجلٍ وقعٌ من , نفسها أو آستَهامها*» 
ففي هذه الكلمةٍ الناعمة اللطيفةٍ كل معاني الوقاحة الجنسية: وكلّ السّخْرية 
بالمحبوب سُخرية بإجلالٍ عظيم. وهي كلمةٌ شاعر في تقديس الجمالٍ 
والإعجاب بهء غير أنّها هي بعينِها كلمةٌ الجرّارٍ الذي يَرى الخروف في جمالِه 
اللتجين لعن فقول الاسَمِين . . .01 ْ 


)١(‏ تقّطه: تلقَاء وجمعه فى ذاكرته. () استياحت: سميحت لنفسها فعله. 
(؟) ناكر: خالف. (4) استهامها: أحبته. 


1 


لهذا يمنعٌ الدينُ خلوةٌ الرجل بالمرأة» ويُحَرْم إظهار الفتنةٍ مِنَ الجنس للجنسي» 
ويَفْصِلُ بمعاني الججاب بِينَ السالب والمُوجب» تم يض لأعين المواضين والمؤمنات 
ججاياً خودي الأمن بنط ال إذْ لا يكفي ججابٌ واحدذء فإنّ الطبيعة الجنسية 
تنظرٌ بالداخلٍ والخارج معاً؛ ثم يطردٌ عنٍ المرأة كلمة الحَبٌ إِلَا أن تكونَ من 
زوجهاء وعن الرجل إلا أن تكونَ من زوجيه؛ إِذْ هي كلمةُ جيلةٍ في الطبيعة أكثرُ مما 
هي كلمة صلاق في الاجتماعء ولا يؤكُدُ في الدين صدقّها الاجتماعيّ إِلّا العَقُدُ 
والشهودٌ ربط الحقوق بهاء وجعلها في جباطة القوة الاجتماعية التشريعية» وإقرارها 
في موضعها بِنَ النظام الإنساني؛ فليسَ ماي يمنعٌ أن يكو العاشنُ من معاتي الزوج ؛ 
أنَا أن يكونَ من معئّى آخرٌ أو يكونّ بلا معنّى فلا؛ وكل ذلك لصيانة المرأة» ما 
دامَتْ هي وحَدها التي تَلِده وما دامَت لا تَلِدُ للبيع. 

وفلسفةٌ هذه الطائشةٍ فلسفةٌ آمرأةٍ ذكية مطلعةٍ مُحيطةٍ مفكرّة» تُنْصِرُ لكتب 
العقل والحوادثٍ جميعاًء وقذ أصبحث بعد سَفْطةٍ حبّها ترى الصواب في شكلين لا 
شكلٍ واحد: فتراءٌ كما هو في نفيه. وكما هو فى أغلاطها . 

وقد أسقطتا في رواية مجلسيها ما كان من مُطارحَاتٍ”" العاشقة» وَأَقَتَضَرْنا 
على ما هو كالإملاء مِنّ الأستاذة. . . 

ان ين 

قال صاحبٌ الطائشة: ذكرْتُ لها «اسم أمين؛ وقلْتُ: إِنّها خيرٌ تلاميذِهٍ 
وتلس لادج لعانها حعرية ثلانن من لآرانة و تتغريز المراء فقالت ]لما كان 
قاض تلز العراة الأروية» هنع الما بأفكا قمابحاجتنا تسن إن اتلعيدها القدي؟ 

قالث: وأبلَغُ من يَردُ على قاسم الي كاف ال تي ااا 
ا د طن الله له - أنه أنحصر في عهدٍ بعينو ولم يد يُتبع الأيام 

نظرّه» ولم يستقرىة”" أطوارَ المدنيّة؛ لم يُقَدَرْ أنَّ هذا الزمنَ المعمذنَ سيتقدمٌ في 
رذائله بحكم الطبيعة أسرعٌ وأقوى مِمّا يتقدمُ في فضائله, وأنّ العِلْمَ لا يستطيمٌ إِلَا 
أنْ يخدم الجهتين بقوة واحدةّء فأقواهما بالطبيعةٍ أقواهما بالعِلّم؛ وكأن الرجلّ كان 
يظنُ أنه ليس تحت الأرض زَلازِلُ ولا تحت الحياة مثلّها. 


. بغض البصر : كناية عن الحياء‎ )١( 
. (؟) مطارحات: ما تلقيه من حديث. (5) يستقرىء: يستطلع المستقبل‎ 


كلاا 


مرّق البرقع”'' وقال: (إِنَّهُ مِمّا يزيدُ في الفِتنة» وإِنّ المرأة لو كاث مكشوفة 
ل ا ل 0 
البْرفُع ولكنْ هل قدَّرَ قاسم أَنَّ طبيعة المرأة منتصرةٌ دائماً في المَيْدانِ الجنسي 
بالبرقح وبغير البرقع» وأنّها تخترعٌ لكل معركةٍ أسلحتّهاء وأنّها إِنْ كشفّث برقُعَ الخرٌ 
فستضعٌ في مكانه برقمَ الأبيض والأحمر...؟ 

وزْعَمَ أنَّ «النّهابَ والبُرقِعَ من أشدّ أعوانٍ المرأة على إظهارٍ ما تُظهرُ وعمل ما 
تعمل لتحريكِ الرغبة» لأنّهما يُخفيانِ شخصيّتَها فلا تخافٌ أنْ يعرقّها قريبٌ أو بعيدٌ 
فيقول: فلانة» أو بنثٌ فلان» أو زوج فلانٍ كانث تفعلُ كذا؛ فهي تأتي كل ما 
نشعي إن لان تحت ماي البرقع والثقات» +افقد زاك البرقع والنقاتة ولكنْ هل 
قذّرَ قاسمٌ أنْ المرأةٌ السافرة ستلجاً إلى جما أخرى» فتجعلْ ثيابها تعبيراً دقيقاً عن 
أعضائهاء وبدلاً من أنْ تُلبسَّ جسمها ثوباً يكسوه. ثُلبِسُهُ الثوب الذي يكسوةٌ ويزيئه 
ويُظهرْهُ وبُحرَكُهُ في وقتٍ معاً. حتى لَيكادُ الثربُ يقولُ للناظر: هذا الموضعٌ 
أسمهُ.- وهذا الموضعٌ أسمّه... وآنظز هنا وأنظر هاهنا.. ما زادّتٍ المدنيّة 
على أنْ فككّتٍ آلمرأةً الطيبَةَ ثم ركبّئها في هذه الهندسة الفاحشة! 

وأراد قاسِمٌ أنْ يعلّمَنا الحُبٌ لنربط به الزوجَ معناء فلم يزِذ على أنْ جرأنًا 
على الحُبٌ الذي فرٌ به الزوجُ مِنّاء وقد نسِيّ أن المرأةً التي تُخالطً الرجل لِيُعجِبّها 
راسد مسرا رين إلما تخالط تنمدا الوجل قراب قل ساييه: فتكونُ 

طبِيعتُهُ وطبيعتها هي محل المخالطة قبلَ شخْصَيْهماء أو تحت سِتارٍ شخصيهما؛ 
يعن ود و اخراف رنيما نما عا اشر وكثيراً ما تكونُ المِسْكينةٌ هي 
المذبوحة. وقد أنتهينا إلى دهر يُضْئَمُ حُبُه ومجالسٌ أحبابه في «هوليود» وغيرها من 
مدن السينماء فإنْ رأى الشبابُ على الفتاةٍ مظهرٌ العِفَةٍ والوقار قال: بلادةٌ في الدمء 
وبلامَةٌ في العقلء وبْفْلُ أي ثقل؛ وإِنْ رأى غيرَ ذلك فال: فُجورٌ وطيْشء 
وأستهتارَ أي أستهتار. فأين تستقرُ ألمرأةٌ ولا مكانّ لها بين الضدين؟ 

أخطأ قاسم في إغفالٍ عامل الزمن من حسابهء وهاجمٌ الدينَ بالعُرْف"'“؛ 
وكانَ من أفحش غلطِهِ ظَبُهُ العف مقصورأ على زمنهء وكأنّهُ لم يدر أن الفرقٌ بِينَ 


)١(‏ البرقع: المنديل تغطي به المرأة وجهها؛ الحجاب. 
(؟) العغرف: ما تعارف عليه الناس من حسن أو قبيح. 


1 / 


الدين وبِينَ العغزف» هو أن هذا الأخيرَ دائمُ آلاضطراب» فهو دائمُ التغيّر» فهو لا 
يصلح أبداً قاعدةً للفضيلة؛ وها نحن أولاء قد أنتهينا إلى زمن [الخزقة وأصبخنًا 
نَجِدٌ لَفيفاً مِنَ الأوربيِينَ المتعلمين» رجالهم ونسائهمء إذا رأوا في جزيرتهم أو 
محلتّهم أو ناديهم رجلاً يلبسنُ في حِقْوَيه ثُبّاناً قصيراً كأَنّهُ وَرَقْ الشجر على موضعه 
الام أده (وحراء ح ]111 ا5اهةا المسنت غرف .نا انك رو عله بوست افر ينهي 
نل هذ رايم 

وني قاممٌ ‏ غفرٌ اللّهُ له أن للثياب أخلاقاً تتغيرٌ بتخيّرهاء فالتي تُفْرِعٌ الغو 
على أعضائها إفراعً الهندسة, وثُلْبِسُ وجهّها ألوانَ التصوير ‏ لا تفعلٌ ذلك إِلَا وهي 
فد تخيّرٌ فهمُها للفضائلء فتعَيرّث بذلك فضائلهاء وتحوّلتٌ من آيات دينية إلى آيات 
شعرية. وَرُوحٌ المسجدٍ غير جووع اللحانة )وهنم غير زرخ المرقض» وهده عبر روخ 
المخدع” 2 ولكلّ حالةٍ تلبس المرأة لَبْساً فنُخفي منها وتبِدِي «وتحريك اليد 
لتتقلبَ» هو بعينه نحريكُ النفس لتتغيرٌ صفائُها. وأين أخلاقٌ الثياب العصرية في 
أمرأَةٍ اليوم» من تلك الأخلاقٍ التي كانّث لها منّ الججاب؟ تبِدَلتْ بعشاغر الطاعةء 
والصبرء والاستقرارء والعناية بالنسل» والتفرُغ لإسعادٍ أهلها وذويها ‏ مشاعرٌ أخرى» 
أوَلْها كراهيةٌ الدارٍ والطاعةٍ والنسل؛ وحسّبُك من شرٌ هذا أُوّلْهُ وأحقه! 

كان قاسم الدع المغترٌ بآرائه, وكانَ مُصلِحاً فيه روح القاضي » والقاضي 
بحكم عملِه مقلدٌ متْع» أليس عليه أنْ يُسنِدَ رأيّهُ دائما إلى , نْصٌّ الم يكن له فيه شأن 
ولا عمل؟ من َم كيُرّتْ أغلاط الرجل حتى جعلّ الفرقٌّ بِينَ فسادٍ الجاهلة وفسادٍ 
المتعلّمة» أنَّ الأولى «لا تكلفٌ نفسّها عناءً البحث عن صفاتٍ الرجل الذي تُريدُ أنْ 
تُقدّمَ له أفضلَ شيء لديهاء هو نفسّهاء وعلى خلافٍ ذلك يكونُ النساءً المتعلماتٌ؛ 
إذا جرى القدَرُ عليهنٌ بأمر مِمّا لا يحل لهُنّء لم يكن ذلك إِلَّا بعد محبةٍ شديدةٍ 
يسبقها عِلْمْ تام بأسوان النحيره: 1 ارحهائله ومتانن مات من بين مئاتٍ 
والرف يتامم فى كل ولت (1]17) ره لساذة أن تمع بها في مصص ا 
يكرنٌ أهلاً لَهَاء ولا تُسَلَمْ ؛ د اي ل ا ل 
حسبٌ الأمزجة (؟؟؟؟) وهي في كل حالٍ تستترٌ بظاهر مِنّ التعقّف ©؟؟؟). 


أليس هذا كلام قاض مِنَ القضاة المدَنيِينَ المتفلسفين على مذهب (لمبروزو) 
)10( المخدع : غرفة النوم . 


1١/4 


يقول لإحدى الفاجرّتين: أَيْْها الجاهلةً الحمقاء؛ كيف لم تَتَحَاشَيْ ولم تَتَستَّري فلا 
يكونَّ للقانونٍ عليكِ سبيل؟ 
وحتى في هذا قد أثبتَ قاسمٌ أَنَّهُ لا يعرف الأرنبٌ وأذنيها”'' وإِلّا فمتى كان 
0 » ومتى كأنٌ ألاختيارٌ يقعٌ «فيما يجري به القَدَراء ومتى كان نظرُ 
لعاشقةٍ إلى الرجالٍ نظراً سيكولوسيًا كنظر المعلمة إلى صبيائيها. فتدرسن 
ا والشمائل في مئاتِ وألوفٍ مِمَنْ نْ تراهم في كل وقتٍ لتُصَفيّها كلّها في 
واحدٍ تختارُهُ من بينهم؟ هذا مضحكُ! هذا مضحك! 
إليكَ خبر واحداً مِمّا تنشرّة الصحفٌ في هذه الأيام: كفرارٍ بنت فلانٍ باشا 
جِريجة مدرسة كذا مع سائق سيارتها؛ ففْسَرْ لي أنت كلام قاسم» وأفهمني كيف 
يكونُ أثنانٍ وأَئنانِ خمسة وعشرين؟ وكيف يكون فِرارُ متعلّمة أصيلة مع سائقٍ سيارةٍ 
هو محاذرة وضع الثقة فيمَنْ لا يكونُ أهعلاً لها؟ 
لقد أغفْلَ قاسم حِسابَ الزمن في هذا أيضاء فكثيرٌ مِنَ المنكراتٍ والآثام قدٍ 
أنحلّ منها المعنى الدينئ؛ ونبّتَ في مكانهِ معنّى أجتماعيٌ مفررٌ: فأصبحت المتعلمةٌ 
لا تتخرَّفٌ من ذلك على نفْسِها شيئاء بل هي ثُقَارِفُهُ وتستأثرٌ به دونَ الجاهلة» وتلبسٌ 
له (السواريه»؛ وتقدّمٌ فيه للرجالٍ المهِذَّبِينَ مره ذراعهاء ومرةٌ حَضْرَها. 
أقرأتَ (شهر زاد)؟ إِنَّ فيها سطراً يجعلٌ كتابٌ قاسم كلَّهُ ورقاً أبيض مغسرلاً 
لبس فيه شية يُقرأ: 
قالَتْ شهر زادُ المتعلّمةٌ؛ المتفلسفةًء البيضائكء البِضّةُء الرشيقةً» الجميلةٌ؛ 
للعبدٍ الأسودٍ الفظيع الدميم الذي تهواه: «ينبغي أنْ تكونَ أسوة اللونِ؛ وضيم 
الأصل؛ قبِيحَ الصورةٍ؛ تلك وصفائك الخالدَةٌ التي أحبّها. .» 
فهذا كلام الطبيعة لا كلامٌ التأليب والتلفيق والتزوير على الطبيعة. 
قال صاحب الطائشة : 
فقلتٌ لها: فإذا كانَ قاسم لا يُرضيكء وكانَ الرجل مُصلحاً دخَلئْهُ روح 
القاضي» فخلَّطٌ رأياً صالحاً وآخْرٌ سيّئاً؛ 0 «مصطفى كمال) هَمُكِ من رجل في 
نحي القراة سطري ا مرق اللعداف رالا د 


)١(‏ هذا من أقوال العرب» يقولون: «فلان يعرف الأرنب وأذنيهاة ومعناه أن المرء يعرف الشيء بعلامته 
التي تثبته فلا تخلف . 


المت 


قألق :]3 سلف كال هنذا رجر فت يسوق بيخ يديد الشفظ] والضوات 
بعصأ واحدة» ولا يُمكنُ في طبيعةٍ الثورة إِلّا هذاء ولا يبرح ثائرأ حتى يَيِمّ لاح 
أمتِه. وله عقلّ عسكريٌ كان يمكرٌُ به مكرّ الألمانِء حينَ أكرهَهِمْ الحلفاء على 
تحويلٍ مصانع (كروب)» فحوّلوها تحويلاً يردُها بأيسر التغيير إلى صنع المدافع 
والمُهلكات. وليسٌ الرجلُ مُصلحاً ألبئّة» بل هو قائدٌ زَهَاهُ النصرٌ الذي أنفق م 
فخرح من تلكا الحرب الصغيرة وعلى شفتيه كلمة : «أريد. ..» وجعل بعد ذلك إذا 
غَلِطَ غلطة أرادها منتصرة» فيفرضّها قانوناً على المساكين الذينَ يستطيعٌ أنْ يفرض 
عليهم» فيقهِرُهُمْ عليها ولا يناظرُهُمٌ فيهاء ويأخذهم كيف شاءء. ويَدَعُْهِم كيف 
أحبّ؛ وبكلمة واحدة: هو مؤلفٌ الرواية» والقانونٌ نفسُّهُ أحدٌ الممثلين. 

وحِمَدُهُ على الدين وأهلٍ الدين هو الدليل على أَنَهُ ثائد لا مُصلح؛ فإنْ أخصٌ 
أخلاق الثورة حِمَْدُ الثائرينَ» وهذا الحقدٌ في قوة حَرْبِ وحذّهاء فلا يكونُ إل مادةٌ 
للأفعالٍ الكثيرة المذمومة وموالرسل يسو ١١‏ ارو وهل على اعجال: انفده 
في خيرها وشرّهاء ريجعل رذائلّهم من فضائلهم على رغم أنفهم » يتبزءون منها 
ويُلحِقها هو بقويه» فكأنَّهُ يَعْتَيِفْ الآراءة ويأخذها أخذاً عسكرياء ليس في الأمرٍ إلا 
قولَهُ «أَريدٌ؛ . فيكونُ ما يُريدٌ. هو لم يحكم على شبرٍ من أوربا يجعلة تركياء ولكئة 
جَعَل رذائل أوربا تتجنّسٌ بالجنسية التركية . 

وتاللهِ إِنّهُ لأيسَرُ عليه أَنْ يجيء بملائكةٍ أو شياطينَ مِنّ آلمرّدة» ينفخونَ أرض 
5 عم > 0 - ممه 001 ؟ 4 95 ع 
تركيا فيُمطونها مطا فيجعلونها قارّة» من أن يكرة أوربا على اعتبارٍ قومه أوربيِينَ بلبس 
قبعةٍ وهّدمٍ مسجد. نه لا يزالٌ في أولٍ التاريخ . وهذا الشعبٌ الذي أنتصرٌ به لم تَلِذهُ 
مبادئهُ؛ ولا أنشأهُ هَدْمُ العلماء؛ بل هو الذي ولدَثَهُ تلك الأمهات؛. وأخرجّةُ أولئنك 
الآباء. وما كان يُعْوِرُه إِلّا القائدٌ الحازمٌ المصمّمء فلّمًا ظَفِرَ بقائدِه جاءَ بالمعجزة؛ 
فإذا فتن القائدٌ بنفسِه وأبى إلا أنْ يتحول نبيّاء فهذا شي آخْرٌ له آسمٌ آخر. 

وَلْنَفْرضْ «الأثير» كما يقول العلماء» لنستطيمٌ أنْ نجعلٌ مسألتنا هذه عِلْمِيّة 
وأنْ نبحتها بحثأ عِلْميْاء فَلْيَكْنْ مصطفى كمال هو اللوردٌ كتشئر”” في إنجلترا؛ 


)١(‏ اتفق له: حصل له حققه. 

زفق يحتذي : يقل ويسير على حخطى غيره ‏ 

زفة اللورد كتشز هو الحاكم العسكري لمصر والسودان» فقّد تمكن بالخديعة من القضاء على ثورة 
المهدي في السودان. 


ما 


فيكسبٌ اللورد كتشنر تلك الحرب العظمى لا حربّ الدُويلةِ الصغيرة» وينتصئُ على 
البراكين مِنّ الجيوش لا على مثل براميل النبيذ. . . ثم يستمِرٌ الرجلٌ بدالْيَه على 
قومه» ويدْحَلَةُ الغرورء فيتصنّمُ لهم مرة» ويعَرَيّنُ لهم مرة» ثم يأتيهم بِالأبدَةٍ فيِسَمَهُ 
ديهم ' ويُريدُهم على تعطيلٍ شعائرهم ومَدْمٍ كنائسهم. لأنَ هذا هو الأصلاحُ في 
رأيه . أفري الأتجلةة عبتيل ينشنووق إلنه ريلعفوة عحوله ويقولوة: قائدّنا في 
ب لد ل د 
وظفِرنا معه بيوم مِنَ التاريخ فسنظفرُ معه بالتاريخ كله ..؟ م تحسبٌ كتشنر كان 
يجسرٌ على هذا وهو كتشتر لم يتغيّر عقله؟ 

إنّهُ - والله - ما يَتداقعٌ آئنانٍ أن هَدْمَ كنيسة واحدةٌ يومئذٍ لا يكونٌ إِلّا هدمُ 
كتشنر وتاريخ كتشنرء ولكنّ العجرّ ممهّدٌ من تلقاء نفسهء والأرض المنخسفةٌ هي 
التي يَسْتَنْقمُ فيها الماء؛ فَلَهُ فيها أسمٌ ورَسْمٌ؛ أما الجبلٌ الصخريُ الأشمّء فإذا صب 
هذا الماءً عليه أرسلّهُ من كُلَّ جوانبه» وأفاضة إلى أسفل. 

علد عله 

قال صاحبُ الطائشة : فأقولٌ لها: إذا كان هذا رأيَكِ لليساءء فكيف لا ترَيْنُ 
مل هذا لنفسك؟ 

فتَضْعْضَعَت”'' لهذه الكلمة ولَجْلَجَتْ" قليلاً ثم قالّثْ: أنت سلبتّني الرأيّ 
بنفسي. ووضعتّي في الحقيقة التي لا تتقيدٌ بقانونٍ الخيرٍ والشرّ. 

قِلْتُ: فإذا كائث كل أمرأةٍ تغلّطٌ لِنفيها في الرأيّ» وتنصّح بالرأيّ الصائب 
غيرّهاء فَيُوشِكُ ألا يبقى فى نساءٍ الأرض فضيلةً ولا يعودٌ فى المدرسة كلّها عاقلٌ 
إلا الكتاب . ْ ْ ْ 

فتضاحكث وقالت: لهذا يشتد ديئنا الإسلاميٌ مم المرأة» فهو يخلقُ طبائع 
المقاومة في ألمرأة» ويخلقُها فيما حوّلهاء حتى ليخيّل إليها أن السماء عيونٌ تراهاء 
وأنْ الأرض عقولٌ تُحصى عليها؛ وهل أعجبُ من أنَّ هذا الدينَ يقضى قضاءً 
برعا" اناتكون ثياث انرا بيلوت دناع لا أجلوت: إغراء وان نعمها بن 
النفوس موضعاً يكونُ فيه حديئها بيئها وبينَ نفسها كالحديثٍ في (الراديو) له دويّ 


)١(‏ تفعضعت: تخلخلت واهتزت. 
(؟) لجلجت: تلعثمت. (") قضاءً مبرماً: لا رجعة فيه. 


18١ 


في الدنياء فِيْقِيمُ عليها الججابء وغَيرةَ الرجل» وشرف الأصل؛ ويؤاحدُها بروح 
طبيعتِهاء فيجعلٌ الهفوة”'' منها كأنّها جنينَ يكبْرُ ولا يزالٌ يكبْرُ حتى يكونَّ عار 
ماضيها وَخِرْيَ”" مستقبلها. 

الو ا د اي و 
المقاومة. لتيسير المقاومة» ومتى جاء العِلْمْ مع هذه لم يك كنْ أبداً إطلاقاًء ولم يكن 
أبداً إِلّا الججابَ الأخيرَ كالسُورٍ حول القلْعة؛ ولكن قبح ١١‏ اللّهُ المدنيّة وفئّها؛ إِنْها 
أطلقَتِ المرأة حرّة ثم حاطثها بِمَا يجعلٌ حريّتها هي الحرية في أختيار أثقل قَيُودِها 
لا غير ال المي ا لمي بِينَ اللصوص؛ كأنكٌ في هذا لنت 
حرًا إلا في أختيارٍ من يجني عليك . 

لم تعدٍ المرأة العصريةٌ أنتصارٌ الأمومة» ولا أنتصار الحُنْقِ الفاضل» ولا 
أنتصارَ التعزية في هموم الحياة؛ ولكن أنتصارٌ الفن؛ وأنتصارَ اللو وأنتصارَ 
الخلاعة . 

قال صاحبٌ الطائشة: فضحكتُ وقلتُ: وأنتصاري.2 ! 

(طبق الأصل) 

ليست الطائث: كلّ النساء ولا كل المتعلمات» ونحن إِنّما نروي قصةً هي في 
الدنياء ليس فيها كلمةٌ مِنَ المريخ ولا من رُحَلَ؛ فأمًا الصالحٌ فيّرى ويفهمء وَلَعَلَهُ 
يصرنُ بها نفسّه؛ أما الفاسدٌ فيرى ويعتبرٌ ولَعلَهُ يرد بها نفسّه . ومذهيّنا دائماً وجوبٌ 
كشفي الحقيقةء وإذا أرذتَ أنْ تأخذ الصوات فخله من أخطأ. 


000 ا 0 الخطأ . 
إفرة ا متائر . 


كما 





نربية لؤلؤية 


كتبّث إلى سيدةٌ فاضلةٌ بما هذه ترجمنُهُ منقولاً إلى أسلوبي وطريقتي : 
أما بعدٌ لهذا الذي كنا ظدنًا وظكئتَ» فآقرأ الفصلّ الذي انتْعتهُ لك من 

متكلة > ومكيزف يع وتككر » وترق افيه التهار عتصيرا والليل أعمى 1 وتحد فعاة 
اليومَ على ما وقعٌ بها مِنَ الظِئّة'''؛ وكثْرَ فيها من أقوالٍ السوءٍ ‏ لا تَشْمَسُ على 
الرّيبة ولا تُريدٌ أنْ تنتَفِي منهاء بل هي تعمل ل: يتحقيقهاء وتبغي مع تحقيقِها أن 
يتَعالم!” الناسٌ ذلك منهاء وتُرِيدُ مع هِذَّينِ أنْ يُطلقوا لها ما شاءث؛» ويُسَوَغوها 
مُقَارقَةَ الإثه”"» ويُقِرُوها على مُتكراتها . 

أمَا إِنهُ إذا كانّث أمهاتنا الجاهلاث هن أمسّنا الذاهبَ بلا فائدة» فَإِنَّ فياتِا 
التخليات هيرتنا الضائعٌ بلا فائدة» غيرَ أنَّ الجاهلة لم 0 
الفضيلة» فأصبحَتٍ المتعلمةٌ لم تكذ تَنْمُقُ ومعها الرذيلةء ولَّتاجدٌ امي طاه الاسم 
تتحرك سُوقُه وتّحياء خيرٌ من تاجرٍ متعلم نْجِسٍ الاسم قد قامّثْ سوقه وَحَمَدَتْء 
فما تتنفسُ من درهم ولا دينار. 

لقدٍ أحتذينا ل مثال المرأة الأوربية» فلمًا أَحَكَمَبْهُ المتعلماتُ مِنّاء كن بِينَ 
الشرق والغرب كالسّبِخَة النشّاشة!* مِنَ الأرض» طرف لها بالفلاةٍ وطرفٌ بالبحر؛ 
نهى رمل في مأء في ملعء الا تحلص الفساة ولةضعة» فأععير هذه وعنذه 
فستجذهما بحكاية واحدة أصلاً وطبقّ الأصل . 


4س للم 


وقرأتٌ الفصلّ الذي أومأَث إليه السيدة» وكانٌ فى كتابهاء فإذا هو لكاتبة 
تزعمٌ (أنْها مِمَنْ رفْعْنَ علّم الجهادٍ لِحريّة المرأة)» وإذا في أوله: 
«كتبّث آنسةٌ أديبةً فى عدد سابق من. . . الأغر تقول: «أجل» أنفتشٌ عن هذا 


)١(‏ الظنة: سوء الظنّ في السلوك. (1) يتعالم: يعرف. 
(؟) مقارفة الإثم: واقعة فيه. (4) تكسد :تبون 


(5) السبخة النشاشة: هي الأرض التي لا تمك ماءًا ولا مرعى ولا نبات فيها. 


يذلا 





الرجلٍ كما يفتشونَ هم عَنٍ ألمرأة» فإنْ أخطأناهم أزواجاً فلن نخطِئهم أصدقاء!!!» 
وكتب يعد هذا أديبٌ فاضل» كما كتبّتٌ آنسةٌ فاضلةٌ ينحيانٍ (كذا) هذا المنحى» 
ويطرقانٍ نفس السبيل (كذا) التي أختطتها الآنسة الجريئة في غير حق» الثائرةٌ في 
نَرَق''©. ثم قَالتُ بعد ذلك: «قرأتُ مقالٌ الآنسةٍ الغائرة في حيوية صارخة!!!! 
فجرَغْتُ, لأنَّ (قاسم أمين) عندما رفمَ علّم الجهادٍ من أجل حرية المرأقء و(وليُ 
الدين يكن) عنما جاهرٌ بعذّهُ في سبيل السفورء و(هدى شعراوي) عنّدما رفقثْ 
يتوتيااعالا تطالت بخرية المرادح ها لفك ومادط رن واس من عدين الركليخ أن 
ثورةً المرأةٍ ستتطورٌ إلى حدٌ أنْ تقفٌ آنسةً مهذبة» تكشفٌ عن رأسها تبكي وتستبكي 
سواها معهاء من أجل الزواج . 
ان ين 

وأنا فَلنْتُ أدري - واللّهِ ‏ مِعّ تعجبُ هذه الكاتبة» وَإِنْى لأعجبُ من 
عججبهاء وأراها كالتي تكتبٌ عبثاً وهزلاً وهُويْناء مُظهِرةً الجدّ والقصدّ والغضب. 
أَئْنْ أطَلِقٌ للنساء أنْ يَئْرنَ كما تقول الكاتبة» وجاهد فلان وفلانٌ في هله الثورةٍ 
تأخذث ماكنهاء فاتطلكت لغارياء فأوغْلَثْ في حريتهاء ناكد نه يدها شوّطأً بعد 
لت جه جاو ين اعلدق اله 0 تخورة رورغ اكات عن طبيعته 

ثرا هو أيضاً في غير مُداراةٍ ل يويد أنْ يقتحمَّ طريقة ويسلّك 

سبيله» ثم وقفَ على رغمه في الطريق منكسراً مِمّا به من اللفةٍ والونْبَةٍ يتوجع. 
يتنهّدء يتلذّعٌ بهذِه المعاني وهذه الكلمات أيِن.وقعَ ذلك جاةث كاتبةٌ من كاتباتِ 
السفورٍ تقولٌ للمرأة: ججرى عليكِ وكنتٍ حرة, وتَرَغْرَعْتِ وكنت ثابتة» وأفحشْتٍ 
وكنتٍ عفيفة» وتَعَهَرْتِ وكنتٍ طاهرة؟ 

أفلا تقول لها: سَفَرَتْ أخلاقكِ إذا كنتِ سافرةً بارزة» وضاعَ حياؤك إِذْ كنْتٍ 
مُخْلاة”” مهمّلة» وَغَلَوْتٍ إِذْ كنتِ في المبالغة مِنَ البدء؟ 

أفلا تقول لها: لقد تَلَطفْتٍ فجئتٍ بالمعنى المجازيّ لكلمة (العُرْي)»: ولقد 
أبدغتٍ فكنتٍ أمرأةً ظريفةً أجتماعية مَخِيلَةَ للشعر والفنَء وحققْتٍ أنَّ واجبّ 
الظريفة الجميلة إعطاءٌ الفنٌ غِذَاءً مِنْ. ..» ومن. . 7 ومن لحمها. 


)١(‏ التزق: الطيش. (0) يسفر: يكثفا. 
(*) مخلاة: وعاء من خيش يعلّق في رقبة الحمارء وفيه علف الحمار. 


184 


نعم إِنَّ قاسم أمين (رحمة الله) لم يكن يظنٌ. . . ولكنْ أمَا كانَ ينبغي أنْ ظنّ 
أن بعفى الصواب في أَنّ الخ لا يجعلٌ الخطاً صوابا؟ بل هو أحرى أنْ يُلبّسَهُ0') 
على الئاس فَيُشْبِهَهُ عليهم بالحق قْ وما هو بهء ويجعلّهم يسكنونٌ إليه ويأمنونٌ جانبه 
فينتهي بهم يوماً إلى أن يَنْتَسِفَ!" خطؤه صوابّه: ويغطيّ باطْلَّهُ على حَقَهِ ثم 
تستطرقٌ”" إليه عواملٌ لم تكن فيه من قبلء» ولا كانّثْ تجدٌ إليه السبيلَ وهو خطأ 
محضء فتمدُ له في الغي مدًا. ثم تنتهي هي أيضاً إلى نهايتهاء وتَؤُولَ إلى 
حقائقها ؛ فإذا كلّ ذلك قد داخَلَ بعضّهء وإذا الشرُ لا يقفُ عندما كان عليه 
وإذا البلاءُ ليس في نوع واحدٍ بل أنواع. 

ما نيرتاك الحة فى :نه كاسم ووه بولا ززع :أذ له شيف مرو ]ار نظي ده 

فيما دعا إليه من تلك الدعوة» ولكنئْى أنا أرتابُ فى كفايته”*' لِمَا كان أَحذّ نفِسَهُ به 
وأراهٌ قد تكلّفَ ما لا يُحسِنء ومن يبرد عق داري الع درج لا يكن إلى 
حقائقه؛ ولا يسَتبْطِنُ''' أسرارَ عربيّتِه» وكان مناظروه في عصره قوماً ضعفاءء 
فاستعلاهم بضعفهم لا بقوته) وكائث كلمةٌ الججاب قدٍ أنتفخث في ذهنه بعد أنْ 
أفرغَتُ معانيها الدقيقة» فأخذها ممتلئةً وجاءَ بها فارغة» وقال للنساء: غَيّرْنَ 
وذقنا اكد ازيذلة توعك ةل دوجا الويق يما يفك الكلية فم بعقاتقة 
وتصاريفِهٍ لا من خيالاتٍ المتخيّل أ و المتشبّع - إِذّا معنى التغييرٍ والتبديل هو ما 
رأيْت» وإذا الحجابٌُ الأر ل على ندل كان نعف الكو وإذا المرأةٌ التي ربِحَتٍ 
الشارعَ هي التي خسّرتٍ الزوج! وإذا تلك الدعةٌ لم يكن نفياً لإلحجاب عن ألمرأة. 
ولكَنْ نفياً لمرأة ذاتها وراة حدود الأسرة» كأنّها مجرمة عُوقبَتْ على فساد 
سياستها؛ وهي قَارَّةٌ في بيتها'"' ولكنّها مع ذلك منفيةٌ من مستقبلها. 

كانوا يحتجُونَ لنفي الججاب بالفلاحاتٍ في سفورهنٌ”*؛ وغفلوا أقبحَ الغفلة 
عن السبب الطبيعيَ في ذلك» وهو أنَّ السفورٌ إِنّما عَمّهْنّ من كونهنّ لَمْنّ في المتزلة 
الاحتمافية أكثرٌ مِنْ بهائمٌ إنسانية مؤنثة؛ ومثلٌ هذا التقور لا يكوثٌُ على طبيعته تلك 
ِلّا في أجتماع طببعيّ فطري أساسّهٌ الخَلْط في الأعمالٍ لا التمييرُ بيتهاء والاشتراكُ 


. يليسه: يموهه. (6) كقايته : قدرتهء إمكانياته‎ )١( 


(5) ينتسف: يزيل بعلفا. 0 يعتبطن: يكتشفا. 
(9) تستطرق: تطرأ. (0) قارّة في بيتها: لا تغادرهء لا تبارحه. 
(5) تشول إلى حقائقها: تؤل . (4) سفورهن: إزالتهن عنهن ما يسترن به وجرههن. 


هما 


في شيء لكر حر كا قرت الجا اخرو ااا النقس . 

ولسْتٌ أرى هذه اللجاجة2©0 ع أو «الحبوية الصارخةً» التي ثارث بفتياتنا ‏ إِلَا 
تمرداً من طبيعتهنَ على الأحوالٍ الظالمة المعصرقة ها؛: وبحسته توسعاً من الطبيعة 
في الحريةء وطلباً للعالم كله بعدَ الشارع» وللحقوقٍ كلها بعدّ نبذٍ الجحجاب؛ وهو 
في الحقيقةٍ ليس إِلَّا ثورة الطبيعةٍ النسويةٍ على خيبتها مِمّا أصابّث مِنَ الحرية 
والشارع والعالّم والحقوق» ورغبةٌ منها في أنْ بُح بحدودها ويُوْحْدٌ منها العالمُ كله 
بمَا فيه» وتُعْطَى البيت وحدَهٌُ بما فيه. 

إذا أنت كشفْتَ جذورَ الشجرة لِتُطلقّها بزعمك من ججابهاء وتخرجّها إلى 
النور والحرية» فإنَّما أعطيْتَها النورء ولكنْ معَهُ الضعف؛ والحريةء ومعها 
الانتقاض؛ وتكونُ قد أخرّجْتَها من حججابها ومن طبيعتها معاً؛ فخذها بعد ذلك 
حَشباً لا تمرأ» ومنظرَ شجَّرةٍ لا شجرة» لقذ أعطيْتّها من عِلْمِك لا من حياتهاء 
وجهلت أنّها من أطباقٍ الثرى في قانونٍ حياتهاء لا في قانونٍ ججابها. أفلِيستْ 
كذلك جذورٌ الشجرة الإنسانية؟ 

كرما يع يشول تعير علي دن نيان رلك الضايع الائدا ون التقبيز 1 
تكونٌ إِلَّا حَئْما مَقْضيًاا" كما يُقضى» فلن يسهُلٌ تبديلُها ولا تحويلّها ولا ردُها أنْ 
تمّع . ونه خط جفاعة السغور: بل أنا أقول : نهم جاءونا بالجاهلية الثانية» وإنَّهم 
طْبُوا للمرأة المسلمةٍ كذلك الطب الذي أساسّهُ الرائحةٌ الركيةٌ في البخور. .. !7" 

ود فد 

وماهو'الححات إلا حفظٌ روحانيةٍ آلمرأةٍ للمرأة وإغلاء بعرها في 
الاجتماع» وإاصريها عد التبذل الممقرتٍ؛ لضبطها في حُدودٍ كحدودٍ الربح من هذا 
القانون الصارم» قانوتٍ العَرْضٍ والطّلّب؛ ؛ والارتفاغٌ بها أن تكونٌ سِلْعة بائرة”' 
يُنادى عليها في مُدارج الطرق والآسواق: العيونٌ الكحيلة» الخدودٌ الورديّة » الشّعَاهٌ 
الياقوتيّة» التغورٌ اللؤلؤيّ» الأغطافٌ المرتجّةء النهود ال. ال. أو ليس فتياتنا قدٍ 
أَنتَهيْنَ مِنَ الكَسادٍ بعد نبذٍ الجحجاب إلى هذه الغاية؛ وأَصبِحْنَ إن لم ينادين على 


)١(‏ اللجاجة : الإنحاح في الطلب. 
(!) حتماً مقضياً: قضاءً مبرمآء لا مردّ له. 

(2©7 يقصد بذلك طب الدجالين ممن يمتهنون السحر الكاذب . 
(5) سلعة بائرة: كاسدة. 


كما 





َنفسِهِنْ بمثلٍ هذا فَإنْهُنْ لا يظَهرْنَ في الطرقي إلا ِتنادي أجسامُهنَ بمثلٍ هذا؟ 

وهذه التي كتّبتٍ اليومَ تطلبُهم مُخَادِنين”'' إِنْ أخطأتهم أزواجاء وتفمش 
عليهم تفتيشاً بِينَ الزوجاتٍ والأمّهاتٍ والأخوات! هل تُرِيدُ إِلّا أن نَدِبَ درجةٌ أخرى 
في مُخْزِياتٍ هذا لاون لفمني في الطريق نين اتن ون المهاتم 5-6 
مَطرُوفَة » تذهبٌ عيناها هنا وشهنا تلتمس منْ يخطو و إليها الخطوةً المقابلة. . 

ما هو الحجابٌ الشرعيٌ إِلَّا أن يكونٌ تربيةً عمليةً على طريقةٍ اق أستكام اماد 
لأسمى طباع المرأة» وأخصّها الرحمة؟ هذه الصفةٌ النادرةٌ التي يوم م الأجتماعٌ 
الإنسانيٌ على نزعها والمنازعة فيها ما دامَتْ سُنّهُ الحياة بزاع البقاء» فيكونٌ البيتٌ 
أجتماعاً خاصًا مسالماً لِلْفردٍ تحفظ المرأةٌ بِهِ منزلتَهَاء وتؤدّي فيه عملّهاء وتكونُ 
نزي لشاف وغايت ما 0 

لقد رَأَبْتَا مَواليدَ ألحيوان تُوَلَدُ كلّها: إِمّا ساعية كاسبةً لوقتهاء وإمّا محتاجة 
إلى الحضانة وقتأ قليلاً لا يلبثُ أنْ ينقضيّ فتكدّح لِعيشِهاء إِذْ كائث غايةٌ الحيوانٍ 
هي الوجودٌ في ذاتِهِ لا في نوعه؛ وكانَ بذلك في الأسفل لا في الأعلى. غيرَ أنَّ 
طفل ألمرأةٍ يكونُ في بطنها جنيئاً تسعة أشهرء ثم يُولِدٌ ليكونَ معها جنيناً في 
صفاتها وأخلاقها ورحمتها أضعافٌ ذلك. سنةٌ بكلّ شهر . فهل الججابٌ إِلّا قَصرٌ 
هذه المرأة على عملهاء إتجويده وإتقائه وإخراجه كاملاً ما أستطاغث؟ وهل قصئها 
في ججابها إِلَّا تربيةٌ طبيعيةًٌ لرحمتها وصّبرهاء ثم تربيةٌ بعد ذلك لِمَنْ حولّها 
برحمتها وصبرها؟ 

أعرفٌ معلمةً ذاتٌ وَلَدى تعرك اكه فى أيديق ا 


سيكو لوجية. رتمضي ذاهبة عن يمين الصباح ويمضي وجمااخو هال 
ليت هذا الطفل كف قراكة شيا ديل غك الأطنال: 0 ع 0 
كأنّما يقولُ لي : إِنْهُ ليس لي أبٌ وأمٌ» ولكنْ أب رقم :)١(‏ وأب رقم (5). . 
1ه عد 
وقد كنتُ كتَبِتُ كلمةً عن الججاب الإسلاميّ قلْتٌّ فيها: «ما كان ألحِجابُ 
بترن مان امراوني : بل على حدوة بِنَّ الأخلاقي أنْ تُجَاورٌ مقدارها أو 
يُخَالِظَهًا السوغ أو يتدشى”" إليها» فكل عا أدى إلى هذه الغاية فهر جات 


)١(‏ مخادئين : مسافحين . (؟) يتقسس إليها : يتوسّل للوصول إليها. 


فدلا 


ولي يُؤدَى إليها شية إِلَّا أن تكونَ المرأةُ في دائرة بيتهاء ثم إنساناً فقط فيما وراء 
هذه الدائرةٍ إلى آاخر حدودٍ المعاني». 

وهذا هو الر اي الذي جرفي الله حوب افيس الجحات لا كالرمز لِمَا وراءَةٌ 
من أخلاقِه ومعانيه ورُوحِه الدينيةِ المَعْبَدِيّةَء وهو كالصدّفة لا تحجبُ ب اللؤلوة ولكن 
ُرُبيها في الحجاب تربية لؤلؤية؛ فوراة الججاب الشرعيّ الصحيح معاني التوازنٍ 
والاستقرارٍ والهدوءٍ والاطرادء وأخلاقٌ هذه المعاني وروحُها الديننٌ القويُ»ء الذي 
يُنشىءٌ عجيبة الأخلاقٍ الإنسانية كلّها؛ أي صبرّ ألمرأةٍ وإيثارها. وعلى هذين تقوم 
قوةٌ ألمدافعة» وهذه ألقوةُ هي تمامٌ الأخلاقٍ الأدبية كلّهاء وهي سِرُ المرأةٍ الكاملة؛ 
فلنْ تجدّ الأخلاقٌ على أتمّها وأحسيها وأقواها إلا في المرأةٍ ذاتٍ الدين والصبر 
والمُدافعة . إنها فيها تشبه أخلاقٌ نبي مِنّ الأنبياء. 

وقد مُحِقَ''' الدينٌ والصبرء وتراححث قوةٌ المدافعة فى أكشر الفتياتٍ 
التعلياق م اط أشن :ذلك بالفجر والمدل» “ركوب اشن رؤتة تون معني 
كمعنى العَفَنِ فِي الثمرةٍ الناضجة؛ وجهِأنَ بالعِلّم حتى طبيعتَهُنَ فما منهُن مَنْ 
عرفت أنَّ طبيعتّها سلبيّةٌ في ذاتِهاء وأنَّهُ لا يشدُّها ويُقِيمُها إِلّا الصفاتٌُ السلبيّة 
وملاكها الصبرُ فروعُهُ وأصولهء وجمالها الحياء والعِمّة؛ ورمرُها وحارِسُها والمعينٌ 
عليها هو الججابٌ وحذه. إِنَهُ إِنْ لم يِكُنْ في آلمرأةٍ هذا فَليِْسَتٍ ألمرأة إِلَّا بهذا. 

وما تُخطىءٌ المرأةٌ في شيءِ خطأها في محاولةٍ تبديل طبيعتها وجِعْلِها 
إيجابيّة» وَانتِحالِها صفاتٍ الإيجاب» وتمردها على صفاتٍ السلبء كما يقعمٌ 
لعهدنا؛ فإِنَّ هذا لن يتمّ للمرأة» ولَنْ يكونّ منه إلا أنْ تعتبرَ هذه المرأةٌ نقائض 
أخلاقها من أخلاقهاء كما نرى في أورباء وفي الشرقٍ من أثر أوربا؛ فمِنْ هذا تلفي 
القعاة حباةها تدز |" '" وتُفْجِشء إِنْ لم يكن بالألفاظٍ والمعاني جميعاً فيالمعاني 
وحدهاء وإِنَّ لم يِكنْ بهذه ولا بتلك فبالفكر في هذه وتلك؛ وكانتٍ الاستجابةٌ لهذا 
ما فَشا مِنّ الرواياتٍ الساقطة» والمجلّاتٍ العارية؛ فإنَّ هذه وهذه ليست شيك إلّا أنْ 
تكونّ عِلْمّ الفكر الساقط . 1 1 

وعادت الفعاة من ذلف لا تعد إلا أن تكون أمراة زواية : ]نا قوق التحياةة 
وإِمّا في حقائق جميلة تختارها أختياراً وتفرضّها فزضاً على القدّر! تنسَى الحمقاءً 


)١(‏ محق الدين: اختفى . )١(‏ تبذأ: من البذاءة في القول والسلوك. 


1848 





أنّها أحدٌ الطرفين» وليسَتٍ الطرفين جميعاً؛ فتُحاولٌ أنْ تقر للحياةٍ الجديدة تأويلاً 
جديداً لمعاني الكترق:والكزائة والعزدن والنشي ونا إلها» فالسلهت عن كل 
شيءء ثم لما أعجرّها ألم كبرد كن عرد الأنوئة طامة طيشّها الأخير» فانسلّخَتٌ 
من إنسانية الغريزة . 
ين ينا 

أما إِنَّ غلطة الرجل في ألمرأةٍ لا تكونُ إِلّا من غلطة المرأةٍ في نفسها. وهي 
فد ميك وخ وها 5ن ساق حفانها تإتسناشها معيكت تعره أيدا كال ني 
ِنْب”' ومُلاءةٍ وبُرقع» وأفكارها طويلة الملازمةٍ لها لا تكادُ تتركهاء كأنّها منها في 
بيت؛ وطبيعةٌ الحذَّرٍ لا تَبِرِحُها كأنّها الحارسٌ الثابتُ في موضعه.ء القائمُ بسلاجه 
على حفظٍ هذا الجسم الجميل؛ وطول التأمّلٍ مُوَكلَ بها كأنّ عملَهُ مُصاحبةٌ وَحدتِها 
لتخفيفها على نَفسِها والترفيه منها؛ والدنيا حول المرأة بمذاهب أقدارهاء ولكنّ لها 
دنيا في داخلها هي قلبّها تذهتٌ الأقدارٌ فيه مذاهب أخرى ؛ وفك الحياة ظيعة 
فيهاء حتى لا يُسارِرّها'' ' هم مِنَ الهموم إِلّا صار كأْنّهُ من عادتها. والتي تُمزقها 
الحياةٌ كلما كلما ولَدَتْ لا تكونُ الحياة إلا رحيمةً بها إذا ضغطثها! 

فخروح المرأة من ججابها خروحٌ من صفاتهاء فهو إضعاف لهاء وتَضرِيةٌ 
للرجالٍ بها. وماذا نُجدي عادةٌ الحذّرٍ إذا أَفسَدَنها عادةٌ الاسترسالٍ والاندفاع؟ فيكونُ 
حذراً ليكونَ إغفالاًء ثم يكونُ إغفالاً ليعود الزَّلهَ والغلطة؛ ؟' ومتى رج غلطةً فهذا أول 
السقوطء ومبدأ الانقلاب والتحوّل. وليس الفَرْقٌ بِينَ أمرأة تَمُورٍ منَ الريبة» 
5 س7" لا تُطِعُ الرجال ولا تُطمِعْهم؛ ا ا قُورٍ على الريبة!؟», ل 
فاجرة ‏ ليس الفرق إِلّا حجابّ الحذّرٍ أُسْدِلَ على واحدة» وآنتكشفٌ عن أخرى. 

وإذا قَرّتٍ ألمرأة في فضائلهاء فإنمًا هي في ججابها ودييِهاء وإنّما ذلك 
الحجابُ ضابطٌ حُرْيتِها الصحيحةهء بأعتبارها أمرأةٌ غيرَ الرجل؛ فهو مسمّى 
بالحجاب لاتصاله بالحرية وضبطه لهاء ولكنّ ألضعفاءَ الذين يعرفون ظاهراً منّ 
آلرأي ل يُدركون مذهبّه» ولا يُحققون ما ينتهي إليه؛ وينفذونَ في حكيهم على 


)١(‏ الإتب: رداء يشق من غير كمين. (؟) لا يساورها همّ: لا يخالجها. 
() شموس: قوية لا تلين صلابة. 

(4) قرور على الرية: تحمل الناس على الريبة بمسلكها. 

(0) هلوك : متهالكة على الرذيلة . 


184 





الظاهرٍ لا على البصيرة ‏ هؤلاء لا يعرفونَ معنى الحجاب إِلّا ف في القّماش والكساء 
والأبنية» كأنّ حجات الأخلاق النسويّة شيءٌ يِصنعُةٌ الحائك والانن والقت ولا 
تصنعة الشريعة والأدبُ والحياءً الاجتماعية؛ ا ل 
العلم» يأتونَ بنصفب الجهل . 

لم يخلق أله المرأة قو عقل فتكون قوةً إيجاب» وله إندعها قوة غاطفة 
لتكونُ قوة سلّب؛ فهي بخصائصها والرجلُ بخصائصه؛ والسلبٌ بطبيعته متحجٌ ” 
صابرٌ هادىءٌ منتظرء ولكنَّهُ بذلك قانونٌُ طبيعيُ تَنِمْ به الطبيعة. 

وينبغي أنْ يكونَّ العِلْمُ قوءٌ لِصفاتٍ المرأة لا ضعفاًء وزيادةً لا نَقْصاً؛ فما 
يحتاجُ العالّمُ إذا خرج صونُها في مشاكله أنْ يكونَ كصوت الرجلٍ صيحةً في 
معركة» بل تحتاجُ هذه المشاكلٌ صوتاً رقيقاً مؤثراً محبوباً مجمّعاً على طاعتّه. 
كصوت الأمْ في بيتِها . 





د عدا 

ينها الفتاة» إِنَّ صدقّ الحياةٍ تحت مظاهرها لا فى مظاهرها التى تكذبٌُ أكترٌ 
مِنّا تَصْدق؛ فساعدي الطبيعةَ وأحجُبي أخلاتكِ عن الرجل : لتعملّ هذه الطبيعةٌ فيه 
فاسقاتٍ وبَّغَاياء ولكنّ الرجل الصحيحّ الرجولة لنْ يجدّ غيرّك. 

وإنّما سفورك وسفورٌ اوناك إفسادٌ لتدبيرٍ الطبيعة؛ وتمكين للرجل نفسِه أن 
يُرْجِففَ بكِ الظنٌ”221 وني ار أي ؟ ري 


)١(‏ أن يرجف بك الظَِّنّ: أن يسيء الظن بمسلكك. 


15 


هؤلاء ثلاثةٌ مِنَ الأدباء تجمعُهم صِمَهُ العُزوبة» ويُحبّون المرأة حُبًّا حائفاً يُقَدَمُ 
رجلاً ويؤخرٌُ أخرى؛ فلا يُقْبِلُ إِلّا أدبرء ولا يَعْزِمُ إلا آَنَحَلَّ عزمّه . بلغوا الرجولة 
وكأنْ ليِسَتْ فيهم؛ وتمرٌُ بهم الحياةٌ مرورها بالتماثيل المنصوبة» لا هذه قد وُلِدَ لها 
ولا أولئك؛ وما برحوا يُجاهدون ليحتملوا معانيَ وجودهم. لا لِيطلبوا سعادة 
وجودهم» ويُمخرقون”'' في شَعْوَذةٍ!"©» الحياةٍ بالنهارٍ على الليل؛ وبالليل على 
النهار؛ ُحاولون أن يُجدوا كالناس أيامً ولياليء إِذْ لا يعرفون لأنفيهم مِنّ العُزوبةٍ 
ِلّا نهاراً واحداً» تله اذ لق مما 

فأما «س» فرجلٌ «كشيخ المسجدي» يكادُ يرى حَصِيرٌَ المسجدٍ حيث رَطِئْتْ 
قدماهُ مِنَ الأرض... ذو دِينٍ وتقرّى» ما يزال ينقبض وينكمِشٌ ويَتَزَايل”" حتى 
يَرجِعّ طفلاً في ثلاثينَ من عمره. . . وهو حائرٌ بائرٌ لا نجه ِشيء من أمرٍ ألمرأة» 
رايت تيا يك حر ريا خم ورلا از ويه عام وااجراة | على 
المُوبقات» ولا يزيّنُ لَهُ الشيطانٌ وَرطة منها إلا أَمَلَسَ منه”*» فَإِنْ له ثلاثة أبواب 
مفتوحةٍ لِلُهرب: إِذْ يخشى الله» ويتَوفُى على نفسهء ويستحني من ضميره. 1 

وأما «1» فرجلٌ مغزابةٌ» ولكنه كالإسفيئجة» أمتلآث حتى ليس فيها خلا 
لِقّطرة» ثم عُصرَتْ حتى ليس فيها بَلّالَ من قطرة؛ وقد بلع ما في نفْسِهٍ وقضى 
تَهْمتَهُ حتى مِما أراد؛ ثم قَلَبَ الثوب. . . فإذا لَّهُ داخِلةٌ ناعمةً منّ الخر والذيباج» 
وإذا هو «الرجلٌ الصالح» العفيفٌ الدَّخلّة””'. ما تنطلقٌ له نفسٌ إلى مأثمء ولا 
يعرفٌ الشيطانُ كيف يَتَسبِّبُ لِصلْجِهِ ومُراجّعِيِهِ الوذ. . 

وأما اع» فهو كالأعرج؛ إذا مشى إلى الخيرٍ أو الشرٌ مشى بطيئاً برجلٍ 
واحدةء ولكنّه يمشي.... وهو همَلِكُ الخوارع» لا يزال فيها مُقْبِلاً مُدِبراً طرّقاً هن 
)١(‏ يمخرقرن: يدجلون على عامة الناس. 


(0) شعوذة: دجل السحرة. (5) املس منه: تخلص منه. 
(*) يتزايل : ينكمش» يتقلص . (6) الدّخلة: الطوية» السريرة. 


لحل 


النهارٍ وَرُلَفاً م مِنَ الليل؛ فإذا لم يكن في الشارع نساءً طَنّ الشارعَ قد هَرَبَ مِنّ 
المدينة» وخرج من طاعتّه. .. ولهذه الشوارع أسماء عندّه غيرُ أسماثها التي 
يَتَعَارَفُها الناسٌ ويسَدِلُونَ بها . فقد يكونٌ اسمُ الشارع مثلاً: (شارع طه الحكيم) 
ويسميّه هو «شارع ماري»... ويكونٌُ اسم الآخر: «شارع كتشنر» فيُسميهٍ «شارع 
الطويلة». . . ودرْبٌ اسمُهُ «دربٌُ الملّاح» وآسمه عنده «دربٌ الْمَلِيحة».... وهلمّ 
جرًا ومسحًا. 

وإذا أراد صاحبنا هذا أنْ يسِحَرَ مِنَ الشيطانٍ دخلَ المسجدّ فصلّىء وإذا أراد 
الشيطانٌ أنْ يسخرّ منه دَحْرَجَهُ في الشوارع. . ! 

ل ع ين 

وافيتٌ جرلا الثلائة مجتمعينَّ يَتَدارَسُون مقالةً «تربية لؤلؤية»» يُناقِشُونها 
بثلاثة عقول» ويفتشونها بست عيون؛ فأجمعرا على أنَّ المرأة السافرةً التي نبزّث 
«ججابَ طبيعتها؛ على ما بِيّننّه في تلك المقالة - إِنْ هي إلا أمرأةٌ مجهولةً عند 
طالبي الزواج» بقدرٍ ما بالعَثْ أن تكونّ عورف رانها أبتعدّثْ من حقيقتها 
الصحيحةء قدرّ ما أقتريّث من الها الفاسد؛ وأتقئّتٍ الغَلَطَ لِيصدّقها فيه الرجل» 
0 الرجل؛ وجعلَّتُ أحسنّ معانيها ما ظهِرَتْ به فارغةً من أحسن 
معانيها. . 

وآراث أذ أعرك كيك تنتضف الطبيعة م مِنَ الرجل العَرّبٍ لمر ةِ التي أهملّها 
أو تركّها مُهْمَّلة... وأين تبلغ ضَرَبائُها في عيشِهء وكيف يكونٌ لمر 
وكيف تكونٌ المرأةٌ في خائنة الأعين؛ فتسرَّحْتُ ممَّ أصحابنا في الكلام فنا بعدَ فْنْ» 
أَزلْتُ جذارَهمٌ الذي يحذرون» حتى أفضّوًا إليَ بفلسفة عقولهم وصدورهم في 
هذه المعاني . 

قال 0 حشبي - واللّه - مِنَ الآلام وآلام معّها ‏ شعوري بحرماني المرأةٌ؛ 
فهو بلاءً متعني القرار؛ وسلبني الشّكينة ؛ وكأنة شعورٌ بمثلٍ الوَحْدة التي يُعَاقْبُ 
السجينٌ هابص رونا رم الخياة بصروقة عبة الحياة» تجيله جدران سجيه تكن لو 
كان خرا فبهاتيتجر من عذاب إنساتيية الذليلة المجرية ‏ المكلى ينها ورت 
نُوسِعُهُ مِمًا يَكرة؛ شعورٌ بالوحدة والعُزْلةِ حتى مع الناس وبِينَ الأهل فما فيّ إلا 
عراطث حر لا لتيب لأخد ولا تعارتها أذ فى ذلك السسيي 

وتمامٌ الذلَةِ أنْ يجدّ العَرّبُ نفْسَهُ أبدأ مُكْرَهاً على الحديثٍ عن آلامِه لكل مَنْ 

17 


يُخالِطَهُ أو يجلسٌ إليهء كأنّه يحملُ مصيبة لا يُتَْسُ منها إِلّا كلامّهُ عنها. وهذا هو 
السرُ في أَنْكَ لا تجدٌ عَرَباً إلا عرْفّه ثرثاراً لا تزالٌ في لِساِهِ مَقَالةٌ عن معنى أو 
رجل أو أمرأة» وأَصِبْتَهُ كالذباب لا يطيرُ عن موضع إِلَا ليقع على موضع . 

رم كوا الكترمان سهد شواسه في السارنة ركد المتره فذلك تَعبٌ 
يَهِلِكُ به الآدميء إِذ لا يدع يَتَقَارُ على حالةٍ منّ الضجر فيما تُنازِعُهُ الطبيعةٌ إليهء 
وهو كالمَرّع في أعصابه» يُحِسُها تُقَدُ لِتُقَطعء ودائماً تُقَدَ تع . 

وقد عقوي برح ذقلن الي 17 لتب وها عب بد تفز وتوت ل 
أحتمالي؛ فما أراني يوماً على جِمَامٍ م مِنَ النفس» ولا أرتياح مِنّ الطبع ؛ وكيف وفي 
القلب ماده همّهء وفي التفس عِلّةٌ آنقباضهاء وفي الفكر أسبابُ مَشْفْلّيه؟ وقد 
أوقَدَثْ سَوْرة©») الشباب نارّها على الدمء ٠‏ تغتلخ” في الأحشاء؛ وتطيرٌ في 
الرأس» رادقا بنري انهاه وفي كل يوم يتخلفٌ منها رَمادٌ هو هذا السوادُ 
الذي رَانَ على قلبي . 

عاك رسل هذاه أنه وهر دُلَهُ أنَهُ رجل؟ يلبسسُ ثيابَهٌ الإنسانية على مثلٍ 
الوحش في سَلاسِلِهِ وأغلالهء ويحملٌ عقلاً تَمْبُهُ الغريزة كلّ يوم» وتراه مِنَ العقولٍ 
الؤيُوفٍ9؟) لا أ: رَ إلفضيلةٍ فيه؛ إِذْ هو مجنون بالمرأةٍ جنونٌ الفكرَةٍ الثابتة» فما يخلو 
إلى نفسِه ساعة أو بعضّ ساعة إِلَا أَحلنْهُ الغريزةٌ مُجْبَرِحاً جريمة فِكر. 

وفي دُون هذا يُنكرُ المرء عقلّه؛ وأي عقلٍ ثُراهُ في رجلٍ عَْبٍ يقعُ في خياله 
أنه متروج» وأنَّهُ يأوي إلى «فلانة»» وأنّها قائمة على إصلاح داعيرهام يدراه 

من أجلها كانَ عَرُوفا”” عن الفَحْشاءِ بعيداً مِنَ المنكر؛ وفاء لها وحِفْظاً لعهدٍ الله 

فيا وقن:دلهة” بد بقُنونها التي يبتدغها””) فكرْهُ؛ وهي ساعة تُوَاكِلهُ على 
الخوان2 » وساعةً تُضاجكه ومرةٌ تُعَابئُه» وتارةً ُجافيه”**: وفي كل ذلك هو ناعمٌ 
بهاء يُحَدَثُها في نفسِهء ويَسْمَرُ معهاء ويتصنّمُ له؛ ويُعاتبُها أحياناً في رقّةء وأحياناً 
في جَفاءٍ وغلظة: وقد ضربها ذات مرة. . 


)١(‏ الفنى: الإرهاق» التعب الشيد. 


(؟) سورة الشباب : عنفوانه؛ قرته . (5) دلهعه: ولهته. 
(©) تعتلج : تمور. (0) بيتدعها: يخترعها. 
الزيوف: المموهة . (8) الخوان: المائدة عليها الطعام . 


يل 


ألا إِنَّ فكرةً المرأةٍ عندي هي هذا الجنونٌ الذي يرجمٌ بي إلى عشرةٍ آلافٍ 
بذ مين تارييج الدنياء قيرمي بي في كهنبٍ أو غابةٍء فأراني من وراء الدهورٍ كأني 
أبدأ الحياة منفرداً وأجِدُّني رجلاً عارياً متوحشاً متأيّداً ليسّ مِنّ للحن ل د 
الإنس» دنياة أحجارد وأشجارء وهو حَجَرٌ له نمو الشجّر. 

لقد تورَّعَتِ ألمرأةٌ عقلي فهو متفرّقٌ عليهاء وهي متفرقة فيه لا أستطيعٌ - 
واللَّه - أنْ أتصوّرها كاملة» بل هي في خيالي أجزاءً لا يجمعْها كل ؛ ؛ هي أبتسامةٌ» 
هي نظرةٌء هي ضحكةً هي أَغْنيّةغ هي جسمء ٠‏ هي شي غ2 هي هي هي . 

كر تلك النعاتن و الما التى يعرمُها الناس : أم أنا: ل أمرأةٌ وحدي؟ 

وإنّى على ذلك لأتخرّفٌ الزواجٌ وأتحاماه؛ إِذْ أرى الشارعَ قد فَضِمٌ النساء 
وكَشَمَهَنَ؛ فما يريني منهنٌْ إلا أمرأةٌ 0 بثيابها وصئعة جمالهاء أو أمرأة 
كالهاربةٍ من فضائلها؛ والبيتُ إِنّما يطلبُ الزوجة الفاضلّة الصّناعَ» تَخِيطٌ ثوبّها 
بِيدِها مُتباهي بصنعبِهِ قبل أنْ تُباهيَ بلبسِه. وتُزْهَى بأثر وجهها فيّء لا بأثر 
المساحيق في وجهها . وإنَّ مكابدة العمة» ومصارعة الشيطان» وتوهُجٌ القلب بنارهو 
الحامية» وإلمامً الطَيْرة ةِ الجنُونِيةٍ بالعقل ع زلف وبدلة عبيه اعون بن خقالد: 
زوجه ة فاسدة ة العلم أو فاسدة الجهل» ؛ أبتلَى منها في صديق العغمر يعدو العمر. 

إِنَّ أئرَ الشارع في ألمرأة هو سوءٌ الظئْ بهاء فهي تحسِبٌ نفسّها مُعِلِنةَ فيه 
أنوثتّهاء وجمالهاء وزينتها؛ ونحن نراها معلتةٌ فيه سُوءَ أدب وفسادٌ خلق. وآنحطاط 
عريرة. ومَنْ كان فاسقاً أساءً الظنّ بكلُ الفتيات» ووجّد السبيل من واحدةٍ إلى قولٍ 
يقولهُ في كل واحدة؛ ومَنْ كان عفيفاً سَمِعٌ مِنَ الفاسق فوجدٌ من ذلك مُتَعلّقَا يتعلق 
به: وقِياساً يقيسٌ عليه؛ وآلفتنة لا تُصِيبٌ الذين ظَلموا خاصّةء بل تَعُمّ. 

آه لو أستطغتٌ أن أوقِظ أمرأة من نساء أحلامى . 

وقال 217: لقد كانت معاني ألمرأة في ذهني صُوراً بديعةً مِنَ الشعر تستخمُني 
إليها العاطفة: ولا يزال منها في قلبي لكل يوم نَازِيةٌ تنزو”) وكانت المرأةٌ بذلك 
حديتٌ أحلامي وتّجىّ وساوسيء وكنْتٌ عفيف البنطلون”"؛ ولكنّ النساء أيقظتنى 
() تزهى : تفتخر ‏ 
(1) نزا: معناه في اللغة جامع والمقصود هنا أن العاطفة نحو المرأة تذهب به كل مذهب. 
(؟) هذا تعبير عصري مأخوذ من قول العرب: فلان عفيف إلازار. كناية عن عفته. 


١55 


عن الْحُلّم وفجِعْئّني فيه بالحقيقة» ووضْعْنَ يدي على ما تحت مَلمّس الحيّة . ولو 
حدثْتُك بجملةٍ أخبارهِنٌ» وما مارسْتُ منهّنَ لتكرّغْت وتسخطتء ولأيقنتَ أنَّ كلمة 
(تحرير المرأة» إِنّما كانت خطأ مطبعبًاء وصرابها: (تجرير المرأة). . . فهؤلاء 
النساءُ أو كثرئهن ‏ لم يُذِلْنَ الحجاب إِلَا لِتَخرجٌ واحدةٌ مِمّا تجهلٌ إلى ما ثُرِيدُ أن 
تعرف» وتخرحٌ الأخرى مِمّا تعرفٌ إلى أكثرٌ مِمّا تعرفه» وتخرجُ بعضَهنٌ من إنسانة 
إلى بهيمة. . . . 

لقد عرفْتُ فيمَنْ عرفت منهّنّ الخفيفةً الطيّاشة» والحمقاءً المتساقّطةء 
والفاحفة ذاك :اليه :دوك اوليك كان عسرراق اع م تعرونةةء تقليدا للها 
الأوربية ؛ تهالكنَ على رذائلها دونَ فضائلهاء وآشتدٌ جِرْصّهُنَ على خيالها الروائي 
دوذ حفيفتها العلمتة؛ ومن مضائنااد تجق الكترفية فك أننا لا ناخد الوائل كما 
هيء بل نزيدُ عليها ضَعْمَّنا فإذا هي رذائلٌ مضاغفة . 

كان الحُلَّمُ الجميلُ في الججاب وحدهء وهو كانّ يُسَعْرُ أنفاسي ويُستطيرٌ 
قلبي» ويُرغِمُي مع ذلك على الاعتقادٍ أنَّ ههنا علامة التكرّم» ورمرٌ الأدب» وشَارةَ 
العِفّةء وأنّ هذه المُحصّنةَ المُخدّرة ‏ عذراء أو أمرأةً ‏ لم ثُلق الحجاب عليها إلا 
إيذاناً بأنّها في قانونٍ عاطفةٍ الأمومةٍ لا غيرها؛ فهي تحت الججاب لأنّهُ رمرُ الأمانة 
لمستقبلهاء ورمرٌ الفصل بينَ ما يَحَسنُ ومالا يَحسن., ولأنَّ وراءَه صفاءً روجها 
الذي نخشى أنْ يُكدَّرَء وثبات كبانها الذي تخشى أن يُرَعْزع . 

قال حكيمٌ لأولئك الذين يستميلونَ النساء بأنواع الجليّ وصنوفي الزينةٍ 
والكسوةٍ الحسنة: «يا هؤلاءء إِنّكم إِنّما تعلمونْهُنَ محبّة الأغنياء لا محبة الأزواج»» 
وأحكمُ من هذا قول الرجل الإلهيَ الصارم عمّر بْنِ الخطاب: (إضربُومنٌ بالعغرى' 
فقد عُرفَ من ألفٍ وثلئمائة سنةٍ أن تحريرٌ المرأةٍ هو تجريرهاء وأنّها لا تخرجٌ 
لمصلحة أكثر مِمّا تخرجٌ لأظهارٍ زينيها. فلو مُنِعَتِ الثيابَ الجميلة حبَسئْها طبيعتُها 
في بيتها. فماذا تقول الشوارعٌ لو نطقت؟ إِنّها تقول: يا هؤلاء» إِنّما تعلموتَهُنٌ 
معرفةً الكثير لا معرفة الواحد...! 

لقد ‏ واللْهِ - أنكرْتٌ أكثّر ما قرأتُ وسمغْتٌ من محاسِيْهنٌ وفضائلِهِنٌ 
وحيائهنٌ. ولقد كانَ الججابٌُ معنّى لصعوبة آلمرأةٍ وأعتزازهاء فصارٌ الشارعٌ معنّى 
لسُهولتها ورُخْصِها؛ وكانٌ مع تحققٍ الصعوبة أو تُوهيها أخلاقٌ وطِباعٌ في الرجل» 
فصارٌ مع توهّم السهولة أو تُحقّقِها أخلاقٌ وطِباعٌ أخرى على العكس من تلك؛ ما 

ل 


زالّث تمي وتتحولٌ حتى ألجأتٍ القانونَ أخيراً أنْ يترّى بِمَنْ لمسّ ألمرأةً في 
الطريي مِنّ «الجتحة» إلى «الجناية» . 

وتَخَنَتَ الشَبانُ والرجال؛ ضُروباً مِنَ التخنث بهذا الاختلاطٍ وهذا الابتذال» 
وتحلّْلَتْ طِباعٌ الغّيرة» فكانَ هذا سريعاً في تغييرٍ نظرتهِم إلى النساء» وسريعاً في 
إفسادٍ أعتقادهم؛ وفي نَقْضِ أحترامهم» فأقبلوا بالجسم على المرأة» وأعرضوا عنها 
بالقلب؛ وأخذوها بمعنى الأنوثة» وتركوها بمعنى الأمومة؛ ومن هذا قل طُلّابُ 
الزواجء وكثْرٌ روادُ الخنا0" 

ولقد جاءث إلى مصرّ كاتبةٌ إنجليزية» وأقامّث أشهراً تُخالطٌ النساء 
المتحجباتٍ وتدرسٌُ معاني الججاب» فلمًا رجِعَث إلى بلادها كتّبث مقالاً عنوانة: 
سوال جيل مِنَ الشرقٍ إلى المرأةٍ الغربية» قَالَثْ في آخره: (إذا كانّث هذه الحرية 
التى كسبناها أ وعدا النافية السنية. وتهريد الحصية ع الخضت لمش قد 
الباعثة التي أقامَثها الطبيعةٌ بيتهما - إذا كان هذا سيُصبح كل أثره أن يتونى الرجالٌ 
عن النساءء وأنْ يزولٌ مِنَ القلوب كل ما يُحرّكُ فيها أوتار الحُبَّ الزوجيٌ فما الذي 
نكونُ قد ربحناه؟ لقد ‏ واللَّه - تُضطرُنا هذه الحالٌ إلى تغبيرٍ خِطّطناء بل قد نستقر 
طوعاً وراءً الججاب الشرقيّ» نتعلم من جديدٍ فنّْ الحبٌ الحقيقي». 

د ع عد 

وقال ١ع»‏ : لسثُ فيلسوفاًء ولكن في يدي حقائقٌ من عِلْمٍ الحياةٍ ةِ لا تأتي 
الفلسفة بمثلهاء وكتابي الذي أقرأ فيه هرّ الشارع . 

فأَعلّمْ أن العرْابَ مِنَ الرجالٍ يتعلّمْ بعضهُم من بعض. وهم كاللصوص لا 
بحم أمزلا واولا الاعلى رياه او خرسة . وحياةً اللصٌّ معناها وجودُ 
السرقةء وحياةٌ العَزب معناها وجودٌ البعَاءِا'" والفشق. 

ومن كم الطبيعة على الجنسين أن الفاسقّ يُباهِي بإظهارٍ فسقّه قدرٌ ما تخافٌ 
الفاسقةٌ مد نّ ظهور أمرها : وهذه إشارةٌ مِنّ الطبيعةٍ إلى أنَّ ألمرأة مسكينة مظلومة. 
فما أبتذالٌ الججاب» ولا أستّهتاك النساءٍ إلا جوابٌ على أنتشار العُرُوبَةٍ في 
الرجال» وكك كول لماه تجا قرلا الفط بازلا فنالا إلن :ما دوت الف ؟ 
فهذا الثلجٌ ماءً يعَتذرٌ من تحؤله وأنقلابه بعذر طبيعيَ قاهرء له قوهٌ الضرورة 


)١(‏ الخنا: الفاحغة . (5) البغاء : الرذيلة» الخنا 


١وك‎ 


المُلْجئة» وكذلك آلمرأة المُّذالةٌ أو آلطامحةٌ أو آَلمتبذَلةُ أو آلمتهتكة ‏ ما صِفائَهُنْ إلا 
توكيدٌ لأعذارٍجِن . 1 

وكانَ على الحكومة أنْ تضربّ العزبة ضربة قانونٍ صارم» فالعَرْبُ وإِنْ كان 
رجلاً حرًا في نفسه؛ ولكنّ رجولتَهُ تفرض للأنوثة حقّها فيه؛ فمتى جَحَدا'' هذا 
الحقٌّء وأستكبرٌ عليه: رجمٌ م حالَهُ مَعّ المرأةٍ إلى مثل شأنٍ العَريمٍ مع غريمه؛ ليس 
للفضل فيه إلا الدولةٌ أوحكامّها ولرها لق 

]ذا أظلقت الحرية للرجال قصاروا كلّهم أو أكثرهم أعزاباً» فماذا يكونٌ إِلَّا 
أنْ تُمحى الدولة؛ وتسقطً الأمَّةء وتتلاشى الفضائل؟ فالعُزوبةٌ من هذا جريمةً 
بنفسِهاء ولا ينبغي أنْ تتربّصٌ بها الحكومةٌ حتى تعمّ»ء بل يجب أعتبارها بأعتبارٍ 
الجرائم من حيثُ هيء: ويجبٌ تفسيرٌ كلمةٍ «العَزب» في اللغة بمثل هذا المعنى : 
إِنّها شخصيةٌ مذكّرةًٌ ساخطةٌ متمرّدةٌ على حقوقٍ مختلفة للمرأةٍ والنشل والأمّة 
والوطن. ش 

وما سّاء رأيُ العراب في النساء والفّعياتٍ إِلّا من كونهم بطبيعة حياتِهِمُ 
المضطربة لا يعرفونَ آلمرأة إلا في أسوا أحوالها وأقبح صِفاتِهاء وهم وحدّهم 
جعلوها كذلك . 

إن لهم وجوداً مُحزناً يستمتعون فيه ولكنّهم يَهْلِكونَ ويُهلكونَ به. هم - 
وائلة < لأست الدروس السافلة في كل أمّة: وهم واللَّهِ ‏ بُعَاةٌ مِنَ الرجالٍ في 
حكم البَعَايا مِنّ النساء» يَجَرُون جميعاً مَجْرَى واحداً. ومَنْ هي البَغىُ في الأكثر إلا 
أمرأةٌ فاجرةٌ لا زوج لها؟ ومَنْ هو العَزْبٌ في الأكثر إِلَّا رجلٌ فاسقٌ لا زوجة له؟ 
على أن ممّ المرأةٍ عذرٌ ضعفها أو حاجتهاء ولكن ما عذرُ الرجل؟ 

ماذا تُفِيدٌ الدولةٌ أو الأمّهُ من هذا العَزب الذي أعتادَّ فَوْضى الحياة» وَسَيْرَها 
على نظايهاء وتَحمّقّها على أسخفب ما فيها مِنَ الخيالٍ والحقيقة ؛ وأي الروح التي 
تتم روحًهء ويُنَفّحُهاء وتُمسِكها في دائريّها الاجتماعيةٍ على واجباتها وحقوقِهاء 
وتجيثْهُ بالأرواح الصغيرة التي تُشْعرُهُ التَبِعةَ والسيادةً معأء وتمتدٌ به ويمتدٌ بها ني 
تاريخ الوطن؟ ” 

كيف يُعتَبِرُ مثلّ هذا موجوداً أجتماعيًا صحيحاً وهو حيّ مُختل في وجودٍ 


)١(‏ حجد: أنكر. 


مُستعارء يقضي الليلَ هارباً من حياةٍ النهارء ويقضي النهارَ نافراً من حياة الليل؛ 
قفني عت كله هارا ون القاءء وكابه لا ارسق برو عد كملق بل ببعضهاء بل 
بالممكن من بعضها. . . ! 

أبهٌ أسْرةٍ شريفة تَقْبِلُ أن يُساكتها رجلّ عزب. وأيَّهُ خادم عفيفةٍ تطمئنُ أن 
تخدّمٌ رجلاً عزباً؟ هذه هي لعنةٌ الشرفٍ والعفة لهؤلاء الأعزاب مِنَ الرجال! 

نح يد ين 

قال الرواي: وهنا أنتفض «س» و »١«‏ وحاولا أنْ يقبضا على هذه اللعنة 
ويرداها إلى حلّق «ع». ثم سألني ثلائثهم أنْ أَسْقِطها مِنَ المقال. بَيْد أني رأَيْتُ أن 
خيراً من حذفها أنْ تكونَ اللعنةٌ لأعزاب الرجالٍ إلا «س» و «1) و «ع». 


١1548 


هه 
| و 


قال الشاب: لا وِبَلَ لي بهذا التعَب المُعئّى الذي يسمُّونّه «الزواج» فما هو إِلَّا 
بِيتٌ بِقْلهُ على شيئين : على الأرض» وعلى نفسي؛ وأمرأةٌ همُها في موة ضعين: في 
دارهاء وفي قلبي؛ وما هو إلا أطفال يُلُزمونني عملّ الأيدي الكثيرة من حيثٌ لا 
همومً رؤوسهم كلها في رأس واحدٍ هو رأسي أنا. 
ا 2 لا شية مها من ياو أو رجلٍ 
سر تلد ا رد يرعسلا رار وال ااي ايض . فأنا 
رأنثالي ما ثرال في عل وخلوي» .. ولكلٌ وقتٍ زواجء ولِكل عصر أفكار, وما 
أسخف الليالي إذا هي تراددّث” ' على ضرْب واحدٍ من أحلامهاء فهذا يجعلٌ النومَ 
ا 
: وإذا أرذتَ أنْ تستكشِف القِصّة فأعلم أنّنا ‏ نحن العُرْابَ ‏ قوم كرجالٍ 
المن ؛ 0 وفضيلتهم فئية» فتلك فتلك رهذه بسبيل؛ وكل شيء في الفن هو 
لموضجه مِنّ الفنّ لا من غيره؛ فإذا قلْتَّ: هذا خالٍ مِنَ الفضيلة» كاراين الأدبة 


وعِبْتَ الفنّ لذلك والاتهز الاكفيك وي المراد اللجميلة لاله خالا من لخي ! 
هات الظلام وسواده. فَإنّهُ لون كالنورٍ وإشراقه» لا بد من كلها إذالمسى ال 


إِنّما يكونُ فى تناسّب الأشياء لا فى الأشياءٍ ذاتِها؛ ويد الفنت كيد الغنىٌ ؛ هذه لا 
يقمٌ فيها الذهبُ إِلَا لِيعدّدَ ثم يتعدّد؛ وتلك لا تقعٌ فيها المرأه إِلّا لِتنعدّدَ ثم تتعدّد؛ 
وفي كل دينار قو جديدة» وفي كل أمرأةٍ فنَّ جديد. . 

قال: ومذهبّنا في الحياة أنْ نستمتعٌ بها ضروباً وأفَانِين؛ مَن أطاقٌ لم يقتصر 
)١(‏ استنوق الجمل إستحال الجمل ناقة. 
(9؟) ترادفت: توالت. 


146 


على نوعين. ومن قدر على نوعين لم يرض الواحد؛ ولو أنْ زوجةً كانث من أشعة 
الكراكب أو من قَطَراتٍ النّدىء لَتَقُلَ منها على حياتّنا ما يثِمّلُ منّ الحديدٍ 
والصّوّان؛ إذْ هي لا تَلِدُ أشعة كواكب» ولا قطراتٍ ندّى؛ وحَسْبٌ الجسدٍ برأس 
واحدٍ حَِمْلا . 


قال : ومَنِ الذي تُعرض عليه الحياةٌ سلامها وتحيّاتها وأشواقها في مثل رسالةٍ 
غرام» ثم يدع هذا سايم ولَجَاجِتّها' في مثل قضيةٍ من قضايا 
المحاكم كل ورقةٍ فيها تَلِدُ ورقة . 


ثم قال الشابٌ: لا تحسَّبنٌ أن المرأةَ هي السافرةٌ عندّناء ولكنٌّ اللذة هي 
السافرة؛ وما أحككمٌ الشرعً! أقولٌ لك وأنا محام يقررٌ الحقيقةة: - ما أحكمٌ الشرعٌ 
الذي لم يُرخَصُ”" في كشفٍ وجهِ ألمرأة إِلّا نُضرورة» إن الواقع في الحياة أن 
هذا الكشفٌ كثيراً ما يكونُ كنقّبٍ اللصٌ على ما وراءٍ النَقْبِ؛ وإذا كُسِرَ ما فوقٌ 
الفكن بون الخراك لمعك ليها اللذعب زالخومن» فالبابُ الجديدٌ كلّهُ سُخْريةٌ وَهْرُؤٌ 
من بَعْدٌ. . -! 

د 

هذه عقليةٌ شابٌ محام طويّ عقَلُّهُ على الكتب القانونية» وطوي قَلْبُهُ على 
مثلها من غير القانونية. . . وليسٌ يَمتّري”" أحدٌ في أنَّها عقليةٌ السوادٍ مِنْ شبابنا 
المثقّفٍ الذي لَبِسَ الجلدّ الأوروبيّ. ومِنَ البلاء على هذا الشرقٍ أنه ما بَرِحَ يُناِض 
المستعمرينٌ ويُوائبُهم, غافلاً عن معانيهمٌُ الاستعمارية التي تُناهِضُهُ وثوائبه» جاهلا 
أنّ أوروبا تستعمرٌ بالمذاهب العِلْمِيةٍ كما تستعمرٌ بالوسائل الحربية؛ وتسوقٌ 
الأسطول والجيش» والكتابٌ والأستاف واللدّة والاستمتاعء والمرأةً والحُبٌ. 

ولو أنَّ عدوا رماك بالنارٍ فأستطارّث في ثيابك أو متاعك لَمَا دخلّك الشك أنَّ 
عدوّك هوّ النارُ حتى تفرع من أمرها. فكيف ‏ لعمري - غَمَلَ الشرقيونَ عن أخلاق 
ناريّةٍ حمراء يأكلهم بها المستعمرونَ أكلاً كأنّما ينضجونَّهم عليها ليكونوا أسهل 
مَسَاغ”©» وآلِينَ أخذاء وأسرعٌ في الهضم. . ! 
(1) لجاجتها: إلحاحها. رحس امن 
() يمتري: يستخرج؛ والمعنى في الأصل يعني استخراج الماء بالدلاء من البثر. 


(4) مساغاً: قابلية البلع والهضم. 


”.6 


لم أفهم أنا من كلام صاحينا الشابٌ ومعانيه إلا أن أوروبا في أعصابهء وأمًا 
مصرٌ ونساؤها ورجالها فعلى طرف لسانه لا تكونُ إلا صنحة» وليس بِيهُ وبيئها في 
لحياةٍ عمل إِلّا من ناحية لذَّيَه بهاء لا من ناحية فائدتها منه. 

وتلك المعاني كلّها مشتقُ بعضّها من بعض» ومَرْجِعُها إلى أصل واحدٍء 
كالأمراض التي تبتلي الجسم يُمَهِدُ شيء منها إشيء؛ ما دامَث طبيعةٌ هذا الجسم 
زائغة أو مختلة. أو متراجعة إلى الضعف» أو ذاهبة إلى الموت . 

وأرلئك شبانٌ وقفٌ بهم الشبابٌ موقِف بّلادة» فلا يخطو إلى الرجولةء ولا 
يكمُلُ بنموٌه الاجتماعيٌ كما يكملٌ الرجلّ الوطني؛ فَمِنْ ثَمّ يكونُ حَوَار9؟ لا 
يستطيعُ أنْ يَحملَ أثقالاً مَعّ أثقاله» ويستوطىء العجرّ والحُمول؛ فلا يكونٌ إِلّا قاعدّ 
الهمّة؛ رَحُوٌ العزيمة؛ قدٍ أستنامَ إلى أسباب عجز وتَخْاذُلِهء ولا ا 
الاعفان إلا كالدريف عيى تمرفة حييلة " على ذووهة شدي لأسن 
لا ييف كينها ل يل 

ربهذه المَكْسَلَةٍ الاجتماعية في الشبان يبدأ الشعبٌ يتحول من داخِلِه فينصرفٌ 
عن فضائله. ويتخذُ في مكانها فضائلَ أستعارةٍ يقلّدُ فيها قوماً غير قومهء ويجلبُها 
لبيئة غير بيئته؛ ويَفْصِرُها*» على أَنْ تَضْلْحَ له وهي قسادء ويُكرهُها على أنْ تنفعّة 
وهي ضررء وتلك حالةً يُغَامِرٌ فيها الشعبُ بكيانه فلا تلبثُ أنْ تَضدعَه”"” وتُقَرْقه . 

ولو أنَّ في السحاب مطرأ وعَيثاً لَّمَا كانَ لَهُ في كل ساعةٍ لون مصبوغ؛ ولو 
أنَّ فى الشباب دين لَمَا صِبِغَنْهُ تلك الأخلاقٌ الفاسدة» وما ذهابٌ الحارس عن مكانٍ 
إلأدعرة للصرض الب وغل كاة الدين :إلا :واجبات وتبعات برقيودا كراد شن 
جميعها إعناة الإنسان لأشالها في الاخجناع تيك في إتشناتيته الملحريمة على 
النحو الذي يصَلّحُ له مُنفرداً ويصلُحٌ له مُجْتمِعا؟ فليّستِ الزوجةٌ وحدّها هي التي 
خَسِرَتِ ألشابٌ بل خْمِرَهُ معها الوطن والدينُ والفضيلةٌ جميعاً» وبهذا أنعكسّ 
وضعُهُ مِنَ الجماعة» فوجَبَ في رأيهِ أنْ تُسَخْرَ الجماعةٌ له وأنْ يستقلٌ هو بنفسهء 
وبهذا العكس» وهذا السقوطء وهذا الاستمتاع الذي يجِدٌ سعادتّهُ في نفسِه؛ أصبح 
)١(‏ خوّاراً: ضعيفاً؛ جباناً. (4) ثومة: طريح الفراش 
(؟) حميلة : : طفيلياً يطعم من مال غيره أن يعمل . (3) يقسرها: يجبرها. 


(؟) ضجعة : مشلولاً. () تصدعه: تصرعه. 


لمحا 


أولئك الشبانُ كأنّما حقّهم على المجتمع أنْ يقدمَ لهم بَغَايا لا زوجات. . . بِقَايا 
حتى مِنّ الزوجات . . .! 

قبّح اللّهُ عضراً يجهلُ الشابٌ فيه أنَّ الرجلٌ والمرأةً في الوطن كلمتانٍ تفْسْرٌ 
الإنسانيةٌ إحداهما بالأخرى تفسيراً إنسائيّاً دينياً بالواجباتٍ والقيودٍ والأحمال؛ لا 
بالأهواء والشهواتٍ والانطلاق كما تفْسُرُ الحيوانية الذكرٌ والآنثى . 

والنفسٌ الدنيئةٌ أو المنحطةٌ في أخلاقها ومَنازَعِها مِنَ الحياةٍ لا تكونٌ إِلَّا دنيئة 
أو مُنْحطةً في أحلامها وأخيلتها الروحيّة» دنيئة كذلك في طاعتها إن قَضَتْ عليها 
ألحياةٌ بموضع الخضوع. دنيئةً في حُكمها إِنْ قفّث لها الحياةٌ بمنزله مِنَ السُلْطة. 
ولو تتبهتٍ الحكومة لَطْردَتْ من عملِها كل موظف غيرٍ متأهّل» فَإنّها إنْما تستعمل 
شرًاً لا رجلاً يمنعٌ الشرّء وكلّ شابُ تلك حالَّهُ هو حادثةٌ توكن الحوادث 
وتستلزمهاء وما يأتي السوءٌ إلا بمثله أو بأسوأ منه. 

دف 

ليس للزواج معثى إِلَّا إفرار طبيعة الرجل وطبيعة المرأةٍ في طبيعةٍ ثالثة تقوم 
بالاثنتين معأء وهي طبيعةٌ الشعب. فَمِنْ سقوطٍ النفس ولؤمِها ودناءتها أنْ يفرٌ 
الشابٌ القويُ من تَبعةٍ الرجولة» فلا يحملٌ ما حمل ا واجبات الإنسانية؛ ولا 
يُقِيمٌ لوطيِهِ جانباً من بناء الحياةٍ في نفسه وزوجه وولدهء بل يذهبُ يجعلٌ حظّ نفيِه 
فوقٌ نفسِهء وفوقٌ الإنسانيةٍ والفضيلةٍ والوطن جميعاً؛ ولا يعرف أن أنفلاتةُ مِنْ 
واجباتٍ الزواج هو إضعافٌ في طبيحته لعب الإخلاص الثايت» والصبر 
الدائب”"2» والعَطْنِ الجميلٍ في أي أسبابها عَرضَتْ . 

ومن فُسُولَةٍ الطبع”") ولَؤْمِه ودناءته أنْ يهربَ هذا الجنديٌ من مَيْدانِهِ الذي 
فَرضَتْ عليه الطبيعةٌ الفاضلةٌ أنْ يُجِاهِدَ فيه لأداء واجبه الطبيعيّ متعذّلاً فار 
المُخزي بمشقَةٍ هذا الواجب وما عسى أنْ يُعانيَ فيه كما يحتجُ الجبانٌ بخوفٍ 
الهلاكِ وعناء الحرب . 

ومن سقوط النفس أنْ يرضى الشيانُ كسا الفتياتء, وَبَوارَمْنٌ على الوطن؛ 
وأنْ يتواطأوا على َبْدٍِ هذَه الأحمال» وإلقاثها في طرُقٍ الحياة» وتركها لِمقَاديرها 
التجهولة كائهم ا اسلحية البلا يعلمرة أن ذلك ييخ بأخراهم ين اللحاته 


)١(‏ الدائب: المستمر. (1) فسولة الطبع : نذالة الطبع ورّذالته. 


بحن 


وينضيج مُ بوطيهم في أمّهاتِ الجيل المقبل» ويضيمٌ بالفضيلة في تركهم حمايتها 
وتخلّيهم عن حمل واجباتِها وهُمومِها السامية . 

إن الجملّ إذا أَسْتَنَوقَ تخئْتٌ ولانَ وخضعء ولكنّه يحمل؛ وهؤلاء إذا 
أستنوقوا تخنّتوا ولانوا وخضعوا وأبُوا أنْ يحملوا. 

ومن سقوطٍ النفس في الرجل الْكْسٍ العاجز المقضّر أَنْ يحتجٌ لعُزوبته بِعِلْمه 
وجهلٍ الفتيات؛ أو تمذَنِهِ وزعمه أنهُنّ لم يبلعْنَ مبلغ الأوروبية » ولايدري هذا 
المنحطٌ النفس أن الزواج في معناةُ الإنسانيّ الاجتماعي هو الشكلّ الآخْرُ للاقتراع 
العسكريء كلاهما واجبٌ حَنْمْ لا يُعتذرٌ منه إلا بأعذار معيّنة» وما عذاها فجبنٌ 
وشتوط و اتخذال ولعة على الرحولة. 

ومن سقوطٍ النفس أن يَعْنى”"» الشابٌ عنٍ الزواج لِمُجِورِهٍ َيُّقرّه؛ ويُمكنَ لهء 
وكأنّةُ لا يعلم أنه بذلك يَحْطِمْ نفسين» » ويُحْدِتُ جريمتين» ويجعل نفسّهُ على الدنيا 

ومن سقوط النفس أنْ يَعْبْرٌ الشابُ فتاةٌ حتى إذا وافق غِرّته”" مَكر بها 
وتركها بعد أن للشباعاتها الأيدئ» كما حمل هذا العات إلا تفن لمن كيت 
فاتك» هو أبداً عند مَنْ يسرمُهم في باب الخسائر والنكبّات؛ لا في باب الربح 
والمكسّب؛ وعندٌ المجتمع في باب الفسادٍ والشرّء لا في باب المصلحة والخير؛ 
وعند نفِسِهٍ في باب الجريمة والسرقة» لا في باب العمل والشرف . 

١‏ د 6ه ١‏ ش 

فسقوطٌ النفس وأنحطاطها هو وحده نكبةٌ الزواج في أصلها وقروعها الكثيرة 
التى منها المُغَالاهُ والشَّططٌ في المُهورء ومنها بحت الشابٌ عن الزوجة الغنيّق 
وإهمال ذاتٍ الذّينِ والأصلٍ الك كريم لِفَقْرهاء ومنها أبتغاة الزوجة رجلا ذا جاه أو 
ثراء» وعُرُوفُها عن الفاضل ذي الكَّفَّاففٍ”" أو اليسيرٍ على غِنىَ في رجولبِهِ 
وفضائله» كأنّما هو زواجُ الدينار بالسبيكة» والسبيكة بالدينار» وكأن الطبيعةً قدٍ 
أبئْليَتْ هي أيضاً بالسقوط» فأصبِحَتُ تَعتبرُ الغنى والفقرء فتجعل في دم أولادٍ 
الأغنياء رُوحَ الذهب واللؤلؤ والماس» وتُلقي في دم أولادٍ الفقراء رُوحَّ التُحاس 


)١(‏ يغلى: يمتنع. 
يغنى : يمع 
(؟) غرّتها: غملتها وجهلها. (”) الكفاف: القيام بما يكفيه من العيش . 


انين 


والخشّب والحجارة... على حين أن الجميمٌ مُسْتَيْقِنون لا يَتَدَافمُ أئنانٍ منهم في أنَّ 
الطبيعة لا تُبالي إلا بوراثة الأداب والطباع . 

وأعظمُ أسباب هذا السقوطٍ في رأبي هو ضعف التربية الدينية في الجنسين» 
وخاصة الشبان. ظئا مِنَ الناس أن الدينَ شَّأنْ زائدٌ على الحياة» مَعَّ أنّهُ هو لا غيرْهُ 
نظام هذه الحياةٍ وقِوَامُها في كل ما ينّصلُّ منها بالتفس. وليّستٍ المدنيّةُ الصحيحةٌ - 
كما يحسبٌ المفتونون ‏ هي نوع المعيشة للحياةٍ ومادتهاء بل نوع العقيدة بالحياةٍ 
ومعانيها ؛ وإلى هذا ترمي كل مبادىء الإسلام» فإِنَّ هذا الدين القويٌٍّ الإنسانيّ لا 
يعبأ بزخارفٌ كهذه التي تتلبّسُ بها المدنية الأوروبيةٌ القائمةٌ على الاستمتاع» وفنونٍ 
اللذات» وأنطلاق اللحرية بِينَ الجنسين؟ فهذا بِعيِئِهِ هو التحطيمٌ الإنساني الذي 
ينتهي بتهدّم تلك المدنيّة وخرّايها: وإِنّما يعبأ الإسلامٌ بالعقيدةٍ التي تنظمٌ الحياة 
تنظيماً صحيحاً مُتَساوقاً"'2 وافياً بالمنفعة» قائماً بالفضيلة بعيداً مِنَ الخلْطٍ 
والفوضى 

ويُقابلٌ ضعف التربيةٍ الدينية مظهرٌ آخْرُ هو سببٌ من أكبر أسباب السقوطء 
وهو ضعفٌ التربيةٍ الاجتماعية في المدرسة؛ والكلفةا العتسب ورين عد الك هن 
تخنّتٌ الطباع وأسترسالها إلى الدّعة والراحة. وفرارها من حمل التَبِعةٍ «المسؤولية) 
التي هي دائماً أساسٌ كل شخصية قائمة في موضعها الاجتماعيّ. 

وبذلك الضغفٍ وذلك السقوطٍ وُضعتٍ |! لمرأةٌ البغئ”'' العاهرةٌ ذ في الموضع 
الطبيعيٌ لِلأم» ونزكَ الرجلُ السافلٌ المنحطٌ في المكانٍ الطبيعيّ للأب» وتحللث 
ُوَى الوطنٍ بأنحرافٍ عُنْصريهِ العظيمين عن طبيعتِهماء » وجَعَلَتْ فضيلةٌ الفتيات 
المسكينات حاكن من :طول ما أشيلت]) وأخل. سُوسن الدم يتركها فضائلٌ تخرة. 

ولا عاصمٌ ولا دافمَ إِلّا قوةُ القانونِ وسطوتّه ما دامّتِ الفضيلةٌ في حكم 
الناس وتصريفهم قد تَرَكَتْ مكائها للقوانين» وما دامّتْ قوةٌ النفس قد أَخَلتْ 
موضِعها للقوةٍ التنفيذية . 

لقد قُتلث رُوحيّةُ الزواج» وهي على كل حالٍ جريمة قتل» فَمَّنٍ القاتلٌ يا 
صاحبنًا المحامي؟ 

قال الشابُ: هو كل رجل عَرَبِ . 


. متساوقاً: متجانساً. (1) البغي: الساقطة‎ )١( 


>92 


قلْتُّ: فما عِقابه؟ 

قلْتُ: كأئي بك قد تأهْلْتَ وَخَلاكَ ذمّ. . فما عِقَابُه؟ 

قال: إلى أنْ تبلعٌ الحكومة أو أنْ تُعاقبَ هؤلاء العرّاب» فَلْيعَاقبِهُمُ الشعبُ 
بتسميتهم «أرامل الحكومة». . واحدّهم: رجل أرملةٌ حكومة. . 

ثم قال: اللهمُ يَسْرْها ولا تجعلني رجلاً بغلطتين: غلطة في نساء الأمَّةَ 
وغلظة في ألفاظٍ اللغة. 


أرملةٌ حكومة. 


(أرملةٌ الحكومة) فيما تواضّعْتا”'' عليه بِينَنَا وبِينَ قرائنا هو الرجل العَرّب) 
يكونُ مُطيقاً للزواج» قادراً عليه. ولا يتروج ؛ بل يركبُ رأْسّهُ في الحياةء 
ويذهبُ يُمَوه'' على نفسه كذباً وتدلياء وينتحل”" لها المعاذيرٌ الواهية» 

يلق" العلل الباطلةء يحاول لاا لمن بعرم ارول المتزوج من حيتٌ 
يَحْطُ الرجلَ المتزوجٌ إلى مرتبته هو؛ ويّضيفٌ شُؤْمَهُ على النساء إلى هؤلاء 
النساء المسكينات» يِزِيدُهُنَ على نفسِه شر نفسيهدء ويرميهن بالسوء وهو السوءٌ 
عليهِن» ويَتتَقّصهْنَ ومنه جاء السمن» ويعتوة وهو أكرة العن كاله عدقة إلا 
الذي لهء. ولا بتتاسشى إل الذي غليه» تائما آتقليّت أوضاع الدانيا) وتبدلت 
رُسومٌ الحياة» فزالتٍِ الرجولة بتَبِعاتها عن الرجل إلى المرأة» وَأَنَفْصلَتٍ الأنوئة 
بحقوقها مِنَ المرأة إلى الرجل» فوجب أنْ تحمل تلك ما كانَ يحملٌ هذاء 
فعُقْدِمٌ ويقَرٌ وادعاء وتتعبَ ويستريح» وتعانيَ الهموم السامية في الحياةٍ 
الاجتماعية» ويُعانئ المحْنَّتُ أبتساماته ودموعه» متكياً فى مجلسه النّسيمئَ 
تحت جناح الدقوة: . فأمًا المرأةٌ فتُشْرفٌ على ملكنهاء وتقاطء بحاضرها 
ومستقيلهاء وأمّا هو فيبقى من ثيابه في مثل الجِذرٍ المَصُون. ! 

(أرملةٌ الحكومة) هو ذلك الشابُ الزائفُ المُبَهْرَخُ”'؛ يُحْسَبُ في الرجالٍ 
كَذِباً وزوراً؛ إِذْ لا تكملٌ الرجولةٌ بتكوينها حتى تكملّ بمعاني تكويتها؛ وأخصٌ 
هذه المعاني إنشاءً الأسرةٍ والقيامُ عليهاء أي مغامرةٌ الرجل في زمنِه الاجتماعيٌ 
ووجوده القومي» فلا يعيش غريباً عنه وهو معدودٌ فيه» ولا طَفَيْلبًَ"' فيه وهو 
كالمنفيٌ منهء ولا يكونُ مَظهراً لِقَوةٍ الجنس القويٌ هاربةً هروبٌ الجُبْن من حَمْلٍ 
ضَعفٍ الجنس الآخر ألمحتمي بهاء ولا لمروءة العشيرٍ مُمَبَرَتَةَ تَبَدْو النذالة من 


)١(‏ تواضعنا: تعارفنا. (4) يمتلق: يأتي بالعلل الواهية. 
زفق يموّه: يخادع . (5) المبهرج : المتزيّن بتمويه كاذب. 
(؟) ينتحل: يوجد. (5) طفيلياً: يعيش عالة على رزق غيره. 


املا 


مُوَارْرة الععير”؟ الآخر المحعاج إليهاة ولاايرضى لنفنيه أن يكونٌ:عوبوالدل 
يعملانٍ في نساءٍ أمّتِهِ عملاً واحداأً» وأنْ يُصبحَ هو والكسادٌ لا يأتي منهما إِلَا أثرْ 
متشابه» وأ يبِيتَ هو والفناء في ظلمةٍ واحدةٍ كَظلّماتٍ القبر» تنقلٌ الأجدات7» 
إلى الدُورء فتجعلٌ البيتَ ‏ الذي كان يقتضيه الوطنٌ أنْ يكونَ فيه أب وأمّ وأطفال - 
بيتاً خاوياً كأنّما تُكلَّ الأمّ والأطفال» وبقيّتْ فيه البقيةُ من هذا الرجل العَرّب الميتٍ 
أكثرٌ تاريخه . 

لد رأيْتُ بعيني أداةً العرّب وأثائَهُ في بيتو» كأنّما يقصُ عليه كل ذلك قصةً 
شُوْمِهِ وَوَحديِه؛ وكأنّما يقولٌ له الفَرْشُ والنَّجِدُ والطراز: ابغنى يا رجلٌ ورُدُني إلى 
السوق؛ فإنّي هنالك أطمع أنْ يكونّ مصيري إلى أب وأمّ وأولادٍء أجدُ بهم فرحة 
وعردق: راسيو عو عادر ديد فص ثوائنء ايان تست أبديية آهلك تاكرن 
قد عمِلْتُ عملاً إنسانيًاً. أمَا عندك؛ فأنث حَشْبَةٌ مَعَ الخشّبء وأنت حِرْقةٌ بِينْ 
الخِرّقٍ. وأسممٌ الكرسيّ إِنّهُ يقرل: أفّ. وأضغ إلى فراشِك إِنَّهِ يقول: ثف. .2. 

شود تمرك وك الكملا على تننيه أله تعلى بالقامة ‏ نمضجد باللغرية: 
مجنونٌ بالعقل» مغلوبٌُ بالقوة؛ شقيٌ بالسعادة» وشهدَتٍ الحياة عليه - ورب البيتٍ 
- أَنّهُ في الرجولة قاطمٌ طريق؛ ينع ناريقها ولا يؤمْئُهء ويُسرقٌ لذَّاتِها ولا يكْسَبُها 
ويخرجُ على شَرْعِها ولا يدخُلٌ فيهء ويعصي واجباتها ولا ينقادُ لها. وشَّهِدَ الوطن - 
والله - عليه أنَّهُ مخلوقٌ فارع كالواغل”" على الدنيا؛ إِنْ كان نعمة بصلاجهء أَنَتَهْتٍ 
النعمةٌ في نفسِها لا تمتدّ؛ وإِنْ كَانَ بفسادِه مصيبة أمندث في غيرها لا تنقطع ٠‏ وأنَهُ 
شَحّادُ الحياة ةِ أحسن به الأجدادُ نسلاً باقيًء ولا يَحْسِنُ هو يتصل يبقئ: وأنّهُ فى 
بلادِه كالأجنبيَ» مهبطه على منفعةٍ وعيش لا غيرهما؛ ثم يموث وُجوذ الأجنبيْ 
بِالتَقْلَةِ إلى وطيهء ويموتُ وجودٌ العزبٍ بالانتقالٍ إلى ربّه؛ فيستويانٍ جميعاً في 
أتقطاع الأثر الوطنيّ؛ ويتفقانٍ جميعاً في أنتهاب الحياة الوطنية ؛ وأنَّ كليهما حرج 

مِنَ الوطن أَبْتَرُا؛» لا عَقِبَ له ويذهبانٍ مع في لجج النيسان: أحدهما على ياخرة» 
والككا علق لسن ؟ 
د ند ينا 
جاءني بالأمس «أرملة حكومة» وهو مهندسٌ موطف . ومعنى الهندسة الدقةٌ 


)١(‏ العشير : الرفيق. (") الواغل: الداخل. 


(؟) الأجداث: مفرده جدث» وهو القبر وما فيه. (]) الأبتر: من لا ولد له من الذكور خاصة. 


وحن 


البالغةٌ في الرهٌ فم والخط والنقطةٍ وما أحتملّ التدقيق؛ ثمّ الحذرٌ البالغُ أنْ يختلّ شيءٌ 
أو ينحرفء أو يتقاصرَ أو يطول. أو يزيد أو يُنقصّء أو يَدْخْلَهُ السّهوء أو يق فيه 
ألخطأ؛ إذا كانَ الحاضرٌ في العمل الهندسي إِنّما هو للعاقية»ء وكانٌ الخيالٌ 
للحقيقة؛ وكانّ حدق عها لايقيل اطق رس :تلك الأرقاء اليندضية ون :الوزن 
إلى البناء مات الجمعٌ والطرحٌ والضربٌ والقِسْمّةء ورجعٌ الحسابٌ حينئذٍ وهو 
حسابُ عقل المهندس؛ فإمًا عقل دقيقٌ منتظم» أو عقل مأفونٌ مختل . 

بيد أنّ المهددس - على ما ظهرَ لي - قد خَلَتْ حياثه مِنَ الهندسة. . وأنتهى 
فيها مِنّ التحريف المُضْحِك ‏ حتى فيما لا يُخطىة الصغارٌ فيه إلى مثلٍ التحريف 
الذي قالوا إِنّهُ ومّع في الآبةٍ الكريمة: « إِيّاكَ عبد وَإيَّاكَ فتَعِينُ)4” فُقَدَ'روَوًا 
أن إهامَ قريةٍ مِنَ القُرى في الزمنٍ القديم كان يخطبٌ أهل قرييم ويُصلي في 
مسجدهاء فنزلٌ به ضيف مِنَ العلماء فقا لَّهُ الخطيب : إِنَّ لي مسائلٌ في الدين لم 
يعوجٌ” 0 الحو فبياء نولا ازال متهي الراى وكقت عن زم أتمتى أن 
القى بها الائمة ؛-ناريد أن امالك عنها . قال العالم : سَلْ ما أحبِيْتٌ. 

قال الخطيب: : أشكل”” علي في القرآنٍ بع مواضعء منها في سورة الحمدٍ 
«إيّاك نعبدٌ وإيّاك». . . أي شيء بعدهُ اين أو سبّعين». .؟ أشكلْث على هذه 
فأنا أقرؤها: تسعين. أحذاً بالآحتياط . 

كذلك مهندسُنا فيما أشكلّ عليه من جسابهٍ للحياةء فهو عَرّبٌ أخذاً 
بالاحتياطٍ . قال وهو يحاورني 1 

كيف تكلفني الزواجَ وتكرهُني عليهء وتُمَنقُني”' على العُزوبة وتَعيبْني 
بها؟؛ وإِنّما أنت كالذي يقول: دع المُمكنَ وخُذٍ المستحيل؛ إِنْ أستحالة الزواج 
هي التي جعدَّئْني عَرَبآ» والعُزوبة هي التي جعلَّنْني فاسداء وفي هذا الجَوٌ 
الفاسدٍ من حياة الشباب» إمّا أنْ تكسد الفتاة» وإما أنْ تَمَّصِلَ بها العَذْرّى 
والعرّبُ لا يأبى أنْ يُقالَ فيه إِنهُ للنساء طاعونٌ أحمرٌ أو هواء أصفر؛ فهو والله 
مع ذلك موتٌ اسرد وبلا أززق: 

قلت: لقد هوَّلْتَ علىّ؛ فما مستحيدّكَ يا هذاء وَلِمَ أستحالٌ عليك ما أمكنّ 


)١(‏ سورة: الفاتحة» الآيات: 4. 5. (*) أشكل : عسر فهمّه 
() يتوجّه: يظهر. (5) تعنفني: تلومني بشذة . 


وين 


غيركء وكيف بلقَثْ مصرٌ خمسة عشرّ مليونا؟ أمِنْ غير آباء خُلِقِواء أم رُرِعوا زرعاً 
في أرض التحكومة؟ اسمخ - ويك . د الاكوة الرعاك قد كارا وجنت 
وتجلّدوا وتوجّغت» أو أقْدّموا وحَنَسْتَ2©"0» وأسترجلوا وتأنّنت؟ 

قال: ليس شيءً من هذا. 

قلْتٌ: فإنّ المسألةة هى كيف ترى ألفكرة:» لا الفكرةٌ نفسُهاء فما حَمَّلِكَ على 
العروبة رانك بال وظيفتُك كذا وكذا ديناراًء وأنت مهندسٌ يَضدّقْ عليك ما 
قالوه في الرجل المجدود'" : لو عَمَّدَ إلى حجر انلق له عن رزق. 

قال: أليسٌ مستحيلاً ثم مستحيلاً أنْ يجمعّ مثلي بِدَهُ على مائة جنيه يدفَعُها 
مهراً؛ وما طرقْتٌ ‏ عَلِمَ الله - بابأ إلا أستقبلوني بما معناه: هل أنت معجزةٌ مالية؟ 
هل أنت مائة جنيه؟ 

قلْتُ: فإِنّ عملّكَ في الحكومة يّغِل”" عليكٌ في السنةٍ مائةً وثمانينَ ديناراً 
له تعد ومن وعد كاده نتف لبد 

قال: «بكلّ أسفٍ» لا يستطيعٌ الرجلٌ العرّبُ أنْ يدَّخْر”* أبداً؛ فهو في كل 
شيء مبدّة1© ضائمٌ متفرق. 

قلْتُ: فهذه شهادثك على نفسِك بِالسَّفَة والخُرْقٍ والتبذير؛ ثنفق ما يكفي 
عدداً وتضيقٌ بواحدة» وماذا يرْتئي مثْلّكَ في الحياة؟ أعند نقسه وفى:يقييه أن 
يتأبّد”'' فيبقى عرّباً فهو يُنَفْقُ ما جممَّ في شهواتٍ حياته؛ ويتوسّعٌ فيها ضٌروباً 
وألواناً ليكونَ وهو فردٌ كأنّهُ وهو في إنفاقه جماعة؛ كل منهم في موضع رذيلةٍ 
أو مكانٍ لهو؛ وكأن منه رجالاً هو كاسِبُهم وعائلهم» يُنَفْقُ على هذا في القهرة 
وعلى هذا في الحانة» وعلى ذلك في الملاهي» وعلى الرابع في المواخيرء 
وعلى الخامس في المستشفى . . . ؟ إِنْ كان هذا هو أصل الرأي عند العرّب» 
فالعرْبٌ سفية مجومء وهو إنسانٌ خَرتَ من كل جهة إنسانية» وهو في الحقيقة 
ليس المتَّسِعَ لِنقّقاتِ خمسةء بل كأنَّهُ قاتل من أبناء وطنه ؛ إذ كان بهذا مُطِيقاً أنْ 
يكونٌ أب يَفْقُ على أبنائه» لا سَفيهاً يُنَفْقُ على شياطييه . 


)١(‏ خنست: اختفيت» وأنت تتراجع قليلاً قليلاً. (4) يذّخر: يقتصدء يوفر. 
(؟) المجدود: المحظرظ . (5) مِدّد: مفرّق» مدن 
(5) يغْلٌ: يدر ريحاً. (1) يتأبّد: يعيش الدهر كله. 


0 


00 أنْ يُعِينَّهُ 


فإنْ كان قد بنى رأَيّهُ على أنْ يتعرّبَ مُدةَ : ثم يتأهّل ؛ » فهذا أحر 
على حسن التدبير» وهو مَضْراةٌ له على شهرة الجمع وألادّخار؛ إِذْ ا 
كأنما يَكْدَحُ لِعيالِه وهو في سَعَةٍَ منهم بعدُء وهم لا يزالونَ في صُلْبه على الحالٍ 
التي لا يسألوئهُ فيها شيئاً إلا أخلاقاً طَيْبِةَ وهِمّماً وعزائمٌ يَرئونّها من دمِهِ فتّجِيءُ 
مهم إلى الدنيا متى جاءوا. 

إِنْما العرّبُ أحدٌُ رجلين: رجل قد خرج على وطنه وقومه وفضائلٍ الإنسانية؛ 
قاعدّتّهُ : جُرٌ آلحبلّ مَا أنجرٌ لك. وهذا داعِرٌ فاسىّء مبِذّرٌ مِنْلافٌ إِنْ كان مِنّ المَيَاسِير» 
أو مُرِيبٌ دنيء حقيرٌ النفس إِنّ كان من غيرهم. . . ورجل غيرٍ ذلك» فهو في وثاقٍ 
الضرورة إلى أنْ تُطَلِقَهُ الأسباب؛ ومن نَم فهو يعمل أبداً للأسباب التي تُطَلِقُهء ويعرف 
أنْهُ ون لم يكن آهِلاً فلا تزالٌ ذِمهُ في حقٌ زوجةٍ سَيَعُولُهاء وفي حقوقٍ أطفال يِأَبُوهُمء 
وواجباتٍ ووطن يخدمة بإنشاء هذهٍ الناحيةٍ الصغيرةٍ من وجودوء والقيام على 
سياستهاء والنهوض بأعبائها . فَآنظرٌ - ويحَكٌ أي الرجلين أنت؟ 

قال: كيني أذ أقامة كسس ليه وأنا هد ذلك ما يندز لى > قد أشتري بتعب 
سَتَةِ مِنَ العمرٍ تعب العمر كلّه» ‏ ش 

قلْتُ: فهذه هي حِْسَّةُ الفرديّة؛ ودناءتها الوحشيةٌ في جنايتها على أهلهاء وسوء 
أثرها ذ في طباعهم وعزائمهم؛ ا و لك و 
كفب( وتبتليهم بالخوفٍ مِنَ النّبعاتِ حتى لَيَتوهمْ أحذهم أَنَّهُ إِنْ تزوج لم يدخل 
على أمرأة» ولكنْ على معركة. وهي تُصِيبُهم بِالفَسُوَةِ والغِلّظة؛ فما دام الواحدٌ منهم 
واجدأً لنفسف ؛ فهو في تصريفٍ حُحكم الأثّرة» وفي قانونٍ الفِتنةٍ بأهواءٍ النفس 
وَعتَافنَهَا3 كالما بعاملة الثا ربلا كله محدةه أو هو فيهم قوةُ هَضْمٍ ليس غير. 

قال ولكَن الؤوات عَنْدنا عط متقيوة الوتريّة» والنساء كأوراق السحب. 
منهن ورقةٌ هي التوفيق والغنى بِينَ آلافٍ هُنَّ الفقرُ والخيبَةٌ المحمّقة . 

قلَْتُ: هل أعتذت”" أن تتكلمَ وأنت نائم؟ فلَعّلكَ الآنَ في نومةٍ عقلء أو لا 
فأنت الآن في غَفْلةَ عقل. 


)00 أحرى : أجدر . 
(*) لا يعتدٌ بها: لا يعرّل أن يجد فيها مأريه . 


51 


إِنَّ هذا المِسْكي كِينَ الذي يمسحٌ الأحذية ويشتري من تلك الأوراتي لا يخلو 
منها؛ يعلمْ عِلْماً أكثرٌ مِنَ اليقِينٍ أن عيشّهُ هو من مسح الأحذية لا مِنّ الأخيلةٍ التي 
في هَدِءٍ الأوراق؛ فهو لا يعد بها في كبيرٍ أمرٍ ولا صغيره» وما يُْزِلُها في حساب 
رغيفه وثويه إِلَّا يوم يُخَالَطُ ذ قصتلي دكي انيس انعنية النان» رررى إن ليما 
مثلَهُ لا يمسحٌ إِلّا أحذية الملائكة. 


أنت يا هذا مهندس. ولاك يلض الشان وسفن ى المنزلة» فْهَنْكَ أرتأنِتَ أَنَّهُ لا 
يَحسّنُ بك أو # يكن "للك إلا أن متروج بنك ملك مع الجلرك هده وخد هناخ 
عندّك «النمرةٌ الرابحة»» وسائرٌ النساءٍ فقرّ وخيبةٌ» ما دامَ الأمرٌُ أمرّ رأيك وهواك؛ 
غيرَ أنَّكَ إذا عَرضْتَ لِتلكَ «النمرةٍ الرابحة» لم تعرفْكَ هي إلا صُعلوكاً في 

إن تلك الأوراق نُصْنعْ صنعتّها على أن تكونّ مجملتها خاسرة إِلّا عدداً قليلاً 
منها؛ فإذا تعاطَيْتَ شراءها('" فأنْتَ على هذا الأصل تأخدّهاء وبهذا الشرْطٍ تَبِذلُ 
فيها؛ وما تَمْتَرِي أنت ولا غيرُك أن القاعدةً ههنا هي الخيبة» وَشُذْوذّها هو و الربح؛ 
وليسٌ في الاحتمالٍ غيرٌ ذلك؛ ومن ثم فقد بَرِىء إليك الحظ إِنْ لم يُصبْك شية 
منه ؟ وأينَ هذا وأينَ النساء» وما منهُنّ واحدةٌ إِلّا وفيها منفعةٌ تكئرُ أو تقر تقل» بل 
|! لرجال للنساء هُمْ أوراقٌ السّحب في أعتباراتٍ كثيرة» كلمي اسلف 
تسعل البرأة عي :في قرانين الرجل أكثر رما تجعل الرجل في قوانينهاء وهل 
ضاعت أمرأة ِلَّا من ء عَفْلةٍ رجلٍ أو قسوتِه أو مُسولته أو فُجوره؟ 

قال المهندس: فإني أعلمٌ الآن ‏ وكنتٌ أعلم ‏ أنْ لا صلاخ لي إِلَّا بالزواج» 
وأنّ طريقي إلى الزوجةٍ هو كذلك طريقي إلى فضيلتي وإلى عقلي . وتالله 0 
أ وأ عند العزّب ولا أكرّه إليه من بقائهِ عرّباً؛ غير أَنَّهُ يكابرُ في المماراةَ كلما 
تحاقَوّتٌ إليه نفسّف وَكلما راق أن لة تحال يفره وها دن شط الله وسحط 
الإنسالية . ولا مَكَْلِبَةَ فقد والله النقت :في ززائلي ما يضطيع بثنهعهر زوع 
سْرِية تَشْمَط في المهد ”© وتَغلو في الطلّب؛ ولكنْ كيف بي الآنَ وما جبرني من قبل 
إصلاخ ) ولا أعائني أقتصادء» ومَنْ لي بفتاةٍ من طبقتي بِمّهِر لا أتحمل منه رَهَقَأُ 
ولا تتقاصَرٌ معه أموري». ولا تختل معيشتى؟ 


)١(‏ تعاطيت شراءها: اعتدت على شرائها. (1) تشتط في المهر: تغالي فيه. 


51١١ 


قلْتُ: فإذا لم يحملك الحمارٌ مِنَ القاهرةٍ إلى الإسكندرية؛ فإنّهُ يحمِنُكَ إلى 
قليوب أو طوخ . وفي النساء اسكندريةء وفيهن شبراء وقليوب»؛ وطوخ؛ وما قَرْبٍ 
وبَعْدء وما رَخْصٌ وغّلا. 

قال: ولكنْ بلدي الإسكندرية. 

قلْتُ: ولكئّك لا تملك إِلَا حماراً. . . وللمرأةٌ من كل طبّقةٍ سِعْرُها فى هذا 
الأعضاع الفاسه :ولو كنات النامن وصلهرا وأدركوا الحقيقة كما هي 5 
الزواج من قَفْرٍ المُهورٍ كأئما يَركبُ سُلَحْفَاةَ يمشي بها.. . ونحن في عصر القطارٍ 
والطيارة» وقد كان هذا الزواجٌ على عهدٍ أجدادنا في عصر الحمارٍ والجمل - كأنه 
وحذةٌ مِنَ السرعة في طيارةٍ أو قِطار. 

اننا 

حينَ يَفْسْدُ الناسُ لا يكونٌ ألاعتبارُ فيهم إِلّا بالمال» إِذْ تنزل فيميّهمُ الإنسانيةٌ 
وعقى الغال وحدّهُ هو الصالحٌ. الذي لا تتغيرُ قيميّه . فإذا صلحُوا كان الاعتبارٌ فيهم 
بأخلاقهم ونفوسهم» إذا تنحطٌ قيمٌ المالٍ في الاعتبارِ» فلا يغلبُ على الأخلاقي 
ولا يسخِرها. وَإِلى هذا أشارّ النبئ بكِهِ في قوله طالب الزواج: «إلتمسل ولو خائماً 
مِنْ حديد). يُرِيدٌ بذلك نفيّ الماديّة عنٍ الزواج ؛ وإحياء الروحيّة فيه وإقرادة في 
معانيه الاجتماعية الدقيقة» وكأنّما يقول : إن كفاية الرجلٍ في أشياء إنْ يكن منها 
المال فهو فليا ولكدها: حتى إِنَّ الأحسّ الآقلّ فيه فيه لِيُجْزِىءٌ منه كخاتم الحديد؛ إِذ 
الود هو الردولة متها وجلؤريا وقوْتّها وطِباعهاء ولن يُجَْزِىء منه الأقل 7 
الأخس مَعَّ المال. وإِنَّ مِلء الأرض ذهباً لا يُكْمِلُ للمرأةٍ رجلاً ناقصاً؛ وهل تُتِمْ 
الأسنانٌ الذهبيةٌ اللامعةٌ؛ يَحملْها الهَرِمُ في فمه؛ شيئاً مِمّا ذهب منه؟ وما عسى أنْ 
تصنّمَ قواطمٌ الذهب الخالص وطواحئُهُ لهذا المسكينٍ بعد أنْ نطق تحَاتُ أسنائِهِ 
العظميّة وتنائها أنّهُ رجلّ حَلّ البلى في عظامه. . . ؟ 


رؤيا فى السماء 


قال أبو خالدٍ الأحولٌ الزاهد: لما ماتتٍ أمرأةٌ شيجنا أبي رَبِيعةً الفقيهِ 
الصوفيء ذهِيْتُ مع جماعة مِنَ الناس فشَّهِدَنا أمرّها؛ فلمًا فرغوا من دفيها وسُوْيَ 
عليهاء قامَ شيحُنا على قبرها وقال: يرحمك اللَّهُ يا فلانة؟! الآن قد شُفِيتِ أنتٍِ 
ومَرضتُ أناء وعُوفِيتٍ وَأَبتْلِيتُ» ونركيني ذاكراً وذهيبْتٍ ناسية» وكانّ للدنيا بكِ 
معئى» فستكونٌ بعدَكٍ بلا معنى؛ وكائث حيائكِ لي نصفٌ القوّة: فعاد موك لي 
نصفٌ الضشعف»؛ وكنتُ أرى الهمومَ بمواساتك هموماً في صُوّرها المخقّفة» 
فستأتيني بعدَ اليوم في صُوَرِها المضاعفة؟ وكانّ وجودُكِ معي ججاباً بيني وبين 
مَسْفَاتِ كثيرة» فستخلْصٌ كل هذه المَشَاقَ إلى نفسي؛ وكانتِ الأيام : تمرُ أكثرٌ ما 
تمرٌ قنك وحَنانك» فستأتيني ني أكثْرٌ ما تأتي مُتَجِرَدَةا'' في قسوتها وغِلْظيها. أمَا إنِي 
- والله - لم أَزْرَأْ منكِ في أمرأةٍ كالنساء. ولكئي رُزِْئْتٌ في المخلوقةٍ الكريمة التي 
أحسسْتُ معْها أنَّ الخليقة كائث تتلطفٌ بي من أخلها! 

قال أبو خالد: ثم أسمّذ مَعْ الشيخ؛ فأخذْتُ بيدِهٍ ورجمَنا إلى داره» وهو كان 
اغلم با تمري الناسُ بعضهم بعضاء وأحفظ لِمَا وَرَدَ في ذلك؛ غيرَ أنَّ للكلام 
ساعات تَبِطلُ فيها معانيه أو تَضْعْفء إذْ تكونُ النفسٌ مُسْتَغْرِقَةَ الهم في معئى واحدٍ 
قل أتحصرّث فيه نا من هَوْلٍ'" الموت» أو حب وقعّ فيه من الهَوْلٍ ظِلَ الموت؛ 
أو رغبةٍ وقعَ فيها ظِلْ الحُبَء أو لَجَاجةٍ وقعَ فيها ظِلُ الرغبة . فكنْتُ أحذثة 
وأعديه: وهو بعيد من حديئي وتعزيتي ؛ ؛ حتى أنتهيّنا إلى الدارٍ فدخلنا وما فيها 
أحد؛ فَنظّرَ يِمْئَةَ ويَسْرةً» وقَلَّبَ عينيهِ ههنا وههناء وحَوْقَلَ وَأُسْترَجَع! ”2 ثم قال: 
الآنَ مانّتِ الدارٌ أيضاً يا أبا خالد! إِنَّ البناة كأنّما يحيا بروح المرأةٍ التي تتحرّك في 
داخله؛ وما دام هو الذي يحفظها للرجل» فهو في عينٍ الرجل كالمِطْرَفٍ”'' تلبِسْهُ 
)١(‏ متجورّدة: عارية. (؟) هول: عظم. 


زفرفق حوقل واسترجع : قال: لا حول ولا قرة إِلَّا بالل » واسترجع : قال* نا لله وإنا إليه اجعون. 
(5) المطرف: نوع من الأردية يصنع من خَرٌ يحلى بالنقوش» تلبسه المرأة. 


51 


فوقٌ ثيابها من فُوقٍ جسيها: وانظز كم بين أن ترى عيناكٌ ثوب أمرأة في يدٍ الدلالٍ 
في العوق تويين أذ حرا يناك يلحها وتليسه! ولكنّك أيا أبا خالدٍ لا تفْقَّهُ من هذا 
ف فأنت رجل آليْتَ لا تَقُرَبُ النساءَ ولا يَقْرَبْتَكء ونِجْوْتَ بنفسِك منهُنٌ 
وأنقطغت بها لله؛ وكأنّ كلّ نساءٍ الأرض قد شاركنَ في ولادتك فحَرْئْنَ عليك! 
وهذا ما لا أفهمُهُ أنا إِلّا ألفاظاً. كما لا تفهمٌ أنت ما أجِدُ الساعة إِلّا ألفاظاً؛ وسَمَانَ 
بِينَ قائل يتكلّمُ من الطبع. وبِينَ سامع يفهمُ بالتكلّف . 
قلف لب نابا ويس وماتيبكك الكو 1 اال 0 
أسبابّك”" مِنّ النساء ‏ أنْ تعيشٌ خفيف الظهرهء وتفرْغً لِلنْسْكِ والعبادة» وتجعلٌ 
قلْبّك كالماء أنقشمَّ غَيمُها فسطَعَتُ فيها الشمس؛ فإنّهُ يقال: إِنّ ألمرأة ولو كانّثْ 
صالحةً قانِتّة ‏ فهي في منزلٍ الرجل العابدٍ مَدْحْلُ الشيطانٍ إليه» ولو أن هذا العابدَ 
كان يسكنُ في حَسناتِه لا في دارٍ من الطوب والججارة لكانتٍ أمرأئهُ كر يقتحمْ قِ 
الشيطانٌ منها . ولقذ كان آدمُ في الجنة» ا 
منمَّ ذلك أنْ تتعلّقَ رُوحُ الأرض بالشيطان» فيتعلّقَ الشيطانُ بحرّاء» وتتعلّقَ هي 
بآدم ؛ ومكرَ الشيطانُ فصورها لهما في صِيغة مسألة عِلْميّهَ وَمَكَرَتْ حَوَاءُ فوضَعَتٌ 
فيها جاذبيّةَ اللحم والدم. فلم تعذ مسألةً عِلْمٍ ومعرفة» بل مسألةً طبْع ولّجاجة. 
ا 
وهل أجتممٌ الرجا ل وَألمرأةٌ من بعدها على الأرض إلا كانا من نَصَبٍ الحياةٍ 
وهمومهاء 0 ومطامعهاء ومَضَارَّها ومعايبها ‏ في معتى (بَدَثْ لهما 
0000 
كلانا يا أبا ربيعة مِمَنْ لهم سَيْرٌ بالباطنٍ في هذا الوجودٍ غيرُ السيرٍ بالظاهر؛ 
ينزو جرك بالجد يقير العركة بالبعسيم ٠‏ فقبيح بنا أن نتعلّق أدنى مُتَعَلْي 
بنوامسي(» ؟ هذا الكَوْنِ اللْخميّ الذي يُسمّى المرأءَ نير ثدِل وإسفافٌ منًا. 
ولَعَلّك + تقول: «الئَْل وتكثِيرُ الآدميّة» فهذا إنما كتب على إنسانٍ الجوارج 
والأعضاءء أنّا إنسانُ القلْب فلَّهُ معناهُ وحُكمٌ معناه؛ إِذْ يعيش بباطنه» فيعيشٌ ظَاهرهُ 


. اطرحت: رميت. (؟) انبتت: انقطعت‎ )١( 
أسبابك: مفرده سبب وهو الطريق» ويقصد هنا الغاية.‎ )*( 

(4) سورة: الأعراف» الآية: 7١‏ وسورة: طفء الآية: 171. 

(5) نواميس: مفرده ناموس » وهو القانون. 


"15 


في قوانين هذا الباطن» لا في قوانين ظاهِر الناس. وإِنَّهُ لَشِرْ كل ما نَقَلكَ إلى طبع 
أهلٍ الجوارح وشَهواتِهم. فَرَْنَ لك ما يُرَيْنُ لهم؛ وشغَلّك بما يَشْغْلّهم؛ فهذا عندنا 
- يرحمُك الله بابٌ كأَنهُ من أبواب المجُونٍ الذي يتَقُلُ الرجلّ إلى طَبْعْ الصّبيّ . 

تأطييق "ديا كن على 'موعبيها من قليك» والن النوو على طلياء 
قلقو قن فلت الاين أذ التحويل [3 خنامه وير الردية إن شاد هري يه الماذة كما 
يزيد أذ كرن لذ كما كوف رادت اقلا كانت فيك أمراء تقولها مادق براقين 
بنورك عكسس ما يعمل أهلّ الجوارح بظلايهم» فقد تكونُ في أحدِهمٌ ألصلاهٌ 
حولي آمرأة. 

قال أبو ربيعة : تاللَه ‏ إِنّهُ ِرأيٌ؛ والوخدةٌ بعد الآنَ أرْوَحٌ لقلبي» وأجمعْ 
لِهمّى؛ وقد حَلَّعَني أللَّهُ مِمّا كت فيهء وأحذّ القبرُ أمرأتي وشَّهوّاتي معأ. فسأعيش 
ما بقي لي فيما بقِي مني. وزوال شيءٍ في النفس هو وجودُ شيءٍ آخر. ولقدٍ 
َنتَهِيْتُ بالمرأةٍ ومعانيها وأيامها إلى القبرء فالبَدْء الآنّ منّ القبرٍ ومعانيه وأيامه. 

نت ا 

وتَّوَانَهًاا"؟ على أنْ يسيرا مع في (باطن) الوجود.. ! وأنْ يعيشا في عُمرٍ هو 
ساعةً معدودةٌ اللّحَظات» وحياةٍ هي فكرةٌ مرسومةٌ مصوّرة. 

قال أبو خالد: ورأيْتٌ أنْ أبِيتَ عندَهُ وفاء بحقّ خدمته؛ ودذفعاً للوحشة أنْ 
تُعَاودَهُ فتدخل على نفسِهٍ بأفكارها ووّساوسِها . وكانٌ قد عْمَرَنَا تعبُ يومِناء وأغيا 
انو ونيف و هدلت القىة؟ كلتا لها الما فلج ياءانا وويعةم أعنث للف أن 
تررح يك نيت نا بق فإذا أَسْتَجْمَمت”" أيقظثك فقٌمْنَا سائرَ الليل. 

فما هو إِلّا أن أضطجعٌ حتى عَلبَهُ النُعاس . وجلسْتُ أفكْرُ في حالِهِ وما كان 
عليه وما أجتهذتٌ لَهُ منَ الرأي؛ وقلْتٌ في نفسي: لَعلّني أغريُهُ بما لا قِبَلَ لَهُ به 
وأَشَرْتُ عليه بغيرٍ ما كان يَحسنٌ بمثله, فأكونَ قد عشْشْئه . وخاموّني”*) الشكُ في 
حالي أنا أيضاء وجعلْتٌ أقابلٌ , بِينَ الرجل متزؤجاً عابداً» وبينَ ارج شايدا و 
يتزوّج؛ وأنظرُ ة في أرتياض اجذه تسب زافله وعِيالِه وَأرتياض الآخر بنفسِه 
وحدّها؛ وأخذْتُ أذهبُ وأجى؛ من فِكْرٍ إلى فِكُر» وقد هَدأً كل شيء حولي كأنَّ 


() قاطمس: غط. (9) استجممت: استرحت واستعدت قوتك . 
(؟) تواثمًا: تعهدا. (4) خامرني الشكٌ: انتابني» ساورني. 


نلا 


المكانَ قد نام» فلم ألبثْ حتى أحذئني عيني فيلت وَاسْتَئقَلتُ!'' كأنّما شُدِدتُ شذدًا 
بحبالٍ مِنَّ النوم لم يجى: مَنْ يَقْطمُها . 

ووائك في درق كائيا الام رقن تك الناس وضاقٌ بهم المحشّرء وأنا في 
جُملة الخلائق. وكأننا مِنَ الشغطة'" حَبِ مَبْقُوتُ”" بين حَجَرَيْ الّحى. هذا 
والموقفٌ يَعْلِي بنا عَلَيِانَ القِدْرِ بما فيهاء وقدٍ أشتدٌ الكربُ وجهِدَنًا العطش» حتى 
ا كد إلا وَكَأن اللححع تلد على كيده فماعو العطكن بل هو التعان 
واللّهبُ يَحْتَدِمُ بهما الجوفٌ 0 

فنحن كذلك إذا وِلْدَانْ يتخللر يِتَخْلْلُونَ الجمع الحاشد» عليهم مُناديل من نورء 
وبأيديهم أباريق من فضة وأكوابٌ من ذهبء يملأون هذه من هذه بِسَلْسالٍ بَرُودٍ 
عَذْبء رُؤيئُهُ عَطَشٌ ممّ العطشء حتى لَيتلَوّى مَنْ رآهُ مِنَ الألم» وَيتَلَعْلَمُ) كأئّما 
كُوِيَ به على أحشائه . 

وجعلّ الولْدَان يَسقُون الواحدّ بعد الواحدٍ ويتجاوزون مَنْ بيتهماء ٠‏ وهم كُثْرَةٌ 
ف النانن 9 كاتا يتخللون الجمع في البحث عن أناس بأعيانهم» يَنْضْحُونَ غليل 
أكبادهم بما في تلك الأباريتي من رَوْح الجنّةِ ومائها ونسيمها. 

وذاتي العتى» فدات لبه يدي وكليظ لخدي فد بيقك واعكر ‏ م 
العطش "١!‏ 

قال: «ومَّنْ أنت؟» 

قلت : «أبو خالدٍ الأحولٌ الزاهد. 

قال: «أُلَكَ فى أطفالٍ المسلمينَ وَلدٌ أَفْتَرَطْتَهُ!*' صغيراً فَأَحتِسْبِتَهُ عند الله؟» 

تلت: ولا ..» 

قال: «ألك ولد كَبرَ فى طاعة الله؟» 

تلك لام 0 

قال: «ألكٌ ولدٌ نالَنْكٌ منه دعوةٌ صالحةٌ جزاء حقّك عليه في إخراجه إلى الدنيا؟» 

قلت: «لا...» 


. استثقلت: استغرقت في نوم عميق‎ )١( 


(؟) الضغطة: شذة الزحام في يوم الحشر. (4) يتلعلع: يعلو صوته ويرتفع ثيثاً فشيثاً. 
(*”) مبتوث: منتشر. (6) أفرطته : افتقدته . 


"1 


قال: «ألكَ ولد من غيرٍ هؤلاء ولكنّك تعْبتَ في تقويمه» وقُمْتَ بحق اللّهِ فيه؟» 

قلْت: «يرحمْك الله إني كلّما قلت «لا؛ أحسْستٌ «لا؛ هذه تمرُ على ساني 
كالمكواة الحامية . 

قال: «فنحن لا نسقي إِلّا آباةنا؛ تَعِبوا لنا في الدنياء فاليومٌ نتعبُ لهم في 
الآخرةء وقدّموا , بين أينيهم الطفولة وثما اقذموا ألسة طاهرة للدفاع عتهم في هذا 
الموقفي الذي قامّتْ فيه محكمةٌ الحَسَّئَةِ والسيئة. وليس بعد ألسنة الأنبياءِ أَشَدْ 
طلاقة من ألسنةٍ الأطفال» فما للطفل معئّى من معاني آثامِكم يَحْتَبِسٌ فيه لِسائّهُ أو 
يُلَجْلِجُ”'' بها . 

اولك فجن جُنُوني» وجعلْتُ أبحثُ في نفسي عن لفظة «ابن نكائنا 

مسِحَتِ الكلمةٌ من جفظي كما مُسِحْتْ من وجودي؛ وذكرْتُ صَلاتي وصيامي 
وا يلاوو اال ور در 
رده ايش 

وقال: يا ويلك! أما سمِغت: (إِنّْ منّ الذنوب ذنوباً لا تُكَفْرُها الصلاهٌ ر 
الصيامٌ» ويُكفرُها العم بالعيال». أتعرفٌ من أنا يا أبا خالد؟ 

قلت: هن أنت - يِرْحَمْا الله بك -؟ 

قال: أنا أبن ذاك الرجلٍ الفقيرٍ المُعِيلِء الذي قال لِشيجِكٌ إبراهيمَ بْنِ أدهم 
العابدٍ الزاهد: «طوبى لك! فقد تفُرَغْتَ للعبادةٍ بالعزوبة». فقالَ لهُ إبراهيم: 
«لَرَوْعةَ”" تَنانُكَ بسبب العِيالٍ أفضلٌ من جميع ما أنا فيه. .»2 وقد جاهد أبي جهاد 
قلبهِ وعقَلِه وبدنه» وَحَمَلَ على نفسِه من مقاساةٍ الأهلٍ والولدٍ حَمْلهًا الأنسانيٌ 
العظيمء ون لع نحي وأغتمٌ غير نفيبه» وعمل لغيرٍ نفسِهء وآمَنَ وصَبّرٌَء 
ووئِقٌ بولاية الله حينَ ترّرْجّ فقير» وبِضَمانٍ اللَّهِ حين أعقبٍ فقيراً؛ فهو مُجامِدٌ في 
سْبْلٍ كثيرةٍ لاف مسيل واأحدة كما يُحَاهِد الخراء؟ هؤلاء يُستشهدونٌ مرةً واحدة؛ 
أنّا هو فيستشهدٌ كل يوم مرةٌ في همويِهٍ بناء واليومٌ يرحمُّةُ اللّهُ بفضلٍ رحمته إيّانا 
في الدنيا. 


أمَا بَلَْكَ قول ابن المُبِارَكِ وهو مع إخوانه في العَزو: «أتعلمونٌَ عَمّلاً أفضلٌ 


)000( بتلجلج : يتعتع 2 يتلعثم . 


6 روعة: خوف. 


مِمّا نحن فيه؟ قالوا: ما نَعْلَّمُ ذلك. قال: أنا أعلم. قالوا فما هو؟ قال: رجل 
مُتَعَقُْفَ على فقره؛ ذو عائلةٍ قد قامَّ مِنَ الليل» فنظرّ إلى صِبيانِه نامأ مُتَكشْفِينء 
فسئرهم وغطاهم بثوبه؛ فُعَمَلّهُ أفضلٌ مِمّا نحن فيه. ..» 

يخ الآت السكين 'ثرنة علق منيت للدزتهع يو اريطلقى سوه ه البردَ في 
الليل» إنَّ هذا البردّ ‏ يا أبا خالد - تحفظة لَهُ لَهُ الجنةٌ هنا في حَرَ هذا الموقفبٍ كأنّها 
مُؤْنَمَتَهَ عليه إلى أنْ تُودَيّه. وإِنّ ذلك الدفْء الذي شملّ أولادَهُ يا أبا خالد ‏ هو هنا 
يُعَاتلُ جهنم ويدفعُها عن هذا الأب الميسْكين. 

قال أبو خالد: ويَّهُمْ الوليدُ أنْ يمضي ويدَعَني0) ٠‏ فما أملِك نه نفسيء فأمدٌ 
يدي إلى الإبريق فأنْشِطة”" من يده فإذا هو يتحول إلى عظم ضحم قد نُشِبَ في 
كفي وما يليها من أَسَلَةٍ الذراع”"” فغابث فيه أصابعي» فلا أصابم لي ولا كف . 
وأبى الإبريق أن يسقيّني وصار مُثْلَهَ بي؛ وتجسّدّث هذه الجريمةٌ لتشهّدَ علء 
فأخدّني الهزلٌ والفرّع. وجاء إبريقٌ من الهواءء فوقمَ في يدٍ الوليد؛ فتركني 
ومضى . 

وثُلْتُ لنفسى: وَيسَكٌ يا أبا خالد! ما أراك إلا مُحَاسّباً على حسناتك كما 
ُسَاسَبُ المُذتِبونَ على سيئاتهم. :فلا حول ولا قوة إلا بالله! 

ربلعْئْني الصبّحةٌ الرهيبة : أين أبو خالدٍ الأحوالٌ الزاهدُ العابد؟ 

ثُلْت: هأنذا. 

قيل: طَارُوسٌَ من طواويس الجنة قد حُضٌ”' ذَيْلهُ 0-7 أحسنٌ ما فيه! أين 
َيْلْكَ من أولادِك, وآأين محاسئك فيهم؟ أخْلِقَتْ لَكَ المرأةٌ [ ِحجَئبها» وجَعَلْتَ نَسْلٌ 
أبويك لِتتبرّأْ أنت منّ النسل؟ 

جِنْتٌ منّ الحياة بأشياء ليس فيها حياة؛ فما صنعْتٌ لِلحياةٍ نفسها إِلَّا أنْ 
هريْتَ منهاء وأنهرمتٌ عن ملاقاتها؛ ثم أئز عائزة النصر على كزيية. ١‏ 

عَمِلَّتِ الفضيلةً في نفسِك ونشأتك؛ ولكنّها عَقِمَتْ فلم تعمل بك. لك ألفٌ 


. يدعني : يتركني‎ )١( 

(؟) أنشطه : أنتشله. 

() أسلة الذراع: القسم الذي يلي اليدين من الذراع: والأسلة هي الرسغ من المعصم. 
(4) حص ذيله: قطع . 


"14 


ألفٍ ركعةٍ ومثلها سَجِدَاتٌ منَ النوافل؛ وَلخَيْرٌ منها كُلّْها أَنْ تكونٌَ قد خرجَتُ من 
ثُلبك أ ضاءٌ تركمٌ وتسجد. 

قتلْتَ رجولتك. ووَأدذت”'' فيها النّسلء وَلَبِنْتَ طِوالَ عمرك ولدأ كبيرا لم 
تبلغ رتبةَ الأب! فَلَئن أقِمْت الشريعة» لقد عطلتَ الحقيقة؛ ولئنْ... 

قال أبو خالد: ووقعَث عنَّهُ النونٍ الثانية في مِسْمَّعيَ من هَوْلٍ ما حِفْتٌ مِما 
بعدّها كالتّفخ في الصّور'”'؛ فطارٌ نومي وقُمْتٌ فَزعاً مُشْنَّتَ القلب» كمَنْ فتح عينيه 
بعد غَشْيةء فرأى نفسّهُ في كمَّنٍ في قبرٍ سد عليه . 

وما كدت أعي وأنظرٌ حَوْلي وقد بَرَقَ الصّبحُ في الدارٍ حتى رأَيْتُ ا 
كلت كانم تين 08 دكن من فرّعِه وقالَ أهلكتني يا أبا 
خالد» أهلكتّني - والله -. 


وت 
2 
0 


قلت: ما بالك يرحمك الله! 

قال: إِنّي نْمْتُ على تلك النيةِ التي عرفت أنْ أجممٌَ قلبي للعبادة» ألمي 

منّ المرأةٍ والولدء ومن نّ المعاناة لهما في مَرَمّةٍ المعاش”** والتّلفيقٍ بِينَ رغيفٍ 
000 أعْفِيَ نفسي من لأوائهم وضّرّائِهم وبلائهم» لإفرعٌ إلى الله ادر 
عابم رحد ٠‏ وسألث الله أن يجيد لي هن ترمن؛ فرأيُتٌ كأنّ أبوات السماء قد 
متحت ) وكأنَ رجالاً ينزلونَ ويسيرونَ في الهواء يتبعُ بعضهم بعضأء أجنحة وراءً 
أجنحة ؛ فكلّما نزلَ واحدٌ نظرَ إلىّ وقال لِمَن وراءه: هذا هو المشئوم! 

فيقول الآخر: نعم هو المشئوم! 

وينظز هذا الآخْرُ إلى ثم يلتفتُ لِمَن وراءهُ ويقولٌ له: هذا هو المشئوم! 

فيقول الآخر: نعم هو المشئوم! 

وما زالّت «المشئوم» المشئوم» حتى مرُوا؛ لا يقولون غيرّها ولا أسمع 
غيرّهاء وأنا في ذلك أخافٌ أن أسألهمء هيبةً منّ الشؤمء ورجاة أنْ يكونّ المشئومٌ 
إنساناً ورائي يُبصروتّه ولا أبصرًه. ثم مر بي آخرهمء وكان عُلاماً. فقلْتٌ له: يا 
هذاء مَنْ هو ألمشعومُ الذي تُومِئُون إليه؟ 


)١١‏ وأدت: دفنتت. () مستطار القلب: فزع. 
() الصور: البوق. (4) مدمة المعاش؛ ضيق العيش. 


حلمم 


قال: أنت! 

يقلت ون اذاه 

قال: كُنَا نرفغ عملّكَ في أعمالٍ المجاهدينَ في سبيل ألله؛ ثم مانت أمرأئك 
وتحرّْنْتَ على ما فانَّكَ منّ القِيام بحقّهاء فرفغنا عملّك درجةً أخرى؛ ثم آَمِرْنا الليلة 
أن نضمَّ عملَّكٌ مم الخالفِينَ”'؟ الذين فرّوا وجَبُنُوا! 

عق عد 6د 

إن سمو الرجُلٍ بِنَفْسِهِ عن الرّوْجَةٍ وَالولّدٍ طَيَران إلى الأعلّى. . ولكنّهُ طَيَرانَ 
على أَجْنِحَةٍ الشَّيَاطِين! 

طَيَرانُ بالرجُل إلى قُوّمَةِ البُرْكانٍ الذي في الأعلى. . ! 


تك 0 


) الخالفين: الناكصين على أعقابهم . 
اميق 


بنلهُ الصغيرة 


فرغ أبو يحيى مالك بْنُ دينار» زاهدٌ البَضْرةٍ وعالمُهاء من كتابةٍ المُضْحَف؛ 
وكانَ يكتبُ المصاحف للناس» ويعيش مِمّا يأخذُ من أجرةٍ كتابته ؛ تعمّفاً أنْ يَطْعَمَ 
إلا من كَسْب يده ثم خرجٌ من داره وَْهُهُ المسجدء فأتاةٌ فصلى بالناس صلاةً 
العصرء وجلسوا ينتظرونّه؛ وأستوى هو قائمآء فركمٌ وسبجد ما شاة الله حتى قضى 
نافِلَتّه؛ ثم أَنْقَتَلَ من صلاتِه فقامَ إلى أل التي يستندٌ إليهاء وتّحَلّقَ الناسٌ 
حول بجموعاً خلفٌ جموع خلفَ جموع» يذهبٌ فيهمٌ البصرٌ مرةً هنا ومرةً هنا من 
كثرتهم وأمتدادهمء حتى تغطى بهمْ المسجدُ على رُخبه . ومدّ الإمامٌ عينّهُ فيهم ثم 
أطرقّ إطراقةً طويلة» وَالتَا كأنّ عليْهم الظين هنا مسكدوا لَهَبيعه لهيبته» وممًا عَجِبُوا 
لخشوعه؛ ثم رفم الشيحٌ رأْسَهُ وقد تَنَدَتْ عيناه فما نُظرَ إليهم حتى كأنما طلم 
على أرواجهم فجْرٌ رَطبٌ من سِحْرٍ ذلك الندى . 

وبَدَرا”' شابٌ حَدَثْ فسأله: ما بكاءٌ الشيخ؟ وكانّ قريباً يجلسٌُ منّ الإمام في 
سنت بصرو'* فتأئلة الي طويلاً يعلْبُ فيه الطزف كالمتعجب» ولَيث لا يُجيية 
كأنيا فقة لبدانة أى كدت تمن انشع حال فهك يُنْْتٌ شيئاً مِمّا يرى . 

وأزداد الناسٌ عجباً؛ فما جَرّبوا على الشيخ عن لزيا حمر ولا عِيّاء ولا 
قَطعَهُ سُوَالُ قَطء ولا تخلّف عن جواب؛ وقالوا: إنّ لَهُ لشأناء وما بد أنْ تكرنٌ من 
وراء بسيو شِعابٌ في نفيه تَهُِْ يها وتعتيج ؛ ؛ فما أسرعَ ما يلتقي السيل» 
فيجتمع» فيُصَوّبُ إلى مجراف فَيَقَاذّف . 


)١(‏ أسطوانته : العمود المخصص لحلقته التي يدرّس بها. 

(9) بدر: ظهر. (9*) ممت بصره: مدى نظره المواجه له. 
)5( الحصر: انحباس النطق. وهو العي . عدم القدرة على الكلام. 

(5) الحبسة: عدم القدرة على التطق. 


فى 


وتبسّمٌ الإمامٌ وقال: أمَا إِنّي قذ ذكزتٌ ذكرّى فبكيْتُ لهاء ورأيُْتُ رؤيا 
فتِبِسّمْتٌ لها؛ أمّا الذُكرى» فهل تعلمون أن هذا المسجدّ الذي يفْهَيَا'' بهذا الحَشْدِ 
العظيمء وتقمُ فيه المدينةٌ ِكل أذّانِ وتطير - هل تعلمونَّ أنّهُ خلا قط منّ الناس وقد 
وَجَبَتِ الفريضة؟ قالوا: ما تَعْلمُه. 

قال: فقدَ كان ذلك لِعشرينَ سنةً خَلَّتْ في مَوْت الحسنء» فقد مات عَشِيَة 
الخميس» وأصبخنا يومَ الجمعةٍ ففرعْنَا من أمرء وحملْناهُ بعد صلاةٍ الجمعة؛ فَتبع 
أهل البصرة كلّهم جنازتهُ َأشْتعُلوا به فلم تُقَمْ صلاهٌ العصر بهذا المسجدء وما 
تُرِكَتْ منذُ كان الإسلامُ إِلّا يومَعطٍ؛ ومثلُ الحسّن لا تموثُ ساعةٌ موتِه من عْمْرٍ مَنْ 
شَهِدّهاء فذلك يوم عجيبٌ قد لف نهارةٌ البصرَة كلّها في كَمَنِ أبيض» ذا ليت في 

نفس رجلٍ ولا آمرأةٍ شهرةٌ إلى الدنياء وفرع كل إنسانٍ من باطلة» كما يَفرَعٌ مَنْ أيِقنَ 

أنْ لَيِسَ بِيئَهُ وبينَ قبره إِلّا ساعة؛ وظهّرٌ لهم الموثُ في حقيقة جديدةٍ بالغة الرُوْع لا 
يراها الأبناءً في موتٍ حبيبه» ولا الحميمٌ في موتٍ حمييه؛ فإِنَ ألجَمِيمَ فقدوا الواحدٌ 
الذي ليس غيرُهُ في الجميع ؛ وكما يموتٌ العزيزٌ على أهلٍ بيتٍ فيبكون الموْتَ واحداً 
وتتعدّدٌ فيهم معانيهء كذلك كان موث الحسن مَوْتا بِعَدَّدٍ أهلٍ البصرة! 

ذاكَ يوم آمتد فيه الموث وكبرء واكيلشة" "كه الحناة محرت وتيا ردت 
الدنيا عند أهلهاء حتى رجِعّث بِمِفَدارٍ هذه له التي يُلقَى فيها الملوك 
والصعاليك والأخلاطٌ بين هؤلاءِ وأولئك؛ لا يَصِْرُ عنها الصغيرء ولا يكَبُرُ عنها 
الكبير ؛ يدود لني عطي ريج بزاللانيا غلن اقذر يوك راز بالعرابة 
تنكشِفْ للأبصارٍ عن شَوْمَاء”" نجسة قد أرَمّتْ*' لا نُطاق على النظرء ولا على 
الم ولا على اللمس؛ وما كر إل عن آفة » وما تتفجّرُ إلا لهام الأرض . 

تلك هي الذكرىء وأمًا الرؤيا فقد طالعَمْني نفسي من وجه هذا الفتى» 
ذأبصرْئُني حينَ كنْتُ مئْلَهُ يافعاً مُتَرعْرِعاً داخلاً في عصر شبابي؛ فكأئّما أَنتبهّتْ 
عيني من هذه النفس على فاتك حبيث كان في جناياتِه في أغلالِهِ في سجنه؛ ومات 
0 0 

إي مُخْبرُكم عن لِمَالم تُحيطوا بهء فأرْعَوهُ أسماعكم””» وأَخْضِروهُ 


(0) اتكمشت: توئفت. (8) أرمّت: بليت. 
(؟) شوهاء: بشعة. (5) ارعوه أسماعكم : أنصتوا إليه جيداً . 


قف 





أفهامكم؛ واستجِمِعُوا لَّهء فإنَّهُ كانَ غَيْبَ شيخكم.ء وأنا محَذنْكم به كَيْلا ييأس 
تست دولك قط اقل فان وفية الله قري من المتسصسية.: 
تفن 


عد 


لقذ كنتٌ في صذر أيّامي شُرْطيّاء ال ا 
وأتشه30ع وكنتُ قويًا معصوباً في مثل جَبْلة الجبّل من غِلَظٍِ وشِدّة» وكثتُ قاسياً 
كأنَ في أضلاعي جددلةٌ لا كُلْبأء فلا أتذئة0" ولا 03 وكنْتُ مُدمِئاً على 
الخمرء لأنْها رُوحانيُةُ مَنْ عَمَجْرَ أن تكونّ فيه روحانيّة» وكأنئها إلهبّةٌ يُرَرّرُها الشيطان 
- لعن ألله ‏ فِيَخْلّىُ بها للنفس ما تُحبُ مِمّا تكرّهء ويُئِيبُها ثوابَ ساعة لِيسَتْ في 
الزمن بل في خيالٍ شاربها. وكأنّ جَهْلٌ العقل تَنْسَهُ في بعض ساعات الحياة» هو - 
في عِلْمٍ الشيطانٍ وتعليمه ‏ معرفة العقلٍ نَفْسَهُ في الحياة! 

قينا أنا ذاتٌ وم أجول في السوق » والناس يفَو رون في بيعهم وشرائهم» وأنا 
41 السار اد للجاني» وأنهئا للنزاع ‏ إِذْ رأَيْتُ أثنين يَتَلاحَيان”*'» وقد 
لَبَت0* أحَدُمُّما الآخر؛ فأخذْتٌ إليهماء فسمختُ المظلومٌَ يقولٌ للظالم: لقدْ 
سَلَبْتَي فَرَّحَ بُتيّايء فسيذعونَ اللَّهَ عليك فلا تصيبُ من بعدها خيراًء فإِنّي ما 
حرجت إِلَا آتباعاً ِقولٍ رسول أَللَهِ يْ: «خرجَ إلى سُوقٍ من أسواقٍ المسلمين» 
فأشترى شيئاء فحملَهُ إلى بيتِه» فخَصٌ به الإناثٌ دونَ الذكور؛ نَظَرَ الله إليو» . 

قال الشيخ : وكثْتُ عزبأ لا زوجة لي» ولكنٌ الآدميّةَ أنتبِهَث فيّ» وطمِعْتٌ 
في دعوةٍ صالحة من البْنَيَاتِ المسكينات» إذا أنا فرْحْمُهُنٌ ؛ وَدَخَلْتْني لهنّ رعة 
شديدة؛ فَأحْذتٌ للرجل من غريمِه مِهِ حتى رضي »2 وأَضعفْتٌ لَهُ من ذات يدي لأزيد 
في فرح بشايه وقلْتٌ لَّهُ وهو ينصرف: : عَهْدٌ يُحاسبّك اللَّهُ عليهء ويّستوفيهٍ لي 
مئكء أنْ تجعلّ بناتك يدعون لي إذا رأيْتَ فَرَحَهِنْ بمَا تحمل إل نّء وقل لهن: 
عاللك إن كان 1 

وَبَث ليلتن أَتَقَلْبُ مفكراً في قولٍ رسول اللَّهِ كل ومعانيه الكثيرة» وحكه) 
على إكرام البنات» وأنَ مَنْ أكرمٌ بناتَهِ كَرْمَ على الله» وجِرْصِه أَنْ ينشأنَ كريماتٍ 
)١(‏ أتفتى وأتشطر: أقوم يأعمال العيارين وقطاع الطرق. (8) يتلاحيان: يتعاركان. 

(1) أتذمم: أذم ما أنا فيه. (5) الليب: ياقة الرقبة من الرداء. 
(5) أتأئم: أشعر بالائم. (5) حثه: تشجيعه لهم . 


اعفف 





فُرحات ؛ وحدّئّي هذا الحديثٌ ليلتي تلك إلى الصبح» وفكّرتُ حينئذٍ في الزواج 
وعَلِمْتُ أنَّ الناسّ لا يزؤجونني من طيباتِهم ما ذُمْتُ من الحَبيئِين؛ فلمًا أصبختُ 
غدَوْتُ إلى سُوق الجواري'''. فأشتريْتُ جارية نفيسّة» ووقعَثْ مني أحسنّ موقع» 
ووَّلَدَتْ لي بنتا فشُغِفْتُ بهاء وظهرّث لي فيها الإنسانيّة الكبيرةٌ التي لِيسَتْ فيّ» 
فرأَيْتُ بُعْدَما بيني وبينَ صورتي الأولى؟ ورأيْنُها سمازية لأاتملك ينا وتملك أباها 
وأمّهاء ولي لها منّ الدنيا إلا شَبِعٌ بطنها وما أيسَرّه؛ ثُمّ لها بعدَ ذلك سرورٌ نفسها 
كاملاً تَشْبُ عليه أكثرٌ مِمّا تَشْي على الرّضاع؛ فَعلِمْتُ من ذلك أن الذي تَكْتَيقهُ”© 
رحمةٌ الله يملكُ بها دنيا نفسهء فما عليه بعد ذلك أنْ تفوتّهُ دنيا غيره؛ وأنَّ الذي 
يجِدٌ طهارةً قله يجدٌ سرورٌَ قلبه وتكونٌ نفسُهُ دائماً جديدةً على الدنيا؛ وأنَّ الذي 
بحي الئقة ننه اللعد؟ رافذي لا نباتي الي الأ يالك اليل به؛ وأنَّ زيئةَ الدنيا 
ومتاعها وغرورها وما تجلِبٌ منّ الهم كل ذلك من صِغرٍ العقل في الإيمانٍ حينَ 
يكبرُ العقلٌ في العِلّم! 

كانت البْئَيّةُ بدة حياةٍ في بيتي وبدة حياةٍ في نفسيء فلمًا دبْثْ”" على الأرض 
أَرَددْتُ لها حُبّاء وألمَئني وألْفنُها. فَرُزْفَتْ روحي منها أطهرٌ صداقةٍ في صديقء تَتَجِذَدُ 
بقلب كل يوم» بل كلَّ ساعة» ولا تكونٌ إلا لمحض”*' سرور القلب دونَ مطاميدء 
فتّمِدُهُ بالحياةٍ نفسها لا بأشياء الحياة» فلا تزيدٌ الأشياءً في المحبّةِ ولا تنقصٌ منهاء على 
خلافٍ ما يكونُ في الأصدقاء بعضهم من بعض وأختلافهم على المضَّرَّةٍ والمنفعة . 


اس لاخ 
نيز تنيز تزنا 


قال الشيخ: وجَهَدْتُ”'' أن أتَرُّكُ الخمرٌ فلم يأتٍ لي ولم أستطغه؛ إِذْ كنت 
منهوك”'" على شربهاء ولكنٌ حب أبنتي وضع في الخمر إثمّها الذي وَضْعَتْهُ فيها 
الشريعة. فَكَرِهْئُها كُرْهاً شديدأء وأصبخثُ كالمُكرَه عليهاء ولم تَعْدْ فيها تَشُوثها 
ولارِيُهاء وكانّتٍ الصغيرةٌ في تمزيق أخيلتها أبرعَ من الشيطانٍ في هذه الأخيلة» 
وكآئما جَرّئي يدُعاجَرًا حتى أبعدثني عن المدزلة الحَمْرية التي كان الشَيظان 
وضعَني فيهاء فأنتقلتُ مِنَ الاستهتارٍ والمكائية وعدم المبالاة إلى الندم والتَحؤب”” 


)١(‏ الجواري» مفرده جارية» وهي الأمة من الرفيق. 

(؟) تكتنفه : تحيطه وترعاه. (2) جهدت: اجتهدت وحرصت . 
(”) دبّت ١‏ درجتء شرعت تمشى. (1) منهمكاً: معولاً ومعتاداً عليها. 
(4) مخض: خالص. 1 (0) التحوّب : التوجع . 


5" 


والنانمء وكنث من بَعيها كلما وضفك التشكرء وعمنت به دَيْت أبغي إلى 
مجلسي؛ فأنظرٌ إليها وتنتَشِرُ عليها نفسي من رق ورحمةء فأرقُبُ ما تصنعء فتجى+ 
فتُجاذبني الكأسٌ حتى تُهرقها”'' على ثوبي» وأراني لا أغضب. إِذْ كان هذا يسرها 
ويُضجكهاء فأسرُ لها وأضحك. 

ودامَ هذا مني ومنهاء فأصبختٌ في المنزلة بِينَ المنزلتين؛ أشربٌُ مرةٌ وأتركُ 
مراراًء وجِعلتٌ أستقيمٌ على ذلك» إِذْ كانتٍ العَثْرةٌ يحضي امردين العتتر ا" 
بالزجاجة؛» وإِذْ كنت كلّما رجغتُ إلى نفسي وتدبّرتُ أمري» أستعيدٌ بالله أنْ تَعقِلَ 
ني معي الكمر يونا فأكزة ف كنك اناميا ثم أتقدمُ إلى اللَّه وعليّ ذنويُها 
فوقٌ ذنوبي» ويترحُمٌ الناسٌ على آبائهم وتلعئني إذْ لم أكن لها كالآباء» فأكونٌ قد 
رُجَدَْتٌ في الدنيا مره واحدةٌ وهلكتُ مرتين 

ومضيْتُ على ذلك وأنابها أصلُحٌ بها شيئاً فشيتاً وكلّما كبْرّث كبرت فضليتي» 
فلمًا ثَمّ لها سنتان» ماتت! 

000 

قال الراوي: وسكتٌ الشيخ, فَمَلِقَتْ به الأبصارء ووقَفَثُ أنفاسٌ الناس على 
شِفاهِهمء وكأنّما مانّثْ لَحظاتٌ مِنَّ الزمن لِذِكر موتٍ الطفلة» وخامر”" المجلسٌّ 
مثلُ السكْرٍ بهذه الكأس المُذْهِلة؛ ولكنّ الطفلةً دبِّتْ من عالم الغيبٍ كما كانّتْ 
تصنع» وجذبَتٍ الكأسٌ وأهرقّتْهاء فانتبة الناسٌ وصاحوا: مانت فكان ماذا؟ 

قال الشيخ: فأكمدني الحزكُ عليهاء وَرَهَنَ جَأشي22 ولم يكنْ لي من قوةٍ 
الروح والإيمانٍ ما أتأمّى به؛ فضاعفٌ الجهلٌ أحزاني؛ وجعلّ مُصيبتي مصائب. 
والإيمانٌ وحَدَهُ هو أكبرُ علوم الحياة» يُبِصّرُك إِنْ عميتَ في الحادثة» ويهديك إن 
صَللْتَ عن السكينة» ويجعلّكٌ صَدِيقَ نفيك تكونُ وإيّاها على المُصيبة» لا عَدُوَّها 
تكونُ المصيبةٌ وإيّاها عليك» وإذا أخرجَتٍ الليالي مِنَ الأحزانٍ والهموم عسكرٌ 
ظلايها لَِالٍ نفس أو محاصرتهاء فما يدفمٌ الما ولا تردُ القوةٌ ولا يمنمُ السلطان» 
ولا يكونُ شيء حينئلٍ أضعف من فَرَةٍ القويّء ولا أضيمٌ من حيلة المحتال» ولا 
أفقرَّ من غِنَى الغَنيَء ولا أجهلٌ من عِلْمٍ العالم» ويبقى الجِهّدٌ والحيلةٌ والقَوَءٌ 
)١(‏ تهرقها: تريقها. (5) خامر: داخل. 
(؟) النشوة: الشعور بالسرور. (4) جأشي : سيطرتي على نفسي ومشاعري. 

نرف 


والعِلْمُ والغِنى والسلطانُ ‏ للإيمانٍ وحدّه؛ فهو يُكسرُ الحادتٌ ويُقَلَلُ من شأنه 
ويُوَيّدُ النفسّ ويُضاعِفٌُ من قوّتهاء ويَرْدُ قَدرَ الله إلى جِكْمة الله؛ فلا يلبَتُ ما جاء 
أنْ يرجعء وتعودٌ النفْسٌ من الرضا بالقَدرٍ والإيمانٍ به» كأنما تَسْهِدٌ ما يقمٌ أمامّها لا 
ما يقعٌ فيها. 

قال الشيخ: ورجِغتٌُ بجهلي إلى شرٌ مِمّا كنت فيهء وكانّث أحزان ني أفرلح 
الشيطان ؟؛ وأراد - أخزاه الله أن يَفَْنّ في أساليب فرحه» فلمًا كائّث ليلةٌ النصفب من 
شعبانَ ‏ وكانّتْ ليله جمعة» وكائّث كأوَّلٍ نور الفجرٍ من أنوارٍ رمضان ‏ سوّل”'' لِيَ 
الشيطاة أذ امقر يكرة باعتلهاة فيك كالميت مثا كملت: وقَذََئْيِ أحلامٌ إلى 
أحلامء ثم رأَئِتٌ القيامة والحَشْرء وقذ وَلدَّتٍ القبورٌ مَنْ فيهاء وَسِيقٌ الناسٌ وأنا 
معهمء » وليس ورأء ما بي مِنَّ الكَرْبٍ غاية؛ وسمِعْتُ خلفي زفيرأ كفُحيح الأفعى» 
فألتفتٌ فإذا بين عظيم ما يكونٌ أعظعٌ منه؛ طويلٌ كالنخلة السّحوق» أسودُ أزرقٌ» 
يُرسِلُ الموْتَ من عينيهِ الحمراوينٍ كالدم» وفي فمِهِ مثل الرّماح من أنيابه» وَلِجَوْفِهِ 
حر شَدِيدٌ لو زقّر بِهِ على الأرض ما نبّثْ في الأرض خضراءء وقد فُتَحَ فاه وتفخ 
جوقةُ وجاء مُسْرعاً يُريدُ أنْ يَلْتقَمَني» ٠‏ فمزْرتٌ بين يديه هارباً مرِعاً؛ فإذا أنا بشيخ هَرِمٍ 
يكادٌ يموبٌ ضَعْفَاٌء مَعْْتُ به وقلْتٌ: أجرني وأغثني . فقال: أنا ضعيف كما ترى» 
وما أقدِرٌ على هذا الجبّارء ولكن مُرّ وأسرغ» فلعلٌ اللّهَ أن يسبب لك أسباباً للئّجاة. 


فولَيْتُ هارباً وأشرفْتٌ على النارٍ وهي ألهزْلُ الأكبرء فرجنتٌ أشتدُ هربأ 
والتنينُ على أثري؛ وَلقِيْتُ ذلك الشيخ مره حر فَأَستَجَرْتُ به فبكى مِنَ الرحمة 
لى وقال: أنا ضعيف كما ترىء وما أقدِرُ على هذا الجبارء ولكن أهرب إلى هذا 
العال» قلغل الله تدك مر ْ 

فنظرْتٌ فإذا جبل كالدارٍ العظيمة» له كُوَّى''' عليها سُتُوره وهو يَبْرْقَ كشعاع 
الجوهر؛ فأسرعْتُ إليه والتنينُ من ورائي» فلمًا شارْفتٌ الجبل9" فُيِحتِ الكوى» 
ورفِعَتِ الستورء وأشرفث علي وجوه أطفالٍ كالأقمارٍ» وقربٌ الثَنِينُ مئّىء وَصِرْتٌ 
في هواء جِوْفِهِ وهو يتَضْرَمٌ عليَء ولم يبق إلا أن يأخدّني؛ فتَصايَّحَ الأطفال 
جميعاً: يا فاطمة! يا فاطمة! 


)١(‏ سوّل: أوحى وسوّغ فعل المنكر. 
(9) كوى : توأفذ صغيرة ضيقة. (5) شارفت الجبل : انتهيت إليه . 


احرف 


قال الشيخ: فإذا آبنتي التي مانّث قد (أشرئث علي فلمًا رأث ما أنا فيه 
صاحث وبكتْ» ثم وثبث كَرَمِيْةَ السهمء » فجاءث بِينَ يديّ» ومدث إليّ شمالها 
فتعلّقْتٌ بهاء ومدث يميئها إلى التَنْينٍ فولى هارباًء وأجلسَئْني وأنا كالميتٍ مِنَ الخَؤْفٍ 
والفزع» وقعدّث في ججري كما كانت تصنعٌ في الحياة؛ وضربَتُ بيدها إلى لحيتي 
وقالت: يا أبت. . «ألَم يَأ للدي نَامنُوَا أن ححْسَعَ مومهم لكر أنه ومَا نَل مِنَ لق 4 . 

فبكيِتُ وقلْتٌ: يا بُنيّة» أخبريني عن هذا التّتين الذي أرادٌ هلاكي . قالّث ذاك 
عملكَ السزة الخبيث؛ أنت فزيئة حتى بلغ هذا الهؤل الهائل+ والأعَمَالُ ترج 
أجساماً كما رأيت. قلت: فذاك الشيحٌ الضعيفٌ الذي أستجزث به ولم يُجِرْني؟ 
قالت: يا أبت» ذاك عملَّكٌ الصالح» أنتّ أضعفْيَهُ فضَعُفَ حتى لم يكن له طاقةٌ أن 
يُغيقك2'7 من عملك السّيّىء؛ ولو لم أكنئْ لك هناء ولو لم تكن أنبغتَ قولّ رسولٍ 
الله يك فيمَنْ فَرَحَ بنائِه المسكيناتٍ الضعيفات - لَمَا كانت لك هنا شِمالٌ تتعلّقُ بهاء 
ويم تَطَودُ عنك . 

ف ينك 

قال الشيخ : وأنتبهْتٌ من نومي فزعاً ألعَن ما أنا فيه ولا أراني أستقِرٌء كأني 
طريدةٌ عملي السَيّىء ؛ كلّما مَرَبْتْ منه هَرَيْتْ به؛ وأين المَهْرَبُ مِنَ الندم الذي كان 
نائماً في القلب وأستيقظ للقلب؟ 

وأمّلْتُ في رحمة الله أن أربّحَ من رأس مال خاسرء وقلْتٌ في نفسي: إن 
يومأ باق مِنَ العمر هو للمؤمن عمْرٌ ما ينبغي أنْ يُستهانَ به؟ وصححْتُ النيّةَ على 
العوبة» لأرجمٌ الشبات إلى ذلك الشيخ الضعيفء» وأسمْن عظامة»: حت إذا 
أستجرْث به أجارني ولم يقل نا فسن ساترى اه 

وسأنْتُ فَدُلِلْتُ على أبي سعيد الحسّن بن أبي الحسن البصري» سيّد البقية 


من التابعين؛ وقيل لي : جمَع كل جل وفنَ إلى الزهدٍ والورع والجبادة؛ وإ 
لسائَهُ السّحرء وإنّ شخصّهُ المغناطيس”' '"» وَإِنَّهُ ينطِنُ بالحكمة كأنّ في صدره 
إنجيلاً لم يرل وإِنّ أمّهُ كائث مولاة لام سَلمَةَ زوج النبي يكل. فكائث ربّما غابَّتْ 
أَمُهُ في حاجة فيبكىء [فْتُرضحُهُ آم سلمة تُعَلْلْهُ بكديها فيدِرُ عِلْته. فكائث بينَهُ وبِينَ 
تركة الِوَةٍ صِلة]. 


)١(‏ يغيئك: يعينك في شذتك. (7) المغنطيسى: الجاذب. 


يفف 


وغدوْتُ إلى المسجدء والحسنُ في حَلْقتِهِ يقصُ ويتكلّم» فَجِلَسْتٌ حيث 
أنتهى بي المجلس» وما كان غير بعيدٍ حتى عَرَنْني نَفْضْةٌ كنفضة الحُمّىء إِذْ قرأ 
الشيحٌ هذه الآية: ل سه و 1 ا فلو 
لَفظئني الأرض من بطيهاء وأنشىٌ جح الع بع الدرت ارات الدوانا صم انيه 
طالعَنْني في تلك الساعة ؛ راعذ لذج رة ِفْسْرٌ الآية» فصنم بي كلامُهُ ما لو بُعِثَ نبي 
من أجلي خاصة لَمَا صَّنَع أكثرٌَ منه . 

وكلامٌ الحسنٍ غير كلام الناس؛ وغيرٌ كلام العلماء؛ فإنه يتكلم من قلبه ومن 
روحه ومن وجهه ولِسانه؛ وناهيكم من رجلٍ خاشع فصن من خشية اللهء لم يكن 
يْرَى مُقْبِلا إلا وكأنّه أسيرٌ أمروا بضرب عنقهء وإذا ذُكِرَتِ ألنارٌ فكأنّها لم تخلق إِلّا 
له وده ترج كان "فى الحياء تكلم الحاة بلساك ادق علمانها: 

فصاح صّائح: يا أبا يحيى» التفسير! وصاح المؤدّن: اللَّهُ أكبر. فقطعٌ الشيح 
وقال: التفسيرٌ إِنْ شاءً أللَهُ في المجلس الآتي . 


لدف 


بنئهُ الصغيرة 


وجاء مِنَّ الغدٍ أبو يحيى مالك بْنِ دينارٍ إلى اسم تان ببالكاس : 
ثم تحوّل إلى مجلس درسِه وتَعَكفوا(© حولّه؛ وكانوا إلى بقيَّةِ خَبِرِه في لهفةٍ كأن 
لها أغمرا طويلا ف قلؤنيي :لا ظلدَا يله واحلة: 

وقال منهم قائل : أيُها الشيخ. جُعِلْتُ فِداك» ما كان تأويل الحَسَن لِتلك الآية 
من كلام اللَّه تعالى؛ وكيف رجمَ الكلامٌ في نفيك مَرْجِعٌَ الفكر تتبَعُه وأصبح 
الفكرُ عندّك عملاً تحذو عليه» وَأتصل هذا العمل فكانَ ما أنت في وَرَيِك و...؟ 

فقطع الإمامُ عليه وقال: هوَّنْ عليك يا هذا؛ إِنّ شيخَك لأهوَّنُ من أنْ تذهبَ 
في وصفِهٍ يمينا أو شمالاء وقد روى لنا الحَسَنُ يوماً ذلك الخبرَ الوارة فيمَنْ يُعَذبُ 
في النار ألف عام من أعوام القيامةء ثم يُدركُهُ عفرٌ الله فيخرحُ د 
وقال: يا ليتني كنت ذلك الرجل!» وهو الحسنٌ يا بنئّ» هو الحسن. 

فضجٌ الناسُ وصاحّ منهم صائحون: يا أبا يحيى قَتلْتّنا يأساً. وقال الأول: إذا 
كان هذا فأوشّك أنْ يَعْمَنَا اليأسٌ والقُنوط» فلا ينفعَْا عمل» ولا نأتي عملاً ينفع . 

قال الشيخ: هؤنوا عليكم» فإنْ للمؤمن ظئين: ظنًا بنفسهء وظنًا بربّه؛ فأما 
ظنه بالنفس فينبغي أنْ ينزل بها دونَ جَمَحَاتِها"'' ولا يفتأ ينزل؛ فإذا رأى لِنفسِه أنّها 
نم تحمل عبغاً اوجن ليها آذ تطملء قلا يزال :ذائما يذفقها».وكلما أكدرت من 
الخير قال لها: أكثِري. وكلّما أقَلّتْ مِنَ الشرّ قال لها: أقلي. ولا يزال هذا دأبَهُ ما 
بقي ؛ 4 وما الظْن الله فينبغي أنْ يعلوَ به فوقٌ المَّتَراتَ والعِذَلٍ والآثامء ولا يزال 
يعلو؛ إن اللّهَ عند ظنَّ عبدِهٍ به إِنْ خيراً فْلّهُ وإنْ شرًا فَلَّهُ . ولقد روينا هذا الخبر: 
اكان فِيمَنْ كانَ قبلّكم رجل قَتَلَ تسعاً وتسعينَ نفساً. فسألَ عن أعلم أهل الأرض» 


. تعكّفوا حوله: جلسوا حوله في حلقة. (؟) جمحاتها: خروجها عن المألوف من العادات‎ )١( 


حرفا 





قُدلٌ على راهب فأتاه» فقال: إِنَّهُ قت تسعاً وتسعين نفساً ٠‏ فهل لَّهُ من توبة؟ قال: 
لا! فقَعَلَهُ فكمّلَ به مائة! نم سأل عن أعلم أهلٍ الأرض» فَدُلٌ على على رجل قالمه 
فقال له: إِنّهُ قتلّ مائة نفس فَهَل لَّهُ من توبة؟ قال: : نعم؛ وَمَنْ يحول بينَكٌ وبِينَ 
التوبة؟ إِنطلِق إلى أرض كذا وكذاك فك ديا انان درق اللة اع وجل عد فاعيد 
اللّهَ مهم ولا ترجغ إلى أرضك. فإنّها أرض سَوْء'. 

فأتطلّقَء حتى إذا نصّفَ الطريق أتاهُ ملّكُ الموتء فأخْتصمّتُ فيه ملاتكة 
الرحمة وملائكةٌ العذاب؛ نقالَتٌ ملائكةٌ الرحمة: جاء تاتباً مُقْبلاً بقلبه إلى الله . 
وباك نافع العداب إن ل يعجر حدر قط قاناهيم ملك قن مدر انق 
فجعلوه حَكماً بيتهم» فقال: قيسوا ما بِينَ الأرضَّين» فإلى أيّهما كان أدنى فهو له. 
فقاسوا فوجدُوه أدنى إلى الأرض التي أرادء فقبِضمْه ملاتكةٌ الرحمة! 

قال الشيخ : فهذا رجُلٌ لمّا مشى بقلبه إلى الله حُسِبَتْ له الخطوةٌ الواحدة: 
بل الشبرُ الواحد؛ ولو أَنَّهُ طَوّفَ الدنيا بقدميه ولم يكن لَهُ ذلك القلبء لَكَانَ 
كَالعِظام المحمولة في نغش؛ قبرُها في المشرق هو قبرُها في المغرب؛ وليسٌ لها 

مِنَ الأرض ن ولا للأرض منها إِلّا معنى واحدٌ لا يتخيّر؛ هو أنَّهُ بجملته متت» وأنّها 
لسمايه خلرة 

والإنانُ عند الناس بهيئة وجهه وحِلْييِهِ التي تبدو عليه» ولكنّه عند الله بهيئة 
قلبه وظئه الذي يَطَنْ به؛ وما هذا الجسم مِنَ القلب إلا كقشرة البيضة"'' مِمّا 
تحتّها. فيا لها سخرية أَنْ ترْعُمَ القشرةٌ لنفيها أن بها هي الاعتبارٌ عند الناس لا بما 
فيهاء إِذْ كانَ ما تحويه لا يكونٌُ إلا فيها هي ؛ ومن نَم تُنْعِدُ في حماقتها فتسأل: 
لماذا يرميني الناسٌ ولا يأكلوتي. . 9 

إِنَّ هذه الأخلاق الفاضلةً في هذا الإنسانٍ لا تجدُ تمامّ معناها إِلّا في حالة 
بعييْها من أحوالٍ القلب؛ وهي حالةً خشوعِه على وصفها الذي شَرحَبْه الآية 
الكريمة : ألم يأنِ لِلَدِنَ انرا دشم ارم إركر عونا راجن ل 

فالأخلاقٌ الفاضلةٌ محدودةٌ باللّهِ والح معاء وهي كلّها في خشوع القلب 
لهذين؛ إن مِنَ القلب مخارجٌ الحياةٍ النفسية كلّها. 


)١(‏ قشرة اليضة الكلسية اليابة هي القيضء » بفتح القاف وسكون الياء. بينما قشرتها الداخلية اللاصقة 
بالبياض فتسمى الغرقى يكسر الغين والقاف. 


الوق 


قال الشيخ: وأنا منذُ حفظتٌ عن الحسن تأويل هذه الآية» وَآَسْتَئنتُ بها" 
مضيْتُ أعيش مِنّ الدنيا في تاريخ قلبي لا في تاريخ الدنياء وأدركتُ من يومئدٍ أنْ 
ليسّ حفظٌ القرآنٍ حِفْظَهُ في العقل» بل حفظَهُ في العمل به؛ فإِنْ أنت أَنْبَت الآية 
منه» وكنْتَ تعمل بغير معناهاء وتعيشٌُ في غير فضيلتهاء فهذا ‏ ويحك - نسياثها 
لا حفظها. وقد كان قومّنا الأزلون بمعانيه كالشجرة الخضراء النامية؛ فيها ورَمُّها 
الأخضرٌ وزهرهاء وعلى ظاهرها حياءٌ باطيْهاء فَلَمّا ثبت الناسٌ على الشكل وحدهء 
وَل ثبالوا القلن وأخواله» :أصبغوا كالسجرة اليايسة» عليها ورئها الجات» لين 
في بقائه ولا سقوطه طائل . 

ما أصبخث ولا أمنيثُ منذ حفظث تفسير الآية إِلّا في حياقٍ منهاء وهذه الآيةُ 

في الي داكي بايا ازالحق الخياة الأرضيَّةٌ شيئاً شيئاً إلا ثورة الحيّ على ظَُلْم 
نعي فكت ١‏ ايت قي 1 "46 والكان أبى شتايه على 'المكين؛ 

يستجَون أكثْرَ مما يستنكفون» وإِنّما البعية قن رخذ كلماتٍ روحانيةً إلهِيةً يعيش 
قلبّهُ فيهن» فذاك لا يعمل أعمالَهُ كما يأتي ويتّفِقَ» بل يحذو على أصلٍ ثابتٍ في 
نفسبهء وَيخْتارٌ فيما يعمل أحسنَّ ما يعمل. وين ثمٌ لا يكونُ جهاده مُرَاغْمة0 أو 
خضوعاً في سبيلٍ الوجودٍ كالحيوان؛ بل في سبيل صِحةٍ وجوده؛ ولا يكونُ غرضة 
أن يُلابس الحياة كما تأَحْذَهُ هي ونَدَعُهء بل أن يحيا في شرف الحياأةٍ على ما 
أخذّها هو ويَّدَعْها. 

إن الشمّاء في هذه الدنيا إِنْما يَجرُ رُهُ على الإنسان أن يعمل في دقع الآحزان 
عن نفْسِه بِمْقَارَفْتِهِ الشهوات» رتإستانة غرورٌ القلب؛ وبهذا يُبْعِدُ الأحزانَ عن 
نفسه لِيجلبها على نفِسِهِ في صُوَّرٍ أخرى! 

ع 

قال الشيخ : وكانَ مِمًا حفْظْتهُ من تفسيرٍ الحَسن قوله: 

إنَّ كل كلمةٍ في الآيةٍ تكادٌ تكونُ آية» وليستٍ الكلمةٌ ذ قات اي 
غيرو؛ بل السُمُوُ فيها على الكلام» أنّها تحمل معئى. وثُوميء إلى معثى» وتَستكيِمْ معئى 
وهذا ما ليس في الطاقة البشريّة» وهو الدليلٌ على أنه هُ « ككث تمك إكثم ني مضت . 

)١(‏ استنتنت: جعلتها تي ومنهجي في الحياة. ‏ (9) يستجرٌ لها: أمكنها عن نفه فانقاد لها. 
(0) يستنكف عنها: يخرج منها آنفا ممتنعاً. (5) مراغمة: غصباً بالإكراه. 


تحرف 


سل لل ورم 


يقول الله تعالى : ألم أن لت امنا أن عَحْهَمَ لويم زكر ألَّهوَمَا َل من لي 4 . 

لمأن هذه الكلمة حثٌ”'': وإطماءٌء وجدالء وحُجّة؛ٍ وهي في الآيةٍ 
تُصِرَحُ أن خشْوعَ القلب الذي تلك صف هو كمال للإيمان» وأنَّ وقتَ هذا الخشوع 
هن كمال العم وكيف يعرِفٌ المؤمنٌ أنه (سيأني) له أنْ يعيش ساعةٌ أو ما دوتّها؟ 
إِذنْ فالكلمةٌ صارخةً تقول: الآنَ الآنَ قبل ألا يكونَ آن. أيْ: البِدَارَ البِدَار2”0 ما 
ذُمْتَ في نفس منّ العمر؛ فإن لحظةً بعد (الآن) لا يضمئها الحيّ ٠‏ وإذا فَبِيَ وقتُ 
الإنسانٍ أنتهى زمنُ عملِه فبقي الأبدّ كلّه على ما هو؛ ومعنى هذا أنَّ الأبدَ للمؤمن 
الذي يُدرِكُ الحقيقة . وَإِنْ هو إِلّا اللحظةٌ الراهنةٌ من عمره التي هي (الآن) . فَأَنظرْ - 
ويحك ‏ وقد جُعِلَ الأبدٌ في يدِك؛ أنظز كيف تصنعٌ به؟ 

تلك هي حكْمةٌ أختيارٍ اللفظة من معنى (الآن) دون غيره» على كثرةٍ المعاني . 


ثم قال: بدت © وهذا كالئّصٌ على أن غير هؤلاء لا تخشعٌ قلوبُهم 
لذكر اللَّهِ ولا للحقء فلا تقوم بِهمْ الفضيلة» ولا تستقيمٌ بهمْ الشريعة» وعَالِمُهُم 
وجاهلّهم سواء؛ لا يخشعان إِلَّا للمادة؛ وكأنّ إنسائهم إنسانٌ ثُرابيَ» لا يزال 
يضطربٌ على مَكْرٍ الليلٍ والنهارٍ بين طرقين عن الحواة: عينه ويوكة+ وما تسو 
الحياةً قسوتّهًا على الناس إِلّا بهمء وما ترِقُ رِقتها إِلّا بالمؤمنين 

وجعل الحدن للقلوت خامةء كا ُو لقب غير خشوع الجشم: 


فهذا الأَخْيرٌ لا يكونُ خشوعاًء بل ذُلَاء أو ضِعَةٌ أو رِياءً أو بقاقاء. أو ها كان أن 
حشوعٌ القلب فلن يكونّ إِلّا خالصاً مُخلّصاً مَخْضٌ الإرادة. 

وأشترط «القلبّ» كأنَّهُ يقول: إنَّما القلبُ أساسٌُ المؤمن» وإِنَّ المؤمنّ ينبعُ 
من قلبه لا من غيره» متى كان هذا القلبُ خائعاً ل لله وللحق. اذالم يكن :قلبه علب 
تلك الحالء نَبَعّ منهُ الفاسقُ والظالمٌ الطاغيةٌ وكل ذي شرّ. ما أشبة القلبّ تتفرعٌ 
منه معاني الخُلّقَء بالحبّة نْسَرِحُ منها الشجرة؛ فَحُذْ نفسَك من قلبك كما شِئْت؛ 
خُلواً من حُلوء ومُرًا من مُرَ. 

وخشوعٌ القلب لِلَهِ وللحق» معنا السموُ فوقٌ حبٌ الذات» وفوق الأترو9" 


(؟) البدارَ البدار: اسم فعل أمر بمعنى سارع . 
(7) الأثرة: الأنانية وحب التفس. 


ضرف 


والمطامع الفاسدة؛ وهذا يضمٌ للمؤمن قاعدةً الحياة الصحيحةء» ويجعلّها في 
قانونّينِ لآ قانونٍ واحد؛ ومتى خشمٌ القلبٌ لِلّهِ وللحقْ» ٠‏ عَظمَتُْ فيه الصغائرُ من قَوة 
إحساسِه بهاء فيراها كبيرةً وإن عَمِيَ الناسٌ عنهاء ويراها وهي بعيدةٌ منه بمثل عين 
80 

وقد ت تخشمٌ القلوبٌ ليعض الأهواء خشوعاً هو شر مِنَ الطغيانٍ والقسوة؛ 
فتقيّدٌ خشوع ا «بذكر الله هو في نفسِه تفي لعبادة الهوى. وعبادة الذات 
الإنسانية في شهواتِها. وما الشهوةٌ عند المخلوقٍ الضعيف إِلَا إِلَهُ ساعتّها. فيا ما 
أحكمَ وأعجبّ قول النبيّ يَيِ: «لا يزني الزاني حينَ يَزني وهو مؤمن» ولا يَسرقٌ 
السارقٌ حين يَسرقٌ وهو مؤمن» ولا يَشربُ الخمرٌ حين يشربْها زهو عرسن؟: جَعَلَ 
نزعَ الإيمانٍ موقوتاً «بالحين' الذي تُفْتَرَفُ فيه المعصية؛ إذ لم يكن اللّهُ عند هذا 
الشقيّ هو إله ذلك «الحين1. 

والخدرع لكا انزّل مِنّ الحقّ» هو في معنا ل لقن آخر للكبرياء الإنسانية التي 
تَفسِدُ على المرءٍ كل سقف م وتحرع بدامق كل افازرظة ١‏ تجعلّ الحقائقّ العامة 
محدودةً بالإنسانٍ وشهواته لا بحدودها هي م مِنَ الحقوق والفضائل . 

ويَخْرجٌ من هذا وذلك تقريرٌ الإرادة الإنسانية» وإلزامُها الخيرَ والحنّ دونَ 
غيرهماء وقهرُها للذاتِ وشهواتهاء وجعلّها الكبرياء الإنسانية كبرياة على الدنايا 
(الشبباقن: لا على الحقوقي والفضائل؛ وإذا تقرر كلّ ذلك أنتهى بطبيعتِهِ إلى إقرارٍ 
السكينة في النفس» ومحو المُوضى منهاء وجَعْلٍ نظامها في إحساس القلب وحده؛ 
فيحيا القلبُ في المؤمن حياةً المعنى السامي؛ ويكونٌ نَنْضْهُ علامة الحياةٍ في ذاتِهاء 
وخْشْوعُةُ لله ويلح علامة الحياة في كمالها . 

وقال: لوَمَائرَلينَ 4 كأنّهُ يقول: إِنَّ هذا الحىّ لا يكونُ بطبيعته ولا 
بطبيعةٍ الإنسانٍ أرضيّاء فإذا هو أرتفعَ مِنَ الأرض وقَرَّرهُ الناسٌ بعضّهم على بعض» 
لم يجاوز في أرتفاعه رأسّ الإنسان. وأفسدثّة العقول؛ إِذْ كان الإنسانُ ظالماً متمرّداً 
بالطبيعة» لا تحكمُهُ من أولٍ تاريخ إلا السماءً ومعانيهاء وما كان شبيهاً بذلك مِمَا 
حدام اما أَيْ بالسلطان وألقوة؛ فيكونٌ حقًا «نازلاً» مُتَدَفْعاً كما يَتَصَرَّبُ 
العملا من عال ليس بيّنهُ وبين نّ أنْ ينعد شيء . 

والخشوعٌ لِمَا نزْل مِنَ الحق ينفي خشوعاً آخرّ هو الذي أفسَّدَ ذاتَ البِينٍ مِنَّ 

خرف 


الناس» وهو الخشوعٌ لِما قام مِنَ المنفعةٍ ولراك القلب إليها بإيمانٍ الطمع لا الحقّ. 

وبحمل الآبةا على :#لكى الوحجة يحعقى العدل والتضفة ريون الناضي؟ كرون 
العد ل في كل مؤمن شعوراً قلْيًاء جارياً في الطبيعةٍ لا مُتكلفاً م مِنَ العقل؛ وبهذا 
وحذهٌ يكونٌ للإنسانٍ إرادةٌ ثابتةٌ عن الحقّ لكل طريق» لا إرادةٌ لكل طريق» وتتبتمر 
هذه الإرادةٌ مُنَسِقَةٌ في نظايها مع إرادة ألله؛ لا نافرةٌ منها ولا متمرّدة عليها؛ وهذا 
ل ا ان قلا يكونُ من إيمانه إِلّا سُمَوٌهُ 
وكات وشيانة 4 .ويتول الممرة عتنة مؤالة اللحظلة الواجدة» وما أبس الضين على 
لحظة! ما أهونَ شر «الآن) إِنْ كان الخيرٌُ فيما بعدّه! 

ألم يأن؛ ألم يأن؛ ألم يأن. . 

د اع ين 

قال الشيخ : وكانَ اآلحَسَنٌ في معانيه الفاضلة هو هذه الآيةَ بعينها؛ فما كانت 
حيائه إلا إسلاميةٌ كهذا الكلام الأبيض المُشرقٍ الذي سمِغْتُه منه؛ شعارهُ أبداً: 
«الآنَ قبل ألا يكونَ آن» وإمامّه: «خذْ نفْسَك من قلبك» وطريقئُهُ «شَرفٌ الحياةٍ لا 
الحياةٌ نفسُها» . 

وكانَ يرى هذه الحياةً كوّقعة الطائر؛ هي بجناحينٍ مسْتؤْفِزَينٍ أبدأ لُعملٍ آخْرّ 
هو الأقرى والأشذ» فلا ينزلانٍ بطائرهما على شيءٍ إل مَطْويينِ على مُذْرةٍ الأرتفاع 
بوء ولا يكوبانٍ أبدا إِلّا مَفْهاقين”'2 حَفيفين على الطيرَان؛ إذ كانا في حكم الجر لآ 
في حكم الأرض . 

1 الوقوع وَالطَيرَانٍ بالإنسانٍ شهوائة ورَعَبائُه ؛ فإِنْ حَطَْئْهُ شهوةٌ لا ترفعٌهء 
فقد أُوبَقَْهُ وأهلكثة وقذقث به ليؤخذ. 

لقد رُوينا عن النبي ي: ١لا‏ يَبِلُمُ العبدُ أن يكونّ مِنَ المنْقِينْ حتى يدَعَ ما لا 
بأس به حذّراً مِمّا به بأس»» وهذا ضَربٌ من خشوع القلبٍ المؤمن فيما يحل له: 
يَدَعُ أشياء كثيرةً لا بأسّ عليه فيها لو أتاها؛ لِيَمَوَى على أنْ يدع ما فيه بأس. فإِنَ 
الذي يترك ما هُوٌ لَهُ يكونُ أقوى على ترك ما ليس له. 

والنفسسٌ لا بد راجعةٌ يوماً إلى الآخرة. وتاركة أدائّها؛ فقِوامُ نظامها في الحياةٍ 
الصحيحة أنْ تكونَ كلَّ يوم كأنّها دهت إلى الآخرةٍ وجاةث. وتلك هيّ الحكمةٌ 
)١(‏ هفهافين: حفيفين في طيرانهما بسرعة. 

نفيف 


فيما فرضَّئهُ الشريعةٌ الإسلاميةٌ من عِبادةٍ راتبة تكونٌ جزءاً من عمل الحياة في يومها 
وليلتها. فإذا لم تكن النفينٌ في حياتها كأنّها دائماً تذهبُ إلى مصيرها ا متهء 
طَمسَها الجسمٌ وحبّسَها في إحدى الجهتين» فلم يبِقَ لها فيه إلا أئرٌ ضئيل'' لا 
يتجاورُ النصح» كاعتراض المقتولٍ على قتله: يُحاولُ أنْ يرد السيف بكلمة. . .! 
وبذلك يتضاعفٌ الجسمُ في قوَّتّه» ويشتدٌ في صَولتِه» ويتصرّفٌ في شهواته. كأن لَهُ 
بطنين يجوعانٍ معاً. . . فتشتهلكُ شهواتٌ المرء ديته» وتقذفٌ به يميناً وشمالاء 
على قصدٍ وعلى غير قصد. وتمضي به كما شاءث في مُدْرجِةٍ مَدْرجَةٍ مِنَ الشرّ. 

ومثلٌ هذا المُسرفٍ على نفسه لا يكوثُ تميِيرُهُ فى الدين» ولا إحساسّة 
بالفتر مدت المكي لق :رعهن اله إزاة اسوية .كانت له سرهان كن 
الشرء انلكا اتعظ رربلغ في النظر إلى نفية وعظ إبمانة» وآراة أن طيغ الله 
ويتوب . نظرٌ إلى الجرّتين ثم قال: أثُوبُ عن الشرب من هذه حتى تفرع هذه. . . ! 

عد د جد 

قال الشيخ : ثم إني تبْتُ على يد الحسن» وأخلضصْتُ في التوبة وصَّحُحْمْهاء 
وعلمْتُ من فعله وقولِهِ أن حقيقة الدّينِ هي كبرياء النفس على شرّها وظليها 
وشهواتهاء وأنَّ هذه الكبرياء القاتلة للإئمء هي في النفس أحتُ الشجاعة القائلة 
للعدرٌ الباغي: يفخرٌ البطل الشجاعٌ بمبلغِهِ من هذهء ويفخرُ الرجلّ المؤمنٌ بمبلغِهٍ 
من تلك؛ وأنّ خشوعٌ القلب هو في معناءُ حقيقةٌ هذه الكبرياء بعينها. 

وحَدَّنْتُ الحسنَ يوماً حديثٌ رؤياي» وما شُبَهَ لي من عملي السيّىء وعملي 
الصالح» فَأْستَدْمَعَتْ عيناه» وقال: ْ ١‏ 

إِنَّ البنت الطاهرةً هي جهادٌ أبيها وأمّها في هذه الدنياء كالجهادٍ في سبيل 
اهاور لها قو لهبا: في تعركة مون النسياة».يكوتان هما والعي بوالإتحان في تأحيد 
منها قبيلاً. ويكونٌ الشيطانٌ والهمْ والحزنُ في الجهة المُنارحة'"' قبيلاً آخر. 

إِنَّ البنتَ هي أمّ ودارء وأبَوَاها فيما يُكابدانٍ من إحسانٍ تربيتها وتأديبها 
وجياطتها والصبر عليها وَاليَمّظةَ لها - كأنّما يحملانٍ الأحجارَ على ظهرَيْهِمَا حجراً 
حجراًء بيبا تلك الداز في يوم يوم إلى عشرينَ سنة أو أكثرء ما صَبِبتهُ وما بقث 


. ضئيل : زهيد تليل. (؟) المتاوحة : الباكية‎ )١( 


حاوف 





فلس ينبغي أنْ ينظرَ الأب إلى بنته إِلّا على أنّْها بنثهء ثم أمّ أولاهاء ثم أمْ 
أحفاده؛ فهي بذلكَ أكبرُ من نفسهاء ٠‏ وحقّها عليه أكبرُ مِنَ الحق» فيه حُرْمتُها وحرمة 
الإنسانية معاً؛ والأبُ في ذلك يُقرض الله إحسانا وحتاناً ورتحممةء» فحقٌ على الله 
أن يُوَفْيَهُ من مثلهاء وأن يُضَعِفَ له. 

والبنثُ ترى نفسّها في بيت أهلها ‏ ضعيفةٌ كالمنقطعةٍ وكالعالّة”'". وليسٌ لها 
إلا اللّهُ ورحمةٌ أبويها؛ فإِنْ رَحِمَاهاء وأكرماها فوقّ الرحمة؛ وسَرًاها فوقٌّ الكرامة» 
وقاما بحىٌّ تأديبها وتعلييها وتفقيهها في الدين”" وَحَفِظا نفسّها طاهرةً كريمة 
مسرورةٌ مؤدبة - فقد وضعا بِينَ يَدَي اللَّهِ عملاً كاملاً من أعمالها الصالحة: وكما 
وضعاه بِينَ يدي الإنسانية. فإذا صارا إلى اللَّهِ كانَ حمًا لهما أن يجدا فى الآخرةٍ 
بعنا لاغدالا يسان متيها :إلى عقر الله وكويده وها فالا ,زسؤل الل كم ين 
كان له ابنةٌ فأذبها فأحسنّ تأديهاء وغَذَاها فأحسنَّ غَذَاءهَاء وأسبغ عليها مِنَّ النعمة 
التي أسبمّ اللّهُ عليه كانّث له مَيْمَتَةٌ ومَئْسرةٌ مِنَّ النارٍ إلى الجنة» . 

فهذه ثلاث لا بد منها معاء ولا تُجَزِىء واحدةٌ عن واحدة ثوابٌ البنت: تربيةٌ 
عقلها تربيةَ إحسان» وتربيةٌ جسمها تربيةَ إحسانٍ وإلطاف» وتربيةٌ روجها تربية إكرام 
وإلطافٍ وإحسان. 

يد كن 

قال الشيخ: واللَّهُ أرحمُ أنْ تضيعَ عندَهُ آلرحمة؛ واللَّهُ أكرمٌ أنْ يضيعٌ 
الإحسانُ عندَةُ»؛ واللَّهُ أكبر. 

وهنا صاح المؤدّن: اللّهُ أكبر. 

فتبِسّم الشيخ وقامٌ إلى الصلاة . 


(0) تفقر ١‏ في الدين: تثقيفها في معرفة أصول الدين وفوآاعده . 


ضف 


ابن 


الأجنيية 
أحَبّها وأحبّنه» حتى ذهب بها في الحُبّ مَذْهباً قالّثْ له فيه: «لو جاءني قلبي 
فى صورة بِشَّريّةِ لأراة كما أَحِسَّه لَمَا أختارَ غير صورتك أنتّ فى رقَّتك وعطفك 
وحنانك» وحتى ذمَبتْ به في الحُبٌ مذهباً قال لها فيه: إن الجنةَ لا تكونٌ أبدعَ قَنا 
ولا أحسنّ جمالاً» ولا أكثرٌ إمتاعاً ‏ لو خلِقَتِ أمرأةً يهواها رجل - إلا أنْ تكونّ 
هى أنت!) فقالث له: «ويكونٌ هو أنتٌ. . . !24. 
وَدَلَْثْ'' فيه؛ حتى كأئما حَلَبّها عقلّهاا' ووضع لها عقلاً من هواه؛ 
فكائث تقول له فيما تَبنُّ من ذات نفسها: «إن حبٌ المرأةٍ هو ظهورٌ إرادتها مُتَبرَئَة 
: عي ع»# 9 3 0 ل ا 
من أنها إرادة» مُقِرَةٌ أنّها مع الحبيب طاعة معّ أمرء مُذْعِنةٌ أنّها قد سلمّثُ 
أشياء: فكان يقول لها في نججواه: «إني أرى الزِمَنَ قد أَنْتَسَحّ مِمّا بيني وبيّنك» فإنّما 
نحن بالحُبٌ في زمن من نُفْسَيْنا العاشقتين» لا يُسمّى الوقتٌ ولكنْ يمَّى الرور» 
وإنّما نعيش في أيام قلبيّة؛ “لا تدل على أوقاتها الساعة بدقائقها وكواليهاء ولكنْ 
السعادة بحقائقها ولذَّاتِها» ٠‏ 
وتحابًا ذلك الحُبٌ الفنيّ العجيبٌ» الذي يكونُ ممتلئاً مِنَ الروحين يكادُ 
يفيض وينسكب» وهو مع ذلك لا يَبْرحٌ يطلبُ الزيادة» لِيتخيّلَ من لذيّها ما يتخيّل 
السْكَيرُ في نُشْوتِهِ إذا طفْحَتٍ الكأس”'“: فيرى بعينيه أنها ستَنّسِمٌ لأكثرٌ ما أمتلأث 
بهء فيكونٌ لَهُ بالكأس وزيادتهاء سُكرُ الخمر وسكرٌُ الوهم. 
تحابًا ذلك الحُبٌّ القَوَارَ في الدم» كأنَ فيه من دوْرتِهِ طبيعة الفِراتٍ والتلاتي 
بغير تلاق ولا فِراق؛ فيكونانٍ معاً في مجليهما الغَرْليَ» جَنْبُهُ إلى جنبها وَنَاهَا إلى 
)١(‏ تدلهت فيه: هامت به حباً. (؟) مذعنة: خاضعة. 
(؟) خليها عقلها: استعوذ عليه. (4) طفحت الكأس : امتلاات. 


خرف 


فيه وكأنما هربّث ثم أذركهاء وكأنّما فْرَثْ ثم أمْسَكها. وبينَ القُبْلَةِ والقبلة مجرانٌ 
وصّلحء وبِينَ اللفُتَهَ واللفتة عَضْبٌ ورِضّى. 

وهذا ضَرْبٌ''' مِنَ الحُبٌ يكونُ في بعض الطبائع الشاذةٍ المُسُرفة؛ التي 
أفرطّث”"' عليها الحياةٌ إفراطها فيلفٌ الحيوانيّة بالإنسائيّة» ويجعلٌ الرجلّ والمرأةً 
كبعض الأحماض الكيماويّة مع بعضها؛ لا تلتقي إلا لتمتازج» ولا تتمازحٌ إلا 
لِتَتجِدَ ولا تتحدٌ إلا ليبتلع وجودُ هذا وجودٌ ذاك. 

00 يدت 

وضَربٌ الدهرٌ من ضَرباته في أحداث وأحداث؛ فأبغضئْهُ وأبغضّهاء وَفَسَدَتْ 
ذاتُ بيئِهماء وأدبرَ منها ما كان مُقْبلاً؛ فوثب كلاهما من وجود الآخرٍ وثبْةَ فزع 
غلى وجهته: أماعو تشخطها لعيوب نفسهاء 'وأما هى ... .-وأنا هي فتكوهك 
محاسِنٍ غبره! 

وَنسربث أيام”" ذلك الحُبٌ في مُسَارِيهًا تحت الزمن العميقٍ الذي طوى ولا يزال 
يَطوي ولا يبرح بعد ذلك يطوي ؛ كما يغورٌ الماءً في طِباقٍ الأرض . فأصبح الرجلٌ 
المسكينٌ وقد نزْلّث تلك الأيامُ من نفسِه منزلة أقارتَ وأصدقاءً وأحباءً ماتوا بعضهم وراء 
بعض» وتركوه ولكنّهم لم يبرحوا فِكرّهء فكانوا له مادةَ حسرةٍ ولَّهْفة. أما هي. . أما هي 
فأنشنٌ الزمنُ في فكرها برجّةِ زلزلة» وأبتلعَ تلك الأيامَ ثم آلتأم . . . ! 

نا 

فحدّثّنا 2الدكتورُ محمد» رئيسٌ جماعة الطلبة المصريينّ فى مدينة. 
بفرنساء قال: 2وَآنتهى إليّ أنَّ صاحبّنا هذا جاء إلى المدينة وأَنَّهُ قادمٌ من مصرء 
فتَخَالّجني”*؟ الشوقٌ إليه» ونَرْعَتْ إلى لِقائه نفسيء وما بيئنا إلا معرفتي أنه 
مصريّ قَدِمٌ من مصر؛ وخْيْلَ إليّ في تلك الساعة مِمَا أَمْتَاجَني مِنَ الحنين إلى 
بلادي العزيزة؛ أنْ ليس بيني وبينَ مصر 'لا شارعان أقطعٌّهما في دقائق؛ 
فَحْفَفْتٌ إليه من آقرب الطرق إلى مَنواء*©+ كما بصنم الطيدُ إذا ترامى إلى عُشْهِ 
فَأَبْتَدرَهُ من قطر الجوّ. 
)١(‏ ضرب: نوع. 
(؟) أفرطت: غالت. (4) خالج: داخل . 
(7) انسريت أيام: انصرمت. (6) مثوأه: بيته. 


لوف 





قال: وأصبَتُه واجم”'' يعلُوهُ الحزن» فتعرَّفْتٌ إليه» فما أسرعَ ما ملا من 
نفسي وما ملأت من نفسه. وكما يَمُحي الزمانُ بِينَ الحبيبّين إذا ألتقيا بعد قُرقة - 
يتلق 0 المكانُ بِينَ أهلٍ الوطن الواحدٍ إذا تلاتَوًا في الغُربة . فذابَتِ المدينة 
الكبيرةً التي نحن فيهاء كأن لم ين يتا" وريه انمد دن قري سطرية 
وأشذها فأخدَّنًا كليناء فما أ ستشعرّنا ساعَسَذٍ إلا أن أوربا العظيمة كأئّما كانث 
موسومة على ورقة» فطويناها وأحللنا مصرّ في محلها. 

وطمَّى علينا نازِعٌ الطرّب طغياناً شديداء فأرسلتٌ مَنْ يجممٌ الإخوانَ 
المصريين» وَأخترتُ لِذلك صديقاً شاعرَ الفطرة» قَنزا به الطرب””" »2 فكانٌ يدعرهم 
وكأنّه يُوذْدُ فيهم لإقامةٍ الصلاة. وجاءوا يُهَرُوُون9 هَرْولةً الحجيج : ؛ فلو تَطَقَتِ 
الأرض الفرنسيةٌ التي مَشَوًا عليها تلك المشية لَقالت: هذه وطأهٌ أسودٍ تعخيّل 
خْيَلأآها من بَعْي النشاط والقوة. 

ألا ما أعظمَكِ يا مصرء وما أعظمٌ تعنّتكِ ذ في هذا السحر الفاتن! أينبغي أن 
يغترب كل أهلِكِ حتى يُدرِكوا معنى ذلك الحديثٍ النبوي العظيم : «مصر كنانةٌ الله 
في أرضه». فيعرفوا أَنْكِ من عِرْتَكِ معلقةٌ في هذا الكونٍ تعليقّ الكنانة في دارٍ 
البطل الأزوع؟ 

قال «الدكتور محمد): وأَجِتمْعَنا في الدارٍ التي أنزلٌ فيهاء فراع ذلك صاحبةً 
مَنُواي . فقلتٌ لها: : إن مهنا ليلةٌ مصرية ستحتل ليلتّكم هذه في مدينتكم هذه؛ فلا فلا 
تزع + اث دعوتُها إلى مجلبنا إتشهد كيف تُسْتَعْلِنْ الروح المصريةٌ الاجتماعية 
برقيها وظرفها وحماستهاء وكيف تُفِسْرُ هذه الروح المصريةٌ كلّ جميل مِنّ الأشياء 
الجميلةٍ بشؤق من أشواقها الحتانة» وكيف تكونُ هذه الروحح في جر موسيقيتها 
الطبيعية حينَ تُتاجي أحبابّهاء فيجى: حديثها , بطبيعته كأنّهُ ديباجة شاعرٍ في صفائها 
وحلاوتها ورئين ألفاظها؟ 

وقالَتِ السيدةٌ الظريفة : يا لَهَا سعادة! سأَنَّجْدُ -2 وأَضْلِح من لبانق 
وأكونُ بعد خمس دقائقَ في مصرا 

قال الدكتور: : وأحذنا في شألناء وكانٌ معنا طالب حسنُ الصوت» فقامَ إلى 


)١(‏ واجماً: صامعا . زفرة نرَابه الطرب : هرّه واستولى على مشاعره. 
زفق يتلاشى : يضمحل . (؟) يهرولون: يسرعون . 


أخويف 


البيانة”'' وغَنَّى مقطوعة «طقطوقة» مصريةً من هذه المقاطيع التي تُطْفْطِقٌُ فيها 
القن فجعل يمطل صوئة باه وآه ودار اللحن دورة تأوّغت فيا الكليات كلهياً. 
ثم أغتورٌ البيانة طالبٌ آخرٌ فما شد عن هذه السَّنَّة» وكانَ بعد الأولٍ كالنائحة 
تُجاوِبٌُ النائحة! فمَّالتْ علي السيدةٌ الفرنسية وأسَرّتْ إلىّ: أهاتانٍ آمرأتانٍ أم 
رجلان. . .؟ فقلْتٌ لها: إِنَّ هذا لحن تاريخ ذو مقطوعتينء, كانّث تتطارخة 
كيلوباترة وأنطونيوء وأنطونيو وكيلوباترة. . . فأغجبّتٍ المرأةٌ أشد الإعجاب». 
وأكبّرث منّا هذا الذوقٌ المصري أنْ تُكْرمَها لوجودها في مجلسنا بألحانٍ الملكةٍ 
المصرية الجميلة؛ وطربث لذلك أشدّ الطرب» وكيا غرورٌ المرأة» فجعلّتْ 
تستعيدٌ: (يا لوعت نا شقاي ياف عتالن,. » توتقول: ما كان أرقٌّ كيلوباترة! ما 
كانَ أرق أنطونيو! يِالَفَِنةٍ الحُبٌ الملكي . . ! 

قال «الدكتور محمد»: ثم حجلْتٌ - واللَّهِ ‏ من هذا الكلام المخنّث. 
تلفيقى الذي لفقنُّه إلمرأة المخدوعة» فانتفضتٌ أنتفاضة مَنْ يملؤه الغضب» و 
كن حكن وفي يده السيفٌ الباتر””'2 وأمامّةٌ العدرّ الوح ؛ وثُّرْثُ إلى البيانة 
فأجريْتُ عليها أصابعي» وكأن في يديّ عشرةً شياطينَ لا عشرٌ أصابع» ودرّى في 
المكان لحن : «اسلمي يا مصرًا وجَلْجَلَ كالرعدٍ في قُبةٍ الدنياء تحت طباقٍ الغّيم» 
بين شَرارٍ البرق. فكأنّما تَرَلْرَلَ المكانُ على السيدةٍ الفرنسية وعلينا جميعاً وصَرّحَّ 
أجدادُنا يزأرون من أعماقٍ التاريخ : «اسلمي يا مصر. . .70 

ولما قطعْتٌُ ألتفتُ إليها في كبرياء تلك الموسيقى وعظمتها وقلْتُ لها: هذا 
هو غِناؤُّنا نحن الشبانَ المصريين 

0 اجَغْنا صاحبّنا الضيف» وأحفيناه بالمسألة» فقالَ بعد أنْ دافَعَنَا طويلاً: إِنّهُ 
يحسنٌ شيئا مِنَّ الموسيقى وإنَّ له لَخْناً سيُطارحُنا به لِنأَخِدَّهُ عنه. ونا ننه قبل أن 
تسمعه وتنا ل : إفعل متفضلاً مشكوراً وما زَِلْنَا حتى نهض متَثاقلاً. فجلسٌ إلى 
البيانةٍ وأطرقٌ شيئاء كأنّهُ يُسَوَي أوتاراً في قلبه؛ ثم دَق يتَعَاجَى بهذا الصوت: 

أَضَاعَ عَدي مَنْ كان في يده عَدِي وحَطمْني مَنْ كان يَجْهَدُ في سَبْكِي! 


)١(‏ البيانة : كلمة استعملها الأستاذ مصطفى صادق الرافعي في كتابه (السحاب الأحمر) تعريباً لكلمة 


ابيانو» الأجنبية» وتجمع على بيانات. 
(؟) السيف الباتر: القاطع. 


54 


إن كُنتُ لا آسَى لِكفْسِي فَمَنْ إذن؟ 2 وإِنْ كُنْتُ لا أبكي لِنفْسِي فَْمَنْ يبكي؟ 

قال «الدكتور محمد»: فكانٌ الغناء يَمَْلِج”2 في تلبهِ أعتلاجاًء وكانّتُ نفسَة 
تبكي فيه بكاءها وتَعْصُ من غَصَّيِهاء وكأنٌ في الصوت فِكراً حزيناً يسْعَلِنُ في همْ 
موسيقىء وَحُيّلَ إلينا بِينَ ذلك أنَّ البيانةً آنقلبَثْ آمرأةٌ مغنيةً تُطارِحٌ هذا الرجلٌ 
عواطِفَها وَأحزائهاء فاجتمعٌ من صوتهما أَكَملُ صوتٍ إنسانيٌّ وأجملَهُ وأشجاهُ وأرقه. 

فأطَفْنا به وقلْنا له: لقد كتَمْتّنا نفك حتى نَم عليها ما سمغتاء وما هذا 
بغناء» ولكنّهُ همومٌ مُلَحَنةٌ تلْحِيناًء فلن ندعَكٌ أو تُحَبرَنَا ما كان شأثك وشأئها. 

فأَغْتلَّ علينا ودافَعَنا جهدّه» فقلْتَا له: هيهات؛ واللَّهِ لن تُفْلِئَكَ وقد صِرْتَ فى 
أيديناء وإِنك ما تزيدُ على أنْ تَعِطّنا بهذه القصة؛ فإِن أمسكْتٌ عنها فقد أمسكْت عن 
موعظيناء وإِنْ بَخِلْتَ فما بَخْلْتَ بقصتِكٌ بل بِعِلْم من عِلْم الحية ُيده منك؛ وأنت 
ترانا نعي هاهنا في أجتماع فاسدٍ كأنّهُ قصصٌ قلبيّة. بين حاولا بل اانا ري 
جمالّهن؛ وفي رجالٍ أفرطتٌ عليهمُ الحريّة. حتى دُخِلَ فيها مَحْدعٌ الزوجة. 

قال الدكتور: ونظَرْتُ فإذا الرجلٌ كايِف”' قد تَغيّرَ لونهُ وَتَبينَ 0 
وجههء فَألْمَمْتُ”" بما في نفسه. وعَلِمْتُ أنَّهُ قد دُهِيَ في زوجة. من مؤلاء 
الأوربيات» اللواتي يتزوّجْنَ على أنْ يكونَ مخدعٌ المرأةٍ منهن حرًا أنْ يأحذّ وَيَدَعَ» 
ويُغيّرَ ويُبدل» وَيفُسمَ كلمة «زوج» قسمينٍ وثلاثة وأربعة وما شاء. . 

وكأنّما مَسَسْتُ البارود بتلك الشرارة» فآنفجرّث نفس الرجل عن قصة ما أفظعّها! 

د تنا ْ 

فاليا إخواني اللمسعريين عب إن فس لقو ؤلف اشرو اسويك حده 
النصيحة التي لم يَضَعْها مؤلفٌ تاريخيٌ لسوءٍ الحظء إلا في الفصلٍ الأخير من 
رواية شقائي : 

إيّاكم إِياكم أنْ تَعْتروا بمعاني المرأة؛ تحسبونّها معانيَ الزوجة؛ وفَرْقوا بِينَ 
الزوجة بخصائصهاء وبينَ المرأةٍ بمعانيهاء فإِنّ في كل زوجة آمرأة» ولكن ليس في 
كل آمرأة زوجة. 

وأعلموا أن المرأةً في أنوثتها وفنونها النسائيّة الفرديّة» كهذا السحاب الملرَّنٍ 


)١(‏ يعتلج: يصطرع ويمور. 
(0) كاسفا: مستح. (*) ألممت: علمت واطلعت. 


"25 


في الشفق حينَ يبدو؛ لَهُ وقتٌ محدودٌ ثم يُمسخ مَسْخاً؛ ولكنّ الزوجة في نسائيتها 
الاجتماعيّة كالشمس»؛ قد يحجبّها ذلك السحابء بَيْدَ أنَّ البقاء لها وحدّهاء 
والاعتبارَ لها وحدذهاء ولها وحدّها الوقتُ كله. 

لا تتزوجوا يا إخواني المصريينَ بأجنبية؛ إِنَّ أجنبيةٌ يتزوجُ بها مصريّ. هي 
مُسَدَسُ جرائمٌ فيه سِتٌ قذائف : 

|الأولى : بَوارُ أمرأةٍ مصريةٍ وضيّاعُها بضَّياع حقّها في هذا الزوج؛ وتلك 
جريعة ةّ وطنيةٌ ) فهذه واحلة. 

والثانية : إقحاء”! الأخلاق الأجنبية على طِباعِنا وفضائلنا - في هذا الاجتماع 
الخر قي وثر 0 وضدعة " وعو ستريمة أخلاقئة . 

والثالثة : دَسٌ العُروقٍ الزائغة في دماينا ونَسْلِنَاء وهي عريية الجماعة: 

والرابعة : التمكينٌ للأجنبىّ في بيتِ من بيوتّناء يملكه ويِحكُمُهُ ويُصرَقُهُ على 
كنار وهى تطرلفة اسباسيقي ”7 7 

والخامسة: لِلمُسْلم مِنًا إيثارُهُ غير أختِه المسلمة؛ ثم تحكيمُهُ الهوى في 
الدين» ما يُعَجبْهُ وما لا يُعجِبّه؛ ثم إِلقَاؤُهُ السْم الدينيّ في نَبْع ذرَيته المُقبلة» ثم 
صَيْرُورَئُهُ جِزياً لأجداده الفاتحينَ الذين كانوا يأخذونهن سَبَاياء ويجعلونّهن في 
المنزلة الثانية أو الثالئة بعد الزوجة؛ فأحدَنْهُ هي رقيقاً لهاء وصارَ معها في المنزلة 
الثانية أو الثالئة بعد( وهذه جريمةٌ دينية. 

والسادسة: بعد ذلك كلّهء أنْ هذا المسكينّ يُؤْيِرُ أسفْلّة على أعلاه... ولا 
يبالي في ذلك خمسٌ جرائمٌ فظيعة . 

وهذه السادسة جريمة إنسانية! 

6د 6د عه 

ما كنْتُ أحسبٌ يا إخواني» وقد رجِعْتٌ بزوجتي الأوروبية إلى مصرء أنْي 
أحضرْتُ معي من أوروبا آله تصنع أحزاني ومصائبي! ولم يكن وَعَظَني أحدٌ بما 
أعِظّكم به الآن. ولا تنبِهْتُ بذكائي إلى أنَّ الزوجة الأجنبيّة ثُنِْتُ لي غُربتي في 
بلادي! وفك هلرة الى عيذ وظي أن غين مام الرطئكة نيه ثم تكون مني حماقة ثُنِبتُ 


. إقحام: إدخال بالموة . () صدعه: تشققه‎ )١( 
(؟) توهينه: إضعافه  (5) يريد: بعد عشقها‎ 


359527 





للناس أئّي أحمقٌ فيما أختزت؛ ثم تعودُ مشكلة دولية في بيتي» يُزورها أبناغ جنسها 
وَيَمْتَزِيروتها رغم أنفي وفمي ووجهي كله! ويستطيلونٌ بالجماية» ويستترونٌ 
بالامتيازات» ويرفعون ستارأ عن فصل» ويُرْخونَ ستاراً على فصل. . وأنا وحدي 
أشهدٌ الرواية. . ! 

إن الشيطانَ في أوروبا شيطانٌ عالمٌ مخترع . فقد زَيّنَ لي من تلك الزوجة 
ثلاث نساء مما: زوجة عقليّة؛ وزوجة قلبيّة» وزوجة نفسيّة؛ ثم نمت اللعينُ في 
رُوعي أن المرأءٌ الشرقيّة ليس فيها إلا واحدة» وهي مع ذلك ليِسَتٌْ من هؤلاء 
الثلاث وللا واحذة. قال الخبيث : لأنّها ا الجسم وحذه» فلا تسمو إلى العقل. 
ولا تتصل بالقلب» ولا تمتزجُ بالنفس؛ وأنّها بذلك جاهلة؛ غليظة الحسء حَشِتَهُ 
الطبع» لا نكونُ معّ المصريّ إلا كما تكونٌ الأرضُ المصريةٌ مم فلّاجها. . 

لعنةٌ الله على ذلك الشيطانٍ الرجيم العالم المخترع! ما علمْتٌ إِلَّا من بَعَدُ أنَّ 
هذه الشرقيّةَ الجاهلة الخثِنة الجافيةَ» هي كالمئْجَم الذي يَبْرْهُ في تثُرابه» وماسُهُ في 
فُحَمد وجوهرٌة في معدنه؛ وأنَّ صعوبتّها من طَيعوبَةٌ العِفَة الممتنعة» وأنَّ خشونتها 
من خشونة الحُبٌ المعترٌ بنفسه» وأنَّ جفاءةها('' من جفاءٍ الدين المتسامى على 
المادة؛ وأنّها بمجموع ذلك كانَ لها الصبرٌ الذي لا يَدخُلُهُ العجزء وكان لها الوقاءً 
الذي لا تَلحمّهُ الشّبِهةُ وكان لها الإيثارٌ الذي لا يُقَسِدَهُ الطمع . 

هى جاهلةٌ ولها عمقل الحياة فى دارهاء وغليظةٌ للحن .لها أرق دنا فق 
الْرْوجَِة لزوجها وحذه؟ وَخَشَِهُ الطبع ؛ لأنها تعندّة”" أنْ تكونً مَلمّساً ناعماً لهذا 
وذاك وهؤلاء وأولئك . . . لا كامرأة الحتٌ الأوروبيّة, التي تجعلٌ نفسّها أنثى المِنّْء 
ويُرِيدُ أن تعيش دائماً مع زوجها الشرقيّ مِنّ التفضيل والإيثار والإجلالٍ رالإباحة - 
فى كلمة «أنا» قبل كلمة «أنت6. امرأةً أنشأثها الحربٌُ العظمى بأخلاق مُحَرْبةٍ 
مُدَمَّرَةٍ تنفجرٌ بِينَ الوفتٍ والوقت. 

عندّنا يا إخواني تعدٌّدُ الزوجات» يتهموئنا به من عمّى وجهل وسخافة. 
أنظرواء هل هو إلا إعلانْ لشرعبّة الرجولة والأنوثة» ودينية الحياةٍ الزوجيّة في 
أي أشكالها؛ وهل هو إلا إعلانُ بطولة الرجل الشرقىئٌ الأنُوفٍ الغّيورء أن 
)١(‏ جفاءها على المادة: بعدها عنها. 
(5) تسزه: تترقع . 


رقف 


الزوجة تتعَدَدُ عند الرجل ولكن... ولكن ليس كما يقمٌّ في أوروبا من أن 
الزوج يتعدد عند المرأة 8 

يتّهمونّنا بتعدّدٍ آلمرأةٍ على أنْ تكونَ زوجة لها حقوقها وواجبائها ‏ بقوةٍ الشرع 
والقانون - نافذةٌ موّدّاة؛ ثم لا ينّهمون أنفسّهم بتعدّدٍ المرأةٍ خليلة مخادنة ليس لها 
حئىٌ على أحدء ولا واجبٌ من أحدء بل هي تَتَقَاذَفُها الحياةٌ من رجّل إلى رجل» 
كالسكير يتقاذفُهُ الشارعٌ من جدار إلى جدار. 

لعنةٌ الله على شيطانٍ المدنية العالم المخترع المخنّثء الذي يجعل للمرأةٍ 
الأوروبيّة بعد أنْ يتزوجَها الرجلٌ الشرقى» أصابع «أوتوماتيكية»» ما أسرعٌ ما تمتدٌ 
في نَرْوَةٍ من حماقاتها إلى رجٌلِها بالمسدّسء فإذا الرصاصٌ والقتل؛ وما أسرعٌ ما 
تمندٌ في نزوةٍ من عواطفِها إلى عاشقها بمفتاح الدارء فإذا الخيائة والمُهر!! 

ماذا تتوقعونٌ يا إخوانى من تلك الرقيقةٍ الناعمة» المتأنفةٍ بكلّ ما فيها ألوثةٌ 
تكفي رجالاً لا رجلاً واحدأء وقد ضَعْمَّتْ روحيَّةُ الأسرة في رأيهاء وابنْذِلَتِ الروحيّةُ 
في مجتمّعها أبتذالاً» اسبح عندها الرواح اللروا على [طلاقوة !1 تكو أمرأء 
واحدةً إرجلٍ واحدٍ مقصورةٌ عليه؛ وبذلك عاد الزواجٌ حقًاً في جسم ألمرأة دون قلبها 
وروحها؟ إن كان الزوج مشؤوماً منكوباً لم يستِطغ أنْ يكون رَجُلَّ قلبها فعليه أنْ 
َع لها الحرية إعختارٌ زوج قليها. . .! ومعنى ذلك أنْ تكونٌ هذه المرأةٌ خ انمع 
الشرعي بمنزلةٍ المرأةٍ مَعّ فاسق؛ ومع الفاس بمنزلة المرأةٍ مَعَ م الزوج الشرعي. . 
إن كان الرجل منحوساً مُحيّباً. وكانَ قد بَلَعّ إلى قلبها زمنا ثم به كلها - فعليه أنْ 
يَدعَ لها الحرية لتتنق| لَّ وتلذُ بلذاتِ الهوى. ويقولٌ لها احالك اد حبِيتٍ! فإِنّ هذا 
المنحوس المحْيّبَ ليسّ عندّها إنناناء ولكنه ؤوَايةٌ إتشائة أنتهى الفصل الجميلٌ منها 
بمناظره الجميلة. وبدأ فصل آخْرُ بحوادثٌ غير تلك. 0 يشْهدٌ الرواية أن يتبرّمَ ما 
شاع ويستثقل كما يشاءء ومتى شاءً أنصرفٌ من الباب. . . ! 

أمرأة هذه المدئة هى آمرآة :العاطفة؟ تتغلى باللفظ حين تلش العاطفة مخ 
زينتهاء وإنْ ضاعً فيه المعنى الكبيرٌ من معاني العقلء وإِنْ فانّتْ به النعمة الكبيرةٌ 
من نِعَم الحياة. 

تقوى العاطفةٌ فتجيء بها إلى رجل» ثم تقوى الثانيةٌ فنتذهبُ بها مع رجل 
آخر. . .! وَتُقَيْدٌ نفسَها إِنْ شاءث, وتُسَرَحٌ نفسّها إِنْ شاءث؛ وما لا بُدَ من أن تَبْلوَ 

5545 


الحياةً كما يبلوها الرجلٌ وأنْ تخوضٌ في مشاكلها؛ وإذا شاءث جعلَّثْ نفسّها 
إحدى مشاكلها. . .! ولا مندوحة"" مِنْ أنْ : تتولى شأن نفسيها بنفسهاء فإذا 
م6 أو غدّرث فكلُ ذلك عندّها من أحكام لفيا وكل ذلك رأيّ وحنء إِذ 
كان مِحْوَّرُها الذي تدورٌ عليه هو عاطفتّها وحرية هذه العاطفة» فَمَن هذا يُقَرَر لها 
خطتّهاء ويُملي عليها واجباتهاء ويِرّوَرُ لها الأسماءً على إرادته دونَ إرادتهاء فيُسمي 
لها تكد قلبها بأسم فضيلةٍ ألمرأة» وحرمانَ عاطفتها بأسم واجب الزوجة الشريفة؟ 

ومنذا سَْوَلَهُ الح" " أن يُقَرْرَ وأ يُملي؟ 

وهذا الشرقيٌ العتيقٌ المأفونُ”*2 الذي قَبلّها سافرةً لا تعرفٌ رُوحُها ولا 
جسمُها الججاب؛ ما بالَهُ يُرِيدُ أنْ يضربت البعان على عاطفتهاء ويترككها محبوسة 
في شَرَفهِ وحقوقه وواجباتِه؛ وإِنْ لم تكن محجوبةٌ في الدار؟ 

ما علمْتُ يا إخواني إِلَّا مِن بعد أنَّ الزوجة الغربيّة قد تكونُ معّ زوجها 
الشرقيّ كالسائحة مع دليلها. هيهات هيهات””. إِنّهُ لن يُمسكها عليه» ولن يُكْرِهَها 
على الوفاءِ لهء إِلّا أن تكونّ حُثَالةٌ يزهدُ فيها حتى ذُبِابُ الناس؛ فيأسُها هو يجعلٌ 
هذا المسكينَ مطمّعّهاء وهي مع ذلك لو خلطتهُ بنفسها لَبِقَيَثْ منها ناحية لا 
تختلط. إِذْ ترى أمنَّهُ دونَ أمتهاء وجنسّه دون جنسها؛ فما نَسْبُ أمَةَ زوجها وبلادّهُ 
ا 

ماد والله - إن الرجلّ الشرقيّ حين يأتي بالأجنبيّةِ لِتَلوِينِ حياته بألوانٍ 

الأنثى . لا يكونُ أختارٌ أزهى الألوانٍ إِلَّا لتلوين مصائب حياته! وقق كرون هال 
ما يَشْذَّ رلك لوخ لقاع 


أما قصتي يا إخواني 
قال الدكتور محمد: قد حكيتّها «يرخمك الله . 


(؟) خاست: غدرت ونكثت بالعهد. (5) المأفرن: الضعيف الرأي. 
(؟) خوله الحىّ: أعطاه وأوكل إليه. (5) هيهات: اسم فعل ماضي بمعنى بعد . 


2؟”ي> 


قصيدةٌ مترجمةٌ عن الشيطان : 


و 
لحوم البعثر 

نكأئما ‏ والله ‏ تمدَّدَ على سِيفٍ البحر في الإسكندريةٍ شيطانٌ ماردٌ من 
شياطين ما بِينَ الرجل والمرأة» بخدعٌ الئاس عن جهنم بتبزيدٍ معانيها . وقد أمتلذ 
ان عانصو لكوم م كود 131 ولك الرمل رلك الهوات دمع أعصنا د : 
ويُرْسل في الجوّ نفْخَاتٍ من جُرأةٍ الخمر في شاربها ثَارَ فَعَرْبد ويُطلعٌ الشمسّ 
للأعين في منظر حَسْناءَ غريانة ألقَّتْ ثيابّها وحياءها معاً؛ ويُرخِي الليلٌ ليغطي به 
التخاري الى تحجل النهان أن عون فيه 

ولَعَمري إِنْ لم يكُنْ هو هذا الماردّء ما أحسّبْهُ إلا الشيطانَ الخبيتٌ الذي 
أبتدعٌ فكرة عض الآثام مَكشوفة في أجسامها تحت عين التَّقِيَ والفاجر» لتعمل 
عَملها في الطباع والأخلاق ؛ ؛ فَسَوّلَ للنساءٍ والرجالٍ أن ذلك الشاطىء علا الْمَكَلٍ 

الخ ولعت حتى إذا أجتمعواء فتقارّبواء فتَشَابكواء سَوَّلَ لهمْ الأخرى أنَّ 

0 هر كذلك علاجُ الملل مِنَّ الفضيلة وآلدين! 

إن لم يكن أللعينانٍ فهو ألرجيمٌُ الثالث» ذلك الذي تألى'" أنْ يُفْسِدَ الآدابت 
الإنسانيّة كلها بفسادٍ خَلَقٍ واحد» هو حَياء المرأة؛ فبداً يكشفْها لرجالٍ من 
وَجههاء ٠‏ ولكنّهُ أستمرٌ يكثف . . وكائث تظئهُ نَرْعَ ججابها فإذا هو أول عُزيها. 
وزادتٍ ألمرأةٌ: ولكنْ بما زادَ فجورّ الرجال؛ ونقّصَتْ» ولكن بما نَقَُصَ فضائلهم؛ 
وتغْيرتٍ آلدنيا وفسدتٍ آلطباع ؛ فإذا تلك المرأ مِمنْ يُقرُونها على تَبِذْلها بينَ رجلين 
لا ثالث لهما: رجل فُجَر ورجل تخدّث. 

ْ تدك 

هناك فكرةٌ من شريعة الطبيعة هي عقَلٌ البحر في هؤلاء الناس» وعقَلٌ هؤلاء 

الناس في البحر؛ إذا أنت أعترضتّها فتَبْيَنئها فتعقبتهاء رأيْتَها بلاغةٌ من بلاغةٍ 


)ع0 يرعش : يرجف. 
(0) تألى: أخذ على نفه عهداً. 


الشيطانٍ في نزِيينِهِ وتّطويعِه» وأصبْتَ فكرَهُ مستقراً فيها أستقرار المعنى في عبارتّه؛ 
آخذاً بمداخلها ومّخارجها. وما كان الشيطانٌ عَيِيَاً و لاغبيَاً» بل هو أذكى شعراءٍ 
الكوْنٍ في حَيالِهء وأبلعُهم في فِطْنتهء وأَدمُهم في منطقهء وأقدرُهم على الفتند 
والسحر؛ وبتمامِهٍ في هذا كلّهِ كان شيطانا لم نَسعْهُ لجن إِذْ ليس فيها النارء ولم 
تُرَضِهِ الرحمةٌ إذ ليسَ معها الغضّب» ولم يُعَجِبْهُ الخضوعٌ الملائكي إِذْ ليس فيه 
الكبرياء» ولم يَخْلِصُ إلى الحقيقة إِذْ لا تحمل الحقيقةٌ شعرٌ أحلامه. 

وما أتى الشيطانُ أحداء ولا وسوس في قلبء, ولا سَوَّلَ لنفس» ولا أغوى 
مَنْ يُغْويه - إلا بأسلوب شِغري مُلْمَبسِ دقيق» يجعلٌ المرء يعتقدٌُ أن أطراح العقْلٍ 
فو عق الساعة :رقي روفاك هويا كان فوناً؟ إذ بريد ديفا لنفس إلى أخَيلة لا 
تقل البرهانات, ويقَطعُ حُجِتَهُ مهما كانت دامغة؛ إِذْ يعترضها بنزعة مِنْ النزعاتٍ 
تُوجهّها كيف دارَ بها الدم لا كيف دار بها المنطق. 

فكرةٌ من شريعةٍ الطبيعة» ظاهرُها لِبَعْضٍ الأمر مِنَ الشمس والهواء والبحر وما 
لا أدري» وباطبئُها لبعض الأمر من فنّ الشيطانٍ وبلاغته وشعره وما لا أدري؛ وما 
كانتِ الشرائع الإلهيةٌ والوضعيةً إلا لإقرارٍ العقلى في شريعة الطبيعةٍ كي تكونٌ إنسانة 
لإنسانها كما هي الحيوانيّةٌ لحيوانهاء وليجدٍ الإنسانُ ما يحفظ به نفسَهُ من نفسِهِ التي 
هي دائماً ُوضى» ولا غايةً لها لولا ذلك العقلُ إلا أنْ تكوت دائماً فوضى ْ 

وبالشرائع والآداب أستطاعٌ الإنسانٌ أَنْ يضم لكلمةٍ الطبيعةٍ النافذة عليه جواباًء 
وأنْ يرى في هذه الطبيعة أثرَ جَوابه؛ فكليئُها هي: أيّها الإنسان» أنْتَ خاضمٌ لي 
بالحيوانيٌ فيك. وكلمتّه هي : آيّنّها الطبيعة؛ وأنتٍ لي خاضعة بالإلهيَ فيّ 

تن 

والآنَ سأقرأ لك القصيدة الفتيْةَ التي نظمها الشيطانٌ على رملٍ الشاطىء في 
ل ل ا ل اح ل د 

عن معانيها مكشوفةً ومغطاة» وعن طِباعِها بريئةٌ ومنّهمة؛ حتى أَنَّسَقَتِ الترجمة 
0 

قال الشيطان: 

«ألا إن البهيمة والعقلية في هذا الإنسان؛ مجموغهما شيطانيّة . 

ألا ونه ما من شيءٍ جميل أو عظيم إِلّا وفيه معنى السخرية بو. 


/اغ ؟* 


هنا تتعرّى ألمرأةُ من ثوبهاء فتتعرّى من فضيلتها . 

هنا يخلمٌ الرجلٌ ثوبّهء ثم يعودٌ إليه فيلبسنُ فيه الأدب الذي حَلّعه. . . 

رؤيةٌ الرجل لحم المرأةٍ المحوّمة نظرٌ بالعين والعاطفة. 

يَرمي ببصره الجائع كما ينظرٌ الصقْرُ إلى لحم الصيّد . 

ونَظَرُ المرأة لحم الرجل رؤيةٌ فكر فقط... 

يا لحومً البحر! سلحْكِ من ثيابكِ جرّار. . . ! 

ديا لحومٌ البحر! سلخكِ جزارٌ من ثيابك . 

جزارٌ لا يذبح بألم ولكنْ بلذة. . 

ولا يَحِرْ بالسكين ولكن بالعاطفة. . . 

ولا تيت انكر الامزنا ادي .... 

إلى الهيجاء يا إيطالٌ مَعركةٍ الرجالٍ والنساء. 

فهنا تلتجم نواميسٌ الطبيعة ونواميسٌ الأخلاق. 

للطبيعة أسلحةٌ العُرْيء والمخالطةء والتظرء والأنس» والتْضاحُكء ونرُوع 
المعنى إلى المعنى . . . ١‏ 

وللأخلاي المهرومة سلاح منّ الدينٍ قد صدىء؛ وسلاخ منّ الحياء مكسور! 

يا لُحومَ البحر! سلخَكِ من ثيابك جزار. . . 


الشاطىءٌ كبيرٌ كبيرء يسمٌ الآلافٌ والآلاف. 
ولكّهُ للرجل والمرأة صغيرٌ صغيرء حتى لا يكون إِلَّا خَلُوة. . . 
وتقضي الفتاةٌ سنتّها تتعلّم » ثم تأتي هنا تنذْكّرُ جهلها وتعرفٌ ما هو. . . 
وثُمضي ألمرأةُ عامّها كريمة» ثم تجيء لِتجدّ هنا مادةً اللؤم الطبيعي . 
لو كانت حَجَاجَةَ صرَامَة. للعنئها الكعبةٌ لوجودها في «أستائلى» . 
الفتاةٌ ترى في الرجال العْرْيانينَ أشباح أحلامهاء وهذا معنّى مِنَ السقوط . 
والمرأةٌ تِسارقُهمْ النظرّ تنويعاً لِرجُلِها الواحدء وهذا معنّى مِنّ الموّاخير. . 
أين تكونٌُ التيّهُ الصالحة لِفتاة أو أمرأة بِينَ رجالٍ عريانين؟ 

114 


يا لُحومَ البحر! سلخَكِ من ثيابكِ جرّار . 
د يت ين 
«هناك التربية» وهنا إعلانُ الإغفالٍ والطيش. 
وهتاك الدين» وهنا أسبابٌ الإغراءٍ والزلل . 
هناك تكلف الأخلاق» وهنا طبيعة الحرية منها 
رمات لحرت القير رايع يرن + ار 0 لترخص يوماً بعد يوم . 
لركرى غو كل وشرلك مز أعجالهي يما فو البح 00 مِنَ البحر . 
فقطرةٌ الماء التي نجسئْها الشهواتٌ قد أنسكبث في دماتهم . 
ال ل وأمْ. 
يا لُحومٌ البحر! سلحَكِ من ثيابكِ جزرّار. . 
ع ع عد 
«يجيئون للشمس التي تَقُوى بها صمَاتٌ الجسم ؛ 
ليجدّ كل مِنَ الجنسين شمِسَّهُ التي تضعُْفٌ بها صفاتٌ القلب. 
يجيئونَ للهواء الذي تتجدّدُ به عناصرٌ الدم؛ 
ليجدوا الهواءً الآخرّ الذي تَمْسُدُ به معاني الدم . 
يجئيونَ للبحر الذي يأخذونَ منه القوةً والعافية؛ 
ويقولون ليس على الْمُصيّفٍ حرج . 
أي نه نهُ أعمى الأدبف. ا 
يا لْحومٌ البحر! سلخكِ من ثيابك جزار. . 


«المدارسٌء والمساججد» والبِيَعْ» والكنائسٌ» ووزارةٌ الداخلية ؛ 

هذه كلها الن تهزم الشاطىء . 

فأمواجٌ ال: لنفس البشرية كأمواج البحرٍ الصاخب» عر ابداكريك ليد 

له يهزم م الشاطىء إِلّا ذلك «الجامعٌ الأزهرا لؤاله يكن قد مُسِخّ مدرسة ! 


فصرخةٌ واحدةٌ من قلب الأزهر القديم» تجعلٌ هديرٌ البحر كأنَّهُ تسبيخ . 


لحني 


وتردُ الأمواج نقية بيضاءء كأنها عمائمٌ العلماء. 
وتأتي إلى البحر بأعمدة الأزهر للفصل بين الرجالٍ والتسياء . 
ولكئي أرى زمناً قد تقل حتى إلى المدارس رُوحَ «الكازينوا. . .! 


يا لُحومَ البحر! سلخحَكِ من ثيايك جزّار. . .! 
ين ين 
اهنا على رغم الآداب» مملكةً لصيف والقَّيْظ"'» سلطائها الجسم المؤنثُ 
العاري . 
أجسامٌ تَعرض مَمَاتِئَها عَرْضٌ البضائع ؛ فالشاطىءٌ حانوثٌ للزواج! 
وأجسامٌ تَعرضٌُ أوضاعها كأئّها في غُرقَةِ نوبها في الشاطىء... 
وأجساءٌ جالسة لغيرهاء تُحيطٌ بها معانيها ملتمسةً معانيّه ؛ فالشاطىء سوقٌ 
وأجسامٌ خَفِرَةٌ جالسةٌ للشمس والهراء؛ فالشاطِىء كدارٍ الكُمْرِ لِمَنْ أكره”؟ 
وأجسامٌ عليلةٌ تَفْتَحِمُها الأعينُ فتزدريهاء لأنّها جَعلَّتٍ الشاطىء 
مستشفى . . .! 
وأجسامٌ خليعةٌ أضافَتْ من (استائلى) وأحّواتها إلى منارةٍ الإكسندرية ومكتبة 
الإسكندرية ‏ مَرْبَلةَ الإسكندرية. . 
كانَ جدال المسلمينَ في السفورء فأصبمٌ الآنَ في العْرِي . 
فإذا تطوّر؛ فماذا بقيَ من تقليدٍ أورربا إِلَا الجدالٌ في شرعيّةٍ جمع المرأة بِينَ 
الزوج وشْبْه الزوج؟» : 
عد عه 
إنتهى ما أستطعتٌ ترجِمَتّه» بعد الرجوع في مواضعٌ منّ القصيدة إلى بعض 
القواميس الحية . . . إلى بعض شبانٍ الشاطىء . 


)١(‏ القبظ : شدة الحرّ. 
(؟) إشارة إلى الآية الكريمة: #. .إلا من أكره وقلبه مطمتن بالإيمان» . 
6؟ 





قصيدةٌ مترجمة عن الملّك: 


ترجَمْنا عن الشيطانٍ قصيدة (لحوم البحر). وهذه ترجمةٌ عن أحد الملائكة؛ 
رآني جالساً تحت الليلٍ وقد أجمغْتُ أنْ ضع كلمةٌ للمرأةٍ الشرقيّةٍ فيما تُحَاذِرْهُ أو 
تَتَوجْسل 7 منه الشرٌ؛ قُتَخَايَلَ الملك بأضوائه في الضوءء وسح لي برُوجه:؛ وبَثّ 
فيّ من سر الإلهي؛ فجعلْتُ أنظرُ في قلبي إلى فجر من هذا الشغر يَنْبُحُ كلمة 
كلمة» ويُشْرِقُ معئّى معنّى» ويَستطيرٌ جُملةً جُملة» حتى أجتمغتٍ القصيدةٌ وكأئما 
سافْزتُ في حُلْم مِنَ الأحلام فجئْتٌ بها. 

وأنطلقٌ ذلك الملّكُ وتركّها في يدي لُعَة من طهارتِه للمرأةٍ الشرقيّة في ملائكيتها: 

ع عا :4ه 
احذري . 1 

«احذري أيثّها الشرقيةُ وبالخي في الحذرء وأجعلي أخصٌ طباعك الحذرٌ وحذه. 

إحذري تمدّنَ أوروبا أن يجعلّ فضيلتكِ ثوبأ يُوسّمٌ ويُضيّق؛ فَلَنْسٌ الفضيلة 
على ذلك هو لَبْسُها وحَلْمُها . . . 

إذري فَنَّهُمْ الاجتماعيّ الخبيتَ الذي يَمْرِرض على النساءٍ في مجالس الرجالٍ 
أنْ تؤذيَ أجسامَهنَ ضريبة الفنّ. . 

إحذري تلك الأنوثةَ الاجتماعيّة الظريفة؛ إِنّها أنتهاءً المرأةٍ بغاية الظَرْفٍ 
لزه ا ار الفيمة: ش 

احذري تلك النسائيّة المَزْليّة؛ إِنْها في جملتها تَرَخِيصٌ اجتماعيٌ لِلِحْرَةٍ 
لانت أن تدارلة الك ف ات مبلي. 1 ْ 

أينُها الشرقيّة! احذري احذري! 

+ كد عه 


)١(‏ تتوجس : تتوقع. 


«احذري التمدّنَ الذي أخترع لقتل لَنَبِ الزوجةٍ المقددّسء لقب «المرأة الثانية». . 

وَأخترع لقتل لقب العذراء المقدس لقب «نصف عذراء». 

وأخترعَ لقتل دينية معاني المرأة» كلمة «الأدب المكشوف». 

وأنتهى إلى اختراع السّرعةٍ في الحُبَ. . . فاكتفى الرجلٌ بزوجة ساعة. . 

وإلى أختراع أستقلالٍ المرأة» فجاءً بالذي أسمُهُ (الأبُ) مِنَ الشارع» لتلقيّ 
بالذي أَسمُهُ (الابن) إلى الشارع . . 

ينها الشرقيّة! احذري احذري! 

«احذري وأنتٍ النَّجِمْ الذي أضاء منذُ النبوٌة» أنْ تقلّدي هذه الشمعة التي 
أضاءَتُ منذ قليل . 

إِنَّ المرأة الشرقيّة هي أستمرارٌ لآداب دينها الإنسانيّ العظيم . 

هي دائماً شديدةٌ الجفاظٍ حارسّةً لِحَوْرْتِها؛ فإنَّ قانونَ حياتِها دائماً هو قانونُ 
الأمومةٍ المقدّس . 

هي الطَهْرُ والِفّة» هي الوفاء والأتفة» هي الصبرٌ والعزيمة» هي كل فضائل الأمّ. 

فما هو طريقها الجديدُ في الحياةٍ الفاضلة» إِلّا طريقّها القديمٌ بعينه؟ 


«احذري (ويحك) تقليدَ الأوروبيّة التي تعيش في دنيا أعصابها محكومة 
بقانون أحلامها. . . ْ ْ ١‏ 

لم تَعْذْ أنوثتُها حالةً طبيعيّة نفسيّة فقطء بل حالةً عقليّةَ أيضاً تَشّك وتُجادِل. 

أنوثة تَفُْسَفَتْ فرأتٍ الزواجَ نصف الكلمةٍ فقط. . . والأمّ نصف المرأةٍ فقط. 

ويا ويل المرأةٍ حين تنفجرٌ أنونتها بالمبالغقٍ؛ فتنفجرٌُ بالدواهي"'2 على الفضيلة . 

إِنّها بذلك حُرّةٌ مساوية للرجل» ولكنّها بذلك لَيِمَتٍ الأنثى المحدودة بفضيلتها. . 


ينها الشرقيّة! احذري احذري! 


عد عه 


() الدواهى: مفرده داهية» وهى المصيية. 


؟ه؟ 


«احذري حَجّل الأوروبيّة المترجُلة مِنَ الإقرارٍ بأنوثيها . 

إِنَّ حَجَلَ الأنثى يجعل فضياتّها تخجلُ منها. . . 

يُسقِطُ حياءها ويكسو معانيّها رُجُولةٌ غير طبيعيّة, 

إن هذه الأنثى المترجّلةَ تنظرُ إلى الرجلٍ نظرةً رجل إلى أنثى . . . 

والمرأةٌ تعلو بالزواج درجة إنسائيّة؛ 1 هذه المكدونة با نورق اليا 
بالزواج . ْ 


ينها الشرقيّة! احذري احذري! 
ع نا ين 


احذري تَهوسس 07 الأوروبيّة في طلب المساواةٍ بالرجل . 

لقد سَاوَّنُهُ في الذهاب إلى الجا ولكنّ الحلَاقٌ لم يجذْ في وجهها 
اللّخية. . . 

إِنّها خَلِقَتُ لِتَحْبِيبٍ الدنيا إلى الرجل» فكانّثٌ بمساواتها مادَة تبغيض . 

العجيبٌُ أنَّ سر الحياة يأبَى أبداً أنْ تتساوى المرأةٌ بالرجل إلا إذا خَسِرئه . 

والأعجبُ أنّها حينَ تخضعء يرفعُها هذا السرٌ ذانهُ في النننانا: بالرجلٍ إلى 
السيادةٍ عليه . 


أيتها الشرقية! احذري احذري! 


«احذري أنْ تُخسري الطباعً التي هي الأليقٌ بأمّ أنِجَبتٍ الأنبياة في الشرق . 
أمْ عليها طابَعُ النفس الجميلة» تَنْشُرُ في كل موضع جَوّ نفسها العالية . 
فلو صارّتٍ الحياةٌ غَيماً ورعداً وبّقاً» لكاث هى فيه الشمسّ الطالعة . 
ولو صَارتٍ الحياةٌ قَنِظأ وحَرُوراً وأختناقاً. لكائتث هي فيها النسيم يَتَخطر . 
أمّ لا الي إِلّا أخلاق البُطولة وعزائمّهاء لأنَّ جَدَاتِها ولّدْن الأبطال. 


«احذري هؤلاء الشبَّانَ المتمدنينَ بأكثْرٌ مِنَ التمدن. . . 
)١(‏ تهوّس: شدة الحبت. 


وننفن 


يُبالغُ الخبيتُ في زينيهء وما يدري أنَّ زينتّة مُعْلِئََ أنّه إنسانَ مِنَ الظاهر . 

وبُبالعُ في عَرْض رُجَولتِه على القَّتيّات؛ يحاولٌ إيقاظ المرأةٍ الراقدَةٍ في 
الجذزاء السكية! 

ليس لامرأة فاضلة إِلّا رَجِلّهُا الواحد؛ فالرجالٌ جميعاً مّصائبُها إِلّا واحداً. 

وإِذْ هي خَالَطتٍ الرجال» فالطبيعيٌ أنّها تُخالط شَهُوات» ويجبُ أنْ تحدَّرَ وثبالغ . 

أينُها الشرقية! احذري احذري! 


- 


«احذري؛ فإِنَّ في كل أمرأةٍ طبائمٌ شريفةً مُتَهورَة؛ وفي الرجالٍ طبائعٌ خسيسة 

متهورة . 
قيقة حقيقةٌ الججاب أنه الفصل ني السدرق :فيه اميل إلى التزول» وين التق 

30 إلى الضعود . 

فيك اق الحُبٌ. والحَنانٍء والإيثارء والإخلاصء كلما كَبْرْتِ كَبْرَتْ 

طبائعٌ حَطِرَّة» إِنْ عملّث في غير موضعها . بجائة يمكتنينا عملا في مرإعها. 

فيها كل الشرفٍ ما لم تنخدغء فإذا أَنَخَدعَتُ فليسٌ فيها إِلّا كل العار. 

أيْتُها الشرقيّة! احذري احذري! 


«احذري كلمة شيطانية تسمعيتها: هي فَنيّه الجمالٍ أو فَنْيةٌ الأنوثة . 
وأفهميها أنتٍ هكذا: وَاجِباتٌ الأنوثة وواجباتٌ الجمال. 

بكلمةٍ يكونٌ الإحساسٌ فاسداً» وبكلمة يكونُ شريفاً. 

ولا يتَسَقَّطُ0' الرجلٌ آمرأة إلا في كلماتٍ مُرَيئَةٍ مثلها. 

يجبُ أن تُتَسَلْحَ المرأة مع نظرتهاء بنظرةٍ غضّب ونظرةٍ أحتقار. 
أينها الشرقيّة! احذري احذري! 1 


ع 
نا 


«احذري أنْ تُحْدَّعي عن نفسِك؛ إِنَّ المرأة أشدٌ آفتقاراً إلى الشرفٍ منها إلى الحياة . 


+ه6؟ 


إِنَّ الكلمة الخادعة إِذْ تُعَالُ لك. هى أحتٌ الكلمة التى تقال ساعة إنفاذٍ 
الحم للمحكوم عليه بالشّئق. ْ ْ 
متقارلق غناك الخك جز الرواع لقال "كما ينال الساعو إل لعل 
ماذا تشتهي؟ ماذا تُريد؟ 
الحبُ؟ الزواخح؟ المال؟ هذه صَلَاةٌ التعلب حينّ يُتظاهرٌ بالتقوى أمامّ الدّجاجة . 
الحبُ؟ الزواجُ؟ المال؟ يلحم الدُجاجة! بعضٌ كلمات الثعلب هي أنيابُ الثعلب . . 
ينها الشرقيّة! احذري احذري . 
عد عدا ع 
«احذري السقوط؛ إِنَّ سقوط المرأة لِهَوْلِهِ وشَدّتِهِ ثلاث مَصائبَ في مصيبة: 
سقوطها هي. وسقوط مَنْ أوجدُوهاء وسقوط مَنْ ُوجدهم! نَوَائبُ0 الأسرة كلها 
قد يَسْبّرها البيت» إلا عارَ المرأة. 
مْيدُ العارٍ تَقْلِبِ الجيطانَ كما تقلبُ اليد الثوبَ فتجعلٌ ما لا يُرى هو ما يُرى. 
والعارٌ حكمٌ يُنفدُهُ المجتمعُ كلّهء فهو نّفْيْ مِنَ الاحترام الإنساني: 
ينها الشرقية! احذري احذري! ' 
ين 
«لو كان العارٌ في بثر عميقة لَقلبّها الشيطانُ مئذنة ووقفٌ يُؤذّنُ عليها . 
يفرَحٌ اللعينُ بفضيحة آلمرأةٍ خاصّةً» كما يفرحُ أبْ غنيّ بمولودٍ جديدٍ في 


واللصٌء والقاتلُ» والسكيّرَء والفاسىء كل هؤلاء على ظاهر الإنسانيّة كالحرٌ 
والبرد: 

أمّا المرأةٌ حينَ تسقطّ فهذه من تحت الإنسانيّة هي الرّلزلة . 

ليس أفظعْ مِنَ الزلزلة المرتجة تش الأرضء إلا عارَ المرأة حينَ يسن الأسرة 
أينها الشرقيّة ! احذري احذري!؛. 


)١(‏ الشئاقة : كلمة لست عربيةء وإن واققت الاشتقاق على وزن «فعالة؛. من صيغ المبالغة. ولهذا قد 
تعنى من ينصب المشتقة لمن يريد شنقه . 
)22( نوائب : مفرده نائبة» ومى المصية 


الجمال البائس 


اثلا 


«وكيف يُشْعَبُ17) صَدْعُ!" الحُبٌ في كبدي»؛ كيف يُشعبُ صدعٌ الحُبَ؟ 

لُعمْري ما رأَنْتُ ألجمالَ مرةً إِلّا كان عندي هو الألمَّ في أجمل صوّرهٍ 
وأبدعها؛ أثراني مخلوقاً بجُرْح في القلب؟ 

والاقكزة اندرا ييل عن طسب لذ القن عون ال ليها أذ كن 
نفسي شيئاً قد عرقهاء اناق عينها لخطات توجوة: ,وإن لم اتنطز هي اله 

فإثباث الجمالٍ نفسَهُ لعيني» أن يُنْبِتَ صداقتَهُ إروحي باللّمْحةٍ التي تَدل 
وتتكلّم: تدل نفسي وتتكلمْ في قابي . 


كنْتُ أجلسٌ في (الإسكندرية) ؛ نين العحن والظهرء في مكانٍ على شاطىء 
البحرء ومعي صديقي الأستاذ لاص الافئل رجالٍ السلكِ السياسي» وهو كاتبٌ 
من ذوي الرأي» له أدبٌ عض" ' ونوادرٌ وظرائف؛ وفي قلبه إيمان لا أعرف مثلة 
في مثله» قد بلع ما شاء اللَّهُ قوة وتمكُناء حتى لأحسبُ أنه رجل من أولياء اللَّهِ قد 
عُوقبَ فحُكم عليه أنْ يكونَ محامياًء ثم زيدَ الحكمُ فجعلٌ قاضياء ثم ضوعفتٍ 
العقوبةٌ فجَعِلَ سياميًا. . 

وهذا المكانٌ ينقلبٌُ في الليلٍ | مَسْرَحَاً ومَرقّصاً وما بيتهما.  .‏ فِيتَقَاوَى!؟' فيه 
الجمال والة ويَعرض ضٌُ الشيطانُ مصنوعاتِهِ في الهزْلٍ والرقص والغِناءء فإذا دحلَتَهُ في 
الان ويك نون التهار كانه قله ويلك تح فنّحسٌ للنور هناك عملاً في نفِسِكٌ . 

ويُرَى المكانُ صَذْراً مِنَ النهار كأْنّهُ نائمٌ بعد سهر الليل» فما تجيئهُ من ساعة 


(0) صدع: شرخ. (4) يتغاوى: يتباهى . 


ك؟" 


بِينَ الصبح والظهرء إِلَّا وجذْتّهُ ساكناً هادئاً كالجسم المستكْقِلٍ نؤماً؛ ولهذا كُنتُ 
كثيراً ما أكتبٌ فيهء بل لا أذهبُ إليه إلا للكتابة . 

فإذا كانَ الظهرٌ أقبِلَ نساءُ المسرح ومعهنَ من يُطارِحُْهّن الأناشيدَ”'" وألحاتهاء 
ومَنْ يُتَقفهُنٌ في الرقصء ومَنْ يُرَوَيِهِنَ ما يُمكْلْنَ إلى غير ذلّك مِمّا ابتلْتهُنَ به الحياةٌ 
لِنُسائِط عليهنّ اللياليّ بالموثٍ ليلة بعد ليلة. 

وكنْ إذا جئنَ رأيتني على تلك الحالٍ مِنَ الكتابة والتفكيرء فينصرفنَ إلى 
شأنِهن: إِلّْا واحدة كانّث أجملَهُنَء وأكثر هؤلاءٍ المسكيناتٍ يَظهّرْنَ لعين المتأمل 
كأنّ منَهُنٌ مدل العّنز التي كُسِرَ أحدٌ قرنيهاء فهي تحمل على رأسِها علامةً الضعفٍ 
والذلة والنقصء ولو أنَّ أمرأةً تتِدَّدُ حيناً فلا تكونٌ شيئاء وتجتممٌ حيناً فتكونٌ مرة 
شيئاً مقلوباً» وأخرى شكلاً ناقصاًء وتارةً هيئة مُشوّهة”"؛ لَكانّتْ هي كل أمرأة من 
هؤلاءٍ المسكيناتٍ اللواتي يمشينَ في المسرَّاتٍ إلى المخاوف» ويعشْنَ ولكن 
بمقدّماتِ الموت» ود أن العا معتق الفقرء ويِتَلقَّينَ الكرامة فيها الاستهزاءء 
ثم لا يعرِفْنَ شابًا ولا رجلا إلا وقعثْ عليهنٌ من أجله لَعنةُ أب أو أمْ أو زوجة. 

ل نا 

وتلك الواحدةٌ التي أومأتٌ إليها كانت حزينة مُتَسلْبَة!" فكأئما جَذْبّها حزثها 
إل وكانة مفكرة نكائما هداعا إل مكرما وكاتتث حمطلة قدلا على الست 
وما أدري ؤالل اع قتكا بدات نالك الأجرى أعلذ .. ش 

ورأيْتُها لا تصرفٌ نظرها عن إِلَّا لِتَردَهُ إليّء ولا تردُهُ إلا لتصرقّه؛ ثم رأيْتُها 
قد جال بها العَرّلُ جَوْلَةَ في معركته. فتشاغَلْتٌ عنها”'؟ لا أريها أنضي أنا الخَضْمْ 
الآخْرٌ في المعركة . 

بَئِدَّ أي جِعلْتُ آخذّها في مطارح النظر””2. وأتأملها خُلْسَة”' بعد خُلسةٍ في 
ثوبها الحريري الأسودء فإذا هو يَشْبُ لونّها'" فيجعله يتلألأ» ويُظهِرٌ وجهّها بلونٍ 
البدرٍ في يِمّهء ويُبديه لعينيّ أرق مِنَ الوردٍ تحت نور الفجر. 


)١(‏ يطارحهنّ الأنائيد: يبادلهنٌ. )7١(‏ مشوّهة: بشعة. 

(*) من أقوال العرب: تلبت المرأة» وذلك فى حال حدادهاء وذلك بلبنها الواد من الأثواب رمز 
الحداد . ١‏ 

(4) تشاغلت عنها: لم ألتفت إليها. (4) مطارح النظر: مبادلته. 

(0) خلسة: مارقة. (0) يشب لونها: يزيده جمالا وروعة. 


اه" 


ورأَيْتُ لها وجها فيه المرأة كلها بختصاره يُسْرِقُ على جسم بَضٌ أليْنَ من 
حَمْلٍ التعامء تَعْرِضٌ فيه الأنوثةٌ فنّها الكامل ؛ فلو خُلِقَ الدلال آمرأةً لكائتها. 

وتَلُوحُ بلرائي من بعيدٍ كأنّها وَضَعَتْ في فمها (زِرُ وَرْه) أحمرّ مُنْضَمّا على 
نفسِه : شفتان تكادٌ أبتسامَئُهما تكونٌ نداءً بِشفَتئْ مُحبٌ ظمآن. . . ! 

أنّا عيناها فما رأَيْتُ مثلّهما عيئي أمرأةٍ ولا ظَبْية؛ سوادُهما أشدٌ سواداً من 
عيونٍ الظَّباء؛ وقد حُلِمَنَا في هيئةِ تُتبِتُ وجود السحر وفعْلَهُ في النفس؛ فهما القوةٌ 
الوائقةٌ أنّها التاتذةٌ الأمرء يُمارَجُها حَنانٌ أكثر مِمّا في صدر أمّ على طِفْلِها؛ وتمامٌ 
الملاحَة أَنّهما هماء بهذا التكحيل» في هذه الهيئة» في هذا الوجه القَّمَرِي . 

يا حالقَ هاتين العينين! سبْحَائك سبحاتك! 

يعت 

قال الراوي: 

وأتعَافَل عنها أياماً؛ وطالَ ذلك مني وش عليهاء وكأئي صَغَرْتٌ إليها 
نفسّهاء وأرهقئُها بمعنى الخضوعء بيدَ أَنْ كبرياءها التي أَبَتْ لها أن تُقيمء أبث 
عليها كذلك أَنْ تنهزم . 

وأنا على كلّ أحوالي إِنَّما أنظرُ إلى الجمالٍ كما أسْتَنْشِي”'" العِطّر يكونُ 
مُتَضَوَّعاً في الهواء : لا أنا أستطيعٌ أنْ أمَمَّهُ ولا أحدٌ يستطيمٌ أن يقول أخذتت 
متي . ثم لا تدفعُني إليه إلا فِطرةٌ الشعر والإحساسٌ الروحاني»؛ دون فطرة الشرٌ 
والحيوانيّة ومتى أحَسَسْتٌ جمال المرأة أحسسْتُ فيه بمعنّى أكيرَ مِنَّ المرأةء 
أكبرَ منها؛ غير أنَّهُ هو منها. 

قال الراوي: 

فإنّي لجالسٌ ذاتَ يوم وقد أقبِلتُ على شأني مِنَ الكتابة» وبازائي”'" فتّى رَيوُْ 
الشباب» في العُمر الذي تَرى فيه الأعينُ بالحماسة والعاطفة» أكثرٌ مِمَا ترى بالعقل 
والتصيرة: ناو اتلد تزقيية ولت مون اننا كمدك © الرجولة غه إذاواقكة 
فلم تجذهُ رجلاً. . . أو تلك هي شيمةٌ أهل الظرفٍ والقَضْفٍ عن شُبَانٍ اليوم: ترى 
الواحدّ منهم فتعرفٌ النْضج في ثيابه أكثر مما تعرفُهُ في جسمهء وتأبَى الطبيعة عليه أن 


مه + 


يكونٌ أنثى فَيُجَاهِد ليكونَ ضَرباً من الأننى. . . ! إِنّى لجالسٌ إذا وافْتِ الحسناءٌ 
فأوماث إلى الفتى بتحيتهاء ثم ذهبّث فأعيَلّث المِتضّةٌ مم الباقيات» ورقصَّثْ 
فأحسكث ما شاءت» وكأن في رقصها تعبيرأ عن أهواء ونرّعاتٍ تُريدٌ إثارتها في رجلٍ 
٠‏ فتأْتُ لصاحبنا الأستاذ (ح): إِنَّ كلمةً الرقص إنْما هي أستعارة على مثلٍ هذا 
لسرم ل ولا رقص ولا حبٌ إِلَا فُجورٌ وطمع. 
ثم إِنْها فرعت من شأنها فمرّث تَتَهَادَى حثى جاءث فجلسّث إلى الفتى. 
فقال الاستاذ (ح) وكانّ قد ألمّ بما في نفيها: أثراها جعلَنْهُ مهنا مَحَطَّة. ..؟ 
قال الراوي: أمّا أنا فقَلْتُ في نفسي لقد جاء الموضوع. . . وإِنْي لفي حاجة 
أشدٌ الحاجة إلى مقالةِ منّ المكحُولاتء فتفْرَغْتٌ لها أنظرٌُ ماذا تصنع. وأنا أعلمُ أن 
مثلّ هذه قليلاً ما يكونُ لها فكرٌ أو فلسفة؛ غير أن الفكرٌ والفلسفةً والمعانيّ كلها 
تكونُ في نظرها وأبتساماتها وعلى جسيها كلّه. 
/ 2 
وكانَ فتاها قد وَضَّعّ طربَرشَه على يده؛. فقدٍ أنتهينا إلى عهدٍ رَجِعّ حكمُ 
الطربوش فيه على رأس الشابٌ الجميل؛ كحكم البرقع على وجه الفتاةٍ 
الجميلة. فأسفرٌ ذاك من طربوشه. وأسفرث هذه من يقابها ‏ قال الراوي: 
فما جلسَث إلى الفتى حتى أذنث رأسّها منّ الطربوش» فاستنامّث إليهء فألصقّث 
به خدّها. 
ثم التفعّث إلينا التفاتة الخشْي”' المذعور أَستَرْوَحَ السَّبُمَ”'؟ ووجدّ مقَدماته 
55-7 ثم أزخث عيئّيها في حَياءِ لا يَسْنَحِي. . 
الل سا و بد ل قري د عر لبخ يا 
كلامها . 
ثم لا أدري ما الذي تَضاحَكَت لَهء غير أن ضحكتها أنشقَّثْ نصفين» رأيّنا 
نحن أجملهما في ثغرها. 
ثم ترَعرّحَتْ في كرسيّها كأما تَهُمْ أن تنقلت» لِتَمنَدٌ إليها يذ فتّمسِكها أن تنقلب. . . 
ثم تسائدث على نفسهاء كالمريضة النائمةٍ تَتتَامَضٌ عن فِراشها فيكاد يثنُ 





)١(‏ الخشف: الرشا الصغيرء ولد الغزالة. 
زفق استروح: شم رائحته . 2 تسارقنا النظر: تنظر إلينا خلسة ., 


155 


بعضّها من بعضهاء وقامّث فمشّثء فحادثنا''"2. وتجاوَرْتَئا غيرَ بعيدء ثم رجِعَث 
إلى موضعها متَكَسْرَةٌ كأن فيها قوة تُعلِنُ أنها أنتهت . 
يد تند يننا 

قال الراوي: 

ونظئتُ إليها نظرةً حزن؛ فتغضَّبَثْ وأغتاظتء» وَشاجَرّث هذه النظرةً من 
عينيها الدّعجَاوَيْن بنظراتٍ متهكمةء لا أدري أهي تُرَبِحُنا بهاء أم تَنّهِمْنا بأنّنا أحذنا 
مو ها مانا ؟ 

فقلْتُ للأستاذ (ح)» وأنا أَجْهَرٌ بالكلام لِيَبلُمَها : 

اناري أن انون قر اتعك فى العقابياء وأنَّ الدهرٌ قد فسَدٌ فى فساده؛ وأنَّ 
اليلاء قد ضُوعِفَ على الناس» وأنَّ قا الخيرٍ كائّث في الشرٌ القديم فأنْرِعَت؟ 

قال: وهل كان في الشرٌُ القديم بقيةٌ خيرٍ وليس مثلّها في الشرٌ الحديث؟ 

قلت: ههنا في هذا المسرح قَِيَانٌ لو كانّثْ إحداهُنْ. . . في الزمن القديم» 
ََنَافُسَ في شراثها الملوكٌ والأمراء وَسَرَاهٌ الناس وأعيائهم. فكانَ لها في عَهَارةٍ الزمنٍ 
صَوْنَ وكرامة» وتتقَلْبُ في القصورٍ فتجعلٌ لها القصورٌ حُرْمةً تمنعها أبتذال فنّها لكل 
مَنْ يدف خمسة قروشء حتى لِرْذّالٍ الناس وَغَوْغَائِهِم'"' وَسِفْلَتِهِم؛ ثم هي حين يُذْبرْ 
شبابُها تكونٌ في دار مولاها حَمِيلةَ على كرّم يحوِلّهاء وعلى مُروءةٍ تعيش بها. 

كويد الحلات كلام الزرفاة ف ملق الوم باريسية” الك بورهو قله 
ألفي جنيه. فهل تأحذ القَيَْهُ من هؤلاء إلا دَجِينةَ!"' بمليمين. ...؟ 

قال الأستاذ (ح): ما أبعدَّكَ يا أخي عن (بورصة) المُبْلةِ وأسعارها. ولكن 
ما خبرٌ اللؤلؤتين؟ 

قال الراوي: 

كانّث سَلامةٌ هذه جاريةً لابن رَامِينَء وكانت منّ الجمالٍ بحيثٌ قيلَ فى وصفها: 
كأنّ الشمسل طالعةٌ من بينٍ رأسِها وكتفيِها؛ فأستأدنْ عليها في مجلس غتائِها الصيُرفيٌ 
الملقيابالماعق » فلما أذثك الها دغل فاقفكي” © بدن يدها تم أدخل يذه فن توبه 
)١(‏ حاذتا: مشت إلى جاتبا . (”7) يقصد بالدخينة : السيجارة. 
(؟) الفوغاء: عامة الناس وسقلتهم. (8) أقعى: جلس. 


5؟ 


فأخرج لؤلؤتين» وقال: أنظري يا زرقاءً جُعِلْتُ فِدَاك . ثم حَلَفَ أنه تُقِدَ فيهما بالأمس 
أربعينَ ألفٌ درهم . قالت: فما أصنمٌ بذاك؟ قال: أرذتٌ أنْ تعلمي. . 

ثم غنّت صوتاً وقالت : يا ماجِنٌ مِنْهما''' لي - وبحك -. . . قال: إِنْ شِنْتِ 
إوالئم - فَعَلْتُ. قالّت: قد“شِئْتُ. قال: لحن الى لنت يها لازم ليان 

ْ د 6 

قال الراوي: 

ورأَبْتُها قد أذنَتْ لي» وأنصدّث لكلاميء وكأنّما كانث تَسمعْني أعتذرٌ إليهاء 
وأستيقئث أنْ ليس بي إِلّا الحزنُ عليها والرثاء لهاء فبدَتٌ أشدٌ حياءً مِنّ العذراء في 
ابه الخدى» : ّ ْ 
“57 لت تعاعاة :ذلك الزعرة فهها: ولكنها طفاعة وا الاشفاعة ريد 
وتَصَعْلكِ”" كما هي اليوم. 

فنظرَث إليّ نظرةً لنْ أنساها؛ نظرةً كأنّها تَدْمَعء نظرةً تقول بها: ألشتُ 
إنسانة؟ فلم أملِك أنْ قَلْتُ لها: تُعالي تعالي. 

وجاءَث أحلى مِنَ الأمل المعترض سَبَحَتْ به الفُرصة» ولكنْ ماذا قلْتُ لها 
وماذا قالت؟ . 


)١(‏ هِبْهما: فعل أمر من وهب بمعنى أعطى. 
(0) التصعلك : العيش البائس على هامش الفقر. 


كس 


الجمال البائس 


جاءث أحلى مِنَ الأملٍ المعترض سئحث"' ' به فُرصةٌ؛ وعلى أنّها لم تَحَطُ 
إلينا إِلَّا خُطُوةٌ وتَمَامَّهاء فقد كانث تجِدُهُ في نفسها ما تجدُه لو أنها سافرث من 
أرض إلى أرض» وتقّلها البُْدٌ النازِحٌ من مه إلى أمّة . 

يا عجباً! إِنَّ جلوسٌ إنسانٍ إلى إنسانٍ بإزائه؛ قد يكونُ أحياتاً سمّراً طويلاً في 
ال الفدة فيل الحيغاة تعيش في دنهافارعة من ادل الأخيرة ؟ #التقرى» 
والحياى» والكرامة؛ وسموٌ الروح» وغيرها؛ فإذا عَرَض لها مَنْ يُشْعِرُها بعض هذه 
الخلال» ويَنَْزِعُها من دنيَا اضطرارها وأخَلَاقٍ عيشِها ولو ساعةً ‏ فما تكونٌ قد 
وَحِدَتَ شخصاًء بل كشَفَتْ عالماً تَدْحُلّهُ بنفس غ غير النفس التي تُدَبّرُها في عالّم 
رزقها. 1 

ولا أعجبٌ من سحر الحبٌ فى هذا المعنى؛ فَإنَّ العاشىّ لِيَكونٌ حبِيبُهُ إلى 
جانبه» ثم لا يُحِنُ إلا أنه طَوَى الأرض والسمواتٍ ودخلٌ جنة الخُلدٍ في قبل . 


جلث إلينا كما تجْلسُ المرأةٌ الكريمةٌ الخَفِرَة لومي وك 
سسائرهاء وتويك الكمق نضا 'عنك وهات . فرأيناها لم تستقبلٍ تسيل رحدل ناا لا 


ير 1 وتلطفا تكفا ياها م كن ب 
فنّ آخر؛ وكانّ هذا عجيباً منها؛ فكلّمها في ذلك الأستادُ (ح) فقالت: أ 
57 فَإنّنا نت دائماً مَحبّةٌ من نجالِسُهم» وهذه هي القاعدة . وأما الكانيةٌ فإننا لا 
نجِدُ الرجلّ إِلَّا في التذْرة؛ نما نحن مع هؤلاء الذين يَتَومون”" بسَيما الرجال: 
كجيلة السحتالٍ على عَفْلةٍ المغثل؛ وهنم معنا كالقٌدرةٍ بالثمن ما يشت يشتريه الثمن» 


9 متكت ست (؟) يتسوّمون: يتشكلون بهيئة الرجال. 


نض 


ليسوا عليئا إلا قَهْرآ م مِنَ المَهر» ولسْنا عليهم إلا سَلْباً م مِنَ السَلبٍء مادةٌ مع مادةء 
وشرٌ على شْرّ؛ أما الإنسانيةٌ مئا ومنهم فقد ذَهَبَتْ أو هي ذاهبة. 

قال (ح): ولكن. 

فلم تدغه يَسْتَدْركُ”'" بل قالت: إِنْ «لكن» هذه غائبةً الآن. فلا تجيءٌ في 
كلامنا. أُتُرِيدٌ دليلاً على هذا الانقلاب؟ إِنَّ كل إنسانٍ يعلمُ أنَّ الخط المستقيمَ هو 
أقربٌُ مَسَافَةٍ يبنَ تُقطتين؛ ولكنٌّ كلّ أمرأةٍ مِنَا تعلمٌ أن الخط المعْوّجٌّ هر وحده 
أقربٌ مسافة بيئها وبِينَ الرجل . 

قالّتْ: فإذا وَجَدَتٌ إحدانا رجلاً بأخلاقه لا بأخلاقها. . . ردّنْها أخلاقة إلى 
المرأةٍ التى كانت فيها من قبل؛» وزادَنُها طبيعتّها الزَّغو"' بهذا الرجل التادرء فتكونٌ 
مَعَهُ في 0 كحالة أكملّ أمرأة» بَيْدَ أنَهُ كمال الحُلّم الذي يستيقظ وَشِيكاً؛ فَإِنَّ 
الرجلّ الكاملّ يكملّ بأشياء» منها وا أسفا.. .! منها ابتعادهُ عنًا. ثم قالت: 
وصاحبّك هذا منذُ أيه رأيئُه كالكتاب يشْعَّلٌ قارئّهُ عن معاني نفسِهٍ بمعانيه هو. . 

2 

وضحكتٌ أنا لهذا التشبيهء فمتى كان الكتابُ عند هذه كتاباً يشغلٌ بمعانيه؟ 
غير أني رأيْئُها قد تكلْمَتْ واَحتفَّلَتْء وأحستث وأصابت؛ فتركُنُها تتحدثُ مع 
الأستاذ (ح)»: وعِبتُ عنهما غَيْبةَ فِكُر؛ وأنا إذا فكَرْتُ أنطبق علىّ قولُهم : خَلُ رَجُلا 
وشأنه. فلا يتصلٌ بي شيء مما حولي. وكانَ كلامُها يسطمٌ لي كالمصباح 
الكهربائي المتوئّد» فقدّمها فكرُها إليّ غير ما قَذدَّمَئْها إليّ نفسّهاء ورأيْتٌ لها 
صورتين في وقت معاء إحداهما تعتذرُ منّ الأخرى . 

وكنتٌ قبل ذلك بساعةٌ قد كثبتُ في تَذْكِرةٍ خواطري هذه الكلمةً التي 
أَستوحَيْتّها منها؛ لأضعّها في مقالة عنها وعن أمثالهاء وهي: 

«إذا خرجَتٍ المرأةٌُ من حُدودٍ الأسرةٍ وشريعتهاء فهل بقيّ منها إِلّا الأنثى 
مجرّدة تجريدّها الحيوانيّ المتكشّف المتعرض للقوة التي تناله أو ترغبٌ فيه؟ وهل 
تعمل ذه المراة عند ذلك إلا اعمال عله انق ود 0 2 

«وما الذي استرعاها”" الاجتماعٌ حينئذٍ فتّرعاهُ منه وتحفظَّة لّهء إِلّا ما 


020( الرهو: المخر. فق استرعاها : قام على تربيتها والعتاية بها. 


اينف 


أسترعى أهلّ المالٍ أهلّ السرقة؟ إِنَّ الليل ينطوي على آفتين : أولئنك اللصوصء 
وهؤلاء النساء . 

ااوكيف ترى هذه المرأةُ نفسَها إِلّا مشوّهةٌ ما دَامث رذائّلها دائماً وراء عينيهاء 
وما دام بإزاء عيتيها دائماً الأنهاث والمُخْصّتات مِنَ | لنساء(ك وليسّ شأئهاء من 
شأَنِهن؟ إِنّ خيالّها يُخْررُ في رَعْبِهِ صورتّها الماضيةً من قبل أنْ تزِلٌء فإذا حلت إلى 
نفسها كانت فيها أثنتانء إحداهما تلعَنُ الأخرى» ينها عن ذلك علق ما تا 

«وهي حينّ تُطالعُ مرآتها لِتتبَرُج وتحتفِلَ في زينتّهاء تنظرٌ إلى حبَالِها ني 
المرآة بأهواءٍ الرجالٍ لا بعينئ نفسهاء ولهذا تُبالغُ أشدّ المُبالغة؛ فلا تُعْنَى بِأنْ تظهرَ 
جميلةً كالمرأة» بل مُتْمِرةَ كالتاجر. . . وتَكْسبُها بجمالها يكونٌ أولّ ما تفكَرُ فيه؛ 
ومن ذلك لا يكونُ سرورها بهذا الجمال إِلّا على قدرٍ ما تكسبٌ منه؛ بخلاف الطبع 
الذي في المرأة» فإِنّ سرورها بِمَسْحَة الجمالٍ عليها هو أول فكرها وآخرّه. 

«إن الساقطة لا تنظرٌ في المِرأوٍ ‏ أكثرَ ما تنظر - إِلّا ابتغاء أنْ تتعهّدَ من 
جمالها ومن جسيها مواقعَ نظراتِ الفُجور وأسبابٌ الفتنة» وما يَسْتَهُوي” الرجلّ 
وما يُفْسِدُ العِمَّةَ عليه؛ 00 في المرآة. رجلٌ فاسقٌ ينظرُ إلى 
أمرأق» لا أمرأة تنظرُ إلى نفسِها. . .» 

ينم نا 

دك أو نر ده اكد الى كحي جر ماعاو وام افصو ١‏ نْ ألمسّ في 
هذه القضيةٍ وجه القاضي؛ فَدخَلَّئْني رِقةٌ شديدةٌ لهذا الجمالٍ الفاتن» الذي أراهُ 
يبتسمُ وحولَهُ الأقدارٌ العابسة؛ ويلهو وبِينَ يديه أيامٌ الدموع ؛ وينجتهد في أجتذاب 
الرجالٍ والشبّانٍ إلى نفسهء والوقث آتِ بالرجالٍ والشبّانِ الذين سيجتهدون في 
طَردِه عن أنفسهم . 

وتَعَشَّانِي الحزنُ”", ورأث هي ذلك وعرقَته ؛ فأخرجَتْ ينديلها المعطْرّ ومسحث 
وجهّها به» ثم هِرّنْهُ في الهواءء فإذا الهواءً منديلٌ معطّرٌ آخْرُ مَسَحَتْ بِهِ وجهي . . 

وقال الأستاذ (ح): آه من العطر! إن منه نوعاً لا أَسْتَنشِيه”/2 مرةً إِلّا ردني إلى 
حيتٌُ كنتُ من عشرينَ سنة خَلَثْء كأنّما هو مُسَجَلُ بزمانه ومكانه في دماغي. 


)١(‏ المحصنات من النساء: الزوجات المصونات العفيفات. (*) تغشاني الحزن: ملا كياني وأحاسسي. 
(0) يستهوي: يستميل. (5) أستنشيه: أتنشّقه. 


555 


فضحكت هي وقالّث: إِنَّ عِطرَّنا نحن التساء ليس عطراً بل هو شُعورٌ تُتبنُهُ 
في شعورٍ آخر. 

فقلتٌ أنا: لا ريب أنَّ لهذه الحقيقة الجميلة وجهاً غيرَ هذا. قالت: وما هو؟ 

فلك إن الدرأة الفتطرة التعزيية هي آمراة تلق تاسلصسفيا: اف ذلك 
ريب؟ قالّت: لا. ْ ْ 

قلت: فلماذا لا يُسمّى هذا العِطرُ بالغازاتٍ الخاتقة الغّرامية . 

فضحكث قنوناً؛ ثم قالت: وتسمّى (البودرة) بالديناميت الغرامي . 

ونقلنى ذلك إلى نفسى مرةٌ أخرى» نأطرقْتٌ إطراقة ؛ فقالت: ما بك؟ قلت: 
بي كتبة الأسباذ (م): إنها الويث فى كلبى جمرة كانت خامدة . 

قالت: أو حَرّكتْ نقطة عِطرٍ كانتْ ساكنة. . 

فقلت: إِنَّ الحُبٌ يضمٌ روحانيئَهُ في كل أشيائه؛ وهو يُعْيرُ الحالة النفسية 
للإنسان؛ فتتغيرُ بذلك الحالةٌ للأشياء في وَهْمٍ المحبّ تفار 0115 مكلا فق 
نوعٌ شَذَيٌ مِنَّ مِنَ اليطرء طيِّبُ الشّميم» عاصِفٌ التّشورة» حادُ الرائحة؛ أله يشر قن 
الجوٌ رَوضة قد مُلنَثْ بأزهاره تُنَمّْ ولا ثرى؟ وإِنَّهُ ليجعلٌ الزمنَ نفْسَهُ عَبقاً بريحهء 
وإِنَّهُ لَيِفْعِمْ كلّ ما حولّهُ طِيباً» وإنه لَيسحَرُ النفسّ فيتحوّل فيها. . 

وهنا ضحكتٌ وقطعَتْ علي الكلامٌ قاتلة: يظهرٌ لي أنَّ (عطر كذا) هاجرٌ أو 
مخاصم. . 

قلْتُ: كلاء بل خرج مِنَ الدنيا وما أَنتَشَفْتُ أرَجَْ"© مرءً إِلَّا حسِبْتُهُ يتَمَّحُ مِنَ 
الجنة . 

فما أسرعَ ما تلاشّى من وجهها الضجكٌ وهيئتُّه؛ وجاءث دمعةٌ وهيئئّها. 
ولَمختُ في وجهها معئى بكيْتٌ له بكاء قلبي. 

جمالهاء فِتنثهاء سحرّهاء حديئهاء لهِوها؛ آه حينَ لا يبقَّى لهذا كله عَينْ ولا 
أثرء آه حينٌ لا يبقّى من هذا كله إِلّا دُنوبٌء وذنوبٌء ودُنوب! 


وأرذْنًا أنا و(ح) بكلامنا عن الحبٌّ وما إليه؛ آلا نُوجِشّها'"' مِنْ إنسانيتناء وأنْ 


)١(‏ انتشقت أرجه: تنشّقت عطره. (؟) نوحشها: نخيفها. 


56”ي> 


نَبْلُ شوقّها إلى ما حُرمَتْهُ من قدرِها قدرٌ إنسانةٍ فيما نَتَعَاطَاهُ بيئنا. والمرأةٌ من هذا النوع 
إذا طَمِعَتْ فيما هو أغلى عندّها مِنَ الذهب والجوهرٍ والمتاع طمِعَتْ في الاحترام من 
رجلٍ شريفٍ متعقّف؛ ولو أحترامً نظرةء أو كلمة . تقَنمُ بأقل ذلك وترضى به؛ فالقليل 
ما لا يدرّكُ قليله» هو عند النفس أكثرٌ منّ الكثير الذي يُنالٌ كثيره . 

ومثل هذه المرأةء لا تدري أنت: أطاققثُ والدكي ب أَمْ طاف الذنبٌ بها؟ 
فأحترامُها عندنا ليس أحتراماً بمعناه َإِنّما هو كالوْجُوم آمام المضبية في لحظة من 
لحظات رَهْبَةَ القذر ر ومخشوع الإيمان . 

وليك أبراة مق عؤلاة إلا وني نثينها دادترا اباك اميك 
وهذا هو جانبهنَ الإنسانيُ الذي يُنظرٌ إليه منّ النفس الرقيقة بلهفة أخرى» وحسرة 
اخوي» ربدم اح . كم يَرَحمْ الإنسانُ تلك الزوجة الكارهة المرغَمّة . على أن 
تُعَاشِرَ مَأ نْ تكرفه؛ فلا يزال يَْلي دمُها بوَساوس وآلام بِنَ البغعض لا تنقطع! ركم 
يَرئي الإنسانٌ للزوجة ألغيور» يغلي ي دمُها أيضاً ولكنْ بوساوِسٌ وآلام مِنَ الحبٌ لحبٌ! ألا 
فأعلم أنْ كل مَنْ مثلٍ هذه الحستاء تسيا على كاري ع مان و1 كار 
مرغم مستعبَدّة» يُخَالِطْهُ مثلّ همّ مائة زوجة غيور مكابدة منافسة؛ ولقد تكونُ 
المرأةٌ منهُنّ في العشرينَ من سنّها وهي مِمَا يُكَابِدُ”'' قَلَيّها في السبعينَ من عُمرٍ 
قلبها أو أكثر. 

وهذه التي جاءئْنا نما جاتنا في ساعة مِنّا نحن لا منها هي» ولم تكن معنا 
لا في زمانها ولا في مكانها ولا في أسبابهاء وقد فتحتٍ البابَ الذي كانّ مُعْلقَاً في 
قلبها على الخمّر”") والحياء»ء وحَوَّلَتُ جمالها من جمالٍ طَابَعْهُ الرذيلةُ» إلى جمالٍ 
طابعُه الفنّء وأشعْرثْ أفراخها التي أعتادّثها رُوحَ الحزنٍ من أجلناء فأدخلث بذلك 
على أحزانها التي أعتادنها رُوحَ الفرّح بنا 

مَنْ ذا الذي يعرف أن أدبَهُ يكونُ إحساناً على نفس مثل هذه ثم لا يُحسِنُ به؟ 

ين نت 

تَتَجدّدُ الحياةٌ متى وَجَد المرءٌ حالة نفسية تكونٌ جديدة في سرورها. وهذه المرأةٌ 
المسكيئةٌ لا يَعنيها مِنَ الرجل مَنْ هو؟ ولكن كم هو. . لم ترّفينا نحن الرجلّ الذي 
هو «كم»» بل الذي هو امَن». وقد كانّتُ من نفيها الأولى على بُعدٍ قصيّ كالذي يمد 


)١(‏ يكايد: يعاني. (؟) الخفر: الحياء. 


ملحن 


يذه فى بثئر عميقة ليتناول شيئاً قد سقط منه؛ فلمًّا جلسَتْ إليناء أتصلّث بتلك التفس من 
قرب ؟ إذ وجَدث في زمنها الساعةً التي تصلحُ جسراً على الزمن. 

كذلك رأيْتُها جديدة بعد قليل» فقَلْتٌ للأستاذ (ح): أما ترى ما أراه؟ 

قال: وماذا ترى؟ فأومْأتُ إليها وقلت: هذه التي جاءث من هذه. إِنَّ قلبّها 
يَنشُرُ الآنَ حولها نوراً كالمصباح إذا أضيء» وأراها كالزهرة التي تفْبَّحَتْ؛ٍ هي هي 
الى كانت ولكئها يشير ما كالت. 

فقالت هى : إنى أحسبّك تُحيّنى ؛ بل أراك تُحيُني ؛ بل أنت تح ١‏ 

هي : إني احسبك تحيني؟ يل آراك تحبني؟؛ بل أنت تحبني. ... لم 

بِحْف على منذ رأْيْتُكَ ورأيتني. 

قَلْتُ هَبيه'2: صحيحاًء فكيف عرفته ولم أصَانِعْكِ» ولم أتملّن لك» ولم 
أزذ على أن أَجئ إلى هنا لأكتب؟ 

ع ءءء م 200 0 5 400 َ. ء: 

قالت: عَرْفئه من أنكَ لم تصانعنيء ولم تتملقٌ لي”*'*2 ولم تَرْدْ على أن 

قلتّ: ويحكء لو كُحَلَّتْ عينٌ (المكرسكوب) لَكانّت عيتك. وضحكنا 
مها ثم أقبلْتُ على الأستاذٍ (ح) فقَلْتٌ له: إِنَّ القضايا إذا كَثّرَ وُرودُها على 
القاضى جَعلْتْ لَه عيتاً باحثة . 

د ع 

قال الراوي: 

وأنظرٌُ إليهاء فإذا وجهّها القمريٌ الأزهِرٌُ قد شَرِقَ لونهء وظهّر فيه مِنَ الحياء 
فا يظهة مغله على :وجه العذراء المتغدر:؟ إذا أنت ميت بريبة”*'؛ فما : شككتٌ 
أنّهها الساعة آمرأةٌ جديدةٌ قد أصطلحَ وجهها وحيّاؤُهاء وهما أبدأ متعاديانٍ في كل 
أمرأة مكشوقة العِمّة . . 

وَذْهَبَتٌ أسِتدرك وآتاوّل» فقلتث لها : ما ذلك ارذث: ولا خدشت© على 


)١(‏ هيبه : افترضيه . (”) ملق لى : تحاول التقرّب منى. 
() العذراء المخدّرة: المصونة فى بيتها بين أهلها وحماتها. 1 
(4) الريبة: الأمر الذي يحمل على الشْكٌ بمسلكها. 

(0) حدست: ظنتت مستقيلاً. 


56 


هذا الظنّء وإِنْما أنا مُسَْفِقٌ عليكِ متألمٌ بك. وهل يِعْرْضٌ لك إِلَّا الطبقهٌ 
النظيفة. . ِنَ المُجرمِينَ والحَقَاءٍ وأهلٍ الشرّ؛ أولئك الذين أعاليهم في در 
الخلاعة لسار وأسافِلهم في دُورٍ القضاء والسجون؟ 

فقالث: أعتَرِف بأنّكَ لم تُحسِن قَلْبَ الثوب» فظهّر لكل عين أَنّهُ مقلوب؛ 
لكنّك تُحبّي . . . وهذا كافٍ أن ينهّض منه عُذْر! 

قال الأستاذ (ح): إِنّه يحبّكِء ولكن أتعرفينَ كيف حبّه؟ هذا بابٌ يضعٌ عليه 
دائماً عِذَّةَ مِنَ الأقفال. 

قالَّتْ: فما أيسَرَ أنْ تجدّ المرأةٌ عِدةَ مِنَ المفاتيح . 

قال: : ولكنّهُ عاشقٌ يُ: ُنِيرُ العِشْقُ بِينَ يديه؟ فكأنهُ هو وحبيبئُهُ تحت أعين 
الناس : ما تطممٌ إِلّا أن تراه وما يطممٌ إِلّا أن يراهاء ولا شيء غيرٌ ذلك؛ ثم لا 
يزال حسْئها عليه ولا يزالٌ هواهُ إليهاء ولي إِلّا هذا. 

قالت: إن هذا لعجيب. 

قال: والذي هو أعجبٌُ أنْ ليس في حب شية نهائي» فلا هَجْرٌ ولا وصل؛ 
ينساكِ بعد ساعةٍء ولكتّكِ أبداً باقيةٌ بكلٌ جمالك في نفسِه. والصغائرٌ التي تُبكي 
الناسّ وتَتَلذَعُ!'' في قلوبهم كالنارٍ ليجعلوها كبيرةً في همّهم ويطفئوها وينتهوا منها 
ككل شهواتٍ الحُبٌ ‏ تبكيه هو أيضاً وتَعْتَلِحُ في قلبهو*"» ولكنّها تظلّ عندهٌ صغائرٌ 
ولا يعرقُها إلا صغائر؛ وهذا هو تَجَيُرُهُ على جَبّارٍ الحُتَ. 

ع عد به 

قال الراوي 

ونظرْتٌ إليها ونظَرّثء وعائَبَتْ نفس نفساً في أعينِهماء وسألتٍ السائلةٌ 
وأجابَتِ المجيبة» ولكنْ ماذا قلْتُ لها وماذا قالت؟ 


دلق تتلدّع : تحترق . 
(5) تعتلج في قلبه: تحرّك مشاعره وتجعله يضطرب. 


5 


الجمال البائس 


قال الراوي : 


نظرْتُ إليها ونظرّث: أمّا هيء فَرَنث”"' إليَ في سُكونء وكائّث نظرثها 
مُعَائَبَةَ طويلة التملْقٍ والتوجّع» وفيها الانكسارٌ والقتورء وفيها الاسترخاءٌ والدلال. 

وبِيئَا كانَ طَرْقُها'” ساجياً”" فاترا كأنَّهُ ينظرٌ أحلامّه» إِذْ حَدُدَنْهُ إلىّ فجأةً 
ونظَرَثْ نظرةً مَدُهوش» فبَدَثْ عيناها فَزِعَتِينِ ولكن في وجه مطمئن . 

ثم لم تكذ تفعلُ حتى ضِيّقَتْ أجفائها وحَذَّقْتِ النظرَ مُتَلالِئَاً بمعانيه. فبدثْ 
عيناها ضاحكتينٍ ولكن في وجه متألم . 

ثم أبتسمّثْ بوجههارعينيها معاء وأتمَّثْ بذلك أجملّ أساليب المرأةٍ الجميلة 
المحبوبة في أعتراضها على مَنْ تُحبَّه وجدالها مع فكرهء وكسْر حُجتِهِ في كبريائه» 
وأنتزاع الفكرة المستقلَة من نفسه. 

ا انا نكانَ نظري إليها ساكناً متألّماً يُقَرُ أنّهُ عَجَرْ عن جواب عينيها 
وسيبقى عاجزاً عن جواب عينيها . . 

إن وجهّها هو الابتسامٌ ورُوحُ الابتسام» وجسمّها هوّ الإغراءً وروحٌ الإغراء؛ 
وفنّها هو الفتنةٌ ورُوحُ الفتنة؛ وهي بهذا كله هي الحُبُ وروحٌ الحب؛ غير أنَّ 
فَهُمّها على حقيقتِها في الناس يجعل أبتسامّها عَداوة من وجههاء وإغراءها جرمية 
لجسيهاء وفتّها رذيلة فى جمالها؛ وهي بهذا كلّهء هي الشْقَاءٌ ورُوح الشقاء . 

يا يفن 

أمّا أني أحبُ فنّعمْ ونِعِمَّاء بل أراه حبًّا فالقاً ككبدي» وليسّ يخلو فؤادي 
)١(‏ رنت: نظرت . 1 
(؟) طزفها: نظرها. (*) ساجياً: ساكناً. 


158 


أبدأ من سَوالِف”؟ حُبٌ مضى؛ وأما أنّي أسترؤل في الحبٌ وأمتهن فضيلتي 
ا ا ْ 

إِنّ ذلك الحُبٌ هو عندي عمل فت من أعمالٍ النفس» ولكن الفضيلة هي 
النفسنٌ ذاثها؛ الحبٌ أيامٌ جميلة عابرةً في زمني؛ ؛ أما الفضيلةٌ فهي زمني كلّه ؛ 
وذلك الجمال هو قوةٌ من جاذبية الأرض في مدَّتِها القصيرة» ولكنّ الفضيلة 
جاذبية السماء في خُلودها الأبدي . 

على أَنَّهُ لا مُتَافَرَةَ بِينَ الحبّ والقضيلة في رأييء فإنَّ أقوى الحُبٌ وأملاَهُ 
بفلسفة الفَرّح والحزنٍء لا يكوثُ إِلَّا ‏ في النفس الفاضلة المتورّعةٍ عن مَُقَارَفَةِ الإثم . 
وههنا يتحوّلٌ الحُبُ إلى ملّكةٍ سامية في إدراك معاني الجمال» فيكونُ الوجهٌ 
المعشوقٌ مصدرٌ وحي للنفس العاشقة؛ وبهذا ا! لوحي والانتجد اف هبه يرل المحتٌ 

مِنَ المحبوب منزلة مَنْ يرتفعٌ بالآدميّة إلى الملاتكة» ليتلقّى النورّ منها فنا بعد فنّ» 
والفرحَ معنّى بعد معنّى» ا ل 

فهذا الحبُ هو طريقة نفسيّةٌ لإنُساع , بعض العقولٍ المهبّأة ة للإلهام, كن تبط 
بأفراح الحياة وأحزائهاء قتُبْدِعَ”") للدنيا صورةًٌ من صُوَّرٍ التعبير الجميلة التي تُثيرْ 
أغتواق التقنى» كأن كل محل و شديكة طن مولا الملوسين» د ل 
آدمّ وحواء» في حالةٍ جديدةٍ من معنى ترك الجنة» لإيجادٍ الصورةٍ الجديدة مِنَّ 
الفرّح الأرضيّ والحزنٍ السماويّ . 

والخطَرٌ في الحَُبْ ألَا يكونٌ فيه خَطر. . فهو حينئلٍ يْداء الجنسء لا يكونٌ 
لا دنيئاً ساقِطاً مبذولاً» فلا قيمةً لَّهُ ولا وحي فيه؛ إِذْ يكونُ أحتيالاً من عمل 
الغريزة جاءثُ فيه لابسةً ثوبّها التورانيّ من شوق الروح لِتخدعٌ النفسٌ الأخرى 
فينّصلَ بيتهماء حتى إذا أنَّصَل بينهما خلعَتٍ الغريزةٌ هذا الثوبَ وأستعلَتَتْ أنها 
الغريزةٌ» فآنحصرٌ الحَُبٌ في حيوانيته» وبطلْثْ أشواثَهُ الخيالية أجمع . 

د نت 

قال الراوي: 

وعرقّتٍ الحسناءٌ هذا كلَهُ من عَرْضِها نظرةً وتلقيّها نظرةً غيرّهاء فقالت 
للأستاذٍ (ح): أما أن يكونَ مم أثرٍ الشعر والفكر في ألجمال ودعوى الختء أت 


)١(‏ سوالف: مفرده سالف وهو الماضي. (؟) أبدع: خلق ما هو جميل. 


ا 


الزهدٍ في الجسم الجميل وأَدَعاءٌ الفضيلة ‏ فَإِنَ بعيداً أنْ يجتمعا. 
قال (ح): وأينَ تُبْعِدِيئَهُ - ويحكِ ‏ عن هذه المنزلة؟ إِنّي لأعرفٌ مَن هو 
أعجبٌ من هذا! 
قالّت: وماذا بقي مِنَّ العجب فتعرقّه؟ 
قال: ا متزوجأًء أحت أشدّ الحبٌ وراتمه حي نا الل فكانٌ 
من حمّها. ل لفت انج أعلء أنَّ حئه 
وسُلوائَهُ إنُما هما طريقتانٍ في الأَحَذٍ والترك بِينَ قلبه وبِينَ المعاني» تارةً من سبيل 
المراة:و عمازها» :تار من جيل الطيعة ومحاستها كدت وقالع ةنا عب 
وفي ال الدنيا مثل هذا الزوج الطاهرء وفي الدنيا مثْلّ هذه الزوجة الكريمة؟ 
ثم إِنّها وَجْمَث! مُتئهَة تجتمع في نفيها أجتماع السحابة» ثم أستَدْمَعَثُ”''2 
ثم أ ا تبكي؛ فبِدَرْتٌ أنا أرَقْهُ عنها حتى كفكفّت”" من دمعهاء وكأن 
(ح) قد وخَرّها في قلبها وخزةٌ أليمة بذكره لها الزوجة» ثم الزوجةً الطاهرةء ثم 
الطاهرةً حتى في وسوسة شيطانٍ الغَيْره. أرتفعٌ ثلاث مراتٍ بالزوجة» لِترى هذه 
المسكينةٌ أنْها سافلةً ثلاتَ مرات؛ وكأنّهُ بهذا لم يكلّمهاء ٠‏ بل رَسَمْ لها صورتها في 
عيشها المُحْزي وقال لها: أنظررق :1ه 
د ين 
وياما كان أجملها يَتَرقرَقُ الدمعُ في عينيها الفاتنتين الكحيلتين» فِييَتُ منهما 
حزناً يُحَيّلٌ لِمَنْ رآ أَنَّهُ من أجلها سيُحزنٌ الوجود كله! 
ليس البكاءٌ من هاتين العينين بكاءًَ عند مَنْ يراه إذا كان مِنَ العاشقين» بل هو 
ف الحزنٍ يضعْ جمالاً جديداً في فنٌّ الُسن . وأكاد أعجَبُ كيف وجَدَ المع مكاناً 
بِينَ المعاني الضاحكة في وجههاء لو لم يكنْ هذا الدمعٌ قد جاءً لِيظهرَ على وجهها 
الْفنّ الآخرّ من جمالٍ المعاني الباكية . 
د نت 
وسألتُها: ما الذي حَامَرَ”؟» قلبّكِ من كلام الأستاذ (ح) فأبكاك» وأنتٍ كما أرى 


() وجمت: سكتت. (؟) كفكف الدمع: أوقفه. 
(5) استدمعت : أرسلت عبراتها باكية. (5) خامر: داخل . 


حرف 


يتألّنُ النورٌ على جدرانٍ المكانٍ الذي تَحلّين به فيظهرٌ المكالُ وكأنّهُ يضحكُ لك؟ 

َتَشَكَكَتْ لحظةً ثم قالت: أبكَ ما تقول أم أنت تتهكم بي230؟ 

قلْتُّ: كيف يخطرٌ لكِ هذا وأنا أحترمٌ فيكِ ثلاث حقائق: الجمالء. والحُبٌء 
والألم الإنسانت؟ 

قالت: لا تَثريتِ عليك”" ولكن صَوْرْ إليّ ببلاغتك كيف أحببْتُكَ وأنت غيرٌ 
مُتَحبْبٍ إِليّء وكيف جادلتُ نفسي فيك ودارَرْتُهاء وكلّما عزْمتُ نحل عزمي؟ فهذا 
ما لا أكادٌُ أعرف كيف وقعء ولكنّهُ وقع. هذه قطرةٌ مِنَ الماء الصافي العذّب» فَضِمٌ 
عليها (المكرسكوب) يا سيديء وقل لي ماذا ترى؟ 

قَلْتُ: إِنّك تُخرجينَ مِنَ السؤالٍ سؤالاً فما الذي خامَرٌ قلبَّكِ من كلام (ح) 
فبكيْت له؟ 

قالَّتْ: إذن فليْسَتْ هي قطرةً مِنَ الماء» بل تلك دمعةٌ من دموعيء فُضَعْ 
عليها المكرسكوب يا سيدي. 

قال الراوي: 

وكائّث حزينةٌ كأنّها لم تسكث عن البكاء إِلّا بوجههاء وبِقِيَتْ روخها تبكي في 
داخلها. فأراد الأستاذ (ح) أنْ يستدركٌ لِعْلَطْتِهِ الأولى فقال: إِنْكِ الآنَ تسأليئة حقًّا من 
حقوقِكَ عليهء فكلّ أمرأة يُحبُها هي عَروسٌ قلمهٍ ولها على هذا القلم حقٌ النققّة. . 

فضحكث نوعاً مِنَ الضحك الفاترء كأنّما أبتكرّه ثغرها الجميل لساعة حرنها؛ 
ونظَرَتُ إلىّء فقلّت: إِنْ كان الأمرُ من نفقة العروس على القلم فما أشبة هذا (بلا 
شيء) ججحا. 

فضحِكث أظرف من قبل؛ وَخُيّل إليّ أن ثغرّها أنطبق بعد أفتراره على قُبلةٍ 
أفلَدَتْ منهُ فأمسككها من آخرها. . . ١‏ ْ 

ثم قالت: ماهو (لا شيء) جُجحا؟ 

قلت: زعموا أن جُحا ذهب يحتَطِبُ» وحمل فوقّ ما يُطيق» فبِهَظة”" الحمل 
وبلعٌ به المشَّقّة. ثم رأى في طريقِه رجلا أبلة فأستعانَ به» فقال الرجل: كم 
تُعطيني إذا أنا حملْتٌ عنك؟ قال: أعطيك (لا شيء). قال: رضيْت. 
)١(‏ تتهكم بي : تسخر مني . 
(؟) لا تثريب عليك: لا عتب عليك . () بهظه: أرهقه . 


يفف 


ثم حمل الأبلهُ وآنطلقٌ مَعهُ حتى بلع الدارء فقال: أعطني أجري . قال جحا: 
لقد أخذْته. وآختلفا: هذا يقول أعطنيء. وهذا يقول أخذْتٌ؛ فَليبَهُ الرجلٌ”'' و 
يرفعُهُ إلى القاضي. وَكانتْ بالقاضي لُونَةُ”", ل 
عله قل أن شرك عن تقبيخلما مع الدعوى فال الجساد أنت في الحبس أو 
تُعطِيَهُ (اللاشيء) . 

قال جُحا في نفسِه: لقد أحتجْتُ لعقلي بِينَ هذين الأبلهين؛ ثم إِنَّهُ أدخل يَدهُ 
في جيبه وأخرجّها مطبّقة» وقال للرجل: تقدَّمْ وأفتخ يدي. فتقدمٌ وفتححها. قال 
جتحا اذا فهاكدقان الرجل: :لا شيب 

فقال لَّهُ جحا: حذْ (لا شيئك) وأمض فقذ بَرِنَتْ ذمتي. 

قالوا: فذهبّ الرجلٌ يحتجٌء فقالَ لَّهُ القاضي: ليام 
في يده (لا شيء)ء بعد اسك نجام ولا لط ل أن ايد ناته 


اعد عاد يد 
تنما نيز يننا 


وضجكث وضجكناء ثم قالت: أنا راضيةٌ أن أكون عَروسٌ القلم» فلَيُجَرٍ 
علي القلمُ نفقتي» ولْيصوٌرْ لي كيف أحبْبتُ» وكيف آمَرتُ نفسي وجادلتها؟ 

قلْتُ: لا أتكلمُ عنكِ أنتٍ ولا أستطيعه . بَيْد أنّني لو صئْفتُ رواية يكونُ فيها 
هذا الموقفُ. لَوضعْتٌ على لِسانٍ العاشقةٍ هذا الكلامَ تُحدّتُ به نفسّها. 

08 : كيف كنت وكيف صِرْتُ؟ لقد أي أعاشرٌ مانةٌ رجلٍ فأخالطهم في شُنَى 
أحوالهم ” '» وأصرفهم في هوايّء وكلّهم يَجهِدُ هده في أستمالتي. وكلّهم أهلّ مودةٍ 
وبَذلء وما منهم إلا جميل مخلصٌء قد أَنِقّ وتجمّلَ وراعَ حسئه ؛ كأنّما هَرَبَ إليّ في 
ثياب عْرسِهٍ ليلةً زفافيء وترك من أجلي عروساً تبكي وتّصيح بوّيلها . ثم أنا مع ذلك 
مُعْلَقةُ القلب دونّهم جميعاً : أضدَقُهُمُ المودة والصحبة» وَأكْدَبُهِمْ مُ أَلحُبٌ والهوى؛ 
فلت أحبّهم إلا بما أنالُ منهم» ولت أتحبّبُ إليهم إلا ما أَنرَلهِمٍ مثي؛ وهم بين 
عقلي وحيلتي رجالٌ لا عقولٌ لهمء وأنا بين أهوائهم وحماقاتهمٌ أمرأةٌ لا ذات لها. 

ثم أرى بغتة رجلا ردأ أكادُ أنظرُ إليه وينظرٌ إليّ حتى يَضَعّ في قلبي مسألة 


تحتاجُ إلى الحل . 
)١(‏ لبّيه: أمسك بتلابيب ثوبه. (*) رؤة الحمق : دلائله وعلاماته . 
(؟) اللوثة: الم من الجنون والحمق. (4) شتى أحوالهم: مختلف أوضاعهم . 


؟ 


وأرتا”' لِذلك فأحاولٌ تناسِيَهُ والإغضاء عنهء فبَلِجُ0' المسألةٌ في طلب 
حلهاء وتكمل خاطري » وتنمدّد في قلبي؛ وهو هو المسألة. . 

فأفزعٌ ذلك وأهتَعٌ له وأجهّدُ جهدي أنْ أكونَ مرءٌ حازمة يصيرةٌء كرجالٍ المالٍ 
في حقٌ الثروةٍ عليهم ؛ ومرةٌ قاسية عنيدةً» كرجالٍ الحرب في واجبها عِندّهم؛ ومرةً حبيئة 
تكزة» كريعال:السياشة فق عملها بهم »ترلكتن أرى الجالة تلينٌ ل وتتشكل معن 
وتحتملٌ هذه الوجوّة كلّهاء لتبقي حيثُ هي في قلبي؛ فإنّهُ هو هو المسألة. 

وأغتمُ يذلك عَمّا شديداء وأراني سأسقّط بعد سقوطي الأول وأقبحٌ منه؛ إذِ الحياة 
عندنا قائمةٌ بالخداع: وهذا يُفْسِدُهُ الإخلاص؛ ؛ وبالمكرء وهذا يُحطّلهُ الوّفاء ؟ وبالنسيان» 
وهذا يُبِطلُهُ الحْتُ؛ وذ عواطِفنا كلّها متجرّدةٌ لغرض واحدٍء هو كَسْبُ المالٍ وجمعٌة 
وأذخاره؛ وفضياشا عمليةٌ لا تتخيّل» عِسَابيّةٌ لا تختلٌ؛ قيستوي عندنا الرجلٌ بلع جمالَه 
القمرٌ في سمائه» والرجلٌ بلغت دَمامتَه”" الذبابَ في أقذاره؛ والحُبٌ معنا هو : كما في 
كم ويبقى ماذا. . . أوكما يقولٌ أهلٌ السياسة: هو «النقطةٌ العمليةٌ في المسألة». ولكنٌّ 
المسألة التي في قلبي لا ترى هذا حلا لها؛ لأنّهُ هو هو المسألة . 

فيزيدٌ بي ألَكَرْبُ”2؛ ويشْعدٌ علي ألبلاء» وأحتَالُ لقلبي وأَدَبْرٌ في حَنْقِه 
وأذهتٌ عق أنَّ !١‏ لرجل إذا كان شريفاً لم يُحبٌ المرأة الساقطةًء إِذْ ياب بصُحبيها 
وألاختلافٍ إليهاء فإذا كان ' ساقطأً لم تُحبَّهُ هي فإنّما هو صَيدُّها وفريستهاء وموضع 
نقَمتِها من هذا الجنس»؛ ؛ وأُسْرِفٌ على قلبي في آلملَامَةٍ والتعذيل فأقول له تاوييحك 
بالل إِنَّ ألمر هذا إذا تفلح قلثها يسبيب +اتنشخ كالخري لبترق وافة لا خير. 
فيقنعٌ القلبٌ ويُحِمِعُ على أنَْ ينسّى» وأنّ يَرِجِعَ عن طلبه الحبٌّ؛ وأرى المألة قد 
بطلّثْ وكانّ يُطلائها أحسنّ حَلٌ لهاء وأنامُ وادعةًٌ مطمئنة» فيأتي هو في نومي ويَدخْلٌ 
في قلبي» ويُعيدٌ آلمسألة إلى وضعها آلأول» فما أستيقظ إِلَا رأَيْتُهُ هو هو المسألة. . 

فأتامى في ألخوفٍ”*؟ على نفسي من هذا الحُبّء وأراهُ سجئها وعقابّهاء 
رقهرّها وإذلالهاء فأقولٌ لها: ويلكِ يا نفسي! إِنّما همّكِ في الحياةٍ وسائلٌ القّوْزِ 
والقلمواثالك بهذا عيزة معماة ف عذلة الرمعان سطيقة وق ز عقي ف موقم 
تعيشينَ فيه بإهاناتٍ مِنّ الرجال» يسموئها في نَذَالتَهم بالحُبّ؛ٍ فأنتِ عدرَةٌ الرجال 
)١‏ أرتاع: أخاف. 


(؟) تلج : تلخ. (8) الكرب : الحر 
(") دمامته: بشاعته. (0) أنتاهى في الخوف: أصل إلى أقصى مداه. 


5و 





بمعتى مِنّ الدهاءٍ والحُبتث» وعدورًةٌ |! لزرجات بمعئى مِنَ الجقدٍ والضغينةء وعدوَةٌ 
البَعَايا أيضاً بمعنى مِنْ المغالبة والمنافسة» وكلٌ ما يستطيعٌ الذّهاء أنْ يعملَهُ فهو الذي 
00 أنْ أعملّه. فماذا أصنع وأنا أَحِبُ؟ وكيف أنجحٌ وأنا ا ولكنّ النفسّ 
تُجِيبّني على كل هذا بأنَّ هذا كلَّهُ بعيدٌ عن المسألة ما دام هر هو المسألة. . 
د يد كن 

قال الراوي: 

وكانّتْ كالذاهلة”'' مِمّا سمِعَتء ثم قالّت: أَلكَ شيطانٌ في قلبي؟ فهذا كله 
هو الذي حدث في سبعة أيام . 

قال (ح): ولكن كيف يقَّمٌ هذا الحُبُ؟ وَهَبِْكَ" صِئْفتَ تلك الرواية» 
ووضعْتَ على لِسانٍ العاشقة ذلك الكلام» فيماذا كنت تُنطقها في وصنب حُبّها وما 
أجتذبّها من رجل فار بقلبها ولم يُداوزهاء بعل ماثة رجل كلهم دَاوَ رَها ولم يَفْرْ منهم 
أحد؟ أتكونُ في رجه هذا الرجلٍ أنوارٌ كتبَاشِيرٍ الصبح ندل على النهارٍ الكاين”" فيه ؟ 

قالَثْ هي : نعم تعم. بماذا كنْتٌ تنطقها؟ 

قلْتُ: كنتُ أضمٌ في بسانها هذا الكلامَ تُجِيبُ به عاذلةً تَمْذُلُها9؟ : 

تقول: لا أدري كيف أَحبَبْئُه. ولكنّ هذه الشخصية البارزةً منه جذبثتى إليهء 
وجعلَتٍ الهواء فيما بيني وبيئّه مُفْعَمً”*' بالمغناطيس مَضْدَرُهء ومعناه هوء 207 
فيه إلا هو. 

عَرضَئْه لي شخصيتَهُ ظاهراً لأنَّ جوات شخصيته فيّ» وأصبحَ في عينيٌ كبيراً 
لد وات حصي دم ومن ذلك صارّث أفكاري نفسها تزيدُه كل يوم ظهوراًٌ 
وتزيذني كل يوم بَصَرأَء وأعطاه حقُهُ في الكمالٍ عندي حفّه في الحُبٌ مني؛ ولك 
الشخصية التي جوابُها في نفسيء أصبح ضرورةً من ضروراتٍ نفسي ‏ 

قال الراري: 

لما رأيِتُها في جؤْي كنسيمه وعاصفتهء أرادنُها على قصتها وشأنِهاء فماذا 
كلك ليا رماذا الت 


. الذاهلة : الوالهة المندهعة‎ )١( 


(؟) هبك: افترض. (4) عاذلة تعذلها: اللائمة تلومها. 
(") الكامن : المختبىء . (6) مفعماً: مليثاً. 


نلف 





الجمال البائس 
كا 


قلْتٌ لها: إِنَّ قلبى وتلبَك يَتَجَالَيَانِ'؟ فى هذه الساعة ويتباكّيَان؛ أتدريْنَ ماذا 


يقولٌ لك قلبي؟ 

إِنَهُ يول عني : أَعْرْرْ على بأنّ تكوني ههناء وأنْ تتألف منك هذه القصٌ التي 
تبَدَأ بِالوَضْمّة”"2 وتنتهي بالاستخذاء. فتنطلقٌ المرأة في مَتَالِفها" ومهاويها بلع 5 
ألقدرُ ما هو و بالغ) وليس إلا الضرورةٌ وسطوئُها بهاء والإذلالٌ وَمَهانبُهُ لهاء 
وآلاجتماعٌ وتهكْمُهُ عليهاء والابتذال وأستعبادًه إيّاها؛ ومهما يأتِ في القصةٍ من 
معتّى فليسٌ فيها معئى الشرف؛ ومهما يكن من مزيفٍ فليسٌ فيها موقفٌ الحياء؛ 
ومهما يَجْرِ من كلام فليسٌ فيها كلمةٌ الزوجة. أعْزِرْ علي بأن أرى المصباح 
ألجميل المشْبُوتٍ”” الذي وضع لِيُضِيءَ ما حولّهء قدٍ أنقلبَ فجعلّ يُحرِقٌ ما 
حوله؟: وكا يعلالاً وتوكدء. فاريذ رتسكد ويتضرع ومني :نا بتضل زه وسقط بذلك 
مقطة ختمراة 

أفتدرينَ ماذا يقول لي قلبّْك؟ 

إِنَّهُ يقول عنك: يا بُؤْسَنا من نساء! لقد وُضغنا وَضعاً مقلوباًء فلا تَستقِيمُ 
الإنسانيةٌ مَعنا أبداًء وكلّ شيءٍ منقلبٌ لنا متنكر؛ والشفقةٌ علينا تنقلبُ من تلقاءٍ 
نفسها تهكماً بنا؛ فنبكي من شفقةٍ بعض الناس» كما نبكي من أزدراء بعض الناس . 
يا بؤسّنا من نساء! 


0 


2 


نا 


)١(‏ يتجاليان: يتكاشفانء كل منهما يرضح ويجلر وجهة نظره للآخر. 
)220 الوصمة : العلامة » الميسم . (2 متالفها: مهاويهاء مهالكها. 
2 المشبوب: المشتعل . 


لحف 


قالثْ: صذقت» وكذلك تنقلبُ أسبابُ ألحياةٍ مّعنا أسباباً للمرض والموت؛ 
َاليَقَظةٌ ليس لها عندنا النهارٌ بل الليل» والصَّحْرٌ لا يكونُ فينا بالوغي بل بالسُكرء 
والراحةٌ لا تكونُ لنا في السكون والانفرادء بل في الاجتماع, والعيدل ؛ وماذا يرَدُ 
على أمرأة من واجباتها السهرٌ والسكرٌ والعربدةٌ) وَالتَبذُل» وتَدريبٌ الطباع 
بالوّقاحة» ونَضْرِيَةُ النفس على الاستغواءء والتَصَدَي بالجمالٍ لِلْكَسْبٍ من رذائلٍ 
الفْسَّاقٍ وأمراضهم. والتعرُض لمعروفهم بأساليبَ أعنها امون اليل 
05 بأساليت”" أولها آلجداعٌ والمكر؟ 

إِنَّ حياةً هذه هي واجبائهاء لا يكونٌ آلبكاء وألهمٌ إلا من طبيعة مَنْ يحياهاء 
وكثيراً ما تُعالجٌ الضحِكٌ لِنفْتَحَ لأنفينا طرقاً تَتَارَبُ فيها معاني البكاء؛ فإذا أثقلنا 
ألهمْ وجَلْ عنٍ ألضحكِ وعجزنا عن تكلّفٍ ألسرورء حَمَلتَا العقلّ نفْسَهُ بآلخمر ؛ فما 
تسكّرُ ألمرأةٌ منا لِلسكرٍ أو النُشوة» بل للنسيان» ولِلقّدرةٍ على المُرّح والضحجكء 
ولإمداد محاسيها بالأخلاق الفاجرة» منّ ع العطيش والخلاعة والسَّفَّهِ وهذَّيانٍ الجمالٍ 
الذي هن شعزة البليخ: .. عنن بلعاء:الفسّاق.. 

قال الأستاذ (ح): أهذا وحاضرٌ الغادة” منكنّ هوّ ألشبابُ والصّبى والجمال 
وإقبالٌ العيش» فكيف بها فيما تَسْتَفبل؟ 

قالت: إِنَّ المستقبلَ هو أخوفٌ ما نخاقُهُ على أنفسناء وليس مِن أمرأة فى 
هذه المناعة إل وهي مُعِدَّةٌ لمستقبلها: إنا نوعاً مِنَّ الانتحار» و تيا يرن 
ضُروب الانضماك لندل:والنن 0 ؛ وليسّ مستقبلنا هذا كمستقيلٍ الثمارٍ النّضِرة 
إذا بقيّثْ بعد أوانهاء فهرٌ الأيامُ العَفَِةٌ بطبيعة ما مضى. . . بَلى إن مستقبل المرأة 
البغيٌ هو عِمَابُ ألشرّ . 

ا ا 

قال 0 هذا كود ينبغي أنْ تعلَمَهُ آلزوجات؛ فالمرأةٌ منهنٌ قد تَتَبِده0) 
بزوجها وتضْجَرُ وتغتمُ» وتزعم أنها مُعَذَْبة؛ فتَتَسخُطٌ الحياةً» وتندذبُ نفسّها؛ ثم لا 
تعلّم أنه عذاتٌ واحد برجلٍ واحدء تألقُهُ فتعتادُف فتُرِرّقُ من اعتيادو و ألصبرٌ عليه 
فستكن بول تنانها4 وتنك مه تيان مهن الله علهاء » ما دام في النساء مثل 


. الهوان: المذلة. (5) الغادة: المرأة الجميلة‎ )١( 


(؟) امتماحتهم: طلب المغفرة منهم . (0) الخسف: الذل والهران. 
(*) أساليب: مفرده أسلرب وهو الطريقة . (1) تتبِرْم : تتأقف. 


يفف 


الشّهيدات» تتعذِّبُ الواحدةٌ منهنّ قُنوناً مِنَ العذاب بمائة رجل» وبألفٍ رجل» وهم 
مع ذلك يَبْتَلُونَ روحَها بعددهم مِنَ الذنوب والآثام . 

وقد تستتقِلٌ الزوجة واجياتّها بِينَ الزوج والنَّسلٍ والدارء فتغتاظٌ وتشكو من 
هذه الرَّجْرَجِةٍ اليومية في الحياة؛ ثم لا تعلمُ أَنَّ نساء غيرَها قد أَنْقلَبَتْ بِهِنَ الحياةٌ 
في مثلٍ الحَسْنِ بالأرض . 

وقد تجزعٌ”'' للمستقبل وتنسى أنَّها في أمانٍ شَرفِهاء ثم لا تعلمُ أنَّ نساءً 

يَترفينَ”'" هذا الآ كما يترقبٌ آلمجرمٌ عَدَ ألجريمة» من يوم فيه ألشُرطةٌ والنيابة 

والمجكمة ونا وراءً هذا كلّه. 

فقَلْتُ: وهناك حقيقةٌ أخرى فيها العَزَاءُ كل العزاء للزوجاتء. وهى أنَّ الزوجة 
أمرأةٌ شاعرةٌ بوجود ذاتهاء والأخرى لا تء تشعرٌ إلا بضياع ذاتها . ْ 

والزوجةٌ أمَرأة تجدُ الأشياة التي تتوزعٌ حُجبّها وحنانَ قلبهاء فلا يزالُ قلبُها 
إنسانيًا على طبيعيّهء يفيض بالحُبٌء ويستمدٌ مِنَّ الحُبّ؛ والأخرى لا تجدُ من هذا 
شيئاًء فتنقلبُ وحشيّة القلب”": يفيض قلبّها برذائلَ» ويستمدٌ من رذائل؟ إِذْ كان لا 
يجدُ شيئاً مِمّا هيأَنّهُ الطبيعة لِيتعلّقَ به مِنّ الووج والدارٍ والنّسل. 

والزوجةٌ أمرأةٌ هي أمرأةٌ خالِصةٌ الإنسانية» أمّا الأخرى فمن أ مرأةٍ ومن حيوانٍ 
ومن مادق مُهلكة. ‏ 

وتَمامُ السعادةٍ أنّ النسلّ لا يكونُ طبيعيًا مستَقِرًا في قانونه إلا للزوجاتٍ 
وحَدَهُّنَ ؛ فهو يَعمتّهِنْ الكبرى» وثُوابٌُ مستقبَلِنٌ وماضيهن.ء وبَرَكتّهُنّ على الدتياء 
ومهما تكن الزوجةٌ شقيّةَ بزوجهاء فانَ زوجَّها قد أولدّها سعادتّهاء وهذه وحدّما 
مزيةٌ ونجمة؛ أمّا أولئك فليس لهِنّ عاقبة”““؛ إِذٍ آلنسلُ قَلْبٌ لحالتهنّ كلّها؛ وهو 
غنّى إنسانيٌ» ولكنَّهُ عنمن لا يكونُ إِلَا فقْراً؛ وهو رحمة. ولكتها لا تكوّن إلا 
لعنة عليهن وعلى ماضيهن. وقد وضعْتٍ الطبيعة في موضع حبْ الولَّدٍ الجديدٍ من 
قلوبهن» حب الرجل الجديد» فكانّثْ هذه نقمة أخرى. 

قال (ح): أَتُرِيدٌ مِنَ الرجل الجديدٍ مَنْ يكونُ عندهنَ الثاني بعد الأول» أو 
الثالتَ بعد الثاني» أو الرابعَ بعد الثالث؟ 


. تجزع: تخاف. (5) تتقلب وحشية ألقلب : قاسية كرحش مفترس‎ )١( 


(7) يترقبن : يتظرن. (5) يقصد بالعاقبة الل والولد. 


ييف 


قلْتُ: ليس الجديدٌ عليهنَّ هو الواحدٌ بعد الواحدٍ إلى آخر العدد» ولكنَهُ 
آلرجلٌ الذي يكونُ وحدَهُ بآلعددٍ جميعاً؛ إذ هو عندمّنٌ يُشْبهُ الزوج في الاختصاص 
وفي شرف الحُْبَء فهوٌ الحبيبُ الشريفٌ الذي تتعلّقُهُ إحداهُنْ وتُرِيدُ أن تكونَ معه 
شزيفة 4 ولكن من أنقمة الظيعة آذ مين وعدت متهن لا حيذه إلا لشمارج 1< ققد 

يا عجباً! كل شيءٍ في الحياة يُلقِي شيئاً + مِنَ الهم أو آلنكَدٍ أو آلبؤس على 
هَولآء المسكنات: كأن الطبعة كلها ترهمون بالححارة: 

قالّثْ هي: وليسَتٍ الججارةٌ هي الحجارةً فقطء بل منها ألفاظ تُرجَمٌ بها 
المسكيتة كأَلفاظِكٌ هذه. . وكتسمية الناس لها «بالساقطة»؛ فهذه الكلمةٌ وحدّها 
صخرةٌ لا حجر. 

ثم تنيّدث وقالث: مْن عَسى يعرف خَطَرَ الأسْرَةٍ والنسلٍ والفضيلةٍ كما 
تعرفها المرأةٌ التى ي فَقَدَنْها؟ إنّنا نُحِسُها بطبيعة ألمرأة» ثم بالحنين إليهاء ثم 
بالحسْرةٍ على فقدهاء ثم برؤيتها في غيرنا؛ نعرفها أربعة أنواع مِنَ المعرفة ا 
عرفثها الزوجةٌ نوعاً واحداً. ولكن هل يُنصِفنا”'' الرجال وهم يَتَدَائَمُوتنا؟ هل 
يرضّون أنْ يتزوجوا منا؟ 

قلْتُ: ولكنّ الأسرة لا تقومٌ على سوادٍ عيني ألمرأةٍ وحُمرة حَدّيهاء بل على 
أخلاقها وطباعها؛ فهذا هو ألسببُ في بقاءِ آلمرأةٍ الساقطة حيتٌ أرتطمّت”'“؛ وهر 
متى سقطْتٌ كان أول أعدائها قانونَ النسل ‏ 

و دحي اراد اولي ممتدةً مُتَسَحْبَةَ إلى الآخر؛ إِذِ آلفتاةُ لِيسَتْ 

شخصاً إلا في أعتبارها هي ما : في أعتبارٍ غيرها فهي تاريحٌ للنسل» إن وقعَث فيه 

ع 

وهذه الوُّلهُ الأولى هي بدءٌ الإنهيار في طباع رقيقة مَتداخلة مُتَسائْدَقٍ لا 
يُقيمُهما إلا تَماسْكها مجملةً؛ وما لم يتماسَكَ إلا بجملتِء فأولٌ السقوطٍ فيه هو 
أستمرارٌ السقوطٍ فيه؛ ولهذا لا يعرفٌ الناسٌ جريمة واحدة تعد سِلسلة جرائمٌ لا 
تنتهي ١ح‏ إِلّا سقطة ألمرأة ؛ فهي جريمة مجنونة كال عصارٍ الثائر يلّفها لقا إِذ تتناول 


)١(‏ ينصفنا: يِقَرَ بحقوقتا بعدذل. 
(؟) ارتطمت: اصطدمت بالأرض. (6) الزْلة: السقطة . 


اليف 


ألمرأةً في ذاتها» وترجمُ على أهلها وذوبهاء وترعى إلى مستقبلها ونسلها؛ فَيَهْتَكَها 
ألناسٌُ هي وسائرٌ أهلها من جاءث منهم ومَنْ جاءوا منها. 

وألمرأةٌ التى لا يَحميها آلشرفٌ لا يحميها شيء» وكلّ شريفة تعرفٌ أنَّ لها 
حياتين إحداهما العِفّةء وكما تُدافِمُ عن حياتها آلهلاكَ» ثُدافمُ ألسقوط عن عِنَّتِها؛ 
إذْ هر هلاكُ حقيقتِها الاجتماعية؛ وكل عاقلةٍ تعرفُ أن لها عقلينٍ تحتوي بأحدهما 
من نَرّواتٍ الآخرء وما عقلّها الثاني إلا شَرَفْ عِرْضِها . 

قال الأستاذ (ح): إن هذه هي الحقيقة» فما تَسَامَحَ الرجال في شرف العِْض 
إِلّا جعلوا ألمرأة كأنّها بنصب عقل فأندفعث إلى الطيش والفُجور والخلاعة» أرادوا 
الا م سي 1 ١‏ 

َلْتُ: وهذا هو معنى الحديث: عدوا" تَعِفَ تَعِفْ نساؤكم؛ . فإنَّ عَفافَ ألمرأةٍ 
لا تحفظهٌ المرأةٌ بنفيهاء ٠‏ ما لم تتهيا لها ألوسائلٌ والأحوالُ التي عن نفسَها على 
ذلك؛ وأهمٌ رسائلها وأقواها وأعظمُهاء تَسْدُدُ الرجالٍ في قانونٍ العِرْضٍ واألشرف . 

فزاذ ترَاحَى0 الرجال ضَعْفّتٍِ الوسائل: ومن بين هذا التراخى وهذا الضف 
تو شرية اللمراة نعوجهة بالمرأة إلى الختر أو الهو على ما تكون اعوالها 
وأسبابُها في الحياة. وهذه الحيزدة ان المدنية الأور ره قد دزت الرجال أنْ يُعُْضوا 
ويَتَسمُحواء فَتهافتَ ألنساءً عندّهم» تنال كل منهُنّ حكُمَ قلبها ويَحْضَمٌْ الرجل . 

على أنَّ هذا الذي يُسمِيهِ القومُ حريّةَ آلمرأق» ليس حرية إِلّا في التسمية» أما 
في المعنى فهو كما ترى: 

إِمّا شرود”" ألمرأةٍ في آلتماس الرزق حير حينَ لم تجدٍ الزوج الذي يَعُولها"؟ أو 
ا د فمثل هذه هي حُرةٌ حريةً النكَدٍ في عيشها؛ وليسّ 
بها ألحريّةٌ؛ بل هي مستعبّدة للعمل شرٌ ما تُستعبَد آمرأة. 

وما طلاقٌ آلمرأة في عَبَئَاتها وشهواتها مُستجيبة» بذلك إلى أنطلاق حريّة 
الاستمتاع في الرجال» عقدار كا يمره المالء أو تُعينُ عليه القوة 0 


)١(‏ عمّوا: تساموا عن الوقوع في وهدة الرذيلة. 

(؟) تراخى: ضعف. 

(*) الشرود: الخروج عن جادة الصواب في كل شيء. 
(1) يعولها: يقوم بمتطلباتها من كل 


ملكا 


الطيشء أو يجِدْبهُ ألتهنّكُ. أو تدعو إليهٍ القُنون؛ فمثلُّ هذه هي حرةٌ حريّة 
سقوطها؛ وما بها الحريّة» بل يستغبدُها التمتّم. 

والثالئة حرية المرأة في أنسلاجها مِنَ الدين وفضائله» فإنَّ هذه المدنيّةَ قد 
تسكت خراة الأديان وخلالها برام قاتون وختلذل: قاتروة +قلا مشقئلة لمر اواولا 
غْضاضة”'' عليها قانونياً. . . . فيما كان يُعَدُ من قبل حِرْياً أقبح الخِزِي وعاراً أشدّ 
العار؛ فمثل هذه هي حرةٌ حرية فسادهاء وليسٌ بها الحريّة» ولكن تستعبدُها 
الْمُؤْضى . 

والرابعةٌ غَطرّسة”'' المرأة المتعلمة» وكبرياؤُها على الأنوثة والذكورة معاً» 
فترى أَنَّ الرجل لم يبل بعد أن يكونَ الزوجَ الناعمَ كقفَازٍ الحريرٍ في يدهاء ولا 
الرُوجّ المؤنتَ الذي يقولٌ لها نحن أمرأتان. . . فهي من أجل ذلك مُطْلَّقَةٌ مُخَلَاة 
كَبْلا يكونَ عليها سلطانٌ ولا إمرة؛ فمثل هذه حرةٌ بأنقلاب طبيعتِها وزيغهاء وهي هي 
مستعبدةً لهوسها وشذوذها وضلالتها. 

جريةٌ آلمرأةٍ في هذه المدنيةٍ أوّلها ما شْتَ من أوصافٍ وأسماء» ولكن آخرّها 
دائماً إما ضياع المرأة وَإمّا فَسادُ آلمرأة. 

والدليل على الْتِواءٍ الطبيعة فى المدنيّة» أستواءٌ الطبيعة فى البادية؛ فالرجال 
هناك قَوَامونَ على النساء» والنساءً ا قوّاماتٌ على أنفسهنّ ؛ 1 ينتقمون للمنكر 
لكان عون فنا ودود الممط يه ين رون قد نك العرفين الى الملحجة | لاحنائية+ 
ويجعلوئة فيها كآلغريزة» فِيُسَاجِرُون" بِينٌ الرجال والنساءٍ أول شيء بالفمير 
الشري الذي يجدُ وسائله قائمةً من حوله. 

يرا نا 

قال الراوي 

وغَطث وجهّها بيديها وقالّثْ: إِنّكَ لا تزالٌ ترجمُ بالججارة. . . إِنَّ فيك 
متوحشا. 

إِنْكِ الود عل ا فجمالك الذي يضِعٌ الإنسانٌ في ساعة مجئونة 


)١(‏ غضاضة: حرج. )١(‏ غطرمة: تكبر وتعجرف. 


184١ 


ليمتَعَهُ بطيشهاء قد وضَّعَنا نحن في ساعة مفكرةٍ وأمتَمَنا بعقلها؛ وإذا قَلْتُ جمالّك. 
فقد قلت وحيّك» د امال عتدى إل عاافيه وعت» 

أمَا قلْتِ: إِنْكِ لو خُيْرتٍ في وجودِك لَمَا أختزتٍ إِلَّا أن تكوني رجلاً تابغة 
يكتبُ ويفكرٌ ويتلقّى الوحيّ مِنّ الوجوه الجميلة؟ 

فدقّتْ صدرها بيدِها وقالّت: أنا؟ أنا لم أقلّ هذا. ثم أَفْكَرَتْ لحظةً وقالت: 
إذا كنتَ أنت تزعمٌ أن قلتهء فأظنٌ أنّي قله . . . 

قال (ح): رجل؛ ويكتب؛ ويفكر؛ ولم تقل هي شيئاً من هذا؟ أربعٌ غلطاتٍ 
شنيعة من فسادٍ الذوق . 

قالّت: بل قل أربعٌ غلطاتٍ جميلة من فنّ الذوق؛ إِنَّ الرجلّ الظريف القويّ 
الرجولة» يجبُ عليه أنْ يغلطٌ إذا حدَّثٌ المرة. . . 

قال (ح): لتضحك منه؟ 

قالت: لاء بل لتضحك له. . . 

قلْتُ: فلي إليك رجاء. 

قالت: إِنَّ صوتك يأمرء فقل. 

لعي فك 
نماذا قلت لها وماذ! قالت؟ 


قينا 


الجمال البائس 


8 


قلْتُ لها: إن كلمة الكفر لا تكونُ كافرة إذا أَكْرِة عليها مَنْ أكْرِة وقلبُهُ مطمئن 
بالإننات: وكلب التجؤر اغرة ميا والح :ورا ركان ثم لأتكوة لقاع 
أبد إِذْ لا إكراة على هذه الدّعارةٍ إكراهاً لا خيارَ فيه . وما أولٌ الدُعارة إِلّا أن تمد 
المرأةٌ طَرْقها من غير حياءء كما يمد اللصٌ يِدَّهُ من غير أمانة. 

ومَن آضطُرٌ إلى الكُفْرِ أستطَاعٌَ أن يخباً ِخرابٌ المسجدٍ في أعماقِهِ فيصلّيّ 
ثمةء ولكنّ الفجورَ لا يتركُ في النفس موضعاً لِدِينِ ولا إيمان؛ إذ هو دائبٌ”"2 في 
إثارة الكزائد الطرفةة الفيؤاة المتورييلة !"بلا عاط عمل الا تيا سيد 
عن ضميرهاء حي ارده لعب الا اا والأخلاق» فيُهلكُ فيها أولّ 
ما يُهلك إحساسّها , بمعنى ألمرأةٍ الإنسانيّة وشعورّها بمجدٍ هذا المعنى. 


فإذا أن نتّهتٍ ألمرأه إلى هذاء لم يكن لها مبدأ ولا عقيدة إلا أنَّ على غيرها أنْ 
يتحمّلَ عواقب أعمالهاء وهذه بعينِها هي حالةٌ المجنونٍ جنونَ عقله؛ أفلا تكونُ 
آلمرأةٌ حيتئذ مجنونة جنونَ جسمها. 0 

د يدن 

فساءها ذلك وبانَ فيهاء ولكنّها أمسكث على ما في نفسها؛ وألمرأةٌ من 
هؤلاء لا يمشي أمرّها في الناس ولا يتّصلُ عيشهاء إِلَّا إذا كرت طِباعُها كثرة 
ثيابهاء فهي تَحَلَّمٌ وتلبسنٌُ من هذه وتلك لكل يوم ولِكلٌ حالة ولكلّ رجل؛ فينبعثٌ 
منها ألغضبٌ وهي في أنعم الرضى» كما ينبعت الرضى وهي في أشدٌ الغيظء كأنْ 
لم تغضب ولم ترض لأنّها لِيسَتْ لأحدٍ ولا لنفيها. 


)١(‏ دائب: مستمر. 
(؟) المسترسلة: المستمرّة والغارقة في ذلك العمل . 


اننا 


ونُسايرُ غضبّها ثم قالت: كأنَ كلامّك أنَّ لك رجاءً إلي» فأنا أحبٌ 1000 
أحبٌ أن أعلم. 

فلتُ: وأنا كذلك أحبُ أنْ أعلم. 

ففبكتة وشتى عني""" وت على شلعها ابشامة لوجاء ملك من النتماء 
و وده لْمَا وجدَ أجملٌ منها. 

قلْتٌُ: أحبُ أنْ أعلّم منكِ قصة هذه الحياةٍ ما كانَ أولهًا؟ 

قَالَثْ: لقد قضيّت من حكمك فيناء ا ا 
كوكْبْهُ؛ والكركبُ الوقادُ المعلّقُ فوقٌ ليل المرأةٍ منّا هو إيماها؛ نعم ل 
كإيمان النامن في واجياءة؛ لكنّهُ كإيمانٍ الناس في تعزيته؛ واللّهُ رئنا 58 

َلْتُ: لو أَطيعٌ اللّهَ بمعصيته لأستقامٌ لكِ هذا: وإِنّما أن تصفي الإيمانٌ الأول الذي 
كانَ عملاً» فصارٌ ذكرى؛ فصَارَتٍ آلذكرى أملاًء فظئْنتٍ الأملّ هرّ الإيمان. 

فالّث: ثم إِنّنا جميعاً مكْرَّهَاتٌ على هذه الحياة» فما نحن إِلّا صِرْعى 
المصادّمة بينَ الإرادةٍ الإنسانية وبينَ القّدر. 

قلتٌ: ولكن لم تهفٌ واحدةٌ منكن في غلطتها الأولى وهي مستكرَهةٌ على 
غلطة ؛ بل هي راغبةٌ في لذَّةء أو مبادرةٌ لشهوة. أو طالبة لمنفعة . 

الث : هذا أَحَدُ ألوجهين ؛ أما الآخرٌ فألتماسٌ الرزقٍ وصلاحُ العية يش ؛ فالرجل مم 
الرجل؛ رأس ماله قوّنّه » وعمَلَهُ بقوّته؛ ولكنّ آلمرأةً مم الرجل رأس الها الوكها: وحمل 
أنوثتها . وفى الوجهِ الأول وجهُ اللذة والمنفعة ‏ تحتال كلمةٌ الفُجور على آلمرأة بكلماتٍ 
جع وي رسكن ع كي رو ل ار ل 

ا. وفي الوججه الثاني - وجه ألرزقٍ والعيش -تجتال الكلمة النشينة الفاجرة على المرأة 
الو 0 قد والشقاء ؛ فتسقط المرأةٌ 
مضطرةً خِيفةً أن يقعٌ شيء من هذا؛ وفي أحدٍ الوجهين يكونُ الرجل هوّ ألفاجر لِفسادٍ 
آدابه» وني الوجه الآخر يكونٌ الفاجرٌ هوّ المجتممٌَ لِفسادٍ مبادئه . 

ين 


)١(‏ سري عنها: اتكشفت أساريرها تعبيراً عن سرورها. 


>53 


قلْت: أنا لا أنكرٌ أن ألمرأة إذا سقّطث في هذه المدنيّة. لم تق أبداً إِلّا في 
موضع غلطة من عَلَطاتٍ القوانين؛ ل بقل لق لقره انها لم نكن لمع الجريمة أن 
تقعَ»ء ولكنْ للعقاب عليها بعد وقوعها؛ وبهذا عبّزث عن صيانة المرأةٍ وجفظهاء 
وتركثها لقانونٍ الغريزةٍ الوحشيّ في هؤلاءٍ الوحوش الآدميين» الذين يأَحَدَّهُمُ 
لسّعارٌُ من هذه الرائحة التي لا يعرفونها إلا في أثنين: المرأةٍ الجميلة والذهب. فما 
ألجأتٍ المرأةَ حاجتُّها أو فقرُّها إلى أحدهم ورأى عليها جمالاً؛ إِلّا ضِرَيّهُ ذلك 
السّعار؛ فإِنٍ أستخمث بنزوَاتِه وتَعسرَتُ عليه. طردّها إلى الموت» ومنعها أنْ تعيش 
من قَبَلِهِ؛ وإِنْ صَلحَتْ له وتيسرّثء آواها هي وطرد شرقّها. 

وبخلافٍ ذلك الدين؛ فإنّهُ قاء ثم على منع الجريمة وإبطالٍ أسبابهاء فهو في 
أمر ألمرأة يُلْزِمُ الرجلّ واجباتء وِيُِلْرِمُ المجتمعٌ واجباتٍ غيرّهاء ويُِلزِمُ الحكومة 
واجباتٍ أخرى: 

ما الرجلُ فينبغي له له أن يتروجء ويتحصّنّ» ويغارٌ على المرأة» ويعملٌ لها؛ 
وأنّا ألمجتمعٌ فيجبُ علده أنْ يتأدّبِ» ويستقيمء ويُعينَ ألفرد على واجباتٍ 
الفضيلة ويَتَدَامَجَ”' ويَشْد بعضهُ بعضاً؛ وأما ألحكومة فعليها أنْ تحمي المرأة» 
فتُعاقبَ على إسقاطِها عِقَابَ ألموتٍ والألم وألتشهير؛ لِتَقّيمَ مِنَ الثلائة حُرّاساً 
جبابرَة» مَنْ لا يَخْشٌ الله حَشِيها؛ فليسٌ يُمكنٌ أبداً أن يكونَ في ديننا موضمٌ غلطةٍ 
تسقٌّطٌ فيه المرأة . 

قال الأستاذ (ح): صدقْتَ» فالحقيقةٌ التي لامِرَاء فيها'"”. أنَّ فِكرةً المُجورٍ 
فكرةٌ قانونيّة؛ وما دامً القانونُ هو أباحَها بشروط». فهو هو الذي قرَّرَها في المجتمع 
بهذه الشروط؛ ومن هذا التقرير يُقدِمُ عليها الرجلٌ والمرأةٌ كلاهما على ثقة 
وأطمئنان؛ ومن ثَمْ تأتي أَلجُرْأَة على أندفاع الناس إلى ما وراء حدود القانون» ومن 
هذا الاتدفاع تأتي الساقطةٌ بآخر معانيها وأقبح معانيها. 

وتقرير 5 سيادة المرأة في الإجتماع الأروبي» وتقديمها على الرجال» والتأدب 
معها؛ كل ذلك يجعلٌُ جراءةً السفهاء عليها جراءةً متأدبةً» حتى كأنّ المتحككٌ منهم 
فى أمرأة يقول لها: من فضلكِ كونى ساقطة. . . أمّا هنا فجراءةٌ السفهاء جراءةٌ 
ا ا وذلك هو سرها. ١‏ 


)١(‏ يتدامج: يمترج . (5) لا مراء فيها: لا جدال فيها ولا شك. 


ه84”ظ> 





القانرنٌ كأنّما يقولٌ للرجال: أحتالوا على رضى النساءء فإنْ رَضِينَ الجريمة فلا 
جريمة؛ ومن هذا فكأنّهُ يعلمُهم أنَّ بَراعة الرجلٍ الفاسقٍ إِنّما هي في الحيلةٍ على 
المرأٍ وإيقاظ الفطرة في نفيهاء بأساليبَ بِنَ الملّقٍ والرْياءٍ والمكرء تتركها عاجزة لا 
تملك إِلّا أن تُزْعِنَ”'' وترضى ؛ الف ال ل اي 
تُطْلِقُ تلك الفطرةً من حيَّائْهاء وتُخْرجُها من عِفتِهاء «تطبيقاً للقانون». . 

ولا سيادةً في أجتماعنا للمرأة» ولكنٌّ القانونَ جعلّها سيدةً نفسهاء وجعلها 
فوقٌ الأدات كزياة بوفوق عقوبة القانونٍ نفسه إذا رَضيِّتْ ؛ إذا رضيّتْ ماذا. 

َ د 

قَلْتُّ: فإذا كانَ القانونٌ هنا في مسألتنا هذه يَعْدِلُ بالظلم» ويّحمِي الفضيلةً 
بإطلاقٍ حريّة الرذيلة؛ فهو إِنَّما يُفْسدُ الدين» وبَصرفٌ الناسّ عن خوف الله إلى 
خوف ما يخافٌ مِنَ الحكومة وحدّها؟ وبهذا لا يكونُ عملَه إلا في تصحيح الظاهرٍ 

مِنّ الرجل والمرأة» ويّدعٌ الباطنَ يُسِرُ ما شاء من حُبئِهِ وحيلته وقساده؛ فكالة لين 

قانوناً إلا لتنظيم التّفاق وإحكام الخديعة؛ فلا جَرم”' كان قانوناً لحالة الجريمة لا 
للجريمة نفسِها؛ فإذا أخدت المرأءٌ مُلايئَةَ ورضّى فهذا مُجورٌ رٌ قانوني . . وإنّ كانتت 
الملاينةٌ هي عمل الجيلة والتدبير؛ وإِنْ كانَ الرضى هو أثرَ الجداع والمكر؛ وإن 
ضاعت المراة وسقطك: وذْهَبَ شرقُها باطلا»ء وألحقة الناسٌ بما لآ يكون من تَوبة 
إبليسَ فلا يكونٌ أبداً . أمّا إذا أكات اليزاة متكا ةوقا فهذه هى الجريمةٌ فى 
القانون؛ ويُسميها القانونُ جريمة الاعتداء على الععؤضء وان لستى عرين 
العجزٍ عن إرضاء المرأة» أحنّ وأولى. 

على أن المسكينة لم تُوْحَذْ في الحالتين إِلّْا عُضْباء ولكن آختلقَث طريقة 
الرجل الغاصب؛ فإِن كلتا الحالتين لم تتَأدًا" بالمرأة إِلّا إلى نتيجةٍ واحدة؛ هي 
أخرابجها من شرفهاء وحرمائها حقوق إنسانيتها في الأسرةء وطردُها وراءة حدودٍ 
الاعتبارٍ الاجتماعيّ» وتركّها ثمةٌ مُخَلَاةَ لمجاري أمورهاء فلا يتِيسَّرُْ لها العيشٌ إلا 
من مثل آلرجل الفاجرء فلا تكونٌ لها بيئةٌ إلا من أمثاله وأمثالهاء كما كم فى 
الموضع الواحدء أهلٌ المصير الواحدِء على طريقة القطيع في المجزرة. 


د نا 


(1) تذعن: تخضع. (0) لاجرم: لا شك. (*) تتأدى: تصل وتؤدي. 


خا 


فقالّث هي: الح أنّ هذه الجريمة أولها الحُبُْ؛ٍ وهي لا تقمٌ إِلّا من بين 
نَقِيضَيْنِ يجتمعانٍ في المرأةٍ معاً: كبَّرُ حُبّْها إلى ما يفوتُ العقل» وصِفَرٌُ عقلها إلى 
ما ينزل عن الحب . وألمرأةٌ تَظل هادئة ساكِنةٌ رزينة» حتى تصادقها اللْحَاظ الناريةٌ 
مِنَ العين المقدَّرةَ لهاء فلا يكونٌ إِلّا أن تملآها ناراً ولَهبا؛ ولتكن المرأةٌ مَنْ هي 
كائنةٌ» فإنْها حيتئقٍ كمستوقع البارودء يَهُولُ عِظّمْهُ وَكبرُهء وهو لا شية إذا أتصلّث 
بهِ تلك الشرارةٌ المهاجمة. 

وليَسث جرامة آ! لمرأة شيئاً يُوْبَهُ به أو يُعْتَدُ به أو يُسمّى حراسة. إِلّا إذا 
كانت كالتحفظ على مستودع البارودٍ مِنَ النار؛ فيستوى في وسائلها لكوت من 
الشرارة الصغيرة» وألفرّعٌ مِنَ الحريق الأعظم؛ فبُّحبَاطٌ لا ثنيهما بوسائل واحدةٍ في 
قَذْرِ واحدٍ وأعتبار واحد. 

وإذا ثُركَتٍ ألمرأةً لنفيها تحرسها يعقلها وأدبها وفضلها وحرّيتِهاء فقد تُرِكُ 
لِنفسِهِ مستودَعٌ البارودٍ تحرسّة جدرائهُ الأربعةً القويّة . 

والرجالٌ يعلمونّ أن للمرأةٍ مُظاهرٌ طبيعيّة مِنَ الحُيّلاءِ والكبرياءٍ والاعتدادٍ 
بالتفس وَأَلْمُباهاةٍ بالعِقّة؛ لكنّ هؤلاء الرجال أنفسَهم حاكن كذلك+ أن هذا الظافة 
مخلوق مع المرأة كيعلدٍ جسيها التاعم: وأنَّ تحبَّهُ أشياء غير هذه تعمل عملّها 
وتصنمٌ البارود النسائيّ الذي سينفجر. .. 

ند تند ين 

قلْتُ: إذا كان هذا فَقَبّحَ الله هذه الحريّة التي يُرويدئها للمرأة. هل تعيش 

أ إلا في أنتظارٍ الكلمة التى تحكمها بلطف» وفي أنتظارٍ صاحب هذه الكلمة؟ 

0 اي ارم فيه وأوسمْ النساء حرية أُضيعُهِنّ في الناس؛ 
وهل كالمويس”” في حريّيها في نفسها؟ 

ولكنْ يا شُؤْمَها على الدنيا! إنّها هي بعينها كما قلتَ أنت: حريةٌ المخلوقٍ 
الذي يُتركُ حرًا كالشّريدء لُِّجِرَبَ فيه الحياةٌ تجاريبّها. وماذا في يدٍ المرأة من حريّة 
هي حريّة القدّرَ فيها؟ 

قلْتٌ: ولهذا لا أرجعٌ عن رأيي أبداً: وهو أنَّهُ لا حريّة للمرأة في أمّةٍ من 
الأممء إلا إذا شر كلّ رجلٍ في هذه الأمّة بكرامة كل عن لوا رسفي ا افق 


)١(‏ يؤبه به: يهتم بأمره. (؟) المومس: المرأة العاهر الفاسدة. 


ام" 


واحدةٌ ثارَ ألكلٌ فأستَقَادوا لها''2» كأنَّ كراماتٍ الرجالٍ أجمعينَ قد أهيئث في هذه 
الواحدة؛ يومئِذٍ تُصبحٌ آلمرأةٌ حرةء لا بحرّيّتها هي. ولكنْ بأنها محروسةٌ بملايينَ 
ون الريجالة: 

فضحكث وقالت: (يومئذٍ)! هذا آسمُ زمانٍ أو آسمٌ مكان. 

قال الأستاذ (ح): ولكتا أبعذنا عن قصةّ هذه الحياة» ما كان أولها؟ قَالَثْ: 
إن الشبانَ وآلرجال عِلْمٌّ يجبُ أنْ تعلّمهُ ألفتاةٌ قبل أوانٍ الحاجة إليه؟ ويجبٌ أنْ يقر 
فى ذِهْن كل فتاة» أنَّ هذه الدنيا لِيِسَتْ كالدار فيها الحُبُء ولا كالمدرسة فيها 
الصداقة: ولا كالمحلٌ الذي تبتاعٌ منه مئديلاً مِنَ الحَريرٍ أو رُجاجةً مِنّ العطرء فيه 
إكرامُها وخدمتها . 

وأساسٌ الفضيلةٍ في الأنوثة الحياء؛ فيجبٌُ أنْ تعلَّمَ الفتاة أنَّ الأننى متى حرجت 
من حيائها وتهِجْمَتْء أي تونْحَتء أي تبذّلّثء اسَتَوى عندها أن تذهبّ يمينا أو 
تذهبّ شِمالأ» وتهيأث لكل منهما ولأيّهما أنفق: ا 00 
وظلٌ الأسرة وشرف الحياة» وصاحباتٌ الشَّمالٍ ما صاحباتٌ الشّمال. . 

قلْتُ: هذا هذا؛ إِنَّهُ الكياة؛ الكناة لعي قهز سن إل 5 أعانتِ 
ألطبيعةٌ بها ألمرأةً لِتسموً”" على غريزتها متى وجب أنْ تسموًء فلا تلقّى رجلا إلا 
وفي ذَيِها حارس لا يَعْقْل. وهل هو إِلَا سَلَبَ جِمْعْتْةٌ الطبيعة إلى ذلك الإييجاب 
الذي لو أنطلق وحَدهُ في نفس آلمرأةٍ لأندفعثُ في التبرّج والإغراء» وَعَرْضٍ أسرارٍ 
أنوثتها في المعرض العام . . .؟ 

قَالّتْ: ذاك أرذتُ» فكلّ ما تراه من أساليب التجميل والزيئةٍ على وجوه 
لمات وأجسامِهنٌ في الطرق. فلا تَعُدَنهُ من فَرْطٍ الجَمال*2» بل من قِلةِ الحياء. 

وأعللغ أن الندراة الا محم حو اضوع اف جسيهاء لا نسيل مجيائها 
وغريزتها . ١‏ 

قلْتٌ: يا عجبًا! هذا أدقٌ تفسير لقولٍ تلك آلمرأةٍ العربية : اتجوعٌ ألحرّةٌ ولا 
تأكلٌ بدييها» . فإنٍ أَخْتَّضعَتٍ ألمرأءٌ للحياء كمَّثْ غريزتّها. 


. استقادوا لها: أخذوا بتأرهاء والقود معتاه الثأر. 0) تسمو: ترتقع‎ )١( 
كنف: حفظ وصيانة وحماية . (4) فرط الجمال: كثرته.‎ )7( 


584 


قالت: . . . وجعلها الحياءً صادقةً في نفسِها وفي ضميرهاء فكائث هي ألمرأةً 
الحقيقة الجديرة بآلزوج والنسلٍ وتوريث الأخلاقي الكريمةٍ وحِفْظِها للإنسانية . 

قلْتٌّ: ل كو الإسراف في الأنوثة وآلتبرّج أمامٌ الرجالٍ كَذِباً من 
ضمير المرأة. 

قالّثْ: ومن أخلاقها أيضاً؛ ألا ترى أنَّ أشدّ الإسرافٍ في هذه الأنوئة وفي 
هذا الباع لا يكرت إلااني الجرا: العامّة. . .؟ 

56 والمرأةٌ العامة أمرأةٌ تجاريّةُ ألقلب. فكأن المسرفة في أنوثتها 
وتبجهاء هذه سبيلُهاء فهي لا تُوْمَنُ على نفسها. 

قالّث: قد تُوْمَنُ على نفسهاء ولكنها أبداً مُومِسُ الفِكر في الرجال. فَيُوشِكُ 
ألا نُوْمَنِ؛ وهي رَهْنْ بأحوالها وبما يقمُ لهاء فقد يتقدّمٌ إليها الجري؛ وقد لا 
يتقدّم» ولكنها بذلك كأنّها مُعْلِنةَ عن نفسها أنّها «مستعدةٌ ألا تُؤمّن». 

قال (ح): لكنْ يقال إِنَّ المرأة قد تتبرّجٌ وتتأنْتُ لترى نفسّها جميلةً فاتنة» 
فيُعجيّها حسئهاء فيَسرّها إعجابها. 

قالّثْ: هذا كالقولٍ إِنَّ أستاً الرقص الذي رأْيتَهُ هناء ينظرُ إلى نفسِه كما ينظر 
جل إلى راقصة تتأؤة''' وتهترُ وتعرجرج . إِنَّ هذا الرفّاصٌ فيه الحركةٌ الفَنّيةٌ كما 
هي حركةٌ ليسّ غير ؛ فهو كالميزانٍ أو ألقياس أو أيّ آلاتٍ الضبط ؛ أنّا فتنةٌ الحركةٍ 
وسحرها ومعتاها مِنَ المرأةٍ الفائتة في وهم الرجل المفعون بها؛ نهدا كله لا يكون 
منهُ شيءٌ في أستاذٍ الرقص ٠‏ وإِنْ كانَ أستاذٌ الرقص . 

إن أجملّ أمرأةٍ تضق بفمها على وجهها في المرآة» إذا مُحِيَ الرجل من 
ذهنهاء أو لم يُطلّ بعينيه من وراء عيتيهاء أو لم تكن ممتلئةً الحواسٌ بْهء أو 
بإعجابه» أو بالرغبة في إعجابه؛ فمهما يكنْ من جمالٍ هذه فإنّها لا تَرى وجهّها 
حيحدٍ إله كالدنيا إذاا حلت من 'العدله: 


قلْتُ: ولكنًا أُعدْنا عن «قصة هذه الحياة ما كان أولّها!» 
قالّث: سأفعلٌ ذلك لموضِكٌ عندي: إِنَّ قصّتي في الفصل الأول منها هي 
)١(‏ تتأؤد: تتمايل راقصة. 


514 


قصهٌ جمالي؛ وفي الفصل الثاني هي قصةٌ مرض العذراء؛ ؟؛ وفي الفصل الثالث مي 
قصهٌ الغفلةٍ والتهاونٍ في الجراسة؛ وفي الفصلٍ الرابع هي قصةٌ أنخداع الطبيعة 
النُسويةٍ المبنيةٍ على الرقةٍ وإيجادٍ الحُبٌ وتلقيهِ والرغبةٍ في تنويعه أنواعاً للأمل 
والزوج والولد؛ ثم في الفصلٍ الخامس هي قصة لُؤْمٍ الرجل : كان محبًا شريفاً 
يقْسِمْ بالل جَهْدَ أيمانه. فإذًا هو كَالمزوْرٍ وآلمحتالٍ وأللصٌ وأمثالهم ممن لا يُعْرَفونَ 
إِلَّا بعد وقوع الجريمة. 

وقال (ح): فما هو مَرَضُ العذراء الذي كان منهُ الفصلٌ الثاني في الرواية؟ 

قالّت: كل عذراة فهي مريضةً إلى أن تعزوج ؛ فيجث أن يُْلِمَها اهلها أن 
العلاجَ قد يكونَ مسموماً؛ وينبغي أنْ يَخوطوه”' ' بقريب مِنَ العناية التي يُحاط 
المريض بهاء “فلا يُجِعَل ناحولة إلا بلاعنا له»:وشمتع أشياء وإث احتها ورت 
فيهاء ويك هُ على أشياء وإنْ عافّها وصدّفٌ عنها. 

قال (ح): فيكونٌ القانونُ الاجتماعيُ تصديقاً للقانونٍ الدينيّ من أنْ الذكورةً 
لني تشيها عدارا انزف ٠‏ وأناكل رتل لسن هالو ايم يبحت اريك 
مرفوضاً إِلّا في الحالةٍ الواحدة المشروعة» وهي الزواج. 

قالّثْ: فتكونٌ المشكلةٌ الاجتماعيةً هي: مَنْ ذا يُرَعْمُ الذكورةً على هذه 
الحالة الواحذةٍ المشروعةٍ كيلا تضيعٌ الأنوثة؟ 

قال: ولكنْ إذا كان سُقوطُ الفتاةٍ هو جناية «الزواج المزوّراء فما عسى أنْ 
يكونٌ سقوط بعض المتزوجات؟ 

قالَتْ: هو جناية «الزواج المنقّح». . . ثُريدُ أنفسْهْنَ الخبيثةُ تنقيح الرَّوَج؛ 
والمومِسَاتٌ أشرفٌ منهُنٌء إِذْ لا يعتدينَ على حقٌ ولا يَحُنّ أمانة . 

يك 

ورف على وجهها في هذه اللحظة شُعاعٌ منّ الشمس كان على جبينِها كصفاء 
اللؤلؤء ثم تحوّلٌ على خدّها كإشراتٍ الياقوت؛ ورأثني أتأمله. فقالث: أنا مُنْتَشِيةٌ 
بحي في هذه الساعات؛ وهذا الشعاعٌ إِنّما جاء يختمُ نورها. 


. يحوطوها: يصونوها ويحفظوها بالرعاية والعناية‎ )١( 
المحرم هو من لا يحل للمرأة الزواج منه كالأخ والأب والعم والخال.‎ )1( 


9 


ثم كانّتِ السخريةٌ العجيبةٌ أنّها لم تتمّ كلمةً النور حتى جاء حظها الحقيقيُ من 
ابيا ٠‏ وهو رجل تخطان”" ؛ كلما أكدثه عينها شعت "له أبتساماً من الذل» 
لو لم تجعلهُ هي أبتساماً لكان دموعاً؛ ثم وثَّفثْ وما تتماسّك + مِنَ ألهمء كأنّها تمثال 
اللجمالٍ البائس»؛ اكيت رسلكت وودّعت؛ وبعد «واوات» أخرى. . . مِشَّتْ 
ساكنة ومَرآها يَضِخ ويبكي . 

فوداعاً يا أوهامَ الذكاء التي تَلْمِسُ الحقائقٌ بقوة خالقة تَزِيدُ فيها! 

ووداعاً يا أحلامَ الفِكُرٍ التي تضم مع كل شيء شيئاً يُخيده! 

ووداعاً يا خئّها. . 


)١(‏ يتخطاها: أي يجعلها حظه. 


"5 


ا 
عربة اللفطاء 


جلسْتُ على ساحلٍ الشاطبي في (اسكندرية) أتأملٌ البحر» وقد أَرتفَع 
الضُحَى: ولكنٌ النهارَ لَدْنَ”' ناعم رطيبٌ كأنّ آلفجرّ ممتدٌ فيه إلى الظهر . 

وجاةث غربة أَللّقَطاءِ!" فأشرفت على الساحل؛ وكأنّها فى منظرها غمَّامةٌ 
تتحرّك. إِذْ تعلوها ظَلْهٌ كبيرةً في لُونٍ المَنِمِ . وهي كعَرباتٍ النقل» غير أنّها مُسوّرةٌ 
بألواح مِنَ الخشب كجوانب النعش"'" تُمْسِكُ مَنْ فيها مِنَ الصَّعْارٍ أنْ يتدخرجوا 
منها إذ هي تَدرْج وتَتَقلقَل . 
كل سَفيجٍ لَقيطٌ ومَنْبِوذء وقدٍ آنكمشوا وتضاغَْطوا إِذ لا يُمكنٌ أنْ تُمَطْ العربة 
أثنين. ومَنْ منهم إذا تألْمَ سيذهبٌ فيشكو لأبيه. ..؟ 

وتّرى هؤلاء المساكين خَلِيطأ ملتبساً يُشْعِرّك أجتماهم أنْهم صَيْدٌ في شبكة لا 

كد كه 

هذه العربةٌ يجرّها جوادانٍ أحدُهما أدهج”'' والآخرُ كُمَيْتَ”*؟ فلمًا وقَفَثْ 
لَوَى الأدهمٌُ عُنْقَهُ وألتفت ينظر: أيفرغون العربةً أم يزيدون عليها. ؟ أنا أَلكُمَيْتُ 
فحرَّكَ رأسّه وعَلكٌ لِجَامَّهُ كأنّهُ يقرل لصاحبه: إن الفكرٌ فى تخفيفٍ ألعبْءٍ ألذي 
تحملْهُ يجِعلّهُ أثقلَ عليك مِمّا هوء إذ يُضيفُ إليهِ ألهمّ؛ وألهمُ أثقلُ ما حملّثْ 
نفس؛ فمادُمْتَ فى العمل قلا تتَوهّمَنٌ ألراحة» فإنَّ هذا يُوهِنٌ ألقوة» ويَخْدُلُ 
)١(‏ لدن: طرىء. 


(؟) اللقطاء: أولاد الزنى . (4:) الأدهم: الأسودء شديد السراد. 
(9) النعش : التابوت . (6) الكميت: الأحمر. 


"07 





النشاط ء ويَجْلِبُ السأم؛ وَإِنّما رُوحُ العمل الصبرء وَإِنّما رُوحٌ ألصبر العزم . 
ورآهمٌ الأدهم يُنزِلونَ اللقَطَاءء فَآستَخَفَهُ الطرب» وحَرّكٌ رأسَهُ كأنما يسكَرُ 

بالكميتٍ وفلسفتهء وكأنّما يقولٌ له: إِنّما هو التَرُوِعُ إلى الحريّة» فإِنْ لم تكنْ لك 
في ذاتهاء فَلْتكن لك في ذاتكء» وإذا تعذَّرَتٍ آللذةُ عليك» فأحتفظ بخيالِهاء فَإِنّهُ 
رَضْلَّئُْكَ بها إلى أنْ تُمكِنَ وتتَسهّل ؛ ولا تجعلَنّ كل طِبِاعِكَ طِباعاً عاملةً كادحةء 
وإِلّا فأنت أداةً ليس فيها إلا الحياةُ كما تُريدُكء وليكن ذلك طبع شاعر مع هذه 
الطباع العاملة» فتكونَ لك الحياةٌ كما تُرِيدُك وكما تُريدُها. 

إن الدنيا ف ة والحد في الواقع ؛ ولكنّ هذا الشية الواحدّ هو في كلّ خيالِه 
دنيًا وحها: ْ ١‏ 


2 


وفي آ! لعربةٍ أمرأتانٍ تَعُومانِ على أللقطاء؛ وكلتاهما تزويرٌ لأمٌ على هؤلاء 
الأطفالٍ المساكين؛ فلمًا سكنت ألعربةٌ أتحدّرث منهما واحدةٌ وقامّتٍ الأخرى 
تُنَاوِلُها الصغار قائلة : 0 أثنان» ثلاثةء أربعة. . . إلى أنْ تمْ العددٌ وخلا قَمَصُ 
ألذّجاج مِنّ الدجاج . . 

0 قرأ من يقرأ فيها أنّها مُسْتَسلِمةُء مُستكينة» 
مُعتَرِفةَ أن لا حنٌّ لها في شيء من هذا العالّمء إلا هذا الإحسانٌ البحْسٌ القليل . 

جاءوا بهم لينظروا الطبيعة والبحرٌ والشمس» فَمَّمَاً ألصغارٌ عن كل ذلك 
وصَرّفوا أعينهُم إلى الأطفالٍ ألذين لهم آباءً وأمّهات . 


خ ا 


#8 


4 ب 


واكبدي! أضُئى الأسَى كَبِدِي؛ فقد ضاقٌ صدري بعد أنفساجه؛ ونالني وَجَعْ 
ألفكر في هؤلاء النُعساءء وعَرَئْني”'' منهم عِلَةَ كَدّسٌ الحُمّى في الدم؛ وأَنقلبْتُ إلى 
مَنْوايَ”"2» والعربةٌ وأهلّها ومكائها وزمائها في رأسي 

فلمًا طافٌ بي ألنومُ طاف كل ذلك بي» فرأيئّني في موضعي ذاك» وأبصرْتٌ 
العربة قد وقَفتُ» وتحاورٌ الأدهم والكديت> قلما اترعوها وقد حَرَ الجوادانٍ بِحْمتها 
لعفا مها ل يتحدّئان! 


)١(‏ عرتني: داخلتني. (5) مثواي: بيتي. 


يلك 


فآخذُ الموتّ لهذه الكلاب المسكينة» ثم أرجمٌ بها مَوْنَى ؛ ركتةا لعي اجن 
تراط او رتعارت امن خبوارع المقرة وازديها ريحكها ' ولا أشعر بخ بغيرٍ التّقْلٍ 
الذي أجرّه؛ فلما أَبثْلنِتٌ بعربة هؤلاء الصغار الذين 000 م اللُقطاء. 0 
قلا آخرٌ وقمّ في نفسي وما أدري ما هو؟ ولكن يُخَبّلُ إليّ أ نّ ظل كل طفلٍ منهم 
يُنْقِلُ وحدَهُ عربة . 

قال الأدهم: وأنا فقد كنت أجِرٌ عربة القٌّمَامِةِ”'' والأقذار. وما كان أقذَرّها 
وأنتنهاء ولكنّها على نفسي كانت أطهرَ من هؤلاء وأنظف؛ كنت أجِدُ ريحّها الخبيثة ما 
دمت أجرُها؛ فإذا أنا تركتٌ العربةً أُسِتَرْوَختُ النَسيمَ وَأستطعَمْتُ الجوّء أمّا الآنّ فالريحخ 
الخبيثةُ في الزمن نفيهء كأنَّ هذا الزمنّ قد أرْوّح وَأْنتنَ منذُ قُرِنْتُ بهؤلاء وعرّبتهم 

قال ألكّميت: إِنَّ أَبنَ الحيوانٌ يستقبلٌ الوجود بأمّهء إِذْ يكونٌ وراةها كالقطعة 
الحتط نبا ولا يقل آل إِلّا هذاء ولا يَضْرقُها عنهٌ صارف» فتُّرغِمُ الوجود على 
أن يتقبّلَ أبتهاء وعلى أن عسات قوانيئه ؛ أمّا هؤلاء الأطفالٌ فقد طرَدَهُمْ الوجودٌ منه 
كما طردٌ أللَّهُ آباتهم رأمهاتهم من رحمته؛ وقد هُدِيتٌ الآنْ إلى أن هذا هو سر ما 
نشعرٌ به؛ فلسّنا نجرٌ للناس ولكن للشياطين. . 

١‏ د يرن 

وهنا وقفٌ على حُرذيٍ العربة”"“ صديقٌ من أصدقائه فقال: من هؤلاءٍ يا أبا علي؟ 

قال الحُرذيٌ : هؤلاء هؤلاء يا أبا هاشم . 

قال أبو هاشم: سبحانّ أله أمَا تيك طبعك في النكتة يا شيخ؟ 

قال الحُوذيٌ: وهل أعرقُهم أنا؟ هم بضاعة العربة والسلام: أركبوا يا أولاد. 
أنزلوا يا أولاد. هذا كل ما أسمع 

قال أبو هاشم : ولكنْ ما بالك ساخطأ عليهم» كأنّهم أولادُ أعداك؟ 


ِِ 


ذال الخؤاك البح شري تر جترى اق رسن سيشرع لزوسه ةا لطم اذا 
أمرأة ستكونُ من هذه الطفلة؟ 

أَنظرْ كيف تَعلّمَّتْ هذه البنتٌ وعمرها سنتان» فى عُنُقَ هذا الولدٍ الذي كان 
من سنتين أبنَ سنتين. . . لا أراني أحمل في عربتي أطفالا كالأطفالٍ الذين تحملَهُمُ 


9 
- 


)١(‏ سككها: طرقها. 
(؟) القُمامة : الزبالة . (*) حوذي العرية : سائقها . 


5253 


العرياث إلى أبواب دُورهم؛ فإِنَّ هؤلاءٍ اللّقطاء يُحمَلون إلى باب ألملجأء وهو بابٌ 
للحاراتٍ والسكك لا يأخذّ إلا منهاء فلا يُرِسلُ إلا إليها. 

أنا ‏ والله ‏ يا أبا هاشمء ضِيِّقٌ الصدر. كاسفٌ البال من هذه المهئة ؛ ويُخِيّل 
إليّ أني لا أحملٌ في عربتي إلا ألجنونَ والمُجورَ والسرقة والقتلَّ والدّعارة والسكرٌ 
وعواصف وزوابع. 

قال أبو هاشم: ولكنّ هؤلاءٍ الأطفال مساكين» ولا ذنبَ لهم. 

قال الخوذيٌ: م لا لي غيرَ أنّهم هم في أنفسِهم ذنوب؛ إن كلّ 
0 إِنْ هو إِلَا جريمة تعبت أمتداد الإثم والقيد هن الدتاء ولدثهم 

00 وهل وَلَدْنَهُمْ إلا كما ثَلِدُ سائد آلأمهاتٍ أولّادهن؟ 
وهل تستوي حال مَّنْ يشتري ألمتاع» ومَّنْ يسرق المتاع؟ 

ههنا باعتٌ مِنَ الشهوةٍ قد عجرٌ أنْ يسموّ سموهُ ‏ وما سموٌه إِلّا الزواج - 
قَتَسَفُلَ وأنحط» ورجع فِسقاء وعاد أُوَلَهُ على آخره: كان أولّه جُرْماً فلا يزال إلى 
آخرهٍ جُرماء ولا يزال أبداً يعودُ أولهُ على آخره؛ فلمًا حملّتٍ المرأةٌ وفاةث إلى 
أمرهاء وذهبّ عنها جنونُ الرجلٍ والرجلٌ معاً؛ أنطوث للرجالٍ على الشأر والحقّد 
والضغينة ؛ فلا يكونُ أبن العار إِلّا ابن هذه الشرور أيضاً. 

والأنيات يغددد عد ا الوا لان مان يم 

عقت ألحياة ذ الوقيف ا ها رلك يات هؤلاء يَعَدِدْن ل 

لسرا اال ات ولا تترقّبُ إحدامُنٌ طول أشهر ححملها أنْ يجيتها 
الوليد؛ بل أنْ يتركها حيّاً أو مقتولا؛ فيُورِنْتهم بذلك وهم أجِنَةٌ شعورَ اللّهفةٍ 
والحسْرةٍ والبُغض والمَقْتِء ويطْبَعْتَهم على فكرة الخطيئة والرغبة في القتل» فلا 
يكونٌ أبن العار إِلَّا ابنَ هذه الرذائل أيضاً. 

وتَظلٌ الفاسقةٌ مده حملها تسعةً أشهر في إحساس خائف. مترقّبِ» منفردٍ 
)١(‏ ولدته لغية: أي سفاحاً. 


احا 





بنفقسه) منعزلٍ عن الإنسانية. و رم متسترء منافق؟ فلو كان السَفِيحٌ من 
أبوين كريمين لجاء تُعباناً آدميَا فيه سُمّهُ من هذا الإحساس العنيف . ومتى ألقَّتِ 
الفابئقة دا ج03 قطعيه لِتَوو''' من روابطٍ أهلِه وزمَنِهِ وتاريخه ورمّث به ليموت؛ 
فإِنْ هلك فقد هلك؛. وإن عاش لمثلٍ هذه الحياةٍ فو وب اله قي ولا 
ومهما يَتَوَلَهُ آلناسٌ. وآلمُحسِنونء فلا يزالَ أولَُهُ يعودُ على آخره؛ مِمّا في دَمِهِ 
وطِباعِهِ ألموروثة؛ ولا يبرح جريمة ممتدَّةً متطاولة» اليفك قن تبهارزان 
وزانية» وفيها خطيئة ولعنة . 

فهؤلاء ‏ كما رأيْتَ ‏ أولادُ آلجُرأةٍ على الله. وألتعدّي على الناس» 
والاستخفافٍ بالشرائع » والاستهزاءٍ بالفضائل ؛ وهم البغض ألخارجٌ مِنَ خا 
وألوقاحةٌ آلآنيةُ مِنَ الخججل» والاستهتارٌ المنبِيِتٌ مِنّ الندامة؛؟ وكلٌ منهم مسألةُ شر 
تطلبُ حلَّها أو تعقيدّها مِنَ الدنياء وفيهم دماءً فرّارةٌ تجمعٌ سمومّها شيئاً فشيئاً كلّما 
كبروا سنة فسنة . 

قال أبو هاشم: ألا لَعنهُ آللَّهِ على ذلك الرجل آلفاسيٍ آلذي أَغْمَرٌ المرأة 
فأستزلّها وهوّرَها في هذه المَهُواة”؟ أكانَ حنُ الشهوةٍ عليه أعظمَ من حقٌّ هذا 
الآدمِي. أمَا كانَ ينبغي أنْ يكونّ هذا الآجِرُ هو الأول في الاعتبار؛ فيعلمَ أنَّ هذا 
اللقيط المسكينَ هر سبِيلَ إلى صاحبته» وهو ألبلاغٌ إلى ما يُحاولَّهُ منها؛ فيكون 
كأئّما دخلَ بِينَ الاثنين ثالتٌ يراهما. . . فلعلّهما يستّحيان. 

قال الكراق مريت لَعنةٌ أللَّهِ على ذلك الرجلء ولَعَنَاتُ الله كلّهاء 
ولَّعناتٌ الملائكةٍ وألناس أجمعينَ على تلك ألمرأةٍ التي أنقادّث لَهُ وأغترّتْ به. إِنَ 
ألرجلّ ليس شيئاً في هذه الجريمة» فقد كانت بَصقَةٌ واحدةٌ تُغرفه؛ وكانت صفعة 
واحدة تَهِرْمُهء وكانَ مم المرأةٍ الحكومةٌ والشرائعٌ والفضائل» ومعها جهنم أيضاً. 

ألم تعلم الحمقاء أنَّ الرجلّ الذي ليس زوجاً لها ليسَ رجلاً معهاء وأنَ 
الشريعة لو أيقّنث أَنّهُ رجل لَمَا حَرّمَتٌ عليها أن تُخَالِطَة؟ إِنَّه ليس الرجلّ هو الذي 
ساوَر”*؟ هذه أالمرأة» بل مادةٌ ألحياةٍ التي رأث في ألمرأة مُستودّعهاء فتُرِيدُ أنْ 
)١(‏ أي وضعت وولدت. 
(؟) لتوه: حالا. 
(5) هوّرها في هذه المهراة: دفع إلى الحضيض والرذيلة . 
(4) ساور المرأة: راودها وأوقعها بحبائله . 


4 


تقتجمّ إلى مَقَرْها عُنْوَة'' أو خداعاً أو رضّى أو كما يتَّمْق؛ إِذْ كانَ قانونُ هذه المادةٍ 
أذ شي وه ولا شيء إِلّا أنْ تُوجَد؛ٍ فلا تعرفٌ خيراً ولا شراء ولا فضيلةً ولا رذيلة . 

لأيّهما يجبُ التحصين: أللصاعقةٍ المنقضّة, أمْ للمكانٍ الذي يُحْشَى أنْ 
تنقضٌ عليه؟ لقد أجابَتٍ الشريعةٌ الإسلامية: خَصّنوا ألمكان. ولكنّ المدنيّة 
أجابت: حصنوا الصاعقة . . . ! 

كن فنا 

وكانّتِ ألمرأتانٍ ألمصاحبتانٍ لجماعة اللّقطاءِ تتناجيان» فقالَتِ الكبرى منهما: 
يا حَسْرَنًا على هؤلاء الصغارٍ المساكين! إِنَّ حياةً آلأطفالٍ فيما فوقٌ مادةٍ الحياة» أي 
في سرورهم وأفراجهم؛ وحياةٌ هؤلاء البائسينَ.فيما هو دون مادةٍ الحياة» أي في 
وجودهم فقط. 

وكِبَرُ الأطفال يكونُ منهُ إدخالُهم في نظام الدنياء وكبَّدُ هؤلاء إخرابهم مِن 
«الملجأ» وهو كل النظام في دُنياهم, انفده إلا التشريدٌ والفقْرُ وأبتداءٌ القِصَدَ 
المحزنة . 

فقالتِ الصغّرى: وَلِمَ لا يفرحونّ كأولادٍ الناس» أليّستٍ الطبيعةٌ لهم جميعاً. 
وهل تجمعٌ الشمسُ أشعتّها عن هؤلاء لِتُضاعِفْها لأولئك؟ 

قالّتِ الأخرى: الطبيعة؟ : تقولينَ الطبيعة؟ إِنّكِ يا أبنتي عذراءً لم تبدأ في حياتّك 
حياةٌ بعدء ولم تجاوبي بقلبك القلبّ الصغيرَ الذي كانَ تحتٌ قلبكِ تسعة أشهر؛ وإنّما 
أنتٍ مع هؤلاءِ (موظفة) لا تعرفينَ منهم إِلّا جانبّ النظام وقانونَ آلملجأ. 

لقذ ولَدْتُ با أبنتي خمسة أطفال» وبالعين البليغة التي أنظرُ بها إليهم أنظرٌُ 
إلى هؤلاء؛ فما أراهم إلا منقّطعينَ من صِلةٍ القلب الإنسانيّ: يعبّسٌ لهم حتى 
الجوّء ويِظلِمُ عليهم حتى النور؛ ويبدو الطفل منهم على صِمْرِهِ كأنّهُ يحملُ الغمّْ 
المقبل عليه طول عمره. 

با لَهْفي على عُودٍ أخضرّ ناعم رَيّانَ كان للثَمَرٍ فقيل لّه: كُنْ إلحطب! 

الفرحٌ يا أبنتي هو شعورٌ ألحي بِأنّهُ حي كما يهرى» ورؤيئهُ نفسَهُ على ما يشاءً في 
ألحياةٍ الخاصة به . وهؤلاء أللقطاءُ في حياةٍ عامَّةِ قد نُزِعَتْ منها آلأمُ وآلأبُ وآلدارٌ؛ 


)١(‏ عنوة: غصباً 


يلض 


فليسٌ لهم ماض كالأطفال» وكأنّهم يبدءون من أنفيهم لا من الآباءِ والأمهات . 

قالْتِ الصغيرة: ولكنهم أطفال. 

قالث تلك : نعم يا أبتني هم أطفال. غ غير نهم طردوا من حقوقٍ الطفولةٍ كما 
طُرِدوا من حقوقٍ الأهل. وحسبّك بشقاء الطفل الذي لم يَعرفْ من حَنانٍ أنه إِلّا 
أنّها لم تقتله. ولا من شفّقتِها إلا أنه طرَحَْهُ في الطريق. 

إنَّ الطبيعة كلها عاجزةٌ أنْ تُعطِيَ أحدّهم مكانا كالمرضع الذي كان يتبِوَّؤُه بِينَ 
ه وأبيه . 
ليس الأطفال يا أبنني إلا صُوْراً مُبهِمَةٌ ضغيرةً من كل جمالٍ العالم» تُفْسْرُها 

عن ذويهم بكلّ التفاسير القلبية الجميلة؛ فأينَ أينَ العيونٌ التي فيها تفسيرٌُ هذه 
الصُور اللقيطة؟ 

ألا لَعنةٌ الله والملائكة والناس أجمعينَ على أولئك الرجالٍ الأنذالٍ الطعَام 0 
الذوة الكو المناف جولةه المدردين ١‏ برعمرة لأنفسِهمٌ الرجولة» ولامي 
رجولتُهم بينَ أيديناء هذه هي شهامتُهم ؛ هذه هي عقولُهم» هذه هي آدابُهم . 

عجبأًء إِنَّ سيّئاتِ أللصرص والقتلةٍ كلها يُنْسَى ويتلاشى» ولكنٌّ سيئاتٍ 
العُثاقٍ والمحبِينَ تعيش وتكبر. . 

أكانَ ذنبُ المرأةٍ أنَّها صادقةٌ فصدَّقَتْء وأنّها مُخْلِصةٌ فأخلّصَتْء وأنّها رقيقة 
فلانتتء وأنها مُحسنةٌ قَدْجِمَتْ؛ وأنّْها سليمةٌ القلب فأنخدعَثْ؟ 

وَاكبّدي للمسكيئة! هل أنخدعَتْ إلا من ناحية الأمومةٍ التي خَلِقَتْ لها؟ هل 
أنخدعَث إِلَا الأم التي فيها؟ وهل حَدَّعَها من ذلك اللنيم ! ِل ألأبُ الذي فيه؟ 

وَاكبَّدِي لِمَنِ تفْجَمْ بالنكبةٍ الواحدةٍ ثلاث فجائعٌ : في كرامتها التي أَبِتْذِلْتْء 
وفي الحبيب الذي تبأ منهاء وفي طِفَلِها الذي قطَعَنْهُ بِيدِها من قلبها وتركَثه لِما 

إِنَّ هذا لا يُعَرْضُهُ في الطبيعة إِلّا أن يكونَ لكل رجل من أولعكٌ الأنذالٍ ثلاثُ 
أرواح» فَيُقَتَلَ ثلاث مرات : واحدةٌ بالشنق» والثانيةَ بالحرق؛ والثالثة بِالوّجُم بالحجارة . 


د ع نت 


0 
1 
امه 


وكانَ أللقطاءً قد تَبَعْئروا'' على الساحل جَجماعاتٍ رَشْنََّىء فوقف أحدُهم 
على طفل صغيرٍ يلعبٌ بما بِينَ يديه» وأمّه على كَنَبٍ منهء وهي تتلهّى بالمخرّم 
تتلوّى فيه أصابعها . 

فنظرٌ الطفلٌ إلى اللّقِيطِ وأوماً إلى جماعته ثم قال له: أأنتم جميعاً أولادُ 
هاتين المرأتينٍ أم إحداهما؟ 

قال اللقيط . هما المراقِبَتان؛ وأنتَ أفلِيسَتٌ هذه التي معك مُراقِبة؟ 

قال الطفل: ما معنى مُراقبة؟ هذه ماما! 

قال الآخر: فما معنى ماما؟ هذه مراقبة. 

قال الطفل: وكلكم أهلُ دار واحدة؟ 

قال: نحن في ألملجأء ومتى كبرنا أخذونا إلى دُورنا . 

فقال الطفل: وهل تبكي في الملجأ إذا أرذتَ شيئاً ليُعطوك؛ ثم تغضّبُ إذا 
أعطَوْك ليتزيدوك؟ وهل يُسكِنُونك بالقِرش والحلْوّى؟ والقُبلة على هذا الخد وعلى 
هذا الخدٌ؟ إِنْ كان هذا فأنا أذهبٌُ معكم إلى الملجأ؛ فإن أبي قد ضريّني آليومء 
وقد أمرَ (ماما) أنْ لا تعطيّني شيئاً إذا بكيْت» ولا تزيدني إذا غضِبْت» ولا 

وهنا صاحَتٍ المراقبةٌ الصغيرة: تعالٌ يا رَقْم عشرة.. فلَوّى اللقيطٌ 
المسكينُ وجهّهء وأَنْصَاعَ وأدبر. 

ارمشي الأطفال بكرو حك يقر اق قراءنها انبا سكسا مدا 
معترفةٌ أنْ لا حقٌّ لها في شيء من هذا العالّم إِلّا هذا الإحسانّ البِحْس القليل». 


)١(‏ تعثروا: تفرّقوا. 


لمق 


الله أكبر 


جِلسْتٌ وقد مضى هَزِيعٌ منّ لم47 اعت لاهن تف كاه قوسد أدينىا 
عن و ماك .. وخحبيث داعر» وفتاة كما أحبَّتُ. . . عذراء مُتَماجِنَة؛ 
كلاهما قد دَرْسَ وتخرّجٌ في ثلاثة مُعاهد: المدرسةء والروايات الغراميةء 
والسيّما : وهو مضري مسلمء وهي مصرية مسيحيّة . وللفتى هَنَاتُ''' وسيئاتٌ 
لا يتنرّهُ ولا يتورّع”"؛ وهو مِن شبابه كالماء يغلي» ٠‏ ومن أنَاقتِِ بحيثُ لم يَبْقَ إلا 
أنْ تَلْحقَهُ تاءُ التأنيث. . . وقد تشعَّبّث به فنونُ هذه المدنِيّة» فرقم أللَّهُ يَدَه عن 
قلبه لا يُبالي في أي أؤديّتها هَلك؛ وهو طِلْبُ نساءء دأبَه7* التََجْوالَ في 
بتي راس و وقد ارق ارق ستو او علدت لكات هذا 
ضَرْبٌ عجيبٌ من عَرَباتٍ الكثس . 

وللفتاةُ تبرج وتهنّك» يَعْبّتُ بها العبّثُ نفسُهء وقد أحرجَنْها فنونُ هذا الثأنثِ 
الأوروبيٌ القائم على فلفة الغريزة» وما يُسمُونَهُ «الأدبُ المكشوف» كما يُصوَّرَهُ 
أولئك الكُتَّابُ الذين تَقَلوا إلى الإنسانية فلسفة الشهواتٍ الحرَةٍ عن البهائم الحرة. 
فهي نَبْرْرُ حينَ تحرج من بيتهاء لا إلى الطريق» ولكنْ إلى نظراتٍ الرجال؛ وتَظهِرٌ 
حينَ تظهر مُصوَرةٌ لا بتَلُوِينِ نفسها مِمّا يجورُ وما لا يجوزء ولكن بتلوينٍ مِرآتها 


مِمَا يعجبٌ وما لا يعجب. 


رَكلا أَنْنيِهما لا يُقِيمُ وزناً للدين» والمسلمٌ والمسيحيُ منهما هوّ الاسم 
وحذه؛ إِذْ كان مِن وَضْع الوالدين (رحمّهما ألله!)؛ والدَينُ حرْيةٌ القَيدٍ لا حرّيةٌ 


أ 


الحرية؛ فأنت بعد أنْ تُقِيّدَ رذائلّك وضَرَاوَتكَ وشرَّك وحيوانيّتك ‏ أنت مِن بعدٍ هذا 
مستقيمٌ على طريقتِها؛ ولكنْ هَبْ جمارا تَفَلْسَفَ وأرادً أنْ يكونَ حُرَاً بعقَلِهِ 


)١(‏ هنات: سقطات وأخطاء. (4) دأبه: عادته. 


8 


الحماريّ ؛ أي تقرير المذهب الفلسفئ الحماريٌ فى الأدب. . . فهذا إِنّما يبتغى 
إطلاق حريته» أي تسليط جَمَارييهِ الكاملة على كل ما ستصلٌ به مِنَ الوجوه. - 

ونَمْضِي قِصّتىي في أساليبَ مختلفة تَمْتَحِنُ بها فنونُ هذه الفتاة وشهوّاتُ هذا 
الفتى» فلا يزالٌ يَمشي من حيتٌ لا يَصِلء ولا تزال تمنعْهُ من حيتُ لا تردٌُه؛ وما 
ذلك من فضيلة ولا أمتناع: ولكنّها غريزةٌ الأنوئةٍ في الاستمتاع بسُلطانهاء وإثباتها 
للرجل أن المرأة هي قَرَهُ الانتظار؛ وقوَّةٌ ألصبر؛ وأنَّ هذه التي تحمل جنيئها تسعة 
أشهر في جوفهاء تُمسِكُ رغبتها في نفيها مذةٌ حَمْلٍ فَكْرِي إذا هي أرادتٍ ألحياة 
لرغبتهاء ليكونَ لوقوعها وتَحمّقها مثلُ آلميلادٍ المفرح . 

ولكنّ ألميلاة في يِصّتي لا يكونُ لرذيلةٍ هذه الفتاةء بل لفضيلتها؛ فإنَّ ألمرأة 
فن.رأبي.- :ولو كال حيائها محدودةً من جهاتِها الأربع بكبائر الإثم والفاحشة - لا 
يزالٌ فيها من وراء هذه الحدودٍ كُلّها قلبٌ طبِيعنُهُ آلأمومة» أي الاتصالٌ بمصدر 
لْخَلْقَء أي كل فضائل العقيدةٍ وألدين؛ وما هو إِلّا أن يتنبة هذا القلبُ نفقادت 
فصل بها فيبلغإمنهء حتى تتحْرّل المراء تحؤل الأرض من.فضلها السفشعز 
المجدب» إلى فصلها أَلنْضرٍ الأخضر. 

ففي قِصتي تُذْعنُ الفتاةٌ ِصاحبها في يوم قد أعتّرئها!'' فيه مخافةٌ» ونزكَ بها 
همٌ. وكادثها الحياةٌ مِن كَيدِها؛ فكانّث ضعيفةً النفس بَما طَرَأْ عليها من هذه 
الحالة . وتخلو بالفتى وفكرُها منصرفٌ إلى مَصدرٍ الغْئِب» مؤمُل في رحمة القدّر؛ 
زَيخْلئهاا"؟ الغا خلابة زغرتيه وحثد ولسائية فيعطيها الالفاط كلينا قارغة من 
المعاني» ويقرُ بالزواج وهو مُنطو على الطّلاقٍ بعد ساعة؛ فإذا أوشكتٍ ألفتاة أنْ 
تُصرّعَ تلك الصّرعة دَوَّى في الجرّ صوتُ المؤدَّنٍ: «الله أكبر!». 

وتُلْسّعٌ الفتاةٌ في قلبهاء وتتّصل بهذا القلب رُوحائَيةٌ الكلمة: فتقعٌ الحياةٌ 
السماويةٌ في الحياةٍ الأرضيّة» وتنتبهُ العذراءً إلى أنَّ اللَّهَ يَنْهَدُ عارّهاء ويَفجَؤُها أنّها 
مُقْدِمةٌ على أن تُفْسِدَ من نفسها ما لا يُضْلِْحُهُ ألمستحيل فضلاً عن الممكن» وترنو 
بعين الفتاةٍ الطاهرةٍ من نفسِها إلى جسم بَغِىْ ليست هي تلك التي هي؛ وتنظرٌ بعين 
الزوجةٍ من صاحبها إلى فاسقٍ ليس هو ذاك الذي هو؛ ويّخكي لها ألمكانُ في قلبها 


)١(‏ اعترتها: حلت بها. 
(0) يخليها: يبهرها. 


المفطور على الأمومة ‏ حكايةً تَعُورُ منها وتشمثرٌ؛ ويَضْرُحُ الطفلٌ المسكينُ صَرْحَتَهُ 
في أذنها قبل أن يُولَدَ ويُلقى في الشارع. . ! 

اللهُ أكبر! صوتٌ رهيبٌ ليس مِنْ لُخةِ صاحبها ولا من صُوْتهِ ولا من جِسّتِه 
كأنّما تُفْرِعْ ألسماءُ فيه مِلء سحابةٍ على رِخْس”'' قلبها فتُنقِيه حتى ليس به ذرّةٌ من 
دَنْسِهِ الذي رَكِْبَهُ الساعة. كانَ لصاحيها في حِسسٌ أعصابها ذلك ألصوتٌ الأسود. 
المتطفقء المرم + المتلكلع مقااننه من تؤة فتهوائد» للمؤدن سورت اخر فق 
رُوحها؛ صوتٌ أحمرٌء مشتعل كمعْمَعَة الحريق» مُجَلْجِلُ كآلرعدء واضمٌ كالحقيقة 
فيه قَوَةٌ أله ! 

سمعَث صوت السّلسلة وقَعْفّعتّها تُلوَّى وتشَّدُ عليهاء ثم سمعّثْ صوتٌ 

كانت طهارثُها تختنقٌ فنفُذث إليها النسمّات؛ وطارّت الحمامة حينّ دعاها 
51 


صوتٌ الجرّهء بعد أنْ كائّث أَسَقْثْ0'' حينَ دعاها صوتثٌ الأرض . طَارَتٍ الحمامة» 


لأنّ الطبيعةً أَلتفتَتُ فيها لفتة أخرى . 

ويكرّر المؤذْنُ في ختام أذانه: «الله أكبرُ الله أكبر!» فإذا . 

د نا 

وتَبَلّدَ خاطريء فَوقَفْتُ في بناءٍ القِصّةٍ عند هذا الحدّء ولم أدر كيف يكونٌ 
جوابٌ «إذا. . .؟ فتركتُ فكري يعمل عَمَّلَهُ كما تُلْهِمُهُ الواعية الباطنة» ونِمت. . 

ورأَيْتُ في نومي أنّي أدخَل المسجد لِضَلاةٍ العيدٍ وهو يَعُجُ”" بتكبير 
المصّلين : «الله أكيرُ الله أكبر!» ولهم هَديرٌ كهدير البحر في تلاطمه. وأرى المسجدَ 
قد عَصٌ بالناس فأنّصلوا وتلاححموا؛ تجدٌ آلصفٌ منهم على أستوائه كما تجدُ آلسطر 
في الكتاب : ممدوداً محتّبكاً ينتظمُّهُ وضع واحدء وأراهم تتابعوا صما وراءة صفْء. 
ونَسَقاً على نَسَقء فألمسجدٌ بهم كَالسُئبِلَةِ مُلِعَتْ حبّأ ما بِينَ أوْلها وآخرها؛ كل حبةٍ 
هي في لِفّ من أهلها وشملهاء فليس فيهِنٌ على الكثرة حَبّةٌ واحدة تُميّرُها آلسنبلةٌ 
فَضْل تمييزء لا في الأعلى ولا في الأسفل . 

وأقفٌ متحيّراً مُتَلدّداً أَلْتَيْتُ ههنا وههناء لا أدري كيف أخلْصٌ إلى موضع 


)2002 رحس : ديس . 
(؟) أسفت: سفلت إلى الحفيض. (5) يعج: يمتلىء . 


دلق 


أجلسٌ فيه؛ ثم أمضى أتخطَّى الرّقابَ أطمع في فُرْجَةٍ أقتحمُها وما تنفرج» حتى 
أنتهي إلى الصف الأوّل؛ رلك إلى جا لتر يد برضا با موه 
رَجلين؛ وقد تَفْحَ''' منه ريح أليسكِ؛ وهو في ثياب من سُندُّس خضر؛ فلمًا 
حاذْيْتُهُ جمعَ نفِسَهُ وآنكمش. فكأنّما هو يُطوَّى طيَّآ. ورأَيْتُ مكاناً وَسِعَني فخططتُ 
فيه إلى جانبه؛ وأنا أعجبُ للرجل كيف ضاق ولم أضيّق عليه» وأين ذهب نِصِفَهُ 
الضخّم وقد كان بعضَهٌ على بعضِه زيّماً على زِيّم”"' وأمتلاء على أمتلاء . 

وجعلْتُ أخدسٌ عليه ظئى» فوقّع في نفسي أَنَهُ مَلّْ من ملائكة الله قد تمكَلّ 
في ألصورة الآدميّة فآكتتم فيها لأمر من الأمر. 

وفص الناسّ* «اللّه أكيزا الله أكر آل في صرت تقشعة منة جلو الذين 
يخشَّوْنَ ربّهم. غير أن الناسٌ مِمّا ألِفوا الكلمة ومِمًا جَهِلوا من : معناها لا 
يسمعونها إِلّا كما يسمعونَ الكلام؛ أمّا الذي إلى جانبي فكانَ ينتفض لها أنتفاضة 
رجٌّئْي معه رَجَاء إِذْ كنتُ ملتصقاً به مُناكباً له؛ وكأنّ المسجدّ في نَفْضِهِ إيّانا كانَ 
إطاراً يجري بنا في سرعةٍ السحاب» فكلُ ما فيه يرت ويهعز. ورأَيْثُ صاحبي يَذْعَلُ 
عن نفسهء ويتلألاً على وجهه نورٌ لكل تكبيرة» كأنَّ هناك مصباحاً لا يزال ينطفى؛ 
ويشتعل ؛ فَمَطعْتٌ الرأيّ أَنَّهُ مِنَ الملائكة . 

ثم أقِيمَتِ الصلاءُ وكبّر أهلٌ المسجدء وكُنتُ : قرأتُ أن بِعَضُهم صلى خلفَ 
رجل من عظماءٍ النفوس الذين يعرفون أَللّهَ حقٍّ معرفته؛ قال: 00 
«الله . .» ثم بهت" وبقي كأنه جَسَدْ ليس به رُوح من إجلاله الله تعالى؛ ثم 
«أكبر» يَعْزِمُ بها عَزْمأٌء فظئئتُ أنَّ 5 قلبي قَدٍ أنقطعٌ من هيبةٍ تكبيرو. 

قلت أنا: أمّا الذي إلى جاتبي» فلّما كبرَ مد صونّهُ مداً يدبثقٌ من رُوحِهِ 
ويستطيرء فلو كانَ ألصوتُ نوراً لَمَلاَ ما بينَ الفجرٍ والضُحى . 


وعرفتٌ ‏ والله ‏ من معنى المسجد ما لم أعرف» حتى كأنّى لم أدخله من 
قبل» فكانَ هذا ألجالسٌ إلى جانبي كضوء المبصباح في المصباح؛ فأنكشف لي 


(؟) زيماً على زيم : تعني كتلاً على كتل» والزيم هر المتفرق من اللحم. 


(*) بهت : دهش . 


وق 





المسجد في نوره الرُوحيّ عن معانٍ أدخلئني مِنَ الدنيا في ذُنْيا على جِدّة. فما 
الجمكة ذاه ولا مكانا كتبرو ين التناء والنتكان »يل عو تميس للمال الذق تجرخ 
من خَوْلِهِ ويضطرب»؛ فإِنّ في الحياةٍ أسباب الزيٍ يغ”"' والباطل والمنافسّةٍ والعداوة 
والكَيْدٍ ونحوهاء وهذه كلّها يمحوها المسجدُ إِذْ يجممٌ الناسّ مراراً في كلّ يوم 
علق تلادة الصضدرة.ريراء: القلي :.ورودافة القينة وله تكله إتبيانية الأببيان 
الاطلاهرة مناه قنيك0© علن عدوه كيان أعلاة وانشله شعاة الطب الدين 
5 كأئما يَفْسلُ الإنسانُ آثارَ الدنيا عن أعضائًه قبل بكرك ل : 

ثم يستوي الجميمٌ في هذا المسجدٍ أستواءً واحداًء ويقفونَ موقفاً واحداء 
ويخشعونَ خشوعاً واحداً» ويكونونَ جميعاً في نفسيّة واحدة؛ وليسّ هذا وحدّهء بل 
يَجْرُونَ إلى الأرض”" جميعاً ساجدينَ لله ؛ فليسٌ لرأس على رأس أرتفاع , ولا لوجه 
على وجهٍ تمييز؛ ومن نَمْ فليسٌ لذاتٍ على ذاتٍ سلطان. وهل تُحقّقُ الإنسانيّة 
وَحْدّتها في الناس بأبدع من هذا؟ ولعمري أين يجدٌ العالَمُ صوابَهُ إلا ههنا؟ 

فالمسجدٌ هو في حقيقته موضمٌ مم الفكرة الواحدة الطامرة المصحّحة لكل ما 
يَرِيِعُ به ألاجتماع. هو فكرٌ واحدٌ لِكلٌ الرؤرس؛ ومن نَم فهو حَلٌ واحدٌ لكل 
المشاكل» وكما يشَقُ النهرٌ فتقفٌ الأرض عند شاطئيه لا تتقدّم» يُقَامُ المسجدُ فتقِفْ 
الأرض بمعانيها التَرابِيَة خْلّفَ جُدرانه لا تَدْخْله . 

كن 

وما حَرَكةٌ في ألصلاة إِلّا أوَلّها «اللّهُ أكبرً؛ وآخرُها «اللّهُ أكبرً؛؛ ففي ركعتين 
ِن كلّ صلاة إحدى عشرة تكبيرة يَجْهَرُ المصلُونَ بها بلسانٍ واحد؛ وكأئي لم أفطنْ 
لهذا من قبل» فأيٌ زمام سياسيّ للجماهير وروحانيّتها أَشَْدُ وأوثقُ من زمام هذه 
الكلمة التي هي أكبرٌ ما في الكلام الإنساني؟ 

د 

لما قْضيّتِ الصلاة مِلَمْتُ على ألملَكِ وسَلّمِ عل» ورا مقيلاً محتفياء 
وزلكي أبرانقي فيه وجالت فى :راي السوائلة فيدقرت: الفمنة الم اريك ال 
أكتبّها 1 وأن رد يكررٌ في خاتمة أذائه : «الله أكبرٌ الله أكبر» فإذا. ْ 


)ع2 الزيغ : الخروج عن جادة الصواب. 
(؟) مسبغة: اساترة. (*) يخرّون إلى الأرض: يقعون. 


55 


وقلْتُ: لأسْألَئُه: وما أعظّعَ أن يكونٌ في مقالتي أسطرٌ يُلْهِمُها مَلَكُ مِنْ 
الملائكة! ولم أكذ أرفمٌ وجهي إليه حتى قال: 
«... فإذا لَظْمِتَانٍ على وجهٍ الشيطانء فَوَلَى مُذْبراًا'' ولم يُعَقُبْ!"؛ 
ورَّضعَتٍ ألكلمةٌ الآلهيهُ معناها في موضعِه من قلب ألفتاة؛ فَلأياً بلأيّ ما نَجَت. 
إن الدينَ في نفس آلمرأة شعورٌ رقيقء ولكنّهُ هو أَلمُولادُ السميك ألمُّلْبُ 
ألذي تُصِفّْحُ به أخلاها المدافعة . 
اللَّهُ أكبد! أتدري ماذا تقول الملائكةٌ إذا سمعتٍ التكبير؟ إِنّها تُنُشَدُهذا النشيد: 
6 عد ش 
بيْنَ الوقتٍ والوقتٍ منّ اليوم دق اف الإسلام بهذا الونين : اللَّهُ أكبرُ النّهُ 
أكبر » اتات و جوف لعل ارم نهل 
تر دن 
اللهُ أكبر! بَيْنَ ساعاتٍ وساعات مِنّ اليوم تُرْسِلٌ الحياةٌ في هذه الكلمة نداءها 
نهيِفُ: بها المؤمن! إِنْ كُنْتَ أصَبْتَ في الساعاتٍ التي مَضَتْء فأجتهذ للساعاتٍ 
التي تتلو؛ وإِنْ كُنْتَ أخطأتَ» فكَفْرْ وَأَمحُ عاق اا الزمنٌُ يمحو الزمن». 
والعملّ يُغَيّر العمل ودقيقة باقيةٌ في العمر هي أملّ كبيرٌ في رحمة الله 
ين ين 
بِينَ ساعاتٍ وساعاتء يتناولٌ المؤمنٌ ميزانَ نفسِهِ حينَ يسمع: اللّهُ أكبنُ 
ليعرفٌ ألصّحَةَ والمرض من نِيتِه؛ كما يَضْع ألطبيبُ لمريضِه بينَ ساعاتٍ وساعاتٍ 
مِيزانَ الحرارة. 
نت 
اليوم الواحدُ في طبيعة هذه الأرض عُمْرٌ طويلٌ للشرّء تكادٌ كل دقيقةٍ بِشَرْها 
تكونُ يوماً مختوماً بِلَيْلِ أسود؛ فيجبٌُ أن تَقِسِمٌ الإنسانيه يوقها بدح ككانق الدقا 
الخفس» لِأنّ يوم الأرض صورةٌ مِنَ الأرض ؛ وعلكل كل كسد 0 
والظهر؛ والعصرء والمغرب. والعشاء ‏ تصيحٌ الإنسانيةٌ المؤمنة مُتَبْهةَ نفسَها: الله 
أكبرء اللَّهُ أكبر! 


ند كنا 


)١(‏ ولى مدبراً: فر هرّب. (0) لم يعقب: لم يلتفت. 


م 


بِينَ ساعاتٍ وساعات مِنّ اليوم يَعْرِض كل مؤمن حسابّه فيقوم بِينَ يَدَي أله 
ويرفعٌهُ إليه. وكيف يكونٌ مَنْ لا يزالٌ يننظرُ طول عُمِر فيما بينَ ساعاتِ وساعاتٍ - 
الل أكبر. ..؟ ْ 
ات 
بين الوقْتٍ والوقت مِنَّ النهار والليلٍ نُدَرَي كلمةٌ الروح: اللهُ أكبر. ويُجِيبها 
الناسٌ اللَّهُ أكبر. ليعتادَ الجماهيرُ كيف يُقادُون إلى الخير بسهولة» وكيف يُحَقَّمَرنَ 
في الإنسانية معنى أجتماع أهلٍ البيتِ الواحد؛ فتكونَ الاستجابةٌ إلى كل بداء 
أجتماعي مغروسة في طبيعتهم بغير اسْتكراه. 


عد عد يد 


بك 


النفسٌ أسْمى مِنّ المادّةٍ الدنئية» وأقوى مِنَ الزمن المخرّب» ولا دين لِمَنْ لا 
تشمئرٌ نفسّهُ مِنَ الدناءة بِأنقَةٍ طبيعيّة» وتحمل همومٌ الحياة بقوَةٍ ثابتة. 


لا تضطربوا؛ هذا هو النظام. لا تنحرفوا؛ هذا هو النيْج''2 لا تتراججعرا؛ 
هذا هو النداء. لن يُكبرَ عليكم شيء ما دامّتٌ كلمُتكم: اللَّهُ أكبر. . . ! 


)١(‏ النهج : الطريق. 





في اللهب ولا تحترق 
في ألممكن هذا؟ 


لَعُوبُ حس الدَّلء مُفاكية0'' مُداعِبة: تُحيى ليلّها راقصةً مغنية؛ حتى إذا أعتدلٌ 
اللبل لتمضن: ا عدر اين نات إلى دار زه" فتضيث وكيها"؟ :توشحت 
من زينتيهاء وخلعث رُوحاً ولبّسث روحاًء وقالَثُ: ال اح را الو ل 3 
ذهَبتْ فتوضأث وأفاضَتٍ ألنورٌ عليهاء وقامَتْ بين يدي ربّها تُصلى . 

عد داع ْ 

هي حسناءً فاتنة» لو سَطع نورُ القمر من شيء في الأرض لَسطع من وجهها. 
وما تراها في بوم إلا ظهرّث لَك أحسنّ مِمَّا كانّت» حتى لتظن أنَّ الشمس تَزِيدٌ 
وجهّها في كل نهار شعاعةٌ ساحرة» وأنّ كلّ فجرٍ يتركُ لها في الصبح بريقاً ونَضرةٌ 
من قطراتٍ النّدى . 

وتحسبُ أنَّ لها دما يَطعمْ فيما يطعم أنوار آلكواكب» ويشربُ فيما يشربٌُ 
نسمات الليل. 

وإذا كانّثْ في وَشْيها ونَطارِيفها وأصباغِها وحُلاها نم تجذها أمرأة» ولكنْ 
ججمرةٌ في صورة أمرأة؛ فلها نورٌ وبصيصٌ ولهّبء وفيها طبيعةٌ الإحراق. . إن 
الذي وضّع على كل جمالٍ ساحر في الطبيعة خانم رهبة» وضمٌ على جمالها خانم 
قُرص الشمس . 

فإذا رأيْتها بتلك الرينةٍ في رقصها وتَتتّيهاء قلْتّ: هذه روضة مُفْتَنّةَ أشتهّث أنْ 
تكونٌ أمرأةً فكانت. وهذا الرقص هو فنْ النسيم على أعضائها . 

رن مان نقذك إلى الشعة المعدية يرن هيلك انعات من شيك الزبية اننا 
أو بعض ساعة . 


. مفاكهة: مرحة. خفيفة الظل‎ )١( 
. (؟) انكفأت إلى دارها: عادت . (9) نضت وشيها: أزالته‎ 


ل 


وتنسجمٌ أنغامُ الموسيقى في رشاقتها نَعْمةَ إلى حركة؛ لأنَّ جِسَمَّها الفاتن 
ال لجميلٌ هو نفسّهُ أنغامٌ صامتة د تُسمّع وثّرى في وقتٍ معا. 

وتنسكبٌُ روحُها ألظريفةٌ بِينَ الرقص والموسيقى, لِمُخْرِجَ لك بظَرفِها صراحة 

وهي في رقصها إِنّما تفسرٌ بحركاتٍ أعضائها أشواقٌ ألحياةٍَ وأفراخها 
وأحزائهاء وتزيدٌ في لد الطبيعة لغة جسم المرأة. 

وكأنَ الليلَ والنهارٌ في قلبها؛ فهي تبعتٌُ للقلوب ما شاءث ضُوءاً وظلمة. 

وهى إلى القِصّرء غير أنْكَ إذا تأملتَ جمالها وتمامّهاء حشسْبتها طالّث 
إساعتها . 

وإلى النحافة» غير أَنّكَ تنظرُ فإذا هي رابيةٌ كأنّ بعضّها كان مختبئاً في بعض 

ويُخْيل إليك أحياناً في فنٌّ من فنونٍ رقصها أنَّ جسمّها يتثاء 60 برعشة 
سِنّ الطرب.». فإذا جسمك يهترٌ بجواب هذه الّعشة. لايملك إِلَا أن 
الموسيقي يُصرْفٌ كل أعضاء جسمها. 

ومهما يكن طيش أَلفْنّْ في تأودِها ولَفتِتها ونظرتِها وأبتسامها وضحكها ‏ ففي 
وجهها دائماً علامةٌ وقار عابسةً تقول للناس: أِفْهُموني. 


ولمًا رأيْتُها شَهِدَ قلبي لها بأنْ على وجهها مم نورٍ الجمالٍ نور |! لوضوء؛ وأنّها 
متحرّزةٌ ممتنعةٌ في حِضْنٍ من قلبها ألمؤمن» يبسط الأمنّ والسلامة على ظاهرها؛ 
وأنَّ لها عيناً عذراة لا تُحَاوَلَ التعبير» لا سؤالاً ولا جواباً ولا أعتراضاً بيتهما؛ وأنَّ 
قرة جمالها تستظهرٌ بقرةٍ نفسهاء فيكونُ ما في جمالها الخواطرء ويُرغْمْ الإعجابَ 
أنْ يكونّ دُهولاً وحيرة» ويُكرهُ ألحُبٌ أنْ يرجع مَهابِةَ وأحتشاماً. 

والرواية كلّها في باطيها تظهرٌ على ضوءٍ من مصباح قلبهاء وما وجهّها إلا 
ألشاشةٌ آلبيضاءً لهذه «السيماه؛ وهل يكونُ على الوجه إلا أخْيلُةُ القلب أو الفكر؟ 


وعندي أنَّ آلمرأةَ إذا كانَ لها رأيّ دينيّ ترجمٌ إليه: وكانَ أمرُها مجتيعاً في 


)١(‏ يتثاءب : يتمطلى دلالة على الحيوية والنشاط. 


اتنا 


هذا الرأي» وكانث أخلاقها محشودة''' له متَحفّلة”" به فتلك هي الياقوتةٌ التي 
اشياض اقبي لاسو و وتو لع كن بسر على اولن شيات بام ركز 
لها في طبيعة تركيبها الياقوتيّ ما تهزمٌ به طبيعة التركيب الناريّ 

وليسٌ مِن أمرأة إلا وقد خلىّ أللّهُ لها طبيعة ياقوتيّة: هي فطرثها الدينية 
التي فيها: إِنْ بقيّث لها هذه بقيث معها تلك؛ ولكتها حينَ تنخلعٌ من هذه 
الفطرة تَخذلُها(" ألفطرةٌ والطبيعةٌ معاً؛ فيجعل اللَّهُ عِقابَها في عملهاء ويكلها 
إلى نفسها؛ فإذا هي مقبلةٌ على أغلاطها ومَسازْتِها بطُرْقٍ عقليّةِ إنْ كائث عالمة» 
ونطوق قيس !"إن كاك جاهلة. بوعا ند أن مستي ابطباع [كا واسلاء برك 
فيها قوةٌ الاستحالة إلى الفساد؛ ويرجمٌ ضميرها الخالي محاولاً أن يمتلىة من 
ظاهرهاء بعد أنْ كانَ ظاهرها هو يمتليءُ من ضميرهاء وتُصبِحٌ ألمرأةٌ بعد ذلك 
في حكم أسباب حياتهاء مصرّفة بهذه الأسباب» خاضعة لِمّا يُصرفُها؛ ويُذهبُ 
الذوق وتزل فى تكابد الشيظان بأ يرول الامعتراك وجل ف مدل الاشطراتء 
وتنطفِىء الأشعةٌ التي كائّث تُذيبُْ العُيومٌ وتمنعها أنْ تتراكم. فإذا ألغيومٌ ملتفٌ 
بعضّها على بعض ؛ وتُحْذَّلَ القوةٌ الساميةٌ التي كانّث تنصرٌ ألمرأة على ضعفيها 
فتنصرها بذلك على أقوى الرجال؛ فإذا المرأةٌ من الضعفي إلى تَهَافْتء تغلبّها 
الكلمةٌ الرقيقةٌ» وتغترها الحيلة 0" وتوافق اتخدذاغها كل وغبة مرشةء 
ويستذلها طممها قبل أن يستذلّها ألطامع فيها؛ ولتكن بعد ذلك مَنْ هي كاثنة 
أصلاً وحَسّباً وتهذيباً وعقمّلاً وأدباً وعِلْماً وفلسفة» فلو أنَّها أمرأةٌ مِنَ «الأسمنت 
المسلّح» لتفنّث بالطبيعة التي في داجِلهاء ما دَامتِ الطبيعةٌ متوجهة ة إلى الهذم 
بعدَ أنْ فقدّث ما كان يُمسِكها أنْ تَهِدِمٌ وأنْ تنهدم . 

لقذ رق الدينٌ فى نساثنا ورجالِنا . فهل كائث علامةٌ ذلك إِلَا أن كلمة: 
«#حرامء وحلال» قد تَحَولَتْ عند أكثرهم وأكثرهِنّ إلى «لاتق: وغير لائق» ثم نرلتُ 
عند كثيرٍ من الشبانٍ والفتياتٍ إلى «مُعاقَبٍ عليه قانوناً» ومُباح''' قانوناً. . ٠.‏ ثم 
أنحطث آخراً عند السوادٍ والدّهماء إلى «ممكن» وغيرٍ ممكن . 


)١(‏ محشردة: جاهزة. (5) تخذل: تترك بلا مساعدة. 
(؟) متحفلة به: مرحبة به. (0) الواهة: المتهالكة الضعيفة . 
(”) طرق مفضوحة: مكشوقة. (5) مباح: مسموح. 


كن 


قالّتِ آلياقوتة» أعني الراقصة : 

أخَذني أبي من عهد الطفولة بالصلاة؛ وأئبَتَ في نفسي أن الصلاةً لا 
نَصِحٌ بالأعضاء إِنْ لم يكن الفكرُ نفْسّْهُ طاهراً يُصلي لِلّهِ مع الجسم. فإِنْ كانتٍِ 
الصلاة بالج وحذة لم يركو المر شن 'ذرخ الصلاة إلا بعدا: وقَنّ هذا في 
نفسي وأعتدته إذ كنت أتعبّدُ على مذهب الإمام الشافعيّ (رضي لَلَّهُ عنه», 
اصح الفكرة ٠‏ وأستحضٌ النيّ في قلبي؛ وأنحصرٌ بكليْ في هذا الجزءٍ الطاهرٍ 
قبل أنْ أقولَ: «اللّهُ أكبر»؛ وبذلك أصبحَ فكري قادراً على أنْ يحْلّمَ الدنيا متى 
غناةتويليتتها ماران يحرج عياف ره إلبهاء رتشات نه القوة التصكمة الى 
تجِعلْهُ قادراً على أنْ ينصرف بي عمًا يُفَسِدٌ رُوحَ الصلاةٍ في نفسي» وهي سر 
الدين وعماده . 

ويا لها حكمة أنْ فرض اللَّهُ علينا هذه الصلوات بينَ ساعات وساعات؛ لتبقّى 
الروحٌ أبداً إِنَا منَصِلةَ أو مهيّأةً لتنٌصل. ولنْ يَعجرٌ أضعفٌ الناس مع روح الدين أنْ 
يملِك نفسَهُ بضعٌ ساعات» متى هو أقرٌ اليقينَ في نفيه أَنّهَ متوجّة بعدّها إلى ربّهء 
فخاف أنْ يقف بين يديه مُخْطئاً أو آثماً؛ ثم هو إذا ملك نفْسَّهُ إلى هذه الفريضة ذكرٌ 
أن بعدّها الفريضة الأخرى. وأنّها بضمْ ساعاتٍ كذلك» فلا يزالٌ من عزيمة النفس 
وطهارتها في عُمرٍ على صيغةٍ واحدة لا يتبدَّلٌ ولا يتغيّره كأنهُ بجملته - مهما طال - 
عمل بضع ساعات . 

قالَتِ ألياقوتة: ورأيّتُ أبي يُصليء وكذلك رأْيْتُ أمّيء فلا تكادُ ثُلِمْ بي فكرةٌ 
آثمةٌ إلا آنتصبا أمامي. فأكّرُ أنْ أَستَلئِمَ إليهما فأكونَ الفاسدةً وهما الصالحان» 
واللثيمة وهما الكريمانٍ؛ فدمي نفْسُّهُ ‏ ببركةٍ الدين - يحرسُني كما ترى . 

قلْتٌ: فهذا الرقص...؟ 

قالَتُ: تعمء إِنّهُ قُضيَ علي أنْ أكونَ راقصةء وأنْ ألتمس العيش من 
طرق وألَينِها وأبعدها عن الفساد. وَإن كان الفياة ملاعوهاء أريدة ا أو 
الخدمة في بيتء أو العمل في السوق. وأنا مُطيقةً لحريتي في الأولى» ولكئي لن 
أملكها في الأخيرتين ما دام عَليّ هذا الميس''' مِنَ ألحسن؛ وكم من أمرأةٍ متحجية 


2 2650 9 اه 0 2-6 5 5 : 
وهي عارية الروحء وكم من سافرة وروخها متحجبة؛ إن كنت لا تعلمٌ هذا 


)١(‏ اليم: الطابع. (؟) سمافرة: كاشفة عن رأسها. 


"٠ 


تأعلف ولينن السوال ما سالت» بل يحت أن يكرة توفتة مكداء هل ها ترىئ هر 
في ثيابي فقط. أو هو في ثيابي ونفسي؟ 
ها أنتٌ ذا تُعْلْغْلُ نظرتَكَ في عينيّ إلى المعاني البعيدة» فهل ترى عينئ راقصة؟ 


قلْتٌّ: لا وَاللّه ما أرى عيئَيْ راقصة» ولكنْ عيني مُجَاهِدٍ يهزمٌ كل يوم 
شيطانا أد كياطين. 


ني 00 وأغني : ولكن أتدري ما الذي يُحرزُني من العاقبة ويحميني من 
وا هذا امهو ]! عد اح ال ام ا 0 
ومن هذا ل أجل بقلريوم ولا بشهزاتهم. وما أنا بينهم إلا كالتي توقى خيلذ فنا 
على ملا منَّ الآساتذةٍ الممتحتّين ين» والنطَّارءٌ يحكمون لها أو عليها؛ فهي في فكرةٍ 
الامتحان» وهم لأنفسهم فيما شاءوا. . 

ولنتُ أَنكِرٌ أن أكثرهم» بل جميعّهم؛ يُخطئءٌ في طريقةٍ تناوله السيّالَ 
الكهربائى المنبعتٌ من نفسي ١‏ ولكن لا عَلَىّ نهذا الجبال نقئة يتقث مله هذ 
الزهر» ومن القمر والكواكب, ومن كلّ أمرأةٍ جميلة تمغي في الطريق» ومن كل 
جميل في الطبيعة» وحتى مِنّ الأمكنةٍ والبقاع إذا كان لإنسانٍ فيها ذكرياتٌ قديمةء 
الناس وَدَفْعِهم معأ وذ خلقت المراء سن أذ يغليها افلم حلي كر يا بلقت ملكت 
من أنْ يغلبّها الرجل عن فضيلتها. وفي النساء.حواس مغناطيسية كشِفَةُ منهة 
خْلقَتْ فيهنّ كالوقاية الطبيعية» لِتَسَلَمَ بها آلمرأهُ من أن تُحْطِرَ عِفتَها لغرض» أو 
0 بنفسها لإنسان» فَإنّك 5 تكلم المرأة» ورين لها ما تُزيّن» وهي شاعرةٌ بما 
لي يك كاج لزن نا اذا برتتر تسترضيها: وكأنه في وعاء مِنّ 
لجع الريي عباتي صب علي كنك اكات ولمع : لا في قلب من لحم ودم 
تُحْفِيهِ بينَ جنبيك فبُطوى ويكتّم . 000 

وليس يُبَطِلُ هداية هذه الحاسة في ألمرأة إلا طمعْها الماديُ في المال والمتاع 


. وباء: مرض (؟) غررٌ بتفسه: خاطر معرضاً نفه للهلاك والضياع‎ )١( 


دلق 





والزينة؛ فانّ هذا الطمعٌ هو القوّةُ التي يغلبُ بها الرجلٌ ألمرأة؛ فبنفْسِها غَلَبَها! وإذ 
تبذّلَ طممٌ أمرأة في رجل فهي مُومسء وإِنْ كانت 0 

ويا عجبًا! إِنّ وجودّ الطبيعة ذ في النفس غيرٌ الشعور بها؛ فليسٌ يُشْعرٌ المرأةً 
بتمام طبيعيّها النسائية إِلَّا الزين والمتاحٌ وما بهِ المتاعٌ والزينة؛ فكأن الجكمةً قد 
وَقنْها”'' وعرّضنها في وقتٍ معاء لتكونَ هي الواقية أرِ الْمُخْطِرَة نفسهاء فبعملها 
ُجْرّىء ومن عملها ما نَضْحَكُ وتبكي. 

قالتٍ الياقوتة: ولذا أخذتُ نفسي ألا أطمعَ في شيءٍ من أشياءٍ الناس» 
وَسَحْرْتُ عن كل ما في أيديهم؛ فما يتكرّمونَ على إلا بهلاكي؛ وحشبي أن يبِقَى 
لِيْعِينَ قلبي ضوءهما المُبصر . وأنا أعتمد على شهامةٍ الرجل» فإنْ لم أجذها علمْتُ 
أَنّى بإزاء حيوانٍ إنسانئ» فأتحذَّرُة0© حَذَري من مصيبةٍ مقبلة. وإذا جاءني وَفْحٌ 
خَلَّن اللَّهُ و جهّهُ الحسَنَ مسب له أو خلقّهُ هو مَسَبةَ لوجهه القبيح؛ ذَكَرْتُ أني بعد 
ساعة أو ساعات أقومُ إلى الصلاة؛ فلا يزدادُ مني إلا بُعْداً وإنْ كان بإزائي» فأغلِظٌ 
لَهُ وأسخط: وأطهة لقف وامفتة متي : 

قلت: وما صفعتّك؟ 

قالت: إِنّها صفعةً لا تَضْربُ الوجة ولكنْ تُخجلّه . 
قلتُ: وما هي؟ 

تال التافوقه هئ خدهالقية؟ آنا نمف ميدي أن أصتلن اول #اللء 
وني انث كبر . .© ]الت لك البرمان على مسدازك وس اناه أأنادي 


تختنق بالرقص وتنتعش بالصلاةء وفي كل يوم تختنق وتنتعش . 
ولكثي لا أزالُ أقول: 

أفي الممكن هذا؟ 

أفي المعرارب شَاْعاً: رَقَضَتَ وصلت:.: 


)١(‏ وقتها: حمتها. (5) أتحذره: احتاط مته. 


لضن 


قَالَتْ لي ا «الجمالٍ البائس» فيما قَالّثْ: إِنَّ المرأةً الجميلة تَخاطِبٌ فى 
الرجلٍ الواحدٍ ثلاثة : الرجلٌ؛ وشيطائّهء وحيواته . فأمًا الشيطانٌ فهو مَعَنا وإِنْ لم 
نكنْ معّه... وأمًا الحيوانٌ فَلهُ في أيدينا مَقَادَة'' مِنّ الغُباوة» وَمَقَادةٌ منّ الغريزة» 
إذا شمَسَ فى واحدة أُضْحَبَ فى الأخرى وأتقاد؛ ولكنّ المشكلةً هى الرجلُّ تكونٌ 
00 ْ ْ 
دن 
نعم إن المشكلة التي أعْضَلْتْ على الفسادٍ هي في الرجلي القوي الرجولة 
يعرفٌ حقيقةَ وجوده وشرف منزلتهء ولهذا أوجب الإسلامٌ على المسلم أنْ يكونّ 
بِينَ الوقتٍ والوقتٍ في اليوم خارجأً مِنْ صلاة. 
وإنمًا الرجولةٌ في خلالٍ ثلاث: عَمَلِ الرجل على أنْ يكونَ في موضهِهٍ منّ 
الواجبات كلها قبل أنْ يكون في هواه؛ قله ذلك الموضعٌ بقبولٍ العامل الواثتٍ 
من أَجْرِه العظيم» والثالئةٌ : قذْرتهُ على العمل والقَبولٍ إلى النهاية . 
ولن تقوم هذه الخلا(" إِلّا بئلاثِ أخرى: الإدراك الصحيحٌ للغاية من هذه 
الحياة؛ وجعل ما يُحِيّْهُ الإنسانٌ وما يكرهُّة مُوافِمَاً لِمَا أدرك من هذه الغاية؛ والثالثةٌ 
القدرة على أستخراج معاني الألم فيما أحبٌ وكَرِة على السواء. 
فالرجولة على ذلك هي إفراعٌ النفسٍ في أسلوب قوي جَرْلِ"” مِنَ الحياة» 
مُعَسَاءقِ0!» في نَمطٍ الاجتماع بليغ بمعاني الذكو» ستول مال الاتسانية 
مُسترسل ببلاغة وقوةٍ وجمالٍ إلى غايته السامية . 


. مقادة: رسن وهو للدواب. (*) جزل: آسر بليغ‎ )١( 
. الخلال: المزايا والخصائص. (4) متساوق: منسجم ومتناغم‎ )1( 


نضا 





ولهذه الجكُمة أسقطت الأديان من فضائلها مبداً أرضاء النفس في هراهاء 
فلا معاملة به مع أل في إثم أو شرّء وأسقطة الناسُ من قراعدٍ معاملتهم بعضهم 
مع بعض » فلا يقومٌ به إلا الغِشْنٌ والمكرٌ والخديعةء وكل خارج على شريعةٍ أر 
فضيلة أو منفعة أجتماعية» فإنمًا ينزِعٌ إلى ذلك إرضاء لنفسه وإيثاراً لها ومُوائّقة 
لمحبتها وتوفية لِحظَّها؛ وعملّهُ هذا الذي يُلْبِسّهُ الرصف الاجتماعيّ الساقِطٌ 
ويُسميه بأسمه في اللغة» كالرجل الذي رين نفسَّهُ أنْ يسرق ليتسبي: فإذا 
اعطن تقنه وضاها فهو الل :را عجر فخ إزعاء طمجو عر الكاتم 
وكالجنديّ في إرضاء جُبِنِهِ هوّ الخائن: وكالشابٌ في إرضاء رذيلته هو الفاسق. 
وهلم جرًا وهلم جَرْجَرَة . 

د عله 

وأمًا بعد فالقصةٌ في هذه الفلسفة قصهُ رجلٍ فاضلٍ مهذّبٍ قد بلغ منّ العِلم 
والشباب والمال» ثم أمتحنتة الحياةٌ بمشكلة ذهب فيها نومُ ليله وهدوء نهاره حتى 
شك 01 وفذقك رأيّهء وكابدَ"'" فيها الموت الذي ليسّ بالموت» وعاشٌ 
بالحياةٍ التي لِيّستْ بالحياة. 

قال : فقذثُ أي وأنا غلامٌ أحوجّ ما يكونٌ آلقلبٌ إلى الأم فخشي علي أبي 
أنْ أستكين لِذْلَّةَ نَقْدِها ذكره أي نشاني ادل والشراعة» وك عليه أن ل فقدّها 
إحساس الطفل تموتٌ أمّهُ فيحملُ في ضيّاعِها مثلَ حزنها لوضاعً هو منها؛ فعلّمني 
هذا الأب الشفيق أنَّ الرجلٌ إذا َقدَ أنَهُ كان شأنهُ غير شأَنٍ الصبئ» لأنْ لَه فو 
وكبرياءة؛ وألقى في رُوعي أني رجل مثلّه وأنَّ أمَّهُ قد مانّثْ عنهُ صغيراً فكانَ رجلا 
مثلي آلآن. 

وكانٌ من بَعدِها إذا دعاني قال: أيُها آلرجل. وإذا أعطاني شيئاً قال: حَدٌ يا 
رجل. وإذا سألني عن شأني قال: كيف الرجل؟ وقلّ يوم يمرٌ إلا أسمعنيها مرارأًء 
حتى توهمتٌ أن معي رجلاً في عقلي خلقَئْهُ هذه الكلمة. ونّمامٌ الرجل بشيئين 
اللحيةٌ في وجهه؛ والزوجةٌ فى داروء فتجىء الزوجةٌ بعد أنْ تظهرّ اللحيةٌ لتكونٌ 
كلناسنا دزة لم أؤونا أو تقاف 4 ان كرون كلاه شيونة زر عنما 
سوادَين في الوجه والحياة. 


)١(‏ كسفت باله: أحونته. (؟) كابد: صارع وجاهد. 


15 


أما اللحيةٌ لي أنا الرجلّ الصغيرٌ فليسّ في يد أبي ولا في حيلته أنْ يجىء بهاء 
ولكنّ الأخرى فى يده وحيلته؛ فجاةنى ذاتٌ نهار وقال لى: أيّها الرجل! إِنَّ فلانَةٌ 
تاقاة علياك أ" مسد التو تفي اغراتك أدهت كر نف رحليك ْ 

وفاذلة عند /طفلة عن ذزات القُرْبىء فأفرحني ذلك وأبهجّني ؛ وقلْتٌ للرجل 
الذي في عقلي: أصبخت زوجاً يها الرجل. . . ١‏ 

وكانَ هذا الرجل الجائمٌ في عقلي هو غُروري يومئظٍ وكبريائي» فكنث أقمُ 
فى الخطأ بعد الخطأ وآتى الحماقةً بعد الحماقة» وكئتُ طِمْلاً ولكنّ غُروري ذو 
لح طويلة جد 1 

ين 

ؤنشاث على ذلك: صلب الرآى منتدًا بنفسى» إذا عنتث مضَيث» وإذا 
مضيْتُ لا ألوي'"2» وما هو إِلّا أن يخطرٌ لي الخاطرٌ فأركت رأسي فيه ولأنْ تُكسَّرٌ 
فى تت ار جل اود عل هرة انا جهن تورات أو كراسي ذلف عار 
أكذب حيالٍ وأبعذه. يخلَّطُ علي الدنيا خَلْطأ فيدَعُني كالذي ينظرُ في الساعة وهي 
الناعتورسا لست اليوم الراحةه فيُطالِمُها الني عشرٌ شهراً للسنة. . 1 

وترامّث حزيتي بهذا الخيالٍ فجاورَثْ حَدُودّها المعقولة؛ وبهذه الحرية 
الحمقاء وذلك الخيالٍ الفاسد» كَذَبَتْ علي الفكرةٌ والطبيعة. 

ولسْتُ جميلٌ الطلعةٍ إذا طالغتٌ وجهي» ولكنّي مع ذلك معتَقَدٌ أنّ الخطأ في 
ألمرأة. . . إِذْ هي لا تُظِهِرُ الرجلّ الوضىء”" الجميلَ الذي في عقلي: ولسْتٌ نابغةً 
ولكنّ الرجل الذي في عقلي رجل عبقريٌ؛ وهذا الذي في عقلي رجل متزوج ؛ فيجبٌ 
عليٌ أنا الطفلٌ أنْ أكون رزيناً رزينا”؟ كوالدٍ عشرة أولادٍ في المدارس العليا. . . 

وذهبْتُ بكلّ ذلك أرى فلانة زوجتي» فأغلّقتِ لباب في وجهي واختبأث 
مئيء فقلْتُ في نفسي: أيّها الرجلء إِنَّ هذا نُشُورٌ وعِضْيانُء لا طاعةً وحُب. 
وساءني ذلك وغمّني وكبر عليء فأضغرثُ لها العَدْرء فبئَثْ بذلك في ذهني صورةٌ 
(الباب المغلّق)»؛ وكأنّه طلاقٌ بيكنا لا باب. . 
)١(‏ فلانة مماة عليك : تعبير عربي صحيح وذلك قبل العقد؛ وهو ما يسمى بمصطلح اليوم «مخطوبة 

علان4 . 
07 
() الوضيء؛ الجميل. (5) رزينا: عاقلا . 


16 


قال: ثم شبٌ الرجل فكانَ بطبيعةٍ ما في نفِسِهٍ كالزوج الذي يترقّبُ زوجتّة 
الغائبةَ غَيبةَ طويلة : كل أيامِه ظمأ على ظمأء وكل يوم يمر بو هو زياد سنةٍ في 
عمر شيطانه ... وكانٌ قدٍ أنتهى إلى مدرسته العالية, ا 0 
وفكر وخيال؛ فعرضّث له فتاةٌ كاللواتي يعرضّنَ للطلبة في المدارس العُلْياء ما 
منهنّ على صاحبها إلا كالخيبة في امتحان. . . بيد أنَّ (الرجلّ) لم يعرف من هذه 
القعاة آلا المراة» .وتم يكذ يشتشرق”" لأواشرها حعى شنيت على غير 
فحُطبّثء فَرُْفْتْ؛ زُفْت بعد نصفٍ زوج إلى زوج. . 

وعرف الرعل ون الفليقة الى آنه ]نيبي أن يعون عزنا رامن ين 
يستطيعء وبأكثرَ من هذا الأكثر... فقالها بملء فِيه» وقال للحريّة: أنا لَكِ 
وأنتٍ لي . 


قالّها للحرية» فما أسرعَ ما ردِّثْ عليه ألحرية بفتاةٍ أخرى . 


كرا لجو كاد تدامضى جا زالاري اعقاو ف مراك و فار ع 1 
الشابٌ وبِينَ زوجته العقلية تسعة أبواب مغلقة ة؛ ولكنّها مع ذلك مسمّاة لَهُّء يقول أهلّه 
وأعلهاء (فلان وقلانة): وليب (الماث المغلّق) عندّهمٌ ! إلا الحياء والصيّانة؛ وليستٍ 
ألفتاةٌ من ورائه إِلّا العفافٌ المنتظر؛ وليسّ الفتى إلا ابنَ الأب الذي سمّى الفتاةً له 
وحبّسَها على أسبه؛؟ وليسَتٍ القُربى إلا شريعةً واجبةً الع نافذة الحكم . 

وعندٌ أهل الشرف» أنه مهما يبلغ من حريةٍ المرء في هذا العصر فالشرفٌ مقيّد. 

وعند أهل الدين» أن الزواجَ لا ينبغي أنْ يكونَ كزواج هذا العصر قائماً 
من أَوَلِهِ على معاني الفاحّشة. وعِندَ أهل الفضيلة, أن الزوجّة إِنّما هي لبناء 
الأسرةء فإِنْ بلع وجهّها الغاية مِنَ الحُسن أو لم يبلغ. فهو على كل حالٍ وج 
ذو سَّلطةٍ وحقوقٍ (رسميّة) في الاحترام؛ لا تقوم الأسرةٌ إلا بذلك» ولا تقوم 
إلا على ذلك . 

وعندٌ أهل الكمالٍ والضميرهء أنَّ الزوجة الطاهرةً المخلصة ألحُبَ لزوجها. 
إنمًا هي معامَلةٌ بِينَ زوجها وبين ربّه؛ فحيثما وضعّها من نفيه في كرام أو مهانة» 
وضع نفسَهُ عند أللهِ في مثل هذا الموضع . 


. يستشرف: يستطلع‎ )١( 


"15 


وعندَ أهل العقل والرأيء أنَّ كل زوجة فاضلة. هي جميلةٌ جمالَ ألحق؛ فإنْ 
لم تُوجب لحب وَجَبْتْ لها ألمودّة والرحمة. 
وعندَ أهل ألمُروءةٍ وألكرمء أن زوجة الرجل إِنّما هي إنسانيثُهُ ومُروءَئُهُ؛ فإنٍ 
أحتملها أعلنَ أنه رجلٌ كريم» وإِنَ نَبذَّها أعلنَ أنه رجلٌ ليس فيه كرامة . 
أمَا عند الشيطانٍ (لعتهُ أَللَّهُ) فشروطٌ الزوجة الكاملة ما تشترطة الغريزة: 
الحَتبء» الحبء» الححت! 
د وت 
ل الشابٌ : وإذا أنا لم أتزوج أمرأةً تكونُ كما أشتهي جمالاء وكمااتكيئ 
في بدا سار در ل بل كع .. وقد عرفت التي 
تصلحٌ لي بجمالها وفكرها معاء اين في قلبي وأقمتُ في قلبها؛ ثم داخلتٌُ 
أهلّهاء فخلطوني بأنفسهم» وقالوا: شاب وعَرّبِ. ومتعلمٌ وسَرِيّ. .٠‏ فلم يكن 
بدارهم (بابٌ مغلّق). ا شئْتُ أنْ أَصِلَ إلى كريمتِهم في حرام وصلّت؛ 
ولكنّى رجل يحملٌ أمانة الرجو 
أمّا الفعاةٌ فلت أدري 00000 وهل هي 
أنثى في جمالهاء أو هي الجمال السماويُ أتى ينقّحُ”" القُنونَ الأرضية لأهل الفنَ؟ 
إذا ألتقيْنا قالّتُ لي بعينيها : هأنذي قد أرخيْتُ لك الزْمامَ؛ فهل تستطيعٌ فراراً 
مني" ؟ ونلتصقُ فتقولٌ لي بجيمها: أليستٍ آلدنيا كلها هناء فهل في ألمكانٍ مكان 
إلا هنا؟ ونفترقٌ فتحصُرٌ لي الزمنَ كلَّهُ في كلمةٍ حينَ تقول: عدا نتن 
كلامُها 0 متأدُب» ولكنّهُ في الوقتٍ طريقةً منّ الخّلاعة؛ تلفتّك إلى فيِها 
الحُلو؛ والحركةٌ على جسيها حركة مُسْتَحِيَة. ولكنّها في الوقتٍ عينِهِ كالتعبير الفنيٌ 
المتجسم في التمثالٍ العاري . 
إنها ‏ واللهِ ب قد جعلث قيطائي هو عقلي + آنا هذا العقل الذي ينصح ويبظ 
ويقول: هذا خيرٌ وهذا شرٌ. فهو الشيطانُ الذي يجب أنْ أتبرأ منه . 
م تن 


قال: وألمَّ الأبُ بقصة فتاه ويحسبّها نَرْوَة”" مِنَ الشباب يُخْمدُها الزواج» 


)١(‏ تبوّأت: اعتلت. 
(؟) يلمح : يميّر ويغربل. (") نزوة: رغبة شديدة2» شهوة, 


ينض 


فقول ف نفكة : إن للرجلٍ نظرتين إلى النساء: : نظرةً إليهنّ من حيتُ يختلفُنَ» فتكونُ 
وو ل ا ونظرةً إليهن من حيتثٌ 
يتساوَيْنَ في حقيقة الأنوثة وطبيعةٍ آلاحترام الإنسانيَء فتكونٌ كل أمرأةٍ كالأخرى ولا 
غازين الا بالففطلة وبسح 2 ويقزة إنعبد أن زناارجل حنام تريدي اوطتر افلا 
ينظرُ النظرةً الخياليّة التى ي لا تقنعُ بأمرأةٍ واحدة؛ بل لا تزال تلتمس محاسنّ الجتسر 
وَمَمَاتئَهى وهى النظرهٌ التى لايقومٌُ بها إِلَا بناءً الشعر دون بناء الأسرق ولا تصلخ 
عليها المرأةٌ تلِدُ أولاداً إزوجهاء بل ألمرأةٌ تلِدُ المعانيّ لشاعرها. 

ثم أحتاط في رأيه» فقدر أن آبَهُ ربما كان عاشقاً مفتوناً مسحوراًء ذا بصيرة 
مدخولة وقلّب هواء وعمّل مُلتاث 00م 3 فيتمرد على أبيه ويخرجٌ عن طاعتّه؛ ويُحاربٌ 
أَهلَّهُ وربَّهُ من أجل أمرأةء بَيْدَ أَنْهُ قال: نه هو والدي ؛ وهو رياه وأنشأة في بيتٍ فيه 
الاين والحلي و الشيات وَالمتحلَة: وأنّ محاربة اللَّهِ بأمرأةٍ لا تكونٌ إِلّا عملاً من 
أعمالٍ البيئة الفاسدة المستهتّرّة» حينَ تجمعُ كل معاني الفسادٍ والإباحة والامتهتار 
ني كلمة (الحريّة). وقال: إِنَّ البيئةَ في العهدٍ الذي كانَ من أخلاقِهِ الشرفٌ والدينُ 
والمزوةة والغيرة على المزعى» لم يكن يها خي 1 من عدا ولم يكن الأبناءً يومئذٍ 
يعترضونٌ الكبى كر الخد روهنّ 0 إذِ النسل هو أمتداد تاريخ الأب وألابنٍ معآل 
والأبُ أعرت بدذنياه وأجدر أنْ 0 ار فيختاز للدين 

نم جم الات أذ الود الذي بيجى؛ 5-2 حَرَيٌ أن يرث في أعصابه 
جنونٌ أثنينٍ وأمراضهما النفسيةً وشهواتِهما الملتهبة؛ ولهذا رقف الشرعٌ في سبيل 
الحْب قبل الزواج لوقاية الأمّةَ في أولها؛ ولهذا يكثرٌ الضعفٌ العصبيُ في هذه 
الندنية الأوربية ويمشة بها الفساد» قلاياتى جيل إلا وهو أَشَد ميلا إلى الفساد من 
الجيل الذي أعقبه . 

ولم يكذ ينتهي الأبُ إلى حيتٌ أنتهى الرأيُ بهء حتى أسرغ إلى (الباب 
المخلق) يُهِيىءٌ للزفافٍ ويتعجلَ لأبئه المُطيع . . نكبةً ستّجىء ءٌ فى احتفال عظيم . . 


د فزت 


14 





قال ألشابُ: وجُنّ جُنوني؛ وقد كان أبي مِنَ أحترامي بالموضع الذي لا يُلْهَى 
منهء فلجأتُ إلى عمّي أَمتَذَفِعْ به التكبة. وأتأيّدٌ بمكانه عند أبي؛ 0-7 شن 
وأفضيْتٌُ إليه بشأني”"'»: وقلْتُ له فيما قلْتُ: أفعلوا كلّ شيء إلا شيئاً ينتهي بي إلى 
تلك الفتاق. أو يدوي نه ]ل-؛ وما أ انها من ذواتٍ القُربى» وأنَّ في أحتمالي 
إِيّاها واجباً ورجولة؛ وفي سَيْرِي لها ثواباً ومروءة» وخاصة في هذا الزمن الكاسِدٍ 
الذي بلقنفيه الغذارع سر الكداف: ولكنّ ألقلبَ العاشيّ كاذ فرٌ بالواجب 
والرجولة؛ والثواب والمُروءة» وبالأمٌ والأب؛ فهو يملك النعمة ويّرِيدُ أن يملكٌ 
التنهُم بها؛ وكل من أعترضّة دوئْها كان عندَهُ كاللص . 

قال: قَبَّحَ اللّهُ حُبًا يجعلٌ أباك في قلبكِ لِضّا أو كاللض . 

قلْتُ: ولكثي حرٌ أحتارُ مَنْ أشاءً لنفسي. . 

قال : إِنْ كُنْتَ حرًا كما تزعمء فهل تستطيع أنْ تَختَار غير التي أحَبْبتها؟ ألا 
تكونَ حرًا إلا فينا نحن وفي هدم أسرينا؟ 

فلك واكك مهل “فلا أزيد الإواج وله يدي 

فقطعٌ عليّ وقال: ليِنَكَ لم تتعلّمء فلو كنت نجاراً أو حداداً أو حُوذيّاء 
لأدركت بطبيعةٍ الحياة أن الذين يتحَضّعونَ”" لِلحُبٌ وللمرأةٍ هذا الخضوع» هم 
الفارغون الذين يستطيعٌ الشيطانٌ أنْ يَفْضِيَ في قلوبهم كل أوقاتٍ فراغه. 

أما العاملونَ في الدين» والمُغَامِرونَ في الحياة» والعارفونٌ بحقائق الأمور. 
ال ب ل ل ك1 يد يق رعق 

لبكاء للمرأةٍ والبكاء على المرأة؛ ونظرثُهم إلى هذه /! لمرأة أعلى وأوسع ؛ ؛ وغرضّهم 
ينها از اح وقد قال نيمّنا 3خ : «انَقوا اللَّهَ في النساء؛ . أي أنظرو! إليهن من 
جات ترق لخاد المرأة كد مر لها على قلي فز للحي و الك رغ يرما 
بينهماء ولا تدري أيْ ذلك هو حظها؛ ولو أن كا وا ا ورم 
لخرّبتٍ الدنيا وَلفَسَّدَ الرجالٌ والنساءً جميعاً. وهذه يا بُنيّ أوهامٌ وقتّها دعمل 
أسبابهاء وسيمضي الوقثٌ وتتغيرٌ الأسبابٌ ورُبَما كان الناضجٌ اليومَ هو المتعمنّ 
غداء وربّما كانَ الفح هو الناضجّ بعد؟ 


)١(‏ بعته حرني: أطلعته عليه . (*©) يتخضعون: يتذلون. 
(1) أفضيت إليه بشأني: أخبرته عن حالي. (5) نبذ: كره. 


احلضن 


وَهَبْكَ لا تُحبُ ذات رَحِمِكٌ ثم أكرّئتها وأحسَئْتٌ إليها وسترتّهاء أفيكونٌ 
عندّك أجمل من شعورها أنّك ذو الفضل عليها؟ وهل أكرمٌ الكرم عندٌ النفس إلا أنْ 
يكونّ لها هذا الشعورٌ في نفس أخرى؟ إِنَّ هذا يا بُنيَ إِنْ لم يِكُنْ حُبّا فيه الشهرةٌ» 
فهو حُبٍّ إنسانيٌ فيه المجد. 


ووقعَتٍ المشكلة ورُفَّتِ المسكينة؛ فكيف يصنمٌ الرجل بِينَ المحبوبة 
والمكروهة؟ 


درفنا 


لما فرِغْتٌ من مقالاتٍ (المجنون) وأرسلْتٌ الأخيرةً منهاء قلْتُ في نفسي: هذا 
الآخْرُ هو الآجْرُ منّ المجنونٍ وجنونهء ومن الفِكرٍ في تخليطِه ونوادره؛ غير أنهُ عاد إليّ 
أخلاطاً ونان" فعا زابكة فى النوم يقؤل لى > اكت مثالا نى اللبائثة . قلْتُ: مالي 
وللسياسة وأنا «موظف» فى الحكومة» وقد أحذَّتِ الحكومة مِيئَاقَ("' الموظفين : لِما 
عَرَفُوا من تقد أو مير ليكثمةة ولا يَبْنوئه؟ فقال هذه لنتث مشكلة» ولل هذا صلخ 
عُذْراَء والمَخْرَجُ سهلٌ والتدبيرٌُ يسيرٌ وآلحل مُمْككن. قلت: فما هو؟ 

قال: أكبْبْ ما شئْتَ في سياسةٍ الحكومة؛ نَم أجعلٌ توقيعّك في آخر المقالٍ 

«مصطفى صادق الرافعي ؛ غيرُ موظفي بالحكومة». 

فهذه طريقةٌ من طرقٍ المجانين في حل المشاكلٍ المعقّدة. لا يكونُ الحلّ إلا 
عقدةٌ جديدةً يتم لها اليا ويتعدة الآمكان» وهي بعينها طريقة ذلك الطائرٍ الأبله 
الذي يرى الصائدٌ فَيُعْمْضُ عيئَهُ ويلوي عنقَّهُ ويخبأ رأسَهُ في جِتَاجِهِ ظئاً عند نفسِهِ 
أنَهُ إذا لم ير الصائدَ لم يرهُ الصائدء وإذا توهّمَ أَنّهُ أخدفى تحقق أَنَهُ أختفى؛ وما 
عملّهُ ذاك إِلّا كقولِه للصياد: إِنّي غيرُ موجودٍ هنا. . على قياس «غيرٌ موظف». 

وقد كنتُ أَستَمْئَيِتُ القرّاة في (المشكلة)؛ وكيف يتَّقَى صاحبُها على نفسِهء 
وكيف تصنمُ صاحبتُها؛ فتلقيتُ كتباً كثيرة أهدث إل عقولاً مختلفة؛ وكانَ من 
عجائب المقاديرٍ أنَّ أول كتاب ألقى إليّ منها ‏ كتابُ مجنون «نابغة» كنابغة القرنٍ 
اللشمر يق كعك ييحق الشاهر »وك تققد يا( البتمقت اللسعطار) ووه عيارةه 
بحرفها ورسوها كما كُتَبِثْ وكما تُقَرأ؛ فإن نشرّ هذا النصّ كما هوء يكونُ أيضاً 
نضأ على ذلك العقل كيف هو. . 


)١(‏ أضغاث الأحلام: أوهامها. )١(‏ ميعاق: قانون. 


لميضنا 


قال: (إِنَّ هذا الكونّ تَعِبَتٌ فيه آراءُ ألمصلحين» وكتبُ الأنبياء زُهاء قرون 
عديدة. وذاققا نرى الطبيعةً تنتصر. ولقد نرى أالحيوانَ يعلمٌ كيف يعيش يجوار 
الف و الطيق كيف رركن :الى حكن سنيف إلا الإتطاد د .ولقل تس الحا عوة يفي 
أسماء : العاداتٍ والتقاليدٍ والحميّة والشرفٍ لوعي وإِنَّ جميمَ هذه الأشياء تز ف 
مام سلطانٍ المادةٍ فما بالكم بسلطانٍ الروح؟ 

ورأيي لهذا الشابٌ ألا يُطيعَ أباه ولو ذهب إلى ما يسموه الجحيمّ (كذا) إذا 
كان بعد أنْ يعيش الحياةً الواحدة التي يحياها ويتمتعٌ بالحبٌ الواحدٍ المقدّرٍ له» ما 
دام قلبّهُ أصطفاها”' ورُوحة تهواها؛ ولو تركَتْهُ بعد سئينَ قليلة لي د بي 
الانفصال . (كذا) . 

وهذا ليس مجر رأي مجرّبء وإِنّما هو رأيُ أكبرٍ عقل أنجِبَثْهُ الطبيعةٌ حتى 
الآن...! وسينتصرٌ على جميع ل أمامّه» والدليلٌ أن هذا العقال سيغاة 
إليه في مجلةٍ (الرسالة) وهذا الَرأيُ سيُعملُ به. وصاحبُ هذا الرأي سيخلدُ في 
الدنياء وسيضعٌ الأسسٌ والقوانينَ التي تصلحٌ لبني الإنسانٍ مع سموٌ الروح بعدّ أن 

إن الإنسانَ يحيا حياةً واحدةٌ فَلْيجِعلّها بأحسن ما تكون. وَلْيِمِتعٌ رَوحَهُ بما 
تمنَّمَ به جميعٌُ المخلوقاتٍ سواه. وإلى الملتقى في ميدانٍ الجهاد». 

(المصلح المتظر) انتهى 

وهذا الكتابُ يحل (المشكلةً) على طريقة الغير موظف». . . فلْيعتقدٍ العاشقٌ 
أنه غيرٌ متزوج فإذا هو غيرُ متزوج» وإذاً هو يتقلّب فيما شاء؛ وتتنناك الكاتبٌ ثم 
ماذا؟ فيقول لك: ثم الجحيم . 

وإنّما أوردنا الكتاب بطوله وعرضه لأنّنا قرأتاه على وجهينء فقد نبِهمّنا عبارةٌ 
كبر عقل أَنْجِبَنْهٌ الطبيعةٌ حتى الآن؛ إلى أنَّ في الكلام ‏ إشارةٌ من قوةٍ خفيةٍ في 
الغيب» فقرأناة على وحي هذه الإشارةٍ وهَذِيهاء فإذا ترجمّة لغْةٍ الغيب فيه: 

«ويحكٌ يا صاحبٌ المشكلة» إذا أرذتَ أنْ تكونَ مجنوناً أو كافراً باللّه 
وبالآخرةٍ فهذا هو الرأي. كن حيواناً تنتصِرٌ فيه الطبيعةٌ والسلام!». 


20 


)١(‏ اصطناها: اختارها. 


يضقن 





تلك إحدى عجائب المقاديرٍ في أولٍ كتاب ألقيَ إليّ؛ أمّا العجيبةُ الثاني فإنّ 
آخْرٌ كتاب تَلقيْيُهُ كانَ من مناعية المشكلة لنييهاء وهو كتابٌ آيةٌ في الظرّْفٍ وجمالٍ 
التعبير وإشراقٍ النفس في أسرارهاء يَمُورُ”'' مَوْرَ الضَباب الرقيق من ورائه الأشمّة, 
نهو يَحجبٌ جمالاً لِيُظْهِرَ منهُ جمالاً آخر؛ وكأنهُ يعض بذلك رأيآ إلنظر ورأياً 
للتصورٌ. ويأتي وكادم ا بالعين قراءة وبالفكر قراءةٌ غيرّها؛ ونَفظها سهلٌء قريب 
قريب» حتى كأنَّ وجههًا هو يُحِدَتُك لا لفظها؛ ومادةٌ معانيها من قلبها لا من 
فكرهاء وهو قلبٌ سليمٌ مُقَمَلْ على خواطرو وأحزايه» مُسترسِلٌ إلى الإيمانٍ بما 
كُتب عليه أسترسالَّةُ إلى الإيمانٍ بما كُتِبَ لهء فما بهِ غُرورٌ ولا كبريا ولا حِقْدٌ ولا 
عضب ولا يَكْرَهُ ما هو فيه. 

ومن نكَدٍ الدنيا أن مثلّ هذا القلب لا يُخْلَّقُ بفضائله إِلَّا لِيُعاقَتَ على فضائله؛ 
َمِلْظةُ الناس عقابٌ لكيه وغدرُهم نكايةٌ لوفائه» وتَهورُهم”" ردُ على أناته» 

وما أرى هذا القلبٌ مأخوذاً بحبٌ ذلك الشابٌ ولا مُسْتهاماً”" به لِذاتِه» وإنّما 
هو تعلق صُوّراً عقلية جميلة كان من عجائب الاتفاق أنْ عَرَضَتْ لَهُ في هذا الشابٌ 
أول ناعرفيت على متدارهاة وسيكرة من عنناب الاثتاق أيضا انيزول هذا 
الحُبُ زوال الواحدٍ إذا وُجدتٍ العشّرة؛ وزرال العشّرةٍ إذا وُجِدَتٍ ألمائة» وزوالٌ 
المائة إذا وَجِدَ الألف. 

وبعدَ هذا كله فصاحبةٌ المشكلةٍ في كتابها كأئّما تكتبُ في نقد الحكومة على 
طريقة جعلٍ التوقيع : «فلان غير موظفٍ بالحكومة»... رمن فيا جود الس 
الذق يتحدر بين اطع تدعا اله هارت من الخاطت ثين مم أَنّهُ بينهما يجري : تُحِبٌ 
صاحبّها رتلقاه؛ ثم هي عندٌ نفسها غيرُ جانية عليه ولا على زوجه. . . فلِيتَ 
شِغْري عنهاء ما عسى أنْ : تكونَ الجنايةٌ بعد زواج الرجلٍ غيرٌ هذا الحبٌ وهذا 
أللّقاء؟ 

ونحن معها كأرسطاطاليسٌ مع صديقه الظالم حينَ قال له: هبّئا نقْدِرُ على 
مُحاباتتك في ألا نقولّ إِنْك ظالم؛ هل تقدرٌ أنت على ألا تعلم أنّك ظالم؟ 





. يمور: يتحرّك بحركة الموج‎ )١( 
. (؟) تهرّرهم! تصرفهم برعونة. (*) مستهاماً: عاشقاً‎ 


يفف 


ورأيُها في (المشكلة) أنْ لِيسّ من أَحَدٍ يستطيع حلَّها إلا صاحبُهاء ثم هو لا 
يستطيعٌ ذلك إِلّا بطريقةٍ من طريقتين: فإمًا أنْ تكونَ ضحيةٌ أبيها وأبيه - تعني زوجتّه 
- ضحيئّه هو أيضاًء ويستهدِفٌ لِمَا ينالّهُ من أهله وأهلهاء فيكونٌ اليلاء عن يمينه 
وشِماله. ويُكابذ من نفسِه ومنهم ما إِنَّ أقَلَهُ لَيذْمَبُ براحته وينقْصٌ0(؟ عليه الحُبٌ 
والعيش, (قالت): وإمًا أن يضحًَي بقلبه وعقله وبي. . 

وهذا كلام كأنّها تقول فيه: رذ اعدالا مس عل الفط لمانو 
غير مستطيع حلّها إلا بجنايةٍ يذهبٌ فيها نعيمّهء أو بجنون يذهبٌ فيه عقَلّه ٠‏ فَإِنَ 
جلها يد لك رقيو ابل انق : : إما أحمقٌ أو مجنونٌ ما منهما بذّ. . 

شاش ار عي ال ل عدي ا 1 
فإن بعض الشرٌ أهونُ من بعض. 7 1 

تع يدينك 

واتعجنة القالقة أن #تايقة القرن العشري) اك زاهرا بعد أن قرا معالات 
(المجنون)ء فرأى بين يديّ هذه الكتبّ التي تلقيِتُها وأنا أعرضها وأنظرُ فيها لأتخيّرٌ 
منهاء فسألَ فَخْبَّرتُهُ الخبر؛ فقال: إن صاحبٌ هذه المشكلة مجنونٌ . .٠‏ لو أمتحنوه 
في الجغرافيا وقالوا له: ما هي أشهّرُ صناعة في باريس؟ لأجابّهم: أشهرٌ ما تُعرفٌ 
به باريسٌ أنها تصنُع (البودرةٌ) لوجه حبيبتي. . 

قلْتُّ: فكيف يرتذٌ هذا المجنونُ عاقلاً؟ وما علاجُهُ عندّك؟ 

قال: رَجْهْ في طلب (1.ش) لِيجيء» فلمًّا جاء قال لَهُ أكتبُ: جلس «تابغةٌ 
القرنٍ العشرين» مجلسَّهٌ للإفتاء في حل المشكلة فأفتى مُرتجلاً: 

«(إنَّ منطقّ الأشياء وعقليةً الأشياء صريحانٍ في أنَّ مشكلة الحُبٌ التي يَعْسْرُ حلّها 
ويتعدرٌ مار العقل فيهاء لِيسَتْ هي مشكلةً هذا العاشقٍ أكرهوه على الزواج بأمرأة 
يحملها ألقلبُ أو لا يحملّهاء وإِنّما هي مشكلةٌ أمبراطور الحبشة يريدون إرغامّه”" أنْ 
يتزوجٌ إيطالياء ويذهبون يَرَفُونها إليه بالدّباباتٍ والرشاشاتٍ والغازاتٍ السام . 

«ولو لم يكن رأسٌ هذا العاشيّ المجنونٍ فارغاً منَ العقلٍ الذي يعمل عمل 
العقل. إذن لَكانّثْ مجارِي عقَلِه افطرد لون رجف فأَنحلّثْ مشكلتهُ بأسباب تأي 
من ذاتِ نفيها أو اذاتٍ نفبه؛ غير أنَّ فى رأسه عفل بطيه لا عقلٌ الرأسء كذلك 


)١(‏ ينعّص: يكدر. )١(‏ إرغامه: إجياره. 


نض 


الشّْرِهِ البخيل الذي طبع قِذْراً وقعدَ هو وأمرأثه يأكلان» فقال: ما أطيبَ هذه القدرَ 
لولا الزحام. . . قالَتٍ أمرأثه : أي زحام ههنا؟ إِنّما أنا وأنت . قال كلت حت أن 
أكون أنا والقدرٌ فقط. . 

افعقل النَّهمِ! ا هذا كعقل الشهوةٍ في رأس ذاك؛ كلاهما فاسدٌ 
التقدير لا يعمل أعمال العقول السليمة؛ وَيُرِيدُ أحدُعما أن تَبْطلْ الروجةٌ من أجل 
رطل من اللحمء ويُرِيدٌ الآخْرُ ذلك في رِطل منّ ألحُبٌ . 

«وإذا فسدّ العقلٌ هذا الفسادً أبتلى صاحبّه بالمشاكل الصبيانية المضحكة: لا 
تكونُ من شيء كبير» ولا يكونٌ منها شيءٌ كبير؛ وهي عند صاحبها لووْزِنَتْ كائث 
قناطيرٌ من ألتعقيد؛ ولو كِيلْتْ بلعَتْ أرادبٌ مِنَ الحيرة؛ ولو قيسَتٍ أمتدّت إلى 
فراسحٌ مِنَ العُموض . 

اهاتان المرأتان : (الحية والزوجة) 4 إن أن تكرنا جمعا إمزاتية: فالمسي وال 
ذذمفكلة رقا الااضونا انراق فاليفى عذلك واصد فل مشكلة 4رزعا أن تكيزة 
إحداهما أمرأةٌ والأخرى قَرْدة وههنا المشكلة . (حاشية : الهردة من أوضاع نابغةٍ القرنٍ 
العشرين في اللغة» ومعناها الأنثى لِيَستْ من إناثٍ الأناسيّ ولا البهائم 

«فإن زعم العاشئٌ أن زوجِنَهُ قِردةً فهو كاذب, وإِنْ زعَمَ أنّها ألهردةٌ فهر 
أكذّب؛ والمشكلةٌ هنا مشكلةٌ كل المجانين» ففي مُحْهِ موضمٌ أَفْرَطَ عليهِ الشعورٌ 
فأفسَدَهء وأوقع بفسادِه ألخطأ في الرأي؛ وأبتلاهُ من هذا الخطأ بالعَمَى عن 
الحقيقة» وجعلٌ زوجِتَهُ المسكينة هى مَعْرضَ هذا العمى وهذا الخطأ وهذا الفساد؛ 
ولا عيب فيهاء لأنّها من زوجها كالحقيقةٍ التي يخبط فيها المجنونُ مدةً جنونه» 
فتكونُ مَجْلى هَذَيانِهِ ومعرض حماقاتِه» وهي الحقيقةُ غير أنه هو المجنون . 

ففإن كاتك هذه الحميقة عبالة عبانة بحن اللتستون مذ شكونه يفول 
للناس: خمسون وخمسون ثلاثةَ عشّرء ولا يُصَدَّقُ أبداً أنّها مائةٌ كاملة؛ وإِنْ كانت 
جيالك علط نه الجر آثانه طول الثرات الجيمله باز وا بتكو وتفرنة نولا 
يدخلٌ في عقله أبدأ أنَّ هذا ترابُ مطنفىء بالطبيعة؛ وإِنْ كانت مسألة قلبية أستمرٌ 
المجنونٌ يزعمٌ أنَّ زوجِتهُ قِردةٌ أو هزدة» ولا يشعرٌ أبداً أنها أمرأة. 

«فإِنْ صَح أنَّ هذا الرجل مجنونٌ فجلاجٌة أَنْ يُربَطّ في المارستان؛ ثم يجي أهلّه 


)١(‏ التهم: الشّره الأكول. 
حرفن 


كلّ يوم بزوجحه فيسألوئّه : أهذه أمرأة أن قِردةٌ أم هردة؟ ثم لا يزالون ولا يزالٌ حتى 
يراها أمرأة؛ ويعرقها أمرأته. فيْقالٌ لَهُ حيئلٍ: إِنْ كنت رجلاً فتخلّق بأخلاقٍ الرجال. 

«أمّا إِنْ كانَ الرجل عاقلاً مميزأ صحيح التفكيرٍ ولكنَّهُ مريض مرض آلحُتء 
فلا يرى (النابغة) أشفَى لدائه ولا أنجمٌ فيه من أن يَسْتَطِبٌ بهذه الأَشْفِيَة واحداً بعد 
واحدٍ حتى يذهب سَقَامُهُ بواحدٍ منها أو بها كلها: 

«الدواءٌ الأول: أن يجمعَ فكرَهُ قبل نومِهِ فيحصّرَهُ في زوجيّهء ثم لا يزالَ يقول: 
زوجتي» زوجتي . حتى ينام . فإِنْ لم يذهب ما به في أيام قليلة فالدواءٌ الثاني . 

«الدواءً الثاني : أنْ يتجرَعٌ شربة من زيتٍ الخُرْوع كل أسبوع. . . ويتومّم كلّ 
مرةٍ أنه يتجرعها من يد حبيبته؛ فإِنْ لم يشَفِهِ هذا فالدواءٌ الثالث . 

«الدواءٌ الثالث: أنْ يذهب فيبيتَ ليلةً في المقابر» ثم ينظرَ نظرَهُ في أي 
المرأتين يُرِيدٌ أن يلقى اللَّهَ بها وبرضاها عنه وبثوابه فيها؛ وأيتهما هي موضِعٌ ذلك 
عند الله تعالىء فإن لم يُبِصِرْ رُسْدَهُ بعد هذا فالدواءً الرابع. 

«الدواءٌ الرابع: أنْ يخرج في (مُظاهرة). . . فإذا قُقَِثْ لَهُ عينٌ أو كُسِرَثُ لَهُ 
يدٌ أو رجلء ثم لم تجلّ حبيبئهُ المشكلة بنفسها. فالدواء الخامس. 

«الدواء الخامس: أن يصنعْ صنيمٌ المبتلى بالحشيش والكوكايين» فيذهبّ فَيْسِلمَ 
نفسَهُ إلى السجن لِيأخذوا على يَدِءِ فينسَى هذا الترفٌ العقلي؛ ثم ليعرف من أعمالٍ 
السجن جد الحياةٍ وهَرْلّهاء فإنْ لم ينزِعٌ عن جهلِه بعد ذلك فالدواءٌ السادس . 

«الدواء السافس” أنه كلما كرك دَقه وشاعتث فيه خزارة الشنك» لا يدهت 
إلى مَنْ يُحبّهاء ولا يتوخّى ناحيتّهاء بل يذهبُ من فَرْرِه إلى حَجّام'') يحجمه. 
لِيطفِىء عنةٌ الدمّ بإخراج الدم؛ وهذه هي الطريقةٌ التي يصَلْحُ بها مجانينٌُ الغشاق. 
ولو تبدّلوا بها مِنَ الانتحار لّعاشوا هم وأنتحرّ الحُبّ. 

قال «نابغةٌ القَرنٍ العشرين»: «فإِنْ بَطَلتْ هذه الأشفيةٌ الستةٌء وبقى الرجلٌ 
جَموحاً لا يُرَدُ عن هواهُ فلم يبِقَ إِلّا الدواء السابع . ْ 

«الدواء السابع: أن يُضْرَبَ صاحبٌ المشكلةٍ خمسين قناة!" يُضَكُ بها9؟ 


(1) الحجام: طبيب عند العرب يستعين بسكين لتشطيب مكان الألم . 
)١(‏ القناة: هي العصا الغليظة التي يقال لها «اتشومة». 
(*) يصكٌ: يضرب على رأسه. 


احرض 


عم لهم 


وأقعة هته حيبت تَقَعُ من رأسِه وصدره وظهره وأطرافه» حتى يَنْهَشْج'' عظمّهء 


2 , > (95)اء 2 0 َع 0 رأسف ويَتَفْكي47) ١‏ لَذّه؛ 5 )2 جراخة 
وكُسَورْهُ بالأطلية والمراهم» وتُوضَعٌ لَهُ الأضَمِدَةٌ والعضافة ورك تن ب | على 
ذلك: 

أعرّج مُتخْلعاً مبعتّرَ الخَلْق مكسورّ الأعلى والأسفل» فإِن في ذلك شفاءه التامّ 
من داء الحَبٌ إِنْ شاء الله . ..2. 

قأنا: فإِن لم يسَفِهِ ذلك ولم يضرف عنه غائلةً الحُتَ؟ 

قال: فإنْ لم يشْفِهِ ذلك فالدواء الثامن. 

الدراءً الثامن : أنْ يُعادَ عِلاجُهُ بالدواء السابع . . . 


(9) يتقصف : يتكسر. (4) يتفْرّى: يتمرّق. 


(9) ينشدخ : ينفلق ‏ (0) تطلى: تغطى . 
فسن 


أما البقيةٌ من هذه الآراءِ التي تلقَّيتُها فكل أصحابها متوافِقُون على مثل الرأي 
الواحدِ؛ من وجوب إمساكِ الزوجة والإقبالٍ عليهاء وإرسال «تلك» والانصرافٍ 
عنهاء وأنْ يكونَ للرجل ني ذلك عَرْمٌ لا يََقَْفَلُ!'" ومَضَاءٌ لا ينكَيء وأنْ يصبرَ 
لِلنَفْرَ!"؟ حتى يستأنِسٌ منها فإنها ستتحوّل» ويجعلّ الأناةً بإزاءء الضجَر فإنّها 
تطلخهء والمروءة بإزاء الكرى فإتها تكتبلك. رليعرلة الأيام تعمل عملها فإلهالآن 
يعترضٌ هذا العمل ويُعطله» ون آلأيام إذا عمِلَثْ فستَغْيْرٌُ وتبدّل؛ ولا يُستَقَلٌ القليل 
تكونٌ الأيامُ معه. ولا يُستكثْرٌ الكثيرٌُ تكونٌ الأيامٌ عليه 

والعَدِيدُ الأكبرُ مَمِنْ كتبوا إليّء يحفظونَ على صاحب آلمشكلةٍ ذلك ألبيانَ 
ألذق رفصا على لهاي فى الحقال: الأول «رجحات إوثة رن «ولفسيون لد اليج 
عليه؛ ويقولون له: أنتَ أعترفتَ وأنت أنكزت» وأنت ردذتٌ على نفسيك» وأنت 
نَصَبْتَ الميزانَ فكيف لا تقبَلُ الوزنَ به؟ وقد غفلوا عن أن المقال من كلامنا نحن» 
وأنَّ ذلك أسلوبٌ من القولٍ أدرناةُ وتَحَلْتَاهُ”" ذلك الشابٌء ليكونَّ فيه الاعتراض 
وجوابه؛ والتغطأ والرة عليه؛ وَلِتُظهِرَ بِهِ الرجلّ كالأبله في حَيريّه ومشكلتّه؛ تنفيراً 
لغيره عن مثلٍ موقفه» ثم لنحرّك به العلل الباطنة في نفسِهِ هوء فنصرفَهُ عنٍ ألهوى 
شيئاً فشيئاً إلى الرأي شيئاً فشيئاء حتى إذا قرأ قصة نفِسِهِ قرأها بتعبير من قلبه وتعبير 
آخَرَ من العقل؛ وتَلَمُحَ ما حَفَي عليه فيما ظهرّ لَّه؛ وأهتدى منّ التقييدٍ إلى سبيلٍ 
الإطلاق» وعرفٌ كيف يُخلصٌ بينَ الواجب والحُبٌ اللذين أختلطا عليه وأمترّجًا لَهُ 
أمتزاج ألماء والخمر. وبذلك الأسلوب جاءتٍ المشكلةٌ معقَّدةٌ منحلَّةَ في لِسانٍ 
صاحبهاء وبقيّ أنْ يُدفمَ صاحبّها بكلام آخرّ إلى موضع الرأي. 


)١(‏ يتقلقل : يتزلزل. 
(؟) النفرة: عدم الانسجام والكره. (7) تحلئاه: نسيئاه . 


لضا 


وكثيرٌ منَ الكتاب لم يزيدوا على أنْ نبّهوا الرجلّ إلى حق زوجته» ثم يدعونٌ 
اللّهَ أن يرزقَهُ عقلاً. وقد أصابَ هؤلاء أحسْنّ التوفيق فيما ألهمُوا من هذه 
الدعوة» فإنَّما جاءَتٍ المشكلةً من أنَّ الرجلّ قد فقد التمييرٌ وجُنّ بجنونين: أحذهما 
في الداخل من عقله» والثاني في الخارج منه؛ فأصبح لا يُبالي الإثمّ والبغض عند 
زوجته إذا هو أصابّ الحُظوةً والسرورَ عند الأخرى؛ فتَعدَّى طَورَءْ7"© مع ألمرأتينٍ 
جميعاًء وظلمَ الزوجة بأنٍ أَسَْلَبَ0 حقّها فيه. وظلمَ الأخرى بأنْ زادّها ذلك الحقٌّ 
فجعلها كالسارقة والمعتدية. 

وقد تفكى أحَد القراء :من فلسطين أن يرق الله مكل هذه الزرحة المكررهة 
كراهة حُبٌ؛ ويضعَهُ موضمٌ صاحب المشكلة» لِيُبِتَ أَنَّهُ رجلّ يحكمُ الكرة ويصرفُة 
على ما يشاء» ولا يرضّى أنْ يحكُمَّهُ آلحُبُ وإِنْ كانَ هو الحُبَ. 

وهذا رأيٌّ خصيف””" جيّدء فإنَّ العاء شق الذي يتلعّب الحُبُ به ويصِدَهُ ه عن 
زوجته» لا يكرنُ رجلاً صحيمٌ الرجولة» بل هو أسخفٌ الأمثلةٍ في الأزواج» ٠‏ بل 
هو مُجِرِمٌ أخلاقيٌ يَنْصِبُ لزوجتهِ من نفسه مثال العاهر الفاسق. ليدفعَها إلى الَدّعارةٍ 
والفِسْقٍ من حيتٌ يدري أو لا يدري؛ بل هو غبئٌء إِذْ لا يعرفٌ أنَّ آنفراد زوجته 
وتراجعَها إلى نفيها الحزينة يُنشىء في نفسها الحنين إلى رجلٍ آخر؛ بل هو مغفّل» 
1ل تدرك أن شريية الس بال والعينٍ بالعين» هي .بنفيها عند المرأة ة شريعةٌ 
الرجلٍ بالرجل . 

والمرأةٌ التي تجدُ من زوجها الكَراجِيّةَ لا تعرثها أنّها الكراهةٌ إِلَّا أَرَلَ أول؛ ثم 
تنظرٌ فإذا الكراهة هي أحتقارُها وإهانثها في أخصٌ خصائصها النُسوية. ثم تنظرٌ فإذا 
هي إثارةٌ كبريائها وتحذيهاء ثم تنظرٌ فإذا هَي دف غريزتها أنْ تعملّ على إثباتٍ أنّها 
جديرةٌ بالحُبَء وأنّها قادرةٌ على النقمة والمجازاة؛ ثم تنظرُ فإذا برهانُ كل ذلك لا 
يجيء من عقل ولا منطتٍ ولا فضيلة» وإنّما يأتي من رجُل . .. رجل يُحَمَقُ لها هي 
أن رو شيا ميس والفايعد اسم 


وكأنّ هذا المعنى هو الذي أشارّث إليه الأدييبةٌ (ف.ز) وإنْ كاث 1 تَبْسْطه 
فد قالت: : «إِنّ صاحبّ هذه المشكلةٍ غبيّ» ولا يكونُ إِلّا رجلاً مريض النفس 
)000 طوره: لحل 
زفق انتلب: سرق واستحوذ. () خصيف: جيّد يعتمد على العقل . 


عفن 


مزيضئ الخلى) وجا ءزانك يله وجلا (نهد عق الريع ل م “ومكل عداجو تيه مشقلة 
فكيف تُحَل مشكلته؟ إِنَهُ من ناحية زوجته مغمّلء لا وصف لَهُ عندّها إلا هذا؛ ومن 
جهة حبيبته خائن» والشيانةٌ أولُ أو صافه عندّها. 

«وهذا الزوجٌ يُسمُمُ الآنَ أخلاق زوجته وَيُفْسِدُ طِباعَهاء ويُنشىء لها قصة في 
أولها غباوته وإئمّه وسيتركُها نيم الرواية فلا يعلمُ إلا اللّهُ ما يكونُ أخرُها. وبمثل 
هذا الرجل أصبحٌ المتعلماتٌ يعتقدن أن كدر الشبان إن لم يكونوا جميعاً: هم 
كاذبونَ في أدعاء الحُبّء فليسٌ منهم إلا الغُواية؛ أو هم محَبونٌ يكذِبُ الأمل بهم 
عل الساةه لان ديه لذ الخية: 

قالت: «وخيرُ ما تفعلهُ صاحبةٌ المشكلة أنْ تصن ما صِنعَنْهُ أخرى لها مثلّ 
قصتها: فهذه حين علِمَثْ بزواج صاحبها قذفث به من طريق آمالها إلى الطريق 
الذي جاء منهء وأنزلئه من دَرَجِةٍ أَنّهُ كل الناس إلى منزلة أَنّهُ ككل الناس» ونبّهَتْ 
حزمّها وعزيمتها وكبرياءهاء فرأتّهُ بعد ذلك أهرنَ على نفسِها من أن يكونَ سبباً 
لشقاء أو حسرةٌ أرهم, وأبتعدث بفضائلها عن طريق الحبٌ الذي موف أنه لا 
يستقِيمٌ إلا لزوجةٍ وزوجهاء فإذا مشَث فيه أمرأةٌ إلى غيرٍ زواج؛ أنحرف بها من 
هناء وأعرّجٌ لها من هناء فلم ينته بها في الغاية إِلَا أنْ تعودٌ إلى نفسِها رعليها 
عارُهُء وما عُبارُ هذا الطريق إِلّا سوادٌ وجه أالمرأة. . 

«وقد جهدَ الرجل بصاحبتِه أن تنخذهٌ صديقاًء فأَبَتْ أنْ تتقبّلَ منه برهانَ 
خيبتها. . . وأظهرث له جَفْرَةٌ فيها أحتقارء وأعلمَئه أنَّ نُكْتَ العَهْدِ”'' لا يخرجُ منه 
تكونٌّ حينئذٍ أسقط ما فى الحُبَء أو أكذبّ ما فى الصداقة . 

ثم قالَّتٍ الأديبةٌ: «وهي كانت تُحَبّهٌُ بل كائث مُسْتَهِامَةٌ به؛ غير أنّها كانت 
أيضاً طاهرةً القلب» لا تُرِيدُ في الحبيب رجلاً هو رجلّ الجيلةٍ عليها فتُخَدَعٌ بف 
ولا رجل العارٍ فّسَبُ بهِ؛ وفي طهارة ألمرأة جزاء نفسها من قوةٍ ألثقةٍ والاطمئنانٍ 
وحسن التمكن؛ رهذا ألقلبٌ الطاهرٌ إذا فقدَ ألحُبٌ لم يفقدٍ ألطمأنينة» كالتاجر 
الحاذق إِنْ حَسِرَ ألربح لم يُفِس» لأنَْ مهارتهُ من بعض خصائصها القدرةٌ على 
الاحتمال» والصيدُ للمجاهدة. 


, تكث العهد: إخلافه‎ )١( 


0 





الت #فغلى ماحية التشكلة التى عرقت كيف حت وثيل + أن عرف الآن 
كيف تحتقَرُ وتزدري12. 


4# 


9 


ِ 
00 


وللأديبة (ف .ع) رأيْ جَرْلْ مُسْدَّه؛ٍ قالّثْ: (إِنْها هي قد كانت يوماً بالموضع 
الذي فيه صاحبةٌ المشكلة» فلمًا وقّعتٍ ألواقعةٌ أَنِفتْ أنْ تكون لصّةَ قلوب» وَثَالَتْ 
ني نفسِها: إذا لم يُنْدَرٌ لي» فإنَ اللّهَ مو ألذي أراد» وإِنّي أستحي مَن الله أنْ 
أحاربَهُ في هذه الزوجة المسكيئة! ولَئِنْ كنْتُ قادرةً على الفُوزء إِنْ أنتتصاري عليها 
0 00 0 الحبّ اباع أللّهَ برأس مالٍ 
أ أل دنا كلها وأحدم بي على قلب . ل اللو يل 

قالّثْ: وعلمْتٌ أنَّ أَللّهَ (تعالى) قد جَعَلَني أنا السعادةً والشقاء م 


لِيرَى كيف أصنعء وأيقئْتٌ أن ليس بين هذير نِ الضدين إلا جكمتي أو ُمقي 
وصمٌ عندي أن حسن الْمداخَلةٍ في هذه المشكلة هو الحلٌ الحقيقئْ للمشكلة. 

قالت: «فتغيْرتُ لصاحبي تغيّراً صناعياًء وكائّث نيّي لَه هي أكبرّ أعواني 
عله فنا للك هذا الاأشلوت أنا ضار طمككا بعة قلي » ركنت ابعيد نت قلت 
أمرأته إذا أختائني ألضعفٌ أو نالني الجرّعء فأشعرٌ أن لي قوة قلبين. لزت على 
ذلك النصحَ لصاحبي نُضحاً مُيَسَرأً قائماً على الإقناع وإثارةٍ النّخُوةِ فيه وتبصيره 
بواجباتٍ الرجل» وترفْقْتُ في التوصلٍ إلى ضميره لأثبتَ له أن عزءً الوفاء لا تكونٌ 
بالخيانة ويد لَهُ أنه إذا طلْقَ زوجتَهُ من أجلي فما يضْنَعْ أكثر من , أنْ يُقِيمَ البرهان 
خا |10 ا لداع لي روسا وتوا طللثة برقي على أذ خدر ما بصت بويخيز ماقو 
صانعٌ لإرضائي أنْ يُقلّدنِي في الإيثارٍ وكرم النفس» ويحتذيني ذ ف الكير والقفبيلة: 
وأنْ يعتقدٌ أنَّ دموع المظللوين بكي فى اعدين دمزع» بولكتيا د في يد اللو صواعنٌ 
يضربٌ بها الظالم . 

قالّت: «وبهذا وبعدّ هذا أنقلبَ حُبْهُ لي إكباراً وإعظاماء وسما فوقٌ أنْ يكونَ 
حبًا كالخبَ؛ وصارَ يجدُّني في ذاتٍ نفسه وفي ضميره كالتوبيخ لَهُ كلّما أرادَ بأمرأته 
سوءاً أو حاول أنْ يَعُْضُ منها في نفسِه . وَعتادَ أَنْ يُكْرِمّها فأكرمهاء وصَلْحَتْ لَه 

ضفن 


نيئهُ فاتصلّ بينهما السبّبء وكَبرَثْ هذه النيةٌ الطيْبَةٌ فصارّث ودّاء وكَيرَ هذا الود 
فعادَ حبّاء وتامَتْ حيائهما على الأساس الذي وَضَعْتُهُ أنا بيدي» أنا بيدي . 
أمّا أنا. 


وكتب فاضلٌ من حُلوان: «إِنْ لَهُ صديقاً أبتلي بمثل هذه المشكلةٍ فركبّ رأسَهُ 
فما رَدهُ شِيء عنٍ ألزواج بحبيبته» وف إلنها كانه ملك عد خل إلى قَضْرٍ خْيّالِهِ؛ 
وكاة أله عل ويلوموتّه ويُخلِصون لَهُ النُصحَ ويجتهدون في أمرِهٍ جهْدَهمء إِذْ 
يرَرْنْ بأعينهم ما لا يرى بعينه» فكانَ النصحٌ ينتهي إليه فيظتهُ غِشاً وتّلبيساً وكانَ 
اللُومُ يبلحُهُ فيراه ظُلماً وتحامّلاًء وكان قلبُهُ يرجم لَهُ كل كلمةٍ في حبيبته بمعئى منها 
هي لا منّ الحقائق» إِذْ غلبَثْ على عمَلِهِ فبها يَعْقلء وذهَبتُ بقلبه فبها يُُحسء 
وَاحبدّق بإزادقه فلها بنقاد» وعاةث: تخواطوء واتكازء قدوة عليها كالمواشي مل 
العبارة المغلقةٍ في كتاب ؛ وأستقوث له فيها قوةٌ من الحُبء وأمرها إذا أرادَتُ شيئاً 
أن تقول لَهُ كُن. 

«اثم مضت الليلهُ بعد الليلة» وجاء اليومٌ بعدَ اليوم وآلموجٌ يأخذ مِنَ الساحل 
الذرّءٌ بعدَ الذرة والساحلٌ لا يشعرء إلى أنْ تصرَّمَتْ''' أشهرٌ قليلة» فلم تلبثِ الطبيعةٌ 
التي ألْفتٍِ الرواية وجعَلْتها قبل الزواج روايةً المَلِك والملكة؛ وقصةً التاج والعرش» 
وحديت الدنيا ومُلكِ الدنيا ‏ لم تلبث أن أنتقلّث على فجأةٍ فأدارتٍ آلرواية إلى فصلٍ 
السخرية ومنظر ألتهكم» وكشَّفتْ عن غرضها الخفيَ وحلت العٌّقدَةٌ الروائية. 

عله قفر كدق الى زديك الشكاة ولينة إلى قرول وكاس افير 
من غير هذه الزجاجة الفارغة. . . وَبَرَّدَ قلبُ الرجل» وكانّ الشيطانُ الذي يتَسَمّد2©9 
فيه ناراً شيطاناً خبيثاً» فتَسُولَ إلى لوح مِنَ الثلج لَهُ طول وعرض. . 

اوجَدْتِ ألحياةً ومَرّل”" آلشيطان؛ فَآسْتَحْمَقَ الرجلُ نفسَه أن يكون أختار 
هذه المرأة لَهُ رّوجَة» وأَستجْهَلّتٍ المرأةٌ عقلّها أن تكونَ قد رضيّثتُ هذا الرجلٌ 
زوجآء وأنكرمًا إنكاراً أَوَلَهُ ألملالة» وأنكرَئْةُ إنكاراً آحَرَ أُولّهُ أَلتَبوُم؛ وعادَ كلاهما 
من صاحبه كإنسانٍ يكلف إنساناً أنْ يحَلّقَ لَهُ الأمس الذي مضى! 


)١(‏ تصرّمت: انقضت» مضت. 
(0) يتسعْر: يشتعل. (”) هزل: سخر. 
نفس 


الوضربّتٍ الحياة ضَرْبةٌ أو ضربعين فإذا أَبْبَِةٌ الخيّالٍ كلّها هَدْمٌ هَدْم» وإذا الطبيعةٌ 
يلف الروات ذي هد احتدا جه زواكها وتوضك: لسري راذا الاتيلام عدت : بالسكين: 
فالحَبُ تأويلهُ البغض» واللذةٌ تفسيرها الألم» و«البودرة» معناها الجير. . . وتخيّرٌ كل ما 
هما إِلّا الشيطانٌَ الذي بيتهماء فهو الذي زوج وهو بعينه الذي طلّق. . 

وكتب أديبٌ من بغداد يقول: «إنْهُ كانَ في هذا الموضع القَلِقِ موضع صاحب 
المشكلة» وإِنَّ ذات قُرباهُ التي سُمْيَتْ عليه كانت مُلَفَفَةَ لَهُ في حُجُبٍ عِدَّةٍ لا في 
حجنان براح رق ذ عللت: لداتالائةة : , در شدي ادا خْسَنَ وما أجملّ وما 
أشرف ‏ وعاتها طن تلفت وكانها فعم + بعل كان سنة وجرها المدر] 

قال: «وشُبّهَتْ لَّهُ بكلّ أدواتٍ التشبيه»ء وجاءوا في أوصافِها بمذاهب 
الاستعارةٍ والمجازء نأخذّها قصيدةٌ قبلّ أنْ يأخذّها أمرأة؛ وكانَ لم ير منها شيثاً. 
وكانت لغ ذوي قراب وقرابتها كَلْخَةٍ التجارة في لْسنةٍ حُذَاقٍ السماسرة: ما بهم إلا 
كيين الشلعة ثم يخلرة بيخ المختري وبخظه. 

قال: «فرسخَ كلامُهم في قلبي» فعقدْتُ عليهاء ثم أَعْرَسْتٌ بهاء ونظرزْتُ فإذا 
هي ليّسث في الكلمة الأولى ولا الأخرة مِمّا قالوا ولا فيما بيتهما. . . ثم تعرّفْتُ 
فإذا هي تكبّرني بخمسٌ عشرةٌ سنة. . ورأنْت انُضاعَ''' حالها عندي فَأَشَفَّقْتُ 
عليهاء وبِتُ الليلة الأولى مُقْبلاً على نفسي أؤامرُها وأناجيهاء وأنظرُ في أي وضع 
رَأي أنا؛ وتأملتُ القصة؛ فإذا أمرأةٌ بِينَ رحمة اللو ورحمتيء فقَلْتُ: إِنْ أنا زعت 
رحمتي عنها لَيُوشِكَنْ اللهُ أن ينع رحمته عنّْيء وما بيني وبيئه إِلّا أعمالي ؛ وقلتٌ: 
يا نفسي» «إَِّآ إن تَكُ مِنْمَالَ حَبَّةْيْنْ رول قتي فى صَخْرَةَ أو في ألسَموتٍ َو في الْأَرضٍ يَأتِ 
يبا أشَّه4. وإنّما أتقدمٌ إلى عفو الله بآثام وذنوب وغلطات» فلأجعل هذه المرأة 
حسئّتي عندة» وما علي من عمر سيّمضي وتبقى منه هذه الحسنةٌ خالدةً مخْلَّدَةٌ. 

«إنّها كانت حاجة النفس إلى الل فانقلبَتٌ حاجة إلى الثواب» وكاتك شهوة 
فرجِعَتْ حكمة» وكنث أريدُ أن أبلع ما أحبٌ فسأبلمُ ما يجب وام فلك اللهم إِنّ 
هذه أمرأةٌ تنتظرها أَلْسِنةُ الناس إِمّا بالخيرٍ إذا أمسكثْهاء وإما بالشرٌ إذا طَلقْتُها: وقد 
أحتّمث بي ؛ اللهمٌّ سأكفيها كلّ هذا لوجهكَ الكريم! 


)١(‏ اتضاع حالها: هوان أمرها. 


ايفين 


قال: «ورأيئّني أكون ألأمَ الناس لو أي كشَفْبُها للناس وقَلْتُ أنظروا. 
فكائما كنت أسأث إليها نابت أترضّاهاء وجِعَلْتُ أمازِها وألا بثها : فى القول» 
وعدلْتٌ عن حظ تفسي إلى حظّ نفسهاء وأستظهْرتٌ يقوله تعالى: ف ا 
سَيَعًا وَجْمَلَ أللَّهُ فِهِ خَرًا كيرا ؛ وأعتقذثٌ الآية الكريمة أصحٌ أعتقادٍ وأتمّه 
وقلْتُ: اللهم أجعلها من تفسيرها. 

قال: «فلم تمض أشهرٌ حتى ظهرٌ الحمْلُ عليهاء فألقى أللْهُ في نفسي مِنَ 
الفرح ما لا تَعْدِلُهُ الدنيا بحذافيرهاء وأحسسْتٌ لها الحُبٌ الذي لا يُقَالٌ فيه جميل 
ولا قبيح؛ لأنهُ من ناحيةٍ النفس الجديدةٍ التي في نفيها (الطفل) . وجِعلْتٌ أرى لها 
في قلبي كل يوم مَدَاخِلٌ ومخارج دونّها الء شن في كل مَداجْلهِ ومخارجه: وصارَ 
الجنين الذي في بطيها يتلذلاً نورُهُ عليها قبل انْ يخرجٌ إلى النورء» وأصبحّت الايامُ 
معها ربحاً مِنَ الزمن فيه الأمل الحلؤُ المنتظر . 

قال: #وجاةها المخاض» وطرّقَتْ بغلام”'2؛ وسمغتُ الأصوات ترتفعُ من 
حُججرتها: ولد! ولد! بَشروا أباه. فواللهِ لَكَأَن ساعةً من ساعاتٍ الخُلْدٍ وقمَثْ في 
زمني أنا من دون الخَلْقَ جميعاً وجاءئني بكلّ نعيم الجنّة؛ وما كانَ مُلْكُ العالم ‏ لو 
ملكْتهُ - مستطيعاً أنْ يهبني ما وهبّثني أمرأتي من فَرَح تلك الساعة؛ إِنّه فْرحَ إلهىّ 
أحسسْتٌ بقلبي أنَّ فيه سلامٌ أَللَّهِ ورحمتّهُ وبركته؛ ومن يومئذٍ نَطَقَ لِسانُ جمالها في 
صوتٍ هذا الطفل. ثم جاء أخوه في العام الثانيء ثم جاء أخوهما في العام 
الثالث ؛ وعرفْتٌ بركةً الإحسان مِنَ اللطففٍ الرّبانيَ في حوادتٌ كثيرة» وتنفْسَت علىّ 
أنفاسل الجنة وفسَّرتِ الآيةٌ الكريمة نفسّها بهؤلاء الأولادء فكان تفسيرها انرا 
والأفراح» والأفراح». 

ع يت 

ويرى صديمّنا الأستاذ (م..ح.ج) أنَّ صاحبٍ المشكلة في مشكلةٍ من 
رجولته لا من حُبّه؛ فلو أن لَهُ ألفَ روح لَمَا أستطاعَ أنْ يُعاشرَ زوحِتَهُ بواحدة منهاء 
إذْ هي كلّها أرواح صبيانيةٌ تبكي على قطعةٍ مِنَ الحلوى مُمَثْلةٍ في الحبيبة. .. ولو 
عرف هذا الرجلٌ فلسفة الحُبٌّ والكرهء لَعرفٌ أنَّهُ يصنعٌ دموعَهُ بإحساسِه الطفليْ في 
هذه المشكلة؛ ولو أدركٌ شيئاً لأدركٌ أنْ الفاصل بينَ الحُبٌ والكرهِ منزوعٌ من 


)١(‏ طرّقت بغلام: أولدت غلاماً. 


ونين 


نفبه؛ إِذِ الفاصلٌ في الرجلٍ هو الحزمٌ الذي يُوضَعْ بينَ ما يجبُ وما لا يجب. 
إِنْهُ ما دام بهذه النفس الصغيرة فكل حل لمشكلته هو مشكلةٌ جديدة. ومِغْلَهُ 
بلاءٌ على الزوجةٌ والحبيبة معاء وكلتاهما بلاءً عليه؛ وهو بهذه وهذه كمحكوم عليه 
أنْ يُشْئَقَ بآمرأة لا بمشنقة . . 
هذا عندي ليس بالرجل ولا بالطفل إلى أنْ يُنْبِتَ أنه أحدّهما؛ فإنْ كانَ طِفلاً 
فق المسرية بذ أن يكون متروحاء وإذكاة رج عليه سو الجملكة يتقية 
وتعلها اسد شي حياس جام العتاية: 


ونحن نعتذرٌ للباقينَ مِنَ الأدباء والفضلاء الذين لم نذكز آراءهم» إِذْ كانَ 
الغرضٌ مِنَ الاستفتاء أنْ نظفرٌ بالأحوالٍ التى تُشبهُ هذه الحادثة» لا بالآراء 


والمواعظٍ والنصائح . أمّا ريا ففي البقية الآنية. 


ايفن 


صاحبٌ هذه المشكلة رجِلّ أعورُ العقل. . . يرى عقَلَّهُ من ناحيةٍ واحدةٍء 
فقدغابّ عنه نصفٌ الوجودٍ فى مشكلته؛ ولو أنَّ عقلَّهُ أبصرٌ مِنّ الناحيتين لَّمَا رأى 
المشكلة خالصة في إشكالهاء رَلَوَجَدَ في ناحيتها الأخرى حظّا لِنفِْهٍ قد أصابّه؛ 
ومذهباً فى السلامة لم يخطئه ؛ وكان في هذه الناحية عذابٌ الجنون لو عذَّبَهُ اللَّهُ 
بف وكاة أشنت شقن الكل و لوتوناة لز في الجِهّةٍ التي أنقذَّهُ منهاء فتهيأث لَهُ 
المشكلةٌ على وجهها الثاني. 

ماذا أنت قائل يا صاحبٌ المشكلةٍ لو أن زوجتّك هذه المسكينةٌ المظلومّة التي 
نيت بهاء كانّث هي التي أَكْرِهَت على الرضى بك» وحُْمِلَت على ذلك من أبيهاء 
ثم كنت أنت لها عاشقاء وبي وفيها مُتَدَلّها؛ ثم كانّث هي تُحبٌ رجلاً 
غيرّك وتّصّبو إليه وتفتيَنُ بو وقدٍ أحترقّث عِشْقاً لّه؛ فإذا جَلَوْها('' عليك رأَتكَ 
البَغيض المَقِيِتَ! "0 ورأئك آلدَّمِيمَ ألكريه» وفَرِعَتْ منك فَزِعّها مِنَّ اللْصٌّ والقاتل؛ 
وتمدٌ لها يدك َتَتحَاماها تحامّيها المجذو أن الأبوض: وتكلّمُها فتْحَمُ بَرْدأ من بِقَلٍ 
كلامك» وتفتَحُ لها ذراعيك فتَّحسبْهُما حَبْلِينِ من مشئقتين» وتتحبّبُ إليها فإذا أنتَ 
أسمجٌ خلق اللَّهِ عندّهاء إذا تُحاول في نَذَالةٍ أنْ تجلّ منها محل حبيبها؛ وتُقبلٌ 
عليها بوجهكَ فتراهٌ من تَقَذّْرِها إياك» وأشمئزازها منك. وجة الذبابة مكبّراً بفظاعة 
وشناعةٍ في قدرٍ صورةٍ وجه الرجل» لتتجاوّرٌ حدّ القُنْح إلى حد الغَثَائَة» إلى حدّ 
أنقلاب النفس من رؤيتد» إلى حدٌ القَيْءِ إذا دنا وجهّك من وجهها. 

ماذا أنت قائلٌ يا صاحبّ المشكلة لو أن مشكلتَكَ هذه جاءث من أنَّ بيتك 


)١(‏ صباً: متدلهاً؛ عاشقاء مغرماً. 
(؟) جلوها: زقوها. (9) المقيت: المكروه. 


ضف 


وبينَ زوجتِك (الرجل الثاني) لا المرأةً الثانية؟ ألسْت الآنَ في رحمة مِنَ آللّه بك» 
وفي لعمة كدَّتْ عنك مُصيبة» وفي موقفبٍ بين الرحمةٍ والنعمة يقتضيك أنّ تَرَقْتَ 
في حكمِكٌ على هذه الزوجة المسكينة حكمٌ اللّهِ عليك؟ 

تقوأن + الكت واليخبال والفاء وقتست قن معني عي الع كلقن 
ذلك علق الك بعية من توم هذه السخاضس» ولو انك فينتي لبا كانة للق تفل 
ولا حَسِبْتٌ نفسَكَ منحوسس الحظّ محروماء ولا جَهِلْتَ أنَّ في داخل العين من كلّ 
ذي فنْ عيناً خاصةٌ بالأحلام كيلا تعمّى عيئهُ عنٍ الحقائق 00 

الحُبُ لفظٌ وهميّ موضوعٌ على أضدادٍ مختلفة: على بُركانٍ وَرُوضنة ب وغلق 
سماء وأرض» وعلى بُكَاء وضحكء. وعلى عبوم كثيرة كلها همومء وعلى أفراح 
فللة لكت كلها أفراه ]4 وهع داع مِنَ النفس يحعْ كلّ ذكائه في المسيوت 
ويجعل كل بَلَاهِِهِ في المحبء ٠‏ فلا يكونُ المحبوبٌُ عندٌ محبْه إِلَّا شخصاً خيالياً ذا 
صِفة واحدةٍ هي الكمال المطلق. فكأنّهُ فوقٌ البشريةٍ في وجود تامٌ الجمالٍ ولا 
عيبٌ فيه؛ والناسٌ من بعدِهٍ موجودونٌ في العيوب والمحاسِن. 


وذلك وهم لا تقومٌ عليه آلحياةً ولا تصلّحٌُ بو فإِنّما تقوم ألحياةٌ على الروح 
العمليةٍ التي تضعٌ في كل شىء معنا الصحيحّ الثابت؛ فالحُبُ على هذا شيء غيرٌ 
الزواج» وبيتهما مثلُ ما بينَ ألاضطراب والنظام؛ ويجب أن يُْفَهَمَ هذا الحُبُّ على 
النحو الذي يجَعلَّهُ حُبًا لا غيرء فقذ يكونُ أقوى حُبٌ بِينَ آثنين إذا تحابًا هو أسخفت 
زواج بينهما إذا تزوجا. 

وذو الفْنْ لا يُفِيدٌ من هذا الحُبٌ فائدتّهُ الصحيحة إِلَّا إذا جِعلَهُ تحت عقل لا 
ترق عفل» لكوك ني حل غتائل هرد للقن ررعركة الخاطق د فى 
التفكير وتضمٌ فيه جمالّها وثورتها وقوّنتها؛ ومن ثم يرى مجامّدة اللذة في الحبٌ 
هي أسمى لذَاتِهِ الفكرية؛ ويعرفٌ بها في نفسِه ضَرْباً إلهّا مِنَ السّكينة يُوليهِ القدرة 
غلن أذ يتن الطبيعة الإنتائة ويس فيا نر يدها عملة" لفن المتعنا. 

وهذا الضربٌ مِنَ السموٌ لا يبِلِعُهُ إِلّا الفكرُ القويُ الذي فازّ على شهواتِهِ 
وكبّحها وتحمّلها تَغلي فيه غَلَيِانَ الماء في أَلمِرْجَلٍ لِيخرُجَ منها ألطفٌ ما فيهاء 
ويتخزلها جزكة انئ ا الرو كناناً تسيا عا هده :الجعاتى النعة) ونا كته ذا الف 

يفف 


بالشجرة الحيّة: إِنْ لم تَضْبط ما في داخلها أصمّ الضبط» لم يكن في ظاهرها إِلّا 
أضعفُ عملها. 

ومثلٌ هذا الفكر العاتم بتاع إلى الروحة حاستة إلى الحبيبة» وهو في قوتِه 
يجمعٌ بين كرامة هذه وَكُدْسِيّةَ هذهء لأنَّ إحداهما نُوازنُ الأخرى: وتعذّلّها في الطبعء 
وتُخففٌ من طغيانِها على الغريزة» ونمْسِكُ القلب أنْ يتَبِدّد في جو الخيالي. 

23 تن تن 

والرجلٌ الكاملٌ آلمفكُرٌ المتخْيّلُ إذا كان رَوْجاً وعَشِىء أو كانَ عاشقاً وتزوّجَ 
١‏ لس م ا ل 
العاشق ولا ينالهُ ألمتزوج ؛ وإِنَّهُ لترى زوجتَهُ مِنَّ الحبيبة كالتمثالٍ جَمَدَ على 
واحدة» غيرَ د أنّهُ لا يُعْفِلٌ أن هذا هو سرٌ من أسرار ألإبداع في التمثالٍ. إِذْ تلك هيئة 

ار الأسمى في سْمِؤْه؛ فَإِنَ الزوجّةَ أمومةٌ على قاعدتّهاء وحياة على قاعدتها؛ 

م0 وهي معان شاردةٌ لا تستقء وزائلة لا تغبت» يفا له 

في أنْ تبقّى حيتُ هي كما هيء فجمالّها يحيا كلَّ يوم حياةً جديدةٌ ما دامث فنا 
مَحْضِاًء وما دام سر أنوثتها في ججابه . 

ومتى تزوجَ الرجلّ بِمَنْ بُحبّها آنهتك لَهُ ججابٌ أنوثتها فبطلّ أن يكونَ فيها 
سرّء وعاذث له غير مَنْ كانت» وعادً لها غيرَ مَنْ كان؛ وعذا التحول ني كل منهما 
هو زوال كل منهما من خْيّالِ صاحبه؛ فليس يصَلُحُ الحُبُ أماساً للسعادة في 
الزواج» بل أخر به”'" إذا كان وُجْداً وأحتراقاً أنْ يكون أساساً للشؤم فيه؛ إِذْ كانَ قد 


0 


وضع بِينَ الزوجين حذًا يُعبّنُ لهما درجةً من درجة في الشمّفٍ والصبابة والخيال» 
وهما بعد الزواج متراجعانٍ وراءة هذا الحدّ ما من ذلك بُدَه فإن لم يكن الزوجُ في 
هذه الحالة رجلا تام الرجولة» أفسدّتٍ ألحياةً عليه وعلى زوجته صبيانيةٌ روحه 
فالتمس في الزوجةٍ ما لم يَعْدْ فيهاء فإذا آتكشفٌ فراغها ذهب يلتمسّْهُ في غيرهاء 
وكانَ بلا عليها وعلى نفسِه وعلى أولاده قبل أنْ يُولدوا؛ إِذْ يضعٌ أمامٌ هذه المرأة 
أسوا الأمقلة لأبى أولادهاء .ويُفسدٌ إحساسها فنفسد تكويئها النفسع 4 وما المرأء إلا 
حسّها وشعورها. 

فالشأنُ هو في تمام الرجولة وقوتها وشهامتها ومُحُولتِهاء إِنْ كانَ الرجِلٌ 


)١(‏ أحر به: أجدر به. 


0 


م ع 


ذي دِينٍ أو كرامة يقَمْ في مثلٍ هذه المشكلة + ثم نُظْلْمْ به الزوجةٌ أو يحيفٌ عليها أو 
ا الو ا ا عول اضاحت 
المشكلة (مصيبة) فَبْجَافيها('" ويُبالمَ في إغَناتها'" ويشفِيَ غيظَهُ بإذلالها وأحتقارها . 

وأيُ ذي دين يأمنُ على دينه أنْ يَهِلّكَ فى بعض ذلك فضلاً عن كل ذلك؟ 
وأيّ ذي كراعة رمي كراحد ان بكرن يك ودناءةٌ وكذالة فى معاملة أمرأة هو لا 
غيدهُ ذنثها؟ ْ 

ِنَّ أسام الدين والكرامةٍ ألا يخرجٌ إنسانٌ عن قاعدةٍ الفضيلة الاجتماعية : في 
0 امتكليه ]د تروط فن مشكلة؛ قم فمَنْ كان فقيراً لا يِسرِقٌ بحُجةٍ أَنّهُ فقيرء بل يكذ 
ويعمل ويصبرٌ على ما 5 من ذلك؛ ومَنْ كان مُجبًا لا يَستَزلٌ ألمرأءً فِيُسقطها 
ب أنه طاضق- رمن كان كساعي ادكه لأايظلة انزاقة عفني يا أنه 
000 وإِنّما الإنسانٌ م مَنْ أظهرٌ في كل ذلك ونحو ذلك أَتْرَهٌ الإنسانئ لا أنْرَهُ 
الوحشِي؛ وأعتبْرَ أمورَه الخاصة بقاعدةٍ الجماعة لا بقاعدة الفزد. وإنّما الدينٌ في 
السمرٌ على أهواءٍ النفس؛ ولا ينَسامى أمرؤٌ على نفسه وأهواء نفسه إلا بإنزالها على 
خكم القاعدة العامة فمن هناك تنام رمن هناك ينادو هلؤه "قينا يبل ]ليه 

وإذا حل اللصُ مشْكلْتَهُ على قاعدته هو فقدَ حلّْهاء ولكنّهُ حل يجِعلّهُ هو 
بجملته مشكلة للناس جميعاًء حتى ليرى الشرْعٌ في نظرتِه إلى إنسانية هذا اللص أنه 
غيرُ حقيقٍ باليدٍ العاملة التي خُلقَتْ لَهُ فيأمرُ بقطعها. 


عاشقاً أو الم يكل وما من رجل قوي الرجولَّةِ إلا وأساسٌّهُ ديانتُهُ وكرامتّه ؛ وما من 


رعلن طذه القاغلة كالب التشرف كله ينول كل الآن تن متاسترقة لوو 
صاحب ألمشكلة والاستظهارٍ لها وألدفاع عنهاء ما دام قد وقعٌ عليها أَلظلْمٌ من 
ا وهذا هو حكمها في الضمير الآنسا: ني الأكبر» وإنْ خالف ضميرٌ زو 
العدوّ الثائر الذي قطعها من ا لي و ازيم : نا حكمٌ الحبيبةٍ في هذا 
الضمير الإنسانيٌ فهو أنّها في هذا الموضع ليسَتْ حبيبةً ولكنّها شُحَّاذّةٌ رجال. . 
د عدن 


َمْنا نَُكِرُ أنَّ صاحبَ هذه المشكلة تألم منها ويتلذّعٌ بها مِنَّ الوقْدَةٍ التي في 


)١(‏ بله أن يراها: فضلاً عن أن بنظر إليها. 
(1) يجافيها: يسيء معاملتها ويقاطعها. () إعتاتها: إتعابها. 


أطرفن 


قلبه؛ بِيدَ أنّنا نعرف أن ألم العاقل غيرُ ألم المجنون» وخُرْنَ الحكيم غيرُ حزن 
الطائش؛ وألقلبُ الإنسانيُ يكادُ يكونٌ آله مخلوقة مَعّ الإنسانٍ لإصلاح دُنياهُ أو 
إفسادها؛ فالحكيمُ من عرفٌ كيف يتصّرفٌ بهذا القلب في آلامِهِ وأوجاعه. فلا 
يصع اين اليو ائذا دا يريد يجيو ابرع و تدر تراس يجيعاة انوا وا 
كان . وإذا لم يجدٍ ألحكيم مااي يشتهي؛ أو أصابّ ما لا يشتهي؛ أستطاعً أن يخلّقَ 
من قلبه خَلّْقاً معنويًا يُوجِدَهُ الغِتى عن ذلك المحبوب المعدومء أو يُوجِدَُهُ الصبّر 
عن هذا الموجودٍ المكروه؛ فتتوارنُ الأحوال في نفسِهِ وتعتدلٌ المعاني على فكره 
وقلبه؛ وبهذا الخلتي || لمعنو يستطيعٌ ذو الفن أنْ يجعل آلامَهُ كلها بدائع في . وما 
هو فكدُ الحكماء إلا أنْ يكونَ مَضْئَعاً تُرسَلُ إليه المعاني بصورة فيها الفَوْضَى 
والنقصٌ والألمء لتخرجٌ منه في صورة فيها النظامٌ والجكمةٌ واللَّذةُ الروحيّة . 

يعشقٌ الرجلُ العام المتزوّج» فإذا الساعةً التي أو بَقَنْهُ في المشكلة قد جائَنْهُ 
معها بطريقة حلّها: فإمّا ضَرَبٍ أمرأتَهُ بالطلاق» وإمًا أهلكها بآتخاذٍ الضَّرَّةٍ عليها 
وإنا عدنها بالسيانة والفضورء لآن ينم "اقبي الطتحة ان تقر قدا لاط 
هو بِعيتهِ عَبِتُ الطبيعةٍ بهذا الجاهل في غيره» كأنّ هذه الطبيعة تَطْلِنْ مداقعها 
الضخمة على الإنسانية من هذه النفوس الفازغة.. 

وليس أسهلُ على الذكر مِنَ الحيوانٍ أن يحل مشكلة الأنثى حلا حيوانياً كَحَلُ 
هذا العاميّء فهو ظافرٌ بالأنثى أو مقتولٌ دوئها ما دامَ مطلقاً مخلّى بيه وبيتها؛ 
وَالحقيقة ها سقيعلة هو الكو غلة ليمي الاامتفعة شتهوائنة؟ وأشمّ ففتائل: :الا 
ام 1 

ثم يعشقُ الرجل الحكيمُ المتزوج فإذا لمشكلته وجة آخرء إِذْ كان من أصعب 
الصغب وجودُ رجل يحل هذه المشكلة برجولة» فَإِنَّ فيها كرامة الزوجة وواجبٌ 
الدين وفيها حقٌ المُروءة» وفيها مع ذلك عَبَْتُ الطبيعةٍ وجداعُها وهَرْلُها الذي هو 
أشدٌ الجدّ بيتها وبينَ |! لغريزة؛ وبهذا كله تنقلبُ المشكلةٌ إلى معركة نفْسَّيةٍ لا 
يَحْسِمُها إِلّا الظفرء ولا يُعينُ عليها إِلّا الصبْرء ولا يُفلِحٌُ في سياستها !إلا تحمل 
آلامهاء فإذا رزِقَ العاشقٌ صَبْراً وقوةٌ على الاحتمالٍ فقد هانٌ الباقي وتيرث لذ 
الظمْرٍ الحاسمء وإنْ لم يكنْ هو الظفر بالحبيبة؛ فإن في نفس الإنسانٍ مواقم 
مختلفة وآثاراً متباينة لِلَذةِ الواحدةء وموقمٌ أرفمٌ من موقعء وأثرٌ أبهجٌ من أثر؛ وألذٌ 
منّ الظفْرٍ بالحبيبة نفسها عند الرجل الحكيم الظفرٌ بمعانيهاء وأكرمٌ منها على نفيِهٍ 

6 


كُرامةٌ نفسِه. وإذا آنتصرّ الدينُ والفضيلةٌ والكرامة والعقلٌ والفنء لم يبقَ لخيبةٍ 
الحُبٌ كبيرُ معئى ولا عظيمُ أثرء ويتوعْلُ”'' العاشِنُ في حبّْهِ وقد لَبِسَيْهُ حالةٌ أخرى 
كما يكْظِهُ”" الرجلٌ الحليمٌ على القّيظ: فذلك يُحبُ ولا يُطيش» وهذا يغتاظٌ ولا 
يغضّب . والبطلٌ الشديدُ البأس لا ينبعٌ إِلّا مِنَ الشدائدٍ القويّة» والداهيةٌ الأريبُ9؟ 
لا يخرجٌ إِلَّا مِنَ المشكلاتٍ المعقدّة» والتقئٌ الفاضلٌ لا يُعرفٌ إِلّا بِينَ الأهواء 
المستحكمة . ولعمري إذا لم يستطع آلحكيمُ أنْ ينتصرٌ على شهوةٍ من شهواتٍ 
نفسِهء أو يُبِطلٌ حاجةً من حاجاتهاء فماذا فيه مِنَ الحكمة» وماذا فيه مِنَّ النفس؟ 
ديد 
وما عند (المشقلة) غلن هاحهات: زوعك وعنيضن الذانة كاله الفاسد 
قد أفسدَ القوةً المصلِحةً فيه. نهؤالم يتزوع آمراته كلها ++ وكاله لاايراها انثن 
كالنساء» ولا يُِصدُ عنّدها إلا قفُروقاً بِينَ أمرأتين: محبوبة ومكروهة؛ وبهذا أَفْسَدَ 
عيئهُ كما أفسدٌ حيَالّه ؛ قلق تعلم كيفك يراه لرآهاء ول تعر ذه لا ها 
ِنَّهُ من وهمه كالجوادٍ الذي يشعرٌ بِالمَقَادَةَ في عُنقِه؛ فشعورُهُ بمعنى الحبل 
وإذ كان معت قعل عطل نه كل ساي قويةءوإن كانت معان كنترة. وها أنذرد 
يها الحُبُ على وضع حِبالٍ الخيلٍ والبغالٍ والحميرٍ في أعناق الناس! 
و نك 
وقد بقيّ أنْ نذكر» توفية للفائدة؛ أَنّهُ قد يقعُ في مثل هذه المشكلةٍ مَنْ نقضّتْ 
مُحُولَئُه مِنَ الرجالء فيدَلْنُ”' على نفسِهٍ بمثل هذا الحُبٌء ويُبالِعُ فيه» وينجرّمٌ على 
زوجته المسكينة التي آنبْلِتْ بهء ويحْتَلِنُ لها العِلّلَ الواهية المكذوبة» ويُبغضها كأنّهُ هو 
الذي أبْتّلِيَ بهاء وكأنّ المصيبةً من قِبَلِها لا من قِبَلِهِ؛ وكلّ ذلك لأنَّ غريرْتَهُ تحِوّلْتْ إلى 
فكره» فلم تعذ إِلَّا صُوَّراً خيالية لا تعرفٌ إِلّا الكذب. وقد قرَّرَ علماءً النفس أنَّ مِنَّ 
الرجالٍ من يكرَّهُ زوجِنَّهُ أشدّ الكَرْءِ إذا شعَّرٌ في نفِسِهٍ بالمهانة والنقص من عجزه 
عنها. . . فهذا لا يكونُ رجلاً لأمرأته إلا في العداوةٍ وَالنُقْمَةٍ والكراهية وما كان من باب 
شْفَاءِ الغيظ ؛ وأمرأثة معَهُ كالمعاهّدة الليامة مخ طوف واحد: لا قيمة ولا خرمة؛ 7 
أحبٌ هذا كان حبّهُ خياليًا شديداًء لأنّهُ من جهة يكونُ كالتعزية لنفيه؛ ومن جهة أخرى 
يكونٌ عَيِظاً إزوجته» وردًا بأمرأة على آمرأة. . 
)١(‏ يتوغل : يتعمق إلى أقصى الحدود. إفية الأريب: الذكي . / 
(؟) كظم الغيظ : يسيطر عليه. (4) يدلّس: يوهم نفسه كاذياً. 
لحن 


فبرس المحنوبات 
تقديم 
المؤلف في سطور 


مؤلّفات الرافعى 


وانظر ترجمته في فووو وه ووو م و ‏ وو و ور ميلة 


نص كتاب الأستاذ الإمام 
صدر الكتاب 

البيان 

اليمامتان 

اجتلاءٌ العيد 


يدقن 


١ 
رذ‎ 
يف‎ 
59 
5 
لكق‎ 


* 
1 
اه 
31 
54 
7 
4 
44 


سْمُوُ الحب 

قصة زواج وفلسفة المهر 
فاح القية مليف لبان 
زوجة إمام 

زوجة إمام بقية الخبر 
الطائشة ١‏ 

الطائشة ” 

دموع من رسائل الطائشة 
فلسفة الطائشة 

تربية لؤلؤية 

سس . 1 ع 

استنوق الجمل 

أرملة حكومة . . 


رؤيا في السماء عن قي دنا تم أي ونم ف فطوه امهمو 48 ليقن موا طاعة فده بم ناو وو رده واعك ابول 


بنته الصغيرة ١‏ 
بنته الصغيرة ؟ 


الأجنبية 


الجمال البائس ١‏ 
الجمال اليائس ” 
الجمال البائس ” 


١ 


١1 
١3 
11 
١١ 


15١ 
158 
1١و‎ 
١م‎ 
1 
1١5١ 
١56 
مدنا‎ 
تنلا‎ 


58 
7 7/ 


541 
55١‏ 
50 
ا3051”ظ5> 
العا 
لين 
اكسن 
1 


الجمال البائس © 
عربةٌ اللُقَطاء 

الله أكبر 

في اللّهبٍ ولا تحترق 
المشكلة ١‏ 

المشكلة ” 


: